هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

+4
SHeba K
PrOviTor
المبدع المحبوب
RimRimOu
8 مشترك

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyخطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
خطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Sm_discour

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
<blockquote>
<blockquote>
<blockquote>

نص الخطاب السامي الذي وجهه صاحب





الجلالة إلى الأمة
مساء اليوم الأحد









مراكش 3 – 1 – 2010 - وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، مساء اليوم الأحد، خطابا ساميا
إلى الأمة.



وفي ما يلي نص
الخطاب الملكي السامي :

" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله
وآله وصحبه.

حضرات السيدات والسادة،

نتولى اليوم، تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية. وهي
لحظة قوية، نعتبرها انطلاقة لورش هيكلي كبير، نريده
تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية. كما نتوخى أن
يكون انبثاقا لدينامية جديدة، للإصلاح المؤسسي العميق.

ومن هذا المنظور، فإن الجهوية الموسعة المنشودة، ليست
مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطوير
وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المندمجة.

لذا، قررنا إشراك كل القوى الحية للأمة في بلورته. وقد
ارتأينا إحداث لجنة استشارية خاصة بهذا الشأن; أسندنا
رئاستها للأستاذ عمر عزيمان، لما عهدناه فيه، من كفاءة
وحنكة وتجرد، والتزام بروح المسؤولية العالية.

واعتبارا للأبعاد المتعددة للجهوية، فقد راعينا في
أعضاء هذه اللجنة، غيرتهم الوطنية على المصلحة العامة،
وتنوع مشاربهم، وتكامل اختصاصاتهم، وخبرتهم الواسعة
بالشأن العام، وبالخصوصيات المحلية لبلدهم.

وطبقا لما رسخناه من انتهاج المقاربة التشاركية، في كل
الإصلاحات الكبرى، ندعو اللجنة إلى الإصغاء، والتشاور
مع الهيآت والفعاليات المعنية والمؤهلة.

وإننا ننتظر من هذه اللجنة، إعداد تصور عام، لنموذج
وطني لجهوية متقدمة، تشمل كل جهات المملكة; على أن
ترفعه لسامي نظرنا في نهاية شهر يونيو القادم.

وكما سبق أن أكدنا على ذلك، فإننا ندعو اللجنة إلى
الاجتهاد في إيجاد نموذج مغربي - مغربي للجهوية، نابع
من خصوصيات بلدنا. وفي صدارتها انفراد الملكية
المغربية بكونها من أعرق الملكيات في العالم. فقد ظلت،
على مر العصور، ضامنة لوحدة الأمة، ومجسدة للتلاحم
بكافة فئات الشعب، والوقوف الميداني على أحواله، في كل
المناطق.

كما أن المغرب يتميز برصيده التاريخي الأصيل، وتطوره
العصري المشهود، في انتهاج اللامركزية الواسعة. لذا،
يجدر باللجنة العمل على إبداع منظومة وطنية متميزة
للجهوية; بعيدا عن اللجوء للتقليد الحرفي، أو
الاستنساخ الشكلي للتجارب الأجنبية.

غايتنا المثلى التأسيس لنموذج رائد في الجهوية بالنسبة
للدول النامية، وترسيخ المكانة الخاصة لبلادنا، كمرجع
يحتذى، في اتخاذ مواقف وطنية مقدامة، وإيجاد أجوبة
مغربية خلاقة، للقضايا المغربية الكبرى.

وعلى هذا الأساس، فإن بلورة هذا التصور، يتعين أن تقوم
على مرتكزات أربعة :

+ أولا : التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها، في وحدة
الدولة والوطن والتراب، التي نحن لها ضامنون، وعلى
صيانتها مؤتمنون. فالجهوية الموسعة، يجب أن تكون
تأكيدا ديمقراطيا للتميز المغربي، الغني بتنوع روافده
الثقافية والمجالية، المنصهرة في هوية وطنية موحدة.

+ ثانيا : الالتزام بالتضامن. إذ لا ينبغي اختزال
الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات، بين المركز
والجهات. فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع
وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل جهة
لمؤهلاتها، على الوجه الأمثل، مع إيجاد آليات ناجعة
للتضامن، المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق، في
مغرب موحد.

+ ثالثا : اعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات
والإمكانات، وتفادي تداخل الاختصاصات أو تضاربها، بين
مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات.

+ رابعا : انتهاج اللاتمركز الواسع، الذي لن تستقيم
الجهوية بدون تفعيله، في نطاق حكامة ترابية ناجعة،
قائمة على التناسق والتفاعل.

حضرات السيدات والسادة،

إننا نتوخى من هذا الورش المؤسس بلوغ أهداف جوهرية.
وفي مقدمتها إيجاد جهات قائمة الذات، وقابلة
للاستمرار، من خلال بلورة معايير عقلانية وواقعية،
لمنظومة جهوية جديدة.

ويأتي في المقام الثاني، انبثاق مجالس ديمقراطية، لها
من الصلاحيات والموارد، ما يمكنها من النهوض بالتنمية
الجهوية المندمجة. فجهات مغرب الحكامة الترابية
الجيدة، لا نريدها جهازا صوريا أو بيروقراطيا; وإنما
مجالس تمثيلية للنخب المؤهلة، لحسن تدبير شؤون
مناطقها.

ويظل في صلب أهدافنا الأساسية، جعل أقاليمنا الجنوبية
المسترجعة في صدارة الجهوية المتقدمة. فالمغرب لا يمكن
أن يبقى مكتوف اليدين، أمام عرقلة خصوم وحدتنا
الترابية، للمسار الأممي لإيجاد حل سياسي وتوافقي،
للنزاع المفتعل حولها، على أساس مبادرتنا للحكم
الذاتي، الخاصة بالصحراء المغربية.

وإذ نؤكد أن هذه المبادرة، ذات المصداقية الأممية، تظل
مطروحة للتفاوض الجاد، لبلوغ التسوية الواقعية
والنهائية، فإننا سنمضي قدما في تجسيد عزمنا القوي،
على تمكين أبناء وسكان صحرائنا المغربية الأوفياء، من
التدبير الواسع لشؤونهم المحلية. وذلك ضمن جهوية
متقدمة، سنتولى تفعيلها، بإرادة سيادية وطنية.

حضرات السيدات والسادة،

إننا ننتظر من الجميع التحلي بالتعبئة القوية،
واستشعار الرهانات الاستراتيجية للورش المصيري للجهوية
الموسعة، الذي نعتبره محكا لإنجاح الإصلاحات الهيكلية
الكبرى، التي نقودها.

ومن هنا نحث اللجنة على الانكباب الجاد على الإشكالات
الحقيقية المطروحة، في تضافر للجهود، والاجتهاد
الخلاق، لتقديم مقترحات عملية وقابلة للتطبيق. ويظل
طموحنا الوطني، الارتقاء من جهوية ناشئة، إلى جهوية
متقدمة، ذات جوهر ديمقراطي وتنموي.

وإذ نعرب لهذه اللجنة عن دعمنا، ومتابعتنا لأعمالها،
نوجه الحكومة وكافة السلطات، للتعاون معها، ومدها
بالوسائل اللازمة، للقيام بمهامها.

والله تعالى نسأل أن يوفقنا جميعا، لتحقيق ما نتوخاه
من جعل الجهوية الموسعة، عماد الصرح المؤسسي للدولة
المغربية، التي نحرص على ترسيخها كدولة عصرية للقانون
والمؤسسات، وللحكامة الجيدة. وذلك في تلازم وثيق بين
صيانة حقوق الوطن في وحدته وحوزته وسيادته; وحقوق كل
المغاربة، في المواطنة المسؤولة، والكرامة الموفورة،
ضمن مغرب موحد ومتضامن، آمن ومتقدم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


</blockquote>
</blockquote>
</blockquote>

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz


جلالة الملك يوجه خطابا إلى لقاء القمة





الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي





غرناطة 7-3-2010 وجه
صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الأحد، خطابا إلى
لقاء القمة الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي، المنعقدة
حاليا بغرناطة (جنوب إسبانيا).




وفي ما يلي نص الخطاب الملكي، الذي تلاه الوزير الأول
السيد عباس الفاسي، الذي يرأس وفد المملكة إلى هذه القمة :


" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله
وآ له وصحبه.

معالي السيد هيرمان فان رومباي، رئيس المجلس الأوروبي

معالي السيد خوصي لويث رودريغيث ثباتيرو، رئيس الحكومة
الإسبانية، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي

معالي السيد خوصي مانويل باروسو، رئيس اللجنة الأوروبية

أصحاب المعالي والسعادة

حضرات السيدات والسادة

نود، في البداية، أن نعبر عن فائق تقديرنا وتثميننا
للمبادرة الحميدة، التي أقدمت عليها إسبانيا الصديقة،
الرئيسة الحالية لمجلس الاتحاد الأ وروبي، لاحتضان أول
لقاء للقمة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي.

إن قمة غرناطة، التي تحمل رمزية قوية، لكونها تنعقد في بلد
جار، تجمعه بالمملكة المغربية علاقات متميزة وكثيفة، تكتسي
أهمية خاصة بالنسبة للمغرب، اعتبارا للدينامية الجديدة،
التي ستضفيها على شراكتنا، وكذا لكونها تتيح الاستثمار
الأمثل، لما تشهده بلداننا من تطورات كبرى، وتحولات عميقة.

وفي هذا الصدد، نجدد التعبير عن تهانينا للاتحاد الأوروبي،
لاعتماده معاهدة لشبونة; واثقين بأن هذه الخطوة الجديدة
والمتقدمة، ستعزز مكانة أوروبا، وتضفي عليها المزيد من
الدينامية والقوة والإشعاع الدولي، لمواصلة القيام بدورها
الإيجابي والريادي، خاصة على صعيد جوارها المباشر.

ومن جانبها، فإن المملكة المغربية ستظل، على المعهود فيها،
وفية لالتزامها بمواصلة بناء علاقات مع الاتحاد الأوروبي،
أشد ما تكون متانة وقوة، وأكثر ما تكون تقدما واتساعا.

ولا غرو أن تلتئم هذه القمة في الوقت الذي أخذت فيه هذه
العلا قة منحى تصاعديا، بفضل الوضع المتقدم، وفي ظرف أصبح
مسارها يتسم بالتوجه بخطى حثيثة، وبكل طموح، نحو مستقبل
أفضل، وآفاق واعدة.

وعلاوة على بعده الثنائي، فإن هذا الوضع المتقدم سيتيح
للمغرب والاتحاد الأوروبي، أن يضعا سويا، تصورا استباقيا
لمعالم حكامة أورو-متوسطية متجددة، أكثر طموحا، وأوثق
تضامنا.

وفي هذا السياق، نجدد مساندتنا ودعمنا للاتحاد من أجل
المتوسط; موقنين أن هذه المبادرة، بمجرد اكتمال وسائل
تفعيلها، ستمكن من إبراز كل ما تزخر به المنطقة المتوسطية
من مؤهلات، بل ومن تقديم الأجوبة المناسبة على التحديات
الاجتماعية والاقتصادية المتعددة، التي يواجهها الفضاء الأ
ورو-متوسطي.

وبالموازاة مع مشاريعه ذات البعد الشامل، فإن الاتحاد من
أجل المتوسط مطالب بتطوير أشكال من "التعاون المعزز"، على
الصعيد الإقليمي الفرعي، ولا سيما على مستوى اتحاد المغرب
العربي، الذي يتوافر على إمكانات واعدة، في هذا المجال
بالذات.

وفي هذا الصدد، فإن المغرب يؤكد التزامه بمواصلة العمل، من
أجل تفعيل البناء المغاربي، على أسس الجدية والمصداقية،
مجددا حرصه القوي على تشييد مستقبل مشترك، يقوم على احترام
مستلزمات السيادة والحوزة الترابية للدول، ومراعاة متطلبات
حسن الجوار.

كما يدعو الجهات الأخرى إلى التجاوب مع نداءات مجلس الأمن،
والالتزام بإيجاد تسوية سياسية للخلاف المفتعل بشأن وحدته
الترابية، على أساس المبادرة المغربية بتخويل جهة الصحراء
حكما ذاتيا موسعا، في نطاق سيادة المملكة ووحدتها الوطنية
والترابية.

إن طموح المملكة المغربية في الإسهام في الارتقاء بالمنطقة
المتوسطية، إلى فضاء جيو-سياسي متجانس وقابل للحياة، لا
يوازيه إلا الضرورة الملحة لإطلا ق شراكة استراتيجية
حقيقية بين إفريقيا وأوروبا; عمادها المصالح المتبادلة،
والتحديات المتقاسمة، وبناء مستقبل مشترك.

فالتداخل المتزايد للمصالح الجيو-سياسية والأمنية بين
القارتين، وكذا كثافة المبادلات الاقتصادية والثقافية
والإنسانية; كلها عوامل تستلزم بلورة منظومة تشاركية
خلاقة، تأخذ بالاعتبار الخصوصيات الجيو-سياسية لكل جهة من
مناطق القارة الإفريقية.

وفي هذا الصدد، فإن الأجندة الأمنية والسياسية والاقتصادية
والإنسانية، لكل من منطقة الساحل والصحراء، والواجهة
الأطلسية، تتطلب على وجه الخصوص، مقاربات تشاورية وتشاركية
ومتضامنة.
أصحاب المعالي والسعادة،

إن المغرب، الذي يشاطر الاتحاد الأوروبي نفس التشخيص، لشتى
التحديات المطروحة، على الصعيدين المتوسطي والإفريقي،
سيستمر في النهوض بدور الفاعل المشارك، الذي ما فتئ يضطلع
به، والذي يؤهله للقيام به، ليس فقط موقعه الاستراتيجي
كملتقى بين القارتين، وإنما أيضا تواجده على واجهتين
بحريتين، وانفتاحه الطبيعي على مختلف هذه الفضاءات.

بيد أن بلوغ هذا الهدف، وانتهاج المسار الواعد المفضي
إليه، يتطلب إيمانا عميقا، واقتناعا راسخا، وعملا إرادويا.
وعلى أساس هذه المبادئ السامية، وما سواها من القيم
المثلى، فإن المغرب عاقد العزم على توطيد توجهه، سواء
لتحقيق تقارب أمثل مع الاتحاد الأوروبي، أو للسير إلى أبعد
مدى ممكن، لإرساء علاقة بناءة مع هذا الاتحاد.

وإننا لنسجل، ببالغ الاعتزاز، أن شراكتنا في كافة تجلياتها
وأبعادها ومجالاتها، تتطابق وما نبذله، بإيمان وعزيمة، من
مجهودات جادة ودؤوبة، للمضي قدما في ترسيخ دعائم مجتمع
منفتح، ديمقراطي وتضامني.

كما أنه من دواعي ارتياحنا، أن يتلاقى توجه المغرب الأكيد
في البروز كاقتصاد صاعد، مع طموحه الاستراتيجي، لبناء فضاء
اقتصادي مشترك مع الاتحاد الأوروبي.

وتحقيقا لهذا الهدف الأسمى، فإن المغرب، إذ يتطلع إلى ما
هو أرحب من مجرد إقامة منطقة للتبادل الحر; ليدعو إلى
الرفع من حركية تدفق الاستثمارات، وتعزيز أساليب التكامل
والتجانس في المجالين الزراعي والصناعي، وإعادة انتشار
الأنشطة الخدماتية، وتطبيق سياسات مشتركة في مجالات البحث
من أجل التنمية، واقتصاد المعرفة.

ومن الضروري أن يتطلب هذا التوجه تفعيلا سريعا وناجعا،
لكافة الالتزامات المتفق عليها من قبل الطرفين. وفي هذا
الصدد، ونظرا للأهمية التي تكتسيها الاتفاقية الزراعية
الجديدة المبرمة مؤخرا، وللفرص التي تتيحها، فإن المغرب،
إذ يؤكد حرصه على التعجيل بأجرأتها، وفاء بتعهداتنا
المشتركة، فإنه يأسف للتأخير الحاصل في دخولها حيز
التنفيذ.

وإن إقامة فضاء مشترك بين المملكة المغربية والاتحاد
الأوروبي، في مجال اقتصاد المعرفة، لمن شأنه أن يشمل عمليا
الرهانات الجديدة، الطاقية والبيئية، وذلك بتشجيع البحث
العلمي، في مجال الطاقة الإيكولوجية، والطاقات النظيفة،
والاقتصاد الأخضر، والبحث في مجال الأرصاد الجوية، والتنوع
البيولوجي، وتحلية مياه البحر، والوقاية من الطوارئ،
كالفيضانات والجفاف ...

وفي هذا الصدد، فإن مشروع الطاقة الشمسية، الذي أعطينا
انطلاقته، في شهر نونبر المنصرم، يعكس رؤية واضحة وطموحة،
في مجال الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة. وهنا نؤكد
أن المغرب يأمل أن يستكشف مع الاتحاد الأوروبي، كافة الفرص
التي ستتيحها المشاريع ذات الصبغة الجهوية، كمشروع "ديزيرتيك"
ؤمsمْtمك، وذلك لإرساء قواعد سياسة طاقية أورو-متوسطية
مضبوطة، آمنة ومستدامة.

كما يتعين انتهاج نفس المقاربة التشاورية والتضامنية، متى
تعلق الأمر بالتعامل مع مسألة الحركية الإنسانية بين
المغرب وأوروبا.

وفي هذا المضمار، فإن المغرب، من منطلق مبادئه ومقوماته
الدستورية والهوياتية والسوسيولوجية، ليعرب عن تقديره
واهتمامه بهذا الوجه الجديد من المواطنة، الذي بدأ يتشكل
بين ضفتي المتوسط، ويدعو لمد يد العون للمهاجرين، لتمكينهم
من اكتساب توازن هوياتي، من شأنه أن يعزز الهوية الأصلية
للمهاجر، دون حمله على التنكر لها، أو التخلي عن أصوله، أو
الانسلاخ عن جذوره.

وتظل الغاية التي ينبغي أن ننشدها جميعا، هي النهوض بأوضاع
المهاجرين، لتمكينهم من الاضطلاع بدور الفاعل المنخرط في
الإسهام في تعزيز المبادلات بين ضفتي المتوسط، والرافعة
القوية لتجسيد تلاقح الثقافات، وتمازج وتعايش الأجناس
البشرية.

وعملا على تجلية هذا البعد الثقافي، فإن الجامعة الأورو-متوسطية
بمدينة فاس، سوف تسهم بشكل فاعل، في بناء فضاء موحد
للتعليم العالي والبحث.

وإجمالا، فإن الاعتزاز والارتياح لما تحقق من مكاسب هامة،
ورصد الآفاق الواسعة، المفتوحة أمام الشراكة بين المغرب
والاتحاد الأوروبي، لا ينبغي أن يحجب عنا ضرورة توجيه هذه
الشراكة، نحو تحقيق غايات أسمى وأكثر طموحا.
ومن هذا المنظور، فقد بات من اللازم أن يكتسب الوضع
المتقدم، الذي حددنا معالمه، في مارس 2000، كل المقومات
القانونية والمؤسساتية والاتفاقية والتعاقدية، التي أصبح
جديرا بها. ونعني بذلك الارتقاء به إلى مستوى شراكة
متميزة.

وإن المغرب، الذي ما فتئ يولي علاقته مع الاتحاد الأوروبي
مكانة رفيعة، ليؤكد التزامه الراسخ بتعزيز ومواصلة هذه
الدينامية المثلى والواثقة والمثمرة، بالنسبة للطرفين،
والتي ظلت على الدوام، تميز علاقة بلادنا بأوروبا.

كما أن المغرب يعتبر أن هذه المرحلة النظامية الجديدة، في
علاقته بالاتحاد الأوروبي، مدعوة لأخذ شكل "شراكة متميزة"،
كفيلة بالاستثمار الأمثل للمكاسب والإنجازات المحققة، خلال
الفترة الأخيرة، وجديرة بتقديم إجابات ملائمة وطموحة، لما
تطرحه المستجدات الاقتصادية والإنسانية والاستراتيجية، لكل
من المغرب والاتحاد الأوروبي.

فبلادنا تتطلع إلى تدشين عهد جديد مع هذا الاتحاد، من خلال
هذا الإطار من العلاقات، الذي من شأن بلورة وتفعيل أوفاقه
التعاقدية، ومقومات أجرأته، أن تضفي المزيد من الزخم
والبعد الاستراتيجي، على المسار المستقبلي للعلاقة القائمة
بيننا.

وإن من شأن العهد الجديد، والأفق المفتوح، في علاقة المغرب
بالاتحاد الأوروبي، أن يتيح لهما العمل، بكل عزم وطموح،
وبرؤية واضحة، للاستفادة من الفرص والإمكانات الجديدة،
التي تفتحها أمام شراكتهما معاهدة لشبونة، وذلك لبلورة
وإرساء منظومة شراكة جديدة، تكفل للمغرب تعزيز قربه من
الاتحاد الأوروبي.

وبقدر ما سيفرزه هذا الأفق من نتائج إيجابية، على مستقبل
العلاقة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، فستكون له
نفس النتائج على الصعيد الإقليمي، من خلال الآفاق الواعدة،
التي سيفتحها، باعتباره نموذجا رائدا للتقارب بين الاتحاد
الأوروبي والشركاء المتوسطيين.

أصحاب المعالي والسعادة،

إننا نتيمن بانعقاد هذه القمة الأولى من نوعها، بمدينة
غرناطة العريقة، إحدى الشواهد الخالدة للتفاعل التاريخي
والثقافي والإنساني، بين ضفتي المتوسط، ولتمازج الحضارات
المغربية والإسبانية والأوروبية; متطلعين للارتقاء بنظام
الوضع المتقدم في علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي، إلى
شراكة متميزة.

وهذا ما يقتضي أن يكون التقدم مشتركا، وليس أحادي الجانب،
وإنما يسير على سكة متوازية. فمن جهة، فإن المغرب يتقدم
نحو أوروبا، بما نقوده، بإرادة سيادية وطنية، ووفاء
لالتزاماتنا بترسيخ بناء مجتمع ديمقراطي تنموي، معتز
بهويته الأصيلة، منفتح على عصره، وعلى جواره المباشر، ولا
سيما الأوروبي منه، وبما نحرص عليه من إصلاحات هادفة
لترسيخ الحكامة الجيدة، وأوراش هيكلية للتحديث الاقتصادي
والتنمية البشرية. ومن جهة ثانية، فإننا نتطلع إلى أن
تتقدم أوروبا بدورها نحو المغرب، لتكون خير شريك له، من
حيث دعمها الملموس، وإسهامها القوي، في عمل مشترك وجاد، من
أجل بلورة المشروع الاستراتيجي للشراكة المتميزة. وذلك
وفاء لإشراقات تاريخ مشترك من تحالف حضاراتنا، والتزاما
بمتطلبات عصر التكتلات، ورفعا لتحديات العولمة، وتحقيقا
لآمال الأجيال الصاعدة، في العيش ضمن فضاء آمن ومزدهر;
فضاء مشترك يسوده ما نتقاسمه من التشبث بالمثل السامية
للسلم والإخاء والديمقراطية، والتضامن والتقدم، والتصدي
لنزوعات الانغلاق والإقصاء والإرهاب، ونصرة القيم المثلى
لاحترام كرامة الإنسان، وصون حرمة الأوطان، والتنمية
المندمجة للبلدان، في نطاق من الطمأنينة والأمان.

والسلا م عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

نص خطاب
جلالة الملك الى القمة العربية ال22 بليبيا







سرت-27-03-2010
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا إلى القمة
العربية الثانية والعشرين، التي انطلقت أشغالها اليوم
السبت بسرت بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية
الإشتراكية العظمى.



وفي ما يلي النص الكامل لهذا الخطاب:



"الحمد لله، والصلاة والسلام على
مولانا رسول الله وآله وصحبه.



فخامة الأخ القائد معمر القذافي، رئيس
القمة،



أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو
والمعالي،



سيادة الأمين العام،


أصحاب السعادة، حضرات السيدات
والسادة،




يطيب لي أن أعرب لفخامة الأخ معمر القذافي، قائد ثورة
الفاتح، عن مشاعر التقدير، لغيرته العربية الصادقة، وروحه
الوحدوية المشهودة. كما أتقدم بالشكر الجزيل لفخامته،
وللشعب الليبي العريق، على ضيافة هذه القمة، وعلى الجهود
السخية لحسن التئامها.



وأود الإشادة بما قام به أخونا
الموقر، صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة
قطر الشقيقة، من جهود خيرة، خلال رئاسته لقمة الدوحة.



وفي نفس السياق، أنوه بالمساعي
الحميدة، التي يبذلها معالي السيد عمرو موسى، الأمين العام
لجامعة الدول العربية.



وإن ارتياحنا لانعقاد مؤتمرات القمة
العربية، بصورة منتظمة، لا يعادله إلا انشغالنا بضرورة
الارتقاء بها إلى مستوى العمل المتواصل المشترك، لتفعيل
قراراتها، الهادفة إلى تجاوز المعيقات، ورفع التحديات،
وبناء فضاء عربي مندمج، على أسس من الثقة المتبادلة،
والشراكة المثمرة.



أجل، لقد ظلت هذه الأهداف السامية،
محل إجماع القيادات والشعوب العربية. لكن ما الذي حال دون
بلوغها ?



إنه الاقتصار على استشعار ما للأمة
العربية من رصيد مشترك، ثقافي وروحي مشرق، على حساب
الاستحضار الموضوعي للواقع المؤسف للعالم العربي. وهو واقع
مشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية ; بل وبمناورات
ومؤامرات التجزئة والانقسام، والمس بالسيادة أو بالوحدة
الترابية أو الوطنية لبلدانه، في شرقه وغربه. فضلا عن
التفاوتات التنموية الصارخة، غير اللائقة بشعوب تجمعها كل
مقومات الوحدة والتضامن.



وقد بلغ هذا الوضع حدا من التفاقم،
بحيث لم يعد جوهر الاهتمام المركزي بالقضية الفلسطينية، هو
بلوغ الهدف الأسمى، لإقامة دولة فلسطينية ; وإنما صار
الشغل الشاغل للأمة، هو تحقيق المصالحة بين مكونات وفصائل
هذا الشعب المكلوم، والمستهدف بشتى التجاذبات والاستقطابات.



وقد استغلت إسرائيل هذا الوضع
المتردي، للتمادي في سياساتها العدوانية، القائمة على
الاستيطان الغاصب، والحصار الجائر، وتهويد القدس، وانتهاك
حرمات المسجد الأقصى المبارك، والأماكن الروحية والأثرية;
في خرق سافر للشرعية الدولية، وللقيم الإنسانية.




وفي مقابل هذا التعنت والتصعيد
الإسرائيلي، فإن الصف الفلسطيني ظل منقسما على نفسه ; فيما
اقتصرت ردود الفعل على بلاغات الإدانة، والمزايدات
الكلامية والإعلامية، والاجتماعات الشكلية ; باستثناء بعض
المبادرات التضامنية الملموسة.



وأمام خطورة هذا الوضع، فإن المغرب
يؤكد، مرة أخرى، أنه لا مناص من اعتماد استراتيجية عربية،
قائمة على دعامتين :



+ أولاهما : المصالحة البينية، لتجاوز
الخلافات السياسية غير المبررة، وإيجاد حل للقضية الجوهرية
الفلسطينية.



+ والثانية : تحقيق الاندماج التنموي،
باعتباره عمادا لقيام تكتل عربي وازن، في محيطه الإقليمي
والعالمي.




أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو والمعالي،




إن حل الخلافات البينية، وإنجاز المصالحة العربية، يقتضي
التحلي بروح الأخوة والحوار والتصافي، والنظرة المستقبلية.
كما أنه يمر عبر إعطاء الأسبقية للمصالحة بين المكونات
الفلسطينية، تعزيزا للموقف التفاوضي الفلسطيني والعربي ;
منوهين، في هذا الشأن، بالجهود الخيرة لأخينا المبجل،
فخامة الرئيس محمد حسني مبارك.



وفي نفس السياق، نؤكد دعمنا للسلطة
الوطنية الفلسطينية، بقيادة أخينا المحترم، فخامة الرئيس
محمود عباس، ولصموده ونضاله، من أجل إقامة دولة فلسطينية
مستقلة، ذات سيادة، متصلة وقابلة للاستمرار، وعاصمتها
القدس الشريف.



وأمام خطورة الوضعية العصيبة، الناجمة
عن تعنت إسرائيل، علانية، في تنفيذ مخططاتها للتهويد و
الاستيطان، والعزل والضم، والحصار العدواني، في الضفة
الغربية وقطاع غزة عامة، والقدس بصفة خاصة ; فإننا نؤكد
رفضنا القاطع لهذا المخطط الإسرائيلي العدواني، ولتحديه
السافر للإرادة السلمية الدولية. (



وبصفتنا رئيسا للجنة القدس، سنواصل
تكثيف جهودنا، بما يلزم للتصدي لمحاولات التهويد
اللامشروعة، الهادفة لعزل هذه المدينة السليبة، عن الضفة
الغربية المحتلة، وضمها غير الشرعي والمستحيل إطلاقا
لإسرائيل.



وبموازاة ذلك، فإننا أشد ما نكون
حرصا، على مواصلة العمل، الذي لم نفتأ نقوم به، من أجل
الحفاظ على الوضع القانوني للقدس، وطابعها الحضاري،
ومعالمها الروحية، وعلى تقديم كل أشكال الدعم الملموس،
لصمود المقدسيين. وهو ما نوجه وكالة بيت مال القدس الشريف،
للقيام به، من خلال مشاريع وبرامج ميدانية.



كما نؤكد الموقف المغربي الراسخ،
الداعم لخيار السلام، والداعي إلى التحرك المتواصل
والفعال، على أساس مبادرة السلام العربية، باعتبارها حلا
واقعيا ومسؤولا، لإقامة الدولة الفلسطينية على أرضها
المسترجعة، واستعادة كافة الأراضي العربية الأخرى المحتلة،
بالجولان السوري، والجنوب اللبناني ; منوهين برائدها،
أخينا الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد
الله بن عبد العزيز آل سعود.



إن خطورة الأوضاع تتطلب من المجتمع
الدولي، وقواه الفاعلة، مواقف أكثر حزما وفاعلية، لردع
إسرائيل عن التمادي في غيها، المهدد للسلم والأمن
الدوليين، ولإلزامها بالتجاوب الفعلي مع إراد ة السلام.



وفي هذا الصدد، ندعو المجتمع الدولي،
وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، كراعية
لمفاوضات غير مباشرة، لحمل إسرائيل على وقف ممارساتها غير
المشروعة، وعلى الانخراط الجاد، على أساس مقررات الشرعية
الدولية، في مسار سلمي، جاد وملزم لكل الأطراف، لبلوغ حل
الدولتين، الذي لا محيد عنه، لضمان السلم والأمن، ليس في
المنطقة فحسب، بل وفي العالم أجمع.



وإن المغرب، الذي يعتبر الدفاع عن
وحدته الوطنية والترابية، من ثوابته ومقدساته، ليجدد موقفه
الرافض لأي مساس بوحدة وسيادة أي بلد عربي ; مؤكدين دعمنا
المطلق للمملكة العربية السعودية الشقيقة، في تصديها
الحازم لأي تطاول على سلامة أراضيها.



