المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد..
ففي زمن من الأزمان أراد أعداء الاسلام غزو بلاد المسلمين فأرسلوا عينا لهم
( أي جاسوسا ) يستطلع لهم أحوال المسلمين ويتحسس أخبارهم وبينما هو يسير
في حي من أحياء المسلمين رأى غلامين في أيديهما النبل والسهام وأحدهما قاعد
يبكي فدنا منه وسأله عن سبب بكائه فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء : (( إني
قد أخطأت الهدف .. )) ثم عاد إلى بكائه .. فقال له العين : لابأس خذ سهما
آخر وأصب الهدف ! فقال الغلام بلهجة غاضبة : (( ولكن العدو لا ينتظرني حتى
آخذ سهما آخر وأصيب الهدف ))
فعاد الرجل إلى قومه وأخبرهم بما رأى فعلموا أن الوقت غير مناسب لغزو المسلمين ...
ثم مضت السنون وتغيرت الأحوال وأراد الأعداء غزو المسلمين فأرسلوا عينا
يستطلع لهم الأخبار وحين دخل بلاد المسلمين رأى شابا في العشرين من عمره في
هيئة غريبة قاعدا يبكي فدنا منه وسأله عن سبب بكائه فرفع رأسه وقال مجيبا
بصوت يتقطع ألما وحسرة : (( إن حبيبته التي منحها مهجة قلبه وثمرة فؤاده قد
هجرته إلى الأبد وأحبت غيره )) ثم عاد إلى بكائه ...!!!
وعاد الرجل إلى قومه يفرك يديه سرورا مبشرا لهم بالنصر إن قوة الأمة وضعفها
يكمن في مدى تماسكها بكتاب الله وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ولعل أفضل
واقع يترجم ذلك : اهتمامات شبابها وفتيانها- ذكورا أو إناثا- كما قال
الشاعر :
ولما كان الحب أصل كل فعل ومبدأ وأصل حركة كل متحرك وكان محله القلب الذي
هو أصل صلاح المرء وفساده كان أمره في غاية الخطورة وكان جديرا بالعناية
والبيان والتوضيح ....
فأقول – وبالله التوفيق - : إن الحب أنواع :
فمنه ماهو واجب كحب الله ورسوله وما يندرج تحت ذلك من الحب في الله ولله.
ومنه ماهو جائز ومباح وهو مايكون بمقتضى الطبيعة والجبلة كحب الوالدين
والزوجة والأولاد والعشيرة والوطن ونحو ذلك وهذا النوع له حد متى ماتجاوزه
كان محرما ومثال ذلك قول أحد الشعراء مخاطبا وطنه :
ويا وطني لقيتك بعد يأس ,,, كأني قد لقيت بك الشبابا
أدير إليك قبل البيت وجهي ,,, إذا فهت الشهادة والمتابا
فالشاعر هنا قد جعل الوطن قبلته الأولى التي يدير إليها وجهه إذا نطق
بالشهادة قبل القبلة التي جعلها الله لعباده المسلمين ولا شك أن ذلك من
الضلال الواضح و الطغيان المبين .
ومنه ماهو محرم وهو الحب مع الله كم قال تعالى : ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ))
هذا نوع من الشرك يسمى: شرك المحبة وهو درجات بحسب مايقوم بقلب الصاحب من
التعلق بالمحبوب ومحبته من دون الله وهذا النوع هو الذي أردت الحديث عنه في
هذا الكتاب وهو مايمكن أن نسميه بـ ( حب الأفلام والمسلسلات والمجلات
الهابطة ) الذي نشأ عليه الصغير وهرم عليه الكبير إلا من رحم الله عز وجل
حتى إن بعض مايسمى بالمسلسلات الدينية التي يمثل فيها الصحابة رضي الله
عنهم لم يسلم من إقحام هذا النوع من الحب فيها .
ولقد كنت منذ زمن أتابع ماينشر حول هذا الموضوع في بعض الصحف والمجلات
إضافة إلى مايصلني من رسائل واتصالات وما أسمعه من قصص وحكايات وعند تأمل
ذلك كله تبين لي كثرة الأضرار المترتبة على هذا الوهم وآثاره السيئة على
الفرد والمجتمع فرأيت جمعها ودراستها في هذا المؤلف ليكون بمثابة صيحة
إنذار للغافلين والغافلات واللاهين واللاهيات سواء من الشباب أو الشابات أو
الآباء والأمهات وقد حرصت أن يكون بأسلوب سهل وعبارت واضحة لاسيما وأنه
موجه بالدرجة الأولى لفئة المراهقين والشباب لاسيما الذين تتراوح اعمارهم
مابين ( 12- 20 ) سنة لأنهم هم الضحية في الغالب كما حرصت على الاستشهاد في
كل ما أذكره بقصص من ابتلي بهذا البلاء وأقوالهم واعترافاتهم كما صرحوا
بها ليكون ذلك أدعى للردع والزجر علما بأن أكثر هذه القصص يتضمن مخالفات
شرعية كثيرة من اختلاط وخلوة وقلة حياء وغير ذلك مما لايخفى على مسلم وقد
علقت على بعضها واكتفيت في بعضها بوضع علامة تعجب وتركت الباقي لفطنة
القارئ والله تعالى هو ولي التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.
إن المتأمل في
نصوص الشرع المطهر يجد أنها قد حرمت كل مافيه ضرر على الإنسان في دينه
ودنياه قال تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (( ِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ)))وقال رسول اله صلى الله عليه وسلم : (( لاضرر ولاضرار )) فالمسلم منهي عن فعل مايضره مما لم يأذن به الله.
ونحن إذا تأملنا هذا الحب- الذي نحن بصدد الحديث عنه- فإننا سنجد أنه يكاد
يكون ضررا محضا لانفع فيه سوى مجرد أحلام و أوهام ومتعة قصيرة زائلة يعقبها
هم وغم وآلام لاتنقطع وذل لايفارق صاحبه إلا أن يتدركه الله برحمة منه كما
قال الشاعر :
وكل كائن حي مفطور على حب ماينفعه واجتناب مايؤذيه ويضره إلا أن الإنسان
على وجه الخصوص – على الرغم من تكريم الله له بنعمة العقل- حين يغلبه هواه
تنطمس فطرته وتعمى بصيرته فيترك ماينفعه ويلهث في البحث عما يضره فينحط
بذلك عن مستوى البهيمة وهذا هو حال المخدوعين بوهم الحب نسأل الله السلامة
والعافية .
لست
أنا الذي قال ذلك وإنما هم أهل الحب أنفسهم الذين جربوه واكتووا بناره
وعذابه هم الذين قالوا ذلك وإليك شيئا من أقولهم واعترافاتهم :
تقول أحداهن :
(( أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري تعرفت على شاب أثناء دراستي
الجامعية (!) كانت الظروف (!) كلها تدعونا لكي نكون معا رغم أنه ليس من
بلدي تفاهمنا منذ الوهلة الأولى ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بحيث أصبحنا
لانطيق فراقا (!) وبعد انتهاء الدراسة عاد إلى بلده وعدت إلى أسرتي واستمر
اتصالنا عبر الهاتف والرسائل ووعدني بأنه سيأتي لطلب يدي عندما يحصل على
عمل وبالطبع وعدته بالانتظار لم أفكر أبدا بالتخلي عنه رغم توفر فرص كثيرة
لبدء حياة جديدة مع آخر !!
عندما حصل على عمل اتصل بي ليخبرني أنه آت لطلب يدي وفاتحت أهلي بالموضوع
وأنا خائفة من رفضهم ولكنهم لم يرفضوا (!) سألني أبي فقط إن كان أحد من
أهله سيأتي معه ولما سألته عن ذلك تغير صوته وقال : إنه قادم في زيارة
مبدئية .. شئ ما بداخلي أقنعني بأنه لم يكن صادقا .. وأتى بالفعل وليته لم
يأتي لأنه عاد إلى بلده وانقطعت اتصالاته وكلما اتصلت به تهرب مني إلى أن
كتبت له خطابا وطلبت منه تفسيرا وجاءني الرد الذي صدمني قال : لم أعد أحبك
ولا أعرف كيف تغير شعوري نحوك ولذلك أريد إنهاء العلاقة .... !!!!
أدركت كم كنت مغفلة وساذجة لأنني تعلقت بالوهم ست سنوات .. ماذا أقول
لأهلي ؟ أشعر بوحدة قاتلة وليست لدي رغبة في عمل أي شئ ... إلى آخر ماذكرت
.. فتأملوا قولها : تعلقت بالوهم ست سنين (( فهو الشاهد ))
وتقول أخرى :
إنني فتاة في العشرين لم أكن أؤمن بشئ أسمه الحب ومازلت ولا أثق مطلقا بأي
شاب بل كثيرا ماكنت أنصح صديقاتي وأحذرهن من فخاخ الحب الزائف الذي لم
أستطع أن أمنع نفسي من الوقوع فيه .. نعم وقعت فيه ...
كان ذلك في مكان عام .. شاب يلاحقني بنظراته ويحاول أن يعطيني رقم هاتفه
فخفق قلبي له بشدة وشعرت بانجذاب إليه (!) وأنه الفارس الذي ارتسمت صورته
في خيالي ورأيته في أحلامي .. وكأنه لاحظ مدى خجلي وترددي فأعطى الرقم
لصديقتي وأخذته منها والدنيا لاتكاد تسعني واتصلت به وتعارفنا (!) وتحدثنا
طويلا (!) .. فكان مهذبا جدا وكنت صريحة وصادقة معه ..
وشيئا فشيئا صارحني بحبه (!) وطلب مني الخروج معه .. رفضت بالبداية وأفهمته
إني لست مستعده لفقد ثقة أهلي والتنازل عن مبادئي وأخلاقي التي تمنعني من
تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسي .. ولكنه استطاع إقناعي ويبدو أن الحب
أعماني فلم أميز الصح من الخطأ .. وخرجت معه فكانت المره الأولى في حياتي
وصارحته برأيي فيه وفي أمثاله من الشباب فلم يعجبه كلامي وسخر مني بل
أتهمني بتمثيل دور الفتاة الشريفة وأشبعني تجريحا وكان اللقاء الأول
والأخير فقد قررت التضحية بحبي لأجل كرامتي ولكنه احتفظ بكتاب يتضمن اشعارا
ومذكرات لي كتبتها بخطي ووقعتها بأسمي وقدد رفض إعادتها لي ....
وتقول ثالثة في خاطرة لها :
الأحلام تبقى أمامي والأوهام تنبت في قلبي والكلمات التي اخترتها لاتكتب
لكنها توجد في فكري وأحاسيسي حكاية فيها كل المعاناة التي أعيشها اليوم منذ
أن افتقدت الثقة ومنذ أن أصبح الحب وهما ومأساة أهرب منها أو اتجاهلها ..
الحب – ياحبيبتي – لا يعترف بالحذر أو الخوف منه فإما أن تطرق أبواب الحب
وتوهم نفسك أنك تحب وإما أن تهرب منه أو تتجاهله .. ففي هذه العبارات تصريح
واضح بأن هذا الحب ماهو إلا وهم ومأساة.
وفيما يأتي من اعترافات(( المحبين )) مزيد تأكيد لذلك
إن من المؤسف جدا أن الكثير من وسائل الإعلام بما تبثه من أفلام ومسلسلات
وقصص وأشعار .. توحي إلى كل فتى وفتاة بأن هذا الحب أمر ضروري في حياة كل
إنسان وأن الفتاة التي لاتتخذ لها خدينا وعشيقا هي فتاة شاذة وغير ناضجة
ولا واعية ممايدفعها عن البحث إلى (( حبيب )) (!) بأي ثمن ولو على حساب
حيائها وعفتها وكرامتها وطهارتها وحين تعجز الفتاة عن ذلك لغلبة الحياء أو
الأمور أخرى فإنها تشك في نفسها وتعد ذلك مشكلة تحتاج إلى حل وقد كتبت
إحداهن إلى إحدى المجلات الساقطة رسالة تقول فيها :
سيدتي .. لا أريد الإطالة ولذا سأطرح مشكلتي باختصار عمري 18 عاما مشكلتي
لا أعرف كيف أتعامل مع الرجال أتهرب دائما من الكلام معهم حتى إذا شعرت
بميل نحو أحدهم إذا تقرب إلي كرهته خوفا منه ولم أجرب علاقة حب أبدا . بم
تفسرين هذه الحالة لقد كتبت لك بعد كثير من التردد ...
فأجابت المحررة (!) ما أدراك ما المحررة- بأن هذا الخوف مبالغ فيه وأن هذا
الحياء غير مبرر وهو يدل على عدم النضوج العاطفي والفكري ...إلى آخر ماذكرت
...
غنها حرب شعواء على العفة والفضيلة والحياء حرب يقف خلفها إما مغرضون
حاقدون يريدون هدم الدين وتقويض دعائمه وإما ماديون منتفعون شهوانيون همهم
إخراج المرأة بأي وسيلة ليستمتعوا بها كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا دون قيد أو
ضابط ولكن خابوا وخسروا فإن الفتاة المسلمة اليوم بدأت تعي وتدرك مايحاك
ضدها من مؤامرات ومخططات ولا أدل على ذلك من عودة انتشار الحجاب الإسلامي
من جديد بعد زمن التعري والتبرج والسفور وهذا لايعني عدم وجود مغفلين
ومغفلات لازلن يلهثن خلف الوهم فاحذري أختي المسلمة أن تكوني منهن .
ولندخل الآن في صلب الموضوع وهو أضرار الحب المذكور فما هي الأضرار النترتبة على هذا الوهم المسمى بـ ( الحب ) ؟
الأضرار كثيرة ويمكن تصنيفها إلى مايلي :
أولا : الأضرار الدينية
ثانيا : الأضرار النفسية
ثالثا: الأضرار الصحية
رابعا: الأضرار الاجتماعية
خامسا: الأضرار الأدبية
سادسا: الأضرار المادية
وسأعرض لكل واحد منها - إن شاء الله- بالتفصيل.
أعظمها وأخطرها:
1) الوقوع في الشرك الذي حرمه الله عز وجل وحذر منه وجعله حائلا بين المرء ودخوله إلى الجنة كما قال سبحانه : ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ )) وقال الله تعالى : ((إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) وقال تعالى : ((وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيق)) .
ومن قول الشاعر :
فهذا
تصريح منه بالشرك وعبادة غير الله! وهذا هو لسان حال الكثير ممن ابتلوا
بهذا الوهم وإن لم يصرحوا به بلسان المقال بل قد صرح به بعضهم فهذا أحدهم
يقول في مجلة مشهورة:
ماتعشقت غير حبك دينا ,,, وسوى الله ماعبدت سواكِ
وأقبح مايقول أحدهم في أغنية مشهوره : الحب ديني ومذهبي
نعوذ بالله من الخذلان .
ويقول أحدهم:
ياحبيبتي .. يا أحلى اسم نطقه لساني منذ ولادتي .. يا أجمل ما رأت عيناي
منذ أن ابصرت النور .. ويا أحلى رمز كتبته مع رمز اسمي ( ....) وسيكون كذلك
للأبد شاءت الظروف أم لم تشأ .. وأقول لك : إني أحبك حتى الموت ولن ينسيني
إياك إلا الموت وحده مهما حصل (!) .. فإذا كان لي حياة سأحياها فإن هواءها
أنت وبلسمها وعطرها أنت .(!) وإذا كان لي قلب فنبضه هو أنت .. (!) وإن كان
لي بصر فعيناي أنت وإذا كان لي سعادة فسعادتي ابتسامة محياك البريئة (!)
حبيبتي لم ولن أتخيل نفسي وحيدا بدونك كماهي حالك أنت بالتأكيد فالحياة من
غيرك أصبحت بلا طعم ولا هواء تلاشت فائدتها وانعدمت أهميتها وتساوت مع
الممات (!) ولكن ماعساي أن أفعل وقد كتبت لنا قدرنا أن نفترق ...
فهو يحبها حتى الموت – كما يقول- ولن ينساها ابدا مهما حصل وهي هواؤه
وبلسمه بل هي نبض قلبه ودمه وهي بصر عينيه إلى ما آخر ماذكر وهذا يذكرني
بالحديث القدسي الذي يقول الله تعالى فيه : (( ... ومايزال عبدي يتقرب إلي البنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ...)) وهذا قد جعل حبيبه بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به كما يقول وصدق الله حين قال ..: ((يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ))
نعوذ بالله من الخذلان ...
وتقول إحداهن في مجلة مشهورة أيضا :
حين اناجيك بليلي في شبه صلاة ..
حين لايكون لي بدونك أمل نجاة
حين يجمعنا هوى أصدق من الصلوات (!) ...
فنعوذ بالله من هوى هو أصدق من الصلوات وما أحلم رب السموات والأرض
وتقول أخرى :
نداء لك أيها الغائب ...
ألا يكفي هذا الغياب ؟
فو الله أراك معي دائما ..
ففي النهار شمسي أنت وفي الليل قمري...
والله أنت الدنيا ومابعدها ..
فخبرني يازمان بحق دنياك .. بحق السماء والنجوم ...
عن الغائب الذي لم يعد ...
أرأيتم كيف تعلقت بالوهم بغائب لم يعد ولن يعود وجعلته الدنيا ومابعدها
وشمسها وقمرها ؟! بل هو معها وهو الغائب في كل مكان (!) فبربكم خبروني ماذا
بقى لله عز وجل من الحب والإجلال والتعظيم والمراقبة؟!
والأمثلة على ذلك كثيره لمن تأمل ماينشر بعين البصيرة وفي الأشعار الشعبية
والقصائد النبطية من العبارات الشركية والألفاظ الكفرية أضعاف مافي الفصحى
والعربية فإلى الله المشتكى .
فإن سلم صاحب هذا الحب من الوقوع من الشرك فلن يسلم ا من سخط الله عز وجل
فإن من ابتلى بهذا الوهم لابد أن يقصر في حقوق الله تعالى عليه ويترك بعضها
فيبيت بسخط الله ويصبح في سخط الله ومن أمثلة التقصير في حقوق الله تعالى :
التهاون في الصلاة التي هي عماد الدين واستثقالها وتأخيرها عن وقتها وعدم
الخشوع بها أما تركها بالكلية فهو كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( بين الرجل والكفر ترك الصلاة ))
ومن ذلك : التقصير في حقوق الوالدين وعقوقهم وقد حدثني بعضهم أنه كان يجلس
عند جهاز الهاتف بالساعات حتى غضب والده ورضى الله في رضى الوالدين وسخطه
في سخطهما كما ثبت في الحديث .
ومن الأ ضرار الدينية :
2) التشبه بالكفار وتقليدهم ومحاكاتهم وقد جاء في الحديث : (( من تشبه بقوم فهو منهم ))
وقد عني الكفار بهذا النوع من الحب عناية فائقة كما في المجتمع الغربي
المعاصر حتى اخترعوا له عيدا سموه عيد الحب أو عيد العشاق يحتفلون به كل
عام ويلبسون لباسا خاصا ويقدمون فيه الورود الحمراء .. إلخ وقد سرى ذلك –
وللأسف الشديد – إلى بلاد المسلمين لاسيما ظهور الفضائيات وسمعنا أخبارا
يندي له الجبين من تشبه بعض المسلمين – وبخاصة النساء- بأولئك الكفار
ومشاركتهم في الاحتفال بهذا العيد ومن المعلوم لدى كل مسلم أنه ليس في
الإسلام سوى عيدين اثنين في العام لا ثالث لهما وأنه لايجوز الاحتفال بأي
عيد من الأعياد المبتدعة سواء سمي عيدا أم لم يسم مادام أنه يتكرر كل عام .
فكيف إذا كان عيدا سخيفا لايحتفل به إلا أراذل الناس البطالين الفارغين
فلنفتخر بديننا ولنعتز بعقيدتنا ولا نكن أذنابا تابعين لغيرنا ولنكن كما
قال الشاعر :
3) الوقوع في
الفاحشة التي حرمها الله عز وجل والتي هي من كبائر الذنوب ومن أسباب سخط
علام الغيوب فكم من فتاة عفيفة شريفة كشفت سوأتها وانتهك عرضها وفتى عفيف
شريف غرق في أوحال الفاحشة وقذارتها باسم الصداقة والحب والأخبار في ذلك
مبكية ومحزنة تتفطر منها القلوب وتقشعر من هولها الأبدان وإن كانت قليلة
-ولله الحمد- إذ أن أي فتاة مسلمة عاقلة تدرك هذا الأمر جيدا وتحسب له ألف
حساب ولكن حين تستحكم الغفلة وتثور العاطفة ويحضر الشيطان وتنسى الفتاة
نفسها في غمرة الهوى فلا تفيق إلا وهي غارقة في مستنقع الرذيلة الآسن ولن
أطيل بذكر القصص في ذلك ويكفي أن أذكر في هذا المقام قصة واحدة فقط لتكون
عبرة لمن أراد أن يعتبر :
وتقول صاحبة القصة :
لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان ( دمعة ندم ) بل اكتبوها بعنوان (
دموع الندم والحسرة ) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوالا .. إنها دموع
كثيرة تجرعت خلالها آلاما عديدة وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما
اقترفته في حق نفسي واهلي .. وقبل هذا وذاك : حق ربي .
إنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة لقد أسأت إلى والدتي وأخوتي وجعلت
أعينهم دوما إلى الأرض لا يستطيعون رفعها خجلا من نظرات الآخرين .
كل ذلك بسببي لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها بسبب الهاتف اللعين .
بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير الذي أغراني بكلامه المعسول فلعب
بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيء. وبالتدريج جعلني أتمادى في
علاقتي معه إلى أسوأ منحدر كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمى بصيرتي عن
الحقيقة وأدى بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة ويفخر به
أبواها عندما يزفانها إلى الشاب الذي يأتي إلى منزلها بالحلال ... لقد أضعت
هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد أن أخذ مني
كل شئ فتركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملا ! .. وآنذاك لم يكن أحد
يعلم بمصيبتي سوى الله سبحانة وتعالى ... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب
مني على عكس ما كان يفعله معي من قبل أن يأخذ مايريد ... لقد مكثت في نار
وعذاب طوال أربعة أشهر ولايعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب
عصياني لربي واقترافي لهذا الذنب ... لأن الحمل أثقل نفسيتي وأتعبها .. كنت
أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي ؟ .. فوالدي رجل
ضعيف يشقى ويكد من أجلنا ولايكاد الراتب يكفيه .. ووالدتي امرأة عفيفة وفرت
كل شئ لي من أجل أن أتم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب.
لقد خيبت ظنها وأسأت إليها إساءة كبيرة لاتغتفر لا زلت أتجرع مرارتها حتى
الآن إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيرا حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد أن
طاردته .. وعندما علم بحملي عرض علي مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي
يتحرك داخل أحشائي .. كدت أجن .. لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما
أفسده .. بل وضعني أمام خيارين : إما ان يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل
للنجاة من الفضيحة والعار ... !
ولما مرت الأيام دون أن يتقدم لخطبتي ذهبت إلى الشرطة لأخبرهم بما حدث من
جانبه وبعد أن بحثوا عنه في كل مكان وجدوه بعد شهرين من بلاغي لأنه أعطاني
اسما غير اسمه الحقيقي .. لكنه في النهاية وقع في أيدي الشرطة واتضح أنه
متزوج ولديه أربعة من الأولاد ووضع في السجن .
وعندما علمت أنه متزوج أدركت كم كنت غبية عندما سرت وراءه كالعمياء ؟!
لقد ظن أنني مازلت تلك الفتاة التي أعماها كذبه فأرسل إلي من سجنه امرأة
تخبرني بأنني إذا أنكرت أمام القاضي أنه أنتهك عرضي فسوف يتزوجني بعد خروجي
من السجن .. لكني رفضت عرضه الرخيص .. والآن أكتب لكم بعد خروجي من سجن
الشرطة إلى سجني الأكبر .. منزلي ..
ها أنا قابعة فيه لا أكلم أحدا ولايراني أحد بسبب تلك الفضيحة التي سببتها
لأسرتي فأهدرت كرامتها ولوثت سمعتها النقبة ... لقد أصبح والدي كالشبح يمشي
متهالكا يكاد يسقط من الإعياء بينما أمي هزيلة ضعيفة تهذي باستمرار وسجنت
نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية كلام الناس ونظراتهم ..
ثم تختم رسالتها بقولها :
إنني من هذه الغربة الكئيبة أرسل إليكم حالي المرير .. إنني أبكي ليلا
ونهارا ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين وأطلب منكم الدعاء لي بأن يتوب
الله علي ويخفف من آلامي.
فعل بعد هذه العبرة من عبرة وهل بعد هذه العبرات من عبرات إلا لمن كتب عليه الشقاء .. عياذا بالله .
4) ضغف الأمة وتقهقرها وتسلط عليها الأعداء :
فما فشا هذا الوهم في أمة إلا قضى عليها وحطم رجولة شبابها وسلط عليها الأعداء وماذا يرجى من أمة قد غرق شبابها ونساؤها في الأوهام ؟
في العصر الجاهلي قبل بزوق فجر الإسلام كان لا يسمع إلا صوت قيس وهو يغني
على ليلاه فلما بزغ فجر الإسلام وأكرم الله هذه الأمة بنبي الرحمة محمد صلى
الله عليه وسلم انقطع هذا الصوت ولم يسمع إلا صوت الحق وهو يدعو إلى العزة
والكرامة وجنة عرضها السموات والأرض حتى إن الشباب – بل حتى الأطفال –
كانوا يتسابقون إلى ساحات الجهاد طمعا في نيل الشهادة .
ولما ضعف المسلمون وتخلوا عن دينهم – إلا من رحم الله عز وجل – عاد ذلك
الصوت النشاز يجلجل في الآفاق ولم يعد قيسا واحدا بل آلاف (( الأقياس)) ولا
ليلى واحدة بل آلاف (( الليالي )) وإذا أردتم البرهان والدليل فاستمعوا
إلى ماينعق به المغنون عبر موجات الأثير: كل يغني على ليلاه – كما يقال
وينوح على حبيبه ... ولذا انتشار هذا الوهم بين شباب الأمة وفتياتها دليلا
على ضعف الأمة وانحطاطها وتخلفها وقد ظهرت في الآونة الأخيرة بوادر يقظة
وانتباه لعلها تكون إرهاصات لعودة الأمة إلى سابق عزها ومجدها بل هي كذلك
إن شاء الله .
فإن لهذا الحب المزعوم أضرار نفسية بالغة الأثر قد تنتهي بصاحبها إلى الجنون فمن ذلك :
تقول أحداهن : أكتب مشكلتي لعلي أجد الحل الذي يريحني ويعيد النوم إلى
جفوني والراحة إلى نفسي .. والتي لم أذقها منذ أن تعرفت عليه عن طريق
الهاتف (!) حينما طلبت إحدى صديقاتي ورد علي أخوها وجذبني إليه رقة حديثه
بعده وجدت نفسي مشدودة للتفكير فيه والتعلق به وتكرر الاتصال وتعمدت أختيار
الأوقات التي لاتكون صديقتي موجودة فيها .. وتواعدنا على الزواج.
وفجأة .. لاحظت تهربه من الحديث معي وانقطعت اتصالاته بي .. حاولت بأسلوب غيرمباشر للتعرف على أسباب هذا التحول دون فائدة .
وأخيرا وبطريق الصدفة أخبرتني صديقتي أن أخاها قد وقع أختياره على إحدى القريبات وسيتم زفافهما قريبا..
أصابتني دهشة أفقدتني توازني وقدرتي على الرد عليه .. وبعدها فقدت الثقة في
نفسي وفي كل من حولي .. تقدم لي الكثيرون ولكنني أرفضهم جميعا دون أي مبرر
...
العمر تقدم بي ولكني عاجزه عن نسيان هذا الجرح القديم الذي تمكن مني لدرجة
كبيرة بدأت تثير شكوك أهلي تجاهي ولا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه ...
إنها لاتزال متعلقه بالوهم على الرغم من أن الأمر قد انتهى ...
يقول
أحد الشباب : أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة ولظروف عملي فإني أسكن بعيدا
عن زوجتي وأطفالي مسافة 200 كلم وأسافر لزوجتي يومين في الأسبوع وأحيانا
يوما واحدا كنت أحب زرجتي كثيرا وكانت هي كذلك إلا أن ضعف مرتبي وحال بيني
وبين إحضارها للإقامة عندي ..
وفي ليلة من الليالي اتصلف فتاة (!) تريد التعرف بي فرفضت ذلك وأفهمتها
بأني متزوج ولدي أطفال وقمت بإقفال السماعة في وجها وماكان منها إلا أن
أصرت على محادثتي والتعرف علي ومن تلك اللحظة أصابني صداع لم يفارقني تللك
الليلة وفي التالي اتصلت بي فرد عليها أحد زملائي فلم تكلمه ثم رد عليها
الثاني والثالث فلم ترد إلا أنا وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلت ولم يكن
غيري فرفعت السماعة وزين لي الشيطان محادثتها وتعرفت عليها ويا ليتني لم
أفعل فلقد زلزلت كياني وزرعت طريقي اشواكا بل لقد فرقتني عن زوجتي وابنائي
فلم يعد لهم في قلبي من الحب مثل ماكان قبل ذلك كان فكري في ذلك الشيطان
الذي تمثل لي على صورة تلك الفتاة فقدت أعصابي مع زوجتي وأولادي أثور عليهم
لأدني سب بسبب تلك الفتاة التي زرعت المرض والخوف في أعماقي .. حاولت أن
أقاطعها فلم أقدر.. كانت تلعب بأعصابي كثيرا .. نسيت حتى عملي من كثرة
السهر ومع ذلك أصابني الأكتئاب النفسي وذهبت إلى عيادة الأمراض النفسية
وأعطوني أقراصا فلم ينفع معي أي علاج ...
وذلك
أن أدعياء الحب يقومون – في الغالب- بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تتم
بينهم وبين الفتيات ضحايا الحب وقد يطلبون منهن صورا باسم الحب فيحتفظون
بها مع الرسائل الوردية المعطرة التي تبعثها الفتيات ضحايا إليهم فإذا ما
استعصت الفتاة عليهم وأبت الخروج معهم قتموا يهددونها بتلك الصور والرسائل
وبصوتها في الهاتف وهنا يسقط في يد الفتاة وتعيش في وضع مأساوي سئ وقد
تستجيب لمطالبهم خوفا من الفضيحة ! فتبوء بالإثم في الدنيا والفضيحة الكبرى
في الآخره ومافيها من العذاب الأليم .
وتقول إحداهن – وقد كتبت لي مشكلتها بنفسها - :
مشكلتي هي مشكلة بعض البنات هذه الأيام في جو غابت فيه مراقبة الأهل ووجد
فيه الفراغ وصديقات السوء وأفلام خليعة وأغان وطرب ومجون .. في هذه الأجواء
الملوثة وفي هذه الفترة من الزمن – والتي هي علي الآن كالحديد الحامي الذي
يلسعني كل لحظه – تعرفت على ذئب قذر وقد طالت فترة تعارفنا إلى سنة
تبادلنا خلالها الصور (!) أعطيته كل ماعندي من وقت وتفكير بل ومساعدات
مالية كان قذرا وكنت أقذر منه ! .. طلب مني كل شئ باسم الحب وبذلت له كل شئ
وبعدها التحقت بالجامعة وأقمت في سكن الطالبات ويا سبحان الله وجدت فتيات
قمة في الالتزام وفي الطهر والعفاف قمة في عمل الخير والصلاح ! عجبت بهن
أحببني بإخلاص وأخذن يتقربن إلي فتعلمت منهن الصلاة والدين وشعرت بالإيمان
يسري في أوصالي ولكن ماذا أفعل وهذا الذئب يطاردني في كل مكان حتى هنا في
السكن فيتصل بي يوميا على أنه أخي الذي يريد أن يطمئن علي !!! والمشرفة
المسكينة قد صدقت هذه الكذبة فكانت تلح علي لمكالمتة فكنت أكلمه وأنا كارهه
له وفي الوقت نفسه خائفة منه إلى أن عزمت على التوبة النصوح وتبت إلى الله
عز وجل وحولت إلى دراسة العلم الشرعي بعد أن كنت في كلية علمية المشكلة
أنه لازال يطاردني ويطلب مني الخروج (!) ويهددني بكل مالديه من أدلة
وبراهين من صور ومكالمات قد سجلها علي والأدهى من ذلك أنه يتصل على منزلنا
حيث يقيم أخي الأصغر وأخاف عليه من الذئب أخاف عليه من الغيرة التي ستقتله
غما إذا علم بالأمر ومن ... ومن ... ومن أخته التي طالما أحبها واعتبرها
قدوة له في الجد والمذاكرة ..
إلى آخر ماجاء في رسالتها وهي طويلة جدا اختصرتها في هذه الأسطر ...
وإني بهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة إلى كل فتاة ابتليت بمثل هذا الأمر
فأقول : إن الخطأ لايمكن تصحيحه بخطأ آخر فإذا كنت قد أخطأت أولا بإقامة
علاقة محرمة مع هذا الذئب وأعطيتيه صورك ورسائلك وصار يهددك بها فلا تتبعي
هذا الخطأ بخطأ أكبر منه وهو استجابتك له تلبية مطالبه الآثمة فإنه أقل
وأذل من أن يقوم بتنفيذها إذ هو شريك لك في الفضيحة وحتى لو أقدم على
تنفيذها فإنك مادمت قد حافظت على شرفك وعرضك وتبت إلى الله توبة نصوحا فإن
ذلك لن يضرك شيئا وسيكون هو المتضرر الأكبر وبإمكانك التعاون مع رجال
الحسبة (( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )) للإقاع به أو كف شره
بأسلوب حكيم لاينالك منه ضرر ولكثير منهم خبرة في هذا المال وهذا أمر يسير
جدا .. ثم إن الفتاة إذا تابت إلى الله توبه نصوحا وصدقت في توبتها جعل
الله لها مخرجا وأسوق لك هذه القصة لتعلمي أن الله لايتخلى عن عباده
المؤمنين :
تقول صاحبة القصة:
كنت جالسة في المنزل عندما رن جرس الهاتف فنهضت ورفعت السماعة فإذا برجل
يطلب له صاحبا قلت له : إن الرقم خطأ وألنت له صوتي فإذا به يتصل مرة ثانية
وأكلمه حتى قال أنه يحبني (!) ولايستطيع الاستغناء عني وأن نيته سليمة (!)
فصدقته وذهبت معه وأخذنا صورا عديدة (!!!!) وبعد أربع سنوات مكثتها معه إذ
به يقول : إذا لم تمكنيني من نفسك فسأفضحك وأقدم الصور لأهلك فرفضت بشدة
وابتعدت عنه وأصبحت أرفض محادثته في الهاتف أو مقابلته ويقدر الله عز وجل
أن يخطبني صاحب أبي وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل وقال لي : إن تزوجت
من هذا الرجل فسأفضحك عنده !! فأصبحت في حيرة من أمري وتوجهت إلى الله عز
وجل أدعوه بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل وبعد زواجي بيومين علمت أنه أراد
الذهاب إلى زوجي ومعه صور وفي طريقه إلى مقر عمل زوجي توفي في حادث سيارة
واحترقت الصور معه ...
ففي هذه القصة عبره وعظة لكل شاب وفتاة.
وهذا
هو الغالب على من ابتلى بهذا البلاء لانشغال فكره وقلبه بـ ( المحبوب)
ولكثرة السهر وضياع الأوقات الطويلة في مكالمات تافهة ورخيصة لاتترك وقتا
للمذاكرة والمثابرة ..
تقول أحداهن:
أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري متفوقة في دراستي أحببت أحد المشاهير
بشكل جنوني تملأ صوره الكبيرة وأدس صوره الصغيرة في كل كتبي وأحلم دائما
بلقائه وأثور إذا تحدثت عنه زميلاتي .. بدأ مستواي الدراسي في الانحدار وفي
نفس الوقت لا أستطيع التغلب على مشاعري وأشعر بأنني وحدي في مشكلة تهدد
مستقبلي ولا أستطيع مصارحة أحد بها ...
وما أطول ساعات الانتظار – بل حتى لحظاته- وما أشدها على النفس فكيف إذا امتدت إلى شهور وأعوام!
تقول إحدى الفتيات- وهي من ضحايا هذا الوهم- :
من خلال حديث أخي عن صديقة الملتزم أحببته شعرت بمشاعر الحب تسيطر علي
تجاهه ولأني فتاة مسلمة ملتزمة بأمور ديني نجحت في التمسك بالفضيلة
والامتناع عن أي سلوك يمكن أن يظهر مشاعري تجاهه وطللت على هذا الحال لمدة
أربع سنوات رفضت كل من يتقدم إلي من أجل هذا الحب ! وبانتظار لذلك الشاب
الذي لايعلم بمشاعري نحوه! والآن أنتظر وأعيش حالة نفسية سيئة من جراء هذا
الانتظار ... انتظار من لايأتي ..!!!
ومن أعجب ما وقفت عليه في هذا الومضوع ماذكره أحد الأخصائيين في مؤتمر عقده
مؤخرا أنه شاهد حالة غريبة لفتاة في العشرين من عمرها نمت لها لحية بسبب
إخفاقها في الحب (!) حيث أحدثت هذه الصدمة اضطرابا في إفراز الهرمونات مما
أدى إلى نمو لحيتها ...
وقد سئل أحد الأطباء النفسانين – ضمن تحقيق أجراه بعض الصحفيين - : هل من الممكن أن يكون للحب مجانين في نهاية القرن العشرين ؟؟
فأجاب : هذا سؤال طريف ولكنه على طرافته سؤال مطروح في كل زمان ومكان ففي
عصرنا الحالي الموصوف بأنه عصر المادية يمكن أن تؤدي صدمة العاطفية إلى
العيادة النفسية ولقد عرضت علي حالات مرضية كثيرة كان الحب هو السبب الرئيس
لها والعامل الأكثر تأثيرا فيها ..
وقد قام بعض الصحفيين لإحدى المصحات النفسية ووقفوا على بعض الحالات من
ضحايا الحب الموهوم منها حالة الشاب ( ط. أ ) التي كانت ابنة عمه عي السبب
في تدهور عقله ووصوله إلى حافة الجنون ولما سئل طبيبه المعالج عن سبب وصوله
إلى تلك الحالة أجاب بأنها قصة طويلة ومعقدة خلاصتها أن هذا الشاب أحب
ابنه عمه الذي كان على خلاف مع أخيه والد هذا الشاب وكانت الفتاة على علم
بهذا الخلاف فأرادت الإنتقام لأبيها في شخص ابن عمها فأوهمته بحبها له حتى
إذا جاء اليوم الموعود للزواج رفضته وتزوجت بغيره فصدم هذا الشاب ووقع فيما
يشبه الفصام العصبي ...
هذه بعض الأضرار النفسية لوهم الحب وهي قليل من كثير ومن تأملها وجدها مصداقا لقوله تعالى : ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )) أي : عيشة ضيقة نكدة وهي مايصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والآلام والأمراض النفسية وغيرها .. والله تعالى أعلم
وهي التي تصيب البدن بخلاف الأضرار النفسية التي تصيب الروح مع سلامة البدن
وقد يكون الضرر النفسي سببا لوقوع الضرر البدني كما هو الحال في وهم الحب .
تروي إحدى الفتيات تقول : (( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي
تخبرني فيه بأن صديقة لنا في غرفة العناية المركزة بالمستشفى فهرعت إليها
وأنا لا اعلم ما السبب وحينما وصلت إليها وجدتها ممدة على السرير دون حراك
وقد أصابتها حالة تشنج عنيفة تركت بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها وعي جميع
أجزاء وجها وعندما سألت شقيقتها عن السبب أخذتني بعيدا عن والدتها المنهارة
وقالت لي : لقد اكتشفت أن خالدا متزوج ولدية ولد !!!!
أما عن خالد هذا فهو شاب قد تعرفت عليه عن طريق الهاتف ! وعدها بالزواج وها
هي تدخل المستشفى من أجله ولو علم هذان الأبوان النهاران أمام غرفة
ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها بدلا من أن يبكيا عليها !
وأغرب من ذلك مانشر في بعض الصحف من قصة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي
تفتح دولاب ملابسها بعد أن عادت إلي بيتها بشاب يخرج من ذلك الدولاب
فتعالت صرخاتها مستغيثة بالجيران وقد حاول الشاب اقناعها بأنه جاء لخطبة
ابنتها التي تربطه بها علاقة حب (!) ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة
وكانت المفاجأة أن سقط ميتا بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في
أغرب حادث حب غرامي مجنون ...
وقد سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحب قبل الزواج فأجاب : الحب هو
اتحاد شديد العمق يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم
وقد تستمر حتى الموت وقد تنتهي بتغير الشخصية تماما وتحولها كما يتحول
الراديوم بعد تفجر الإشعاع إلى رصاص أما الحب بعد الزواج فهم الحب الحقيقي
الذي ينمو ويعيش ويتحدى النسيان ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله
وهي كثيرة جدا من أخطرها :
فكم من عفيفة حرة صارت باسم الحب من البغايا وعفيف صار به عبدا للصبيان
والصبايا ..! ويحضرني في هذا المقام قصة فتاة جامعية وقعت في وهم الحب وجرى
لها ماجرى لغيرها من ضحايا الوهم : نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء ففجور
فندم وحسرة .. ولكن هذه الفتاة لم يقف أمرها عند هذا الحد فقد قام الذئب
بتصويرها معه وهي تمارس الفجور في شريط فيديو ثم صار يهددها بهذا الشريط
حتى انقادت له وصارت كالخاتم في يده يخرج بها متى شاء بلا قيود ولم يكتف
الذئب بذلك حتى أشرك معه غيره من الذئاب البشرية المسعورة فإذا بالفتاة
الجامعية المصونة تتحول إلى بغي فاجرة تنتقل من رجل إلى آخر ..!! ثم تنتهي
القصة بقيام هذه الفتاة بقتل ذلك الذئب انتقاما لشرفها وعرضها لتودع في
السجن خلف القضبان
ففي
دراسة علمية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن معظم الذين
تزوجوا بعد قصة حب كبيرة لم ينجح زواجهما ! وليس هذا في ديار الغرب فحسب بل
حتى في بلاد المسلمين ففي دراسة أجريت في المستشفى التخصصي بالرياض على
الطلاق وجد أن أكثر حالات الطلاق إنما تقع في الزيجات التي تمت بعد علاقة
حب !
وتبين د. خديجة علوي أستاذة علم الاجتماع السبب فتقول : (( إن مفهوم
الصداقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج أمر مرفوض دينيا واجتماعيا فهي ضمن
الأفكار الفاسدة التي وردت إلى مجتمعنا بسبب الانفتاح اللامحدود على
المجتمعات الغربية
ثم تضيف: إن هذه الصداقة التي تنشأ بين الشاب والفتاة بحجة أنها ضرورية
لوضع أخلاق وطباع الشريك المرتقب تحت المجهر أو لغير ذلك ماهي إلا وهم كبير
إذ أنها تأتي بنتائج عكسية على العلاقة ذاتها فيما بعد إذا ماتم الزواج
بينهما .. ففي الغالب تكثر الخلافات وعدم التفاهم يزداد حدة لأن كلا منهما
بدأ يرصد بدقة عيوب الآخر وسيئاته بعد أن كانت غائبة عنه تحت ( وهم الحب )
الذي ربط بينهما عن طريق الصداقة وكثيرا ماتفشل هذه الزيجات لأن الأسس التي
قامت عليها من البداية أسس واهية.
وأكبر شاهد على ذلك هو الواقع فقد روى إحدى الأخوات قصتها مع إحدى زميلاتها قالت :
رأيتها بعد انقطاع دام أكثر من سنة فهالني منظرها لقد تغيرت تماما فقد تحول
احمرار وجنتيها إلى هالات سوداء حول عينيها ونحل جسمها الممتلئ إلى وزن
الريشة وتحول مرحها إلى حزن لا يفارقها تعلوها غبرة يكسوها شحوب وكآبة
وحينما سألتها : مالذي غير أوصالك إلى هذا الحد من التدهور ؟؟! أجابت بصوت
متهدج أتذكرين ناصر ؟ ( وهو شاب تعرفت عليه عن طريق الهاتف لقد تزوجتة
وليتني لم أفعل !
فأصابني الذهول مما سمعت أهذا هو ناصر الذي أوهمت نفسك بأنه سيجعلك أسعد إنسانة و.. و...؟!
فابتسمت ابتسامة ممزوجة الألم والحسرة وقالت : لقد كان سرابا ! لقد تحول
بعد زواجنا إلى شيئا آخر ! تحول إلى الضد وانقلب إلى وحش كاسر يسمعني ألذع
الكلمات ويعيرني بحبي له قبل الزواج ويذكرني بأسوأ أفعاله ولقاءاتي معه
ويهددني بإخبار والدي ..!
وأسقطت من عينيها دمعتين ملتهبتين وقالت :
صدقيني لولا هذا الطفل الذي أخشى على مستقبله والذي ارى فيه كل آمالي التي لم تتحقق في والده لتركته عاجلا غير آجل !!!
أما القصة الثانية فقد روتها صاحبتها بنفسها فقالت:
أنا السبب في مأساتي نسجت خيوطها بيدي ثم اكتويت بنارها...
قبل سنوات ربطتني علاقة حب (!) بشاب توجت بالزواج منه ورغم علمي من البداية
باستهتاره إلا أنني رضيت به زوجا (!) بعد ما أدركت أنني لا أستطيع العيش
بدونه (!)
قد تسألون : ولم قبلت الزواج منه وهو بهذه الحالة ؟
أقول لكم : إنني راهنت على إصلاحة وجعله إنسان آخر ولهذا تحديت أهلي وأعلنت
تمردي عليهم وتجاهلت كل تحذيراتهم وعشت مع من أحببته كروحي (!) أشهرا
قليلة وشعرت أنني أسير بالفعل نحو الهدف الذي رسمته لنفسي.. غيرت من
سلوكياته الكثير وحملت منه وأنجبت طفلة جميلة ولكنه عاد مرة أخرى إلى
استهتاره وفشلت في إصلاحه...
ارتبط زوجي بأصدقاء السوء وصار يتغيب عن المنزل لفترات طويلة .. كنت أنظر
لطفلتي وأحدث نفسي : مالعمل عندما تكبر ووالدها بهذه الحالة السيئة ..
استهتاره وإهمال وعدم اكتراث ..!! وماذا أفعل عندما أقرر الخلاص وأربي
ابنتي بعيدا عنه وكيف تعيش ابنتي في هذا الجو الفارغ من الوئام الأسري ؟!
لجأت إلى أهله وطلبت وساطتهم ونصحه وإرشاده ولكن فشلت ايضا كل محاولاتهم بل
تمادى في سهراته الخارجية وغيابة عن المنزل والأسوء من ذلك أنه نقل مقر
السهرات الفاسدة إلى منزلنا فأصبحت في موقف لا أحسد عليه وعندما عجزت عن
مقاومة هذا الوضع السئ لزوجي قررت الانفصال عنه قبل أن أدخل وطفلتي عالمه
المميت..
فالفتاة
التي تقع في هذا الوهم ترفض الزواج في وقته إما انتظارا للحبيب الموهوم
الذي غالبا لا يأتي وإما خوفا من الفضيحة إن كانت قد فرطت في عرضها ولا
يخفى مافي ذلك من الآثار السيئة على المجتمع.
تقول إحداهن: أنا فتاة جامعية (!) أحببت شابا بكل معنى الكلمة(!) واخترته
حبيبا لقلبي ورفيقا لدربي (!) وبموافقة ومباركة الأهل (!!!!) وفيما كنا
نقوم بالاستعداد للزوج فوجئنا باعتراضات رسمية وعقبات وهمية حالت دون إتمام
فرحتنا ولكننا لم نستسلم فحاولنا التغلب عليها وضحينا بالكثير دون جدوى
ولم نفقد الأمل رغم وصولنا إلى طريق مسدود (!)
واستمرت اللقاءات والاتصالات فيما بيننا(!) وفي ذات يوم نسينا أنفسنا في
غمرة الحب (!!) فكان الشيطان ثالثنا .ومن هنا بدأت المشكلة أو المأساة
الكبرى فبدلا من تصحيح غلطته أو غلطتنا فوجئت به يتهمني زورا وظلما بأبشع
التهم ويزعم ويدعي بأني لم أكن عذراء .. وأتخذ من ذلك حيلة للتهرب من
المسؤولية وتصحيح غلطة فضيعة ارتكبناها في لحظه طيش..
كيف يمكن أ، يحدث لي هذا ولم يمسسني أحد – غيره- وقد أقسمت له أني لم أعرف
رجلا قبله ولابعده وبكيت أمامه وتوسلت إليه ألا يتخلى عني فوعدني خيرا وعاد
يؤكد حبه لي (!) وكثرت اللقاءات بيننا فكنت أحرص خلالها على عدم إغضابه
وكان هو الآمر والناهي والقاضي والجلاد ثم بدأ يتهرب مني وينتحل الأعذار
وأخيرا طال غيابه وانقطعت أخباره فأدركت أنني كنت الجانية على شرفي والضحية
وأنني حكمت على نفسي بالإعدام...
لقد صبرت وانتظرت بما فيه الكفاية ورفضت عشرات الشبان خوفا من افتضاح أمري فتكون نهايتي ...
ويقول أحد الشباب :
أنا شاب في المرحلة الجامعية (!) تعرفت على فتاة تكبرني قليلا وأحببتها (!)
ومضى على حبنا عشر سنوات (!!!) قبل ثلاث سنوات فكرت بأن نعزز هذا الحب
بالزواج وفعلا كلمت إخوتي فلم يعارضوا ولكن لمشكلة أن أحد إخوتي كان قد
تقدم لأختها التي أكبر منها فرفضت أمها فوجدت حلا وهو أن الفتاة تكلم أمها
ففعلت لكن أمها رفضت وبأعلى صوتها وقالت بصريح العبارة : لن أزوجك ابدا
فاترك الفتاة وشأنها ..
لقد تقدم لهذه الفتاة ناس كثيرون ولكنها ترفض وبشدة وهكذا عي حياتي وحياتها فما الحل ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد..
ففي زمن من الأزمان أراد أعداء الاسلام غزو بلاد المسلمين فأرسلوا عينا لهم
( أي جاسوسا ) يستطلع لهم أحوال المسلمين ويتحسس أخبارهم وبينما هو يسير
في حي من أحياء المسلمين رأى غلامين في أيديهما النبل والسهام وأحدهما قاعد
يبكي فدنا منه وسأله عن سبب بكائه فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء : (( إني
قد أخطأت الهدف .. )) ثم عاد إلى بكائه .. فقال له العين : لابأس خذ سهما
آخر وأصب الهدف ! فقال الغلام بلهجة غاضبة : (( ولكن العدو لا ينتظرني حتى
آخذ سهما آخر وأصيب الهدف ))
فعاد الرجل إلى قومه وأخبرهم بما رأى فعلموا أن الوقت غير مناسب لغزو المسلمين ...
