هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

description	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج Empty دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج

more_horiz
إذا قلنا: إن كل المباحثات التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القبائل المختلفة يمكن أن تُوضع في كفَّة، فإن مباحثاته مع هذا الوفد من الخزرج توضع في الكفَّة الأخرى؛ بل ترجح في مقابل كل القبائل الأخرى!
لقد كان لقاءً من أعظم لقاءات السيرة النبوية قاطبة!
ولنراجع قصَّة هذا الوفد لنعلم كيف جاء الخير منه بعد ذلك..
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلس بني شيبان الذين فاتهم فيه الإيمان، وانتقل مباشرة إلى مجلس مجموعة صغيرة قليلة من الرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك كبيرًا ولا صغيرًا، ولا كثيرًا ولا قليلًا، إلا ودعاه إلى الإسلام.
ولنقرأ ما ذكره ابن إسحاق في سيرته حول هذه القصة، ثم نقف معها بعض الوقفات..
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: لَمَّا لَقِيَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَنْتُمْ؟» قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ. قَالَ: «أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى. فَجَلَسُوا مَعَهُ فَدَعَاهُمْ إلَى اللهِ عز وجل وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. قَالَ: وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللهُ بِهِمْ فِي الإِسْلَامِ أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا هُمْ أَهْلَ شِرْكٍ وَأَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلَادِهِمْ، فَكَانُوا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ قَالُوا لَهُمْ: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ نَتَّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ. فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُولَئِكَ النَّفَرَ وَدَعَاهُمْ إلَى اللهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: يَا قَوْمِ تَعْلَمُوا وَاللهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ فَلَا تَسْبِقَنَّكُمْ إلَيْهِ. فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ بِأَنْ صَدَّقُوهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الإِسْلَامِ، وَقَالُوا: إنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ؛ فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمُ اللهُ بِكَ، فَسَنَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إلَى أَمْرِكَ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَجَبْنَاكَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّينِ فَإِنْ يَجْمَعْهُمُ اللهُ عَلَيْهِ فَلَا رَجُلَ أَعَزَّ مِنْكَ. ثمَّ انْصَرَفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ وَقَدْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا[1].
لقد ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحماسة نفسها والنشاط، وجلس إليهم وكان عددهم ستة، فقال لهم: مَنْ أَنْتُمْ؟
قالوا: نفر من الخزرج.
والخزرج هي إحدى قبيلتين كبيرتين تسكنان يثرب، والأخرى هي قبيلة الأوس، ويثرب مدينة في شمال مكة على بعد خمسمائة كيلو متر أو أقل قليلًا، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالًا مهمًّا له علاقة كبيرة بما سيعرضه عليهم بعد ذلك من دعوة، قال: «أَمِنْ مَوَالِي الْيَهُودِ؟» يعني حلفاء اليهود.
قالوا: نعم.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يطَّلع على أحوال زمانه، ويدرس بعناية موازين القوى في العالم في ذلك الوقت، فكما كان يعرف وضع بني شيبان، ومملكة فارس، وخطورة أن يتعاهد مع بني شيبان وعين لهم معه، وعينهم الأخرى مع كسرى، فهو يعلم أن اليهود يسكنون يثرب، وأنهم قوَّة سيكون لها أثر على الدعوة، وسيكون لها -أيضًا- أثر على مَنْ يسكن بجوارهم من الأوس والخزرج، ولا بُدَّ أن يُؤْخَذ وجودهم في الاعتبار عند المباحثات مع الخزرج، وكون الخزرج يسكنون بجوار اليهود ويحالفونهم فهذا أمر له إيجابياته وله -أيضًا- سلبياته، فمن إيجابياته أن اليهود قومٌ بُعِث فيهم أنبياء كُثُر، ولا بُدَّ أن الحديث عن الأنبياء أمر مألوف في يثرب، ولن يستغرب الخزرج الحديث عن أن الله عز وجل أرسل رجالًا إلى البشر، كما أن اليهود يعلمون أن هذا الزمان سيظهر فيه نبيٌّ، وقد أشاروا في حديثهم مع الخزرج إلى ذلك؛ إذن فالخلفية الثقافية للخزرج تعطي إحساسًا أنهم قد يتقبَّلون فكرة الرسالة والرسول، ومن ناحية أخرى فسكن الخزرج بجوار اليهود وحلفهم معهم له آثاره السلبية؛ فاليهود كما جاء في كتاب الله عز وجل أهل غدر وخيانة، وقد سطَّر القرآن المكي أفاعيلهم الشنيعة مع أنبيائهم السابقين، وذكر القرآن المكي كثيرًا مما فعلوه مع موسى وهارون عليهما السلام، وكذلك ما فعلوه مع عيسى عليه السلام، وما فعلوه مع غيرهم من تكذيب وإهانة وإنكار واستخفاف، وصل إلى حدِّ القتل مع بعضهم، ومحاولة القتل مع عيسى عليه السلام، هؤلاء هم اليهود، فماذا سيفعلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إن هذا سؤال ستُجيب عنه الأيام القادمة؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن يجلس مع بعض الخزرج، ولا بُدَّ أن يضع كل هذه الاعتبارات في ذهنه عند الحديث إليهم.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟»
قالوا: بلى.
فجلس معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، فبلغ القرآن منهم كل مبلغ، وعلموا أنه الحقَّ، وأن هذا رسول؛ لكن كم من البشر قبل ذلك عرفوا هذه الحقائق ولم يؤمنوا! وكم من البشر في مكة وغيرها علموا أن هذا القرآن ليس في مقدور البشر، وأن هذا الرجل صلى الله عليه وسلم صادق لا يكذب، ومع ذلك لم يؤمنوا! أما هؤلاء الستة من الخزرج فقد آمنوا من ساعتهم.
كيف آمنوا؟ وكيف قبلوا في مجلس واحد أن ينتقلوا من الدين الذي وُلدوا وهم يعرفونه إلى دين جديد لم يسمعوا عنه إلا منذ دقائق؟ وكيف أخذوا في لحظةٍ قرارًا قد يضعهم في ناحية والعرب جميعًا -بل العالم- في ناحية أخرى؟
إن هذا هو تدبير ربِّ العالمين!
إن كلَّ مَنْ سمع القرآن، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انبهر بروعة هذا الكتاب المعجز، وانتبه لعظمة هذا النبي الأمين؛ ومع ذلك فقد كانت هناك موانع كثيرة لدى كل واحد منهم تمنعه من الإسلام، وقد فصَّلنا سابقًا في هذه الموانع، أما هؤلاء الخزرج فكانوا على النقيض من ذلك! فقد كانت ظروفهم البيئية، وطبيعة تكوينهم الفطري من الأسباب التي تدفع إلى الإسلام! فقد جهَّز الله عز وجل هؤلاء النفر ليؤمنوا! لقد جهَّزهم في خفاء، فهو اللطيف سبحانه، وكان هذا بطريقةٍ لا يحسب لها بشر حسابًا؛ ولكنه تقدير العزيز العليم.
انظر وتأمَّل:

خلفية العلاقة مع اليهود:

اليهود خلق عجيب، كانوا يعلمون أنه قد اقترب ظهور نبيِّ آخِرِ الزمان، وكانوا يتوقَّعون، أو يرغبون أن يكون منهم وفيهم، فمعظم الأنبياء السابقين كانوا منهم، وكانت لليهود طبيعة جافَّة قاسية منكرة، فكان إذا حدث بينهم وبين الأوس والخزرج خلاف قالوا لهم: إنه سيظهر في هذا الزمان نبي وسوف نتَّبعه ونقتلكم قتل عاد وإرم. هذا بدلًا من أن يقولوا: سيظهر نبي نتَّبعه وندعوكم إلى الإيمان به واتباع سبيل الأنبياء. فنتيجة هذه الأخلاق الفاسدة حدث أمران جليلان:
الأمر الأول: أنه قد وقر في قلوب الأوس والخزرج بغض شديد لليهود، ولم يكن التحالف بينهم إلا للمصالح المادية فقط؛ ومن ثَمَّ فإن انفصال الأوس والخزرج عن اليهود كان أمرًا ميسورًا نسبيًّا.
والأمر الثاني: أن الأوس والخزرج كانوا يقتنعون بقرب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل يعتقدونه أمرًا محتملًا ممكنًا، وهم في الوقت ذاته يخافون منه، ومن اتحاد اليهود معه ضدهم؛ ولذلك عندما علموا أن هذا هو النبي المنتظر قالوا: لا نُضَيِّع الفرصة؛ بل نُسرع بالإيمان به، فلو عُدنا إلى يثرب نُفَكِّر، ونتروَّى، قد يعلم اليهود بأمر هذا الرسول فيسبقون الأوس والخزرج إليه.
ظهر هذا واضحًا في كلامهم أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال بعضهم لبعض: «يَا قَوْمِ تَعْلَمُوا وَاللهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ فَلَا تَسْبِقَنَّكُمْ إلَيْهِ».
فانظر إلى تدبير ربِّ العالمين وتأمل، فلولا غلظة اليهود ما أخذ الخزرج قرارهم بهذه السرعة؛ ولكن الله عز وجل يفعل ما يشاء.

description	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج Emptyرد: دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج

more_horiz
جزاك الله كل خير 
الله ينور 
بالتوفيق   gg444g gg444g

description	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج Emptyرد: دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج

more_horiz
شكرا على مرورك العطر  	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج 4253423182

description	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج Emptyرد: دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج

more_horiz
شكرا لك على الموضوع القيم 
تقبل مروري و شكرا 
تحياتي  gg444g

description	دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج Emptyرد: دعوة الرسول ( ص ) للقبائل / لقاء الخزرج

more_horiz
شكرا على الموضوع 
بارك الله فيك 
واصل وننتظر كل جديد 



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي