سؤال:
ما
معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الصُّبحَ فِي
جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ...) ؛ وكيف أكون في ذمة الله ؟ وهل
صلاة الرجل مع زوجته في البيت جماعة له نفس معنى الجماعة المراد في الحديث ؟
الجواب:
الحمد لله
روى
مسلم (657) عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الصُّبحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ ، فَلا
يَطلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدرِكَهُ فَيَكُبَّهُ
فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) .
قال النووي في "شرح مسلم" (5/158) :" الذِّمَّة هنا : الضمان ، وقيل الأمان " انتهى .
قال
الطيبي رحمه الله : " وإنما خص صلاة الصبح بالذكر ؛ لما فيها من الكلفة
والمشقة ، وأداؤها مظنة خلوص الرجل ، ومنه إيمانه ؛ ومن كان مؤمنا خالصا
فهو في ذمة الله تعالى وعهده . " شرح مشكاة المصابيح ، للطيبي (2/184) .
وفي المراد بالحديث قولان للعلماء :
الأول
: أن يكون في الحديث نهي عن التعرض بالأذى لكل مسلم صلى صلاة الصبح ، فإن
من صلى صلاة الصبح فهو في أمان الله وضمانه ، ولا يجوز لأحد أن يتعرض لِمَن
أمَّنَه الله ، ومن تعرض له ، فقد أخفر ذمة الله وأمانه ، أي أبطلها
وأزالها ، فيستحق عقاب الله له على إخفار ذمته ، والعدوان على من في جواره .
انظر : فيض القدير للمناوي (6/164) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (1/591) :
"
في هذا دليل على أنه يجب احترام المسلمين الذي صدَّقوا إسلامهم بصلاة
الفجر ؛ لأن صلاة الفجر لا يصليها إلا مؤمن ، وأنه لا يجوز لأحد أن يعتدي
عليهم " انتهى .
ويدل لهذا المعنى ما رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/5) بسنده ، وقال الألباني عنه في "صحيح الترغيب" (1/110) : صحيح لغيره :
عن
الأعمش قال : كان سالم بن عبد الله بن عمر قاعدا عند الحجاج ، فقال له
الحجاج : قم فاضرب عنق هذا ، فأخذ سالم السيف ، وأخذ الرجل ، وتوجه باب
القصر ، فنظر إليه أبوه وهو يتوجه بالرجل ، فقال : أتراه فاعلا ؟! فردَّه
مرتين أو ثلاثا ، فلما خرج به قال له سالم : صليت الغداة ؟ قال : نعم . قال
: فخذ أي الطريق شئت ، ثم جاء فطرح السيف ، فقال له الحجاج : أضربت عنقه ؟
قال : لا ، قال : ولِمَ ذاك ؟ قال : إني سمعت أبي هذا يقول : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الغَدَاةَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ
اللَّهِ حَتَّى يُمسِيَ ) !!
والقول
الثاني : أن يكون المقصود من الحديث التحذير من ترك صلاة الصبح والتهاون
بها ، فإن في تركها نقضا للعهد الذي بين العبد وربه ، وهذا العهد هو الصلاة
والمحافظة عليها .
قال
البيضاوي : " ويحتمل أن المراد بالذمة الصلاة المقتضية للأمان ، فالمعنى :
لا تتركوا صلاة الصبح ولا تتهاونوا في شأنها ، فينتقض العهد الذي بينكم
وبين ربكم ، فيطلبكم الله به ، ومن طلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه
أدركه ، ومن أدركه كبه على وجهه في النار ، وذلك لأن صلاة الصبح فيها كلفة
وتثاقل ، فأداؤها مظنة إخلاص المصلي ، والمخلص في أمان الله " انتهى . نقلا
عن "فيض القدير" (6/164)
وقد
ذهب بعض أهل العلم إلى أن فضيلة الدخول في ذمة الله تعالى وجواره ،
المذكورة في هذا الحديث ، إنما تثبت لمن صلى الصبح في جماعة ؛ ولذلك بوب
عليه النووي رحمه الله ـ في تبويبه لصحيح مسلم : باب فضل صلاة العشاء
والصبح في جماعة ، وسبقه إلى ذلك المنذري رحمه الله ، فذكر الحديث في كتابه
: الترغيب والترهيب ، باب : ( الترغيب في صلاة الصبح والعشاء خاصة ، في
جماعة ، والترهيب من التأخر عنهما ).
بل
إن هذا هو ظاهر صنيع الإمام مسلم ؛ حيث روى قبل الحديث نحوا من عشرين
حديثا ، وبعده بضعة عشر حديثا ، كلها تتحدث عن صلاة الجماعة ، وما يتعلق
بها .
ولذلك أورده الحافظ عبد الحق الأشبيلي في الجمع بين الصحيحين له ، في باب : صلاة الجماعة (923) .
واعتمده المباركفوري في شرح الترمذي . قال : "( من صلى الصبح ) في جماعة ". انتهى .
وقال ابن علان في دليل الفالحين (3/550) : " أي : جماعة ، كما في رواية أخرى " .
