يسأل : لماذا أغلب أهل الأرض كفار ولماذا يرضى الله لهم بدخول جهنم ؟!
السؤال:إني أتساءل : لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟ فعلى حد علمي أن حبَّ
الله لخلقه يزيد على حب الوالدة لولدها بسبعين مرة ، فلماذا الأغلبية غير
مسلمين ؟ وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه
التحديد ؟ إذا كان هذا صحيحاً فإن معنى ذلك أنه لن يدخل الجنة إلا نسبة
قليلة مقارنة بتعداد أهل الأرض كلهم ، فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن
يدخلوا النار ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
ننبه
في بداية الجواب إلى أن ما ذكره السائل مِن " أن حبَّ الله لخلقه يزيد على
حب الوالدة لولدها بسبعين مرة " : لا أصل له في القرآن ولا في السنَّة ،
والله تعالى لا يحب الظالمين ، ولا يحب الفاسقين ، ولا يحب الكافرين ، فكيف
يُثبَت حبُّ الله تعالى لعموم خلقه والكثرة الكاثرة هم من تلك الأصناف ؟!
بل إنَّ الله تعالى يحب المحسنين ، ويحب المتقين ، ويحب التوابين ، ويحب
المتطهرين ، ويحب الصابرين ، ويحب المتوكلين ، ويحب المقسطين – العادلين - ،
فهذه الأصناف مِن خلقه هم الذين أثبت الله تعالى حبَّه لهم ، ولن يكون
هؤلاء – بطبيعة الحال – إلا موحِّدين له غير مشركين به .
لكن مع ذلك
كله ، فمن أسماء الله سبحانه : الرحمن الرحيم ، ورحمته سبقت غضبه ، وعفوه
سبق عقابه ، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها :
عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي
، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ
بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً
وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لَا وَاللَّهِ ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى
أَنْ لَا تَطْرَحَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا .
رواه البخاري (5999) ومسلم (2754) .
وهناك
فرق بين الرحمة والمحبة ، فقد أنزل الله جل جلاله من رحمته قسطا يتراحم به
الخلق ، ويرزق به عباده ، ويمهلهم ، ويحلم عليهم ، ويصبر على كفرهم وأذاهم
سبحانه ، وذلك كله في الدنيا ، وأما في الآخرة فرحمته خاصة بمن آمن به ،
وأسلم وجهه إليه .
ثانياً:
أما السؤال : " لماذا
أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟ " : فالجواب عليه : لأنهم هم الذين اختاروا
الكفر على الإسلام ، ودعنا هنا من المعذورين ممن لم تبلغهم الرسالة ،
ولنسأل : ما بال من قرأوا عن الإسلام وبلغتهم الدعوة ورأوا الآلاف من أهل
دينهم قد سبقوهم إلى الإسلام ، ورأوا الملايين تدين بهذا الدين العظيم ،
ورأوا الآيات البينات تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته
وصدق القرآن وإعجازه ، وسمعوا المناظرات التي ألجمت خصوم الإسلام ودحرت
شبهاتهم ، ومع هذا كله – ومعه غيره كثير – لم يؤمنوا بالإسلام ولم يرضوه
لأنفسهم دِيناً ، بل رضي مليارات منهم بعبادة صليب صنعوه ، أو صنم نحتوه ،
أو قبرٍ شيدوه ، أو بقرة يعبدونها من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
.
إن الحقَّ واضح بيِّن ، وإن الآيات الدالات على عظمة
الإسلام أكثر من أن تُحصر ، وإن الأدلة على بطلان ما يفعله أولئك الكفار لا
يُجادل بها عاقل ، وإن الفطرة السليمة والعقل الصريح ليرفضان تلك العبادات
واتخاذ أولئك الآلهةَ أرباباً من دون الله الواحد الأحد ، فها قد بيَّن
الله تعالى الحجة وأقام عليهم المحجة ، ومع ذلك أبى أكثر الناس إلا كفوراً ،
ولا تجد أكثر الناس شاكرين موحدين بل كافرين مشركين .
ثالثاً:
أما
جواب السؤال : " فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ " :
فهو أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم ، ولكنهم رضوه
لأنفسهم ، وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه
عن كفر الكافرين فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ
لَكُمْ ) الزمر/ 7 ، فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ،
بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ، لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا
لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين ، والله تعالى لا يجبر أحداً على
إسلام ولا على كفر ، بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب
والخطأ ، والإسلام والكفر ، ثم جعل للخلْق أن يختاروا ، مع وعده للمسلمين
بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار ، قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن
رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا
أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن
يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ
الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً .
أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا
خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31 ،
وقال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ
نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْنَاهُ
السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا . إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا . إِنَّ الأَبْرَارَ
يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ
بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) الإنسان/ 2 – 6 .