ثم مضت السنون وتغيرت الأحوال وأراد الأعداء غزو المسلمين فأرسلوا عينا
يستطلع لهم الأخبار وحين دخل بلاد المسلمين رأى شابا في العشرين من عمره في
هيئة غريبة قاعدا يبكي فدنا منه وسأله عن سبب بكائه فرفع رأسه وقال مجيبا
بصوت يتقطع ألما وحسرة : (( إن حبيبته التي منحها مهجة قلبه وثمرة فؤاده قد
هجرته إلى الأبد وأحبت غيره )) ثم عاد إلى بكائه ...!!!
وعاد الرجل إلى قومه يفرك يديه سرورا مبشرا لهم بالنصر إن قوة الأمة وضعفها
يكمن في مدى تماسكها بكتاب الله وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ولعل أفضل
واقع يترجم ذلك : اهتمامات شبابها وفتيانها- ذكورا أو إناثا- كما قال
الشاعر :
وينشأ ناشئ الفتيان منا ,,,, على ماكان عوده أبوه
ولما كان الحب أصل كل فعل ومبدأ وأصل حركة كل متحرك وكان محله القلب الذي
هو أصل صلاح المرء وفساده كان أمره في غاية الخطورة وكان جديرا بالعناية
والبيان والتوضيح ....
فأقول – وبالله التوفيق - : إن الحب أنواع :
فمنه ماهو واجب كحب الله ورسوله وما يندرج تحت ذلك من الحب في الله ولله.
ومنه ماهو جائز ومباح وهو مايكون بمقتضى الطبيعة والجبلة كحب الوالدين
والزوجة والأولاد والعشيرة والوطن ونحو ذلك وهذا النوع له حد متى ماتجاوزه
كان محرما ومثال ذلك قول أحد الشعراء مخاطبا وطنه :
ويا وطني لقيتك بعد يأس ,,, كأني قد لقيت بك الشبابا
أدير إليك قبل البيت وجهي ,,, إذا فهت الشهادة والمتابا
فالشاعر هنا قد جعل الوطن قبلته الأولى التي يدير إليها وجهه إذا نطق
بالشهادة قبل القبلة التي جعلها الله لعباده المسلمين ولا شك أن ذلك من
الضلال الواضح و الطغيان المبين .
ومنه ماهو محرم وهو الحب مع الله كم قال تعالى : ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ))
هذا نوع من الشرك يسمى: شرك المحبة وهو درجات بحسب مايقوم بقلب الصاحب من
التعلق بالمحبوب ومحبته من دون الله وهذا النوع هو الذي أردت الحديث عنه في
هذا الكتاب وهو مايمكن أن نسميه بـ ( حب الأفلام والمسلسلات والمجلات
الهابطة ) الذي نشأ عليه الصغير وهرم عليه الكبير إلا من رحم الله عز وجل
حتى إن بعض مايسمى بالمسلسلات الدينية التي يمثل فيها الصحابة رضي الله
عنهم لم يسلم من إقحام هذا النوع من الحب فيها .
ولقد كنت منذ زمن أتابع ماينشر حول هذا الموضوع في بعض الصحف والمجلات
إضافة إلى مايصلني من رسائل واتصالات وما أسمعه من قصص وحكايات وعند تأمل
ذلك كله تبين لي كثرة الأضرار المترتبة على هذا الوهم وآثاره السيئة على
الفرد والمجتمع فرأيت جمعها ودراستها في هذا المؤلف ليكون بمثابة صيحة
إنذار للغافلين والغافلات واللاهين واللاهيات سواء من الشباب أو الشابات أو
الآباء والأمهات وقد حرصت أن يكون بأسلوب سهل وعبارت واضحة لاسيما وأنه
موجه بالدرجة الأولى لفئة المراهقين والشباب لاسيما الذين تتراوح اعمارهم
مابين ( 12- 20 ) سنة لأنهم هم الضحية في الغالب كما حرصت على الاستشهاد في
كل ما أذكره بقصص من ابتلي بهذا البلاء وأقوالهم واعترافاتهم كما صرحوا
بها ليكون ذلك أدعى للردع والزجر علما بأن أكثر هذه القصص يتضمن مخالفات
شرعية كثيرة من اختلاط وخلوة وقلة حياء وغير ذلك مما لايخفى على مسلم وقد
علقت على بعضها واكتفيت في بعضها بوضع علامة تعجب وتركت الباقي لفطنة
القارئ والله تعالى هو ولي التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.
تمهيد
إن المتأمل في
نصوص الشرع المطهر يجد أنها قد حرمت كل مافيه ضرر على الإنسان في دينه
ودنياه قال تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (( ِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ)))وقال رسول اله صلى الله عليه وسلم : (( لاضرر ولاضرار )) فالمسلم منهي عن فعل مايضره مما لم يأذن به الله.
ونحن إذا تأملنا هذا الحب- الذي نحن بصدد الحديث عنه- فإننا سنجد أنه يكاد
يكون ضررا محضا لانفع فيه سوى مجرد أحلام و أوهام ومتعة قصيرة زائلة يعقبها
هم وغم وآلام لاتنقطع وذل لايفارق صاحبه إلا أن يتدركه الله برحمة منه كما
قال الشاعر :
مساكين أهل الحب حتى قبورهم ,,, عليها غبار الذل بين المقابر
وكل كائن حي مفطور على حب ماينفعه واجتناب مايؤذيه ويضره إلا أن الإنسان
على وجه الخصوص – على الرغم من تكريم الله له بنعمة العقل- حين يغلبه هواه
تنطمس فطرته وتعمى بصيرته فيترك ماينفعه ويلهث في البحث عما يضره فينحط
بذلك عن مستوى البهيمة وهذا هو حال المخدوعين بوهم الحب نسأل الله السلامة
والعافية .
من قال أن هذا الحب وهم
لست
أنا الذي قال ذلك وإنما هم أهل الحب أنفسهم الذين جربوه واكتووا بناره
وعذابه هم الذين قالوا ذلك وإليك شيئا من أقولهم واعترافاتهم :
تقول أحداهن :
(( أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري تعرفت على شاب أثناء دراستي
الجامعية (!) كانت الظروف (!) كلها تدعونا لكي نكون معا رغم أنه ليس من
بلدي تفاهمنا منذ الوهلة الأولى ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بحيث أصبحنا
لانطيق فراقا (!) وبعد انتهاء الدراسة عاد إلى بلده وعدت إلى أسرتي واستمر
اتصالنا عبر الهاتف والرسائل ووعدني بأنه سيأتي لطلب يدي عندما يحصل على
عمل وبالطبع وعدته بالانتظار لم أفكر أبدا بالتخلي عنه رغم توفر فرص كثيرة
لبدء حياة جديدة مع آخر !!
عندما حصل على عمل اتصل بي ليخبرني أنه آت لطلب يدي وفاتحت أهلي بالموضوع
وأنا خائفة من رفضهم ولكنهم لم يرفضوا (!) سألني أبي فقط إن كان أحد من
أهله سيأتي معه ولما سألته عن ذلك تغير صوته وقال : إنه قادم في زيارة
مبدئية .. شئ ما بداخلي أقنعني بأنه لم يكن صادقا .. وأتى بالفعل وليته لم
يأتي لأنه عاد إلى بلده وانقطعت اتصالاته وكلما اتصلت به تهرب مني إلى أن
كتبت له خطابا وطلبت منه تفسيرا وجاءني الرد الذي صدمني قال : لم أعد أحبك
ولا أعرف كيف تغير شعوري نحوك ولذلك أريد إنهاء العلاقة .... !!!!
أدركت كم كنت مغفلة وساذجة لأنني تعلقت بالوهم ست سنوات .. ماذا أقول
لأهلي ؟ أشعر بوحدة قاتلة وليست لدي رغبة في عمل أي شئ ... إلى آخر ماذكرت
.. فتأملوا قولها : تعلقت بالوهم ست سنين (( فهو الشاهد ))
وتقول أخرى :
إنني فتاة في العشرين لم أكن أؤمن بشئ أسمه الحب ومازلت ولا أثق مطلقا بأي
شاب بل كثيرا ماكنت أنصح صديقاتي وأحذرهن من فخاخ الحب الزائف الذي لم
أستطع أن أمنع نفسي من الوقوع فيه .. نعم وقعت فيه ...
كان ذلك في مكان عام .. شاب يلاحقني بنظراته ويحاول أن يعطيني رقم هاتفه
فخفق قلبي له بشدة وشعرت بانجذاب إليه (!) وأنه الفارس الذي ارتسمت صورته
في خيالي ورأيته في أحلامي .. وكأنه لاحظ مدى خجلي وترددي فأعطى الرقم
لصديقتي وأخذته منها والدنيا لاتكاد تسعني واتصلت به وتعارفنا (!) وتحدثنا
طويلا (!) .. فكان مهذبا جدا وكنت صريحة وصادقة معه ..
وشيئا فشيئا صارحني بحبه (!) وطلب مني الخروج معه .. رفضت بالبداية وأفهمته
إني لست مستعده لفقد ثقة أهلي والتنازل عن مبادئي وأخلاقي التي تمنعني من
تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسي .. ولكنه استطاع إقناعي ويبدو أن الحب
أعماني فلم أميز الصح من الخطأ .. وخرجت معه فكانت المره الأولى في حياتي
وصارحته برأيي فيه وفي أمثاله من الشباب فلم يعجبه كلامي وسخر مني بل
أتهمني بتمثيل دور الفتاة الشريفة وأشبعني تجريحا وكان اللقاء الأول
والأخير فقد قررت التضحية بحبي لأجل كرامتي ولكنه احتفظ بكتاب يتضمن اشعارا
ومذكرات لي كتبتها بخطي ووقعتها بأسمي وقدد رفض إعادتها لي ....
وتقول ثالثة في خاطرة لها :
الأحلام تبقى أمامي والأوهام تنبت في قلبي والكلمات التي اخترتها لاتكتب
لكنها توجد في فكري وأحاسيسي حكاية فيها كل المعاناة التي أعيشها اليوم منذ
أن افتقدت الثقة ومنذ أن أصبح الحب وهما ومأساة أهرب منها أو اتجاهلها ..
الحب – ياحبيبتي – لا يعترف بالحذر أو الخوف منه فإما أن تطرق أبواب الحب
وتوهم نفسك أنك تحب وإما أن تهرب منه أو تتجاهله .. ففي هذه العبارات تصريح
واضح بأن هذا الحب ماهو إلا وهم ومأساة.
وفيما يأتي من اعترافات(( المحبين )) مزيد تأكيد لذلك
هل نحن بحاجة إلى هذا الحب؟؟
إن من المؤسف جدا أن الكثير من وسائل الإعلام بما تبثه من أفلام ومسلسلات
وقصص وأشعار .. توحي إلى كل فتى وفتاة بأن هذا الحب أمر ضروري في حياة كل
إنسان وأن الفتاة التي لاتتخذ لها خدينا وعشيقا هي فتاة شاذة وغير ناضجة
ولا واعية ممايدفعها عن البحث إلى (( حبيب )) (!) بأي ثمن ولو على حساب
حيائها وعفتها وكرامتها وطهارتها وحين تعجز الفتاة عن ذلك لغلبة الحياء أو
الأمور أخرى فإنها تشك في نفسها وتعد ذلك مشكلة تحتاج إلى حل وقد كتبت
إحداهن إلى إحدى المجلات الساقطة رسالة تقول فيها :
سيدتي .. لا أريد الإطالة ولذا سأطرح مشكلتي باختصار عمري 18 عاما مشكلتي
لا أعرف كيف أتعامل مع الرجال أتهرب دائما من الكلام معهم حتى إذا شعرت
بميل نحو أحدهم إذا تقرب إلي كرهته خوفا منه ولم أجرب علاقة حب أبدا . بم
تفسرين هذه الحالة لقد كتبت لك بعد كثير من التردد ...
فأجابت المحررة (!) ما أدراك ما المحررة- بأن هذا الخوف مبالغ فيه وأن هذا
الحياء غير مبرر وهو يدل على عدم النضوج العاطفي والفكري ...إلى آخر ماذكرت
...
غنها حرب شعواء على العفة والفضيلة والحياء حرب يقف خلفها إما مغرضون
حاقدون يريدون هدم الدين وتقويض دعائمه وإما ماديون منتفعون شهوانيون همهم
إخراج المرأة بأي وسيلة ليستمتعوا بها كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا دون قيد أو
ضابط ولكن خابوا وخسروا فإن الفتاة المسلمة اليوم بدأت تعي وتدرك مايحاك
ضدها من مؤامرات ومخططات ولا أدل على ذلك من عودة انتشار الحجاب الإسلامي
من جديد بعد زمن التعري والتبرج والسفور وهذا لايعني عدم وجود مغفلين
ومغفلات لازلن يلهثن خلف الوهم فاحذري أختي المسلمة أن تكوني منهن .
ولندخل الآن في صلب الموضوع وهو أضرار الحب المذكور فما هي الأضرار النترتبة على هذا الوهم المسمى بـ ( الحب ) ؟
الأضرار كثيرة ويمكن تصنيفها إلى مايلي :
أولا : الأضرار الدينية
ثانيا : الأضرار النفسية
ثالثا: الأضرار الصحية
رابعا: الأضرار الاجتماعية
خامسا: الأضرار الأدبية
سادسا: الأضرار المادية
وسأعرض لكل واحد منها - إن شاء الله- بالتفصيل.
أولا : الأضرار الدينية
أعظمها وأخطرها:
1) الوقوع في الشرك الذي حرمه الله عز وجل وحذر منه وجعله حائلا بين المرء ودخوله إلى الجنة كما قال سبحانه : ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ )) وقال الله تعالى : ((إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) وقال تعالى : ((وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيق)) .
ومن قول الشاعر :
لاتدعني إلا بـ ( ياعبدها ) ,,,, فإنه أشرف أسمائي
فهذا
تصريح منه بالشرك وعبادة غير الله! وهذا هو لسان حال الكثير ممن ابتلوا
بهذا الوهم وإن لم يصرحوا به بلسان المقال بل قد صرح به بعضهم فهذا أحدهم
يقول في مجلة مشهورة:
ماتعشقت غير حبك دينا ,,, وسوى الله ماعبدت سواكِ
وأقبح مايقول أحدهم في أغنية مشهوره : الحب ديني ومذهبي
نعوذ بالله من الخذلان .
ويقول أحدهم:
ياحبيبتي .. يا أحلى اسم نطقه لساني منذ ولادتي .. يا أجمل ما رأت عيناي
منذ أن ابصرت النور .. ويا أحلى رمز كتبته مع رمز اسمي ( ....) وسيكون كذلك
للأبد شاءت الظروف أم لم تشأ .. وأقول لك : إني أحبك حتى الموت ولن ينسيني
إياك إلا الموت وحده مهما حصل (!) .. فإذا كان لي حياة سأحياها فإن هواءها
أنت وبلسمها وعطرها أنت .(!) وإذا كان لي قلب فنبضه هو أنت .. (!) وإن كان
لي بصر فعيناي أنت وإذا كان لي سعادة فسعادتي ابتسامة محياك البريئة (!)
حبيبتي لم ولن أتخيل نفسي وحيدا بدونك كماهي حالك أنت بالتأكيد فالحياة من
غيرك أصبحت بلا طعم ولا هواء تلاشت فائدتها وانعدمت أهميتها وتساوت مع
الممات (!) ولكن ماعساي أن أفعل وقد كتبت لنا قدرنا أن نفترق ...
فهو يحبها حتى الموت – كما يقول- ولن ينساها ابدا مهما حصل وهي هواؤه
وبلسمه بل هي نبض قلبه ودمه وهي بصر عينيه إلى ما آخر ماذكر وهذا يذكرني
بالحديث القدسي الذي يقول الله تعالى فيه : (( ... ومايزال عبدي يتقرب إلي البنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ...)) وهذا قد جعل حبيبه بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به كما يقول وصدق الله حين قال ..: ((يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ))
نعوذ بالله من الخذلان ...
وتقول إحداهن في مجلة مشهورة أيضا :
حين اناجيك بليلي في شبه صلاة ..
حين لايكون لي بدونك أمل نجاة
حين يجمعنا هوى أصدق من الصلوات (!) ...
فنعوذ بالله من هوى هو أصدق من الصلوات وما أحلم رب السموات والأرض
وتقول أخرى :
نداء لك أيها الغائب ...
ألا يكفي هذا الغياب ؟
فو الله أراك معي دائما ..
ففي النهار شمسي أنت وفي الليل قمري...
والله أنت الدنيا ومابعدها ..
فخبرني يازمان بحق دنياك .. بحق السماء والنجوم ...
عن الغائب الذي لم يعد ...
أرأيتم كيف تعلقت بالوهم بغائب لم يعد ولن يعود وجعلته الدنيا ومابعدها
وشمسها وقمرها ؟! بل هو معها وهو الغائب في كل مكان (!) فبربكم خبروني ماذا
بقى لله عز وجل من الحب والإجلال والتعظيم والمراقبة؟!
والأمثلة على ذلك كثيره لمن تأمل ماينشر بعين البصيرة وفي الأشعار الشعبية
والقصائد النبطية من العبارات الشركية والألفاظ الكفرية أضعاف مافي الفصحى
والعربية فإلى الله المشتكى .
فإن سلم صاحب هذا الحب من الوقوع من الشرك فلن يسلم ا من سخط الله عز وجل
فإن من ابتلى بهذا الوهم لابد أن يقصر في حقوق الله تعالى عليه ويترك بعضها
فيبيت بسخط الله ويصبح في سخط الله ومن أمثلة التقصير في حقوق الله تعالى :
التهاون في الصلاة التي هي عماد الدين واستثقالها وتأخيرها عن وقتها وعدم
الخشوع بها أما تركها بالكلية فهو كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( بين الرجل والكفر ترك الصلاة ))
ومن ذلك : التقصير في حقوق الوالدين وعقوقهم وقد حدثني بعضهم أنه كان يجلس
عند جهاز الهاتف بالساعات حتى غضب والده ورضى الله في رضى الوالدين وسخطه
في سخطهما كما ثبت في الحديث .
ومن الأ ضرار الدينية :
2) التشبه بالكفار وتقليدهم ومحاكاتهم وقد جاء في الحديث : (( من تشبه بقوم فهو منهم ))
وقد عني الكفار بهذا النوع من الحب عناية فائقة كما في المجتمع الغربي
المعاصر حتى اخترعوا له عيدا سموه عيد الحب أو عيد العشاق يحتفلون به كل
عام ويلبسون لباسا خاصا ويقدمون فيه الورود الحمراء .. إلخ وقد سرى ذلك –
وللأسف الشديد – إلى بلاد المسلمين لاسيما ظهور الفضائيات وسمعنا أخبارا
يندي له الجبين من تشبه بعض المسلمين – وبخاصة النساء- بأولئك الكفار
ومشاركتهم في الاحتفال بهذا العيد ومن المعلوم لدى كل مسلم أنه ليس في
الإسلام سوى عيدين اثنين في العام لا ثالث لهما وأنه لايجوز الاحتفال بأي
عيد من الأعياد المبتدعة سواء سمي عيدا أم لم يسم مادام أنه يتكرر كل عام .
فكيف إذا كان عيدا سخيفا لايحتفل به إلا أراذل الناس البطالين الفارغين
فلنفتخر بديننا ولنعتز بعقيدتنا ولا نكن أذنابا تابعين لغيرنا ولنكن كما
قال الشاعر :
قوم هم الأنف والأذناب ,,, فمن بساوى بأنف الناقة الذنبا
ومن الأضرار الدينية:
ومن الأضرار الدينية:
3) الوقوع في
الفاحشة التي حرمها الله عز وجل والتي هي من كبائر الذنوب ومن أسباب سخط
علام الغيوب فكم من فتاة عفيفة شريفة كشفت سوأتها وانتهك عرضها وفتى عفيف
شريف غرق في أوحال الفاحشة وقذارتها باسم الصداقة والحب والأخبار في ذلك
مبكية ومحزنة تتفطر منها القلوب وتقشعر من هولها الأبدان وإن كانت قليلة
-ولله الحمد- إذ أن أي فتاة مسلمة عاقلة تدرك هذا الأمر جيدا وتحسب له ألف
حساب ولكن حين تستحكم الغفلة وتثور العاطفة ويحضر الشيطان وتنسى الفتاة
نفسها في غمرة الهوى فلا تفيق إلا وهي غارقة في مستنقع الرذيلة الآسن ولن
أطيل بذكر القصص في ذلك ويكفي أن أذكر في هذا المقام قصة واحدة فقط لتكون
عبرة لمن أراد أن يعتبر :
وتقول صاحبة القصة :
لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان ( دمعة ندم ) بل اكتبوها بعنوان (
دموع الندم والحسرة ) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوالا .. إنها دموع
كثيرة تجرعت خلالها آلاما عديدة وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما
اقترفته في حق نفسي واهلي .. وقبل هذا وذاك : حق ربي .
إنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة لقد أسأت إلى والدتي وأخوتي وجعلت
أعينهم دوما إلى الأرض لا يستطيعون رفعها خجلا من نظرات الآخرين .
كل ذلك بسببي لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها بسبب الهاتف اللعين .
بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير الذي أغراني بكلامه المعسول فلعب
بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيء. وبالتدريج جعلني أتمادى في
علاقتي معه إلى أسوأ منحدر كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمى بصيرتي عن
الحقيقة وأدى بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة ويفخر به
أبواها عندما يزفانها إلى الشاب الذي يأتي إلى منزلها بالحلال ... لقد أضعت
هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد أن أخذ مني
كل شئ فتركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملا ! .. وآنذاك لم يكن أحد
يعلم بمصيبتي سوى الله سبحانة وتعالى ... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب
مني على عكس ما كان يفعله معي من قبل أن يأخذ مايريد ... لقد مكثت في نار
وعذاب طوال أربعة أشهر ولايعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب
عصياني لربي واقترافي لهذا الذنب ... لأن الحمل أثقل نفسيتي وأتعبها .. كنت
أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي ؟ .. فوالدي رجل
ضعيف يشقى ويكد من أجلنا ولايكاد الراتب يكفيه .. ووالدتي امرأة عفيفة وفرت
كل شئ لي من أجل أن أتم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب.
لقد خيبت ظنها وأسأت إليها إساءة كبيرة لاتغتفر لا زلت أتجرع مرارتها حتى
الآن إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيرا حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد أن
طاردته .. وعندما علم بحملي عرض علي مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي
يتحرك داخل أحشائي .. كدت أجن .. لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما
أفسده .. بل وضعني أمام خيارين : إما ان يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل
للنجاة من الفضيحة والعار ... !
ولما مرت الأيام دون أن يتقدم لخطبتي ذهبت إلى الشرطة لأخبرهم بما حدث من
جانبه وبعد أن بحثوا عنه في كل مكان وجدوه بعد شهرين من بلاغي لأنه أعطاني
اسما غير اسمه الحقيقي .. لكنه في النهاية وقع في أيدي الشرطة واتضح أنه
متزوج ولديه أربعة من الأولاد ووضع في السجن .
وعندما علمت أنه متزوج أدركت كم كنت غبية عندما سرت وراءه كالعمياء ؟!
لقد ظن أنني مازلت تلك الفتاة التي أعماها كذبه فأرسل إلي من سجنه امرأة
تخبرني بأنني إذا أنكرت أمام القاضي أنه أنتهك عرضي فسوف يتزوجني بعد خروجي
من السجن .. لكني رفضت عرضه الرخيص .. والآن أكتب لكم بعد خروجي من سجن
الشرطة إلى سجني الأكبر .. منزلي ..
ها أنا قابعة فيه لا أكلم أحدا ولايراني أحد بسبب تلك الفضيحة التي سببتها
لأسرتي فأهدرت كرامتها ولوثت سمعتها النقبة ... لقد أصبح والدي كالشبح يمشي
متهالكا يكاد يسقط من الإعياء بينما أمي هزيلة ضعيفة تهذي باستمرار وسجنت
نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية كلام الناس ونظراتهم ..
ثم تختم رسالتها بقولها :
إنني من هذه الغربة الكئيبة أرسل إليكم حالي المرير .. إنني أبكي ليلا
ونهارا ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين وأطلب منكم الدعاء لي بأن يتوب
الله علي ويخفف من آلامي.
فعل بعد هذه العبرة من عبرة وهل بعد هذه العبرات من عبرات إلا لمن كتب عليه الشقاء .. عياذا بالله .
ومن الأضرار الدينية:
4) ضغف الأمة وتقهقرها وتسلط عليها الأعداء :
فما فشا هذا الوهم في أمة إلا قضى عليها وحطم رجولة شبابها وسلط عليها الأعداء وماذا يرجى من أمة قد غرق شبابها ونساؤها في الأوهام ؟
في العصر الجاهلي قبل بزوق فجر الإسلام كان لا يسمع إلا صوت قيس وهو يغني
على ليلاه فلما بزغ فجر الإسلام وأكرم الله هذه الأمة بنبي الرحمة محمد صلى
الله عليه وسلم انقطع هذا الصوت ولم يسمع إلا صوت الحق وهو يدعو إلى العزة
والكرامة وجنة عرضها السموات والأرض حتى إن الشباب – بل حتى الأطفال –
كانوا يتسابقون إلى ساحات الجهاد طمعا في نيل الشهادة .
ولما ضعف المسلمون وتخلوا عن دينهم – إلا من رحم الله عز وجل – عاد ذلك
الصوت النشاز يجلجل في الآفاق ولم يعد قيسا واحدا بل آلاف (( الأقياس)) ولا
ليلى واحدة بل آلاف (( الليالي )) وإذا أردتم البرهان والدليل فاستمعوا
إلى ماينعق به المغنون عبر موجات الأثير: كل يغني على ليلاه – كما يقال
وينوح على حبيبه ... ولذا انتشار هذا الوهم بين شباب الأمة وفتياتها دليلا
على ضعف الأمة وانحطاطها وتخلفها وقد ظهرت في الآونة الأخيرة بوادر يقظة
وانتباه لعلها تكون إرهاصات لعودة الأمة إلى سابق عزها ومجدها بل هي كذلك
إن شاء الله .
ثانيا : الأضرار النفسية
فإن لهذا الحب المزعوم أضرار نفسية بالغة الأثر قد تنتهي بصاحبها إلى الجنون فمن ذلك :
1) فقدان الثقة بالنفس..
تقول أحداهن : أكتب مشكلتي لعلي أجد الحل الذي يريحني ويعيد النوم إلى
جفوني والراحة إلى نفسي .. والتي لم أذقها منذ أن تعرفت عليه عن طريق
الهاتف (!) حينما طلبت إحدى صديقاتي ورد علي أخوها وجذبني إليه رقة حديثه
بعده وجدت نفسي مشدودة للتفكير فيه والتعلق به وتكرر الاتصال وتعمدت أختيار
الأوقات التي لاتكون صديقتي موجودة فيها .. وتواعدنا على الزواج.
وفجأة .. لاحظت تهربه من الحديث معي وانقطعت اتصالاته بي .. حاولت بأسلوب غيرمباشر للتعرف على أسباب هذا التحول دون فائدة .
وأخيرا وبطريق الصدفة أخبرتني صديقتي أن أخاها قد وقع أختياره على إحدى القريبات وسيتم زفافهما قريبا..
أصابتني دهشة أفقدتني توازني وقدرتي على الرد عليه .. وبعدها فقدت الثقة في
نفسي وفي كل من حولي .. تقدم لي الكثيرون ولكنني أرفضهم جميعا دون أي مبرر
...
العمر تقدم بي ولكني عاجزه عن نسيان هذا الجرح القديم الذي تمكن مني لدرجة
كبيرة بدأت تثير شكوك أهلي تجاهي ولا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه ...
إنها لاتزال متعلقه بالوهم على الرغم من أن الأمر قد انتهى ...
2) الأكتئاب النفسي:
يقول
أحد الشباب : أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة ولظروف عملي فإني أسكن بعيدا
عن زوجتي وأطفالي مسافة 200 كلم وأسافر لزوجتي يومين في الأسبوع وأحيانا
يوما واحدا كنت أحب زرجتي كثيرا وكانت هي كذلك إلا أن ضعف مرتبي وحال بيني
وبين إحضارها للإقامة عندي ..
وفي ليلة من الليالي اتصلف فتاة (!) تريد التعرف بي فرفضت ذلك وأفهمتها
بأني متزوج ولدي أطفال وقمت بإقفال السماعة في وجها وماكان منها إلا أن
أصرت على محادثتي والتعرف علي ومن تلك اللحظة أصابني صداع لم يفارقني تللك
الليلة وفي التالي اتصلت بي فرد عليها أحد زملائي فلم تكلمه ثم رد عليها
الثاني والثالث فلم ترد إلا أنا وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلت ولم يكن
غيري فرفعت السماعة وزين لي الشيطان محادثتها وتعرفت عليها ويا ليتني لم
أفعل فلقد زلزلت كياني وزرعت طريقي اشواكا بل لقد فرقتني عن زوجتي وابنائي
فلم يعد لهم في قلبي من الحب مثل ماكان قبل ذلك كان فكري في ذلك الشيطان
الذي تمثل لي على صورة تلك الفتاة فقدت أعصابي مع زوجتي وأولادي أثور عليهم
لأدني سب بسبب تلك الفتاة التي زرعت المرض والخوف في أعماقي .. حاولت أن
أقاطعها فلم أقدر.. كانت تلعب بأعصابي كثيرا .. نسيت حتى عملي من كثرة
السهر ومع ذلك أصابني الأكتئاب النفسي وذهبت إلى عيادة الأمراض النفسية
وأعطوني أقراصا فلم ينفع معي أي علاج ...
3) فقدان الأمن والراحة والخوف من الفضيحة:
وذلك
أن أدعياء الحب يقومون – في الغالب- بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تتم
بينهم وبين الفتيات ضحايا الحب وقد يطلبون منهن صورا باسم الحب فيحتفظون
بها مع الرسائل الوردية المعطرة التي تبعثها الفتيات ضحايا إليهم فإذا ما
استعصت الفتاة عليهم وأبت الخروج معهم قتموا يهددونها بتلك الصور والرسائل
وبصوتها في الهاتف وهنا يسقط في يد الفتاة وتعيش في وضع مأساوي سئ وقد
تستجيب لمطالبهم خوفا من الفضيحة ! فتبوء بالإثم في الدنيا والفضيحة الكبرى
في الآخره ومافيها من العذاب الأليم .
وتقول إحداهن – وقد كتبت لي مشكلتها بنفسها - :
مشكلتي هي مشكلة بعض البنات هذه الأيام في جو غابت فيه مراقبة الأهل ووجد
فيه الفراغ وصديقات السوء وأفلام خليعة وأغان وطرب ومجون .. في هذه الأجواء
الملوثة وفي هذه الفترة من الزمن – والتي هي علي الآن كالحديد الحامي الذي
يلسعني كل لحظه – تعرفت على ذئب قذر وقد طالت فترة تعارفنا إلى سنة
تبادلنا خلالها الصور (!) أعطيته كل ماعندي من وقت وتفكير بل ومساعدات
مالية كان قذرا وكنت أقذر منه ! .. طلب مني كل شئ باسم الحب وبذلت له كل شئ
وبعدها التحقت بالجامعة وأقمت في سكن الطالبات ويا سبحان الله وجدت فتيات
قمة في الالتزام وفي الطهر والعفاف قمة في عمل الخير والصلاح ! عجبت بهن
أحببني بإخلاص وأخذن يتقربن إلي فتعلمت منهن الصلاة والدين وشعرت بالإيمان
يسري في أوصالي ولكن ماذا أفعل وهذا الذئب يطاردني في كل مكان حتى هنا في
السكن فيتصل بي يوميا على أنه أخي الذي يريد أن يطمئن علي !!! والمشرفة
المسكينة قد صدقت هذه الكذبة فكانت تلح علي لمكالمتة فكنت أكلمه وأنا كارهه
له وفي الوقت نفسه خائفة منه إلى أن عزمت على التوبة النصوح وتبت إلى الله
عز وجل وحولت إلى دراسة العلم الشرعي بعد أن كنت في كلية علمية المشكلة
أنه لازال يطاردني ويطلب مني الخروج (!) ويهددني بكل مالديه من أدلة
وبراهين من صور ومكالمات قد سجلها علي والأدهى من ذلك أنه يتصل على منزلنا
حيث يقيم أخي الأصغر وأخاف عليه من الذئب أخاف عليه من الغيرة التي ستقتله
غما إذا علم بالأمر ومن ... ومن ... ومن أخته التي طالما أحبها واعتبرها
قدوة له في الجد والمذاكرة ..
إلى آخر ماجاء في رسالتها وهي طويلة جدا اختصرتها في هذه الأسطر ...
وإني بهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة إلى كل فتاة ابتليت بمثل هذا الأمر
فأقول : إن الخطأ لايمكن تصحيحه بخطأ آخر فإذا كنت قد أخطأت أولا بإقامة
علاقة محرمة مع هذا الذئب وأعطيتيه صورك ورسائلك وصار يهددك بها فلا تتبعي
هذا الخطأ بخطأ أكبر منه وهو استجابتك له تلبية مطالبه الآثمة فإنه أقل
وأذل من أن يقوم بتنفيذها إذ هو شريك لك في الفضيحة وحتى لو أقدم على
تنفيذها فإنك مادمت قد حافظت على شرفك وعرضك وتبت إلى الله توبة نصوحا فإن
ذلك لن يضرك شيئا وسيكون هو المتضرر الأكبر وبإمكانك التعاون مع رجال
الحسبة (( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )) للإقاع به أو كف شره
بأسلوب حكيم لاينالك منه ضرر ولكثير منهم خبرة في هذا المال وهذا أمر يسير
جدا .. ثم إن الفتاة إذا تابت إلى الله توبه نصوحا وصدقت في توبتها جعل
الله لها مخرجا وأسوق لك هذه القصة لتعلمي أن الله لايتخلى عن عباده
المؤمنين :
تقول صاحبة القصة:
كنت جالسة في المنزل عندما رن جرس الهاتف فنهضت ورفعت السماعة فإذا برجل
يطلب له صاحبا قلت له : إن الرقم خطأ وألنت له صوتي فإذا به يتصل مرة ثانية
وأكلمه حتى قال أنه يحبني (!) ولايستطيع الاستغناء عني وأن نيته سليمة (!)
فصدقته وذهبت معه وأخذنا صورا عديدة (!!!!) وبعد أربع سنوات مكثتها معه إذ
به يقول : إذا لم تمكنيني من نفسك فسأفضحك وأقدم الصور لأهلك فرفضت بشدة
وابتعدت عنه وأصبحت أرفض محادثته في الهاتف أو مقابلته ويقدر الله عز وجل
أن يخطبني صاحب أبي وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل وقال لي : إن تزوجت
من هذا الرجل فسأفضحك عنده !! فأصبحت في حيرة من أمري وتوجهت إلى الله عز
وجل أدعوه بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل وبعد زواجي بيومين علمت أنه أراد
الذهاب إلى زوجي ومعه صور وفي طريقه إلى مقر عمل زوجي توفي في حادث سيارة
واحترقت الصور معه ...
ففي هذه القصة عبره وعظة لكل شاب وفتاة.
4) الفشل الدراسي:
وهذا
هو الغالب على من ابتلى بهذا البلاء لانشغال فكره وقلبه بـ ( المحبوب)
ولكثرة السهر وضياع الأوقات الطويلة في مكالمات تافهة ورخيصة لاتترك وقتا
للمذاكرة والمثابرة ..
تقول أحداهن:
أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري متفوقة في دراستي أحببت أحد المشاهير
بشكل جنوني تملأ صوره الكبيرة وأدس صوره الصغيرة في كل كتبي وأحلم دائما
بلقائه وأثور إذا تحدثت عنه زميلاتي .. بدأ مستواي الدراسي في الانحدار وفي
نفس الوقت لا أستطيع التغلب على مشاعري وأشعر بأنني وحدي في مشكلة تهدد
مستقبلي ولا أستطيع مصارحة أحد بها ...
5) انتظار من لا يأتي
وما أطول ساعات الانتظار – بل حتى لحظاته- وما أشدها على النفس فكيف إذا امتدت إلى شهور وأعوام!
تقول إحدى الفتيات- وهي من ضحايا هذا الوهم- :
من خلال حديث أخي عن صديقة الملتزم أحببته شعرت بمشاعر الحب تسيطر علي
تجاهه ولأني فتاة مسلمة ملتزمة بأمور ديني نجحت في التمسك بالفضيلة
والامتناع عن أي سلوك يمكن أن يظهر مشاعري تجاهه وطللت على هذا الحال لمدة
أربع سنوات رفضت كل من يتقدم إلي من أجل هذا الحب ! وبانتظار لذلك الشاب
الذي لايعلم بمشاعري نحوه! والآن أنتظر وأعيش حالة نفسية سيئة من جراء هذا
الانتظار ... انتظار من لايأتي ..!!!
ومن أعجب ما وقفت عليه في هذا الومضوع ماذكره أحد الأخصائيين في مؤتمر عقده
مؤخرا أنه شاهد حالة غريبة لفتاة في العشرين من عمرها نمت لها لحية بسبب
إخفاقها في الحب (!) حيث أحدثت هذه الصدمة اضطرابا في إفراز الهرمونات مما
أدى إلى نمو لحيتها ...
وقد سئل أحد الأطباء النفسانين – ضمن تحقيق أجراه بعض الصحفيين - : هل من الممكن أن يكون للحب مجانين في نهاية القرن العشرين ؟؟
فأجاب : هذا سؤال طريف ولكنه على طرافته سؤال مطروح في كل زمان ومكان ففي
عصرنا الحالي الموصوف بأنه عصر المادية يمكن أن تؤدي صدمة العاطفية إلى
العيادة النفسية ولقد عرضت علي حالات مرضية كثيرة كان الحب هو السبب الرئيس
لها والعامل الأكثر تأثيرا فيها ..
وقد قام بعض الصحفيين لإحدى المصحات النفسية ووقفوا على بعض الحالات من
ضحايا الحب الموهوم منها حالة الشاب ( ط. أ ) التي كانت ابنة عمه عي السبب
في تدهور عقله ووصوله إلى حافة الجنون ولما سئل طبيبه المعالج عن سبب وصوله
إلى تلك الحالة أجاب بأنها قصة طويلة ومعقدة خلاصتها أن هذا الشاب أحب
ابنه عمه الذي كان على خلاف مع أخيه والد هذا الشاب وكانت الفتاة على علم
بهذا الخلاف فأرادت الإنتقام لأبيها في شخص ابن عمها فأوهمته بحبها له حتى
إذا جاء اليوم الموعود للزواج رفضته وتزوجت بغيره فصدم هذا الشاب ووقع فيما
يشبه الفصام العصبي ...
هذه بعض الأضرار النفسية لوهم الحب وهي قليل من كثير ومن تأملها وجدها مصداقا لقوله تعالى : ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )) أي : عيشة ضيقة نكدة وهي مايصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والآلام والأمراض النفسية وغيرها .. والله تعالى أعلم
ثالثا: الأضرار الصحية
وهي التي تصيب البدن بخلاف الأضرار النفسية التي تصيب الروح مع سلامة البدن
وقد يكون الضرر النفسي سببا لوقوع الضرر البدني كما هو الحال في وهم الحب .
تروي إحدى الفتيات تقول : (( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي
تخبرني فيه بأن صديقة لنا في غرفة العناية المركزة بالمستشفى فهرعت إليها
وأنا لا اعلم ما السبب وحينما وصلت إليها وجدتها ممدة على السرير دون حراك
وقد أصابتها حالة تشنج عنيفة تركت بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها وعي جميع
أجزاء وجها وعندما سألت شقيقتها عن السبب أخذتني بعيدا عن والدتها المنهارة
وقالت لي : لقد اكتشفت أن خالدا متزوج ولدية ولد !!!!
أما عن خالد هذا فهو شاب قد تعرفت عليه عن طريق الهاتف ! وعدها بالزواج وها
هي تدخل المستشفى من أجله ولو علم هذان الأبوان النهاران أمام غرفة
ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها بدلا من أن يبكيا عليها !
وأغرب من ذلك مانشر في بعض الصحف من قصة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي
تفتح دولاب ملابسها بعد أن عادت إلي بيتها بشاب يخرج من ذلك الدولاب
فتعالت صرخاتها مستغيثة بالجيران وقد حاول الشاب اقناعها بأنه جاء لخطبة
ابنتها التي تربطه بها علاقة حب (!) ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة
وكانت المفاجأة أن سقط ميتا بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في
أغرب حادث حب غرامي مجنون ...
وقد سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحب قبل الزواج فأجاب : الحب هو
اتحاد شديد العمق يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم
وقد تستمر حتى الموت وقد تنتهي بتغير الشخصية تماما وتحولها كما يتحول
الراديوم بعد تفجر الإشعاع إلى رصاص أما الحب بعد الزواج فهم الحب الحقيقي
الذي ينمو ويعيش ويتحدى النسيان ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله
رابعا : الأضرار الاجتماعية
وهي كثيرة جدا من أخطرها :
1) انتشار الفساد في المجتمع وشيوع الفاحشة فيه ..
فكم من عفيفة حرة صارت باسم الحب من البغايا وعفيف صار به عبدا للصبيان
والصبايا ..! ويحضرني في هذا المقام قصة فتاة جامعية وقعت في وهم الحب وجرى
لها ماجرى لغيرها من ضحايا الوهم : نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء ففجور
فندم وحسرة .. ولكن هذه الفتاة لم يقف أمرها عند هذا الحد فقد قام الذئب
بتصويرها معه وهي تمارس الفجور في شريط فيديو ثم صار يهددها بهذا الشريط
حتى انقادت له وصارت كالخاتم في يده يخرج بها متى شاء بلا قيود ولم يكتف
الذئب بذلك حتى أشرك معه غيره من الذئاب البشرية المسعورة فإذا بالفتاة
الجامعية المصونة تتحول إلى بغي فاجرة تنتقل من رجل إلى آخر ..!! ثم تنتهي
القصة بقيام هذه الفتاة بقتل ذلك الذئب انتقاما لشرفها وعرضها لتودع في
السجن خلف القضبان
2) فشل الحياة الزوجية وكثرة وقوع الطلاق في المجتمع :
ففي
دراسة علمية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن معظم الذين
تزوجوا بعد قصة حب كبيرة لم ينجح زواجهما ! وليس هذا في ديار الغرب فحسب بل
حتى في بلاد المسلمين ففي دراسة أجريت في المستشفى التخصصي بالرياض على
الطلاق وجد أن أكثر حالات الطلاق إنما تقع في الزيجات التي تمت بعد علاقة
حب !
وتبين د. خديجة علوي أستاذة علم الاجتماع السبب فتقول : (( إن مفهوم
الصداقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج أمر مرفوض دينيا واجتماعيا فهي ضمن
الأفكار الفاسدة التي وردت إلى مجتمعنا بسبب الانفتاح اللامحدود على
المجتمعات الغربية
ثم تضيف: إن هذه الصداقة التي تنشأ بين الشاب والفتاة بحجة أنها ضرورية
لوضع أخلاق وطباع الشريك المرتقب تحت المجهر أو لغير ذلك ماهي إلا وهم كبير
إذ أنها تأتي بنتائج عكسية على العلاقة ذاتها فيما بعد إذا ماتم الزواج
بينهما .. ففي الغالب تكثر الخلافات وعدم التفاهم يزداد حدة لأن كلا منهما
بدأ يرصد بدقة عيوب الآخر وسيئاته بعد أن كانت غائبة عنه تحت ( وهم الحب )
الذي ربط بينهما عن طريق الصداقة وكثيرا ماتفشل هذه الزيجات لأن الأسس التي
قامت عليها من البداية أسس واهية.
وأكبر شاهد على ذلك هو الواقع فقد روى إحدى الأخوات قصتها مع إحدى زميلاتها قالت :
رأيتها بعد انقطاع دام أكثر من سنة فهالني منظرها لقد تغيرت تماما فقد تحول
احمرار وجنتيها إلى هالات سوداء حول عينيها ونحل جسمها الممتلئ إلى وزن
الريشة وتحول مرحها إلى حزن لا يفارقها تعلوها غبرة يكسوها شحوب وكآبة
وحينما سألتها : مالذي غير أوصالك إلى هذا الحد من التدهور ؟؟! أجابت بصوت
متهدج أتذكرين ناصر ؟ ( وهو شاب تعرفت عليه عن طريق الهاتف لقد تزوجتة
وليتني لم أفعل !
فأصابني الذهول مما سمعت أهذا هو ناصر الذي أوهمت نفسك بأنه سيجعلك أسعد إنسانة و.. و...؟!
فابتسمت ابتسامة ممزوجة الألم والحسرة وقالت : لقد كان سرابا ! لقد تحول
بعد زواجنا إلى شيئا آخر ! تحول إلى الضد وانقلب إلى وحش كاسر يسمعني ألذع
الكلمات ويعيرني بحبي له قبل الزواج ويذكرني بأسوأ أفعاله ولقاءاتي معه
ويهددني بإخبار والدي ..!
وأسقطت من عينيها دمعتين ملتهبتين وقالت :
صدقيني لولا هذا الطفل الذي أخشى على مستقبله والذي ارى فيه كل آمالي التي لم تتحقق في والده لتركته عاجلا غير آجل !!!
أما القصة الثانية فقد روتها صاحبتها بنفسها فقالت:
أنا السبب في مأساتي نسجت خيوطها بيدي ثم اكتويت بنارها...
قبل سنوات ربطتني علاقة حب (!) بشاب توجت بالزواج منه ورغم علمي من البداية
باستهتاره إلا أنني رضيت به زوجا (!) بعد ما أدركت أنني لا أستطيع العيش
بدونه (!)
قد تسألون : ولم قبلت الزواج منه وهو بهذه الحالة ؟
أقول لكم : إنني راهنت على إصلاحة وجعله إنسان آخر ولهذا تحديت أهلي وأعلنت
تمردي عليهم وتجاهلت كل تحذيراتهم وعشت مع من أحببته كروحي (!) أشهرا
قليلة وشعرت أنني أسير بالفعل نحو الهدف الذي رسمته لنفسي.. غيرت من
سلوكياته الكثير وحملت منه وأنجبت طفلة جميلة ولكنه عاد مرة أخرى إلى
استهتاره وفشلت في إصلاحه...
ارتبط زوجي بأصدقاء السوء وصار يتغيب عن المنزل لفترات طويلة .. كنت أنظر
لطفلتي وأحدث نفسي : مالعمل عندما تكبر ووالدها بهذه الحالة السيئة ..
استهتاره وإهمال وعدم اكتراث ..!! وماذا أفعل عندما أقرر الخلاص وأربي
ابنتي بعيدا عنه وكيف تعيش ابنتي في هذا الجو الفارغ من الوئام الأسري ؟!
لجأت إلى أهله وطلبت وساطتهم ونصحه وإرشاده ولكن فشلت ايضا كل محاولاتهم بل
تمادى في سهراته الخارجية وغيابة عن المنزل والأسوء من ذلك أنه نقل مقر
السهرات الفاسدة إلى منزلنا فأصبحت في موقف لا أحسد عليه وعندما عجزت عن
مقاومة هذا الوضع السئ لزوجي قررت الانفصال عنه قبل أن أدخل وطفلتي عالمه
المميت..
3) خراب البيوت والتفريق بين المرء وزوجه وأهله
فالفتاة
التي تقع في هذا الوهم ترفض الزواج في وقته إما انتظارا للحبيب الموهوم
الذي غالبا لا يأتي وإما خوفا من الفضيحة إن كانت قد فرطت في عرضها ولا
يخفى مافي ذلك من الآثار السيئة على المجتمع.
تقول إحداهن: أنا فتاة جامعية (!) أحببت شابا بكل معنى الكلمة(!) واخترته
حبيبا لقلبي ورفيقا لدربي (!) وبموافقة ومباركة الأهل (!!!!) وفيما كنا
نقوم بالاستعداد للزوج فوجئنا باعتراضات رسمية وعقبات وهمية حالت دون إتمام
فرحتنا ولكننا لم نستسلم فحاولنا التغلب عليها وضحينا بالكثير دون جدوى
ولم نفقد الأمل رغم وصولنا إلى طريق مسدود (!)
واستمرت اللقاءات والاتصالات فيما بيننا(!) وفي ذات يوم نسينا أنفسنا في
غمرة الحب (!!) فكان الشيطان ثالثنا .ومن هنا بدأت المشكلة أو المأساة
الكبرى فبدلا من تصحيح غلطته أو غلطتنا فوجئت به يتهمني زورا وظلما بأبشع
التهم ويزعم ويدعي بأني لم أكن عذراء .. وأتخذ من ذلك حيلة للتهرب من
المسؤولية وتصحيح غلطة فضيعة ارتكبناها في لحظه طيش..
كيف يمكن أ، يحدث لي هذا ولم يمسسني أحد – غيره- وقد أقسمت له أني لم أعرف
رجلا قبله ولابعده وبكيت أمامه وتوسلت إليه ألا يتخلى عني فوعدني خيرا وعاد
يؤكد حبه لي (!) وكثرت اللقاءات بيننا فكنت أحرص خلالها على عدم إغضابه
وكان هو الآمر والناهي والقاضي والجلاد ثم بدأ يتهرب مني وينتحل الأعذار
وأخيرا طال غيابه وانقطعت أخباره فأدركت أنني كنت الجانية على شرفي والضحية
وأنني حكمت على نفسي بالإعدام...
لقد صبرت وانتظرت بما فيه الكفاية ورفضت عشرات الشبان خوفا من افتضاح أمري فتكون نهايتي ...
ويقول أحد الشباب :
أنا شاب في المرحلة الجامعية (!) تعرفت على فتاة تكبرني قليلا وأحببتها (!)
ومضى على حبنا عشر سنوات (!!!) قبل ثلاث سنوات فكرت بأن نعزز هذا الحب
بالزواج وفعلا كلمت إخوتي فلم يعارضوا ولكن لمشكلة أن أحد إخوتي كان قد
تقدم لأختها التي أكبر منها فرفضت أمها فوجدت حلا وهو أن الفتاة تكلم أمها
ففعلت لكن أمها رفضت وبأعلى صوتها وقالت بصريح العبارة : لن أزوجك ابدا
فاترك الفتاة وشأنها ..
لقد تقدم لهذه الفتاة ناس كثيرون ولكنها ترفض وبشدة وهكذا عي حياتي وحياتها فما الحل ؟