ويشهد
لهذا التقييد ـ من حيث الرواية ـ حديث أبي بكرة رضي الله عنه : ( من صلى
الصبح في جماعة فهو في ذمة الله ... ) قال الهيثمي رحمه الله (2/29) : رواه
الطبراني في الكبير ، ورجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب :
"ورجال إسناده رجال الصحيح " ، وقال الألباني : صحيح لغيره . انظر : صحيح
الترغيب ، رقم (461) .
تنبيه
: هذه الزيادة اعتمدها المناوي أيضا ، ونسبها إلى مسلم . وهو وهم منه ،
فزيادة ( جماعة ليست في مسلم ، بل ولا في شيء من الكتب الستة .
وقيل
: إن هذه الفضيلة تحصل لكل من صلى صلاة الصبح في وقتها ، حتى ولو لم يدرك
الجماعة ، لعدم التقييد بذلك في رواية مسلم وغيره من أصحاب الكتب الستة .
وهذا هو الظاهر من تبويب ابن ماجة رحمه الله على هذا الحديث في سننه : باب : المسلمون في ذمة الله ، من كتاب الفتن .
وعلى ذلك ـ أيضا ـ ابن حبان في صحيحه (5/36) : " باب ذكر إثبات ذمة الله جل وعلا للمصلي صلاة الغداة " ، هكذا بإطلاق المصلي .
ثالثا
:الجماعة الشرعية التي جاء الأمر بها وترتيب الأجور عليها هي جماعة المسجد
، وليست أي جماعة أخرى ، وقد سبق تفصيل ذلك في الأسئلة (8918) (49947)
(72398)
وفي خصوص فضل صلاة الصبح في جماعة جاءت بعض الأدلة :
فقد
جاء في تفسير الطبري (3/270) في تفسير قوله تعالى ( وَالمُستَغفِرِينَ
بِالأَسحَارِ ) عن زيد بن أسلم أنه قال : هم الذين يشهدون الصبح في جماعة .
وفي
تفسير قوله تعالى ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ
رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا ) السجدة/16 قال أبو الدرداء والضحاك : صلاة
العشاء والصبح في جماعة .
انظر "زاد المسير" (6/339)
وفي
صحيح مسلم (656) من حديث عثمان رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( مَن صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ
نِصفَ الَّليلِ ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى
الَّليلَ كُلَّهُ ) .
وروى
البخاري (615) ومسلم (437) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِي العَتمَةِ وَالصُّبحِ
لَأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة . "الاستذكار" (2/147)
والله أعلم .
ما
معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الصُّبحَ فِي
جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ...) ؛ وكيف أكون في ذمة الله ؟ وهل
صلاة الرجل مع زوجته في البيت جماعة له نفس معنى الجماعة المراد في الحديث ؟
الجواب:
الحمد لله
روى
مسلم (657) عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الصُّبحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ ، فَلا
يَطلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدرِكَهُ فَيَكُبَّهُ
فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) .
قال النووي في "شرح مسلم" (5/158) :" الذِّمَّة هنا : الضمان ، وقيل الأمان " انتهى .
قال
الطيبي رحمه الله : " وإنما خص صلاة الصبح بالذكر ؛ لما فيها من الكلفة
والمشقة ، وأداؤها مظنة خلوص الرجل ، ومنه إيمانه ؛ ومن كان مؤمنا خالصا
فهو في ذمة الله تعالى وعهده . " شرح مشكاة المصابيح ، للطيبي (2/184) .
وفي المراد بالحديث قولان للعلماء :
الأول
: أن يكون في الحديث نهي عن التعرض بالأذى لكل مسلم صلى صلاة الصبح ، فإن
من صلى صلاة الصبح فهو في أمان الله وضمانه ، ولا يجوز لأحد أن يتعرض لِمَن
أمَّنَه الله ، ومن تعرض له ، فقد أخفر ذمة الله وأمانه ، أي أبطلها
وأزالها ، فيستحق عقاب الله له على إخفار ذمته ، والعدوان على من في جواره .
انظر : فيض القدير للمناوي (6/164) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (1/591) :
"
في هذا دليل على أنه يجب احترام المسلمين الذي صدَّقوا إسلامهم بصلاة
الفجر ؛ لأن صلاة الفجر لا يصليها إلا مؤمن ، وأنه لا يجوز لأحد أن يعتدي
عليهم " انتهى .
ويدل لهذا المعنى ما رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/5) بسنده ، وقال الألباني عنه في "صحيح الترغيب" (1/110) : صحيح لغيره :
عن
الأعمش قال : كان سالم بن عبد الله بن عمر قاعدا عند الحجاج ، فقال له
الحجاج : قم فاضرب عنق هذا ، فأخذ سالم السيف ، وأخذ الرجل ، وتوجه باب
القصر ، فنظر إليه أبوه وهو يتوجه بالرجل ، فقال : أتراه فاعلا ؟! فردَّه
مرتين أو ثلاثا ، فلما خرج به قال له سالم : صليت الغداة ؟ قال : نعم . قال
: فخذ أي الطريق شئت ، ثم جاء فطرح السيف ، فقال له الحجاج : أضربت عنقه ؟
قال : لا ، قال : ولِمَ ذاك ؟ قال : إني سمعت أبي هذا يقول : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن صَلَّى الغَدَاةَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ
اللَّهِ حَتَّى يُمسِيَ ) !!
