جمال الدين طالب
أكد محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة، الذي استقال من منصبه كمستشار للأمن القومي بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، أن حركة فتح مستعدة للتوصل، ولو على حسابها، إلى اتفاق مع حركة حماس، والانطلاق نحو ما سماه «العمل الوحدوي المشترك».
وأكد دحلان في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي انعقد الأسبوع الماضي في مدينة مراكش المغربية، أنه يأمل «أن تتحرر حماس من أحلامها ومن (إمارتها)».. وقال إنه يرى «أنه لا فتح تحكم فعلا في الضفة.. ولا حماس تحكم في قطاع غزة، فالطرفان تحت الاحتلال الإسرائيلي». وشدد دحلان على «أن حماس لا تنفي ارتباطها السياسي والمالي بإيران، وأن طهران تفرض أجندتها على الحركة».
ورد بشكل تهكمي على من يقول إن حماس تقوت وأصبحت رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في المعادلة الفلسطينية، قائلا: «قوة حماس تتزايد من أي جانب.. هل احتلت تل أبيب مثلا؟ هل حاصرت المجدل مثلا؟ هل حررت شبرا من فلسطين؟»، مؤكدا على أن «قوتها تتزايد في البطش بأبناء فتح في قطاع غزة».. وإلى نص الحوار:
* أين هو محمد دحلان.. اختفيت من الساحة..؟
- لا، ليس صحيحا، أنا موجود..
* بالأحرى ربما اختفيت أو غاب اسمك عن الانتقادات والاتهامات والعناوين المسيئة؟
- نعم، فعلا (وجدتها!) اختفيت عن أخبار الانتقادات والاتهامات المسيئة لي! لأني ركزت جهودي خلال السنتين الماضيتين في انتخابات المؤتمر السادس لحركة فتح في العام الماضي. وأنا الآن أركز كل جهودي في فتح وفي إطار العمل الفتحاوي.. أما القضايا الأخرى فأنا لم أعد للعمل الحكومي، لأنني عملت في العمل الحكومي 15 عاما، وهذا كاف بالنسبة لي.
* هل كان هذا خيارا فعلا، أم نتيجة الضغوط والاتهامات الكثيرة التي وُجهت لك؟
- لا، لا! لا يوجد ضغط، بل بالعكس أنا عملت في العمل الحكومي حيث يجب أن أعمل وفي التوقيت الذي يجب فيه أن أعمل، والذي احتاجتني فيه السلطة.
أنا أعتقد أن حركة فتح بحاجة لي في هذا الظرف لأنني قدمت ما لدي في العمل الحكومي، سواء في العمل الأمني أو المفاوضات أو العلاقات أو العمل مع أبو عمار (رحمه الله)، وأنا أعتقد أننا نبذل جهودا مضنية مع حركة حماس للاستعداد للانتخابات المقبلة، ولإعادة بناء النظام السياسي برمته على أساس من الشراكة والوحدة، ومعالجة أخطاء الماضي، ورسم طريق مليء بالآمال للشعب الفلسطيني.
نحن نواجه تحديات كبرى من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تريد أن تبقي على الاحتلال وتبقي على الاستيطان، وتريد السلام في نفس الوقت.. السلام الكاذب، الذي يؤمن لنتنياهو كل شروطه، ويسمى ذلك سلاما.
لذلك فنحن الآن في فتح استراتيجياتنا قائمة على الثبات على ثوابتنا في المفاوضات والتمسك بها، وأيضا محاولة الوصول إلى اتفاق قدر الإمكان، حتى لو كان على حساب حركة فتح مع حركة حماس، والانطلاق نحو العمل الوحدوي المشترك. ونأمل أن تتحرر حماس من أحلامها ومن «إمارتها».
* هل نفهم من كلامك أنك لا تحمل شيئا في قلبك ضد حماس على الرغم من كل الانتقادات والاتهامات الخطيرة التي وجهتها لك؟
- أنا على خلاف سياسي مع حركة حماس، وعلى خلاف اجتماعي مع حماس، وأنا لا أرغب في أن تتحكم بمستقبلنا ومستقبل الشعب الفلسطيني.. حركة حماس التي تهدر وقتها في تفاصيل لا قيمة لها.
* ماذا تقصد بالتفاصيل التي لا قيمة لها؟
- لا أريد أن أدخل كثيرا في التفاصيل.. فالقضية الكبرى أننا شعب يعيش تحت الاحتلال، والقضية الكبرى أننا نريد أن نتحرر من هذا الاحتلال.
وأنا لا أريد أن أبذل جهدي إلا في إطار تطوير التعليم، في إطار تطوير الأمن الصحي، في القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني، والتقليل من الشعارات الكاذبة، التي كانت تصدر للشعب الفلسطيني، ويدفع الفلسطينيون ثمنها.
* الشعارات الكاذبة من قبل من؟
- من قبل المعارضة، من قبل حماس، التي كانت تتهم حركة فتح والرئيس أبو مازن، وقبل ذلك تعطل عمل الراحل أبو عمار، بعمليات عسكرية.. والآن نسمع من قبل حركة حماس أن العمليات العسكرية والعمليات الاستشهادية مضرة بالقضية الفلسطينية. قبل أسبوع فقط استمعت إلى أحمد يوسف يقر بذلك، (وهو القيادي الذي أثار جدلا في حماس بنشر مقال وتوزيعه على نطاق واسع، في الصيف الماضي، قال فيه إن حماس «لا تبدو هذه الأيام في أحسن حالاتها السياسية والأمنية والأخلاقية»، وافتتح مقاله قائلا: قد لا يروق للكثيرين من كوادر وقيادات حماس أن يشبههم أحد بحركة طالبان الأفغانية). وهو ما كنا ننبه له وهم يكرهونه الآن. الفرق الوحيد، هو أنهم (حماس) وصلوا إلى الحكم (بين قوسين) من وجهة نظرهم.
وأنا لا أرى أننا نحن في الضفة نحكم، ولا هم يحكمون في قطاع غزة. نحن كطرفين نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي.
* ولكن هناك من يرى أن قوة حماس في تزايد وهي تفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية؟
- قوتها تتزايد من أي جانب.. هل احتلت تل أبيب مثلا؟ هل حاصرت المجدل مثلا؟ هل حررت شبرا من فلسطين؟ قوتها (حماس) تتزايد في البطش بأبناء فتح في قطاع غزة، وهذه قوة وهمية.. والاستقواء على الناس بالسلاح لا يعطي نتيجة. صدام حسين من كان يتوقع أن ينتهي حكمه؟ النظام الشامل من كان يتوقع أن ينتهي حكمه؟ ولا أي نظام ديكتاتوري باستطاعته الصمود في القرن الواحد والعشرين.
والنموذج الفاشي الذي رسمته حركة حماس في غزة هو الذي جلب لها الخسارة. حركة حماس تخسر الآن، وهي التي كانت تحمل شعارين؛ شعار المقاومة، وهذا انتهى عمليا، وشعار الشفافية، وقد انتهى أيضا.. وبالتالي حماس تعيش مأزقا بعد أن انتقلت من المعارضة إلى الحكم، وجربت ماذا يعني الحكم، وما هي استحقاقاته. على الرغم من أنها لا تقدم شيئا للشعب الفلسطيني، إنما تقدم لعناصرها فقط.
* ما حقيقة بعض الاتهامات الفلسطينية - قبل حتى الإسرائيلية - من أن إيران أصبحت تابعة عمليا لإيران؟
- حركة حماس لا تنفي ذلك!.. وأنا لا أرد هنا على ادعاءات إسرائيل، فإسرائيل تمتهن وسائل الكذب كمنهج حياة. لكن حماس لا تنفي ارتباطها السياسي والمالي بإيران، وبالتالي أنا لست بصدد أن أدافع عن حركة حماس، فهي تعلن أنها مرتبطة بإيران، وإيران تفرض أجندتها على حركة حماس.