الحمـدُ للهِ رَبِّ العالمين ، والصَّلاةُ والسَّـلامُ على
أشرفِ الأنبياءِ والمُرسلين .. وبعـد ،،
أمرنا اللهُ تعالى بالصِّدق وحثَّنا عليه ، فقال سُبحانه :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
التوبة/119 .
والصِّـدقُ يكونُ في الأقوال والأفعال ، وعكسُـه ( الكَـذِب ) .
والمُسلم لا يكذِب ، بل يتحرَّى الصِّدقَ في حياتِهِ كُلِّها .
لكنَّنا - مع الأسف الشديد - نجدُ الكَذِبَ في حياةِ كثيرٍ مِن
المُسلمين ، وبشكلٍ واضحٍ ، وبلا حياء ؛ فـ الأبُ يُربِّي أبناءَه على
الكَذِبِ مُنذُ نُعومةِ أظفارِهم ، فإذا جاء مَن يسألُ عنه -
مَثلاً - أو اتَّصلَ به ، قال لأحدِ أبنائِهِ : قُل له " أبي غيرُ موجود "
، أو " هو نائِم، والأمرُ على عكس ذلك .
ويتَّضِحُ الكَذِبُ أيضًا بين طُلاَّب المدارس - وخاصةً الثانوية -
وكذلك طُلاَّبِ الجامِعات . فيُبدي الطالبُ - مثلاً - لزُملائِهِ أنَّه
لم يُذاكِر شيئًا مِن الموادِ التي يدرسُها ، وقد يكونُ ذاكرها
جميعًا ، أو أنَّه لم ينتهِ مِن إعدادِ البحثِ المطلوبِ منه ،
وهو كاذِب ، ويُبدي أنَّه لم يُجِب على جميع أسئلةِ الاختبار ،
وقد أجاب عليها جميعها إجاباتٍ صحيحةً نموذجيَّة .
ويظهرُ الكَذِبُ واضِحًا بين عددٍ مِن الأمَّهات بعد ظهور نتائج
اختبارات أبنائِهِنَّ ؛ فتُبدي الأمُّ أو تُخبِرُ بأنَّ ابنَها أو ابنتَها
حصل على مجموعٍ مُنخفِضٍ ودرجاتٍ ضعيفة ، وقد يكونُ
مجموعُه مُرتفِعًا ، وقد تخجلُ مِن ذِكر المجموع الضعيفِ لابنها ،
فتُخبِرُ بأنَّه حصل على مجموعٍ مُرتفِع .. وهـذا ليس بمُبَـرِّر .
ونـرى الكَـذِبَ أيضًا بين عددٍ مِن الأزواجِ والزوجات ،
وبين الأصدقاء والصديقات .
والسـؤال الذي يطرحُ نفسَـه هُنا :
ما الذي يدعـوا الشخصَ للكَـذِب ؟ وماذا يربحُ مِن وراء ذلك ؟
وأقـول : الأسبابُ كثيرةٌ مِن وِجهةِ نظرِ أصحابها - أى مَن يكذِبُون -
فقد يقولُ أحدُهم : إنِّي أخافُ الحَسَد ، وأكذِبُ لأنجوا منه ،
ولئلا تُصيبني العين .. وقد يقول : لا أرغبُ أنْ أُطْلِعَ الناسَ على
شئوني وأحوالي .. وقد يقول : على هذا تربَّيْتُ ، وعلى هذا
وجدتُ أمِّي وأبي .. وقد يقول : لقد اعتدتُ الكَذِبَ ،
ولا أستطيعُ الامتناعَ عنه .
وكُلُّ هذه أسبابٌ واهِية .. و الكَـذِبُ لا مَربَحَ مِن ورائه ،
ولا بُـدَّ للكاذِبِ مِن يومٍ ينكشِفُ فيه ويعلمُ الناسُ كَذِبَه ، فلا يثِقُونَ به .
والكَاذِبُ مع كثرةٍ كَذِبِهِ ينسى ، فيقولُ اليومَ قولاً ، ويقولُ عكسَه
في الغد .. والكَاذِبُ ممقوتٌ مِن الناسِ ، لأنَّه يستهزأُ بهم ،
ويستخِف بعقولهم .. أمَّا الصَّادِقُ في قولِهِ وفِعلِهِ فهو مَحبوبٌ
مِن الجميع ؛ لأنَّه يقولُ ما يفعل ، ويفعلُ ما يقول ،
فلا تناقُضَ في حياتِهِ ، ولا غِشَّ ولا خِداع .
ومِن أعظمِ الكَـذِبِ وأشَـدِّه : { الكَـذِبُ على اللهِ
سُبحانَه } و { الكَـذِبُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم } .
. والكَـذِبُ على اللهِ سُبحانَه يكونُ بتحليل ما حَرَّم أو بتحريم
ما أحلَّ ، يقولُ رَبُّنا سُبحانه : ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
النحل/116-117 ،
ويقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَن حَدَّث عَنِّي
بحديثٍ يُرَى أنَّه كَذِبٌ فهو أحدُ الكاذِبين )) رواه مُسلم .
وقـد يكذِبُ الشخصُ مِن غير تعمُّدٍ للكَذِب ، فيرى الشئَ
يظنُّه مُنكرًا وهو ليس كذلك ، فيَنهى عنه ويقولُ : هذا الفِعلُ
حرامٌ أو مُنكَر أو غيرُ جائِز ،،، لكنْ لا بُدَّ للشخص ألاَّ يُحِلَّ شيئًا
أو يُحَرِّمَه إلاَّ بدليلٍ مِن كِتابٍ أو سُنَّة .. وقـد يكونُ الكَذِبُ على
اللهِ بغرضِ إضلالِ الناس وإبعادهم عن الحَق ، وقد ورد الوعيدُ
مِن ذلك في قولِ رَبِّنا سُبحانَه : ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
الأنعام/144 .
فلا بُدَّ إذًا مِن الصِّدق في النقل عن رَبِّنا تبارك وتعالى .
أمَّا الكَـذِبُ على رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فيكونُ
بوضع الأحاديثِ الباطِلةِ والمُنكَرة ونِسبتِها إليه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ،
وهو برئٌ مِنها ، ولم تخرج مِن فمهِ الشريف . لذا كان المُحَدِّثون
رحمهم الله - كـ يحيى بن مَعين و أحمد بن حنبل و البُخارىّ وغيرهم -
يبحثون في أحوال الرُّواة ليعرفوا الثِّقَةَ مِن الكَذَّاب والوضَّاع للحديث ،
وكانوا لا يأخذون الحديثَ إلاَّ مِن الصَّادقين ، فلو وجدوا الكَذِبَ مِن
أحدهم ولو في أمرٍ يسيرٍ ابتعدوا عنه ، ولم يأمَنوا كَذِبَه على النبىِّ
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وكانوا يتحرّون الدِّقَةَ في نقل الحديث ،
فلا ينقلونه أو يكتبونه إلاَّ بعد التأكُّد مِن صِحَّتِه . وقد قال نبيُّنا
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( ومَن كَذَبَ علَىَّ مُتعمِّدًا فليتبوأ
مَقعَدَه مِن النار )) رواه البُخارىّ .
ونجـدُ الكَـذِبَ في أحاديثَ كثيرةٍ في فضائِل الأعمال ،
فعلينا ألاَّ نعتمد عليها ، وألاَّ نستشهِدَ بها في كلامِنا ،
حتى وإنْ كان غرضنا هِداية الناس ودعوتهم للخير ،
بل علينا أنْ نَصدُقَ وألاَّ ننقِلَ إلاَّ النصوصَ والأخبارَ التي
ثَبَتت صِحَّتُها وصِدقُها وبُعدُها عن الكَذِب .
ولننظـر إلى هـذا الأدب الرفيع مِن آدابِ الإسـلام ،
وهو d]الصِّــدق ] ، ونُقارِن بينَه وبين خَصلَةٍ ذميمةٍ يَبغضُها الإسلامُ ،
وهى d]الكَـذِب ]، ولنرى حالَ صاحبَيْها ومآلهما مِن خلال حديثِ نبيِّنا
محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البِرّ ،
وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة ، وإنَّ الرجلَ ليَصدُق حتى يُكتَبَ عند
اللهِ صِدِّيقًا ، وإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفجور ، وإنَّ الفجورَ يهدي
إلى النار ، وإنَّ الرجلَ ليكذِبَ حتى يُكتَبَ عند اللهِ كذَّابًا ))
مُتَّفَقٌ عليه .
فـ الكَـذِبُ يؤدِّي بصاحبِه إلى النار ، و الصِّـدقُ يقودُه إلى الجنَّة ..
فمِن أىِّ الفريقين تُحِبِّين أنْ تكوني أختاه ؟
مِن أصحابِ الجنَّةِ أم مِن أصحابِ النار ؟
لا شَكَّ أنَّكِ تُريدين الجنَّة .
إذًا ، فعليكِ بالصِّـدق ، فهو مَنجاةٌ مِن النار ، ومَنجاةٌ
مِن أمورٍ قد لا تُحمَد عُقباها في الدُّنيا ، وهو أحـدُ الطرقِ
المُوصِّلة إلى الجنَّة ، جعلني اللهُ وإيَّاكِ مِن أهلِها .
أشرفِ الأنبياءِ والمُرسلين .. وبعـد ،،
أمرنا اللهُ تعالى بالصِّدق وحثَّنا عليه ، فقال سُبحانه :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
التوبة/119 .
والصِّـدقُ يكونُ في الأقوال والأفعال ، وعكسُـه ( الكَـذِب ) .
والمُسلم لا يكذِب ، بل يتحرَّى الصِّدقَ في حياتِهِ كُلِّها .
لكنَّنا - مع الأسف الشديد - نجدُ الكَذِبَ في حياةِ كثيرٍ مِن
المُسلمين ، وبشكلٍ واضحٍ ، وبلا حياء ؛ فـ الأبُ يُربِّي أبناءَه على
الكَذِبِ مُنذُ نُعومةِ أظفارِهم ، فإذا جاء مَن يسألُ عنه -
مَثلاً - أو اتَّصلَ به ، قال لأحدِ أبنائِهِ : قُل له " أبي غيرُ موجود "
، أو " هو نائِم، والأمرُ على عكس ذلك .
ويتَّضِحُ الكَذِبُ أيضًا بين طُلاَّب المدارس - وخاصةً الثانوية -
وكذلك طُلاَّبِ الجامِعات . فيُبدي الطالبُ - مثلاً - لزُملائِهِ أنَّه
لم يُذاكِر شيئًا مِن الموادِ التي يدرسُها ، وقد يكونُ ذاكرها
جميعًا ، أو أنَّه لم ينتهِ مِن إعدادِ البحثِ المطلوبِ منه ،
وهو كاذِب ، ويُبدي أنَّه لم يُجِب على جميع أسئلةِ الاختبار ،
وقد أجاب عليها جميعها إجاباتٍ صحيحةً نموذجيَّة .
ويظهرُ الكَذِبُ واضِحًا بين عددٍ مِن الأمَّهات بعد ظهور نتائج
اختبارات أبنائِهِنَّ ؛ فتُبدي الأمُّ أو تُخبِرُ بأنَّ ابنَها أو ابنتَها
حصل على مجموعٍ مُنخفِضٍ ودرجاتٍ ضعيفة ، وقد يكونُ
مجموعُه مُرتفِعًا ، وقد تخجلُ مِن ذِكر المجموع الضعيفِ لابنها ،
فتُخبِرُ بأنَّه حصل على مجموعٍ مُرتفِع .. وهـذا ليس بمُبَـرِّر .
ونـرى الكَـذِبَ أيضًا بين عددٍ مِن الأزواجِ والزوجات ،
وبين الأصدقاء والصديقات .
والسـؤال الذي يطرحُ نفسَـه هُنا :
ما الذي يدعـوا الشخصَ للكَـذِب ؟ وماذا يربحُ مِن وراء ذلك ؟
وأقـول : الأسبابُ كثيرةٌ مِن وِجهةِ نظرِ أصحابها - أى مَن يكذِبُون -
فقد يقولُ أحدُهم : إنِّي أخافُ الحَسَد ، وأكذِبُ لأنجوا منه ،
ولئلا تُصيبني العين .. وقد يقول : لا أرغبُ أنْ أُطْلِعَ الناسَ على
شئوني وأحوالي .. وقد يقول : على هذا تربَّيْتُ ، وعلى هذا
وجدتُ أمِّي وأبي .. وقد يقول : لقد اعتدتُ الكَذِبَ ،
ولا أستطيعُ الامتناعَ عنه .
وكُلُّ هذه أسبابٌ واهِية .. و الكَـذِبُ لا مَربَحَ مِن ورائه ،
ولا بُـدَّ للكاذِبِ مِن يومٍ ينكشِفُ فيه ويعلمُ الناسُ كَذِبَه ، فلا يثِقُونَ به .
والكَاذِبُ مع كثرةٍ كَذِبِهِ ينسى ، فيقولُ اليومَ قولاً ، ويقولُ عكسَه
في الغد .. والكَاذِبُ ممقوتٌ مِن الناسِ ، لأنَّه يستهزأُ بهم ،
ويستخِف بعقولهم .. أمَّا الصَّادِقُ في قولِهِ وفِعلِهِ فهو مَحبوبٌ
مِن الجميع ؛ لأنَّه يقولُ ما يفعل ، ويفعلُ ما يقول ،
فلا تناقُضَ في حياتِهِ ، ولا غِشَّ ولا خِداع .
ومِن أعظمِ الكَـذِبِ وأشَـدِّه : { الكَـذِبُ على اللهِ
سُبحانَه } و { الكَـذِبُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم } .
. والكَـذِبُ على اللهِ سُبحانَه يكونُ بتحليل ما حَرَّم أو بتحريم
ما أحلَّ ، يقولُ رَبُّنا سُبحانه : ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
النحل/116-117 ،
ويقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَن حَدَّث عَنِّي
بحديثٍ يُرَى أنَّه كَذِبٌ فهو أحدُ الكاذِبين )) رواه مُسلم .
وقـد يكذِبُ الشخصُ مِن غير تعمُّدٍ للكَذِب ، فيرى الشئَ
يظنُّه مُنكرًا وهو ليس كذلك ، فيَنهى عنه ويقولُ : هذا الفِعلُ
حرامٌ أو مُنكَر أو غيرُ جائِز ،،، لكنْ لا بُدَّ للشخص ألاَّ يُحِلَّ شيئًا
أو يُحَرِّمَه إلاَّ بدليلٍ مِن كِتابٍ أو سُنَّة .. وقـد يكونُ الكَذِبُ على
اللهِ بغرضِ إضلالِ الناس وإبعادهم عن الحَق ، وقد ورد الوعيدُ
مِن ذلك في قولِ رَبِّنا سُبحانَه : ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
الأنعام/144 .
فلا بُدَّ إذًا مِن الصِّدق في النقل عن رَبِّنا تبارك وتعالى .
أمَّا الكَـذِبُ على رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فيكونُ
بوضع الأحاديثِ الباطِلةِ والمُنكَرة ونِسبتِها إليه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ،
وهو برئٌ مِنها ، ولم تخرج مِن فمهِ الشريف . لذا كان المُحَدِّثون
رحمهم الله - كـ يحيى بن مَعين و أحمد بن حنبل و البُخارىّ وغيرهم -
يبحثون في أحوال الرُّواة ليعرفوا الثِّقَةَ مِن الكَذَّاب والوضَّاع للحديث ،
وكانوا لا يأخذون الحديثَ إلاَّ مِن الصَّادقين ، فلو وجدوا الكَذِبَ مِن
أحدهم ولو في أمرٍ يسيرٍ ابتعدوا عنه ، ولم يأمَنوا كَذِبَه على النبىِّ
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وكانوا يتحرّون الدِّقَةَ في نقل الحديث ،
فلا ينقلونه أو يكتبونه إلاَّ بعد التأكُّد مِن صِحَّتِه . وقد قال نبيُّنا
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( ومَن كَذَبَ علَىَّ مُتعمِّدًا فليتبوأ
مَقعَدَه مِن النار )) رواه البُخارىّ .
ونجـدُ الكَـذِبَ في أحاديثَ كثيرةٍ في فضائِل الأعمال ،
فعلينا ألاَّ نعتمد عليها ، وألاَّ نستشهِدَ بها في كلامِنا ،
حتى وإنْ كان غرضنا هِداية الناس ودعوتهم للخير ،
بل علينا أنْ نَصدُقَ وألاَّ ننقِلَ إلاَّ النصوصَ والأخبارَ التي
ثَبَتت صِحَّتُها وصِدقُها وبُعدُها عن الكَذِب .
ولننظـر إلى هـذا الأدب الرفيع مِن آدابِ الإسـلام ،
وهو d]الصِّــدق ] ، ونُقارِن بينَه وبين خَصلَةٍ ذميمةٍ يَبغضُها الإسلامُ ،
وهى d]الكَـذِب ]، ولنرى حالَ صاحبَيْها ومآلهما مِن خلال حديثِ نبيِّنا
محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البِرّ ،
وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة ، وإنَّ الرجلَ ليَصدُق حتى يُكتَبَ عند
اللهِ صِدِّيقًا ، وإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفجور ، وإنَّ الفجورَ يهدي
إلى النار ، وإنَّ الرجلَ ليكذِبَ حتى يُكتَبَ عند اللهِ كذَّابًا ))
مُتَّفَقٌ عليه .
فـ الكَـذِبُ يؤدِّي بصاحبِه إلى النار ، و الصِّـدقُ يقودُه إلى الجنَّة ..
فمِن أىِّ الفريقين تُحِبِّين أنْ تكوني أختاه ؟
مِن أصحابِ الجنَّةِ أم مِن أصحابِ النار ؟
لا شَكَّ أنَّكِ تُريدين الجنَّة .
إذًا ، فعليكِ بالصِّـدق ، فهو مَنجاةٌ مِن النار ، ومَنجاةٌ
مِن أمورٍ قد لا تُحمَد عُقباها في الدُّنيا ، وهو أحـدُ الطرقِ
المُوصِّلة إلى الجنَّة ، جعلني اللهُ وإيَّاكِ مِن أهلِها .