والقول
الثاني : أن يكون المقصود من الحديث التحذير من ترك صلاة الصبح والتهاون
بها ، فإن في تركها نقضا للعهد الذي بين العبد وربه ، وهذا العهد هو الصلاة
والمحافظة عليها .
قال
البيضاوي : " ويحتمل أن المراد بالذمة الصلاة المقتضية للأمان ، فالمعنى :
لا تتركوا صلاة الصبح ولا تتهاونوا في شأنها ، فينتقض العهد الذي بينكم
وبين ربكم ، فيطلبكم الله به ، ومن طلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه
أدركه ، ومن أدركه كبه على وجهه في النار ، وذلك لأن صلاة الصبح فيها كلفة
وتثاقل ، فأداؤها مظنة إخلاص المصلي ، والمخلص في أمان الله " انتهى . نقلا
عن "فيض القدير" (6/164)
وقد
ذهب بعض أهل العلم إلى أن فضيلة الدخول في ذمة الله تعالى وجواره ،
المذكورة في هذا الحديث ، إنما تثبت لمن صلى الصبح في جماعة ؛ ولذلك بوب
عليه النووي رحمه الله ـ في تبويبه لصحيح مسلم : باب فضل صلاة العشاء
والصبح في جماعة ، وسبقه إلى ذلك المنذري رحمه الله ، فذكر الحديث في كتابه
: الترغيب والترهيب ، باب : ( الترغيب في صلاة الصبح والعشاء خاصة ، في
جماعة ، والترهيب من التأخر عنهما ).
بل
إن هذا هو ظاهر صنيع الإمام مسلم ؛ حيث روى قبل الحديث نحوا من عشرين
حديثا ، وبعده بضعة عشر حديثا ، كلها تتحدث عن صلاة الجماعة ، وما يتعلق
بها .
ولذلك أورده الحافظ عبد الحق الأشبيلي في الجمع بين الصحيحين له ، في باب : صلاة الجماعة (923) .
واعتمده المباركفوري في شرح الترمذي . قال : "( من صلى الصبح ) في جماعة ". انتهى .
وقال ابن علان في دليل الفالحين (3/550) : " أي : جماعة ، كما في رواية أخرى " .
ويشهد
لهذا التقييد ـ من حيث الرواية ـ حديث أبي بكرة رضي الله عنه : ( من صلى
الصبح في جماعة فهو في ذمة الله ... ) قال الهيثمي رحمه الله (2/29) : رواه
الطبراني في الكبير ، ورجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب :
"ورجال إسناده رجال الصحيح " ، وقال الألباني : صحيح لغيره . انظر : صحيح
الترغيب ، رقم (461) .
تنبيه
: هذه الزيادة اعتمدها المناوي أيضا ، ونسبها إلى مسلم . وهو وهم منه ،
فزيادة ( جماعة ليست في مسلم ، بل ولا في شيء من الكتب الستة .
وقيل
: إن هذه الفضيلة تحصل لكل من صلى صلاة الصبح في وقتها ، حتى ولو لم يدرك
الجماعة ، لعدم التقييد بذلك في رواية مسلم وغيره من أصحاب الكتب الستة .
وهذا هو الظاهر من تبويب ابن ماجة رحمه الله على هذا الحديث في سننه : باب : المسلمون في ذمة الله ، من كتاب الفتن .
وعلى ذلك ـ أيضا ـ ابن حبان في صحيحه (5/36) : " باب ذكر إثبات ذمة الله جل وعلا للمصلي صلاة الغداة " ، هكذا بإطلاق المصلي .
ثالثا
:الجماعة الشرعية التي جاء الأمر بها وترتيب الأجور عليها هي جماعة المسجد
، وليست أي جماعة أخرى ، وقد سبق تفصيل ذلك في الأسئلة (8918) (49947)
(72398)
وفي خصوص فضل صلاة الصبح في جماعة جاءت بعض الأدلة :
فقد
جاء في تفسير الطبري (3/270) في تفسير قوله تعالى ( وَالمُستَغفِرِينَ
بِالأَسحَارِ ) عن زيد بن أسلم أنه قال : هم الذين يشهدون الصبح في جماعة .
وفي
تفسير قوله تعالى ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ
رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا ) السجدة/16 قال أبو الدرداء والضحاك : صلاة
العشاء والصبح في جماعة .
انظر "زاد المسير" (6/339)
وفي
صحيح مسلم (656) من حديث عثمان رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( مَن صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ
نِصفَ الَّليلِ ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى
الَّليلَ كُلَّهُ ) .
وروى
البخاري (615) ومسلم (437) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِي العَتمَةِ وَالصُّبحِ
لَأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة . "الاستذكار" (2/147)
والله أعلم .