دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

تفسير سوره البقرة

+10
PrinCess Nona
MR.S M i L e
Analysis love
MeD0 TeFA
آلــمــآس
ALgR_Dz
H E R O
أرشفة اشهار حماية
بنت مصر أم الدنيا
nonasalama
14 مشترك

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyتفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

1

((الم)) أي من جنس هذه الحروف المقطعة: "ا"، "ل"، "م".


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

2

((ذَلِكَ الْكِتَابُ)) والإشارة بالبعيد، للإشارة إلى كون القرآن سامي عالي المنزلة، ((لاَ رَيْبَ فِيهِ)) أي ليس محلاً للريب وإن ارتاب فيه الكفار، كما أن النهار لا ريب فيه وإن ارتاب فيه السوفسطائيون، و"لا ريب فيه" صفة للكتاب. ((هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)) صفة بعد صفة، أي أن هذا القرآن هداية لمن اتقى وخاف من التردي، فإنه هو الذي يهتدي بالقرآن، وإن كان القرآن صالحاً لأن يهدي الكل.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

3

((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))
صفة للمتقين، والمراد بالإيمان: الاعتقاد به، والغيب هو الذي غاب عن
الحواس الظاهرة، أي ما وراء الطبيعة، فالروح غيب، وأحوال القبر غيب، والله
سبحانه غيب، وهكذا. ((وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ)) إقامة الصلاة والإتيان بها دائما على الوجه المأمور بها، ولذا تدل على معنى أرفع من معنى "صل". ((وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) والرزق أعم من المأكول والملبوس والمسكون والعلم والصحة وغيرها. وإنفاق كل شيء بحسبه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

4

((والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ)) من الوحي والقرآن، ((وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ)) فإن من شرائط الإيمان الإيمان بكل الأنبياء (لا نفرق بين أحد من رسله)، ((وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ))
واليقين بالآخرة هو الاعتقاد بها، والعمل بمقتضاها، وبعض هذه الأمور - وإن
كانت داخلة في "الإيمان بالغيب" لكنها ذكرت لزيادة الاهتمام بها. وذكر
الخاص بعد العام.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

5

((أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ)) أي على بصيرة، وهذه البصيرة أتت إليهم من ناحية الله سبحانه، ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
الناجون، فهم في الدنيا على بصيرة، وفي الآخرة في زمرة الناجين. ثم أن
القرآن لما ذكر المؤمنين ثناهم بذكر الكافرين، ثم ثلثهم بذكر المنافقين،
فإن كل دعوة لابد وأن ينقسم الناس أمامها إلى ثلاثة أقسام: "مؤمن بها"
و"كافر بها" ومذبذب بين ذلك يجامل الطرفين.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

6

((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ)) والكفر هو الستر، كأن الكافر يستر الحقيقة، ولا يبديها ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ))
والمراد بـ"الذين كفروا" - هنا - هم المعاندون منهم، لأنهم المصداق الاجلي
<الأصلي> للكافر، وإلا فالذين آمنوا بالرسول - صلى الله عليه وآله
وسلم - من الناس كانوا كفاراً، ثم آمنوا، ومن المعلوم، أن المعاند يتساوى
في حقه الإنذار وعدمه، نعم، يجب إنذاره إتماماً للحجة. وهذا تسلية للنبي -
صلى الله عليه وآله وسلم - حتى لا تذهب نفسه عليهم حسرات.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

7

((خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ))
طبعها بالكفر، أي جعلها بحيث يصعب إيمانها، لأنها اعتادت الكفر وعدم
الاستماع إلى الحق، وإنما ختم الله لأنها لم تقبل الهداية، كمن يطرد ولده
عن داره بعد ما أرشده مرات، فلم يفد فيه النصح، كما قال تعالي: (ختم الله
عليها بكفرهم) أي بسبب كفرهم، وإنما فسرنا "الختم" بـ"يصعب" لبداهة أن
الإنسان - ولو كان معانداً - لا يخرج عن قابلية القبول والاهتداء ((وَعَلَى سَمْعِهِمْ)) بمعنى أنهم لا يستفيدون من السمع والبصر كالأصم، لأن في سمعهم خلل، ((وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ))
تشبيه للغشاوة المعنوية بالغشاوة الظاهرية، فكما أن من على بصره غشاوة لا
يرى المحسوسات، كذلك من يعاند، يكون على بصره مثل الغشاوة، وهو تنزيل لفاقد
الوصف منزلة فاقد الأصل، كما تقول لمن لا ينتفع بالعلم: "هو جدار." ((وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ)) في الدنيا والآخرة، فإن من ينحرف عن قوانين الله تعالى يكون له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

8

((وَمِنَ النَّاسِ مَن)) المنافقون، وهم القسم الثالث، فهو ((يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ)) قولا باللفظ فقط، ((وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)) حقيقة، فلا يعملون أعمال المؤمنين، وإن كانت قلوبهم أيضاً متيقنة بحقائق اللإيمان.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

9

((يُخَادِعُونَ اللّهَ)) أي يفعلون مع الله تعالى فعل المخادع - الذي يريد الخديعة، فيظهر ما لا يريده، ويريد ما لا يظهره. ((وَالَّذِينَ آمَنُوا)) فيرونهم خلاف ما يضمرونه، لكن عملهم هذا ليس خدعة حقيقة لله وللمؤمنين، فإنهما يعلمان نواياهم، فلا ينخدعون بهم، بل ((وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم))
إذ يجري عليهم أحكام المؤمنين ظاهراً، ولا يشتركون معهم في أسرارهم، كما
لا يشتركون معهم آخرتهم، فهم مخدوعون من حيث ظنوا أنهم مخادعين ((وَمَا يَشْعُرُونَ))
بأنهم خدعوا أنفسهم، لا أنهم خدعوا الله والمؤمنين، وإذ لو شعروا بأنهم
يخدعون أنفسهم لم يقدموا على ما ظنوه خدعة لغيرهم، والحال أنها خدعة لهم
حقيقة وواقعاً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

10

((فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)) فإن قلب المنافق ملتو، ونفسه معوجة، لا تريد الاستقامة ((فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً)) إذ نزول الآيات ونصب الرسول أوجب أن يزيدوا في التوائهم، لئلا يسلط النور عليهم فيعرفوا ((وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي مؤلم ((بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ))
أي بسبب كذبهم بمخالفة ظاهرهم لباطنهم، فإنه نوع من الكذب، وإن كان كلامهم
مطابقاً للواقع، لكنهم حيث أخبروا عن إيمانهم ولم يكونوا مؤمنين كان ذلك
كذباً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

11

((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ)) أي المنافقين ((لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)) فإن النفاق يلازم الإفساد، إذ يعمل المنافق ضد الدعوة، ويؤلب عليها، وهو إفساد حينما تريد الإصلاح والتقدم ((قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)) فإنهم يظنون أن الدعوة إفساد، وأنهم بوقوفهم ضدها يصلحون في الأرض.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

12

((أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ))
لأنهم بوقوفهم النفاقي ضد الإسلام يكونون مفسدين إفساداً بالغاً أكثر من
إفساد الكفار، ولذا قال تعالى في آية أخرى (هم العدو) على نحو الحصر ((وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)) بذلك، بل (يحسبون أنهم يحسنون صنعا).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

13

((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ)) أي المنافقين، والقائل هم جماعة من المؤمنين الذين لا يخافون ((آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ)) إيماناً لا يشوبه نفاق ((قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء)) يعنون بالسفهاء المؤمنين الحقيقيين ((أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء)) وأية سفاهة أعظم من كون الإنسان حائداً عن طريق الحق مع كونه متصفا بصفة النفاق الرذيلة، ((وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)) أنهم هم السفهاء، لأنهم يظنون أن طريقتهم النفاقية أصلح الطرق.


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

14

((وَإِذَا لَقُواْ)) من "لقى" أي التقى المنافقون بـ: ((الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ)) لهم ((آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ)) أي أشباههم من المنافقين ((قَالُواْ)) لهم ((إِنَّا مَعَكْمْ)) يريدون بذلك إرضاء الجانبين ((إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ)) بالمؤمنين في إظهار الإيمان لهم، وهذا هو دليل نفاقهم، وإلا لو كان الأمر بالعكس - بأن أظهروا الكفر تقية - لم يزيدوا على إظهاره.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

15

((اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ))
أي يفعل لهم فعل المستهزئ، فيجري عليهم في الدنيا أحكام الإيمان، وفي
آخرتهم يجازيهم بجزاء الكفار، وفي بعض الأحاديث أنه يستهزئ بهم في الآخرة
في النار ((وَيَمُدُّهُمْ)) إمداد الله سبحانه بعدم الضرب على أيديهم كما يقال: الملك يمد قطاع الطريق حيث لا يستأصلهم ((فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ))
الطغيان: تجاوز الحد - العمه والتحير - فإن المنافق كالشخص المتحير، وإنما
يمدهم الله سبحانه لأن الدنيا دار اختبار وامتحان فلا جبر ولا إلجاء.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

16

((أُوْلَـئِكَ)) المنافقون ((الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى))
فكأنهم أعطوا الهداية، وأخذوا مكانها الضلالة، أو كأنهم أعطوا أنفسهم بدل
الضلالة، بينما كان الذي ينبغي أن يعطوا أنفسهم بدل الهداية، كما قال
الشاعر:

أنفاس عمرك أثمان الجنان فلا تشتري بها لهبا في الحشر تشتعل
((فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ)) المعنوية، بل خسروا رأس المال الذي هو أنفسهم ((وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ)) في هذه التجارة والاشتراء.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

17

((مَثَلُهُمْ)) أي مثل هؤلاء المنافقين ((كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً)) استوقد بمعنى أوقد، أو بمعنى طلب الوقود الذي هو الحطب ونحوه، والمعنى أشعل ناراً ليستضيء ويدفأ بها، ((فَلَمَّا أَضَاءتْ)) النار ((مَا حَوْلَهُ)) وانتفع بها ((ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ)) بأن أرسل ريحاً فأطفأها، ((وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ))
ما حولهم، وإنما كان هذا مثلا لهم، لأن المنافق بإيمانه الظاهري يبعد
<يعد> لنفسه سبيل الحياة، وينور طريقه - فإن الإيمان نور وسبب لهداية
الإنسان إلى الحق والعدل والخير - فإذا قبض الله أرواحهم تركهم كسائر
الكفار في نار وعذاب حين يقبض الله أرواح المؤمنين إلى نور أوسع ورحمة
أكبر... فهؤلاء المنافقون.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

18

((صُمٌّ)) جمع أصم، لأنهم لا ينتفعون بالحق، فهم والأصم سواء ((بُكْمٌ)) جمع أبكم، وهو الأخرس، لأنهم لا يقولون الحق فهم والأبكم سواء ((عُمْيٌ)) جمع أعمى، لأنهم لا يبصرون الحق، فهم والأعمى سواء ((فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ)) عن غيهم وضلالهم، و"ف" للإشارة إلى أنهم حيث صموا وأبكموا وعموا لم يرج فيهم الخير، فإنه (لا يسمع الصم الدعاء).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

19

((أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء))
مثال آخر لحال المنافقين، والفرق بين المثالين أن المثال الأول كان مثالاً
للمنافق نفسه، وهذا المثال مثال الحق الذي يغمر المنافق، ولكنه لا ينتفع
به، والمصيب هو المطر، فالحق الذي يغمر هؤلاء كمطرٍ ينزل من السماء ((فِيهِ ظُلُمَاتٌ)) ظلمة السحاب وظلمة المطر - لأنه يحول بين الضياء وبين الأرض - وظلمة سحاب فوق سحاب ((وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ)) من الأمور المخوفة، ((يَجْعَلُونَ)) أي من ابتلي بهذا الصيب ((أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ)) خشية ((الصَّوَاعِقِ)) فإن الصاعقة إذا نزلت قرعت الأسماع صوتها الشديد، ((حَذَرَ الْمَوْتِ))،
فإن الصوت الشديد توجب انخلاع القلب فيموت الشخص، لكن هؤلاء المنافقين
الذين هم كفار في الباطن لا يظنوا أنهم يتمكنون الفرار من بأس الله تعالى ((واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)) إحاطة علم وقدرة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

20

((يَكَادُ الْبَرْقُ)) اللامع في السحاب ((يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ)) أي أبصار من ابتلي بالصيب، وخطف البصر كناية عن عماه، ((كُلَّمَا أَضَاء لَهُم)) بأن أبرق ورأوا طريقهم ((مَّشَوْاْ فِيهِ)) أي في البرق، بمعنى استفادتهم من نوره فيمشون، ((وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ)) بأن لم يبرق ((قَامُواْ)) في أماكنهم، أي وقفوا ((وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ)) بسبب صاعقة قوية فتصمهم ((وَأَبْصَارِهِمْ)) بسبب برق قوي، إذ النور إذا قوي أوجب ذهاب البصر، ((إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) فلا يمنعه أن يحتمي الإنسان بإصبعه أو بغمض بصره عن أن يذهب بسمعه أو ببصره.

وهذا توضيح المثال بتطبيقه على المورد أن "الصيب" هو الحق
النازل على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) و"البرق" هو تقدم المسلمين
وما يسبب لهم إنارة الطريق، و"الرعد" والصاعقة إيعادات الرسل والأهوال
المكتنفة بالدعوة والمنافقون، كمن ابتلي بهذا الصيب في الصحراء، فالحق
كالمطر فيه الحياة، لكن فيه ظلمات غلبة الكفار وذهاب الأنفس والأموال
والثمرات، وفيه برق ينير طريق الحياة السعيدة، وفيه رعد وصاعقة مواعيد
الرسول وفضحه المنافقين، وهؤلاء المنافقين يكاد سرعة تقدم المسلمين تعميهم،
فإن العين إذا نظرت إلى ما لا يسرها اضطربت ودمعت - كلما أضاء لهم بأن
غلبوا في الحرب وحصلوا على الغنائم واتبعوا الرسول، وإذا أظلم عليهم - بأن
غلب عليهم الكفار - وقفوا وقاموا في مكانهم، لا يعلمون ولا يتقدمون، وهم
يخافون من الفضيحة إن نزلت آية في شأن المنافقين، فيجعلون أصابعهم في
آذانهم حتى لا يسمعونها، أو يتغافلون عنها كي لا يرى أثر الانهزام في
وجوههم، فإن الإنسان المجرم إذا سمع ما يمس إجرامه ظهرت الصفرة وآثار
الانهزام على وجهه، ولكن الله قادر على إماتتهم، كما هو قادر على فضحهم
والذهاب بسمعهم وبصرهم، فليسوا هم في راحة من نفاقهم - كما زعموا - بل هم
في أشد ابتلاء ومحنة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

21

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ)) خلق ((الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)) وكان السبب في الخلق ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) أي خلقكم للتقوى والعبادة، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

22

((الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً)) كالفراش الذي يكون راحة للبدن وزينة وجمالاً، ((وَالسَّمَاء بِنَاء)) أي مبنيا، وهذا يلائم كون السماء طبقة تحطم القذائف إلى الأرض، فإن البناء ليس المراد منه أن يكون المبني من جسم كثيف، ((وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء)) والمراد بالسماء هنا جهة العلو أو المراد من تلك الناحية ((فَأَخْرَجَ بِهِ)) أي بسبب الماء ((مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ)) فإذا كان الخلق وسائر النعم من الله سبحانه ((فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً)) شركاء من الأصنام أو غيرها ((وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) أنها باطلة، وأنه ليس لله شريك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

23

((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)) محمد بن عبد الله، وتزعمون أنه ليس من الله سبحانه ((فَأْتُواْ بِسُورَةٍ)) واحدة ((مِّن مِّثْلِهِ)) أي من مثل هذا المنزل، ولو كان قُصر سورة نحو (قل هو الله أحد) أو (إنا أعطيناك)، ((وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم)) الذين يشهدون معكم أن محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بنبي ((مِّن دُونِ اللّهِ)) أي كائن ما كان غير الله سبحانه، كما يقول ما دون الله مخلوق ((إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))
في ريبكم وزعمكم أن محمداً ليس بنبي وأن القرآن ليس من عند الله تعالى،
إذ لو لم يكن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبياً لكان إنساناً عادياً
فيمكن الإتيان بمثل كلامه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

24

((فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ)) ولم تأتوا بسورة من مثل هذا القرآن ((وَلَن تَفْعَلُواْ))، هذا إخبار بأنهم لن يفعلوا ذلك أبداً، إذ القرآن معجز، فلا يمكن الإتيان بمثله، ((فَاتَّقُواْ)) عاقبة تكذيبكم لرسول الله ولكتاب الله التي هي ((النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا)) أي حطبها وما يسبب إيقادها ((النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ))
جمع حجر ولعل المراد بها أصنامهم، كما قال تعالى: (أنتم وما تعبدون حصب
جهنم)، وتخصيص الحجارة بالذكر للتهويل، إذ الحجارة لا تنفى، فتكون النار
دائمة ((أُعِدَّتْ)) هذه النار ((لِلْكَافِرِينَ)). هذه عاقبة من يكذب.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

25

((وَبَشِّرِ)) يا رسول الله ((الَّذِين آمَنُواْ)) بقلوبهم وألسنتهم ((وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ)) بجوارحهم ((أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)) الجنة باعتبار كونها بستانا ذات أشجار ونخيل، تكون أرضها من تحتها، فالأنهار الجارية من تحت الجنة على أرضها. ((كُلَّمَا رُزِقُواْ)) أي رزق المؤمنين ((مِنْهَا)) أي من الجنات ((مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً)) بأن أتى لهم بفاكهة وثمرة ((قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ))
فإنهم يألفون تلك الثمار لما رأوا منها في الدنيا، وليسوا كأصحاب الجحيم
الذين لا يألفون طعامهم الذي من ضريع ولا شرابهم الذي من حميم، ((وَأُتُواْ بِهِ)) أي بذلك الرزق ((مُتَشَابِهاً)) يشبه بعضه بعضاً في الجودة والجدة - لا كثمار الدنيا ((وَلَهُمْ فِيهَا)) أي في الجنات ((أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ)) من القذارات الخلقية كالأوساخ والدماء والقذارات الخلقية كالسب والشتم والحسد ونحوها، ((وَهُمْ فِيهَا)) أي في تلك الجنات ((خَالِدُونَ)) أبداً لا يموتون ولا يتحولون عنها.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

26

وحيث
قسم الله الناس إلى أقسام ثلاثة: مؤمن وكافر ومنافق، ومثل للمنافق، ثم أمر
الناس عامة بالعبادة، ودعاهم إلى حضيرة الإيمان، وذكر فوائده، واحتج على
من أنكر الرسالة، أجاب عن سؤال سأله الكافر، ومن إليهم تعنتاً، وهو أن الله
لماذا يضرب المثل كما مثل المنافق هنا، ومثل في سورة أخرى بالعنكبوت
ونحوها؟ فإن المثال أوقع في النفوس وموجب لتقريب المطلب إلى الأذهان.

((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا))
فإن الحياء من الأشياء القبيحة أو نحوها، وليس في تمثيل الله الكبير
بالأشياء الصغيرة الحقيرة في النظر حياء - أي مثل كان، وهذا معنى قوله:
"ما" أي شيئاً من الأشياء، ((بَعُوضَةً)) وهي البقة ((فَمَا فَوْقَهَا)) ولعل ذكر البعوضة هنا لأنها أصغر حيوان متعارف يراه كل أحد ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ)) أي المثل ((الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ)) وأتى به لغرض التوضيح والتبيين، ((وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ)) معترضين ((مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً))، و"مثلاً" تمييز في معنى "بهذا المثل" ولماذا يأتي الله بهذا المثل غير المناسب لجلال الله فـ: ((يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً))
ويوجب انقسام الناس، ومن المحتمل أن يكون "يضل" جواب عن اعتراضهم، أي أن
المقصود من المثل الإضلال والهداية، لكنه ينافي السياق، فإن المقصود بالمثل
ليس كذلك وإنما التوضيح والتقريب، ((وَمَا يُضِلُّ بِهِ)) أي بالمثل ((إِلاَّ الْفَاسِقِينَ)) الذين فسقوا أي خرجوا عن طاعة ربهم ومقتضى عقولهم، ثم بين الفاسقين بأبرز سماتهم بقوله:


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

27

((الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ)) الميثاق ما وقع التوثيق به، وميثاق الله هو ما أخذ عليهم في الكتب السالفة من الإيمان، أو هو ما أودع فيهم من الفطرة بعرفان الحق، ((وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ)) من صلة الأرحام، أو صلة الرسول والمؤمنين، ((وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ)) بالكفر والنفاق وإتيان المحرمات، ((أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) الذين خسروا أعمارهم، فذهبت دنياهم ضنكاً وآخرتهم عذاباً وناراً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

28

ثم عاد سبحانه إلى حال الكافر، ووجه الخطاب إليه مستدلاً على بطلان كفره بقوله: ((كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً))
لا روح فيكم، فإن أصل الإنسان التراب، ثم يكون نباتاً ثم يكون حيواناً وما
أشبه، فيأكله الإنسان، فيتولد المني، ثم يصير إنساناً، ثم يموت، ويرجع
تراباً، ثم يعاد يوم القيامة إنساناً ((فَأَحْيَاكُمْ)) نباتاً أو حيواناً أو إنساناً ((ثُمَّ يُمِيتُكُمْ)) وقت موتكم ((ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)) يوم القيامة ((ثُمَّ)) بعد الحياة الثانية ((إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ))
لتساقون للمحاكمة الكبرى، وكون الرجوع إليه - مع أن الإنسان في جميع
الأحوال بدءاً وختاماً تحت سلطة الله وقدرته وعلمه - باعتبار محاسبته تعالى
للإنسان.


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

29

((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم)) لمنفعتكم ((مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً))
فمن خلقها غيره، وكون الخلق للإنسان لا يدل على تحليل كل شيء، بل كل شيء
بحسبه، فالأسماك المحرمة والحيوانات المفترسة لتمتع السمع والبصر لا للأكل
ونحوه وهكذا ((ثُمَّ اسْتَوَى)) أي توجه بالخلق والأمر ((إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ))
مدارات للنجوم السيارة، فإن السماء في اللغة بمعنى المدار - هذا إذا قلنا
بالنظر الفعلي حول السماوات، ويؤيده حديث عن الإمام الرضا (عليه السلام)
كما في "الهيئة والإسلام"، ((وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))
فلا يغيب عنه شيء، فمن كفر كان الله مطلعاً عليه لا يفوته ذلك، ولا يخفى
أن خلق الأرض كان أولاً، ثم خلق السماء، ثم دحو الأرض، كما قال: (والأرض
بعد ذلك دحاها).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

30

وحيث ذكر الله قصة خلق السماء والأرض وثم البناء، توجه الحديث إلى من استخلف فيها، ((وَ)) اذكر ((إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ)) الذين هم مخلوقون في الملاء الأعلى لا يرون بالعين إلا ما شاء الله ((إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)) يخلفني في الأمر والنهي والإرشاد، وهذا الحوار إنما كان لأجل إظهار كوامن وبيان حقائق، ((قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا)) أي في الأرض ((مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء))
وهذا استفهام حقيقي، يريدون بذلك استيضاح السبب، ولعلهم إنما علموا بذلك
لما كانوا يدرون من كدرة الأرض وثقلها الموجبة للفساد والتكدر، أو لما رأوا
من فعل بني الجان سابقاً، ((وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ))
ففينا الكفاية، وليس هذا تزكية، بل كقول العبد المطيع لمولاه: "إني أقوم
بخدمتك، فلماذا تأتي بغيري الذي لا يقوم بالواجب؟" ومعنى التسبيح: التنزيه،
وكان المراد من التسبيح بحمده التنزيه المقترن بالحمد مقابل التنزيه غير
المقترن به، كتنزيه الجوهرة الثمينة عن النقائص، لكن التنزيه فيها لا يقترن
بالحمد، إذ ليس ذلك باختيارها بخلافة تعالى المقترن أفعاله وأعماله
بالإرادة، ((وَنُقَدِّسُ لَكَ)) أي إن تقديسنا وتنزيهنا لأجلك لا يشوبه رياء وسمعة، ((قَالَ)) الله تعالى في جواب الملائكة السائلين عن السبب ((إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))
فإن في استخلاف البشر مصالح أهم من الفساد الواقع منهم، كما أن استخلافهم
أهم من استخلافكم، فإن منهم من الأخيار والصالحين من لا يلحقه الملك القرب،
بالإضافة إلى أنه خلق يظهر من عظمة الصانع نوعاً جديداً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

31

وإذا
أراد الله تعالى إعلام الملائكة ببعض مزايا البشر وإنه من جنس أرفع منهم
علم آدم (عليه السلام) علوماً يتمكن هو من فهمها وهضمها، بينما لا يقدر
الملائكة على ذلك، ثم قال تعالى للملائكة هل تتحملون مثل ذلك؟ فأبدوا
عجزهم، وإذ رأوا من آدم التحمل والقدرة، واعترفوا بالتفوق، وأنه أحق
بالخلافة، وتوضيح ذلك بمثال أنه إذا كان لإنسان خادم لا يقدر - فطرة - على
بناء دار جملية، ثم أراد استخدام المهندس، فقال الخادم: "لماذا تستخدم غيري
وأنا حاضر؟" يقول له السيد: "إني أعلم ما لا تعلم،" ثم يستخدم المهندس،
ويبين له ما يريده من الدار، فيقدر المهندس من بنائها، بينما لا يقدر
الخادم على النزول عند رغبة السيد، وهناك يعترف العجز وأن السيد كان عارفاً
حيث تركه إلى غيره.

((وَعَلَّمَ)) الله تعالى ((آدَمَ)) (عليه السلام) ((الأَسْمَاء كُلَّهَا))
أسماء الأشياء وعلائمها، وذلك يستلزم تعليم المسميات والمعلومات، فإذا
علّمت أحداً اسم زيد وعمرو وبكر، كان اللازم تعريفهم له أيضاً، ولذا قال ((ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ)) بإتيان ضمير "هم" تغليباً للعقلاء على غيرهم، والعرض على الملائكة ((فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))
صدقاً خبرياً يطابق كلامكم الواقع في أنكم كافين في الاستخلاف، ولعل تعليم
آدم كان بالإلهام وخلق العلم فيه مما هو قابل له دون الملائكة، فإنهم لم
يكونوا قابلين لهذا العلم والإلهام، فلا يقال لماذا لم يعلم الله تعالى
الملائكة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

32

((قَالُواْ سُبْحَانَكَ)) أنت منزه عن القبيح والعبث ((لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا)) فليس لنا هذا العلم الذي لآدم مما هو قابل له ولسنا قابلين له، ((إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) والحكيم هو الذي يفعل الأشياء عن حكمة، بمعنى وضع الأشياء في موضعها اللائقة بها.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

33

((قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ)) أي بأسماء ما عرضهم على الملائكة، ((فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ))، وعرفت الملائكة كون قابلية آدم فوق قابليتهم ((قَالَ)) الله تعالى لهم ((أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)): ما غاب عن إدراككم ((وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ)) أي تظهرون، ((وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ)) من حسد بعضكم - وهو الشيطان - لآدم (عليه السلام)؟

ثم إن مقتضى اللطف العام والرحمة الواسعة أن يخلق الله
تعالى أنواع المخلوقات الممكنة، التي لا يمنع عن خلقها مانع، ولذا خلق
الملائكة دون البشر، وخلق بعض - كل من الصنفين - أرفع من البعض الآخر، فلا
مجال للتساؤل: فلماذا لم يجعل الله تعالى هذه القابلية البشرية في الملائكة
وثم خلق آدم (عليه السلام) وانتهى كل شيء؟


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

34

((وَ)) واذكر ((إِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ))
إما بأن يكون هو قبلتهم، ويكون السجود لله سبحانه، وإما بأن يكون السجود
لآدم، ولا دليل عقلي على أنه لا يجوز السجود لغير الله تعالى، نعم ورد
الشرع بذلك بالنسبة إلى المسلمين، ((فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ)) هو الشيطان ((أَبَى وَاسْتَكْبَرَ)) أي امتنع وأنف ((وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) التفات: كما نقول نحن: "كان أبو جهل كافراً" وليس حكاية عطفاً على "أبى" حتى يستلزم كونه كافراً من قبل ذلك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

35

((وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ)) حواء (عليها السلام)، قال لهما ذلك بعد ما خلق حواء - أيضاً - كخلق آدم من غير أب وأم ((الْجَنَّةَ))، الجنة هو البستان، وقد كانت لله تعالى جنة أسكنها آدم وحواء ((وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً)) أكلاً واسعاً بلا زحمةٍ ولا تكلف ((حَيْثُ شِئْتُمَا)) من أطراف الجنة، ((وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ))
فقد نهوا عن شجرة واحدة اختباراً وامتحاناً، وكانت الشجرة على قَوْلٍ جمع
"الحنطة"، وقد كان نهياً إرشادياً كنهي الطبيب مريضه أن لا يأكل ما يضره،
وقد كانت فائدة عدم أكلهما لها أنهما يبقيان في الجنة، كما قال سبحانه (إن
لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) ((فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)) فإن الإنسان إذا حرم نفسه من الخير كان ظالماً لها، إذِ الظلم بمعنى وضع في غير موضعه، كما أن العدل معناه وضع الشيء موضعه.


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

36

((فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا)) أي حمل الشيطان آدم وحواء على الزلة عن الجنة بسبب أنه حملهما على الأكل من الشجرة، ((فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)) من النعيم، ((وَقُلْنَا اهْبِطُواْ))، الخطاب لآدم وحواء والشيطان، والهبوط إما حقيقي - إن كان من محلٍ أعلى إلى أسفل - أو رتبي ((بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)) فإن الشيطان عدوهما، وهما عدوان له، ((وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ)) محل القرار ((وَمَتَاعٌ)) أي استمتاع ((إِلَى حِينٍ)) إلى حين انقضاء الدنيا أو موت كل أحد، وإذِ ارتكب آدم خلاف الأولى - بأكل الشجرة، وأهبطه الله تعالى من الجنة تداركته الرحمة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

37

((فَتَلَقَّى)) أي أخذ ((آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ)) تُسببُ التوبة والرجوع عن الزلة، وكان ذلك بتعليم الله تعالى له أن يجري تلك الكلمات على لسانه، فأجراها ((فَتَابَ)) الله ((عَلَيْهِ)) أي على آدم ((إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ)) أي كثير قبولٍ للتوبة ((الرَّحِيمُ)) بعباده.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

38

((قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً))
إنما كرر الأمر بالهبوط توطئةً لموضوعٍ آخرٍ وهو الهداية بعد ذكر المقر
والمتاع، كما يقال: "قلت له: اذهب تربح. قلت له: اذهب تسلم." ((فَإِمَّا)) أصله "إن" الشرطية، و"ما" الزائدة دخلت عليها لتصحيح نون التأكيد، يعني فإن ((يَأْتِيَنَّكُم)) أيها البشر الذي في صلب آدم ((مِّنِّي هُدًى)) يهديكم إلى الحق ((فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)) في الدنيا ولا في الآخرة ((وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))،
إذِ الخوف الكامل إنما يكون من أمرٍ مكروه ولا يُعوض، وكذلك الحزن ومصائب
المؤمنين تعوض، فلا خوف كامل منها، والفرق بين الخوف والحزن أن الأول لأمر
مترقب، والثاني لأمر حادث -غالباً - ولا مانع من الخطاب إلى المعدوم إذا
كان المقصود منه الوصول إليه بعد وجوده، هذا مع الغض عن عالم الذر، كاللا
مانع من الجمع بين "إن" و"نون التوكيد" إذا المعنى إن أتاكم إتياناً قطعياً
مقابل الإتيان المظنون.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

39

((وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا)) فلم يؤمنوا بعد أن تمت عليهم الحجة، ولعل هذا سر قوله: "كذبوا" بعد "كفروا"، إذِ الكفر لا يلازم التكذيب إذا كان عن القصور ((أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) أبداً، ولا يخفى أن المقصر المعاند خالداً أبداً، أما غيره فيمتحن هناك.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

40

ولما
أتم القرآن الكريم قصة آدم واستخلافه في الأرض وجّه الكلام إلى بني
إسرائيل الذين هم النموذج للجنس البشري، وقد أتتهم الأنبياء هدىً، وأنعم
عليهم الله تعالى، فكفروا بالنعم، وقتلوا الأنبياء. ليكون فذلكة لقصة آدم
ودرساً لأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ))
هم اليهود، وإسرائيل اسم يعقوب النبي (عليه السلام)، نُسبوا إلى أبيهم
الأعلى كما نُسب البشر إلى أبيهم الأعلى في قوله: (يا بني آدم). ((اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)) وحيث لم يذكر المتعلق أفاد العموم، فيشمل كل نعمة مادية أو معنوية، ((وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي))،
وحيث لم يذكر المتعلق أفاد كل عهدٍ عهده، سواء كان ذلك وقت أخذ موسى (عليه
السلام) عنهم العهد بالإيمان بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أم كان
وقت أخذ الله عنهم العهد في عالم الذر، ثم أودع فيهم الفطرة دليلاً عليه، ((أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)) بإعطائكم الدنيا والآخرة، فإن الله سبحانه ضمن لمن وفّى بعهده أن يعمر دنياه وآخرته، ((وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)) الرهبة هي الخوف، يعني يجب أن يكون الخوف من الله سبحانه لا من الناس.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

41

((وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ)) من القرآن ((مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ))
من التوراة، فإن التوراة الأصلية كانت مصدقة - حتى في زمان الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) - إلا ما نسخ منها، والنسخ ليس إبطالاً لها، كما أن
نسخ بعض أحكام في القرآن - على القول به - ليس إبطالاً له، ((وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ))
أي أول من يكفر بما أَنزلتُ، وإنما كانوا أول كافر لأنهم - بسبب عملهم -
كانوا مرجعاً للجهّال، فيكون كفر الجهّال في المرتبة الثانية. ((وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً)) أي بمقابل آياتي، بأن تعطوا الآيات - بمعنى عدم الإيمان بها - في مقابل ثمن قليل، وهو رئاسة الدنيا، وكونها قليلاً واضح لانقطاعها. ((وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ))
فالتقوى يجب أن تكون منه تعالى، إلا أن تكون الاتقّاء من غيره، لأن الله
بيده النفع والضر دون غيره، كما قال تعالى: (قل كل من عند الله).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

42

((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ))
البس هو التعمية، أي لا تخلطوا الحق بالباطل، فتأخذوا ببعض التوراة الذي
هو في نفعكم، وتتركوا بعضها الذي يضركم، وهو بعض الأحكام التي تركوها،
ومنها التبشير بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ((وَ)) لا ((تَكْتُمُواْ الْحَقَّ))
الذي هو أوصاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعض الأحكام الأُخَرْ
كما قال سبحانه (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)، ((وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) بصنعكم وأنه تلبيس المحق بالباطل وكتمان الحق.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

43

((وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ)) كما يأمر الإسلام ((وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ)) الذين هم المسلمون.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

44

((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ))؟ استفهام إنكاري، أي لم تأمرون الناس بالأعمال الخيرية ((وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ))
فلا تعلمون بها، والنسيان كفاية عن عدم العمل لشبهٍ به في النتيجة كما قال
سبحانه (نسوا الله فنسيهم)، فقد كان اليهود يخالفون أحكام التوراة،
ويرتشون ويفسدون ويكذبون، ((وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ)) جملة حالية، أي والحال أنتم تقرأون كتاب الله، فاللازم أن تكونوا أول العاملين به، ((أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)) أي ألا تعلمون أن ما تأتون به قبيح؟


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

45

((وَاسْتَعِينُواْ)) في رجوعكم عن دينكم وإلغائكم لرؤسائكم - بما يجر ذلك عليكم من سلب بعضكم دنياكم ((بِالصَّبْرِ)) فإنكم إذا صبرتم على ما تكرهون من اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاد ذلك عليكم بخير مما أنتم فيه، ((وَالصَّلاَةِ)) فإن الصلاة توجب تهدئة النفس واطمئنان الخاطر (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، ((وَإِنَّهَا)) أي الاستعانة بالصبر والصلاة ((لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ))
فإن الصبر ليس أمراً هيناً، والصلاة الكاملة ليست عملاً سهلاً، إنما قيدنا
الصلاة بالكاملة، لأنها هي التي يستعان بها، أو أن المراد الصلوات
اليومية، وهي صعبة جداً إلا على الذين يخشون الله سبحانه.


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

46

ثم فسر الخاشعين بأنهم ((الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ))،
الظن بمعنى اليقين وإما بمعنى الرجحان، ولعل السر في هذا التعبير نون
اليقين، للإشارة إلى أن أدنى مراتب الرجحان يوجب الخشوع، فإن من يظن أنه
يلاقي الملك لعبثه <لبعثه> ذلك على التهيئة، فكيف بمن يظن أنه يلاقي
مالك الملوك؟ وملاقات الله كناية عن الحضور للمحاسبة، وإلا فالله سبحانه
ليس أدنى إلى الناس في القيامة منه إليهم في الدنيا، ((وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) والرجوع إليه معنوي كما تقدم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

47

((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ))
تكرار للتركيز والإلفات، فإن الإنسان ربما كان غافلاً حين التذكير الأول،
فيذكر ثانياً وثالثاً، بالإضافة إلى أن النفس إذا كُررت عليه الموعظة رسخت
فيها، ((وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ))
التفضيل على عالمي<ن> زمانهم لا على كل العوالم، فإن الظاهر من هكذا
تفضيلات هو الاختصاص، فلو قيل أن الدولة الفلانية أقوى الدول، لم يُفهم
منه إلا الأقوائية من الدول المعاصرة لها لا كل دولت أتت وتأتي، ثم أن
تفضيلهم على العالمين إنما كان لأجل إيمانهم بموسى، بينما كان العالم بين
كافر به عناداً - كفرعون ومن تبعه - أو جهلاً كمن كان في البلاد البعيدة
التي لم تبلغهم دعوة موسى فكانوا قاصرين.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

48

((وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً))
أي لا تُغني، فلا تدفع نفس عن نفس مكروهاً، وإنما الأمر كله لله، حتى
الشفاعة تكون بإذنه، والمراد بذلك اليوم القيامة، ومعنى التقوى منه
الاستعداد له، ((وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا)) أي من النفس ((شَفَاعَةٌ)) إلا إذا أذن الله للشفيع ((وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا)) أي من النفس ((عَدْلٌ)) أي فدية، وإنما سميت الفدية عدلاً لأنها تعادل المُفَدّى ((وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ))
فإن طريق الخلاص في الدنيا إحدى هذه الأربعة، وليست شيء منها في الآخرة،
إلا إذا أذن الله في الشفاعة، وعدم الاستثناء من "شفاعة" لأجل أن المراد
منها الشفاعات الارتجالية كما هو المعتاد في الدنيا.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

49

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل نعمةً أنعمناها عليكم ((إِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ))،
ومن المتعارف أن ينسب الشيء المرتبط ببعض الأمة إلى جميعها، إذ يجمعهم
العطف والهدى والانتصار، فيقال: "بنو تميم قتلوا فلانا،" وإنما قتله بعضهم،
أو "عشيرة فلان شجعان،" وإنما جماعة منهم كذلك، ولذا قال سبحانه
"نجيناكم"، وقد كان التنجية بالنسبة إلى أسلافهم، والمراد بآل الرجل وقومه
وخواصه وإنْ لم تكن بينهم قرابة، كما يقال: "آل الله" لأهل البيت (عليهم
السلام). ((يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ)) وسامه خسفاً عذباً بمعنى ألقاه فيه، ثم فسر سوء العذاب بقوله: ((يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ)) التذبيح هو التكثير في الذبح، ((وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ))
أي يدعونهن أحياء، فإن فرعون ملك القبط، لما علم من الكهان أنه يولد في
بني إسرائيل - الذين كانوا طائفة خاصة من آل يعقوب (عليهم السلام) - أمر
بذبح الأولاد، وإبقاء النساء للاسترقاق والنكاح، ((وَفِي ذَلِكُم))
"كم" خطاب فقط، و"ذلك" إشارة، فإذا كان طرف الخطاب واحد يقال: "ذلك"، وإذا
كان اثنين يقال: "ذلكما"، وإذ<ا> كانوا جماعة يقال: "ذلكم"، و"ذا"
هنا إشارة إلى سوء العذاب ((بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ))
إنها كانت النسبة إلى الله تعالى، لأنه لم يحل بين فرعون وبين هذا العمل،
كما يقال أن الأب أفسد ولده إذا لم يحل بينه وبين عمله الفاسد، وعدم حيلولة
الله تعالى لأجل الامتحان والاختبار - كما تقدم - والإنجاء إنما كان
بإهلاك فرعون وقومه.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

50

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ))
أي جعلنا فواصل في البحر حتى صارت بين الماء شوارع، وكان عملنا بسببكم
ولأجلكم، والمراد بالبحر البحر الأحمر في مصر، وقد كان طول الشوارع التي
أسفرت عنها الماء ما يقرب من أربعة فراسخ، فإن موسى (عليه السلام) وبني
إسرائيل فروا من فرعون فوصلوا إلى البحر، وعقبهم فرعون وقومه، فأمر الله
موسى أن يضرب بعصاه البحر، فضرب، فانحسر الماء عن الشوارع حتى عبر بنو
إسرائيل، واتبعهم فرعون وجنوده، ولما توسطوا الماء، وخرج موسى (عليه
السلام) وقومه، رجع الماء إلى حالته الأولية، فأغرق فرعون وقومه، ((فَأَنجَيْنَاكُمْ)) من عدوكم ((وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ)) مع فرعون، ولم يذكر تغليباً للآل عليه ((وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)) كيف أغرقناهم لأجلكم، ولا يخفى أن الإعجاز هين بالنسبة إلى الله سبحانه، فتأويل بعض الناس للمعاجز انهزام مادي غربي.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

51

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً))،
واعد بمعنى أنه وعد، وأن موسى (عليه السلام) قَبِل، ولذا جيء بصيغة
المفاعلة، ولا ينافي كون الوعد هنا أربعين ليلة، وفي آية أخرى ثلاثين، فإن
هذه آية بالنسبة إلى الوعدين، وفي الآية الأخرى بالنسبة إلى الوعد الأول،
فقد كان الله سبحانه وعد موسى أولاً ثلاثين، ثم مدده وأضاف عشراً، والوعد
كان لإعطاء الثورة التي فيها أحكام الله وتنظيم أمور بني إسرائيل الذي هو
نعمة عظيمة، ((ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ))،
أي من بعد موسى (عليه السلام)، أي وقت ذهابه إلى الطور للوعد، فإنهم - بعد
ما ذهب موسى (عليه السلام) لميقات ربه - صنعوا عجلاً من ذهب، وجعلوه إلهاً
لهم، وسجدوا له، فقابلوا نعم الله عليهم بالكفران وعبادة العجل، ((وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ))، جملة جمالية، والمراد ظلمهم بأنفسهم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

52

((ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ)) عبادتكم للعجل ((مِّن بَعْدِ ذَلِكَ)) الاتخاذ ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) نعمنا عليكم، فتعملوا بأوامرنا.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

53

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ آتَيْنَا مُوسَى)) نبيكم ((الْكِتَابَ)) وهو التوراة ((وَالْفُرْقَانَ)) أي الفارق بين الحق والباطل، فهو أهم من الكتاب، ((لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) و"لعل" ليس ترجياً من الله سبحانه بل بمعنى عاقبة الترجي.


descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

54

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ)) الذين عبدوا العجل وقت ذهاب موسى إلى الطور لتلقي الأوامر من الله سبحانه ((<يَا قَوْمِ> إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ)) إلهاً، فإن اتخاذه موجب للغضب والذلة في الحياة الدنيا والآخرة ((فَتُوبُواْ)) توبة ((إِلَى بَارِئِكُمْ)) الذي برأكم وخلقكم وهو إلهكم، ((فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ)) بأن يقتل من لم يعبد العجل من عبده ولو كان قريباً له، فإنه كفارة للقاتل حيث سكت ولم يتكلم وللمقتول حيث عبد العجل، ((ذَلِكُمْ)) القتل ((خَيْرٌ لَّكُمْ))، إذ إن الألم القليل خير من عذاب النار الدائم ((عِندَ بَارِئِكُمْ))، متعلق بخير، أي أن هذا العمل خير عند الله وفي حكمه وإرادته، وذلك مقابل الخير عند الناس الذي هو بالبقاء والعيش في الدنيا، ((فَتَابَ عَلَيْكُمْ)) بعدما سمعتم الأمر بأن تبتم، وقتل بعضكم بعضاً، ومعنى تاب عليكم قبل توبتكم، ((إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) بكم، فلم يغضب عليكم حتى لا يقبل توبتكم أبداً.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

55

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ)) بأن لنا إلهاً خلقنا وبيده أمورنا، أو لن نؤمن لك بأنك نبي مبعوث من قبل الله سبحانه ((حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً))،
أي علانيةً وعياناً، فيخبرنا بذلك، وذلك أن موسى اختار من قومه سبعين
رجلاُ يحضرون معه إلى الميقات لما طلبت منه بنو إسرائيل ذلك، ولما جاؤوا
طلبوا رؤية الله تعالى، ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ))،
وهي نار تنزل من السماء، أو مادة مذابة من المعدن ونحوه، فتصيب الإنسان
فتقتله، إنهم لما طلبوا رؤية الله سبحانه نزلت صاعقة من السماء فقتلتهم
جميعاً ((وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ))، حال نزولها، وسبب موتكم، فكان ذلك دليلاً لكم على ذنبكم وخطأكم، ولم يكن موتاً لم يعرف سببه حتى تقولوا أنه أمر طبيعي.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

56

((ثُمَّ بَعَثْنَاكُم)) أي أحييناكم لمّا طلب موسى (عليه السلام) ذلك لئلا يقول الباقي من بني إسرائيل أنه (عليه السلام) قتلهم في الطور ((مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ)) بسبب الصاعقة، ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) نعمنا عليكم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

57

((وَ))
اذكروا يا بني إسرائيل إذ كنتم في التيه حين أُمرتم بحرب العمالقة فعصيتم،
فبقيتم في الصحراء مدة مديدة، وكنتم تتأذون من حر الشمس، ولم يكن لكم مأكل
فـ((ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ)) بأن جعلناه سترةً لكم تقيكم من حر الشمس وبرد القمر، ((وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى))،
"المن" شيء يشبه "الترنجين"، مادة حلوة، كانت تقع على أشجارهم فيأكلوها،
والسلوى طير سماني، وإنزال السماني إما بكون هذه الطير - كان - كثيراً في
التيه، فكانوا يصطادونه، أو بأنه كان ينزل عليهم الطير المشوي، وقلنا لكم: ((كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)) طيبٌ مذاقاً وحقيقة، لكونه حلالاً، لكنهم كفروا بعد كل هذه النعم، ((وَمَا ظَلَمُونَا)) بكفرانهم، فإنهم لن يضروا الله شيئاً، ((وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) لأنهم أورثوا لأنفسهم ذلة في الدنيا وعذباً في الآخرة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

58

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذْ قُلْنَا)) لكم بعد أن خرجتم عن التيه ((ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ)) بيت المقدس أو "أريحا"، وهي بلدة قريبة من بيت المقدس، ((فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ)) من الأماكن أو المأكل ((رَغَداً)) واسعا، ((وَادْخُلُواْ الْبَابَ))، أي باب القرية ((سُجَّداً)) جمع ساجد، أي في حال كونكم ساجدين، ((وَقُولُواْ حِطَّةٌ))، أي سجودنا لله حطة لذنوبنا ومحو لسيئاتنا، فإن فعلتم ذلك ((نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ)) السالفة، ((وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)) منكم من خير الدنيا وخير الآخرة على ما يستحقون، كما قال سبحانه (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله).


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

59

((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ)) فقالوا "حنطة حمراء خير لنا" عوض "حطة "، كما أنهم دخلوا باستاههم عوض أن يدخلوا سجدا، ((فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ)) فيما فعلوا ((رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء))، الرجز العذاب ((بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)) أي بسبب عصيانهم.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

60

((وَ)) اذكروا يا بني إسرائيل ((إِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ)) أي سأل موسى من الله تعالى أن يسقيهم، وذلك حين كانوا في التيه، ولم يكن لهم ماء فظمئوا ((فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ))، وعصاه هي التي صارت ثعبانا، والحجر إما كان حجراً خاصا أو مطلق الحجر ((فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً)) بعدد أسباط بني إسرائيل، فانهم كانوا إثنتا عشرة قبيلة، فكانت تجري لكل قبيلة عين ((قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ)) أي كل قبيلة ((مَّشْرَبَهُمْ)) أي موضع شربهم، ((كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ)) الفساد ((مُفْسِدِينَ)) حال مؤكدة.


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة البقرة

61

((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى)) حين كنتم في التيه وينزل عليكم المن والسلوى ((لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ))، أي قسم واحد من الطعام ولو كان ذا لونين، فالمراد بالوحدة التكرر في كل يوم، ((فَادْعُ))، أي فاسأل ((لَنَا))، أي لأجلنا ((رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ))، أي من نباتها ((مِن بَقْلِهَا)) البقل أنواع الخضر ((وَقِثَّآئِهَا)) الخيار ((وَفُومِهَا)) الحنطة ((وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا)) حتى نتقوت بها ونأكلها عوض المن والسلوى.

((قَالَ)) له<م> موسى (عليه السلام): ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))،
أي تتركون ما هو الأفضل مما اختاره الله لكم إلى ما هو الأدون مما ترغبون
إليه، وكونها أفضل وأدون إما باعتبار السهولة والصعوبة أو باعتبار الطعم
واللذة أو باعتبار التقوية والتغذية، وعلى أي حال، دعا موسى واستجاب الله
دعاءه، وقال لهم: ((اهْبِطُواْ مِصْراً)) من الأمصار ((فَإِنَّ لَكُم)) في المصر ((مَّا سَأَلْتُمْ)) من الأطعمة، ((وَ)) لكن اليهود - بسبب تمردهم وعصيانهم ولجاجتهم المستمرة - ((ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ)) فهم أذلاء في الأرض، لا حكومة لهم مستقلة، ولا عزة لهم عند الناس ((وَالْمَسْكَنَةُ))
فإنهم مع ثروتهم أحيانا لا يفارقون المسكنة، حيث أنهم دائمو التبؤس
لمخافتهم من الفقر، وهذه الآية من معاجز القرآن الكثيرة، فان اليهود لم تقم
لهم حكومة من تاريـخ القرآن إلى هذا اليوم إلا بحبل من الناس، واتصال
بالحكومات القوية، ((وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ))، "باء" أي رجع، والمراد أنهم بعملهم السيئ غضب الله عليهم، ((ذَلِكَ)) المذكور من ضرب الذلة والمسكنة والرجوع بالغضب ((بِ)) سبب ((أَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ)) المنزلة على موسى (عليه السلام)، حيث لم يكونوا يطيعون، ((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ))، فإن الأنبياء تواترت إليهم لكثرة لجاجتهم، فكانوا يقتلونهم، وقوله تعالى ((بِغَيْرِ الْحَقِّ)) قيد توضيحي، إذ لا يكون قتل النبي حقا أبدا، وذلك بخلاف ما لو قيل يقتل البشر بغير الحق، ((ذَلِكَ)) المذكور من كفرانهم وقتلهم الأنبياء، ((بِمَا عَصَواْ))، أي بسبب عصيانهم للأوامر العقلية والشرعية ((وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)) فإن عصيانهم واعتداءهم صار سبباً للقتل والكفر، وهما سببا ضرب الذلة والمسكنة والغصب.



descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
جزاك الله الف خير
مشكورة

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
اللهم امين يارب
ونورتى

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
جزاك الله خيرا

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
وجزاكى ايضا
ونورتى الموضوع

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
تفسير سوره البقرة 2906708182 بارك الله فيك موضوع في قمة الروعة

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
شكرا لمرورك وكلامك
نورت

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
شكرا لك على المواضيع المميزة و المفيدة ..!!!.... !!! santa

واصل في نشاطك ومجهدوداتك في المنتدى ...!!!!

تقبل مروري مع اطيب تحياتي ....!!! ::coolok57::

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
جزاك الله خير

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
جزاك الله كل خير
مع التحيه

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
بارك الله فيك

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
بارك الله فيك

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
مشكورة
جزاك الله خيرا

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
بارك الله فيك

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
دُمتَ بِهذآ الع ـطآء أإلمستَمـرٍ
تـقبلـ خ ـآلص احترامي 

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
شكراً لك على الموضوع المتميز
بارك الله فيك وادخلك جنته
تابع في إبداعاتك
بوركت على
الطرح
تفسير سوره البقرة 235873

descriptionتفسير سوره البقرة Emptyرد: تفسير سوره البقرة

more_horiz
شكرا لك على المجهودات

gg444g



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي