ثبت في الصّحيحين عن ابن عباسٍ -رضي اللّه عنهما- قال: "كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقاهُ جبريلُ، فإذا لقيه جبريل -عليه السّلام- كان أجودُ بالخير من الرّيح المرسلة" رواه البخاري (1803)ومسلم (2308)، ورواه أحمد وزاد "لا يُسأل عن شيءٍ إلا أعطاه" رواه أحمد (2042) وصحّحه شعيب الأرناؤوط، قال ابن حجر: "أجود الناس" أي: أكثر الناس جوداً، والجود: الكرم، وهو من الصّفات المحمودة، وقوله: "أجود بالخير من الرّيح المرسلة" أي: المطلقة، يعني في الإسراع بالجود أسرع من الرّيح، وعبَّر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرّحمة، وإلى عموم النّفع بجوده كما تعمّ الرّيح المرسلة جميع ما تهبّ عليه" فتح الباري (1/30)، وذكر الزّين بن المنير وجه التّشبيه بين أجوديّته -صلّى اللّه عليه وسلّم- بالخير، وبيّن أجوديّة الرّيح المرسلة: أنّ المراد بالرّيح ريح الرّحمة التي يرسلها اللّه تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سبباً لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة، أي: فيعمّ خيره وبرّه من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغنى والكفاية أكثر ممّا يعمّ الغيث الناشئة عن الرّيح المرسلة -صلّى اللّه عليه وسلّم- فتح الباري (6/140).
قال بعضهم: فضل جوده على جود النّاس، ثمّ فضل جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم فضل جوده في ليالي رمضان، وعند لقاء جبريل على جوده في سائر أوقات رمضان، ثمّ شبّه بالرّيح المرسلة في التعميم والسّرعة، قال ابن الملك معلّلاً: لأنّ الوقت إذا كان أشرف يكون الجود فيه أفضل" مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/444)، يقول ابن عمر -رضي اللّه عنه-: "ما رأيت أجود ولا أمجد من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-" الاستذكار لابن عبد البرّ (5/78).
فيا عبد اللّه: هذا حال نبيّك مع الإنفاق في رمضان، وهو القدوة والأسوة، فكيف حالك أنت؟
قال الشافعيُّ -رحمه اللّه-: "أحبُّ للرّجل الزّيادة بالجود في رمضان، اقتداءً برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، ولحاجة النّاس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصّوم والصّلاة عن مكاسبهم" الحاوي في فقه الشافعيّ (3/479).
أخي المبارك لا تنس أنّ شهر رمضان موسم المتصدّقين، وفرصة سانحة للباذلين والمعطين، وأنّ الصّيام يدعوك إلى إطعام الجائع، وإعطاء المسكين، وإتحاف الفقير.
اللّه أعطــــاك فابذل من عطيّته *** فالمــــال عارية والعمر رحــــــــــــــال
المال كالماء إن تحبس سواقيه *** يأسن وإن يجر منه يعذب منه سلسال
يقول ابن رجب في لطائف المعارف: "وفي تضاعف جوده -صلّى اللّه عليه وسلّم- في رمضان بخصوصه فوائد كثيرةٌ منها:
- شرف الزّمان ومضاعفةُ أجر العمل فيه، وفي الترمذي عن أنس مرفوعاً: «أفضلُ الصدقةِ صدقةُ رمضانَ» رواه الترمذي (663) وضعّفه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصّغير (2948).
- إعانةُ الصّائمين والذّاكرين على طاعتهم، فيستوجبُ المعينُ لهم مثل أجورهم، كما أنّ من جَهَّز غازياً فقد غزا، ومن خلفَه في أهله بخير فقد غزا.
- أنّ الجمع بين الصّيام والصّدقة من موجبات الجنّة كما في حديث عبد اللّه بن عمرو -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «إن في الجنة غُرفاً يُرى ظهورُها من بطونها، وبطونُها من ظهورِها، فقال أبو موسى الأشعريّ: لمن هي يا رسول اللّه؟ قال: لمن طَيَّبَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وأدامَ الصيامَ، وصلَّى بالليلِ والناسُ نيام» رواه أحمد في مسنده (6615)، وقال شعيب الأرناؤوط: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف، وهذه الخصالُ كلُّها تكونُ في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصّيام، والقيام، والصّدقة، وطيب الكلام، فإنّ الصّائم يُنهى فيه عن اللّغو والرّفث.
- والصّلاة والصّيام والصّدقة تُوصلُ صاحبها إلى اللّه -عزّ وجلّ-، وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من تَبعَ منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من تصدّق بصدقةٍ؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من عاد منكم مريضاً؟ قال أبوبكرٍ: أنا، قال: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» رواه مسلم (1028).
- أنّ الجمع بين الصّيام والصّدقة أبلغُ في تكفير الخطايا، واتقاء جهنم، والمباعدة عنها، خصوصاً إن ضُمَّ إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن معاذٍ -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «الصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النارَ» رواه الترمذي (614) وصحّحه الألبانيّ في صحيح وضعيف الجامع الصغير (5262)، وكان أبو الدرداء -رضي اللّه عنه- يقول: "صلُّوا في ظلمة اللّيل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوماً شديداً حرَّهُ لحرِّ يوم النّشور، تصدّقوا بصدقة السرِّ لهول يوم عسير".
- أنّ الصّيام لا بدّ أن يقع فيه خللٌ أو نقصٌ، وتكفيرُ الصّيام للذنوب مشروطٌ بالتحفّظ مما ينبغي أن يُتحفَّظَ منه، فالصّدقةُ تجبر ما كان فيه من النّقص والخلل، ولهذا وجب في آخر رمضان زكاةُ الفطر، طهرة للصّائم من اللّغو والرّفث، (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي (232)).
أيّها الصّائم: إنّك ببذلك وعطائك تُقرض ربَّك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك، يوم الفقر والمسكنة، يوم التّغابن.
أيّها الصّائم: شربة ماء، ومذقة لبن، وحفنة تمر، وقليل من الطّعام والمال، واللّباس والفاكهة، تُسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنّة.
أيّها الصّائم: تاللّه لا يحفظ المال مثل الصّدقة، ولا يزكي المال مثل الزكاة، مات كثير من أثرياء الأموال والكنوز، والدّور والقصور، فأصبح كلّ ذلك حسرة عليهم وندامة وأسفاً، لأنّهم جعلوه في غير مصارفه، وغداً يظهر لك الرّبح من الخسران واللّه المستعان.
ختاماً: تذكّر أيّها الصّائم أنّ رمضان يدعوك للبذل والعطاء، ورحمة الفقراء والمساكين، وهي دعوة في ذات الوقت لنفسك لتُقرض ربَّك في الدّنيا فيُكرم قرضَك يوم تلقاه: {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن:17]، وتذكّر أنّ الأموال والكنوز والقصور مآلها إلى الزّوال والضّياع، وليكن حداءك قول رسولك -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «ما نقصت صدقة من مال» رواه مسلم
قال بعضهم: فضل جوده على جود النّاس، ثمّ فضل جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم فضل جوده في ليالي رمضان، وعند لقاء جبريل على جوده في سائر أوقات رمضان، ثمّ شبّه بالرّيح المرسلة في التعميم والسّرعة، قال ابن الملك معلّلاً: لأنّ الوقت إذا كان أشرف يكون الجود فيه أفضل" مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/444)، يقول ابن عمر -رضي اللّه عنه-: "ما رأيت أجود ولا أمجد من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-" الاستذكار لابن عبد البرّ (5/78).
فيا عبد اللّه: هذا حال نبيّك مع الإنفاق في رمضان، وهو القدوة والأسوة، فكيف حالك أنت؟
قال الشافعيُّ -رحمه اللّه-: "أحبُّ للرّجل الزّيادة بالجود في رمضان، اقتداءً برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، ولحاجة النّاس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصّوم والصّلاة عن مكاسبهم" الحاوي في فقه الشافعيّ (3/479).
أخي المبارك لا تنس أنّ شهر رمضان موسم المتصدّقين، وفرصة سانحة للباذلين والمعطين، وأنّ الصّيام يدعوك إلى إطعام الجائع، وإعطاء المسكين، وإتحاف الفقير.
اللّه أعطــــاك فابذل من عطيّته *** فالمــــال عارية والعمر رحــــــــــــــال
المال كالماء إن تحبس سواقيه *** يأسن وإن يجر منه يعذب منه سلسال
يقول ابن رجب في لطائف المعارف: "وفي تضاعف جوده -صلّى اللّه عليه وسلّم- في رمضان بخصوصه فوائد كثيرةٌ منها:
- شرف الزّمان ومضاعفةُ أجر العمل فيه، وفي الترمذي عن أنس مرفوعاً: «أفضلُ الصدقةِ صدقةُ رمضانَ» رواه الترمذي (663) وضعّفه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصّغير (2948).
- إعانةُ الصّائمين والذّاكرين على طاعتهم، فيستوجبُ المعينُ لهم مثل أجورهم، كما أنّ من جَهَّز غازياً فقد غزا، ومن خلفَه في أهله بخير فقد غزا.
- أنّ الجمع بين الصّيام والصّدقة من موجبات الجنّة كما في حديث عبد اللّه بن عمرو -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «إن في الجنة غُرفاً يُرى ظهورُها من بطونها، وبطونُها من ظهورِها، فقال أبو موسى الأشعريّ: لمن هي يا رسول اللّه؟ قال: لمن طَيَّبَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وأدامَ الصيامَ، وصلَّى بالليلِ والناسُ نيام» رواه أحمد في مسنده (6615)، وقال شعيب الأرناؤوط: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف، وهذه الخصالُ كلُّها تكونُ في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصّيام، والقيام، والصّدقة، وطيب الكلام، فإنّ الصّائم يُنهى فيه عن اللّغو والرّفث.
- والصّلاة والصّيام والصّدقة تُوصلُ صاحبها إلى اللّه -عزّ وجلّ-، وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من تَبعَ منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من تصدّق بصدقةٍ؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: من عاد منكم مريضاً؟ قال أبوبكرٍ: أنا، قال: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» رواه مسلم (1028).
- أنّ الجمع بين الصّيام والصّدقة أبلغُ في تكفير الخطايا، واتقاء جهنم، والمباعدة عنها، خصوصاً إن ضُمَّ إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن معاذٍ -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «الصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النارَ» رواه الترمذي (614) وصحّحه الألبانيّ في صحيح وضعيف الجامع الصغير (5262)، وكان أبو الدرداء -رضي اللّه عنه- يقول: "صلُّوا في ظلمة اللّيل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوماً شديداً حرَّهُ لحرِّ يوم النّشور، تصدّقوا بصدقة السرِّ لهول يوم عسير".
- أنّ الصّيام لا بدّ أن يقع فيه خللٌ أو نقصٌ، وتكفيرُ الصّيام للذنوب مشروطٌ بالتحفّظ مما ينبغي أن يُتحفَّظَ منه، فالصّدقةُ تجبر ما كان فيه من النّقص والخلل، ولهذا وجب في آخر رمضان زكاةُ الفطر، طهرة للصّائم من اللّغو والرّفث، (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي (232)).
أيّها الصّائم: إنّك ببذلك وعطائك تُقرض ربَّك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك، يوم الفقر والمسكنة، يوم التّغابن.
أيّها الصّائم: شربة ماء، ومذقة لبن، وحفنة تمر، وقليل من الطّعام والمال، واللّباس والفاكهة، تُسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنّة.
أيّها الصّائم: تاللّه لا يحفظ المال مثل الصّدقة، ولا يزكي المال مثل الزكاة، مات كثير من أثرياء الأموال والكنوز، والدّور والقصور، فأصبح كلّ ذلك حسرة عليهم وندامة وأسفاً، لأنّهم جعلوه في غير مصارفه، وغداً يظهر لك الرّبح من الخسران واللّه المستعان.
ختاماً: تذكّر أيّها الصّائم أنّ رمضان يدعوك للبذل والعطاء، ورحمة الفقراء والمساكين، وهي دعوة في ذات الوقت لنفسك لتُقرض ربَّك في الدّنيا فيُكرم قرضَك يوم تلقاه: {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن:17]، وتذكّر أنّ الأموال والكنوز والقصور مآلها إلى الزّوال والضّياع، وليكن حداءك قول رسولك -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «ما نقصت صدقة من مال» رواه مسلم