بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير .
إنها الدار الآخـرة ، حيـاة أبديـة ، إما نعـيم مقيم ، يزيدك فيه الكـريم ما يشاء ، أو شقـاء و جحيم ، يعاقبك به الجبـار العظـيم ، و لا شـك أن الأمر لواقع ، و من باب الترغيب ، يذكر الله عز وجل لعبـاده ما في الجنة من نعيم ، و يأمرهم أن يتسابقوا إليها ، فهي درجات و منازل ، لا يدخلها إلا من رحم ربي ، و أتى الله بقلبٍ سليم .
و لعل ما يلفت الإنتبـاه ، هو ذِكرُ الحـور العيـن ، و ما لهن من خصائص و صفات ، بعيـدة كل البعد عن نسـاء الدنيـا ، { قاصراتُ الطرفِ لم يطمثهنَّ إنسٌ قبلهم ولا جان } ، و لن أسرد صفاتهن من ما ورد في القرآن الكريم و السـنة المطهرة ، لأنه و كما يبدو عنوان الموضوع مختلف ، فكما أن هناك الوعد بالحور العين للرجـال المتقـين ، فلا بـد أن يكـون هنـالك نعـيم مماثل للنسـاء المؤمنات ، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ } .
ففي باديء ذي بدء يجب أن نضع نصب أعيننا أنه سبحانه { لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } ، و لكن يجب علينا كمسلمين أمرنا الله سبحانه بالتدبر أن نحاول أن ( نفهم ) أو ( نتفهم ) طبيعة هذا النعيم ، أو عدم ورود نعيم صريح للمرأة يقابل جزاء الرجل ، و سأحاول أن أطرح إليكم ما وجدته من وجهة نظر ، تحتمل الصواب و الخطأ ، و إنكم إن شاء الله لي لمُعينين .
فبالنظر للعامل النفسي للمرأة ، فيطغى عليه الحياء ، و لعل الله سبحانه لم يشوقهن للجنة بما يستحين منه ، و من جهة أخرى ، فشوق المرأة للرجل يختلف عن شوق الرجل للمرأة ، فشوق الرجل للمرأة يفوق كثيراً ما هو عكسه ، فقد قال صلى الله عليه و سلم : { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } ، و من هنا كان التشويق للرجل أكثر تأثيراً ، أما المرأة فشوقها للزينة و الحلي و التجمل يفوق شوقها للرجال ، قال تعالى: { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } .
ذكر العلامة الجليل "إبن عثيمين" رحمه الله : [ إنما ذكرالله عز و جل الزوجات للأزواج ، لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة ، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة ، و سكت عن الأزواج للنساء ، و لكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ، بل لهن أزواج من بني آدم ] ، فالمرأة لا تخرج عن إحدى هذه الحالات في الدنيا :
1) إما أن تموت قبل أن تتزوج .
فهذه يزوجها الله – عز و جل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله صلى الله عليه و سلم: { ما في الجنة أعزب } ، قال الشيخ "ابن عثيمين": [ إذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر بها عينها في الجنة من أهل الجنة ] .
2) إما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر .
و هذه كسابقتها ، يزوجها الله سبحانه في الجنة من أهل الجنة .
3) إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة ، والعياذ بالله .
قال الشيخ "ابن عثيمين": [ فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة و لم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة ، فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال فيتزوجها أحدهم ] .
4) إما أن تموت بعد زواجها .
و هذه في الجنة لزوجها الذي ماتت عنه .
5) إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت .
و هذه تكون في الجنة لزوجها الذي مات عنها .
6) إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره.
و هذه تكون لآخر أزواجها مهما كثروا ، لقوله صلى الله عليه و سلم: { المرأة لآخر أزواجها } ، و لقول حذيفة لامرأته: [ إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة ، فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة ] .
أما من النعيم الخاص بالنساء من جمال و غيره ، فقد ورد أن المرأة إذا دخلت الجنة أعاد الله سبحانه إليها شبابها و بكارتها ، لقوله صلى الله عليه و سلم: { إن الجنة لا يدخلها عجوز .. .. إذا الله أدخلهن الجنة حولهن أبكاراً } ، و كذلك يضاف إليها أن المرأة تكون أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة ، فهن تكرمن عليهن و زادن بعبادتهن الله عز و جل .
إن الجنة ليست بالأماني ، فهي إما رحمة من الله عز و جل و كرم ، أو ثبور في الدنيا و الآخرة ، فمَن لم يعمل لأجلها ، و يستغل هذا الشهر الفضيل ليزيد في ميزانه الخير ، لهو من الخاسرين ، فلتكن من هنا لكن البداية معشر النساء ، عملٌ في الدنيا ، و جزاءٌ في الآخرة من عليّ قدير .
إن أصبت فمنّةٌ من الله عز و جل ، و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ، هــذا و الله سبحـانه أعـلم .
|-| خـاتـمـة |-|
قال تعالى :
{ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا }
اللهم إجعلنا من مَن يتقي غضبك و سخطك بقربٍ منك و سعيٍ لرضوانك .
م/ن
__________________
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير .
إنها الدار الآخـرة ، حيـاة أبديـة ، إما نعـيم مقيم ، يزيدك فيه الكـريم ما يشاء ، أو شقـاء و جحيم ، يعاقبك به الجبـار العظـيم ، و لا شـك أن الأمر لواقع ، و من باب الترغيب ، يذكر الله عز وجل لعبـاده ما في الجنة من نعيم ، و يأمرهم أن يتسابقوا إليها ، فهي درجات و منازل ، لا يدخلها إلا من رحم ربي ، و أتى الله بقلبٍ سليم .
و لعل ما يلفت الإنتبـاه ، هو ذِكرُ الحـور العيـن ، و ما لهن من خصائص و صفات ، بعيـدة كل البعد عن نسـاء الدنيـا ، { قاصراتُ الطرفِ لم يطمثهنَّ إنسٌ قبلهم ولا جان } ، و لن أسرد صفاتهن من ما ورد في القرآن الكريم و السـنة المطهرة ، لأنه و كما يبدو عنوان الموضوع مختلف ، فكما أن هناك الوعد بالحور العين للرجـال المتقـين ، فلا بـد أن يكـون هنـالك نعـيم مماثل للنسـاء المؤمنات ، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ } .
ففي باديء ذي بدء يجب أن نضع نصب أعيننا أنه سبحانه { لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } ، و لكن يجب علينا كمسلمين أمرنا الله سبحانه بالتدبر أن نحاول أن ( نفهم ) أو ( نتفهم ) طبيعة هذا النعيم ، أو عدم ورود نعيم صريح للمرأة يقابل جزاء الرجل ، و سأحاول أن أطرح إليكم ما وجدته من وجهة نظر ، تحتمل الصواب و الخطأ ، و إنكم إن شاء الله لي لمُعينين .
فبالنظر للعامل النفسي للمرأة ، فيطغى عليه الحياء ، و لعل الله سبحانه لم يشوقهن للجنة بما يستحين منه ، و من جهة أخرى ، فشوق المرأة للرجل يختلف عن شوق الرجل للمرأة ، فشوق الرجل للمرأة يفوق كثيراً ما هو عكسه ، فقد قال صلى الله عليه و سلم : { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } ، و من هنا كان التشويق للرجل أكثر تأثيراً ، أما المرأة فشوقها للزينة و الحلي و التجمل يفوق شوقها للرجال ، قال تعالى: { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } .
ذكر العلامة الجليل "إبن عثيمين" رحمه الله : [ إنما ذكرالله عز و جل الزوجات للأزواج ، لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة ، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة ، و سكت عن الأزواج للنساء ، و لكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ، بل لهن أزواج من بني آدم ] ، فالمرأة لا تخرج عن إحدى هذه الحالات في الدنيا :
1) إما أن تموت قبل أن تتزوج .
فهذه يزوجها الله – عز و جل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله صلى الله عليه و سلم: { ما في الجنة أعزب } ، قال الشيخ "ابن عثيمين": [ إذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر بها عينها في الجنة من أهل الجنة ] .
2) إما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر .
و هذه كسابقتها ، يزوجها الله سبحانه في الجنة من أهل الجنة .
3) إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة ، والعياذ بالله .
قال الشيخ "ابن عثيمين": [ فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة و لم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة ، فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال فيتزوجها أحدهم ] .
4) إما أن تموت بعد زواجها .
و هذه في الجنة لزوجها الذي ماتت عنه .
5) إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت .
و هذه تكون في الجنة لزوجها الذي مات عنها .
6) إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره.
و هذه تكون لآخر أزواجها مهما كثروا ، لقوله صلى الله عليه و سلم: { المرأة لآخر أزواجها } ، و لقول حذيفة لامرأته: [ إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة ، فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة ] .
أما من النعيم الخاص بالنساء من جمال و غيره ، فقد ورد أن المرأة إذا دخلت الجنة أعاد الله سبحانه إليها شبابها و بكارتها ، لقوله صلى الله عليه و سلم: { إن الجنة لا يدخلها عجوز .. .. إذا الله أدخلهن الجنة حولهن أبكاراً } ، و كذلك يضاف إليها أن المرأة تكون أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة ، فهن تكرمن عليهن و زادن بعبادتهن الله عز و جل .
إن الجنة ليست بالأماني ، فهي إما رحمة من الله عز و جل و كرم ، أو ثبور في الدنيا و الآخرة ، فمَن لم يعمل لأجلها ، و يستغل هذا الشهر الفضيل ليزيد في ميزانه الخير ، لهو من الخاسرين ، فلتكن من هنا لكن البداية معشر النساء ، عملٌ في الدنيا ، و جزاءٌ في الآخرة من عليّ قدير .
إن أصبت فمنّةٌ من الله عز و جل ، و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ، هــذا و الله سبحـانه أعـلم .
|-| خـاتـمـة |-|
قال تعالى :
{ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا }
اللهم إجعلنا من مَن يتقي غضبك و سخطك بقربٍ منك و سعيٍ لرضوانك .
م/ن
__________________