وهاك
مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول
مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود ، قال
تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى
الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )
فصِّلت/ 17 ، 18 ، وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ،
فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ، ولهؤلاء الكفار
المعاصرين سلف ، فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم
منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على
مثلها يؤمنها البشر ، ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد
طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق
القمر فقالوا " سحر " فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ
آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25 ، ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب
رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم ، قال تعالى (
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ
أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ
رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13 ، وقال تعالى – على
لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن
قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24 ، وقال
تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الأنفال/ 30 ،
فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني
رأسه : فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم
النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .
ولما زعم بعض
المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه
: كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم
الضالين ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ
مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35
، فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ
مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/
36 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
"فأوضح في هذه
الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ،
وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت ، أي : يتباعدوا عن
عبادة كل معبود سواه ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم
حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
وقال تعالى في آية
الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ
لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149 ، فملكُه تعالى وحده للتوفيق
والهداية هو الحجة البالغة على خلقه ، يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه
بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ، ومَن لم نفعل له ذلك : فهو عدل منَّا
وحكمة ؛ لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه
علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل " انتهى من " أضواء
البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .
رابعاً:
قول السائل : " وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه التحديد ؟ " : ففيه تفصيل :
أما
بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم ، لن يدخل الجنة إلا مسلم ؛ لأن
الإسلام نسخ الأديان السابقة كلها ، وأوجب الله تعالى على خلْقه كلهم
الدخول في هذا الدِّين ، وأخبر أنه لن يقبل من أحدٍ دِيناً غيره ، وأنه مَن
لقيه منهم بدين آخر غيره فهو من الخاسرين ، قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ
غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ
مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
ولأجل ذلك : أَمَرَ الني صلى الله
عليه وسلم بِلاَلًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ
الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) . رواه البخاري (3062) ومسلم (178) .
وأمَّا مِن الأمم السابقة : فإن الجنة يدخلها كل من آمن بنبيِّه
وصدَّق رسوله ، وهؤلاء هم المسلمون في زمانهم . قال تعالى ( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ
أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ ) البقرة/ 62 .
وأما أن الجنة هي لأهل السنَّة على وجه
التحديد : فهو قول غير صحيح ، ومثل ذلك لا يقول به أحد من أهل العلم ؛ بل
إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أجابت دعوته كلهم سيدخلون الجنة ، ولا
يُحرم منها إلا من ارتد على عقبيه ، ونقض إسلامه بما يخرجه منه بالكلية ،
وأهل البدع الذين خالفوا الشرع ، وخاصموا أهل السنة ، هم كغيرهم من عصاة
الموحدين : في مشيئة الله جل جلاله ؛ إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم ، ثم
إن مآل الواحد منهم إلى الجنة حتما ، إذا كان قد مات على التوحيد .
وهكذا
من تلبس بشيء من المعاصي ، أو وقع في بدعة ، وكان من أهل السنة ، على وجه
العموم ، هو أيضا في مشيئة الله جل جلاله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ،
وإن كان القيام بالسنة ، والذب عنها ، والتحلي بها علما وعملا ، أرجى
لصاحبه ، وأنجى له من عذاب الله وسخطه .
خامسا :
من فهم مِن حديث
الافتراق ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الفرَق الثنتين وسبعين المختلفة
المخالفة لأهل السنَّة ( كُلُّها في النَّار ) أنهم مخلَّدون في نار جهنم :
فقد أخطأ ، وخالف إجماع المسلمين ، فضلال هذه الفرَق وتوعدها بالنار لا
يعني خلودها فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"ومَن
قال إن الثنتين والسبعين فِرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة :
فقد خالف الكتاب والسنَّة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، بل
وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ؛ فليس فيهم مَن كفَّر كلَّ واحد من
الثنتين وسبعين فرقة".انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .
والتكفير للمخالفين هو من منهج أهل البدع والضلال ، لا من منهج أهل السنَّة والجماعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"والخوارج
هم أول من كفَّر المسلمين ، يكفرون بالذنوب ، ويكفرون مَن خالفهم في
بدعتهم ويستحلون دمه وماله ، وهذه حال أهل البدع ، يبتدعون بدعة ويكفرون
مَن خالفهم فيها .
وأهل السنَّة والجماعة يتبعون الكتاب والسنَّة ،
ويطيعون الله ورسوله ، فيتبعون الحق ويرحمون الخلق" .انتهى من " مجموع
الفتاوى " ( 3 / 279 ) .
وقال – عن الفرق الثنتين والسبعين - :
"وإنما يكفِّر بعضُهم بعضاً ببعض المقالات" .انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .
وانظر روايات حديث الافتراق وشيئاً من فقهه في جواب السؤال رقم ( 90112 ) .
وانظر في صفات أهل السنة والفرقة الناجية جوابي السؤالين ( 10777 ) و ( 206 ) .
سادساً:
من
رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يعذِّب بالنار من لم تصله دعوة الإسلام ،
فالذين يعيشون في زماننا أو قبله ولم يصل لهم خبر الإسلام : فإنهم يختبرون
يوم القيامة ، وقد بينَّا هذه المسألة في جوابي السؤالين ( 1244 ) و ( 130271 ) فليُنظرا .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب