كتب هذا الموضوع: 26-11-2010 -الساعة: 03:52 am
شرح رياض الصالحين<< ابن عثيمين >>
((منقووووووووووووووووووووول))
قال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)) (النساء:58)
الشرح
قال المؤلف رحمه الله - : باب الأمر بأداء الأمانة .
الأمانة : تطلق على معان متعددة ، منها ما ائتمنه الله على عباده من العبادات التي كلفهم بها ، فإنها أمانة اتئمن الله عليها العباد .
ومنها :
الأمانة المالية ، وهي : الودائع التي تعطى للإنسان ليحفظها لأهلها ، وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان ، لمصلحته أو مصلحة مالكها ، وذلك أن الأمانة التي بيد الإنسان ؛ إما أن تكون لمصلحة مالكها ، أو لمصلحة من هي بيده ، أو لمصلحتهما جميعاً .
فأما الأول : فالوديعة ؛ الوديعة تجعلها عند شخص ، تقول مثلاً : هذه ساعتي عندك احفظها لي ، أو هذه دراهم احفظها لي وما أشبه هذا ، فهذه وديعة بقيت عنده لمصلحة مالكها .
وأما التي لمصلحة من هي بيده : فالعارية يعطيك شخص شيئاً يعيرك إياه من إناء ، أو فراش ، أو ساعة ، أو سيارة ، فهذه بقيت في يدك لمصلحتك .
أما التي لمصلحة مالكها ومن هي بيده : فالعينُ المستأجرة ، فهذه مصلحتها للجميع ؛ استأجرت مني سيارة ، وأخذتها ، فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك ، وأنا أنتفع بالأجرة .
وكذلك البيت والدكان وما أشبه ذلك ، كل هذه من الأمانات .
ومن الأمانة أيضاً :
أمانة الولاية ، وهي أعظمها مسؤولية ، الولاية العامة والولايات الخاصة ، فالسلطان مثلاً الرئيس الأعلى في الدولة ، أمين على الأمة كلها ، على مصالحها الدينية ومصالحها الدنيوية ، على أموالها التي تكون في بيت المال ، لا يبذرها ، ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك .
وهناك أمانات أخرى دونها ، كأمانة الوزير مثلاً في وزارته ، وأمانة الأمير في منطقته ، وأمانة القاضي في عمله ، وأمانة الإنسان في أهله .
المهم أن الأمانة باب واسعٌ جداً وأصلها أمران :
أمانة في حقوق الله : وهى أمانة العبد في عبادات الله عزّ وجلّ .
وأمانة في حقوق البشر ، وهي كثيرة جداً ، وقد أشرنا إلى شيء منها ، وكلها يؤمر الإنسان بأدائها : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) .
تأمل هذه الصيغة (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ )) ، صيغة قوة وسلطان لم يقل : أدوا الأمانة ، ولم يقل : إني آمركم ، ولكن قال : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ )) ، بأمركم بألوهيته العظيمة ، يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، فأقام الخطاب مقام الغائب تعظيماً لهذا المقام ولهذا الأمر ، وهذا كقول السلطان - ولله المثل الأعلى - إن الأمير يأمركم ، إن الملك يأمركم ، فذها أبلغ وأقوى من قوله : إني آمركم كما قال ذلك علماء البلاغة .
(( أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) ، ومن لازم الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها ؛ الأمر بحفظها ؛ لأنه لا يمكن أداؤها إلى أهلها إلا بحفظها ، وحفظها إلا يتعدى فيها ولا يفرك ، بل يحفظها حفظاً تاماً ليس فيه تعدّ ولا تفريط ، حتى يؤديها إلى أهلها .
وأداء الأمانة من علامات الإيمان : فكلما وجدت الإنسان أميناً فيما يؤتمن عليه ، مؤدياً له على الوجه الأكمل ؛ فاعلم أنه قوي الإيمان ، وكلما وجدته خائناً ؛ فاعمل أنه ضعيف الإيمان .
ومن الأمانات : ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يحب أن يطلع عليها أحد ، فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها ، فلو استأمنك على حديث حدثك به ، وقال لك : هذا أمانة ، فإنه لا يحلّ لك أن تخبر به أحداً من الناس ، ولو كان أقرب الناس إليك ، سواء أوصاك بأن لا تخبر به أحداً ، أو عُلم من قرائن الأحوال أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد .
ولهذا قال العلماء : إذا حدثك الرجل بحديث والتفت فهذه أمانة ، لماذا ؟ لأنه كونه يلتفت ، فإنه يخشى بذلك أن يسمع أحدٌ ، إذاً فهو لا يحب أن يطلع عليه أحد ، فإذا ائتمنك الإنسان على حديث ، فإنه لا يجوز لك أن تفشيه .
ومن ذلك أيضاً : ما يكون بين الرجل وزوجته من الأشياء الخاصة ، فإن شر الناس منزلة عند الله تعالى يوم القيامة ، الرجل يفضي على امرأته وتفضي إليه ، ثم يتحدث بما جرى بينهما ، فلا يجوز للإنسان أن يتحدث بما جرى بينه وبين زوجته .
وكثيرٌ من الشباب السفهاء يتفكهون في المجالس بذكر تلك الخصوصيات ، يقول الواحد منهم : فعلت بامرأتي كذا وكذا ، من الأمور التي لا تحب هي أن يطلع عليها أحد .
وكذلك كل إنسان عاقل له ذوقٌ سليم ، لا يحب أن يطلع أحد علي ما جرى بينه وبين زوجته .
إذاً علينا أن نحافظ على الأمانات ، وأول شيء أن نحافظ على الأمانات التي بيننا وبين ربنا ، لأن حقّ ربنا أعظم الحقوق علينا ، ثم بعد ذلك ما يكون من حقوق الخلق الأولى فالأولى .
(( إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ )) ، فأثنى الله عزّ وجلّ على ما يعظنا به من الأوامر التي يريد منا فعلها ، والنواهي التي يريد منا تركها ، ثم ختم الآية بقوله : (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً )) . (النساء:58) ، سميعاً لما تقولون ، بصيراً بما تفعلون ، وختم الآية بهذين الاسمين الكريمين المتضمنين لشامل سمع الله وبصره يقتضي التهديد ، فهو يهدد عزّ وجلّ من لم يقم بأداء الأمانات إلى أهلها ، والله الموفق .
الشرح
قال المؤلف رحمه الله - : باب الأمر بأداء الأمانة .
الأمانة : تطلق على معان متعددة ، منها ما ائتمنه الله على عباده من العبادات التي كلفهم بها ، فإنها أمانة اتئمن الله عليها العباد .
ومنها :
الأمانة المالية ، وهي : الودائع التي تعطى للإنسان ليحفظها لأهلها ، وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان ، لمصلحته أو مصلحة مالكها ، وذلك أن الأمانة التي بيد الإنسان ؛ إما أن تكون لمصلحة مالكها ، أو لمصلحة من هي بيده ، أو لمصلحتهما جميعاً .
فأما الأول : فالوديعة ؛ الوديعة تجعلها عند شخص ، تقول مثلاً : هذه ساعتي عندك احفظها لي ، أو هذه دراهم احفظها لي وما أشبه هذا ، فهذه وديعة بقيت عنده لمصلحة مالكها .
وأما التي لمصلحة من هي بيده : فالعارية يعطيك شخص شيئاً يعيرك إياه من إناء ، أو فراش ، أو ساعة ، أو سيارة ، فهذه بقيت في يدك لمصلحتك .
أما التي لمصلحة مالكها ومن هي بيده : فالعينُ المستأجرة ، فهذه مصلحتها للجميع ؛ استأجرت مني سيارة ، وأخذتها ، فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك ، وأنا أنتفع بالأجرة .
وكذلك البيت والدكان وما أشبه ذلك ، كل هذه من الأمانات .
ومن الأمانة أيضاً :
أمانة الولاية ، وهي أعظمها مسؤولية ، الولاية العامة والولايات الخاصة ، فالسلطان مثلاً الرئيس الأعلى في الدولة ، أمين على الأمة كلها ، على مصالحها الدينية ومصالحها الدنيوية ، على أموالها التي تكون في بيت المال ، لا يبذرها ، ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك .
وهناك أمانات أخرى دونها ، كأمانة الوزير مثلاً في وزارته ، وأمانة الأمير في منطقته ، وأمانة القاضي في عمله ، وأمانة الإنسان في أهله .
المهم أن الأمانة باب واسعٌ جداً وأصلها أمران :
أمانة في حقوق الله : وهى أمانة العبد في عبادات الله عزّ وجلّ .
وأمانة في حقوق البشر ، وهي كثيرة جداً ، وقد أشرنا إلى شيء منها ، وكلها يؤمر الإنسان بأدائها : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) .
تأمل هذه الصيغة (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ )) ، صيغة قوة وسلطان لم يقل : أدوا الأمانة ، ولم يقل : إني آمركم ، ولكن قال : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ )) ، بأمركم بألوهيته العظيمة ، يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، فأقام الخطاب مقام الغائب تعظيماً لهذا المقام ولهذا الأمر ، وهذا كقول السلطان - ولله المثل الأعلى - إن الأمير يأمركم ، إن الملك يأمركم ، فذها أبلغ وأقوى من قوله : إني آمركم كما قال ذلك علماء البلاغة .
(( أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) ، ومن لازم الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها ؛ الأمر بحفظها ؛ لأنه لا يمكن أداؤها إلى أهلها إلا بحفظها ، وحفظها إلا يتعدى فيها ولا يفرك ، بل يحفظها حفظاً تاماً ليس فيه تعدّ ولا تفريط ، حتى يؤديها إلى أهلها .
وأداء الأمانة من علامات الإيمان : فكلما وجدت الإنسان أميناً فيما يؤتمن عليه ، مؤدياً له على الوجه الأكمل ؛ فاعلم أنه قوي الإيمان ، وكلما وجدته خائناً ؛ فاعمل أنه ضعيف الإيمان .
ومن الأمانات : ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يحب أن يطلع عليها أحد ، فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها ، فلو استأمنك على حديث حدثك به ، وقال لك : هذا أمانة ، فإنه لا يحلّ لك أن تخبر به أحداً من الناس ، ولو كان أقرب الناس إليك ، سواء أوصاك بأن لا تخبر به أحداً ، أو عُلم من قرائن الأحوال أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد .
ولهذا قال العلماء : إذا حدثك الرجل بحديث والتفت فهذه أمانة ، لماذا ؟ لأنه كونه يلتفت ، فإنه يخشى بذلك أن يسمع أحدٌ ، إذاً فهو لا يحب أن يطلع عليه أحد ، فإذا ائتمنك الإنسان على حديث ، فإنه لا يجوز لك أن تفشيه .
ومن ذلك أيضاً : ما يكون بين الرجل وزوجته من الأشياء الخاصة ، فإن شر الناس منزلة عند الله تعالى يوم القيامة ، الرجل يفضي على امرأته وتفضي إليه ، ثم يتحدث بما جرى بينهما ، فلا يجوز للإنسان أن يتحدث بما جرى بينه وبين زوجته .
وكثيرٌ من الشباب السفهاء يتفكهون في المجالس بذكر تلك الخصوصيات ، يقول الواحد منهم : فعلت بامرأتي كذا وكذا ، من الأمور التي لا تحب هي أن يطلع عليها أحد .
وكذلك كل إنسان عاقل له ذوقٌ سليم ، لا يحب أن يطلع أحد علي ما جرى بينه وبين زوجته .
إذاً علينا أن نحافظ على الأمانات ، وأول شيء أن نحافظ على الأمانات التي بيننا وبين ربنا ، لأن حقّ ربنا أعظم الحقوق علينا ، ثم بعد ذلك ما يكون من حقوق الخلق الأولى فالأولى .
(( إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ )) ، فأثنى الله عزّ وجلّ على ما يعظنا به من الأوامر التي يريد منا فعلها ، والنواهي التي يريد منا تركها ، ثم ختم الآية بقوله : (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً )) . (النساء:58) ، سميعاً لما تقولون ، بصيراً بما تفعلون ، وختم الآية بهذين الاسمين الكريمين المتضمنين لشامل سمع الله وبصره يقتضي التهديد ، فهو يهدد عزّ وجلّ من لم يقم بأداء الأمانات إلى أهلها ، والله الموفق .
شرح رياض الصالحين<< ابن عثيمين >>
((منقووووووووووووووووووووول))