بين جزيلة المنافع وعروس البيداء
ونخلة باسقة تشرف على بساط الغاب
الأخضر تشق طريقها نحو السماء
تبينت من حفيف الشجر حولها قائل :
أتزاحمين بمنكبيك أجرام الفضاء
حرّكت النخلة سعفها طويلا بعد أن
لمست في القول دبيب الاستهزاء
قالت: أين مثير الشغب هذا في الروض
وأنا رمز الواحة جمال الصحراء
أجابت شجرة الزيتون وارفة الظلال
الزمن يكسر التعالي ويحطم الكبرياء
مالي أراك لا تطّلعين إلى من دونك
قِبلتك دوما دوننا إنما إلى السماء
قالت النخلة وما لمنصب الذي شغلته
حتى تجدلين عن قبلة عروس البيداء
أجابت الشجرة: شغلت من المناصب
أجَلّها فثماري للإنسان لكل داء دواء
أوفر للدواب ظلالا تحميهم من لفحة
الشمس وتضع عنهم ما جنوا من عناء
قاطعتها النخلة رويدا رويدا أين لك
من الفضل ما أحوزه لَدى سائر الأحياء
تحييني الشمس عند شروقها وتذيب
شعاعها على سعفي بجزيل العطاء
وأنا مضرب المثل في العفو أُرمَى
حجرا فأعطي ثمرا دون تذمر واستياء
وأشد إلي سعفي طوال السنة دونك
فعُدي على ماسلف الإخلاص والوفاء
أصبر على ندرة الماء طويلا وأبحث
بمثابرة عليه وفي الصيف أُجزل العطاء
وقالت الشجرة يلمس الكل فيك قسوة
أكسبتك إياها قسوة طبيعة الصحراء
أجابت النخلة وأين القسوة في شخصي
ومن ذا الذي يشاطرك الرأي أيتها الحمقاء
قالت الشجرة كل الأشجار على رأيي
تصدين عنك العواصف بعنف وكبرياء
وتزعجين بسعفك الكل في هدوء الليل
بقسوة ثم تزعمين أنك جمال الصحراء
قالت النخلة تلك مناجاة أناجي بها الله
كفاك فضولا عل مناجاة مطلعها الراء والباء
تنهدت النخلة ثم قالت مالي أرانا في
خصام ما كان إلا وليد العداوة والجفاء
أجابتها الشجرة أصبت كفانا فخرا إن الله
ضمننا سطورالفرقان من سمائه العلياء
ثم زحف إليهما الماء معانقا فشاركه
الثرى وقالا نعم ما توصلتما إليه هذه الأثناء
فالطبيعة التي عانقت الجمال جميعها
خاضعة لإله أمرها بخدمة كل الأحياء
اخوكم اسامة