كتبه : مروان أحمد محمود (( MarwanSoudies ))

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلي الله الله عليه وسلم- ، ثم أما بعد :-

إذا سألت أي طفل في بلدنا .. (( تشتغل ايه لما تكبر يا حبيبي ؟ )) فسوف يرد عليك بصورة ميكانيكية .. دكتور .. طيار .. مهندس ..
وإذا سألت اليوم شابا جامعيا عن المهنة التي يريدها فسيقول تسويق ، مبيعات ، علاقات عامة ، ونادرا ما تجد من يتمنى أن يكون عالما في الطبيعة أو الحيوانات أو موسيقارا أو خبيرا في الفلك أو الجيولوجيا ! ولأن سوق العمل في بلدنا ضيق جدا وفرص التوظيف محدودة ، فإن أحلام الشباب بدورها تصغر وتصغر ويكتفي كل واحد منا بأن اللي يعرفه أحسن من اللي ما يعرفوش ..

والأخطر أن روح المغامرة والخيال يختفيان من جيل إلى آخر .. والأخطر جدا أن يحل التبلد محل الإبداع وتصبح البلد كلها محلك سر ! .. تواترت هذه الخواطر في رأسي بعد موقفين كان كل منهما أكثر إيلاما من الآخر .. الموقف الأول كان حوارا مع طفل في العاشرة من عمره ، شقي وذكي وموهوب ومتفوق دراسيا ورياضيا .. سألته : ماذا تريد أن تعمل عندما تكبر ؟ قال : مدرسا! قلت له : التدريس مهنة عظيمة ، ولكن لماذا التدريس بالذات ؟؟ قال : المدرس يكسب كثيرا ، في الدرس الخصوصي الواحد يكون عددنا 12 تلميذا يدفع كل تلميذ 40 جنيه ..
وهكذا فإن المكاسب الهائلة التي يحصدها المدرسون في مراكز التعليم أصبحت تغري أي طفل بالعمل كمدرس ((خصوصي)) .
الموقف الآخر : حكاه لي شخص مقرب مني وقد حدث في مكتبة الاسكندرية ، وقف المخترع الشاب أمام شاشة التليفزيون يشرح كيف اخترع كاسحة ألغام مصرية عبقرية بأقل التكاليف ، وكيف أنها يمكن أن تنقذ أخصب وأجمل أراضي مصر في الساحل الشمالي من ملايين لغم نائمة على أرضنا منذ الحرب العالمية الثانية ..
المذيعة قالت للمخترع الشاب بابتسامة عريضة : اختراع رائع ، ليه محدش مهتم بيه ، هز الشاب كتفيه بيأس : أنا وعشرات مثلي نشعر بالاحباط ، لا أحد يرانا أو يسمعنا ! نظرت المذيعة إلى الشاب بحيرة ، لم تعرف ماذا تقول ، وأخيرا استدارت إلى الكاميرا قائلة : نلتقي بعد الفاصل ! وخلال الفاصل أدركت أكثر لماذا تتضاءل أحلام الشباب في بلدنا ، ولماذا عندما تسأل طفلا عن حلمه عندما يكبر لا يقول لك أبدا : عايز أكون رئيس جمهورية ، وأتصور أن الخوف من الحلم هو الذي يحرم الشباب من أحلامهم المشروعة في أن يكونوا كبارا ومرموقين ومشهورين ومؤثرين في مستقبل وطنهم ..

ليست وظيفة العالم الكبير ولا الرئيس المهيب هي التي تمنع الشباب من الطموح ، ولكنه المناخ العام .. نظام التعليم ، عدم احترام الكفاءة ، عدم تقدير النبوغ ، تجاهل الموهبة ، وفي الوقت نفسه إعلاء كل القيم المشوهة الجديدة ، تقديس الفلوس .. احترام اللقمة ، إصفاء الشرعية على أي سلوك ، ينتهك القانون أو الأخلاق ، وبذلك أصبح المدرس الحرامي أفضل من العالم والمخترع ..
وهكذا أصبحنا نعيش في ظل حزمة من المعايير المختلفة والقيم المقلوبة ، وربما لهذه الأسباب فإن الشباب (( بطل يحلم )) أو إذا فكر يحلم ، فإنه لا يمكن أن يحلم بأن يصبح رئيسا للجمهورية !!

==========================================================

البيانات المطلوبة ::

الاسم الحقيقي :: مروان أحمد محمود
اسم الشهرة :: MarwanSoudies
الصورة :: تحلم تبقى .. رئيس ؟؟ 706208370
http://www10.0zz0.com/thumbs/2011/01/27/18/706208370.jpg
رابط المنتدى :: http://www.runrivers.com/



تحياتي
MarwanSoudies