كما نجدد تضامننا مع اليمن، والسودان،
والعراق، والصومال، من أجل صيانة وحدتها وسيادتها، وأمنها
واستقرارها.



أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو
والمعالي،



مهما كانت ضرورة التوافق حول القضايا
السياسية العربية المصيرية، فإنها لا يمكن أن تحجب عنا
الأهمية المركزية للاندماج التنموي والاقتصادي.




لذا، أصبح من الملح، إقرار رؤية
استراتيجية عربية شاملة ومندمجة، كفيلة بتأهيل دولنا لرفع
مختلف التحديات التنموية والأمنية، وكسب رهانات العولمة،
ومجتمع المعرفة والاتصال.



ولن يتأتى ذلك، إلا بدعم العمل العربي
المشترك، في إطار منظومة اقتصادية عربية، قائمة على تشجيع
الاستثمار الأمثل، للموارد المالية والطبيعية والبشرية، في
بلداننا ; داعين إلى تفعيل قرارات القمة الاقتصادية
الرائدة، بدولة الكويت الشقيقة، ولاسيما منها إنشاء صندوق
دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة، للنهوض بالتنمية البشرية.



غايتنا انبثاق شراكة تنموية مثمرة بين
بلداننا، لتمكينها من الإفادة من الفرص، التي تتيحها
شراكات الجامعة العربية، مع مجموعات الدول الأخرى.




أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو
والمعالي،



إن رفع التحديات الراهنة، يتطلب
إصلاحا جوهريا وعقلانيا، لهياكل وآليات العمل العربي
المشترك، لا يقتصر على أجهزة الجامعة العربية ; ولا ينحصر
في عمل الحكومات، بل يتسع لإشراك الفاعلين الجدد، من
برلمانات، وهيآت تمثيلية وجماعات محلية، ومجتمع مدني،
وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين، ونخب فكرية وإعلامية وفنية.



وإننا لنتطلع أن تشكل هذه القمة،
فاتحة عهد جديد من التضامن العربي، يقوم على صدق الإخاء،
وحسن الجوار، والتضامن الفعال، والتعاون التنموي، في نطاق
اندماج عقلاني وعصري، متميز باحترام خصوصيات كل بلد من
بلداننا الشقيقة.



والله الموفق والهادي إلى سواء
السبيل.



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

أمير المؤمنين يستقبل السيد رضوان بن الشيخ
بناصر الناصري الشيخ الجديد للزاوية الناصرية بتمكروت
-






الدار البيضاء: 9 أبريل 2010-استقبل أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد
السادس، نصره الله، اليوم الجمعة بالقصر الملكي بالدار
البيضاء، الشيخ رضوان بن الشيخ بناصر الناصري الشيخ الجديد
للزاوية الناصرية بتمكروت، التي يعتبر شيخها شيخا للطريقة
الناصرية الشاذلية المعروفة بالعلم والصلاح في جميع أنحاء
المغرب.
ومعلوم أن الطريقة الناصرية ظهرت مع بداية الدولة العلوية
وقامت بأدوار مشهودة في ترسيخ الشريعة ونشر أخلاق السنة
وتوفير وسائل العلم ولاسيما بإنشاء المكتبة الشهيرة بزاوية
تمكروت، التي تضم ما يقرب من ستة آلاف مخطوط.
والشيخ الجديد السيد رضوان الناصري هو الشيخ العاشر لهذه
الطريقة، ويدخل استقباله من طرف أمير المؤمنين في إطار
العناية، التي يوليها أعزه الله للطرق الصوفية وزوايا
التربية الروحية التي هي منارات التنشئة على الإسلام وفقا
لثوابت الأمة المغربية في العقيدة والمذهب والتربية
الروحية.
وبهذه المناسبة، التي حضرها وزير الأوقاف والشؤون
الإسلامية السيد أحمد التوفيق، سلم الشيخ رضوان الناصري
رسالة شكر وعرفان إلى أمير المؤمنين رفعها إلى جلالته
مرابطو الزاوية الناصرية.

وفي ما يلي نص هذه الرسالة :

"بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
وآله وصحبه.
مولاي صاحب الجلالة والمهابة،
السلام على المقام العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته،
وبعد،
يتشرف مرابطو الزاوية الناصرية عبر ربوع مملكتكم السعيدة
وعلى وجه الخصوص مرابطو الزاوية الأم بتمكروت، وهم يعيشون
تحت وقع الخطب الجلل المتمثل في فقدان نقيب الزاوية وشيخ
طريقتها المشمول برحمة الله سيدي الشيخ بناصر بن عبد
السلام تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، بأن
يرفعوا إلى السدة العالية بالله أمير المؤمنين وحامي حمى
الملة والدين صاحب الجلالة مولانا سيدي محمد السادس، أدام
الله عزه ونصره تعازيهم الحارة، وأعظم تشكراتهم وعرفانهم
للعناية المولوية السامية المتواصلة في السراء والضراء
والتي يؤكدها الوفد المبعوث من طرف جلالتكم أعزكم الله
لمواساتهم وترؤس مراسم تشييع الفقيد".



descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

جلالة
الملك يوجه "الأمر اليومي" للقوات المسلحة الملكية بمناسبة
الذكرى 54 لتأسيسها -








وجدة: 14 ماي 2010- وجه
صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، القائد الأعلى ورئيس
أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، اليوم الجمعة،
"الأمراليومي" للقوات المسلحة الملكية، وذلك بمناسبة
الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيسها
. وفي
ما يلي نص "الأمر اليومي":






"الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه


معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



تحتفل أسرة القوات المسلحة الملكية اليوم بكل مكوناتها
البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي ومعها الشعب
المغربي قاطبة بذكرى غالية على أنفسنا ألا وهي الذكرى
الرابعة والخمسون لتأسيسها
.



وإنها لمناسبة عظيمة نشيد فيها بكل فخر واعتزاز بالأعمال
والمنجزات التي حققتها القوات المسلحة الملكية منذ تأسيسها
على يد جدنا جلالة الملك المجاهد محمد الخامس طيب الله
ثراه، وإعادة بنائها وتطويرها في عهد والدنا المنعم بالله
جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه، لتظل سائرة في
مصاف الجيوش الحديثة مستحقة بذلك كل التقدير والاحترام على
المستويين الوطني والدولي .



معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



إننا بصفتنا قائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة
للقوات المسلحة الملكية، لا يسعنا إلا أن ننوه بما تبذلونه
باستمرار من جهود مشرفة وأعمال حميدة في سبيل الدفاع عن
حوزة الوطن وصيانة مقدساته بكل عزيمة ورباطة جأش لا
يزيدهما مرور الوقت إلا قوة وصلابة
.



كما نتوجه إليكم جميعا بأخلص مشاعرنا وسابغ رضانا وعطفنا
وارتياحنا لما تقومون به متشبعين بروح المسؤولية والحزم
والثبات ونكران للذات من أجل أداء المهام المنوطة بكم.



هكذا وتعبيرا عن التلاحم المتين والتعبئة الوطنية الشاملة
حول وحدتنا الترابية أصدرنا أوامرنا السامية لاتخاذ
الترتيبات اللازمة لاستقبال وفد برلماني يمثل مجلسي النواب
والمستشارين في زيارة ميدانية إلى الوحدات المرابطة
بأقاليمنا الجنوبية، وذلك للوقوف عن كثب على المشاريع
الاجتماعية والاقتصادية المنجزة بالمنطقة وكذا على الجهود
والتضحيات الجسام التي يبذلها جنودنا البواسل ليعيش وطننا
آمنا موحدا.



معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



إننا إذ نخلد هذه الذكرى المجيدة نستحضر القيم العليا
والأخلاق النبيلة التي تتحلى بها قواتنا المسلحة الملكية
في قيامها بواجبها الوطني بكل تفان وإخلاص ومهنية عالية،
في مساندة رعايانا المتضررين من جراء الظروف المناخية
الصعبة التي عرفتها بعض جهات مملكتنا الشريفة خلال شتاء
هذه السنة وذلك بالتعجيل في تقديم المساعدات الطبية وتوفير
الوسائل اللوجستيكية اللازمة وفك العزلة عن المناطق
المتضررة.



وبذلك تكونوا، وطبقا لتعليماتنا السامية، قد أبليتم البلاء
الحسن وتحليتم بروح المواطنة واليقظة التامة والتأهب
المستمر مخلصين بذلك لفضائل التضحيات التي ما فتئتم تتسمون
بها لكي يعيش المواطن المغربي في عزة واطمئنان
.



معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز، أنكم تقدمون على الدوام
أعمال جليلة ومجهودات محمودة كلما دعيتم في إطار الشرعية
الدولية إلى المشاركة في تحقيق السلم واستتباب الأمن في
مناطق عدة من العالم . فقد استطعتم في هذا المجال، بفضل ما
تتمتعون به من كفاءات مهنية وسلوك حسن أن تكونوا بين خيرة
سفراء وطنكم .



وإننا بهذه المناسبة الغالية، نجدد رضانا وتقديرنا لما
تقوم به تجريدات قواتنا المسلحة الملكية في الكونغو والكوت
ديفوار والكوسوفو دعما لعمليات حفظ السلام، وما سجلته من
شهادات امتنان واعتراف من طرف المنتظم الدولي . كما لا
يفوتنا أن ننوه بمشاركتكم المتألقة في احتفالات العيد
الوطني للشعب الغابوني والذكرى الخمسينية لاستقلال
السينغال
.



وفي هذا الإطار، نود أن نشيد بما تقومون به في مجال إرساء
وتطوير سبل التعاون والتبادل العسكري مع الدول الشقيقة
والصديقة والمنظمات والهيئات الدولية، قصد اكتساب الخبرات
والمهارات الحديثة وإيجاد الوسائل والتجهيزات الضرورية
الكفيلة برفع مستواكم العملياتي حتى تقوموا أحسن قيام
بالمهام الموكلة إليكم، خاصة في ميدان تدبير الأزمات ودعم
العمل الإنساني .



معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



إن من أولويات اهتماماتنا الحرص الدائم على تطوير قواتنا
المسلحة الملكية بجميع مكوناتها البرية والجوية والبحرية
والدرك الملكي، من خلال التكوين الدؤوب والمستمر لمواردها
البشرية الكفأة وتجهيزها بكافة الإمكانيات الضرورية
والوسائل التقنية الحديثة، لتواكب التطور الصناعي
والتكنلوجي، حتى يبقى الجندي المغربي نموذجا في السلوك
والانضباط والاحترافية
.



ويظل الجانب الاجتماعي لقواتنا المسلحة الملكية في صلب
اهتماماتنا وعنايتنا الخاصة، وذلك بتتبعنا للمشاريع الكبرى
الشاملة التي حرصت جلالتنا على إعطاء انطلاقتها، من برامج
لتقوية البنية التحتية للثكنات وتحديث مرافقها الاجتماعية
والصحية والرياضية، وبرامج توفير السكن اللائق لفائدة
أفراد القوات المسلحة الملكية وقدماء العسكريين وقدماء
المحاربين وأيتام الشهداء
.



معشر الضباط وضباط الصف والجنود،



إننا ونحن نحتفل بهذه الذكرى المجيدة، لا يفوتنا أن نستحضر
بكل إجلال وإكبار ذكرى القائدين الراحلين، جدنا المغفور له
جلالة الملك محمد الخامس أب الأمة ومؤسس القوات المسلحة
الملكية، ووالدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني،
موحد المغرب المستقل الحديث . وإننا بهذه المناسبة الجليلة
لنتضرع إلى الباري عز وجل أن يشملهما بواسع رحمته ويسكنهما
فسيح جناته.



كما نتوسل إلى العلي القدير أن يشمل برحمته الواسعة
شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس ليظل المغرب
حرا أبيا مطمئنا، سائلين الله أن يسدد خطاكم ويشد عزمكم
ويجعلكم على الدوام حصنا حصينا لهذا الوطن، مبرهنين بذلك
على تعلقكم الراسخ بقائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب
العامة للقوات المسلحة الملكية، ومتشبثين بشعاركم الخالد :
الله -الوطن -الملك"
.

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

نص الرسالة
التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في الدورة 25 لقمة
فرنسا-إفريقيا





نيس 31-5-2010 وجه صاحب الجلالة الملك
محمد السادس، نصره الله ، رسالة إلى المشاركين في الدورة
25 لقمة فرنسا -إفريقيا التي افتتحت اليوم الإثنين بمدينة
نيس الفرنسية .



وفي ما يلي نص الرسالة الملكية:




"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.




السيد رئيس الجمهورية الفرنسية،




أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والحكومات،




أصحاب السعادة،




حضرات السيدات والسادة،




يطيب لي أن أعرب عن بالغ سروري، بمناسبة التئام هذه القمة
الهامة، التي تجمع مجددا الأسرة الإفريقية وفرنسا، مؤكدا
لكم تعلق المملكة المغربية بهذا المنتدى المفعم بروح
الأخوة والتضامن.




وإنه لمن دواعي الاعتزاز أن ينعقد هذا الملتقى في مرحلة
متميزة من مراحل تاريخنا المشترك، لكونه يتزامن مع احتفال
عدد من دول قارتنا بالذكرى الخمسينية لاستقلالها. ذلك أنه
بحلول سنة 1960، بزغ فجر جديد بالنسبة لسبعة عشرة دولة
إفريقية.




ومن هنا، فإن سنة 2010 تحمل في طياتها دلالة خاصة، لأنها
تخلد لمرور نصف قرن على نيل حريتها واستقلالها، واسترجاع
سيادتها الوطنية، وكذا على مسار بناء قارة إفريقية، تنعم
بالكرامة والازدهار، وتعمل على تجديد روحها وكيانها،
ومواكبة ما يفرضه عالم اليوم من متطلبات.




إن العلاقة القائمة بين إفريقيا وفرنسا قد انبثقت من
صيرورة تاريخ متقاسم، فضلا عن كونها تنهل من معين نفس
القيم الثقافية والإنسانية، وتستند على ذات الرؤية
المشتركة للمستقبل.




ومن هذا المنطلق، فإن هذه العلاقة تستمد جوهرها من الإيمان
العميق بمقومات قارتنا الإفريقية المعتزة بهويتها، والقوية
بموروثها الثقافي. تلكم القارة المفعمة بالحيوية، القادرة
على التفاعل الإيجابي مع الأحداث، والتوجه بعزم وحزم
وإرادة راسخة نحو المستقبل.




كما أنها تعد نموذجا فريدا، لارتكازها على أسس ثابتة من
الصداقة والتضامن، والرغبة الصادقة في تحقيق التنمية
المشتركة.




وفي هذا الإطار، يندرج حرصنا على ضمان الاستمرارية لهذه
الروابط التاريخية، لرفع التحديات المطروحة، واستثمار
الإمكانات المتوفرة لشراكتنا، وجعلها فرصا حقيقية للتبادل،
وتحقيق المزيد من النمو والتقدم لدولنا.




لقد شهدت إفريقيا، خلال العقود الأخيرة، تحولات عميقة. كما
قطعت الشراكة الفرنسية الإفريقية أشواطا هامة من التقدم
الملموس، يعكس ما تتمتع به هذه الشراكة من حيوية بالغة،
وقدرة خلاقة على مواكبة المستجدات والتأقلم معها.




مع تعاقب السنين، اتسع نطاق هذه الشراكة، ليشمل المزيد من
البلدان الإفريقية، في انفتاح موصول أمام انضمام فاعلين
جدد. وفي هذا الإطار، فإننا نعتبر انخراط الفعاليات
الاقتصادية، للأعمال والمقاولات، في هذه الشراكة، رافعة
حقيقية، لدورها الحاسم في تحقيق التنمية والتقدم، وخلق فرص
الشغل داخل دولنا الإفريقية.




كما أنها عرفت تحولا نوعيا في مضمونها، وتطورا لطبيعة
القضايا المطروحة للنقاش في هذا الإطار، وذلك من أجل
التكيف مع الرهانات والمستجدات الدولية، وتعزيز دور القارة
الإفريقية في تدبيرها، وترسيخ البلدان الإفريقية ضمن نادي
الدول المستفيدة من مسار التقدم.
ومن هنا، يتعين الحرص على تحديث هذا الإطار التشاركي
وتجديده، بتعزيز العمل المشترك، على النحو الأمثل، في عالم
مطبوع بالتحولات المتسارعة.




أصحاب الفخامة والمعالي،




أصحاب السعادة،




حضرات السيدات والسادة،




في الوقت الذي تجري فيه إعادة صياغة الأجندة الدولية،
لعالم يتطلع إلى قيام حكامة دولية أفضل، يتعين على إفريقيا
وفرنسا، بحكم ما يربطهما من مصالح مشتركة، التفكير المعمق،
لتحديد ما ينبغي القيام به من عمل موحد في هذا الشأن.




وفي هذا الصدد، فإن مسألة الآثار الناجمة عن التغيرات
المناخية، وقضايا السلم والأمن، والدور المنوط بقارتنا،
ارتباطا بالحكامة الدولية، تظل مطروحة باستمرار، باعتبارها
تنطوي على رهانات جوهرية، وتعكس أولويات وجيهة.




كما أن المؤهلات الطبيعية لإفريقيا تعد من بين أهم
الثروات، التي مع كامل الأسف، تتعرض للاستغلال المفرط،
والنهب والتبذير لمواردها، جراء الآثار الوخيمة للتغيرات
المناخية.




ومن هذا المنطلق، باتت الرهانات البيئية تطرح نفسها بإلحاح
شديد، لما لندرة الموارد، وتفاقم ظاهرة الجفاف، وتدهور
للأنظمة البيئية، من وقع كبير على تسارع وتيرة الأزمات
السياسية والاجتماعية، وانعدام الاستقرار في عدد من الدول،
بل وبمناطق شبه إقليمية برمتها.




ويقتضي التدبير المستدام للبيئة الإقدام على اتخاذ
الإجراءات اللازمة، على الصعيدين المحلي والوطني، وإيجاد
الآليات الملائمة، في إطار استراتيجيات إقليمية متناسقة،
تندمج بدورها داخل منظومة دولية للحكامة البيئية.




وفي هذا الصدد، تعتبر المملكة المغربية أن إعلان كوبنهاكن،
قد شكل محطة بارزة في تطور العمل على درب قيام نظام بيئي
عالمي توافقي وفعال. وهو ما يتطلب توطيد دعائمه خلال
اللقاء المقبل، المزمع عقده في المكسيك، خلال شهر نونبر
المقبل.


أصحاب الفخامة
والمعالي،



أصحاب السعادة،



حضرات السيدات والسادة،



تشهد إفريقيا تحولات عميقة، تجعل منها قارة تواكب التطور،
بحيث أصبحت تفرض وجودها كشريك فاعل، وتتحمل مسؤولية
خياراتها، وتدرك جوهر كيانها. وبذلك انخرطت في مسار تنموي
ملموس، إذ حققت خلال السنوات الأخيرة، معدل نمو يفوق 5 في
المائة لاسيما في العديد من القطاعات، كالبنيات التحتية
وتكنولوجيات الاتصال الحديثة، والطاقات المتجددة والسياحة.



وبذلك، فإن إفريقيا تمثل اليوم، فضاء متميزا، يتيح
إمكانيات وفرصا حقيقية في الميدان الاقتصادي، وإطارا
مفتوحا أمام شراكة دولية منصفة.
كما أن هذه المؤهلات ستشهد تطورا ملحوظا في مختلف
المجالات، إذا ما توطدت العلاقات البينية داخل القارة
الإفريقية، أو في مجال المبادلات، وفي مختلف أشكال الاتصال
والاستثمارات، لاسيما في ما يتعلق منها بمسارات الاندماج
شبه الإقليمي، المتسمة بالفعالية والإرادوية.



أصحاب الفخامة والمعالي،



أصحاب السعادة،



حضرات السيدات والسادة،



إن تحقيق التنمية في إفريقيا، يستوجب حتما، ضرورة تعزيز
السلم والاستقرار والأمن، على الصعيد الإقليمي. ولبلوغ هذه
الغاية يجب العمل على توطيد دعائم الديمقراطية، والنهوض
بالمقاربة التشاركية، وتطبيق مبادئ الحكامة الجيدة.



وعلاوة على ذلك، فإن الأمر يتطلب، قبل كل شيء، احترام
سيادة الدول ووحدتها الترابية، ومراعاة تماسك بنيانها
الاجتماعي، بموازاة مع وجوب فض الخلافات بالطرق السلمية
والتوافقية، القائمة على احترام قيم حسن الجوار، ووشائج
الأخوة الإفريقية الأصيلة.



وفي هذا الصدد، فإن البلدان الإفريقية مدعوة اليوم
للانخراط أكثر، بكل عزم وحزم، في دينامية ترمي إلى الوقاية
من اندلاع النزاعات، وحسن تدبير الأزمات، وتعزيز السلم في
هذه القارة، التي تواجه تهديدات أمنية متنوعة.



فبالإضافة إلى المخاطر الناجمة عن النزاعات المسلحة، داخل
البلد الواحد، أو بين عدد من الدول، استجدت ظواهر خطيرة
وغير مألوفة، تتميز باختراقها للحدود الوطنية، وبالتداخل
والتعقيد، كالاتجار غير المشروع، على اختلاف أنواعه
وأشكاله، والجريمة المنظمة، والقرصنة والإرهاب.



وأمام استفحال هذه التهديدات، ذات الامتداد العالمي، فإنه
يتعين البحث عن حلول جماعية منسقة، ومتفق بشأنها.



كما أن تولي إفريقيا مسؤولية تدبير هذه المخاطر والأزمات،
يمثل خيارا واعدا، يحظى بالأولوية الملحة ؛ ولن يتأتى ذلك
إلا باعتماد هذه الخيارات ، لعدم قابلية مبدإ السلم
للتجزئة، وفقا لمقتضيات وبنود ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد
الشرعية الدولية.



وفي هذا الإطار، فإن العمل الذي تقوم به فرنسا، وانخراطها
الدائم إلى جانب القارة الإفريقية، يعد نموذجا للشراكة
المتميزة، الرامية إلى الدفاع عن قيم السلم، والنهوض
بالمصالح المشتركة لدولنا.



أصحاب الفخامة والمعالي،



أصحاب السعادة،



حضرات السيدات والسادة،



إن إفريقيا، بحكم مؤهلاتها الاقتصادية، ونظرا لعدد دولها،
وانخراطها المستمر في قضايا السلم والأمن، لجديرة بأن
تتبوأ مكانة أكثر اعتبارا على الساحة الدولية، وبأن يكون
صوتها مسموعا بشكل أفضل، وأن تحظى تطلعاتها بما يلزم من
الاهتمام والعناية. فالأمر يتعلق بإقرار مبدإ الإنصاف،
ومراعاة مطلبي التمثيلية والشرعية.



ومن هذا المنطلق، فإنه لا ينبغي اعتبار تمثيلية إفريقيا
داخل المؤسسات الدولية مجرد ذريعة للفت الانتباه، أو مطية
لتحقيق طموح وطني.



وحتى يتوفر لهذه التمثيلية شرط المصداقية والاستمرارية،
فإنه حري بها أن تعكس ما تزخر به هذه القارة من مظاهر
التنوع والتعددية، وأن تحرص على تغليب المبدإ القائم على
تناوب التجمعات الإقليمية الإفريقية، التي تمثل ضمير
إفريقيا، وتحمل همومها وتطلعاتها.



أصحاب الفخامة والمعالي،



أصحاب السعادة،



حضرات السيدات والسادة،



إن المملكة المغربية تضع القارة التي تنتمي إليها، في صميم
تحركاتها على الصعيد الخارجي.



لذا، فإن المغرب، الذي يعتز بوقوفه، منذ حصوله على
الاستقلال، إلى جانب كافة حركات التحرر والانعتاق الأصيلة،
يسعى اليوم جاهدا، لتوطيد دعائم شراكة إفريقية متضامنة
وفاعلة، هادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة.



كما يعمل على المساهمة في تحقيق أهداف الألفية من أجل
التنمية، وذلك بفضل المبادرات الوطنية الواعدة التي
أطلقها، وحشد جهود كافة الفاعلين لبلوغها.



فالعنصر البشري يشكل حجر الزاوية، الذي تقوم عليه
استراتيجيتنا الرامية إلى تحقيق التنمية الاجتماعية
والاقتصادية لبلادنا.
كما يجعل الإنسان في صلب الشراكة القائمة بين المملكة
المغربية ونظرائها من الدول الإفريقية، بهدف تجسيد تلكم
الغاية المثلى، للتنمية البشرية.



ومن هذا المنظور، فإن هذه العلاقة تعد نموذجا حقيقيا
للتعاون جنوب-جنوب، ومحط اعتزاز للشعب المغربي، حيث عرفت
تطورا مشهودا، خلال السنوات الأخيرة، في مجالات العمل
التقليدية، خاصة في التكوين والتعاون التقني.



كما حرصنا على تطويرها مع عدد كبير من البلدان الإفريقية
الشقيقة، في الميادين الاجتماعية الأساسية، بموازاة مع
عملنا على توسيع نطاق قطاعات الاستثمار المنتج، ليشمل
النقل الجوي والبحري، والخدمات المالية والبنكية، وهي
القطاعات التي تعرف انخراطا أوسع للمقاولات العمومية
والخاصة.



وفي هذا المقام، أود الإعراب عن مدى تمسك المغرب بالفرص
التي قد يتيحها العمل المشترك لتعميق تعاوننا الثلاثي، حيث
ينضاف عطاء كل طرف إلى الخبرة المتوفرة لدى شركائه، بما
يسهم في إنجاز مشاريع ملموسة، تعود بالنفع على شعوب قارتنا
الإفريقية.



أصحاب الفخامة والمعالي،



أصحاب السعادة،



حضرات السيدات والسادة،



إننا نسجل، بكل ارتياح، أن التحولات العميقة والمتسارعة،
التي طبعت العلاقات الدولية، لم تغير من وقوف فرنسا إلى
جانب الدول الإفريقية .


كما أن
التئام هذه القمة في هذه الظرفية المواتية، يعكس الاهتمام
الذي توليه الدول الإفريقية للعلاقات التي تربطها بفرنسا
الصديقة.



إن هذا الإطار التعاوني الخاص، يخدم على حد سواء، المصالح
المشتركة لشعوب إفريقيا وفرنسا، في إطار شراكة مثمرة
وواعدة، يدرك الجميع جوهرها ورهاناتها، شراكة تخلصت من
رواسب الماضي، قائمة على أساس المسؤولية المشتركة والتضامن
الفاعل.



وإني لعلى يقين من أن هذه الشراكة المتميزة، ستعرف بفضل
الانخراط الجماعي، المزيد من التأقلم والتجديد والقوة، في
إطار الاحترام المتبادل، والالتزام الراسخ، بخدمة المستقبل
المشترك.



والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

جلالة الملك
يوجه رسالة سامية إلى المشاركين في اليوم الدراسي حول
"محمد الخامس- دوكول: من نداء لآخر" -




الرباط: 2
يونيو 2010-








وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة


سامية إلى المشاركين في اليوم
الدراسي الذي افتتح اليوم الأربعاء بالمكتبة الوطنية
بالرباط حول موضوع "محمد الخامس-دوكول: من نداء لآخر" وذلك
بحضور أزيد من 300


مشا رك من المغرب وفرنسا.



وفي ما يلي نص
الرسالة الملكية السامية التي تلاها السيد محمد معتصم
مستشار


صاحب الجلالة
:







"
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله
وآله وصحبه.



معشر الضباط السامين،



أصحاب المعالي والسعادة،



حضرات السيدات والسادة،







يطيب لنا أن نتوجه إليكم في افتتاح هذا اليوم الدراسي؛
منوهين بما حالفكم من توفيق في اختيار موضوعه. ألا وهو
"محمد الخامس - دوكول : من نداء لآخر".



إن هذا الملتقى يعد فرصة ثمينة لاستحضار لحظات تاريخية
حاسمة، صنعت الذاكرة المشتركة بين المغرب وفرنسا؛ ومن أقوى
محطاتها الكفاح، الذي خاضه بلدانا الصديقان، خلال الحرب
العالمية الثانية.



فبفضل هاتين الشخصيتين الفذتين؛ جدنا المنعم، جلالة
الملك محمد الخامس، أكرم الله مثواه، والجنرال شارل دوكول،
رحمه الله، تمكن كل من المغرب وفرنسا، وفي ظروف عصيبة
ورهيبة، من نسج عروة وثقى لا انفصام لها، ضمن تحالف مقدس
وغير مسبوق؛ قوامه جعل تحرير الإنسانية، وأوربا والعالم
أجمع، من النازية والفاشية، مقدما على تحرر البلدان.



ومن هنا، فما إن لاحت أمام المغرب معالم طريق الكفاح من
أجل الحرية والانعتاق، حتى انخرط في نضال تحرري آخر، ألا
وهو النضال ضد الهمجية النازية، والهيمنة والتسلطية.



وبصرف النظر عما كان يساور السلطات الفرنسية يومئذ، من
توجسات وتخوفات، أقدم جلالة السلطان محمد بن يوسف، والشعب
المغربي قاطبة، وبدون أي مواربة، على مساندة الحلفاء.




ومن ثم جاء نداء الوفاء والصدق، الذي أعلن فيه، أكرم الله
مثواه، في الثالث من شتنبر 1939، أنه "من هذا اليوم الذي
اتقدت فيه نيران الحرب والعدوان، إلى اليوم الذي يرجع فيه
أعداؤنا بالذل والخسران، يتعين علينا أن نبذل لها الإعانة
الكاملة، ونعضدها بكل ما لدينا من وسائل، غير محاسبين ولا
باخلين، فقد كنا معاهدين لفرنسا ومشاركيها في ساعة الرخاء،
ومن الإنصاف أن نشاركها اليوم في ساعة الشدة والبأساء، حتى
يكلل النصر أعمالها ويزهو سرور النجاح أيامها...".




إن الأمر لم يكن يتعلق بتصرف ظرفي عابر؛ بل كان تجسيدا
لموقف مبدئي، وإرادة متجذرة في تاريخ المملكة، مستمدة من
قيم خالدة لا يبلوها الزمان، والتي نتقاسمها على الدوام مع
العالم الحر. إنها قيم الوفاء للصداقة، والالتزام بالعهد،
ونصرة الحرية وحقوق الإنسان، والتحلي بالشهامة والتضحية،
والتفاني في الدفاع عنها.



فهذه المبادئ، التي ظل جدنا المنعم متشبعا بها، قد وجدت
صداها في مضمون وروح النداء الذي كان الجنرال شارل دوكول
مقبلا على توجيهه، في 18 يونيو 1940، وفي رفض السلطان محمد
بن يوسف لتطبيق القوانين المعادية للسامية، الصادرة عن
نظام فيشي.



ومن أجل هذه المبادئ والقيم، أدى المغرب، شأنه في ذلك شأن
فرنسا، الثمن من دم أبنائه، في سبيل نصرة الحرية والعدل.



واعترافا بهذا الموقف البطولي المشهود، خول الجنرال دوكول،
باسم فرنسا، جدنا المنعم الوسام الرفيع والمكانة
التاريخية، باعتباره رفيقا للتحرير.



وما تزال شهادة الجنرال دوكول خالدة على مر الزمن، وهي
قوله : "ترتبط فرنسا والمغرب، بوشائج قوية، ازدادت مؤخرا
متانة ورسوخا، بفعل دمهما الذي ارتوت به ساحة المعارك،
والذي فتح أمامهما آفاقا واعدة وزاهرة".



وعلى هذه الأسس، تولّى بلدَانا بناء مصير مشترك، مكننا
اليوم من بلورة شراكة متميزة. كما أن تقاسم نفس قيم
الصداقة، والتعاون والتضامن، والتشبع بالديمقراطية
والانفتاح، والاحترام المتبادل لمقومات بلدينا؛ كل هذه
القيم التي نتشبث بها، جعلت المغرب يتبوأ مكانة شريك متميز
في علاقاته الاستراتيجية بفرنسا، ووضعا متقدما في روابطه
النموذجية بالاتحاد الأوروبي، وفاعلا أساسيا في الفضاء
الأورو-متوسطي والإفريقي.







حضرات السيدات والسادة،







إن هذا اليوم الدراسي، لا يكتسي أهمية أكاديمية فقط، وإنما
يحمل أيضا طابعا رمزيا ساميا، سواء بالنسبة للماضي، أو
الحاضر أو المستقبل.



لقد جمع تاريخ التحرير، في كل من فرنسا والمغرب، بطلين
سيظلان رمزا، ليس فقط لترسيخ قيم الحرية والإخاء
والمساواة، ولكن لصداقة دائمة تعتبر هذا الرصيد التاريخي،
مصدرا لإلهامها، ودعامة لاستمرارها.



وإني لواثق، بأن مداولاتكم المثمرة، ستساهم في التعريف
الأعمق بالجوانب المشرقة لهذا الماضي، وإضافة لبنة جديدة
لتوطيد علاقاتنا النموذجية، المطبوعة بوشائج الصداقة
المتينة، والتفاهم الودي، والاحترام المتبادل، التي لا
مجال فيها لسحب ولو عابرة، أو لمركبات أو نوازل.



وما فتئنا نعمل سويا مع صديقنا العزيز، فخامة الرئيس
نيكولا ساركوزي، على ترسيخ الارتقاء بها للمكانة الرفيعة
لشراكة استراتيجية، لما فيه خير شعبينا الصديقين، وصالح
تعاونهما البناء، سواء في المجال الثنائي، الذي هو موضع
ارتياحنا الكبير واعتزازنا البالغ؛ أو على الصعيد الجهوي
بتضافر جهودنا في نطاق الاتحاد من أجل المتوسط، أو لتنمية
واستقرار إفريقيا، ووحدة بلدانها، وخاصة بجوارنا المباشر
المغاربي، وببلدان الساحل؛ أو على الصعيد الدولي، للإسهام
معا في انبثاق حكامة عالمية أكثر إنسانية وإنصافا وتضامنا.



وإذ نرحب بالمشاركين في هذا الملتقى الهام، نتمنى كامل
التوفيق لأعمالهم، بما يغني البحث العلمي والأكاديمي في
هذا المجال.



وإننا لعلى يقين من أن تخليد هذه الذكريات المجيدة سيعزز
رصيدنا التاريخي والحضاري المشترك، ويشكل حافزا للأجيال
الحاضرة والصاعدة على بناء مستقبل أرغد، قوامه المبادئ
الخالدة لسيادة ووحدة البلدان الوطنية والترابية، وقيم
الديمقراطية والتقدم والتضامن والتنمية المشتركة.




تلكم القيم التي كافح وضحى من أجلها فخامة الرئيس الجنرال
شارل دوكول، وجدنا المقدس جلالة الملك محمد الخامس، ورفيقه
في الكفاح، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، خلد
الله في الصالحات ذكرهم، والتي يواصل المغرب وفرنسا
توطيدها، ضمن شراكة استراتيجية نموذجية.



والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz

نص
الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك



إلى
الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد






تطوان -31-07-2010 وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الجمعة،
خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربع

جلالته على عرش أسلافه المنعمين.




وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :




" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.




شعبي العزيز،




نخلد اليوم، الذكرى الحادية عشرة لاعتلائنا العرش. وهي
مناسبة مجيدة لتجديد أواصر البيعة المتبادلة، والإجماع
الوطيد على ثوابت
المغرب، في وحدة الوطن والتراب والهوية; وعلى مقدسات
الأمة، التي نحن، كأمير للمؤمنين، لها ضامنون; عقيدة
إسلامية سمحة،
بخصوصيتها المغربية، القائمة على المذهب السني المالكي،
والاحترام المتبادل بين الأديان السماوية، والانفتاح على
الحضارات.
وقد ارتأينا أن نكرس خطابنا لهذه السنة، للوقوف الموضوعي،
على ما قطعناه من أشواط متقدمة; وما يتعين إزاحته من
معيقات، ورفعه
من تحديات; لاستكمال مقومات النموذج التنموي الديمقراطي،
الذي أردناه مغربيا متميزا. عماده تنمية متناسقة، مرتكزة
على نمو اقتصادي
متسارع، يعزز التضامن الاجتماعي; وقوامه تنمية مستدامة،
تراعي مستلزمات الحفاظ على البيئة ومنهجه الحكامة الجيدة.

ومن هذا المنطلق، أقدمنا، منذ تولينا أمانة قيادتك، على
انتهاج تحول نوعي في مسارنا التنموي; باعتماد اختيارات
صائبة وناجعة تقوم على أربع دعامات أساسية :




أولاها : قيام الدولة، تحت قيادتنا، بدورها الاستراتيجي في
تحديد الاختيارات الأساسية، والنهوض بالأوراش الكبرى
والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة والانفتاح
الاقتصادي المضبوط.




أما الدعامة الثانية فهي توطيد الصرح الديمقراطي; إذ ما
فتئنا نعمل على ترسيخ دولة القانون، واعتماد إصلاحات
حقوقية ومؤسسية عميقة، وتوسيع فضاء الحريات، والممارسة
السياسية الناجعة، القائمة على القرب والمشاركة.




بيد أن هذه المكاسب السياسية، على أهميتها، ستظل شكلية، ما
لم تقترن بالنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية لمواطنينا،وبتوطيد التضامن; وجعلهما محورا
للسياسات العمومية.




ومن هنا تبرز ضرورة الدعامة الثالثة، القائمة على جعل
المواطن في صلب عملية التنمية. وهو ما جسدناه في المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية، التي حققت على مدى خمس سنوات،
نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش; وذلك ما
يحفزنا على مواصلة تطوير برامجها بالوقوف الميداني
والتقويم والتعميم، لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.




أما الدعامة الرابعة، فهي تمكين الاقتصاد الوطني، من
مقومات التأهيل والإقلاع، بتوفير التجهيزات الهيكلية،
واعتماد مخططات طموحة،أخذت تعطي ثمارها الملموسة، على
المستويات الاستراتيجية، والقطاعية والاجتماعية.




فعلى المستوى الاستراتيجي، أتاحت هذه التجهيزات والمخططات،
تحديث اقتصادنا، والرفع من إنتاجيته وتنافسيته، ومن حجم
الاستثمار العمومي، وإقامة أقطاب للتنمية الجهوية
المندمجة.




كما مكنت بلادنا، من إطار قار وواضح للتنمية الاقتصادية،
ومن الصمود في وجه تداعيات الأزمة المالية العالمية; فضلا
عن ترسيخ موقع المغرب، كوجهة محفزة للاستثمارات المنتجة،
ومحور أساسي للمبادلات التجارية، الجهوية والعالمية.




وبنفس الإرادة والطموح، فإننا عازمون على مواصلة إنجاز
التجهيزات الكبرى، بكل مناطق المملكة; تعزيزا للتقدم الذي
حققه المغرب،في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل
والمواصلات، وإقامة مناطق حرة، وأقطاب صناعية مندمجة،
وإنجاز مركبات مينائية كبرى، وفي صدارتها مركب
طنجة-المتوسط، الذي جعلنا منه، في ظرف وجيز، قطبا
استراتيجيا، صناعيا وتجاريا واستثماريا، يحظى بثقة
شركائنا.

أما على المستوى القطاعي، فإننا نحث الحكومة والبرلمان،
وكافة الفاعلين، على مضاعفة الجهود للتطبيق الأمثل لكل
الاستراتيجيات التنموية.




ففيما يخص الفلاحة، فإننا إذ نحمد الله تعالى، على ما من
به على بلادنا من أمطار الخير، جعلتنا نحقق موسما زراعيا
جيدا، نؤكد عنايتنا بالعالم القروي، بدعم مواصلة إنجاز
مخطط المغرب الأخضر، ضمن منظورنا التضامني والبيئي
والمجالي. هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات،
بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل، والمحافظة على رصيدنا
النباتي والغابوي، ولاسيما شجرة الأركان; باعتبارها ثروة
فلاحية مغربية أصيلة، ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية.




أما قطاع الصيد البحري، فإن نظرتنا المستقبلية لتطويره،
ترتكز على جعل الاستثمار في تربية الأسماك محورا لمخطط
"أليوتيس"; وموردا جديدا، يعزز تحديث وعقلنة استغلال
ثرواتنا السمكية.




وفي ما يتعلق بالسياحة، فإن النقلة النوعية، لتفعيل رؤية
2010، ولاسيما بارتفاع عدد السياح إلى أزيد من تسعة ملايين
وافد، تشكل خير محفز للانخراط في الرؤية الجديدة للعشرية
القادمة 2010-2020.




وبنفس روح المبادرة، يجب الدفع بمخطط "إقلاع"، بالإقدام
على صناعات ومهن جديدة، ذات صبغة عالمية; بموازاة مع تسهيل
إحداث المقاولات، وخاصة منها الصغرى والمتوسطة.




أما قطاع السكن، فإن المجهود التحفيزي الكبير، الذي تبذله
الدولة، يتطلب انخراط كافة الفاعلين، والتزام السلطات
الحكومية المعنية، بالحزم والفعالية، والتطبيق الصارم
للقانون، وتركيز جهودها لتحقيق ما نتوخاه، من تمكين ذوي
الدخل المحدود، وقاطني الأحياء الصفيحية، من الحصول على
سكن اجتماعي لائق، وفق برامج مضبوطة.



وتظل غايتنا المثلى من الأوراش التنموية، ليس فقط تحفيز
الاستثمار والمبادرة الحرة; وإنما بالأساس، تأثيرها
الإيجابي على تحسين
ظروف العيش لمواطنينا، خاصة المعوزين منهم، وتوفير فرص
الشغل للشباب.

شعبي العزيز،

إن النتائج المشجعة، التي بلغتها المخططات القطاعية، لا
ينبغي أن تحجب عنا كونها ستظل محدودة النجاعة، بدون إزاحة
ثلاثة عوائق رئيسية. وفي مقدمتها ضعف التنافسية; مؤكدين
على ضرورة التفعيل الأمثل للاستراتيجية الوطنية للمناطق
اللوجستيكية.

أما العائق الثاني، فيتعلق باختلال تناسق حكامة هذه
المخططات، الذي يجب إزاحته باعتماد الآليات اللازمة
لتفاعلها; ضمن منظور استراتيجي مندمج; لا مجال معه للنظرة
القطاعية الضيقة.

ويظل العائق الثالث، بل التحدي الأكبر، هو تأهيل الموارد
البشرية. وهنا تجب المصارحة بأنه من مسؤولية الجميع،
الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة، لتحقيق الملاءمة بين
التكوين العلمي والمهني والتقني، وبين مستلزمات الاقتصاد
العصري، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في
اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال.

وبدون ذلك، فإن النظام التعليمي، الذي طالما واجه عراقيل
ديماغوجية، حالت دون تفعيل الإصلاحات البناءة، سيظل يستنزف
طاقات الدولة، ومواهب الفئات الشعبية، في أنماط عقيمة من
التعليم، تنذر بجعل رصيدنا البشري عائقا للتنمية، بدل أن
يكون قاطرة لها.

شعبي العزيز،

مهما بلغ نموذجنا التنموي من تطور، فإنه يتعين على الجميع،
خاصة في سياق الأزمة العالمية، مضاعفة التعبئة واليقظة،
والاستباق والمبادرة، لتحقيق طموحنا الكبير، للارتقاء
بالمغرب إلى المكانة الجديرة به، في مصاف الدول المتقدمة.
وهو ما يجعلنا أكثر عزما على
تمكين بلادنا من مقومات تنموية ومؤسسية جديدة; كفيلة
بتحقيق نقلة حاسمة، نحو الانخراط الإيجابي في العولمة، وفي
المسار الجديد للتنمية البيئية الخضراء، وكسب رهانات
الحكامة الجيدة، وتوسيع الطبقة الوسطى.

ولن يتأتى ذلك إلا بمواصلة الإصلاحات، والانخراط في
التوجهات الأربعة التالية :

أولها : النهوض بالتنمية المستدامة، وفي صلبها المسألة
البيئية; باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد;
بما يفتحه من آفاق واسعة، لانبثاق أنشطة مبتكرة، واعدة
بالتشغيل.

ومن هنا، ندعو الحكومة لتجسيد التوجهات الكبرى للحوار
الواسع، بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية
المستدامة، في خطة عمل مندمجة، بأهداف مضبوطة، وقابلة
للإنجاز في كل القطاعات.

وبموازاة ذلك، نحث الحكومة على بلورة هذا الميثاق في مشروع
قانون-إطار، نريده مرجعا للسياسات العمومية لبلادنا.

وفي هذا الصدد، ينبغي الانخراط القوي في تنفيذ استراتيجية
النجاعة الطاقية، لاسيما الطاقات المتجددة والنظيفة; وذلك
بمواصلة الاستغلال الأمثل للطاقة الريحية، وتعميم محطاتها
على كل المناطق الملائمة ببلادنا.

وفي نفس السياق، يتعين الإقلاع القوي بمشروعنا الكبير،
لإنتاج الطاقة الشمسية، الذي رصدنا له وكالة مختصة،
واستثمارات ضخمة; داعين لمضاعفة الجهود، لجلب شراكات
مثمرة، لإنجاز هذا المشروع الرائد عالميا.

كما يجب استثمار المكاسب المشهود بها للمغرب، في مجال
السدود، وتعزيزها بسياسة جديدة للماء، تقوم على تعبئة
موارده، وعقلنة استعمالها.

أما التوجه الثاني، فهو رفع تحديات الانفتاح والتنافسية،
وذلك بالإقدام على الإصلاحات الضرورية، لإعادة هيكلة
القطاعات، التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها;
والاستفادة من بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي.

كما يجب الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية، وترشيد
الإنفاق العمومي، وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال
الأعمال; وكذا حسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي
الوطني، والثقة التي يحظى بها المغرب كقطب لحركة رؤوس
الأموال، والاستثمارات العالمية.

ويتعلق التوجه الثالث، بتوطيد الحكامة الجيدة; التي نحن
عازمون على مواصلة إنجاز ما تقتضيه من إصلاحات تنموية
ومؤسسية وسياسية. وفي صدارتها الجهوية الموسعة; التي لا
نعتبرها فقط نمطا جديدا للحكامة الترابية، وإنما هي في
العمق، إصلاح وتحديث لهياكل الدولة.

وبموازاة مع انشغالنا البالغ بإصلاح القضاء، عماد سيادة
القانون، ليأخذ وجهته الصحيحة، وفق جدولة مضبوطة; فإننا
حريصون على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي،
ليساهم في توطيد الحكامة التنموية الجيدة.

أما التوجه الرابع، فهو تركيز السياسات العمومية على توسيع
قاعدة الطبقة الوسطى; باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي
والتنمية والتحديث.

شعبي العزيز،

إن ترسيخ مكانة المغرب، وإشعاعه الجهوي والدولي، يقتضي
تعميق التكامل بين السياستين الداخلية والخارجية، ومواصلة
انتهاج دبلوماسية فعالة، لتمتين انفتاح بلادنا على محيطها،
خدمة لمصالحها العليا.

واعتبارا لانتمائه المتعدد، فإن المغرب يعطي الأسبقية في
علاقاته الخارجية، لجواره ولمحيطه القريب والمتنوع; عاملا
على جعل رهاناته المتعددة، فرصا حقيقية، يتعين استثمارها،
لخدمة المصالح الجوهرية لكل شعوب المنطقة.

وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعا شعبيا عميقا، وضرورة
استراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر
التكتلات; فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق،
لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة.
وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ
والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية، وعن
التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي
أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.

هذه المبادرة المقدامة التي تظل مقترحا واقعيا، يتسم بروح
الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي،
في نطاق منظمة الأمم المتحدة; مؤكدين استعداد المغرب،
لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية، وأمينها العام، ومبعوثه
الشخصي.

وفي جميع الأحوال، فإن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته،
ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه.


وسنمضي قدما في تفعيل الرؤية الطموحة، التي حددناها في
الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء; سواء بجعل الصحراء
المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة; أو بمواصلة
جهودنا الدؤوبة، للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية; أو
بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة، للمجلس الملكي
الاستشاري للشؤون الصحراوية.

كما سنكثف جهودنا، لرفع الحصار عن رعايانا بمخيمات تندوف،
وتمكينهم من حقهم المشروع، في العودة إلى الوطن الأم، وجمع
شملهم بعائلاتهم وذويهم، طبقا للاتفاقيات الدولية، ذات
الصلة.

وتجسيدا لانتمائه الإفريقي، فإن المغرب سيظل وفيا لانتهاج
سياسة إفريقية متناسقة; هادفة لتحقيق التنمية البشرية،
وتعزيز الأمن الإقليمي; خاصة في إطار التعاون مع بلدان
الساحل والصحراء، ومع الدول الإفريقية الأطلسية، لمواجهة
المخاطر الأمنية المتعددة.

ووفاء منا لأواصر الأخوة والتضامن، العربي الإسلامي، ما
فتئنا نساهم بفعالية في نصرة القضايا العادلة لأمتنا، وفي
الجهود الهادفة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم، بمنطقة الشرق
الأوسط، على أساس حل الدولتين.

ونهوضا بأمانة رئاسة جلالتنا للجنة القدس، كرمز للضمير
الجماعي الإسلامي، في الدفاع عن الهوية الأصيلة لهذه
المدينة السليبة، وحرمة مقدساتها; نؤكد ضرورة تضافر كل
المبادرات والجهود، عربيا وإسلاميا ودوليا، وفق استراتيجية
متكاملة ومتناسقة، وتحرك عالمي تضامني; انطلاقا من قرارات
الشرعية الدولية، للتصدي الحازم للانتهاكات، والمخططات
التوسعية الإسرائيلية المتمادية، في سياسة فرض الأمر
الواقع، ومحاولات الاستفراد الإسرائيلي بمصير القدس
الشريف.

ومن هنا، سنواصل الدفاع عن طابعها الروحي والحضاري
والقانوني، كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.

كما نجدد حرص المغرب على الالتزام بتطوير الشراكة الأورو-متوسطية
الواعدة، والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، الذي يتطلب
تعبئة جميع السلطات والفعاليات الوطنية، في نطاق عمل جماعي
ومتناسق، لتحديد فضاءاته، ومداه، ووتيرته; بغية الاستثمار
الأمثل لما يتيحه من فرص.

وعلاوة على انشغالاته الإقليمية، ما فتئ المغرب يعمل على
تطوير وتنويع شركائه; ولاسيما من خلال اتفاقيات متعددة
الأبعاد، خاصة منها اتفاقيات التبادل الحر، والشراكات
التعاقدية والتفضيلية.

كما أن بلادنا تضع في صدارة أسبقياتها، الانخراط القوي في
الإجماع الدولي المتجدد، من أجل انبثاق حكامة عالمية
إنسانية، قائمة على الإنصاف، والمسؤولية، والتشارك.

شعبي العزيز،

في هذا اليوم المجيد، نستحضر، بكل إجلال وترحم وخشوع،
الأرواح الطاهرة لرواد التحرير والاستقلال وبناء صرح
دولتنا الحديثة; جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملكين
محمد الخامس، والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكافة
شهداء الوطن الأبرار.

كما نوجه إشادة خاصة، للقوات المسلحة الملكية، والدرك
الملكي، والأمن الوطني، والإدارة الترابية، والقوات
المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم، تحت قيادتنا، في
الدفاع عن حوزة الوطن وسيادته وأمنه، وإسهامهم في عمليات
الإغاثة الإنسانية.

وإذ ننوه بالعبقرية الخلاقة لشعبنا الوفي، وبروح الغيرة
الوطنية والمسؤولية العالية لكافة فئاته; نعرب عن اعتزازنا
بأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، لتشبثهم القوي
بوطنهم وإقبالهم المتزايد على صلة الرحم بأهلهم وببلدهم،
رغم تداعيات الأزمة على بلدان إقامتهم وكذا لانخراطهم
الفاعل في تقدمه وفي الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا.

ووفاء لعهدنا المشترك، سنواصل عملنا الجماعي، بكل طموح
وثقة لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية.
رصيدنا في ذلك، الإرادة الحازمة لخديمك الأول، والتلاحم
المتين بين العرش والشعب، الذي شكل عبر تاريخنا الوطني،
مصدر قوة لرفع التحديات، في إيمان بوعد الله الصادق :
"ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز". صدق الله
العظيم.

والسلام عليكم ورحمة ال

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
جلالة
الملك يوجه رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال الندوة
الخامسة والعشرين لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية بأصيلة



أصيلة -

10-07-2010

وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، اليوم السبت ،
رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال الندوة الخامسة
والعشرين لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية حول "الطاقات
المتجددة : وثبة على طريق التنمية البشرية" والمنظمة في
إطار الدورة الثانية والثلاثين لموسم أصيلة الثقافي
الدولي.



وفي ما
يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها السيد محمد معتصم
مستشار جلالة الملك خلال الجلسة الافتتاحية للدورة التي
افتتحت عشية اليوم ، تحت الرعاية الملكية السامية :



" الحمد
لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.



أصحاب
السمو والمعالي والسعادة والفضيلة ،



حضرات
السيدات والسادة ،



يطيب لنا
أن نتوجه إليكم ، في افتتاح فعاليات موسم أصيلة الثقافي
الدولي الثاني والثلاثين ; مرحبين ، بادئ ذي بدء ، بضيف
شرف هذه



الدورة،
دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وكذا بالشخصيات
المرموقة المشاركة فيها، من رجالات الفكر والسياسة
والاقتصاد



والإعلام،
وفعاليات المجتمع المدني، ضيوفا كراما بالمملكة المغربية،
وبمدينة أصيلة الجميلة.



ونود
التعبير عن إشادتنا بمؤسسة منتدى أصيلة، وبأمينها العام،
محب جنابنا الشريف، الأستاذ محمد بن عيسى، للجهود السخية،
التي ما



فتئ
يبذلها، لجعل هذا الموسم الدولي ملتقى ثقافيا مشعا، للحوار
والنقاش، وتبادل الرأي، بخصوص أهم الإشكالات والقضايا
العالمية الراهنة.



كما ننوه
باختياركم لموضوع : "الطاقات المتجددة : وثبة على طريق
التنمية البشرية"، لافتتاح سلسلة ندوات وملتقيات الدورة
الخامسة والعشرين، لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية;
اعتبارا لأهمية هذا الموضوع، الذي يرتبط بشكل وثيق بقضايا
البيئة، التي لم تعد اليوم،مجرد انشغالات نظرية مجردة، بل
تحولت إلى تحديات مصيرية، تسائل المجموعة الدولية والبشرية
جمعاء، بفعل التدهور المتسارع


للأنظمة البيئية، واختلال توازنها، والاستغلال المفرط
للثروات الطبيعية.



واستشعارا
لجسامة هذه التحديات، ما فتئ المغرب يحرص على التوفيق بين
متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمحافظة على


البيئة، ومواجهة التغيرات المناخية.



وإدراكا
منا للدور الهام للطاقات المتجددة والنظيفة، في النهوض
بالتنمية البشرية والمستدامة، عملنا، ضمن استراتيجية
تنموية جديدة، على


إطلاق مبادرة وطنية طموحة للتنمية البشرية عامة ، ومشروع
رائد عالميا للطاقة الشمسية خاصة . وهما مشروعان كبيران،
سارت


بذكرهما الركبان، وغنيان عن البيان، ولا يتسع المقام في
رسالتنا السامية هاته، للتطرق لهما بإسهاب أو باقتضاب.



وإننا
لواثقون بأن هذه الندوة ستتيح لكم الفرصة للتعرف، من خلال
بيانات تقنية مفصلة، ومعطيات ضافية، على مرجعياتهما
ومميزاتهما،وأهدافهما ونتائجهما المحققة والمنشودة. وفي
نفس السياق، أطلقنا مشروعا كبيرا للطاقة الريحية، من خلال
إنشاء العديد من المحطات الريحية، التي جعلنا المناطق
الشمالية للمملكة، بالنظر لإمكاناتها الهامة، تضم المحطة
الأكبر من نوعها بإفريقيا، وذلك في إطار برنامج


يروم إحداث حقول ريحية جديدة.



ومن شأن
هذه الإنجازات الطاقية المتجددة، تعزيز ما تنتجه بلادنا من
الطاقة الهيدرو -كهربائية ; وذلك بفضل التقدم المشهود
عالميا للمغرب في بناء السدود.



وهكذا،
فإن المحطات التي تشتغل بالطاقات المتجددة، ستمثل 42
بالمائة من مجموع القدرة الكهربائية الوطنية، في أفق سنة
2020.



أصحاب
السمو والمعالي والسعادة،



حضرات
السيدات والسادة،



إن
القضايا البيئية تكتسي طابعا كونيا، وتتطلب حلولا جماعية،
وإجابات شمولية، ومشاركة مواطنة، واعتماد حكامة بيئية
متوازنة


ومنصفة.



ومن هذا
المنطلق، فقد أصبح لزاما على المجتمع الدولي التحرك
الفوري، من أجل بلورة اتفاق بيئي جديد، لمواجهة التحديات
البيئية


المصيرية، يقوم على أساس مبدإ المسؤوليات المشتركة،
المراعية لمختلف الأوضاع.



ولن يكون
هذا التعاقد عادلا ومنصفا، إلا بتحمل البلدان المتقدمة
مسؤوليتها البيئية التاريخية، من خلال التعهد باتخاذ خطوات
ملموسة


وجريئة وملزمة، وقابلة للتطبيق، وفق جدول زمني دقيق، بشأن
تخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.



ويتطلع
المغرب إلى أن تشكل اتفاقية كوبنهاغن، رغم نقائصها، أرضية
مناسبة لاتفاق شامل وملزم، يتم اعتماده في قمة كانكون، في
نهاية


هذه السنة.



وفي نطاق
المقاربة الإقليمية، فإن المنطقة المتوسطية، مؤهلة، عبر
الاتحاد من أجل المتوسط، لتكون فضاء محوريا في معالجة
القضايا


البيئية والطاقية، وانعكاساتها الاقتصادية على دول
المنطقة، وذلك باعتماد منظور تشاركي يقوم على وضع
استراتيجيات مندمجة وملائمة


للتطوير التكنولوجي، وإعداد مشاريع ملموسة، في مختلف
المجالات، وبصفة خاصة الطاقات المتجددة.



ومن جهة
أخرى، فإن الثورة الجديدة التي يشهدها مجال الطاقة
والاقتصاد الأخضر، يفتحان آفاقا آمنة أمام مستقبل التنمية
المستدامة


للبشرية . بيد أن هذا القطاع الواعد يواجه عدة عوائق، خاصة
بدول الجنوب . وفي طليعتها إشكالية إيجاد الموارد المالية
لتطوير وتشجيع


الاستثمار في الطاقات المتجددة، وعدم توحيد المعايير
التكنولوجية العالمية في هذا المجال ; فضلا عن كون التطور
التكنولوجي، لا يواكب


التحديات، التي يفرزها التقدم الصناعي، والعولمة
المتوحشة.



وهو ما
يلقي على الدول المصنعة مسؤولية تقديم كل أشكال الدعم
والمساعدة، وتسهيل نقل التكنولوجيا إلى دول الجنوب، في
إفريقيا والعالم العربي وأمريكا الجنوبية، التي تتوفر
جميعها، على قدرات هائلة لإنتاج الطاقات المتجددة.



وإن
المغرب، بحكم موقعه الجغرافي والجيو -استراتيجي المتميز،
مؤهل ليكون ملتقى وجسرا للتواصل الطاقي جنوب - جنوب، وشمال
- جنوب. كما أنه يعتبر "الوكالة المغربية للطاقة الشمسية"
ورشا نموذجيا، بمرجعيته وتجربته الرائدتين، مفتوحا أمام
الدول الشقيقة، ولاسيما الإفريقية منها.



ومن
منظور استراتيجي، فإن العالم قد دخل عصرا جديدا، لا يجدر
أن نخلف موعدنا معه ; ففي ذلك إخلاف لموعد حاسم مع
التاريخ.



ومن هذا
المنطلق، نؤكد بأنه إذا كانت الثروات الطبيعية والطاقية
الهائلة، التي تزخر بها دول الجنوب، قد تعرضت، خلال
المرحلة


الاستعمارية، للاستغلال المفرط أو النهب ; فإنه مع كامل
الأسف، لم يتم استثمارها على أحسن وجه، بعد الاستقلال، ما
عدا بعض النماذج الحكيمة النادرة ; الأدهى من ذلك تم
تسخيرها، في عدة حالات مؤسفة، لخدمة نزوعات الهيمنة
والتوسع، والتسلح المفرط وغير المجدي، ومؤامرات التجزئة،
ومطامع وأوهام الاستقطاب الإيديولوجي.



وبذلك
تحولت هذه الثروات إلى نقمة، بدل أن تكون نعمة. وكم كانت
الشعوب وقتها، تعلق آمالا كبيرة على استثمار هذه الثروات،
في خدمة التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، في ظل التدبير الجيد.



وفي عصر
تسوده قيم التنمية المستدامة، والديمقراطية التشاركية،
والحكامة الجيدة، وحتمية صيانة سيادة وهوية الأوطان، ضمن
اتحادات اقتصادية، للإفادة المثلى من العولمة، وتفادي
شراستها، يجدر نبذ هدر الموارد والطاقات، في غير الصالح
العام. ولن يتأتى ذلك إلا بالتخلي عن أوهام الهيمنة
البائدة، وتدارك اختلالات الماضي، وتسخير ثروات بلدان
الجنوب، الطبيعية والبشرية، في خدمة تقدم شعوبها،
واستثمارها لتقوية التضامن والاندماج فيما بينها، والتكامل
مع محيطها الجهوي والدولي.



أصحاب
السمو والمعالي والسعادة،



حضرات
السيدات والسادة،



إننا
واثقون بأن الآراء والمقترحات الوجيهة، التي ستصدر عن هذه
الدورة الهامة، على غرار سابقاتها، لما هو مشهود به لمنتدى
أصيلة


العريق، وللمشاركين المرموقين في ندواته القيمة، من خبرة
واسعة، وكفاءة، وحصافة رأي، ستساهم في تعميق الوعي
بالإشكالية البيئية وتعقيداتها، والإحاطة بمختلف جوانب
التطورات في ميدان الطاقات المتجددة، لتسخير ما وهبنا الله
سبحانه وتعالى من شمس وريح وماء، لما فيه صالح نماء
وطمأنينة وكرامة شعوب البشرية جمعاء.



وبتخصيص
جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، ندوتها الرئيسية لهذا
الموضوع الكوني، فإنها ترسخ الإشعاع المشهود، وطنيا وجهويا
ودوليا، لمنتدى أصيلة،كمنارة لتكريس حقيقة أن الثقافة تعد
رافعة قوية، وطاقة بشرية لا ينضب معينها في التنمية
والتقدم . بل إنها لا تقل أهمية، إن لم تكن أقوى شأنا من
العوامل المادية المحضة، لاسيما في عصر مجتمع المعرفة
والاتصال، ليس فقط للنهوض بالتنمية المستدامة ; وإنما
للتداول بشأن أمهات القضايا العالمية، الراهنة
والمستقبلية. عمادكم في ذلك، ما هو معهود في منتدى أصيلة
وجامعتها الصيفية، من روح النقاش الحر والبناء، ومن تشبع
بفضائل تفاعل الحضارات وتحالفها وتلاقح الثقافات، والإخاء
والمواطنة الكونية، والتضامن والتسامح والاعتدال، واحترام
الكرامة الإنسانية. تلكم القيم المثلى التي نحن أشد ما
نكون حرصا على أن تظل بلادنا منارة وهاجة لها، ومنتدى
أصيلة من مصابيحها المضيئة ; ضمن مغرب تعد ملتقياته
الثقافية والفنية، بمختلف تعبيراتها، أحد شواهد انفتاحه
الحضاري.



وإذ نجدد
الترحيب بكم بمدينة أصيلة الجذابة، وببلدكم الثاني المغرب،
ندعو الله تعالى أن يكلل أعمالكم بالتوفيق.



والسلام
عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص
الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة بمناسبة
الذكرى السابعة والخمسين لثورة الملك والشعب





الرباط-20-8-2010-
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم
الجمعة، خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى





السابعة والخمسين
لثورة الملك والشعب.









وفي ما يلي النص
الكامل للخطاب الملكي السامي :









"الحمد لله،
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه .






شعبي العزيز،





يتزامن خطابنا
إليك، بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لثورة الملك
والشعب، مع تخليدنا في العاشر من رمضان المبارك، لذكرى
رحيل





رمز هذه الملحمة
التاريخية، جدنا المقدس، جلالة الملك محمد الخامس، طيب
الله ثراه.






وفي هذه الأيام
الفضيلة، من شهر الصيام والدعاء المستجاب، نترحم بكل خشوع،
على الأرواح الطاهرة، لبطلها الخالد، جدنا المغفور له،





ورفيقه في الكفاح،
والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله
مثواهما، ولشهداء المقاومة والتحرير الأبرار، من الشعب
المغربي





قاطبة.





فالكفاح من أجل
استرجاع الاستقلال، لم يكن قضية نخبة; بل كان معركة خاضها
الشعب بأكمله، بالمدن والبوادي، والجبال والصحراء،





وبكل فئاته، رجالا
ونساء، شبابا وكهولا; الذين بذلوا، بقيادة العرش، التضحيات
الجسام، فداء لحرية الوطن، ورمز سيادته.






وعندما نخلد هذه
الملحمة المجيدة، فليس لكونها حدثا بطوليا مضى وانقضى;
وإنما باعتبارها ثورة متواصلة.






لذلك، ما فتئنا،
منذ اعتلائنا العرش، نضفي عليها روحا متجددة، ونستلهم منها
قيم الغيرة الوطنية، والتضحية، والصمود، لنصنع تاريخا





حديثا، يليق
بماضينا العريق، ويفتح آفاقا مستقبلية واعدة بتحقيق
غاياتها المثلى; وذلك من خلال إطلاق مبادرات جريئة، تشكل
تحولا





حاسما في تاريخنا
المعاصر.






وقد كان في
مقدمتها اقتراحنا تخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا،
وذلك مواصلة للكفاح المستمر من أجل صيانة سيادة المملكة
على كامل





ترابها الوطني.





بيد أنه كلما
ازداد الدعم الدولي لهذه المبادرة الشجاعة، المشهود لها
أمميا بالجدية والمصداقية، تمادى خصومنا في مناوراتهم
اليائسة،





لعرقلتها، ونسف
ديناميتها الواعدة بالتسوية النهائية المنشودة، دوليا
وجهويا، لهذا النزاع المفتعل.






ومهما بلغ تعنت
أعداء وحدتنا الترابية، فإنه لن يزيدنا إلا إصرارا على
مواصلة التطور الديمقراطي والتنموي، بكامل الحزم والعزم،





واليقظة والتعبئة;
مؤكدين أن حقوق المواطنة لا يمكن تصورها أو ممارستها، إلا
في ظل الالتزام بالحق الأسمى للوطن في الوحدة





والسيادة.








شعبي العزيز،





وفاء لروح ملحمة
عشرين غشت، حققنا مكاسب هامة، وإصلاحات عميقة، لترسيخ صرح
الدولة المغربية الحديثة. وتعزيزا للتقدم الذي





بلغته بلادنا، في
ممارسة اللامركزية، بادرنا إلى إطلاق ورش الجهوية
المتقدمة، توطيدا للحكامة الترابية الجيدة، والتنمية
المندمجة.






وفي هذا الإطار،
تندرج متابعتنا الموصولة، بكل اهتمام وتقدير، لأشغال
اللجنة الاستشارية للجهوية، التي تحظى بسامي ثقتنا; منوهين





بجهودها، رئاسة
وأعضاء، ومستحضرين دقة المهمة المنوطة بها، وما تقتضيه من
أناة وتبصر، لإعداد تصور عام لنموذج مغربي-مغربي





متميز، للجهوية
المتقدمة، نابع من واقع بلادنا وخصوصياتها.






ونظرا لأهمية
الرهانات الوحدوية والديمقراطية والتنموية، التي ينطوي
عليها، بالنسبة لمستقبل المغرب; فإن التصور العام المنشود،
يعتبر





منطلقا لمسار شاق
وطويل; يتطلب العمل الجاد على أربعة مستويات :






+ أولا : إنضاجه
بالتعريف به، من خلال نقاش وطني واسع وبناء، وبالتعبئة
الهادفة إلى تبنيه الجماعي، والانخراط القوي لإنجاحه.






+ ثانيا : وضع
خارطة طريق واضحة ومضبوطة، لحسن تفعيله، بخطوات متدرجة،
وبواسطة الهيآت المؤهلة، والآليات المؤسسية






والتنموية
الملائمة والناجعة.






+ ثالثا : انكباب
الحكومة، بموازاة أعمال اللجنة، على إعداد ميثاق لعدم
التمركز; يقوم على نقل الصلاحيات والموارد البشرية
والمالية





اللازمة للجهات.
إذ لا جهوية في ظل المركزية.






+ رابعا :
المساهمة الفعالة للأحزاب الوطنية الجادة، في إعداد وتأطير
نخب مؤهلة لحسن تدبير الشأن الجهوي.









شعبي العزيز،





إن الغاية المثلى
للجهوية المتقدمة، واللاتمركز الواسع، هو إعطاء دفعة قوية
لنموذجنا التنموي والمؤسسي المتميز.






لذا، ما فتئنا
نعمل على تعبيد الطريق أمام الخيار الاستراتيجي للمغرب
الموحد للجهات; بما نقوده من أوراش تنموية وبشرية
ومستدامة،





ومخططات قطاعية،
وطنية طموحة، ذات بعد جهوي، وما نوفره من بنيات أساسية;
فضلا عن حرصنا على انخراط بلادنا في عصر






الاقتصاد الأخضر.





إنه تحول نوعي
وغير مسبوق، في تاريخ التحرر التنموي لبلادنا، مكن من
تعزيز انفتاح المغرب على العالم، وكذا بين جهاته، وفك





العزلة عن المناطق
النائية والمهمشة، ووضع حد نهائي للمقولة الاستعمارية
للمغرب النافع وغير النافع.






كما شرعنا في
تمكين المغرب من الاستغلال الأمثل لما وهبه الله تعالى، من
إمكانات لإنتاج الطاقات المتجددة والنظيفة. وذلك ما يعد





منطلقا لإنجاز
تاريخي، ألا وهو تحقيق التحرر التدريجي من التبعية
الطاقية، وتوفير موارد جديدة للتنمية، ولخلق المزيد من فرص
الشغل





لشبابنا.





ويظل حسن تفعيل
هذا التطور التنموي، البشري والمستدام، رهينا بتحرير طاقات
شبابنا وتأهيله، لتواصل أجياله الحاضرة والصاعدة حمل





مشعل الثورة
الدائمة للملك والشعب; وذلك في اعتزاز بهويته الأصيلة،
وتلاحم وثيق بين العرش والشعب; وفي نطاق من التعبئة





والاجتهاد، والعمل
الجاد، والتضامن، الاجتماعي، المحفوف بالطمأنينة.






وتلكم هي القيم
المستلهمة من النفحات الروحانية، لرمضان الفضيل، الذي أدعو
الله تعالى أن يجعله شهر يمن وبركات، على مواطنينا في





الداخل والخارج،
والأمة الإسلامية جمعاء.






والسلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص
الخطاب السامي الذي وجهه



جلالة
الملك إلى الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد



تطوان -30- 07-2010 وجه صاحب الجلالة الملك
محمد السادس، نصره الله، اليوم الجمعة، خطابا ساميا إلى
الأمة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربع جلالته على عرش
أسلافه المنعمين.


وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :


" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.


شعبي العزيز،


نخلد اليوم، الذكرى الحادية عشرة لاعتلائنا العرش. وهي
مناسبة مجيدة لتجديد أواصر البيعة المتبادلة، والإجماع
الوطيد على ثوابت المغرب، في وحدة الوطن والتراب والهوية;
وعلى مقدسات الأمة، التي نحن، كأمير للمؤمنين، لها ضامنون;
عقيدة إسلامية سمحة، بخصوصيتها المغربية، القائمة على
المذهب السني المالكي، والاحترام المتبادل بين الأديان
السماوية، والانفتاح على الحضارات.


وقد ارتأينا أن نكرس خطابنا لهذه السنة، للوقوف الموضوعي،
على ما قطعناه من أشواط متقدمة; وما يتعين إزاحته من
معيقات، ورفعه من تحديات; لاستكمال مقومات النموذج التنموي
الديمقراطي، الذي أردناه مغربيا متميزا. عماده تنمية
متناسقة، مرتكزة على نمو اقتصادي متسارع، يعزز التضامن
الاجتماعي; وقوامه تنمية مستدامة، تراعي مستلزمات الحفاظ
على البيئة ومنهجه الحكامة الجيدة.


ومن هذا المنطلق، أقدمنا، منذ تولينا أمانة قيادتك، على
انتهاج تحول نوعي في مسارنا التنموي; باعتماد اختيارات
صائبة وناجعة تقوم على أربع دعامات أساسية :


أولاها : قيام الدولة، تحت قيادتنا، بدورها الاستراتيجي في
تحديد الاختيارات الأساسية، والنهوض بالأوراش الكبرى
والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة والانفتاح
الاقتصادي المضبوط.


أما الدعامة الثانية فهي توطيد الصرح الديمقراطي; إذ ما
فتئنا نعمل على ترسيخ دولة القانون، واعتماد إصلاحات
حقوقية ومؤسسية عميقة، وتوسيع فضاء الحريات، والممارسة
السياسية الناجعة، القائمة على القرب والمشاركة.



بيد أن هذه المكاسب السياسية، على أهميتها، ستظل شكلية، ما
لم تقترن بالنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية لمواطنينا، وبتوطيد التضامن; وجعلهما محورا
للسياسات العمومية.



ومن هنا تبرز ضرورة الدعامة الثالثة، القائمة على جعل
المواطن في صلب عملية التنمية. وهو ما جسدناه في المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية، التي حققت على مدى خمس سنوات،
نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش; وذلك ما
يحفزنا على مواصلة تطوير برامجها بالوقوف الميداني
والتقويم والتعميم، لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.



أما الدعامة الرابعة، فهي تمكين الاقتصاد الوطني، من
مقومات التأهيل والإقلاع، بتوفير التجهيزات الهيكلية،
واعتماد مخططات طموحة، أخذت تعطي ثمارها الملموسة، على
المستويات الاستراتيجية، والقطاعية والاجتماعية.



فعلى المستوى الاستراتيجي، أتاحت هذه التجهيزات والمخططات،
تحديث اقتصادنا، والرفع من إنتاجيته وتنافسيته، ومن حجم
الاستثمار العمومي، وإقامة أقطاب للتنمية الجهوية
المندمجة.



كما مكنت بلادنا، من إطار قار وواضح للتنمية الاقتصادية،
ومن الصمود في وجه تداعيات الأزمة المالية العالمية; فضلا
عن ترسيخ موقع المغرب، كوجهة محفزة للاستثمارات المنتجة،
ومحور أساسي للمبادلات التجارية، الجهوية والعالمية.



وبنفس الإرادة والطموح، فإننا عازمون على مواصلة إنجاز
التجهيزات الكبرى، بكل مناطق المملكة; تعزيزا للتقدم الذي
حققه المغرب، في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل
والمواصلات، وإقامة مناطق حرة، وأقطاب صناعية مندمجة،
وإنجاز مركبات مينائية كبرى، وفي صدارتها مركب طنجة-المتوسط،
الذي جعلنا منه، في ظرف وجيز، قطبا استراتيجيا، صناعيا
وتجاريا واستثماريا، يحظى بثقة شركائنا.


أما على المستوى القطاعي، فإننا نحث الحكومة والبرلمان،
وكافة الفاعلين، على مضاعفة الجهود للتطبيق الأمثل لكل
الاستراتيجيات التنموية.

ففيما يخص الفلاحة، فإننا إذ نحمد الله تعالى، على ما من
به على بلادنا من أمطار الخير، جعلتنا نحقق موسما زراعيا
جيدا، نؤكد عنايتنا بالعالم القروي، بدعم مواصلة إنجاز
مخطط المغرب الأخضر، ضمن منظورنا التضامني والبيئي
والمجالي. هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات،
بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل، والمحافظة على رصيدنا
النباتي والغابوي، ولاسيما شجرة الأركان; باعتبارها ثروة
فلاحية مغربية أصيلة، ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية.

أما قطاع الصيد البحري، فإن نظرتنا المستقبلية لتطويره،
ترتكز على جعل الاستثمار في تربية الأسماك محورا لمخطط "أليوتيس";
وموردا جديدا، يعزز تحديث وعقلنة استغلال ثرواتنا السمكية.

وفي ما يتعلق بالسياحة، فإن النقلة النوعية، لتفعيل رؤية
2010، ولاسيما بارتفاع عدد السياح إلى أزيد من تسعة ملايين
وافد، تشكل خير محفز للانخراط في الرؤية الجديدة للعشرية
القادمة 2010-2020.

وبنفس روح المبادرة، يجب الدفع بمخطط "إقلاع"، بالإقدام
على صناعات ومهن جديدة، ذات صبغة عالمية; بموازاة مع تسهيل
إحداث المقاولات، وخاصة منها الصغرى والمتوسطة.

أما قطاع السكن، فإن المجهود التحفيزي الكبير، الذي تبذله
الدولة، يتطلب انخراط كافة الفاعلين، والتزام السلطات
الحكومية المعنية، بالحزم والفعالية، والتطبيق الصارم
للقانون، وتركيز جهودها لتحقيق ما نتوخاه، من تمكين ذوي
الدخل المحدود، وقاطني الأحياء الصفيحية، من الحصول على
سكن اجتماعي لائق، وفق برامج مضبوطة.

وتظل غايتنا المثلى من الأوراش التنموية، ليس فقط تحفيز
الاستثمار والمبادرة الحرة; وإنما بالأساس، تأثيرها
الإيجابي على تحسين ظروف العيش لمواطنينا، خاصة المعوزين
منهم، وتوفير فرص الشغل للشباب.

شعبي العزيز،

إن النتائج المشجعة، التي بلغتها المخططات القطاعية، لا
ينبغي أن تحجب عنا كونها ستظل محدودة النجاعة، بدون إزاحة
ثلاثة عوائق رئيسية. وفي مقدمتها ضعف التنافسية; مؤكدين
على ضرورة التفعيل الأمثل للاستراتيجية الوطنية للمناطق
اللوجستيكية.

أما العائق الثاني، فيتعلق باختلال تناسق حكامة هذه
المخططات، الذي يجب إزاحته باعتماد الآليات اللازمة
لتفاعلها; ضمن منظور استراتيجي مندمج; لا مجال معه للنظرة
القطاعية الضيقة.

ويظل العائق الثالث، بل التحدي الأكبر، هو تأهيل الموارد
البشرية. وهنا تجب المصارحة بأنه من مسؤولية الجميع،
الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة، لتحقيق الملاءمة بين
التكوين العلمي والمهني والتقني، وبين مستلزمات الاقتصاد
العصري، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في
اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال.

وبدون ذلك، فإن النظام التعليمي، الذي طالما واجه عراقيل
ديماغوجية، حالت دون تفعيل الإصلاحات البناءة، سيظل يستنزف
طاقات الدولة، ومواهب الفئات الشعبية، في أنماط عقيمة من
التعليم، تنذر بجعل رصيدنا البشري عائقا للتنمية، بدل أن
يكون قاطرة لها.

شعبي العزيز،

مهما بلغ نموذجنا التنموي من تطور، فإنه يتعين على الجميع،
خاصة في سياق الأزمة العالمية، مضاعفة التعبئة واليقظة،
والاستباق والمبادرة، لتحقيق طموحنا الكبير، للارتقاء
بالمغرب إلى المكانة الجديرة به، في مصاف الدول المتقدمة.
وهو ما يجعلنا أكثر عزما على تمكين بلادنا من مقومات
تنموية ومؤسسية جديدة; كفيلة بتحقيق نقلة حاسمة، نحو
الانخراط الإيجابي في العولمة، وفي المسار الجديد للتنمية
البيئية الخضراء، وكسب رهانات الحكامة الجيدة، وتوسيع
الطبقة الوسطى.

ولن يتأتى ذلك إلا بمواصلة الإصلاحات، والانخراط في
التوجهات الأربعة التالية :

أولها : النهوض بالتنمية المستدامة، وفي صلبها المسألة
البيئية; باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد;
بما يفتحه من آفاق واسعة، لانبثاق أنشطة مبتكرة، واعدة
بالتشغيل.

ومن هنا، ندعو الحكومة لتجسيد التوجهات الكبرى للحوار
الواسع، بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية
المستدامة، في خطة عمل مندمجة، بأهداف مضبوطة، وقابلة
للإنجاز في كل القطاعات.

وبموازاة ذلك، نحث الحكومة على بلورة هذا الميثاق في مشروع
قانون-إطار، نريده مرجعا للسياسات العمومية لبلادنا.

وفي هذا الصدد، ينبغي الانخراط القوي في تنفيذ استراتيجية
النجاعة الطاقية، لاسيما الطاقات المتجددة والنظيفة; وذلك
بمواصلة الاستغلال الأمثل للطاقة الريحية، وتعميم محطاتها
على كل المناطق الملائمة ببلادنا.

وفي نفس السياق، يتعين الإقلاع القوي بمشروعنا الكبير،
لإنتاج الطاقة الشمسية، الذي رصدنا له وكالة مختصة،
واستثمارات ضخمة; داعين لمضاعفة الجهود، لجلب شراكات
مثمرة، لإنجاز هذا المشروع الرائد عالميا.

كما يجب استثمار المكاسب المشهود بها للمغرب، في مجال
السدود، وتعزيزها بسياسة جديدة للماء، تقوم على تعبئة
موارده، وعقلنة استعمالها.

أما التوجه الثاني، فهو رفع تحديات الانفتاح والتنافسية،
وذلك بالإقدام على الإصلاحات الضرورية، لإعادة هيكلة
القطاعات، التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها;
والاستفادة من بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي.

كما يجب الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية، وترشيد
الإنفاق العمومي، وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال
الأعمال; وكذا حسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي
الوطني، والثقة التي يحظى بها المغرب كقطب لحركة رؤوس
الأموال، والاستثمارات العالمية.

ويتعلق التوجه الثالث، بتوطيد الحكامة الجيدة; التي نحن
عازمون على مواصلة إنجاز ما تقتضيه من إصلاحات تنموية
ومؤسسية وسياسية. وفي صدارتها الجهوية الموسعة; التي لا
نعتبرها فقط نمطا جديدا للحكامة الترابية، وإنما هي في
العمق، إصلاح وتحديث لهياكل الدولة.

وبموازاة مع انشغالنا البالغ بإصلاح القضاء، عماد سيادة
القانون، ليأخذ وجهته الصحيحة، وفق جدولة مضبوطة; فإننا
حريصون على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي،
ليساهم في توطيد الحكامة التنموية الجيدة.

أما التوجه الرابع، فهو تركيز السياسات العمومية على توسيع
قاعدة الطبقة الوسطى; باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي
والتنمية والتحديث.

شعبي العزيز،

إن ترسيخ مكانة المغرب، وإشعاعه الجهوي والدولي، يقتضي
تعميق التكامل بين السياستين الداخلية والخارجية، ومواصلة
انتهاج دبلوماسية فعالة، لتمتين انفتاح بلادنا على محيطها،
خدمة لمصالحها العليا.

واعتبارا لانتمائه المتعدد، فإن المغرب يعطي الأسبقية في
علاقاته الخارجية، لجواره ولمحيطه القريب والمتنوع; عاملا
على جعل رهاناته المتعددة، فرصا حقيقية، يتعين استثمارها،
لخدمة المصالح الجوهرية لكل شعوب المنطقة.

وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعا شعبيا عميقا، وضرورة
استراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر
التكتلات; فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق،
لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة.
وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ
والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية، وعن
التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي
أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.

هذه المبادرة المقدامة التي تظل مقترحا واقعيا، يتسم بروح
الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي،
في نطاق منظمة الأمم المتحدة; مؤكدين استعداد المغرب،
لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية، وأمينها العام، ومبعوثه
الشخصي.

وفي جميع الأحوال، فإن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته،
ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه.


وسنمضي قدما في تفعيل الرؤية الطموحة، التي حددناها في
الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء; سواء بجعل الصحراء
المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة; أو بمواصلة
جهودنا الدؤوبة، للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية; أو
بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة، للمجلس الملكي
الاستشاري للشؤون الصحراوية.

كما سنكثف جهودنا، لرفع الحصار عن رعايانا بمخيمات تندوف،
وتمكينهم من حقهم المشروع، في العودة إلى الوطن الأم، وجمع
شملهم بعائلاتهم وذويهم، طبقا للاتفاقيات الدولية، ذات
الصلة.

وتجسيدا لانتمائه الإفريقي، فإن المغرب سيظل وفيا لانتهاج
سياسة إفريقية متناسقة; هادفة لتحقيق التنمية البشرية،
وتعزيز الأمن الإقليمي; خاصة في إطار التعاون مع بلدان
الساحل والصحراء، ومع الدول الإفريقية الأطلسية، لمواجهة
المخاطر الأمنية المتعددة.

ووفاء منا لأواصر الأخوة والتضامن، العربي الإسلامي، ما
فتئنا نساهم بفعالية في نصرة القضايا العادلة لأمتنا، وفي
الجهود الهادفة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم، بمنطقة الشرق
الأوسط، على أساس حل الدولتين.

ونهوضا بأمانة رئاسة جلالتنا للجنة القدس، كرمز للضمير
الجماعي الإسلامي، في الدفاع عن الهوية الأصيلة لهذه
المدينة السليبة، وحرمة مقدساتها; نؤكد ضرورة تضافر كل
المبادرات والجهود، عربيا وإسلاميا ودوليا، وفق استراتيجية
متكاملة ومتناسقة، وتحرك عالمي تضامني; انطلاقا من قرارات
الشرعية الدولية، للتصدي الحازم للانتهاكات، والمخططات
التوسعية الإسرائيلية المتمادية، في سياسة فرض الأمر
الواقع، ومحاولات الاستفراد الإسرائيلي بمصير القدس
الشريف.

ومن هنا، سنواصل الدفاع عن طابعها الروحي والحضاري
والقانوني، كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.

كما نجدد حرص المغرب على الالتزام بتطوير الشراكة الأورو-متوسطية
الواعدة، والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، الذي يتطلب
تعبئة جميع السلطات والفعاليات الوطنية، في نطاق عمل جماعي
ومتناسق، لتحديد فضاءاته، ومداه، ووتيرته; بغية الاستثمار
الأمثل لما يتيحه من فرص.

وعلاوة على انشغالاته الإقليمية، ما فتئ المغرب يعمل على
تطوير وتنويع شركائه; ولاسيما من خلال اتفاقيات متعددة
الأبعاد، خاصة منها اتفاقيات التبادل الحر، والشراكات
التعاقدية والتفضيلية.

كما أن بلادنا تضع في صدارة أسبقياتها، الانخراط القوي في
الإجماع الدولي المتجدد، من أجل انبثاق حكامة عالمية
إنسانية، قائمة على الإنصاف، والمسؤولية، والتشارك.

شعبي العزيز،

في هذا اليوم المجيد، نستحضر، بكل إجلال وترحم وخشوع،
الأرواح الطاهرة لرواد التحرير والاستقلال وبناء صرح
دولتنا الحديثة; جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملكين
محمد الخامس، والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكافة
شهداء الوطن الأبرار.

كما نوجه إشادة خاصة، للقوات المسلحة الملكية، والدرك
الملكي، والأمن الوطني، والإدارة الترابية، والقوات
المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم، تحت قيادتنا، في
الدفاع عن حوزة الوطن وسيادته وأمنه، وإسهامهم في عمليات
الإغاثة الإنسانية.

وإذ ننوه بالعبقرية الخلاقة لشعبنا الوفي، وبروح الغيرة
الوطنية والمسؤولية العالية لكافة فئاته; نعرب عن اعتزازنا
بأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، لتشبثهم القوي
بوطنهم وإقبالهم المتزايد على صلة الرحم بأهلهم وببلدهم،
رغم تداعيات الأزمة على بلدان إقامتهم وكذا لانخراطهم
الفاعل في تقدمه وفي الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا.

ووفاء لعهدنا المشترك، سنواصل عملنا الجماعي، بكل طموح
وثقة لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية.
رصيدنا في ذلك، الإرادة الحازمة لخديمك الأول، والتلاحم
المتين بين العرش والشعب، الذي شكل عبر تاريخنا الوطني،
مصدر قوة لرفع التحديات، في إيمان بوعد الله الصادق :
"ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز". صدق الله
العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص خطاب
جلالة الملك إلى الدورة



65
للجمعية العامة للأمم المتحدة







نيويورك 27-9-2010
في ما يلي نص خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره
الله ، إلى الدورة الخامسة والستين للجمعية






العامة للأمم
المتحدة بنيويورك، والذي تلاه ، اليوم الاثنين، الوزير
الأول السيد عباس الفاسي :






"الحمد لله،
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه






أصحاب الجلالة
والفخامة والسمو والمعالي،






السيد رئيس
الجمعية العامة للأمم المتحدة،






معالي الأمين
العام،






أود، بداية، أن
أهنئكم، السيد الرئيس، بمناسبة انتخابكم لرئاسة الدورة
الخامسة والستين، للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ;
منوها





بسلفكم الدكتور
علي التريكي، لما أضفاه من دينامية على أشغال جمعيتنا
العامة.






كما أتقدم بجزيل
الشكر، إلى معالي الأمين العام، على عمله الدؤوب، من أجل
تعزيز دور المنظمة الأممية.






إننا نعتبر هذه
الدورة، الملتئمة بعد مضي عقد كامل على انعقاد قمة
الألفية، مناسبة سانحة لاعتماد رؤية توافقية، لتوجيه عملنا
الجماعي،





للسنوات القادمة،
ولتأكيد التزامنا بالمحاور الثلاثة الأساسية لهذه الرؤية،
والمتمثلة في الأمن والاستقرار، والتنمية والازدهار،
والنهوض





بحقوق الإنسان
وصيانة كرامته. وهي أولويات تشكل، في الوقت الراهن، حجر
الزاوية في الأجندة الدولية.






ومن هنا، فإن هذا
اللقاء الهام، يشكل فرصة مواتية للإعراب مجددا عن وفائنا
لتعهدات هذه الأسبقيات، وتأكيد عزمنا على النهوض





بالتعاون الدولي،
ووضع الأسس المتينة لبناء عالم آمن ومتضامن.






ومن منطلق إيمان
المغرب الراسخ، بأهمية ومكانة الأمم المتحدة، باعتبارها
إطارا مرجعيا للقيم الكونية، والشرعية الدولية ; فإنه ما
فتئ





يعمل جاهدا على
الدعم الملموس للمنظمة، وإشاعة مبادئها، والإسهام في بلوغ
أهدافها.






بل حرصت بلادنا،
فضلا عن ذلك، على المواءمة الكاملة بين أسبقياتها الوطنية،
والقضايا المطروحة في الأجندة الدولية.






السيد الرئيس،





لقد شكل حفظ
السلام، الغاية المثلى من إحداث الأمم المتحدة، التي تقوم
بدور هام بالنسبة للبشرية جمعاء.






ومن أعلى هذا
المنبر، فإن المغرب يدعو المجتمع الدولي، للانخراط القوي
لتسوية كافة الخلافات، الظاهرة منها والخفية، التي تعكر
صفو





العلاقات بين دول
الجوار، وتعيق اندماجها الاقتصادي الضروري، خاصة في قارتنا
الإفريقية.






ومن منطلق رغبتنا
الصادقة في تنقية الأجواء في منطقتنا المغاربية، قدمنا
لمنظمة الأمم المتحدة، خلال سنة 2007، مبادرة للحكم
الذاتي،





قصد إيجاد حل
نهائي، للنزاع المفتعل حول استرجاع المغرب لأقاليمه
الجنوبية.






وقد حظيت هذه
المبادرة المقدامة والخلاقة، بدعم المجتمع الدولي ومجلس
الأمن; حيث وصفا مرارا الجهود التي تستند عليها بالجدية





والمصداقية. كما
أشادا بإسهام المغرب الفعال، في تسهيل التوصل إلى حل لهذا
الخلاف، الذي يرهن الاندماج المغاربي، ويعيق ازدهار





الشعوب المغاربية
الخمسة.






وفي هذا الصدد،
فإن المغرب يدعو الأطراف الأخرى، إلى اغتنام هذه الفرصة
التاريخية، للانخراط في مفاوضات جادة، برعاية الأمين





العام، ومبعوثه
الشخصي، اللذين نؤكد لهما صادق تعاوننا.






فتخليص منطقتنا من
هذا الخلاف، الذي يعرقل عملنا المشترك، أصبح اليوم، وأكثر
من أي وقت مضى، أشد وقعا عليها، بل وعلى






شركائنا
الاستراتيجيين.






لذا، فقد أصبح
لزاما علينا تجاوز هذا الخلاف، لاسيما في ظل التحديات
المتعددة والملحة التي تواجهنا، وخاصة في المجال الأمني;
سواء





في ما يتعلق
بمنطقة الساحل والصحراء، أو في بعده الأطلسي.






السيد الرئيس،





إن تحقيق السلام
بالشرق الأوسط ليس هدفا مستحيلا. كما أن استمرار النزاع
ليس قدرا محتوما. ويبقى السبيل الوحيد للتسوية، هو حل





دولتين تعيشان
جنبا إلى جنب، في أمن وسلام.






ومن هنا، فإن
المجموعة الدولية مطالبة بدعم مسار المفاوضات المباشرة
الجارية، برعاية مشكورة للإدارة الأمريكية، باعتبارها فرصة





سانحة للعمل الجاد
على إيجاد تسوية نهائية، طبقا للشرعية الدولية، وللقرارات
الأممية ذات الصلة، وذلك انطلاقا من مرجعية واضحة،





ووفق أجندة شاملة،
وجدولة مضبوطة، وأفق زمني محدد.






وباعتبار المغرب
فاعلا في عملية السلام، فإننا واعون بأن التفاوض لا يطرح
فقط مسألة إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها





القدس الشريف، وما
يرتبط بها من مسائل شائكة; وإنما يمر حتما عبر تفادي
الأعمال الأحادية الجانب، ووقف العمليات الاستيطانية، خاصة





بالقدس الشريف.





وبصفتنا رئيسا
للجنة القدس; فإننا ما فتئنا نثير انتباه المنتظم الأممي،
والمجتمع الدولي، إلى حساسية قضية القدس الشريف، ومحاولات





التهويد وطمس
معالم هذه المدينة المقدسة. فالقدس لا بد أن تظل رمزا
للتعايش والوئام بين الديانات السماوية ; ومدينة للسلام
والتساكن بين





الشعبين الفلسطيني
والإسرائيلي.



السيد الرئيس،





قبل يومين، قدمنا
حصيلة حول ما تم إنجازه من أهداف الألفية. وقد تم الإقرار
بأن تعاقب الأزمات، وتأثير التغيرات المناخية، قد أخر





بشكل ملحوظ، إنجاز
معظم هذه الأهداف، في العديد من الدول النامية، خاصة في
قارتنا الإفريقية.






فبساكنتها التي
تفوق 900 مليون نسمة، وبمواردها الطبيعية، التي تمكنها من
تحقيق الاكتفاء الذاتي، فإن إفريقيا قادرة على أن تصبح
قارة





للتنمية. بيد أنه
رغم هذه الإمكانات، فإنها تظل مهمشة، في مجال تدفق
الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وهو الوضع الذي تفاقم بفعل
الأزمة





الاقتصادية
والمالية العالمية.






لذا، يقترح المغرب
أن تنظم الجمعية العامة للأمم المتحدة، حوارا على أعلى
مستوى، حول الاستثمار في إفريقيا.






كما أن حجم
التحديات التي أفرزتها العولمة، يستوجب من المجموعة
الدولية إصلاحات ملموسة وملحة، لنمط الحكامة الاقتصادية
العالمية





الراهنة، ومزيدا
من التعبئة، من أجل وضع لبنات نظام بيئي عالمي جديد، عادل
ومتوازن وفعال، وقادر على الحفاظ على كوكبنا للأجيال





الحالية والصاعدة.






السيد الرئيس،





لقد جعلت المملكة
المغربية من حماية حقوق الإنسان خيارا لا رجعة فيه، وذلك
في إطار استراتيجية شاملة، تقوم على مقاربة تشاركية،





تتوخى النهوض
بالعنصر البشري، وصيانة كرامته، ضمن نموذج مجتمعي ديمقراطي
تنموي.






وقد أطلق المغرب،
وفق هذا المنظور، أوراشا وإصلاحات كبرى، وحقق مكاسب متقدمة
ومشهودة في مجالات توسيع فضاء الحريات





الفردية
والجماعية، والحفاظ على الكرامة الإنسانية، وتعزيز حقوق
مواطنيه وحمايتها، وخاصة النساء والأطفال والفئات
الاجتماعية ذات





الاحتياجات
الخاصة.






وعلى الصعيد
الدولي، فإن انخراط المغرب القوي، منذ إحداث مجلس حقوق
الإنسان، ووضع آليات عمله، يتأكد اليوم، من خلال اختيار





المغرب ليتولى، في
مارس 2010، على مستوى الجمعية العامة، التسيير المشترك
لأشغال مسار إعادة النظر في هذه الهيئة الهامة ;





ضمن منظور متجدد،
يضع حقوق الإنسان في صلب التنمية البشرية والمستدامة.






وإن المغرب لن
يدخر أي جهد، من أجل تحقيق هذا الهدف، وانبثاق رؤية
متطابقة ومسؤولة، حول القيم الأصيلة لحقوق الإنسان; بعيدا
عن





اختزالها في
شعارات رنانة، أو التوظيف المغرض لغاياتها النبيلة.






السيد الرئيس،





ما يزال الطريق
شاقا وطويلا أمام دول وشعوب العالم للعيش في إطار من
التنوع، يشكل مصدرا حقيقيا لثروة روحية وثقافية وحضارية.





فالحوار بين
الحضارات لم يعد ضروريا فحسب، وإنما أضحى أولوية ملحة.






وإنه لمن الأساسي
أن تصبح الأمم المتحدة رافعة متميزة لإشاعة ثقافة السلام
والتسامح والتفاهم المتبادل، ومحفزا على اعتماد شكل جديد





من التعاون
التضامني والملتزم، من أجل رفاهية وتقدم المجموعة البشرية،
وطمأنينة وكرامة بني الإنسان، في كل الأوطان.






والسلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص
الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في قمة



أهداف
الألفية للتنمية بنيويورك.











نيويورك- 20 -9-
2010- فيما يلي نص الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك
محمد السادس، نصره الله، اليوم الاثنين، في قمة





أهداف الألفية
للتنمية المنعقدة بنيويورك:









" الحمد لله،
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.






السيد الرئيس،





أصحاب الجلالة
والفخامة والسمو والمعالي،






السيد الأمين
العام،






حضرات السيدات
والسادة،









يطيب لي أن أشارك
في هذا الاجتماع رفيع المستوى، للجمعية العامة للأمم
المتحدة، المخصص للأهداف الإنمائية للألفية ; منوها،
بداية،





بالأمين العام،
السيد بان كي مون، لحرصه على جعل قضايا التنمية على رأس
الأسبقيات الأممية.






وعندما نلتئم
اليوم، بعد مضي عشر سنوات على اعتماد "إعلان الألفية"،
كتوافق جماعي، لضمان تنمية بشرية ومستدامة، منسجمة عالميا
;





فإن ضمير
الإنسانية يسائل لقاءنا : ماذا تحقق من الأهداف المحددة في
هذا الإعلان التاريخي ؟






إن التحلي بروح
المسؤولية والصراحة، يلزمنا بأن نجعل من اجتماعنا وقفة
موضوعية، لتقييم ما تحقق من تقدم، وتحديد العوائق التي





يتعين تجاوزها،
والتوجه لوضع الاستراتيجيات اللازمة، للمضي قدما في تحقيق
الأهداف الإنمائية للألفية، في أفق سنة 2015.






فالأمر يتعلق برفع
تحد كبير، ويقتضي تحمل مسؤولية مشتركة، سواء من لدن
شركائنا من الدول المتقدمة، التي يتعين عليها الوفاء





بالتزاماتها، فيما
يتعلق بتمويل التنمية، أو من قبل الدول النامية، التي يجدر
بها وضع الأهداف الإنمائية للألفية في صلب سياساتها
الوطنية.






وذلكم هو النهج
القويم، الذي سلكه المغرب، حيث قمنا، منذ سنة 2005، بإطلاق
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد اعتمدنا في بلورتها





مقاربة تشاورية
وإدماجية، تقوم على المشاركة الديمقراطية، وحكامة القرب،
وعلى تبني الفاعلين المعنيين، لمشاريعها الهادفة للتصدي





للعجز الاجتماعي،
بخلق أنشطة مدرة للدخل، ولفرص الشغل.






وبفضل هذه
المبادرة المقدامة، وما يواكبها من إصلاحات عميقة، ومخططات
قطاعية، وأوراش هيكلية، قطع المغرب أشواطا متقدمة،





لبلوغ الأهداف
الإنمائية للألفية ; خاصة ما يتعلق منها بمحاربة الفقر
والهشاشة والإقصاء، وتحسين ظروف العيش بالعالمين الحضري





والقروي، لاسيما
بتعميم الاستفادة من الكهرباء والماء الصالح للشرب.






وبموازاة ذلك،
قامت بلادنا بإحداث نظام التأمين الإجباري الأساسي عن
المرض، وكذا نظام المساعدة الطبية لفائدة الأشخاص
المعوزين.






كما حققت المملكة،
بإرادة سيادية، تقدما ملحوظا بشأن المساواة والإنصاف بين
الجنسين، في مجالات الأسرة والصحة والتعليم، وسوق





الشغل، وتعزيز
التمثيل السياسي للمرأة، وحضورها الفاعل في الحياة العامة.






وقد تمكنا، بفضل
انتهاج تعميم التعليم الابتدائي، من تمدرس 93 في المائة من
الأطفال ما بين 6 و 11 سنة. ومنذ 2008، اتخذنا مخططا





استعجاليا، لتسريع
وتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين.






وبالنظر للأهمية
التي نوليها للبعد البيئي في التنمية، فقد قطعنا خطوات
موفقة، في مجال المحافظة على البيئة، ومكافحة التغيرات





المناخية.





وعملا على النهوض
بتنمية بشرية مستدامة، بالاستغلال الأمثل للتكنولوجيات
الجديدة والنظيفة، أطلقنا مخططا رائدا للطاقة الشمسية،





وبرنامجا مندمجا
لإنتاج الطاقة الريحية، وبفضلهما سيتمكن المغرب، في أفق
سنة 2020، من تغطية 42 في المائة من احتياجاته الطاقية،





من مصادر متجددة
ونظيفة.






السيد الرئيس،





لقد أتاح الالتزام
المشترك لقمة الألفية، تغيير مصير الملايين من الناس،
الذين أصبحوا يتمتعون بحقهم في التعليم والصحة والشغل
والعيش





الكريم.





لكن، هل يرضى
الضمير الإنساني أن يظل أزيد من مليار شخص يعانون الجوع،
وأن يموت ملايين الأطفال سنويا، من سوء التغذية، أو





بسبب أمراض
وأوبئة، صار علاجها متوفرا وبتكلفة بسيطة ?






كلا. إننا نرفض
هذا الواقع المر، المنافي للمقاصد السمحة للأديان
السماوية، والأنظمة الديمقراطية، والمواثيق الدولية،
والقيم الإنسانية





المثلى، للإخاء
والتضامن والإنصاف. هذا الواقع الذي يتم استغلاله، للأسف
الشديد، لإذكاء نزوعات الحقد والتطرف.






لذا، وانخراطا منه
في تعزيز شراكة عالمية تضامنية، وضع المغرب التنمية
البشرية،






وتحقيق أهداف
الألفية للتنمية، في صلب سياسة ملموسة وخلاقة للتعاون جنوب
- جنوب، خاصة مع الدول الإفريقية الشقيقة.






ومن هنا، فإن
الالتزام السياسي الثابت من قبل جميع الدول، واعتماد شراكة
عالمية واسعة ومضبوطة، مدعومة بجدولة زمنية دقيقة





لتفعيلها، يعدان
خير ضمان لتحقيق أهداف الألفية.






كما يجب الانخراط
من الآن في تفكير استشرافي، وعمل استباقي، لما بعد سنة
2015، لتحقيق استمرارية مبادراتنا، والتأهيل لرفع





التحديات الجديدة.





سبيلنا إلى ذلك
العمل الجماعي الهادف لتوطيد نموذج تنموي بشري ومستدام،
تضامني ومتناسق، وذلك في نطاق حكامة عالمية منصفة





وناجعة، وتوفير
العيش الكريم لأجيالنا الصاعدة، وبناء مستقبل مشترك، يسوده
الأمن والاستقرار، والتقدم والازدهار. والسلام عليكم





ورحمة الله تعالى
وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص الرسالة التي وجهها
جلالة الملك إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي لشمال
إفريقيا والشرق الأوسط بمراكش

مراكش -26-10-2010-


وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، رسالة سامية الى المشاركين
في المنتدى الاقتصادي العالمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط الذي
افتتحت أشغاله اليوم الثلاثاء بمراكش تحت شعار "الأهداف والقدرات
والازدهار".

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها السيد صلاح
الدين مزوار وزير الإقتصاد والمالية:

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.

أصحاب السعادة والمعالي،

حضرات السيدات والسادة،

يطيب لنا أن نعبر ع`ن عميق سرورنا، لاستضافة المغرب للمنتدى
الاقتصادي العالمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وعن اعتزازنا
بمشاركة نخبة من خيرة الخبراء الاقتصاديين فيه.

إن هذا الملتقى الهام يشكل بحق، حلقة أساسية في مسار البحث الدؤوب
والجاد، عن السبل المثلى للإجابة عن إشكالات الوضعية الحالية، التي
يمر منها العالم عموما، ومنطقتنا على وجه الخصوص.

ذلكم أنكم تلتئمون في لحظة دقيقة، تتأرجح فيها مؤشرات تعافي
الوضعية الاقتصادية العالمية، بين تقدم وتراجع. وهو ما يضع أشغال
منتداكم على محك المقاربة الدقيقة للإشكالات المتشعبة المطروحة،
وسبل معالجتها بتكاثف الجهود، وتلاقح الأفكار.

لقد أصبح واضحا أن الانتعاش الاقتصادي، المسجل في الآونة الأخيرة،
لم يبلغ المستوى الذي يؤهله لحل آفة البطالة، فيما ظلت تعيقه
العديد من الصعوبات، لإيجاد الحلول الشاملة للخروج من الأزمة.
فكلما ساد الاعتقاد بنجاعة الحلول المتخذة، كلما برزت إلى الواجهة
إشكالات أخرى أكثر تعقيدا.

ومن هنا، فإن العبرة الأساسية التي ينبغي استخلاصها من تفاعلات
السنوات الأخيرة، هي أن الأزمة العالمية تتجاوز الاقتصادي والمالي
والاجتماعي، إلى مستويات أخرى أكثر ارتباطا بمرتكزات نموذج النمو
السائد على المستوى العالمي ; بل وتسائل في الصميم بعده الحضاري،
وتضع على المحك حكامته الجيدة، وتهدد عمقه الديمقراطي.

وهو ما يجعل العالم اليوم أمام منعطف تاريخي حاسم ; مما يضفي على
هذا الملتقى الخاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أهمية خاصة،
ويلقي عليه مسؤولية جسيمة، في التجاوب م`ع انتظارات شعوبنا.

فمنطقتنا لها من الطاقات، ما يؤهلها للعب دور أساسي، في رسم
استراتيجيات الخروج من الأزمة، والمساهمة الفعالة في النقاش حول
بلورة نموذج عالمي تنموي جديد، يضع كرامة الإنسان في صلب
اهتماماته.

كما أن فضاءنا الجهوي يعتبر من المناطق التي استطاعت التقدم بوتيرة
متسارعة، على طريق تجاوز تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية
العالمية ; حيث من المنتظر أن تسجل مستوى مشجعا من النمو، في نهاية
هذه السنة، مع آفاق لا تقل تفاؤلا بالنسبة للسنة المقبلة.

ومن البديهي أن لهذه المعطيات أثرها الإيجابي في دعم الانتعاش
العالمي، وفي بناء عالم الغد، عالم ما بعد الأزمة ; اعتبارا لما
لهذه المنطقة من أهمية خاصة، بل واستثنائية، بالنسبة للاقتصاد
العالمي.

ذلك أن منطقتنا تزخر بثروات طبيعية هائلة ; إذ تعتبر مصدرا رئيسيا
للطاقة، المعدنية منها والمتجددة. كما أنها تتوفر على مؤهلات بشرية
هامة. فهي تمثل خمسة في المائة من الساكنة العالمية، وتتميز
بتركيبة ديموغرافية شابة.

ومما يزيد من أهمية المنطقة، موقعها الجيو-سياسي الاستثنائي، الذي
يؤهلها للقيام بدور أساسي في تحريك عجلة التبادل والتعاون. فهي تعد
ملتقى وجسرا للتواصل بين دينامية الاقتصاديات الآسيوية، وفرص
الشراكة الأورو-متوسطية المتاحة، والقدرات التنموية الهامة للقارة
الإفريقية.

غير أن النهوض بهذا الدور، يبقى رهينا بمدى نجاعة اختياراتها، سواء
تعلق الأمر بكل بلد عل`ى حدة، أو بدول المنطقة مجتمعة.

وغير خاف أن منطقتنا تواجه اليوم تحديي`ن رئيسيين:

+ ويتمثل الأول في دعم النمو، وتسريع وتيرته، لتحقيق تنافسية أقوى،
وجاذبية أكبر، لتوفير فرص الشغل، وتقليص الهوة بين الفقر والغنى،
ووضع المواطن في صلب عملية التنمية، مع الحرص على تحصين التوازنات
المالي`ة والاقتصادية الأساسي`ة.

+ وأما التحدي الثاني، فيتعلق بقدرة المنطقة على التموقع داخل
الخريطة الاقتصادية العالمية، الآنية والمستقبلية، عبر التحول إلى
قطب إقليمي وازن، يتفاعل مع المحيط الدولي بنهج واحد، واستراتيجية
مشتركة، قوامها الاندماج الإقليمي، الذي يتيح نسج شراكات التعاون
المثمر، مع مختلف شركائنا عبر العالم.

حضرات السيدات والسادة،

وعيا منه بضرورة رفع هذين التحديين، فقد اختار المغرب، منذ ظهور
البوادر الأولى للأزمة العالمية، التشبث بمواصلة مسيرته التنموية،
المرتكزة على دعم النمو، وتكثيف الاستثمار، والمضي قدما في إنجاز
المشاريع الكبرى، والإصلاحات الهيكلية، وتنويع اقتصاده.

وهو ما يتجلى في اعتماد استراتيجيات قطاعية مضبوطة، في الصناعة،
والفلاحة، والسياحة، والطاقة، واللوجيستيك، والتكنولوجيات الجديدة،
وتأهيل الموارد البشرية، عبر برامج إصلاح التعليم وتحديث التكوين،
انسجاما مع متطلبات التنمية، وحاجيات المستثمرين، من مؤهلات
وكفاءات بشرية عالية، وذلك في نطاق الحفاظ على سلامة منظومتنا
المالية، والعناية بالقطاعات الاجتماعية والتشغيل، وتحصين القدرة
الشرائية للمواطنين، ضمانا لدينامية الطلب الداخلي.

وقد أولينا أهمية خاصة أيضا لتحديث وتقوية البنى التحتية لبلدنا،
من خلال إطلاق وإنجاز مشاريع هيكلية، نذكر منها على وجه الخصوص،
المركب المينائي الكبير طنجة-المتوسط ; وذلك بهدف إعطاء دفعة قوية
لمؤهلاتنا اللوجستيكية، والرفع من قدراتنا التنافسية.

كما عملنا، في إطار تصور مندمج، على الارتقاء بمناخ الأعمال، عبر
إطلاق مشروع للخدمات المالية، بإحداث المركز المالي للدار البيضاء،
ومناطق حرة للصناعة والتجارة والتصدير، بشروط تنافسية محفزة.

ومن منطلق حرصنا على المزاوجة الخلاقة بين تسريع وتيرة النمو،
والحفاظ على التوازن البيئي، انخرطنا ف`ي سياسة إرادية طموحة في
مجال النمو الأخضر ; حيث وجهنا الجهود الإصلاحية لبلادنا، إلى
إدماج البعد البيئي في مختلف السياسات العمومية، والاستراتيجيات
التنموية، وذلك من أجل تثمين الموارد الطبيعية، وتطوير الطاقات
البديلة والمتجددة، ضمن منظور شامل، لتحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الصدد، أطلقنا مشروعا كبيرا لإنتاج للطاقات النظيفة
المتجددة، عبر استثمار مؤهلاتنا الطبيعية، من طاقة شمسية وريحية ;
فاسحين المجال أمام شركائنا، للمساهمة في تحقيق هذه الاستراتيجية
الطموحة.

وعلى صعيد شمولي، فإن المغرب ينخرط بقوة في المجهودات الدولية،
الهادفة لرفع التحدي المصيري للتغيرات المناخية.

أما على مستوى دور بلادنا في تعزيز قدرات المنطقة على التموقع داخل
الخريطة الاقتصادية العالمية، فإن المغرب، بوصفه بلدا منفتحا على
العالم، وعضوا فاعلا في مختلف المنظمات الأممية، والمحافل الدولية،
ما فتئ يجعل في صدارة اهتماماته تعزيز التعاون الدولي، والاندماج
الإقليمي.

وفي هذا السياق، بادرت بلادنا للانخراط في العديد من المبادرات
والاتفاقيات، ذات البعد الاندماجي، سواء في الفضاء الأورو-متوسطي،
أو على الصعيد العربي.

وقد عملنا بتعاون م`ع أشقائنا في كل من مصر وتونس والأردن، على
إعلان اتفاق "أكادير" سنة 2004، بهدف إنشاء منطقة واسعة للتجارة
الحرة جنوب المتوسط.

ونغتنم فرصة انعقاد هذا المنتدى الهام، للتعبير عن رغبتنا الأكيدة
في توسيع وتطوير هذا التكتل الاقتصادي الواعد، والاستفادة من ثراء
التنوع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي تزخر به منطقتنا.

بيد أنه لا مناص من الاعتراف، بأن تحقيق الاندماج، الذي تصبو إليه
شعوب المنطقة، ويمليه منطق العصر، يصطدم بمخططات هيمنية، وعقبات
سياسية، عفا عنها الزمن بانتهاء الحرب الباردة، كما هو الشأن
بالنسبة للاتحاد المغاربي، الذي يظل رهينة الحسابات الضيقة، بفعل
النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وإيمانا منا بحتمية انتصار التوجه المستقبلي، على مخلفات الماضي،
وبضرورة تجاوز الجمود، ومسايرة العالم في منطق التكتلات
الاقتصادية، واستجابة لنداءات المنتظم الأممي، والمجتمع الدولي،
بادرنا إلى تقديم مبادرة مقدامة لحل النزاع الإقليمي حول مغربية
صحرائنا، من خلال مقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية، في نطاق
سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية.

وما فتئت هذه المبادرة تحظى بالمساندة المتزايدة للمجتمع الدولي،
وبدعم مجلس الأمن، لجديتها ومصداقيتها، ولمراعاتها للمعايير
الديمقراطية المتعارف عليها دوليا في هذا المجال. وكلنا أمل في أن
ينتصر منطق العقل والحكمة، وتغليب المصلحة المشتركة، على الأوهام
البائدة.

كما أن استمرار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لا يزيد الأوضاع إلا
تفاقما، ويرهن طاقات المنطقة الهائلة، بل ويقف حجر عثرة أمام
قدراتها على القيام بالدور الذي يناسب مؤهلاتها في تنمية الاقتصاد
العالمي، والمساهمة بفعالية أكبر، في تخطي الظرفي`ة العصيبة، التي
يمر منها العالم.

ولا يفوتنا بهذه المناسبة، التأكيد على أن طريق السلام في الشرق
الأوسط يمر، وجوبا، عبر حل الدولتين، بما يضمن إقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، المتعايشة في أمن
وسلام مع دولة إسرائيل، في ظل الشرعية الدولية، وعن طريق مفاوضات
مباشرة لا يعيقها تعنت أو تصعيد، أو إجراءات أحادية غير مشروعة، من
شأنه`ا تقويض المسار التفاوضي، وتبديد بارقة الأمل في السلام،
والزج بالمنطقة في نفق مظلم.

ومن هذا المنبر، نوجه رسالة أمل وتعقل للتفاوض الجاد، استجابة
للإرادة الدولية، باعتباره السبيل القويم لاستتباب الأمن لكافة
شعوب المنطقة، وتجاوز مظاهر العنف والتطرف، التي تذكي حالة عدم
الاستقرار، وتقلص فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقلل من
وزن ومكانة منطقتنا في منظومة التعاون الدولي.

حضرات السيدات والسادة،

إن العالم يعيش اليوم، لحظة انتقال كبرى، من نظام عالمي بلغ
منتهاه، وأثبت محدوديته، في مسايرة تطلعات البشرية، إلى نموذج جديد
علينا أن نسعى جميعا إلى بنائه، بروح التحدي والوحدة والمسؤولية.

وما ظهور جغرافيا جديدة للنمو العالمي، تلعب فيه`ا البلدان الصاعدة
دور القوة الدافعة لانتعاش الاقتصاد العالمي، إلا دليل داعم لهذا
المسعى.

ومن ثم، فإن بناء عالم ما بعد الأزمة، يبقى وثيق الصلة باعتماد
مقاربة تنسجم مع هذه المعطيات الجديدة، عمادها علاقات متوازنة،
تقوم على المصالح المشتركة، وتؤسس لعولمة أكثر قدرة على استيعاب
التنوع، وتعدد النماذج، في احترام للخصوصيات.

ومن هنا كان إطلاقنا في رسالتنا الموجهة للمؤتمر العالمي الثالث
للسياسة، المنعقد منذ أسبوع بمدينة مراكش، لمفهوم التنوع البيولوجي
للعولمة.

وإننا إذ نثمن عاليا الجهود التي تبذلونها، قصد ضمان التفاعل
الأمثل للآراء، وتقريب وجهات النظر، فإننا واثقون بأنكم، بكفاءاتكم
وخبراتكم المشهودة، ستساهمون، بعزم وقوة، في المسعى الكوني، الرامي
إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف، من أجل التعافي م`ن
تداعيات الأزمة العالمية، وإرساء قواعد نظام اقتصادي عالمي جديد،
أحسن حكامة في منظومته، وأقوى مناعة في وجه الأزمات، وأكثر إنصافا
وتضامنا وإنسانية في توزيع ثمار النمو.

وختاما، فإننا نجدد الترحيب بكم بين ظهرانينا، منوهين بحسن تنظيم
هذا الملتقى، متمنين لكم مقاما طيبا على أرض المغرب، بلد الحوار
والانفتاح، وبمدينة مراكش الفيحاء، المشبعة بعبق التاريخ، وملتقى
الحضارات والثقافات، حيث تنمحي الحدود، ويتقاسم الجميع نفس قيم
التسامح والتعاون على بناء العيش المشترك.

وهي نفس الروح التي نسعى اليوم إلى أن تسود في منطقتنا كلها، بل
وفي العال`م أجمع ; سائلين الله تعالى أن يكلل أعمالكم بالتوفيق
والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
جلالة الملك يوجه رسالة
سامية إلى المشاركين في أشغال الدورة الوطنية السابعة لبرلمان
الطفل

الرباط 23-10-2010


وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، رسالة سامية إلى المشاركين
في الدورة الوطنية السابعة لبرلمان الطفل.

وفي مايلي يلي نص الرسالة الملكية السامية، التي تلتها صاحبة السمو
الملكي الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، ورئيسة
برلمان الطفل خلال ترؤس سموها اليوم السبت بالرباط للجلسة الرسمية
لهذه الدورة:

" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

بناتي، أبنائي الأعزاء، أعضاء برلمان الطفل،

يطيب لنا، أن نتوجه إلى المشاركين في الدورة الوطنية السابعة
لبرلمان الطفل; منوهين بما حققته دوراتكم الجهوية، من نتائج
إيجابية، خلال السنتين الماضيتين، وما

قمتم بإنجازه من دراسات ميدانية، لرصد ونشر ثقافة حقوق الطفل، في
دوائركم الانتخابية، في مختلف قرى ومدن المملكة.

وقد تلقينا، بكل تقدير، إعطاء الأسبقية، في هذه السنة، لموضوع
"البيئة والتنمية

المستدامة"، الذي يحظى بفائق عنايتنا; باعتباره ورشا حيويا في
نموذجنا التنموي المتميز.

بناتي، أبنائي الأعزاء،

إننا ننوه بالنضج الكبير، وروح المسؤولية، التي أبنتم عنها، من
خلال مساهماتكم الإيجابية، في الحملات المحلية والجهوية والدولية
للتعبئة والتوعية بضرورة حماية البيئة; واثقين أن انخراطكم الجاد
والتطوعي، سيشكل تعزيزا لمسار إعداد الميثاق الوطني للبيئة
والتنمية المستدامة.

وقد أكدت مقترحاتكم، واختياركم لشعار هذه الدورة : "العيش وسط بيئة
سليمة، حق والتزام"; مدى فهمكم لموضوع متعدد الأبعاد; الطبيعية
منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية; بل والنفسية والتربوية.

وإذ نعرب عن إشادتنا بانخراطكم في تعميق الوعي بالتربية البيئية
لدى أجيالنا الصاعدة; مؤكدين لكم سامي عطفنا ورضانا، فإننا ندعو
الله أن يجعل التوفيق حليفكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
النص الكامل للرسالة
السامية التي وجهها جلالة الملك للمشاركين في الندوة الدولية حول
"الإحصاء في خدمة التنمية.."

الرباط 20-10-2010


وجه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ، رسالة سامية إلى
المشاركين في الندوة العلمية حول موضوع "الإحصاء في خدمة التنمية
الاقتصادية والاجتماعية : إحصائيات بمعايير دولية" ، التي انطلقت
أشغالها اليوم الأربعاء بالرباط ،والتي تنظمها المندوبية السامية
للتخطيط تحت الرعاية السامية لجلالة الملك.

وفي ما يلي النص الكامل للرسالة الملكية التي تلاها المندوب السامي
للتخطيط السيد أحمد لحليمي علمي :

" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.

حضرات السيدات والسادة،

نود في بداية رسالتنا السامية هاته، الموجهة إلى ملتقاكم العلمي،
أن ننوه بالدعوة التي وجهها السيد الأمين العام للأمم المتحدة
للمجموعة الدولية، لجعل 20 أكتوبر من كل سنة يوما عالميا للإحصاء ،
معربين عن تثميننا لهذه المبادرة وتقديرنا لأهمية الإحصاء ودوره
عبر التاريخ في تطور المعرفة وتقدم البشرية في مختلف المجالات
العلمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ونغتنمها مناسبة لدعوة جميع المشاركين في هذه الندوة العلمية، وفي
مختلف الأنشطة العلمية عبر أرجاء المملكة، احتفاء بهذا اليوم
العالمي، والتي أبينا إلا أن نضفي عليها رعايتنا السامية لجعلها
وقفات تقييمية متميزة لما حققه علم الإحصاء من تقدم ، سواء على
مستوى المفاهيم والمناهج أو على مستوى الملاءمة والتكيف مع
انتظارات المهتمين والفاعلين العموميين والخواص.
لقد أصبح الإحصاء ،في عالم مطبوع بشتى التحولات الاقتصادية
والاجتماعية المتسارعة ، أداة مرجعية في تنوير صناع القرار في
تحديد واختيار برامج التنمية والمستهدفين منها من فئات اجتماعية
ومناطق جغرافية.
كما يعد آلية منهجية لا غنى عنها لتقييم السياسات العمومية وما
تقتضيه من مراجعة عند الاقتضاء. بل إن ما يضطلع به الإحصاء اليوم
من مهام يجعل منه خدمة عمومية حقيقية اتخذت بحكم عولمة الاقتصاد
والقيم أبعادا دولية. ومن ثم يقتضي الحرص على دقة مفاهيمه وشفافية
مناهجه والتوزيع الأوسع لنتائج أعماله مع الالتزام باحترام
المعايير والمناهج المعتمدة من طرف المنظمات الجهوية والدولية
المختصة.
ولن يتأتى ذلك إلا بتوفر كل بلد على هيأة من الإحصائيين من مستوى
رفيع من التكوين العلمي والتقني يتمتعون باستقلالية فعلية في
ممارساتهم المهنية. وهو الأمر الذي ،بقدر ما يتطلب الابتعاد عن أي
تأثير سواء كان من مصدر للتمويل أو من أي نزعة إيديلوجية أو موقف
أو توجه سياسي لإعطاء صورة ومعطيات موضوعية عن الظرفية أو
الاستراتيجية موضوع أعمالهم.
وفي هذا الصدد فإن المغرب يعتز بما عرفه نظامه المؤسسي لإنتاج
المعلومة الإحصائية من تقدم هام، بفضل الجهود الدؤوبة التي ما فتئت
الدولة المغربية تبذلها في مجال تكوين وتأهيل موارده البشرية
وتطوير آلياته المؤسسية وضمان استقلاليته.
ويندرج في هذا الإطار ما قمنا به من وضع قطاع الإحصاء تحت إدارة
مندوبية سامية تتمتع بنظام قائم الذات خاضعة للمعايير العلمية
والتقنية المعتمدة دوليا بعيدا عن انعكاسات الظرفيات السياسية
وتقلباتها ، هدفنا ضمان شروط مصداقية الإحصاء في كل دراسة أو تحليل
أو تقييم في جميع الميادين.
وهو نفس المنظور العلمي الذي اعتمدناه في اختيارنا لنموذج تدبير
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
فإذا كانت المقاربة المنهجية والصيغ التدبيرية التي أسسنا عليها
هذه المبادرة الطموحة ، تقوم قبل كل شيء على خلاصات اطلاعنا
الميداني الموصول على الواقع الاجتماعي وظروف عيش مواطنينا الأعزاء
بمختلف جهات المملكة ، فقد حرصنا على مراعاة مبدأ الدقة العلمية
والاستقلالية في مرحلة الإنجاز والتدبير اليومي، من خلال إخضاع ما
تستهدفه من مناطق جغرافية وفئات اجتماعية للمعايير الإحصائية وما
تحققه من نتائج إلى نظام للتقييم أردناه منتظما ومتعدد الأطراف.
غايتنا من ذلك ضمان الاستمرارية لهذا الورش الممتد على مدى عهدنا
وتوفير شروط الفعالية والنجاح له للتصدي لظاهرة الفقر والتهميش
والإقصاء وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
حضرات السيدات والسادة،
إن التنويه الذي تحظى به بلادنا من لدن شركائنا الدوليين، بخصوص
التقدم الملحوظ الذي عرفه نظامنا المؤسسي لإنتاج المعلومة
الإحصائية وتقدير لجودة أطره من خريجي المدارس العليا في الداخل
والخارج لاينبغي أن يكون مدعاة للارتياح الذاتي، وإنما يجب أيضا أن
يشكل حافزا على المزيد من المثابرة والاجتهاد لتعزيز هذه المكاسب
من خلال اعتماد الإحصاء منهجا ومرجعا في اتخاذ القرار.

وهو ما يقتضي احترام متطلبات المصداقية والانتظام عند وضع المحاسبة
الوطنية وصياغة المؤشرات السوسيو اقتصادية بكل موضوعية، ولهذه
الغاية ندعو جميع الإدارات والمقاولات والمنظمات المهنية، وجمعيات
المجتمع المدني في كل القطاعات، لتكثيف التنسيق والتعاون مع
الهيئات الرسمية للإحصاء، وجعله تعاونا مؤسسيا ومد الإحصاء المؤسسي
بجميع المعطيات المالية والاقتصادية والاجتماعية ، التي تمتلكها
مختلف المصادر العمومية والخاصة.
وفي هذا الصدد ندعو الحكومة للقيام بإعداد إطار قانوني يتعلق
بالإحصاءات والبحوث والدراسات الإحصائية، مع ما يقتضيه من تدابير
تشريعية وتنظيمية تهم المجلس الوطني للمعلومة الإحصائية، وإحداث
وتحيين دليل المقاولات وفروعها ونظام تعريفها، وذلك من أجل استكمال
المقومات القانونية والمؤسساتية للنظام المغربي للإحصاء.
ويجدر التذكير بأن بلادنا قد اندمجت في مسلسل مطابقة حساباتها
الوطنية مع المعايير التي يقتضيها النظام الوطني للإحصاء للأمم
المتحدة، حيث ستقبل في الخمس سنوات المقبلة على إجراء الإحصاء
العام السادس للسكان والسكنى، والإحصاء العام الثالث للفلاحة
وإنجاز برنامجها الخماسي للبحوث الدورية لدى المقاولات والأسر،
التي تستهدف تحيين المعطيات حول البنيات الاقتصادية والاجتماعية
وظروف معيشة المواطنين.
وإن إنجاز هذا البرنامج في الآماد المطلوبة ، وعلى أساس إطار
للتمويل متعدد السنوات لمن شأنه أن يساهم في تقدير أدق التطورات
التي تعرفها بلادنا، وتوفير المؤشرات الموضوعية والمحينة الضرورية
لتقييم أشواط التقدم، الذي نحن عازمون على توفيره لشعبنا الأبي في
ميادين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية. ومن بين مكوناته الأهداف
الإنمائية للألفية التي التزمت المملكة المغربية بتحقيقها وقطعت
خطوات متقدمة في مسارها.
وفي هذا السياق نهيب بالإحصائيين لمضاعفة الجهود للإسهام بدورهم في
نشر الثقافة الاقتصادية وسط الرأي العام، خدمة للتملك الجماعي
للمعطيات الموضوعية للواقع الوطني، والإحاطة الدقيقة والشاملة
لرعايانا الأوفياء بمرامي السياسات العمومية باعتبارها رافعة
لنموذجنا الديمقراطي والتنموي الهادف لتحقيق تقدم وازدهار بلدنا.

حضرات السيدات والسادة ،

بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للإحصاء ، نعبر لجميع الإحصائيين
، ومراكز البحث في بلادنا وعبر العالم عن تقديرنا لأعمالهم القائمة
على الموضوعية العلمية والملتزمة بالأخلاقيات المهنية.
كما نود الإشادة بالأطر المغربية العاملة في مختلف مجالات الإحصاء
والديمغرافية والنمذجة الاقتصادية لإسهامها في الرفع من جودة
النظام الوطني للإحصاء، داعين لهذا الملتقى العلمي بكامل التوفيق
والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
رسالة ملكية سامية إلى
الحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة

الرباط 18-10-2010


وجه أمير
المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ، رسالة
سامية إلى الحجاج المغاربة الذين سيؤدون مناسك الحج لهذه السنة،
وذلك بمناسبة توجه الفوج الأول منهم اليوم الاثنين إلى الديار
المقدسة.
رسالة ملكية سامية إلى الحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية، التي تلاها بمطار الرباط -
سلا ، وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية السيد أحمد التوفيق:

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.

حجاجنا الميامين،

أمنكم الله ورعاكم، وبعد،

فسيرا على النهج القويم الذي دأبنا عليه، بوصفنا أميراً للمؤمنين،
وحاميا لحمى الملة والدين، نتوجه إليكم، معاشر الحجاج، برسالتنا
السامية هاته، مضمنين إياها ما يجب التذكير به، وإسداء النصح لكم
بشأنه، لأداء فريضة الحج على الوجه المطلوب، التي جعلها الله من
أعظم فرائض الدين، والتضرع إلى الله تعالى بصادق الدعاء، أن يتقبل
منكم شعائركم، ويجعل حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا.

وها أنتم على أتم الاستعداد لمغادرة وطنكم الغالي، واستقبال بيت
الله الحرام، الذي يعد أول بيت أقيم لعبادة الله على وجه الأرض ;
بما يقتضيه ذلك من إحرام وتجرد من المحيط والمخيط والتلبية لنداء
الحق سبحانه، القائل في محكم كتابه : "وأذن في الناس بالحج ياتوك
رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات".

إنها لحظة روحية مؤثرة، مشرقة بالأنوار الربانية، لمن كتب الله لهم
أداء هذا الركن العظيم، من أركان الإسلام، فيسر لهم الأسباب،
ووعدهم بجزيل الثواب، وامتحن الله قلوبهم للتقوى، فأقبلوا على
عبادته مفارقين للأهل والأوطان، رجاء للغفران.

فاستحضروا، رعاكم الله، شرف ذلك المقام، وعظمة أداء هذه الفريضة،
بين أرجاء الحرمين الشريفين، العطرة بالوحي الإلهي والسيرة النبوية
الشريفة، واحرصوا على تأدية مناسككم على الوجه الأمثل، مع تعظيم
حرمات الله، "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".

ففي الحج، وهو عبادة العمر، تتجلى مقاصد الإسلام كلها، في إخلاص
التوجه إلى الله وحده، وإظهار الوحدة والمساواة بين المسلمين،
والاندماج والتعايش بين شتى الأجناس والشعوب، في كل المواقف
والمشاعر : في الطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة،
والوقوف بعرفات، في أكمل مظاهر الخشوع، والخضوع لرب العالمين،
واستشعار الوقوف بين يديه يوم الجزاء.

وتذكروا أن أداء مناسككم، مع هذه الجموع الغفيرة، يقتضي منكم
التحلي بالصبر وضبط النفس وقوة التحمل وتجنب كل ما من شأنه المس
بقدسية هذه الفريضة، مصداقا لقوله تعالى : "الحج أشهر معلومات، فمن
فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من
خير يعلمه الله، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقون يا أولي
الألباب".

ولا يخفى عليكم أن المغزى العظيم من أداء فريضة الحج بصورة جماعية،
بين عامة المسلمين، من كل أرجاء العالم، هو اجتماعكم على صعيد
واحد، وحول بيته العتيق، الذي تحف به الملائكة، وتظلله الرحمة. وهو
ما يذكر المسلمين بوحدتهم، واجتماع كلمتهم على التآخي والتسامح
والتضامن، والتعارف والتآلف، وإعطاء الصورة الحقيقية عن الإسلام
السمح، ومبادئه الفضلى، في نشر السلام بين الأنام، ونبذ التطرف
والشقاق. وهي القيم المثلى التي ظل الشعب المغربي على مر العصور،
متحليا بها، معتصما بدينه السمح، في ظل إمارة المؤمنين، تشبثا
بقيادتها إياه على المحجة البيضاء، آخذا بالمذهب السني المالكي
والعقيدة الأشعرية. وهو ما نسهر على تجسيده وتوفير أسبابه.

فكونوا، رعاكم الله، كما كان أسلافكم، سفراء لبلدكم، في لزوم
الجماعة ووحدة الكلمة، والتشبث بالوسطية والاعتدال.

حجاجنا الميامين،

تنفيذا لتعليماتنا السامية بتوفير كل الشروط الضرورية لكم، في
الذهاب والإياب، وطيلة فترة مقامكم بالديار المقدسة، ما فتئ خديمنا
الأرضى وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية يبذل قصارى الجهود،
لتمكينكم من كافة الخدمات والشروط الضرورية واتخاذ التدابير
اللازمة، بما يقتضيه الأمر من تنظيم محكم وشروط مريحة، لحسن أدائكم
لمناسككم.


وفي هذا الصدد، نهيب بكم لمراعاة الترتيبات، التي أعدتها هذه
الوزارة، التي ننوه بجهودها، وبعمل بعثاتها العلمية والإدارية
والطبية، من أجل توفير أسباب راحتكم، وضمان سلامتكم، وتوجيهكم فيما
يخص أداء مناسككم، داعين إياكم للتعاون معها، مقدرين لمسؤوليات
علمائها وأطرها، وملتزمين بإرشاداتهم.

كما ندعوكم للتحلي بالانضباط والانتظام والالتزام بالتعليمات
الصادرة من السلطات السعودية المسؤولة عن الحج، بتوجيهات سديدة من
أخينا الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد
العزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، متعه الله
بالصحة والهناء وطول العمر، وشد أزره بولي عهده، أخينا الأعز، صاحب
السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء،
وزير الدفاع والطيران، المفتش العام، حفظه الله وأطال عمره، وبكافة
أصحاب السمو الملكي الأمراء الأجلاء، رعاهم الله.

ويطيب لنا في هذا المقام، الإعراب لأخينا خادم الحرمين الشريفين،
عن عميق اعتزازنا وبالغ إشادتنا بجهوده الخيرة والمبرورة، في سبيل
توفير كل شروط الراحة لضيوف الرحمن، وتحسين مرافق الحرمين
الشريفين، والارتقاء بتلك الديار المقدسة إلى أرفع الدرجات، جزاه
الله خير الجزاء.

معاشر الحجاج الميامين،

اعمروا أوقاتكم بالطاعات وأنواع القربات، من تلاوة القرآن، ومداومة
الذكر والتلبية، وترديد مختلف الأدعية، مع التحلي بحسن الخلق، وطيب
المعاشرة والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة. واجعلوا غايتكم المثلى
أن يكون حجكم طهارة لأنفسكم، وتخلصا من ذنوبكم، بقصد الفوز بما وعد
به نبيكم صلى الله عليه وسلم القائل: " من حج فلم يرفث ولم يفسق،
خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".

فإذا أديتم فريضتكم على الوجه المأمول، فاشكروا الله تعالى على ما
هداكم إليه، وما يسره لكم من أسبابه، واغتنموا زيارة الروضة
النبوية الشريفة، للسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، جدنا
المصطفى عليه السلام ; مستحضرين مقامه عند ربه، داعين مبتهلين،
مصلين عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، اقتداء في ذلك بالملائكة
الكرام.

واعتباراً لما يملأ قلبنا من إيمان بقدسية المكان والزمان، اللذين
يستجاب فيهما الدعاء الصادق، ولاسيما عند الوقوف بعرفة، فإننا
نذكركم بما عليكم من واجب الدعاء، لجلالتنا أمير المؤمنين، رمز
وحدة وسيادة وطنكم العزيز المغرب، بأن يعيننا الله سبحانه الذي
قلّدنا أمر دينكم ودنياكم، والسهر على أمنكم وازدهار أحوالكم، وأن
يسدد جلت قدرته خطانا، ويوفقنا في النهوض بمسؤولياتنا الدينية
والدنيوية، لما فيه خير شعبنا الأبي، وضمان كرامة كافة رعايانا
الأوفياء، وحريتهم وطمأنينتهم، داخل الوطن وخارجه، وفاء للبيعة
المقدسة المتبادلة بيننا.

وتضرعوا إليه عز وجل بأن يرينا في ولي عهدنا، صاحب السمو الملكي
الأمير الجليل مولاي الحسن، وكافة أفراد أسرتنا الملكية الشريفة،
ما تقر به العين، ويثلج الصدر، وأن يمدنا بعونه، ويديم علينا أردية
الصحة والعافية، وعلى شعبنا العزيز موصول التلاحم المتين بعرشه
المجيد، والتضامن بين أبنائه البررة، في كل أحواله، والتشبث
بمقدسات الأمة وثوابتها، وعلى بلدنا دوام الأمن بسائر ربوعه
وأنحائه، وأن يشمل برحمته وغفرانه جدنا ووالدنا المنعمين، صاحبي
الجلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، في
جنان الخلد، "مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا".

وختاما، ندعو الله تعالى لكم، معاشر الحجاج الميامين، بالسلامة في
الذهاب والإياب، والفوز بأعظم الثواب، حتى تعودوا لدياركم وأهليكم
سالمين غانمين.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
جلالة الملك يوجه خطابا
ساميا إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الثالث للسياسة العالمية

مراكش 16-10-2010


وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله،
خطابا ساميا إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الثالث للسياسة
العالمية الذي انطلقت أشغاله اليوم السبت ، تحت الرعاية السامية
لجلالة الملك.

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي الذي تلاه وزير الشؤون
الخارجية والتعاون السيد الطيب الفاسي الفهري :

" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله
وصحبه.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يسرنا أن نتوجه بهذا الخطاب، إلى المشاركين في أشغال المؤتمر
الثالث للسياسة العالمية، المنعقد بمدينة مراكش ؛ معربين لهم عن
سامي تقديرنا.
ونود أن نوجه تحية خاصة لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة، السيد
بان كي مون، لحضوره هذا الملتقى المتميز، مثمنين ما يبذله من جهود
سخية، في سبيل استتباب السلم والاستقرار في العالم، وحرصه الدؤوب
على إدراج قضايا التنمية والحكامة، في صدارة أسبقيات الأمم المتحدة
؛ ومبادراته وأعماله البناءة، لجعل منظومتها البيت المشترك
للإنسانية، ومجمع دولها، وضميرها الحي.
وكما تعلمون، فإن هذا المؤتمر الهام، ينعقد في وقت لم يتم فيه بعد
التجاوز التام للصدمات، الناجمة عن الأزمة المالية الدولية ؛ إذ ما
فتئت المؤشرات السلبية تنذر الجميع بإمكانية حدوث أزمات أخرى،
وتدهور الأوضاع ؛ بل وانفجارها في أي لحظة، وفي أي بقعة من بقاع
العالم.
وقد سبق لكم خلال الدورتين السابقتين للمؤتمر، أن أبرزتم المخاطر
الناجمة عن أي تحجيم لمسار العولمة، أو تقصير في العمل بآليات
الحكامة العالمية. وبالموازاة مع ذلك، ما فتئتم تذكّرون بمحدودية
الفكر الليبرالي الوحيد، المفتقد بشراسته لأي حس إنساني، أو بعد
اجتماعي، وبمخاطر تنميط النماذج في قالب واحد، مؤجج للانغلاق
الهوياتي، بما ينطوي عليه من تغذية للنزوعات المتطرفة والمتعصبة،
بشتى أشكالها.
كما شدّدتم على الدور الذي يتعين على النّخب الاضطلاع به، ليساهموا
بالملموس، في البحث عن حلول عملية، للمشاكل المواكبة للتغيرات
المتسارعة، التي يشهدها العالم.
ومن هذا المنطلق، فإننا واثقون من أن المؤتمر الدولي للسياسة،
يساهم بشكل ملحوظ، في بلورة حلول عقلانية، للمشكلات الآنفة الذكر،
ولاسيما في الدفع بقضية الحكامة الدولية إلى الأمام، إذ يوفر أرضية
للمناقشة وتبادل الأفكار، من شأنها أن تساعد على تعزيز روح الحوار
والتعاون، وتغليبها على نزعات التشنج والمواجهة.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لا يسع المغرب في هذا الصدد، إلا أن يثمن موقفكم، وأنتم تقرّون
بحتمية التنوع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبضرورة إعادة توجيه
النقاش، للتركيز من جديد على الدول بصفة عامة، وعلى بلدان الجنوب،
بصفة خاصة.
إن بلدنا، كما هو الشأن بالنسبة لدول الجنوب، لاسيما في القارة
الإفريقية، ليتطلع إلى انبثاق عولمة عادلة ومنصفة ومشاركة ؛ عولمة
تضمن تنمية متوازنة ومتناسقة ومستدامة وبشرية ؛ وتضع الإنسان في
صلبها، وتحفظ له كرامته، وتنبذ كل أشكال المهانة والتبخيس والميز،
وتقضي على أسباب الفقر والإقصاء والتهميش.
ولعل التغاضي عن البعد المحلي، وعن التعقيدات التي تحاصر الحياة
الحقيقية للملايير من بني الإنسان المتميزين، يحمل في طياته بذور
الاختلالات العالمية.
ويعدّ هذا التجاهل، مرادفا للعولمة المتوحشة والعمياء، والضالة عن
سبيلها القويم ومقاصدها المثلى.
إن المحلّي، الذي منه ينطلق كل شيء وإليه ينتهي كل شيء، ليس نقيضا
لما هو كوني ؛ بل على العكس من ذلك، فإن الكوني لن يكون جديرا بهذه
الصفة إلا بمراعاته للبعد المحلي، واستلهامه لغنى وحدته من تعدد
روافده المحلية. كما أنه لن يكون عمليا وملموسا، إلا إذا كانت
التنمية المحلية مستدامة ومفتوحة على العالم.
ولرفع هذا التحدي، عمد المغرب إلى الأخذ بالنهج القويم المفضي إلى
تحقيق الاندماج المنشود، بين ما هو محلي ووطني، وما هو كوني. حيث
أطلقنا، منذ سنة 2005، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي
تهدف أساسا إلى تلبية أشد الاحتياجات ارتباطا والتصاقا بالمعيش
اليومي للأفراد والمجموعات البشرية، التي تقطن غالبا في هوامش
الحواضر، وأقاصي البوادي والأقاليم. وقد اتبعنا لبلورة هذه
الاستراتيجية، مقاربة توافقية وإدماجية، تقوم على أسس المشاركة
الديمقراطية وحكامة القرب ؛ فضلا عن كونها تستند على اعتبار
الفاعلين المعنيين بالمشاريع المنتقاة في إطار المبادرة ملكا لهم.
غايتنا المثلى تدارك أوجه العجز الاجتماعي، من خلال توفير أنشطة
مدرة للدخل، وكفيلة بإحداث مناصب للشغل.
وقد كان لإطلاق هذه المبادرة المقدامة، وتفعيل الإصلاحات المؤسسية
والتنموية العميقة، والخطط القطاعية الاستراتيجية، والأوراش
المهيكلة التي تصاحبها، الفضل في ما حققه المغرب من تقدم في مجال
محاربة الفقر والهشاشة والتهميش.
وبإرادة سياسية حازمة وثابتة، تمكن المغرب كذلك، من تحقيق خطوات
متقدمة لتجسيد مبدإ المساواة والإنصاف بين الجنسين وفي المجالات
المرتبطة بالأسرة والصحة والتعليم والشغل ؛ فضلا عن تعزيز
التمثيلية السياسية للمرأة، والنهوض بمشاركتها الفعلية والفاعلة،
في الحياة العامة.
وعلى الصعيد الاستراتيجي، فقد جسدنا هذا التفاعل بين المحلي
والكوني ؛ في مختلف الإصلاحات المؤسسية والمصالحات الجريئة،
التاريخية والاجتماعية والحقوقية والمجالية، التي أقدمنا عليها،
ومن بينها ما اقترحناه من مبادرة مقدامة لحل النزاع المفتعل حول
مغربية صحرائنا، شهد مجلس الأمن، والمجتمع الدولي للجهود المبذولة
لبلورتها بالمصداقية والجدية، لما تنطوي عليه من واقعية محلية،
وأفق جهوي مغاربي، ومعايير ديمقراطية متعارف عليها دوليا. وهو نفس
النهج الذي اعتمدناه في الانكباب الحالي لبلادنا على بلورة جهوية
موسعة، تكون رافعة ديمقراطية لنموذج تنموي مغربي متميز بحكامته
الجيدة.
واعتبارا للعناية التي نوليها للبعد البيئي، اللازم لما ننشده من
تنمية مستدامة، حققنا خطوات موفقة في مجال حماية البيئة، والحد من
آثار التغيرات المناخية.
وحرصا منا على تعزيز التنمية البشرية المستدامة، لاسيما من خلال
الاستخدام الأمثل للتكنولوجيات الحديثة النظيفة، بادرنا إلى إطلاق
خطة رائدة للطاقة الشمسية، ومشروعا مندمجا للطاقة الريحية، سيكون
لهما الأثر الملموس في تمكين المغرب من تلبية نصف حاجياته الطاقية
تقريبا، في أفق 2020، عن طريق الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة
والنظيفة.
إن بلادنا مافتئت تولي اهتماما كبيرا للأمن الغذائي العالمي.
وتجسيدا لانخراطه في النهوض بشراكة عالمية، هادفة إلى تحقيق
التنمية المتضامنة، حرص المغرب على إدراج البعد الخاص بالأمن
الغذائي، ضمن سياسة ملموسة وخلاقة، للتعاون جنوب جنوب ؛ لاسيما
لفائدة الدول الإفريقية الشقيقة، وتجاه أي بلد له صبغة فلاحية، أو
ينتهج ثورة تنموية خضراء.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن من شأن تقاسم رؤية خلاقة للعلاقات عبر الأطلسية جنوب - جنوب،
تُقرِّب التجمعات الإقليمية الإفريقية من مثيلاتها في أمريكا
اللاتينية، أن تفتح آفاقا جديدة لنقل الكفاءات ؛ معلنة بذلك عن
تحول عميق في ميزان القوى السياسية، وقواعد المبادلات الاقتصادية،
وحركية الأفكار.
ولتحقيق ذلك، يتعين القيام بتحديد أدق للأدوار، التي يجب أن تضطلع
بها الفضاءات الجهوية الرئيسية، واعتماد وسائل مبتكرة في مجال
الحكامة ؛ هدفها مساهمة تشاركية في تحديد معالم حكامة عالمية
فعالة.
وتكمن أهمية اعتماد هذه المقاربة، التي لا محيد عنها، في كونها
خيارنا الذي يتيح الوصول إلى الكوني انطلاقا من الجهوي والمتفرد.
وبعبارة أخرى، يتعين تشجيع قيام ما يمكن تسميته "التنوع البيولوجي
للعولمة". لذا، يحدونا أمل كبير، في أن ينكب مؤتمركم على تدارس
إصلاح جذري، للآليات العامة للحكامة الكونية، وذلك قصد إعطاء مكانة
أكبر، للمجموعات الجهوية، خاصة الإفريقية منها، والتي هي محط
آمالنا في هذا المجال. وفي هذا الصدد، يتعين اعتبار الجهات بصفة
عامة، والإفريقية منها بصفة خاصة، كشريك قائم الذات في العولمة.
ولبلوغ هذا الهدف، يجب العمل على وضع الآليات اللازمة، التي من
شأنها ضمان الاستقرار السياسي، ومبادلات اقتصادية منصفة، فضلا عن
احترام الثقافات والهويات الإقليمية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن مشروعا من هذا القبيل، لا يجب أن ينفذ كتعليمات تُفرَض مجددا من
فوق، من قبل مراكز نفوذ وقوى ظاهرة أو باطنة، وأحيانا لوبيات مصالح
ومضاربات ؛ بل يتعين تفعيل هذا المشروع المصيري، كمسار عضوي سياسي
وحضاري، من شأنه ضمان سلام دائم، قوامه إرادة سياسية حقيقية، والحق
في مبادلات متنوعة، واحترام التنوع الثقافي والعقائدي.
وبفضل تقاليد المغرب الراسخة في تيسير الحوار بين الأديان،
وممارسةٍ للدين الإسلامي، يطبعها الانفتاح والتسامح، فإنه ما فتئ
يعمل بمبدإ الاقتراب من الآخر بحكمة، تجمع بين الإيمان والعقل. وهو
ما جسده بلدنا، في زمن القرون الوسطى الغربية بعطاءات فلاسفة كبار،
بعضهم عاش في كنف المغرب خلال أخصب فترات حياته وعطائه الخالد،
كمؤسس علم الاجتماع، ومؤرخ العمران البشري ابن خلدون ؛ وبعضهم سليل
هذه المنطقة، كالفيلسوف الفذ ابن رشد، الذي عاش النزر الخصب من
حياته بمدينة مراكش الحمراء وتوفي بها، والذي مهدت أفكاره الرائدة
الطريق لعصر الأنوار.
ومن هنا، فإننا كمؤتمنين على هذا الإرث المشرق، وعاملين على
استمرار المغرب في دوره الحضاري لترسيخ فضائله، نولي اهتماما بالغا
لما سيتمخض عنه مؤتمركم الهام هذا، من أفكار ومقترحات وتوصيات
وجيهة، بما هو مشهود لكم به من خصال رجال الدولة الكبار، وعلماء
السياسة الأخيار، والخبراء والمختصين الذين لا يشق لهم غبار.
وهو ما بوأ المؤتمر العالمي للسياسة، المنعقد في ظل رعايتنا
السامية، مكانة مرموقة في صدارة الملتقيات الدولية الكبرى، وجعل
منه منارة طريق لصناع القرار والرأي العام عبر العالم، لأنجع
السبل، لاستعادة السياسة لنبلها، والعمل السياسي لاعتباره، ولإضفاء
عمق علمي، وبعد أخلاقي وإنساني، بما يمكنه من الإسهام الفعال في
ضمان شروط حياة كريمة للأجيال القادمة، وبناء مستقبل مشترك
للإنسانية جمعاء، يسوده الأمن والاستقرار، والتقدم والازدهار.
وختاما، فإننا نرحب بجميع المشاركين المرموقين في هذا المؤتمر،
وننوه بمنظميه من شخصيات محترمة وهيآت موقرة ؛ مقدرين جهودهم
الصادقة لإنجاحه. كما نتمنى لكم مقاما طيبا بالمغرب بلدكم الثاني ؛
وبمدينة مراكش ؛ هذه الحاضرة التاريخية المغربية والجهوية
والعالمية، التي تجسد هوية بلدنا العريقة كملتقى للتفاعل البناء
بين الحضارات والثقافات ؛ مثلما تجسد معالمها الحضارية التمازج
الخلاق بين المحلي والجهوي والكوني.
والله تعالى نسأل أن يكلل أعمالكم بالتوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
جلالة الملك يوجه
خطابا ساميا إلى القمة العربية-الإفريقية المنعقدة بمدينة سرت
الليبية







سرت- 10-10-2010



وجه صاحب الجلالة الملك
محمد السادس، نصره الله، خطابا ساميا إلى القمة العربية-الإفريقية،
المنعقدة اليوم الأحد بمدينة سرت بالجماهيرية الليبية.


وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :


" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

فخامة الأخ القائد معمر القذافي، قائد الثورة،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي والسعادة،

يسرنا، بادئ ذي بدء، أن نعرب للأخ القائد معمر القذافي، قائد
الثورة، وللشعب الليبي الشقيق، عن أصدق عبارات الشكر والامتنان،
لمبادرته الحميدة لالتئام هذه القمة، الثانية من نوعها، ولحسن
تنظيمها واستضافتها.

كما نود الإعراب للأخ المبجل، القائد معمر القذافي، عن عميق
تقديرنا لغيرته الصادقة على التلاحم العربي الإفريقي، ولما يبذله
من جهود سخية لتجسيده على أرض الواقع.

إن انعقاد هذه القمة، خير تعبير على التزامنا بإعادة إحياء شراكتنا
المتفردة، القائمة على ما يجمع بلداننا من روابط حضارية وروحية
عريقة، وبشرية وجغرافية عميقة، مزجت عبر التاريخ، هويتنا الجماعية
بروافدها المتنوعة، وساهمت بنصيبها الوافر في صنع الحضارة
الإنسانية.

وقد ظل المغرب في صلب هذا التفاعل الحضاري، عاملا على تعزيز سبل
التعارف والتواصل والتعاون بين منطقتنا العربية وعمقها الإفريقي.
هذه الروابط التاريخية التي كانت من أبرز تجلياتها التلاحم البطولي
النادر، خلال مراحل الكفاح من أجل التحرر والاستقلال.

ووفاء لهذا الرصيد المشترك، واستشرافا لمستقبل أفضل لأجيالنا،
وعملا على كسب الرهانات الاستراتيجية والتنموية والأمنية الملحة،
التي تواجه شعوبنا، فإنه يتعين علينا التوجه، بعزم وتبصر وثبات،
نحو إعادة إطلاق هذه الشراكة، بعد أزيد من ثلاثة عقود من التعثر
والركود، في مسيرة هذا التكتل.

هدفنا الجماعي العمل على جعل لقائنا لحظة انبعاث قوية لإزالة
العوائق التي كانت تحول دون تفعيل تعاوننا، وذلك وفق أسس سليمة
وواقعية وعقلانية، ورؤية تضامنية وتكاملية.

وهذا ما يقتضي استخلاص العبر من تجربة الماضي، بكل موضوعية، وتضافر
الجهود لبناء شراكة نموذجية، في نطاق احترام المقومات السيادية
لدولنا، وثوابتها الوطنية والشرعية، ومتطلبات حسن الجوار، وعدم
التدخل في الشؤون الداخلية، وجعلها في منأى عن المشاكل الوهمية
التي لا طائل من ورائها.

وعلى هذا الأساس، فإننا عازمون على وضع هذه الشراكة، كإطار مؤسسي
جديد، في صدارة اهتماماتنا; متطلعين لأن تسهم في تعبئة جدية
وحازمة، لما تزخر به بلداننا من مؤهلات بشرية، وموارد طبيعية;
إيمانا منا بأن ذلك هو السبيل القويم لاستثمار جميع الإمكانات
المتاحة، للنهوض بالأوضاع المعيشية للشعوب الإفريقية، وتحقيق
تنميتها المستدامة، والتصدي لما تعانيه من فقر وتهميش وإقصاء
اجتماعي، والقضاء على مستنقعات الأمية والأمراض الفتاكة.

ومن هنا، فإن المملكة المغربية، التي جعلت من انتمائها العربي
والإفريقي التزاما دستوريا، ونهجا استراتيجيا، لن تدخر جهدا لتظل
في طليعة الدول المدافعة عن القضايا الملحة لشعوبنا، ومواصلة
العمل، بإرادة قوية، لدعم المصالح الإفريقية الحيوية، سواء على
المستوى المتعدد الأطراف، كالأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر
الإسلامي، ومجموعة 77 زائد الصين، أو ضمن حركة عدم الانحياز، أو
منتديات الحوار القائمة بين إفريقيا وعدد من الدول الوازنة; وخاصة
ما يتعلق بالنهوض بالمخططات التنموية الوطنية، والمساهمة الفعالة
في حفظ السلم والاستقرار الإقليمي، داخل فضائنا الإفريقي.


فخامة الأخ قائد الثورة،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي والسعادة،

إننا، ونحن نؤسس سويا لهذا التعاون المثمر، في عصر العولمة
والتحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، وفي عالم لا يعترف إلا
بالتكتلات الاقتصادية القوية، مطالبون أكثر من أي وقت مضى،
بالاعتماد على قدراتنا وإمكاناتنا الذاتية; مؤكدين القيمة الجوهرية
لشراكتنا في انبثاق حكامة دولية قائمة على التضامن والإنصاف،
وإطلاق حوار سياسي بناء، حول قضايانا المصيرية، وفي مقدمتها القضية
الفلسطينية.

وفي هذا السياق، نعرب بصفتنا رئيسا للجنة القدس، عن تقديرنا للدعم
الإفريقي الموصول، للنضال المشروع للشعب الفلسطيني الشقيق، في سبيل
إقامة دولته الوطنية المستقلة القابلة للاستمرار، وعاصمتها القدس
الشرقية، طبقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام
العربية.

كما ننوه، في هذه الظرفية الدقيقة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي،
بالدور الهام للمجموعة الإفريقية، وخاصة داخل لجنة الأمم المتحدة
المعنية بالدفاع عن الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب
الفلسطيني، التي تشرفت مملكتنا باحتضان آخر اجتماع لها.

وإننا لواثقون أن تأهيل هذه الشراكة، وتكريس مصداقيتها، يظل رهينا
بوضع وتنفيذ منظور جماعي متضامن ومقدام، لتسريع بلوغ الأهداف
الإنمائية للألفية في إفريقيا، بانتهاج الحكامة الجيدة، والتضامن
الفعال، والتعاون المثمر، بمشاريع ومنجزات تنموية ملموسة، تعود
بالنفع المباشر على الفئات والجهات الأكثر خصاصة.

وذلكم هو النهج القويم لتفعيل تعاوننا، خاصة في ظل ما تواجهه
قارتنا من انعكاسات التغيرات المناخية، وتداعيات الأزمات الغذائية
والاقتصادية والمالية، وما يتعلق منها بتفاقم عبء المديونية
الخارجية، وتقلص تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة.

وأمام هذا الوضع المقلق، بادرنا الشهر الماضي، إلى اقتراح تنظيم
الجمعية العامة للأمم المتحدة، لحوار على أعلى مستوى، حول
الاستثمار في إفريقيا.

وبنفس الإصرار، نؤكد على ضرورة إضفاء طابع إنساني حقيقي على
شراكتنا، والعمل على تبادل التجارب، وتقوية جسور التقارب
العربي-الإفريقي، بكل أبعاده.

ومن هذا المنطلق، فإن المملكة المغربية على استعداد كامل للدفع
قدما بشراكتنا، وعلى إعطائها مضمونا ملموسا، في انسجام وتكامل مع
المكاسب الهامة، والخطوات المتقدمة، التي قطعناها مع عدة دول
إفريقية شقيقة، في إطار التعاون جنوب-جنوب، وخاصة في مجالات
التنمية البشرية، وتقاسم المعرفة والخبرات والتكوين الجامعي،
وقطاعات الفلاحة والصحة والماء والطاقة، وإنجاز مشاريع إنتاجية
لتحسين ظروف العيش في الوسطين الحضري والقروي; فضلا عن تنمية حركة
المبادلات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وفي هذا الصدد، فإننا حريصون على تكثيف المشاريع والبرامج، التي
تندرج في نطاق تعاون ثلاثي مغربي-إفريقي، بشراكة مع الدول
والمؤسسات المانحة.

وإيمانا منا بأن تحقيق الاندماج الإفريقي الشامل، يمر حتما عبر
تضافر وتناسق جهود المجموعات الجهوية، نؤكد استعدادنا لتعزيز دورنا
الفاعل داخل تجمع دول الساحل والصحراء، والعمل على طرح مبادرات
إفريقية واعدة، كمبادرة الحوار، التي تجمع أزيد من عشرين دولة
إفريقية مطلة على الواجهة الأطلسية، والتي انطلقت بالرباط في 2009.

وبهذا الاقتناع، فإننا نتطلع، بكل مثابرة وأناة، لإخراج اتحاد
المغرب العربي من حالة جموده المؤسف، وتجاوز معيقاته الظرفية
والموضوعية، ليسهم بدوره في إعطاء دينامية لشراكتنا، وفقا لروح
ومنطوق الإعلان التاريخي لقيام هذا التجمع بمراكش، والذي جعل من
اندماج بلدانه الخمسة إحدى الدعائم القوية والمقاصد الأساسية لوحدة
وتقدم وازدهار إفريقيا.


فخامة الأخ قائد الثورة،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أصحاب المعالي والسعادة،

إن تحقيق التنمية المستدامة لمجموعتينا، تفرض ضمان دعائم الأمن
والاستقرار، ونشر ثقافة السلام المتأصلة في تقاليدنا العربية
والإفريقية، والتصدي للمخاطر المحدقة بوحدة دولنا، والمحافظة على
ثوابتها الوطنية، بالقضاء على بؤر النزاعات الإقليمية المفتعلة،
التي جعلت عدة جهات، كالقرن الإفريقي، ومنطقة الساحل، وجنوب
الصحراء، مرتعا خصبا للعنف والإرهاب، وانتشار عصابات وشبكات
الاتجار في المخدرات، والهجرة السرية العابرة للحدود.

ومن هذا المنطلق، وجهنا دبلوماسيتنا لإطلاق مسلسل للحوار، قصد وضع
مقاربة إفريقية واقعية وشمولية، لتدبير قضايا الهجرة والتنمية،
تدبيرا متضامنا ومحكما وإنسانيا، بعيدا عن أي نظرة أمنية أحادية
الجانب، باحتضان الرباط لأول مؤتمر وزاري أورو-إفريقي، حول هذه
الإشكالية المعقدة والمأساوية.

ونود من هذا المقام، التأكيد على الحاجة الماسة لتضافر وتنسيق
جهودنا الوطنية والإقليمية والقارية، لمواجهة هذه الآفات، المهددة
لنا جميعا، دون استثناء.

كما نؤكد ضرورة التنفيذ الدقيق لاستراتيجية شراكتنا، ومخطط العمل
المشترك بين مجموعتينا لسنوات 2011-2016، باعتباره الأداة الأنسب
لحسن تفعيلها، وفق سلم واضح ومضبوط لأولوياتنا، قائم على التجاوب
العميق مع متطلبات بلداننا.

وفي هذا الصدد، نلح على أهمية تحديث وتطوير آليات شراكتنا، لجعلها
أكثر ملاءمة وارتباطا مع الانشغالات الحقيقية لشعوبنا الشقيقة، في
انفتاح على القطاع الخاص، والمجالس والهيئات المنتخبة، والنخب
الفكرية، وفعاليات المجتمع المدني، لضمان انخراطها في هذه الشراكة.

وفي الأخير، نود التأكيد على جسامة ما ينتظرنا من مسؤوليات، لتنفيذ
القرارات التي ستخرج بها هذه القمة; سائلين الله العلي القدير أن
يعيننا، ويسدد خطانا، للسير قدما بهذه الشراكة الواعدة، بروح من
التآزر والتوافق والصفاء.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz


نص خطاب جلالة الملك بمناسبة ترؤس جلالته
افتتاح الدورة الأولى
من السنة التشريعية الرابعة من الولاية
التشريعية الثامنة



الرباط -9-10-2010





ألقى صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، اليوم الجمعة، خطابا
ساميا خلال ترؤس جلالته افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية
الرابعة من الولاية التشريعية الثامنة.

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :

" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين،

نتولى رئاسة افتتاح هذه السنة التشريعية، في سياق مطبوع بإرادتنا
الحازمة، لإعطاء دفعة قوية للدينامية الإصلاحية، الهادفة لاستكمال
بناء النموذج التنموي المغربي المتميز; وذلك في تجاوب عميق، مع
تطلعات شعبنا الوفي.

هدفنا الأسمى، توطيد تقدم بلادنا، وصيانة وحدتها، وضمان المزيد من
مقومات العيش الكريم لمواطنينا، بمنجزات تنموية; لا نفرق بين
مشاريعها الكبرى والمتوسطة والصغرى; اعتبارا لخدمة كل منها للوطن
والمواطنين، ولاسيما الشباب والفئات، والجهات المعوزة.

منهجنا في ذلك، سياسة القرب والمشاركة، القائمة على تعبئة كل
الطاقات، وإطلاق شتى المبادرات، والتفعيل الأمثل لكل المجالس
المنتخبة، التي يتبوأ فيها البرلمان مكانة الصدارة.

بيد أن هذه المكانة النيابية المتميزة، تسائل الجميع : إلى أي مدى
ينهض البرلمان بدوره كاملا، كرافعة ديمقراطية لنموذجنا التنموي ?

وإذا كان من الإنصاف تقدير ما أسفرت عنه جهودكم، من حصيلة تشريعية
إيجابية; فإن طموحنا، وطموح شعبنا العزيز، يظل هو الارتقاء بمجلسي
النواب والمستشارين، مؤسسة وأعضاء، ليكونا في صلب هذه الدينامية
الإصلاحية.

+ فعلى مستوى المؤسسة البرلمانية، سبق في أول خطاب لنا أمامها،
التأكيد على أن تحسين أداء البرلمان، يقوم على اعتبار مجلسيه
برلمانا واحدا بغرفتين، وليس برلمانين منفصلين.

وهو ما يتطلب من الأحزاب والفرق النيابية، الأخذ بحكامة برلمانية
جيدة، عمادها التشبع بثقافة سياسية جديدة، وممارسة نيابية ناجعة،
قائمة على تعزيز حضور الأعضاء، وجودة أعمالهم، ومستوى إسهامهم، في
معالجة الانشغالات الحقيقية للشعب.

ولهذه الغاية، نجدد التأكيد على وجوب عقلنة الأداء النيابي،
بالانطلاق من تجانس النظامين الداخليين للمجلسين، والنهوض بدورهما،
في انسجام وتكامل، كمؤسسة واحدة.

هدفها المشترك، جودة القوانين، والمراقبة الفعالة، والنقاش البناء،
للقضايا الوطنية; وخصوصا منها الحكامة الترابية، وتحصين وتعزيز
الآليات الديمقراطية والتنموية.

+ أما على مستوى النائب البرلماني، فإن الانخراط في المسار
الإصلاحي، يقتضي منكم ألا تنسوا أنكم تمثلون، داخل قبة البرلمان،
الإرادة الشعبية، قبل كل شيء.

ومن ثم، فإن عضوية البرلمان ليست امتيازا شخصيا، بقدر ما هي أمانة;
تقتضي الانكباب الجاد، بكل مسؤولية والتزام، على إيجاد حلول
واقعية، للقضايا الملحة للشعب.

إنها بالأسبقية قضايا التعليم النافع، والسكن اللائق، والتغطية
الصحية، والبيئة السليمة، وتحفيز الاستثمار، المدر لفرص الشغل،
والتنمية البشرية والمستدامة.

ولهذه الغاية، يتعين ترسيخ علاقات تعاون إيجابي، بين الجهازين
التشريعي والتنفيذي، وبين أغلبية متضامنة، ومعارضة بناءة، في نطاق
الاحترام المتبادل، والالتزام المشترك بأحكام الدستور، وبالقيم
الديمقراطية، وحرمة المؤسسات، والمصالح العليا للوطن.

معشر البرلمانيين المحترمين،

تجسيدا لعزمنا الراسخ على توطيد سلطة الدولة، على دعائم سيادة
القانون، وسمو القضاء الفعال; فإننا نؤكد على أن المفهوم الجديد
للسلطة، الذي أطلقناه، في خطابنا المؤسس له، بالدار البيضاء، في
أكتوبر 1999، يظل ساري المفعول.

فهو ليس إجراء ظرفيا لمرحلة عابرة، أو مقولة للاستهلاك، وإنما هو
مذهب في الحكم، مطبوع بالتفعيل المستمر، والالتزام الدائم بروحه
ومنطوقه.

كما أنه ليس تصورا جزئيا، يقتصر على الإدارة الترابية; وإنما هو
مفهوم شامل وملزم لكل سلطات الدولة وأجهزتها، تنفيذية كانت أو
نيابية أو قضائية.

لذلك، سيظل خديمك الأول، شعبي العزيز، ساهرا على رعايته، حريصا على
حسن تفعيله، من طرف كل ذي سلطة، بالآليات القانونية للمتابعة
والمحاسبة والجزاء; وذلك في ظل القضاء النزيه.

وهنا نؤكد أن السلطة القضائية، بقدر ما هي مستقلة عن الجهازين;
التشريعي والتنفيذي، فإنها جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة. فالقضاء
مؤتمن على سمو دستور المملكة، وسيادة قوانينها، وحماية حقوق
والتزامات المواطنة.

وفي هذا الصدد، نلح على أن حسن تنفيذ مخططنا، للإصلاح العميق
والشامل لمنظومة العدالة، لا ينحصر فقط في عمل الحكومة والبرلمان;
وإنما هو رهين، أساسا، بالأداء المسؤول للقضاة.

وعلى غرار مبادرتنا للمفهوم الجديد للسلطة، الهادف لحسن تدبير
الشأن العام، فقد قررنا أن نؤسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة، ألا
وهو "القضاء في خدمة المواطن".

وإننا نتوخى من جعل "القضاء في خدمة المواطن"، قيام عدالة متميزة
بقربها من المتقاضين، وببساطة مساطرها وسرعتها، ونزاهة أحكامها،
وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها
بسيادة القانون، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم.

السيدات والسادة أعضاء البرلمان،

في ظرفية مشحونة بتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية،
وسياق وطني مطبوع بإصلاحات عميقة; فإننا ننتظر منكم الانخراط القوي
في بلورتها، بتشريعات متقدمة، ومراقبة ناجعة.

+ فعلى مستوى المرحلة الراهنة، يظل مشروع القانون المالي لحظة قوية
في تكريس العمل البرلماني الفعال. فالأمر لا يتعلق بالمناقشة
والتصويت، على مجرد موازنة حسابات وأرقام; بل بالتجسيد الملموس
للاختيارات والبرامج التنموية الكبرى للبلاد.

لذا، يجدر بكم التحلي بروح المسؤولية، والتعاون المثمر مع الحكومة،
لإيجاد حلول ناجعة، للمعادلة الصعبة، لضرورة الحفاظ على التوازنات
الأساسية ودينامية التنمية، في ظل إكراهات محدودية الإمكانات.

+ أما على المستوى الاستراتيجي، فإن الدفاع عن مغربية صحرائنا،
الذي يظل قضيتنا المقدسة، يتطلب منكم جميعا، التحرك الفعال
والموصول، في كافة الجبهات والمحافل، المحلية والجهوية والدولية،
لإحباط المناورات اليائسة لخصوم وحدتنا الترابية.

كما تقتضي منكم إذكاء التعبئة الشعبية الشاملة، واتخاذ المبادرات
البناءة، لكسب المزيد من الدعم لمقترحنا المقدام للحكم الذاتي;
وذلك في إطار دبلوماسية برلمانية وحزبية، متناسقة ومتكاملة مع
العمل الناجع للدبلوماسية الحكومية.

وحرصا منا على إغناء مساهمة البرلمان في المجهود التنموي; فإننا
ننتظر منكم، الإفادة المثلى من الآراء الاستشارية الوجيهة للمجلس
الاقتصادي والاجتماعي، الذي سيتم تنصيبه، بعون الله، إثر استكمال
تركيبته.

كما ندعوكم لإعطاء الأسبقية لإعداد واعتماد القانون - الإطار
للبيئة والتنمية المستدامة; باعتبارهما عماد ضمان حاضر ومستقبل
تقدم بلادنا.

حضرات السيدات والسادة البرلمانيين،

إن عليكم استشعار أن حصيلة عملكم الفردية والحزبية، سيتم تقييمها،
في نهاية انتدابكم، على أساس ما تم تحقيقه من إنجازات تنموية
ملموسة.

وذلكم هو السبيل القويم، لاستعادة العمل السياسي والبرلماني لنبله،
وللأحزاب اعتبارها، للنهوض بدورها الدستوري، في الإسهام في حسن
تأطير وتمثيل المواطنين، وإعداد النخب المؤهلة لتدبير الشأن العام،
وكذا التربية على المواطنة المتشبعة، بالغيرة على مقدسات الأمة،
والالتزام بقضاياها ومصالحها العليا.

"إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا". صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".



descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص الرسالة السامية التي وجهها
جلالة الملك إلى المشاركين في المؤتمر الاسلامي الثالث لوزراء
البيئة بالرباط







الرباط
29 -10-2008



وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى
المشاركين في المؤتمر
الاسلامي الثالث لوزراء البيئة الذي تنظمه المنظمة الاسلامية
للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) .





وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها مستشار صاحب
الجلالة السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه
خلال افتتاح المؤتمر اليوم الاربعاء بالرباط :


"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
،

صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، الرئيس
العام للأرصاد وحماية البيئة،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

كم نحن سعداء بوجودكم اليوم بيننا، وأنتم تجتمعون في رحاب
الإيسيسكو، هذه المنظمة الإسلامية العتيدة التي
نعتز بوجود مقرها في المغرب، وبما تنجزه من أعمال وما تقدمه من
برامج حَريَّة بتعزيز التعاون في مجالات متعددة،
من بينها العمل على بث الوعي والإشعاع العلمي بقضايا البيئة في
العالم الإسلامي.

إن الإنسانية اليوم تُواجه مشاكل بيئية متشعبة وحادة، ساهمت في
تدهور الأنظمة البيئية واختلال توازنها، مما أثر
سلبا على ظروف حياة الإنسان وإطار عيشه. وإذا كانت هذه المشاكل لا
تقتصر على جهة دون أخرى، بحكم أن
مؤثراتها السلبية غير محدودة، فإن التصدي لها يظل مسؤولية جماعية
يتحملها الأفراد كما تتحملها الجماعات.

وإن مبادرتكم هذه بإيجاد إطار مؤسساتي لتعزيز العمل الإسلامي
المشترك ،في هذا المجال الحيوي، لتعتبر
إيجابية وطموحة لحل المعضلات البيئية ببلداننا، خصوصا وأن ديننا
الحنيف كرم الإنسان وجعله خليفة في الأرض،
وسخر له ثرواتها وكلفه بعمارتها، وحثه على توفير الظروف الأساسية
للحياة الآمنة والمتوازنة.

فإذا كانت دولنا قد انخرطت بكل مصداقية في الجهود التي تبذلها
المجموعة الدولية من أجل تحقيق أهداف تنمية
دائمة، فإنه لازالت هناك عدة تحديات تواجهها، نتيجة الضغط المستمر
على مواردنا الطبيعية واستنزافها، وتفاقم
الظواهر الطبيعية القصوى من جفاف وفيضانات وأعاصير وكوارث طبيعية
متعددة.

وتساهم ظاهرة التغيرات المناخية بمؤثراتها الخطيرة في تهديد مستقبل
دولنا وأمنها الغذائي، مما يحتم علينا، من
منطلق التضامن الإسلامي، أن نعمل على مواجهة آثارها الوخيمة على
مجتمعاتنا واقتصاديات بلداننا، وأن نعمل
كذلك على توحيد مواقفنا على المستوى الدولي، والانخراط في الجهود
المبذولة عالميا للتغلب على ظاهرة
الاحتباس الحراري.

وقد كانت تجربة المغرب في تدبير موارده المائية وسيلة فعالة
لمعالجة هذه الظواهر والحد من وطأتها على الطبيعة
والإنسان. ويعد اللجوء المكثف إلى تشييد السدود من أنجع الوسائل
للتأقلم مع حدة تلكم الظواهر. وقد تم تشييد
ما يزيد عن 120 سد كبير، مما مكن من تعبئة طاقة تخزينية تزيد عن
ستة عشر مليار متر مكعب، ومن توفير
مستوى عالٍ من الحماية ضد الفيضانات، ومن تسخير موارد تؤمن
احتياجات البلاد أثناء فترات الجفاف.

وما كان لهذه المشاريع أن ترى النور، لولا التعاون الفعال للدول
الإسلامية وتضامن هيئات التمويل الإسلامية. وإننا
بهذه المناسبة لنتوجه بخالص الشكر إلى البنك الإسلامي للتنمية،
وإلى المصارف العربية باعتبارها إحدى أهم
الدعائم المالية لإنجاز هذه المشاريع التي اكتسب منها المغرب خبرة
هامة في مجال تدبير موارده المائية يمكن
تعميمها بين دولنا الإسلامية.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

ها أنتم تلتقون اليوم في هذه المحطة الثالثة للمبادرة الإسلامية
التي قامت لتعزيز التعاون بين بلداننا في مجال
البيئة والتنمية المستدامة، والتي انبثقت عن إعلان جدة التاريخي
للمنتدى العالمي الأول للبيئة من منظور
إسلامي، وهو المنتدى الذي احتضنته المملكة العربية السعودية
الشقيقة سنة ألفين تحت الرعاية السامية لخادم
الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز تغمده الله بواسع رحمته
; إيمانا منها بحتمية تكثيف جهود الدول
الإسلامية لمواجهة التحديات والرهانات البيئية المعاصرة، والسعي
إلى تحقيق تنمية حقيقية تستجيب لطموحات
شعوبنا وتطلعاتها المستقبلية.

لقد شكل إعلان جدة لبنة أخرى للرقي بالتعاون الإسلامي في مختلف
المجالات الحيوية، وما تضمنه من رؤى بعيدة
لقضايا التنمية في العالم الإسلامي.

وما مؤتمركم اليوم إلا مناسبة للوقوف على التقدم الحاصل في تنفيذ
برنامج العمل الإسلامي الذي أقره المؤتمر
الأول، وتحديد العوائق، والبحث في أفق تفعيل هذا البرنامج، وإيجاد
صيغ فعالة لتجسيده على أرض الواقع، والخروج
بتصور موحد وموقف مشترك تجاه مختلف القضايا البيئية التي ستعرض
عليكم.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

إن تحقيق التنمية المنشودة يَمر حتما بمواجهة الفقر من خلال تعميم
الخدمات الاجتماعية الأساسية، كالماء
الشروب والتطهير الصلب والسائل، وكالصحة والأمن الغذائي والتربية
والتكوين، وتعزيز التمويلات الخاصة بالمشاريع
الصغرى والمتوسطة والمبادرات المحلية المدرة للدخل.

وفي هذا الصدد تبنت المملكة المغربية استراتيجية لتحقيق أهداف
تنمية مستدامة تسعى بالأساس إلى تحسين
إطار عيش المواطنين وظروف حياتهم، من خلال إنجاز مشاريع ميدانية
ملموسة، كالبرنامج الوطني للتطهير السائل
وبرنامج تدبير النفايات المنزلية، وبرنامج حماية الواحات وتنميتها،
والبرنامج الوطني للتأهيل البيئي للمدارس القروية.

كما شرعت بلادنا منذ سنة 2005، في تنفيذ برنامج طويل المدى في هذا
المجال. ويتمثل في المبادرة الوطنية
للتنمية البشرية، التي أدمجت البعد البيئي في برامجها ومشاريعها
المختلفة. وهو ما يتأتى كذلك بالعمل على
حماية مواردنا الطبيعية وترشيد استهلاكها. إن العالم الإسلامي يزخر
بثروات هائلة ومتنوعة، وإن تعاليم ديننا
الحنيف تدعو إلى المحافظة على التنوع الإحيائي، باعتباره من
المرتكزات الإسلامية الأساسية. ففي قوله تعالى:
"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم"، ما
يؤكد أن اعتبار التنوع البيولوجي يشكل أنظمة
قائمة بذاتها، يجب الحفاظ عليها لما فيه خير الأجيال الحالية
واللاحقة.

وتظل إشكالية المياه إحدى القضايا الرئيسية للعمل الإسلامي البيئي.
فكل دولنا تعاني من ندرة المياه نتيجة تفاقم
الظواهر الطبيعية القصوى، وكذا الضغط المتزايد على هذا المورد
الحيوي; مما يتطلب عملا تضامنيا وذا أولوية. فأمننا
الغذائي، كتنمية بلداننا بصفة عامة، مرتبط بمدى تعبئة الموارد
المائية و ترشيد استعمالاتها المتعددة، وتطوير
المؤسسات و التشريعات والقدرات الخاصة بتدبير الماء ; هذا المورد
الذي جعله الله عز وجل أساس الحياة إذ قال:





"وجعلنا من الماء كل شيء حي"، وبه أنعم على بني البشر، مبينا
إنزاله في قوله جلت قدرته: "وأرسلنا الرياح
لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه، وما أنتم له بخازنين".


وقد وعى المغرب منذ عقود أهمية نهج سياسة محكمة في هذا المجال،
وذلكم من خلال التدبير المندمج لهذا
المورد الحيوي، زيادة على ترشيد استهلاكه، وكذا إعادة استغلال
المياه العادمة بعد معالجتها في مجالات الري.

وإننا لنود هنا أن نسجل جهود الإيسيسكو في هذا المجال الحيوي،
خصوصا فيما يتعلق بتعزيز قدرات جميع
المتدخلين في العالم الإسلامي لتدبير المياه، وأن نؤكد أهمية هذه
الجهود، آملين أن تستمر لتحقيق أهدافها
النبيلة بالتعاون مع بلداننا، وما تزخر به من إمكانات وخبرات.

وبهذه المناسبة نعرب عن تنويهنا بالتعاون الوثيق بين الإيسيسكو
ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، تحت
رئاسة شقيقتنا صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، وما يهدف
إليه من ترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة
وقيمها، من خلال تنفيذ خطط طموحة للتربية والتواصل في مختلف
المجالات البيئية. وهي مشاريع ما فتئت تدعم
البرامج التي تسهر على تنفيذها القطاعات الحكومية.

لقد تميزت الدورة الثانية لمؤتمركم بوضع تصور لإستراتيجية تنموية
إسلامية، وسيكون لكم هذا اللقاء الثالث فرصة
لمناقشة الإطار العام لهذه الإستراتيجية وآليات تنفيذها. وإننا
لنرى أن التحقيق الفعلي لبرنامج العمل الإسلامي
يمر عبر توفير الظروف الملائمة التي منها على الخصوص:

أولا: إيجاد آليات مالية لتنفيذ البرامج والأنشطة، وذلكم بتفعيل
مقترح إحداث صندوق إسلامي للتنمية المستدامة.





ثانيا: خلق شراكات مع هيئات التمويل الإقليمية والدولية. وهو ما
يقتضي وضع برامج محددة تشكل قاسما مشتركا
للمنظومة الإسلامية ككل، خصوصا في مجالات تعزيز القدرات ونقل
التكنولوجيا النظيفة بيئيا، وتعزيز التشريعات
البيئية وتعميم التربية والتكوين.

ثالثا: الانفتاح العملي على القطاع الخاص في العالم الإسلامي
وتحفيزه للمساهمة في تحقيق أهداف هذا
البرنامج وحثه على الاستثمار في مجالات التنمية، واعتماد آليات
الإنتاج النظيف.

رابعا: تعزيز دور المجتمع المدني في الأقطار الإسلامية، للمساهمة
في تنفيذ برامج هذه التنمية، مع الانفتاح على
المنظمات غير الحكومية الدولية، والاستفادة مما تقدمه من دعم في
تعزيز مشاركة السكان في البرامج التنموية
المحلية، وذلكم على غرار ما تقوم به مؤسسة محمد السادس لحماية
البيئة على صعيد مملكتنا، وفي إطار
شراكاتها الجهوية والدولية.

خامسا: إعطاء حيز كبير لإدماج مفاهيم التنمية المستديمة في الأنظمة
التربوية في الدول الإسلامية.





في هذا الإطار نؤكد أن مشروع إحداث المركز الإسلامي للمعلومات
البيئية يعتبر مبادرة إيجابية لتوفير آلية تقنية
ومعلوماتية لرصد التحولات البيئية بأقطارنا الإسلامية وتقييمها،
وتوجيه البرنامج الإسلامي للتنمية في تحديد
أولوياته، وكذا مساعدة صناع القرار في دولنا على برمجة مشاريعهم
البيئية، مما يستوجب على دولنا توفير آليات
مماثلة قطرية، كجهات مرجعية لتعزيز عمل المركز والاستفادة من
خدماته.

وبالنسبة للمغرب، فقد أحدثنا مند التسعينيات مرصداً وطنياً للبيئة
بهدف تتبع الحالة البيئية ببلادنا. وإننا الآن بصدد
إنشاء مراصد بيئية جهوية لمساعدة الجماعات المحلية على برمجة
مشاريعها، انطلاقا من معطيات بيئية دقيقة،
وبهدف تدعيم مبدأ بيئة القرب.

في هذا السياق نقترح عليكم النظر في إمكان إحداث أكاديمية إسلامية
للبيئة والتنمية المستديمة، لإغناء البحوث
وتبادل التجارب، وتعزيز القدرات من خلال برامج التكوين.

ولعلنا أن نؤكد في الأخير أن رهان اليوم هو العمل على وضع سياسة
بيئية كفيلة بالتحكم في الطلب المتزايد على
الطاقة، وتشجيع الطاقات المتجددة، وكذا الانفتاح على العالم
للاستفادة من التكنولوجيات الجديدة، ومحاولة
استغلالها على النحو الأمثل، للمضي قدما في برنامج اقتصاد الطاقة،
وتحسين جودة الهواء بتحسين جودة
المحروقات ; وذلكم لتحقيق تنمية دائمة، وتعزيز الاستثمار الإسلامي
في هذا المجال الواعد.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

مرة أخرى، نجدد لكم اعتزازنا بعقد مؤتمركم في الرباط، داعين لكم
بالنجاح والتوفيق في أشغالكم، وآملين أن تصدر
عنكم قرارات وتوصيات من شأنها دعم مسيرة العمل البيئي بالعالم
الإسلامي. نشكر لكم حسن إصغائكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص الرسالة السامية التي وجهها
جلالة الملك إلى المشاركين في المؤتمر الاسلامي الثالث لوزراء
البيئة بالرباط







الرباط
29 -10-2008



وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى
المشاركين في المؤتمر
الاسلامي الثالث لوزراء البيئة الذي تنظمه المنظمة الاسلامية
للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) .





وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها مستشار صاحب
الجلالة السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه
خلال افتتاح المؤتمر اليوم الاربعاء بالرباط :


"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
،

صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، الرئيس
العام للأرصاد وحماية البيئة،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

كم نحن سعداء بوجودكم اليوم بيننا، وأنتم تجتمعون في رحاب
الإيسيسكو، هذه المنظمة الإسلامية العتيدة التي
نعتز بوجود مقرها في المغرب، وبما تنجزه من أعمال وما تقدمه من
برامج حَريَّة بتعزيز التعاون في مجالات متعددة،
من بينها العمل على بث الوعي والإشعاع العلمي بقضايا البيئة في
العالم الإسلامي.

إن الإنسانية اليوم تُواجه مشاكل بيئية متشعبة وحادة، ساهمت في
تدهور الأنظمة البيئية واختلال توازنها، مما أثر
سلبا على ظروف حياة الإنسان وإطار عيشه. وإذا كانت هذه المشاكل لا
تقتصر على جهة دون أخرى، بحكم أن
مؤثراتها السلبية غير محدودة، فإن التصدي لها يظل مسؤولية جماعية
يتحملها الأفراد كما تتحملها الجماعات.

وإن مبادرتكم هذه بإيجاد إطار مؤسساتي لتعزيز العمل الإسلامي
المشترك ،في هذا المجال الحيوي، لتعتبر
إيجابية وطموحة لحل المعضلات البيئية ببلداننا، خصوصا وأن ديننا
الحنيف كرم الإنسان وجعله خليفة في الأرض،
وسخر له ثرواتها وكلفه بعمارتها، وحثه على توفير الظروف الأساسية
للحياة الآمنة والمتوازنة.

فإذا كانت دولنا قد انخرطت بكل مصداقية في الجهود التي تبذلها
المجموعة الدولية من أجل تحقيق أهداف تنمية
دائمة، فإنه لازالت هناك عدة تحديات تواجهها، نتيجة الضغط المستمر
على مواردنا الطبيعية واستنزافها، وتفاقم
الظواهر الطبيعية القصوى من جفاف وفيضانات وأعاصير وكوارث طبيعية
متعددة.

وتساهم ظاهرة التغيرات المناخية بمؤثراتها الخطيرة في تهديد مستقبل
دولنا وأمنها الغذائي، مما يحتم علينا، من
منطلق التضامن الإسلامي، أن نعمل على مواجهة آثارها الوخيمة على
مجتمعاتنا واقتصاديات بلداننا، وأن نعمل
كذلك على توحيد مواقفنا على المستوى الدولي، والانخراط في الجهود
المبذولة عالميا للتغلب على ظاهرة
الاحتباس الحراري.

وقد كانت تجربة المغرب في تدبير موارده المائية وسيلة فعالة
لمعالجة هذه الظواهر والحد من وطأتها على الطبيعة
والإنسان. ويعد اللجوء المكثف إلى تشييد السدود من أنجع الوسائل
للتأقلم مع حدة تلكم الظواهر. وقد تم تشييد
ما يزيد عن 120 سد كبير، مما مكن من تعبئة طاقة تخزينية تزيد عن
ستة عشر مليار متر مكعب، ومن توفير
مستوى عالٍ من الحماية ضد الفيضانات، ومن تسخير موارد تؤمن
احتياجات البلاد أثناء فترات الجفاف.

وما كان لهذه المشاريع أن ترى النور، لولا التعاون الفعال للدول
الإسلامية وتضامن هيئات التمويل الإسلامية. وإننا
بهذه المناسبة لنتوجه بخالص الشكر إلى البنك الإسلامي للتنمية،
وإلى المصارف العربية باعتبارها إحدى أهم
الدعائم المالية لإنجاز هذه المشاريع التي اكتسب منها المغرب خبرة
هامة في مجال تدبير موارده المائية يمكن
تعميمها بين دولنا الإسلامية.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

ها أنتم تلتقون اليوم في هذه المحطة الثالثة للمبادرة الإسلامية
التي قامت لتعزيز التعاون بين بلداننا في مجال
البيئة والتنمية المستدامة، والتي انبثقت عن إعلان جدة التاريخي
للمنتدى العالمي الأول للبيئة من منظور
إسلامي، وهو المنتدى الذي احتضنته المملكة العربية السعودية
الشقيقة سنة ألفين تحت الرعاية السامية لخادم
الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز تغمده الله بواسع رحمته
; إيمانا منها بحتمية تكثيف جهود الدول
الإسلامية لمواجهة التحديات والرهانات البيئية المعاصرة، والسعي
إلى تحقيق تنمية حقيقية تستجيب لطموحات
شعوبنا وتطلعاتها المستقبلية.

لقد شكل إعلان جدة لبنة أخرى للرقي بالتعاون الإسلامي في مختلف
المجالات الحيوية، وما تضمنه من رؤى بعيدة
لقضايا التنمية في العالم الإسلامي.

وما مؤتمركم اليوم إلا مناسبة للوقوف على التقدم الحاصل في تنفيذ
برنامج العمل الإسلامي الذي أقره المؤتمر
الأول، وتحديد العوائق، والبحث في أفق تفعيل هذا البرنامج، وإيجاد
صيغ فعالة لتجسيده على أرض الواقع، والخروج
بتصور موحد وموقف مشترك تجاه مختلف القضايا البيئية التي ستعرض
عليكم.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

إن تحقيق التنمية المنشودة يَمر حتما بمواجهة الفقر من خلال تعميم
الخدمات الاجتماعية الأساسية، كالماء
الشروب والتطهير الصلب والسائل، وكالصحة والأمن الغذائي والتربية
والتكوين، وتعزيز التمويلات الخاصة بالمشاريع
الصغرى والمتوسطة والمبادرات المحلية المدرة للدخل.

وفي هذا الصدد تبنت المملكة المغربية استراتيجية لتحقيق أهداف
تنمية مستدامة تسعى بالأساس إلى تحسين
إطار عيش المواطنين وظروف حياتهم، من خلال إنجاز مشاريع ميدانية
ملموسة، كالبرنامج الوطني للتطهير السائل
وبرنامج تدبير النفايات المنزلية، وبرنامج حماية الواحات وتنميتها،
والبرنامج الوطني للتأهيل البيئي للمدارس القروية.

كما شرعت بلادنا منذ سنة 2005، في تنفيذ برنامج طويل المدى في هذا
المجال. ويتمثل في المبادرة الوطنية
للتنمية البشرية، التي أدمجت البعد البيئي في برامجها ومشاريعها
المختلفة. وهو ما يتأتى كذلك بالعمل على
حماية مواردنا الطبيعية وترشيد استهلاكها. إن العالم الإسلامي يزخر
بثروات هائلة ومتنوعة، وإن تعاليم ديننا
الحنيف تدعو إلى المحافظة على التنوع الإحيائي، باعتباره من
المرتكزات الإسلامية الأساسية. ففي قوله تعالى:
"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم"، ما
يؤكد أن اعتبار التنوع البيولوجي يشكل أنظمة
قائمة بذاتها، يجب الحفاظ عليها لما فيه خير الأجيال الحالية
واللاحقة.

وتظل إشكالية المياه إحدى القضايا الرئيسية للعمل الإسلامي البيئي.
فكل دولنا تعاني من ندرة المياه نتيجة تفاقم
الظواهر الطبيعية القصوى، وكذا الضغط المتزايد على هذا المورد
الحيوي; مما يتطلب عملا تضامنيا وذا أولوية. فأمننا
الغذائي، كتنمية بلداننا بصفة عامة، مرتبط بمدى تعبئة الموارد
المائية و ترشيد استعمالاتها المتعددة، وتطوير
المؤسسات و التشريعات والقدرات الخاصة بتدبير الماء ; هذا المورد
الذي جعله الله عز وجل أساس الحياة إذ قال:





"وجعلنا من الماء كل شيء حي"، وبه أنعم على بني البشر، مبينا
إنزاله في قوله جلت قدرته: "وأرسلنا الرياح
لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه، وما أنتم له بخازنين".


وقد وعى المغرب منذ عقود أهمية نهج سياسة محكمة في هذا المجال،
وذلكم من خلال التدبير المندمج لهذا
المورد الحيوي، زيادة على ترشيد استهلاكه، وكذا إعادة استغلال
المياه العادمة بعد معالجتها في مجالات الري.

وإننا لنود هنا أن نسجل جهود الإيسيسكو في هذا المجال الحيوي،
خصوصا فيما يتعلق بتعزيز قدرات جميع
المتدخلين في العالم الإسلامي لتدبير المياه، وأن نؤكد أهمية هذه
الجهود، آملين أن تستمر لتحقيق أهدافها
النبيلة بالتعاون مع بلداننا، وما تزخر به من إمكانات وخبرات.

وبهذه المناسبة نعرب عن تنويهنا بالتعاون الوثيق بين الإيسيسكو
ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، تحت
رئاسة شقيقتنا صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، وما يهدف
إليه من ترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة
وقيمها، من خلال تنفيذ خطط طموحة للتربية والتواصل في مختلف
المجالات البيئية. وهي مشاريع ما فتئت تدعم
البرامج التي تسهر على تنفيذها القطاعات الحكومية.

لقد تميزت الدورة الثانية لمؤتمركم بوضع تصور لإستراتيجية تنموية
إسلامية، وسيكون لكم هذا اللقاء الثالث فرصة
لمناقشة الإطار العام لهذه الإستراتيجية وآليات تنفيذها. وإننا
لنرى أن التحقيق الفعلي لبرنامج العمل الإسلامي
يمر عبر توفير الظروف الملائمة التي منها على الخصوص:

أولا: إيجاد آليات مالية لتنفيذ البرامج والأنشطة، وذلكم بتفعيل
مقترح إحداث صندوق إسلامي للتنمية المستدامة.





ثانيا: خلق شراكات مع هيئات التمويل الإقليمية والدولية. وهو ما
يقتضي وضع برامج محددة تشكل قاسما مشتركا
للمنظومة الإسلامية ككل، خصوصا في مجالات تعزيز القدرات ونقل
التكنولوجيا النظيفة بيئيا، وتعزيز التشريعات
البيئية وتعميم التربية والتكوين.

ثالثا: الانفتاح العملي على القطاع الخاص في العالم الإسلامي
وتحفيزه للمساهمة في تحقيق أهداف هذا
البرنامج وحثه على الاستثمار في مجالات التنمية، واعتماد آليات
الإنتاج النظيف.

رابعا: تعزيز دور المجتمع المدني في الأقطار الإسلامية، للمساهمة
في تنفيذ برامج هذه التنمية، مع الانفتاح على
المنظمات غير الحكومية الدولية، والاستفادة مما تقدمه من دعم في
تعزيز مشاركة السكان في البرامج التنموية
المحلية، وذلكم على غرار ما تقوم به مؤسسة محمد السادس لحماية
البيئة على صعيد مملكتنا، وفي إطار
شراكاتها الجهوية والدولية.

خامسا: إعطاء حيز كبير لإدماج مفاهيم التنمية المستديمة في الأنظمة
التربوية في الدول الإسلامية.





في هذا الإطار نؤكد أن مشروع إحداث المركز الإسلامي للمعلومات
البيئية يعتبر مبادرة إيجابية لتوفير آلية تقنية
ومعلوماتية لرصد التحولات البيئية بأقطارنا الإسلامية وتقييمها،
وتوجيه البرنامج الإسلامي للتنمية في تحديد
أولوياته، وكذا مساعدة صناع القرار في دولنا على برمجة مشاريعهم
البيئية، مما يستوجب على دولنا توفير آليات
مماثلة قطرية، كجهات مرجعية لتعزيز عمل المركز والاستفادة من
خدماته.

وبالنسبة للمغرب، فقد أحدثنا مند التسعينيات مرصداً وطنياً للبيئة
بهدف تتبع الحالة البيئية ببلادنا. وإننا الآن بصدد
إنشاء مراصد بيئية جهوية لمساعدة الجماعات المحلية على برمجة
مشاريعها، انطلاقا من معطيات بيئية دقيقة،
وبهدف تدعيم مبدأ بيئة القرب.

في هذا السياق نقترح عليكم النظر في إمكان إحداث أكاديمية إسلامية
للبيئة والتنمية المستديمة، لإغناء البحوث
وتبادل التجارب، وتعزيز القدرات من خلال برامج التكوين.

ولعلنا أن نؤكد في الأخير أن رهان اليوم هو العمل على وضع سياسة
بيئية كفيلة بالتحكم في الطلب المتزايد على
الطاقة، وتشجيع الطاقات المتجددة، وكذا الانفتاح على العالم
للاستفادة من التكنولوجيات الجديدة، ومحاولة
استغلالها على النحو الأمثل، للمضي قدما في برنامج اقتصاد الطاقة،
وتحسين جودة الهواء بتحسين جودة
المحروقات ; وذلكم لتحقيق تنمية دائمة، وتعزيز الاستثمار الإسلامي
في هذا المجال الواعد.

صاحب السمو الملكي،

أصحاب المعالي والسعادة،

مرة أخرى، نجدد لكم اعتزازنا بعقد مؤتمركم في الرباط، داعين لكم
بالنجاح والتوفيق في أشغالكم، وآملين أن تصدر
عنكم قرارات وتوصيات من شأنها دعم مسيرة العمل البيئي بالعالم
الإسلامي. نشكر لكم حسن إصغائكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
نص الخطاب الذي ألقاه
جلالة الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية
الثانية




الرباط 10- 10-
2010



في ما يلي نص الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك
محمد السادس، اليوم الجمعة بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة
التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الثامنة:






"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا
رسول الله وآله وصحبه، حضرات السيدات والسادة البرلمانيين
المحترمين، يشكل افتتاحنا لدورة أكتوبر 2008، مناسبة متجددة
للتواصل مع ممثلي الأمة حول القضايا الوطنية الكبرى.






ومما يميز السنة التشريعية الحالية، أنها
تأتي في سياق مطبوع بخوض استحقاقات وطنية هامة، ومن بينها، ما يحظى
باهتمامكم في الأفق المنظور، من إجراء سلسلة انتخابات، ستؤدي إلى
التجديد الجزئي لثلث مجلس المستشارين.






كما ستفرز بالأساس، التركيبة القادمة
للجماعات المحلية، التي نعتبرها القاعدة الأساسية للديمقراطية
والمجال الخصب لتفاعلها الإيجابي مع التنمية.






وهو ما يفرض على كل ذي غيرة وطنية صادقة،
وانشغال بترسيخ مصداقية الانتخابات؛ أن يعتبرها استحقاقات
ديمقراطية وتنموية في آن واحد. تقتضي منافسة مفتوحة، ببرامج
مضبوطة، في التزام جماعي بالصالح العام، والعمل على نبذ كل ممارسة
سياسوية دنيئة، لم يعد لها مكان في مغرب اليوم.






وعندما نجعل كسب معركة التنمية محور الرهان
الانتخابي، فإن ذلك لا يعني تجريده من طابعه الديمقراطي، أو الأخذ
بالمقولة الزائفة لنهاية السياسة.






كلا، إننا ما فتئنا نؤكد ضرورة تقوية العمل
السياسي، القائم على المشاركة المسؤولة للأحزاب الجادة في حسن
تدبير الشأن العام على أساس نتائج الا قتراع.






وهو ما يتطلب توسيع الانخراط الملتزم لكافة
الفئات الاجتماعية، وفي طليعتها الشباب، ليسهم بطاقاته وطموحاته
البناءة، ليس فقط في الاختيار الواعي لممثليه، بل أيضا في تحمل
مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي؛ باعتباره الأساس المتين للحكامة
الجيدة.






ولهذه الغاية، نوجه الحكومة لاتخاذ
التدابير اللازمة، قصد تخفيض السن القانوني للترشيح الانتخابي
للجماعات المحلية من 23 إلى 21 سنة.






وفي نفس السياق، ندعو الحكومة والبرلمان
إلى التعاون المثمر من أجل إيجاد الآليات الناجعة لتشجيع حضور
ملائم وأوسع للمرأة في المجالس الجماعية؛ ترشيحا وانتخابا.







غايتنا المثلى، ضمان التمثيلية المنصفة
للنساء في الجماعات المحلية، وبالأساس، تمكين مجالسها من الإفادة
من عطاء المرأة المغربية المؤهلة؛ بما هو معهود فيها من نزاهة
وواقعية وغيرة اجتماعية.






ولا يخفى عليكم أن الجماعات المحلية تعد
المحك الفعلي لترسيخ ثقة المواطن في الهيآت التمثيلية، لأنها مجالس
مؤتمنة على حاجياته الأساسية ومعيشه اليومي.






لذا، يتعين على الجميع ألا يد خر جهداً في
جعل الانتخابات المقبلة استحقاقات تنموية، وليس مجرد رهانات
سياسوية.






ويتمثل التحدي الانتخابي الفعلي، يتمثل في
كسب رهان التنافسية الحقة، القائمة على تعددية نوعية، تنصب حول
مخططات تنموية مضبوطة، وليس مجرد تعددية شكلية، مقتصرة على تضخم
أعداد المرشحين، والألوان والرموز، بدون أي تمايز نوعي في الا
ختيارات والبرامج.






وإننا لمصممون على تفعيل الإرادة الجماعية
لجعل التنافسية متكافئة بين كل الهيآت والمرشحين، بدون أي تمييز.
كما أننا حريصون على أن يتجسد ذلك، في جعل الهيئات السياسية،
أغلبية ومعارضة، على بينة من موعد الانتخاب، حتى يتاح للجميع خوضه
على قدم المساواة.






ولهذه الغاية، نعلن اليوم أن انتخابات
المجالس المحلية، البلدية والقروية، ستجري في 12 يونيو 2009، إن
شاء الله.






وإننا لنتوخى من الأحزاب السياسية الفاعلة
أن تجعل من الفترة الفاصلة، بيننا وبين هذا التاريخ، فرصة لبلورة
برامج للتنمية المحلية المندمجة، ولانتقاء النخب المؤهلة للنهوض
بها بكل كفاءة وأمانة.






كما ندعو الجميع، سلطات وهيآت، أفرادا
وجماعات، إلى الإلتزام باحترام القانون بكل مسؤولية ويقظة وتجرد
وحزم في ضمان مساواة الأحزاب السياسية وكافة المواطنين أمامه، بدون
أي مفاضلة.






أعضاء البرلمان المحترمين،





تعلمون أن الاقتراعات المقبلة لا تخص فقط
الأحزاب السياسية، أو الجماعات المحلية، وإنما تشمل أيضاً مؤسسات
أخرى أناط بها الدستور مهمة تأطير وتمثيل المواطنين، وهي المنظمات
النقابية والغرف المهنية، التي نؤكد على دعمها، لتنهض بدورها في
بناء اقتصاد منتج ومجتمع متضامن.






وبنفس العزم، فإننا حريصون على إشراك كل
القوى المنتجة، وذات الخبرة الواسعة، في بلورة الاختيارات التنموية
الكبرى لبلادنا.






ويندرج قرارنا بإقامة المجلس الاقتصادي
والاجتماعي، ضمن توجهنا الراسخ، للتأهيل المستمر للإصلاح المؤسسي
الشامل.






وإننا نتوخى من تفعيل هذه المؤسسة
الدستورية، ذات الطابع التنموي، تعزيز منظومة الهيآت الاستشارية
الوطنية، التي أبانت عن مصداقيتها وفعاليتها في المجال السياسي
والحقوقي.






وتجسيدا لعزمنا على تنصيب هذا المجلس، في
أقرب الآجال، ندعو الحكومة إلى التعجيل بإعداد مشروع قانونه
التنظيمي، وإيداعه بالبرلمان قبل متم دورته الحالية.






حضرات السيدات والسادة،





إن حرصنا على ترسيخ دولة القانون وتخليق
الحياة العامة، منهج متكامل؛ لا يقتصر على مجرد مظاهر إدارية أو
سياسية أو عمليات انتخابية، وإنما يمتد إلى المجال الحيوي لسلامة
وشفافية المعاملات الاقتصادية.






كما أن الحكامة الجيدة لا يمكن اختزالها في
المجال الحقوقي أو السياسي فقط، بل تشمل أيضا الميدان الاقتصادي.






ومن هذا المنطلق، نعتبر التخليق الشامل من
مستلزمات توطيد دولة الحق في مجال الأعمال، وهو ما يقتضي تعزيز
الآليات اللازمة لضمان التنافسية المفتوحة، وصيانة حرية السوق من
كل أشكال الاحتكار المفروض ومراكز الريع، والوقاية من كل الممارسات
الشائنة.






وفي هذا السياق، يندرج حرصنا على تفعيل
مجلس المنافسة والهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، وكذا توفير
مجموعة من التشريعات والآليات لحماية حرية المبادرة، وضمان
المنافسة النزيهة.






وإننا لنحث مختلف الهيآت أن تمارس
الصلاحيات المنوطة بها، على الوجه الأكمل، وبما يتطلبه الأمر من
حزم وإقدام وغيرة على الصالح العام. منتظرين منها أن تشكل سلطة
معنوية وقوة اقتراحية تساهم، بعزم كفاءاتها، في المجهود الوطني
لمكافحة كل أشكال الفساد، وما سواه من الممارسات المخالفة للقانون
وللقيم الأخلاقية.






ومع إدراكنا بأن الرشوة تعد معضلة لا يسلم
منها أي مجتمع، فإننا لا نعتبرها قدرا محتوما. وقد آن الأوان
للتصدي لأضرارها الوخيمة، المعرقلة للتنمية، والمنافية للقانون
والمواطنة والتعاليم الدينية.






لذا يتعين على الجميع، أفرادا وجماعات،
سلطات وهيآت، مكافحتها بالإرادة الحازمة، والصرامة في تطبيق
القانون؛ مراقبة ومساءلة ومحاسبة وعقوبات زجرية.









معشر البرلمانيين،





إن بلدنا يواجه تحديات داخلية، ما فتئنا
نعمل على رفعها بإصلاحات عميقة، وأوراش تنموية، وطنية ومحلية.
وهذا ما يتطلب منكم الانخراط القوي في المجهود الإصلاحي الوطني، من
خلال تشريعات متقدمة ومراقبة ناجعة، وتأطير ميداني فعال للناخبين.






كما أن بلدنا يواجه، أيضا، تحديات خارجية،
جهوية؛ مغاربيا وساحليا، ودولية مشحونة بمخاطر أمنية وبإكراهات
التنمية والعولمة.






ولا سبيل لمواجهتها، إلا بمواصلة نهجنا
الاستراتيجي، القائم على التعبئة الوطنية، والاندماج الإقليمي،
والانفتاح الإيجابي، على ما توفره التحولات الدولية من فرص التقدم.






وهذا ما يقتضي منكم عدم الاكتفاء بالقضايا
الداخلية. وبالأخص، عدم الانغلاق على الانشغالات الانتخابية، على
أهميتها.






لذا، فإن الواجب الوطني يدعوكم، أكثر من أي
وقت مضى، إلى مضاعفة الجهود، لتعزيز حضور المغرب في مختلف المحافل
الجهوية والدولية، التي للبرلمانات فيها صوت مسموع، جاعلين غايتكم
المثلى، الإسهام في الدفاع عن مختلف القضايا الكبرى للأمة. وفي
صدارتها، كسب المزيد من الدعم، لقضية وحدتنا الترابية. باعتبارها
أسبقية الأسبقيات.






وإن لكم في التطور الديمقراطي، الذي حققته
بلادنا، رصيدا يتعين عليكم حسن استثماره. من خلال دبلوماسية
برلمانية ناجعة، ومتناسقة مع الحكومة.






حضرات السيدات والسادة،





إننا حريصون على التفعيل الأمثل لدور
المؤسسات، بإسهامها، بكيفية أقوى، في تفعيل الاختيارات الوطنية
الكبرى، وبانتهاج ما ارتضيناه من ديمقراطية تشاركية، بما تنطوي
عليه من عمق تنموي، وروح مواطنة.






وسأظل إن شاء الله، ساهرا على أن يسير
المغرب بخطى دؤوبة على هذا النهج القويم، لنحقق المزيد من التطور
على درب الوحدة والاستقرار والتقدم والازدهار.






سبيلنا إلى ذلك، تحفيز المبادرات المثمرة،
وتوفير شروط النمو القوي، والرفع من وتيرته. غايتنا، تأهيل
مؤسساتنا، بالحكامة الجيدة، واقتصادنا بإنتاجيته، ومجتمعنا
بتضامنه، لتيسير أسباب المواطنة الكاملة، والعيش الكريم، لشعبنا
الوفي. ولاسيما فئاته المعوزة.






وتعد اللحظة الراهنة، بتطلعاتها الواعدة
ومصاعبها الموضوعية، مناسبة مواتية، وبالغة الأهمية، ليأخذ بناء
مغرب الغد الوتيرة العالية للإصلاح والنمو، متى عملت القوى الحية
للأمة على الاستثمار الأمثل للفرص المتاحة.






فعلى الجميع أن يشمر على ساعد الجد، حتى لا
تخلف بلادنا موعدها مع التاريخ.






كما أن على الكل أن يتحمل مسؤوليته، ويتحلى
بالمواطنة الملتزمة، من أجل رفع كافة التحديات، الداخلية
والخارجية، وكسب الاستحقاقات. ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعبئة كل
الطاقات، والتفعيل الأنجع للمؤسسات.






والله المستعان.





والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

descriptionخطب ورسائل   صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010 Emptyرد: خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس لسنة 2010

more_horiz
جلالة
الملك يؤكد أن الشاعر الراحل محمود درويش جسد توقان الشعب
الفلسطيني إلى العزة والكرامة والتحرر







رام الله 6-10-2008-



أكد صاحب الجلالة الملك
محمد السادس في كلمة سامية وجهها للحفل التأبيني، الذي نظم بعد ظهر
اليوم الاثنين برام الله بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة الشاعر
الفلسطيني الكبير محمود درويش، أن المرحوم جسد توقان الشعب
الفلسطيني إلى العزة والكرامة والتحرر والسيادة.



وجدد جلالة الملك في
الكلمة السامية، التي تلتها السيدة ثريا جبران قريتيف وزيرة
الثقافة، تعازيه في فقدان الأمة العربية والشعب الفلسطيني خاصة
"لشاعر فذ، ملتزم بقضية شعبه، التزاما نضاليا وسياسيا وإنسانيا،
بروح مثالية نادرة، وبقدرات إبداعية استثنائية، جعلت الشعر العربي
يستعيد حضوره في خوض الأمة العربية لنضالاتها، ويغمس قلمه في
الواقع المعيش، مجسدا توقان الشعب الفلسطيني إلى العزة والكرامة،
والتحرر والسيادة".



وأكد جلالة الملك أن
التاريخ يشهد أن الراحل محمود درويش ظل على الدوام، يتحلى بأنفة
وشهامة الشاعر الكبير، الذي يعرف أن العفة والمروءة وصفاء اللسان،
وسحر البيان، جزء من أخلاق الشاعر الحقيقي، وبعد من أبعاد مسؤوليته
الثقافية والإبداعية والإنسانية.



ومن ثمة - يقول جلالة
الملك -كرمناه في المغرب بوسام الكفاءة الفكرية، موقنين بأنه أهل
لهذا التكريم، وأنه يستحق أن يهتم به محيطه العربي ويتجاوب مع
شعره، ويتفاعل مع مشاعره، التي تعبر عن أنبل قضية في تاريخ الأمة
العربية الحديثة.




وأبرز جلالة الملك أن التعلق الذي حظي به الشاعر الراحل من جميع
عشاقه ومحبيه يعود لكونه رفع سقف قصيدته فرفعته، وصهر عناصر شعره
وتفكيره في بوتقة الألم العميق، الذي كان يستشعره مع أبناء شعبه
العربي الفلسطيني، فيحوله إلى شعر بلوري الكلمات ثري بمعجمه
وإيقاعه وخياله.



وقال جلالة الملك .. " ومع
أن الشعر الصادق الرفيع من بين ما كان يشدنا إلى هذا الشاعر
الكبير، فقد ربطنا به نفس الميثاق الروحي والرمزي والسياسي الوطيد،
الذي يربط جلالتنا بالقضية العربية الفلسطينية، وما يتصل منها
بقضية القدس الشريف، التي قيض الله لنا أن نقتسم مع أشقائنا في
الدول الإسلامية حمل مسؤوليتها الأخلاقية، وشرف رئاسة لجنتها
المباركة".



وتوجه جلالته بالدعاء إلى
الله سبحانه وتعالى حتى يتحقق ما يضمن للشعب العربي الفلسطيني
حقوقه الشرعية في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف،
على أرضه المحررة، وفي إطار سيادته الوطنية الكاملة.



كما عبر جلالته عن الأمل
في أن يأخذ "المشعل الفني الوهاج" للشاعر الراحل شعراء الجيل
العربي الجديد، ليواصلوا رسالته الشعرية الخالدة.
وكانت السيدة ثريا جبران قد حلت أمس الأحد بالعاصمة الأردنية عمان
في طريقها إلى رام الله بالأراضي الفلسطينية، لتمثيل صاحب الجلالة
الملك محمد السادس في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى الأربعينية
لوفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش.










privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي