قال & تعالى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الآيات الكريمة في باب الحنو على الفقراء واليتامى والمساكين وما أشبههم قال وقول الله تعالى ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث الخطاب في قوله ألم يجدك للنبي صلى الله عليه وسلم يقرر الله تعالى في هذه الآيات أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيما فإنه عليه الصلاة والسلام عاش من غير أم ولا أب فكفله جده عبد المطلب ثم مات وهو في السنة الثامنة من عمره صلى الله عليه وسلم ثم كفله عمه أبو طالب . فكان يتيما وكان صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط يعني على شيء يسير من الدراهم لأنه ما من نبي بعثه الله إلا ورعى الغنم فكل الأنبياء الذين أرسلوا أول أمرهم كانوا رعاة غنم من أجل أن يعرفوا ويتمرنوا على الرعاية وحسن الولاية واختار الله لهم أن تكون رعيتهم غنما لأن راعي الغنم يكون عليه السكينة والرأفة والرحمة لأنه يرعى مواشي ضعيفة بخلاف رعاة الإبل رعاة الإبل أكثر ما يكون فيهم الجفاء والغلظة لأن الإبل كذلك غليظة قوية جبارة فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيما ثم إن الله سبحانه وتعالى أكرمه فيسر له زوجة صالحة وهي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تزوجها وله خمس وعشرون من العمر ولها أربعون سنة وكانت حكيمة عاقلة صالحة رزقه الله منها أولاده كلهم من بنين وبنات إلا إبراهيم فإنه كان من سريته مارية القبطية المهم أن الله يسرها له وقامت بشئونه ولم يتزوج سواها صلى الله عليه وسلم حتى ماتت . أكرمه الله عز وجل بالنبوة فكان أول ما بدئ بالوحي أن يرى الرؤيا في المنام فإذا رأى الرؤيا في المنام جاءت مثل فلق الصبح في يومها بينة واضحة لأن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة فدعا إلى الله وبشر وأنذر وتبعه الناس وكان هذا اليتيم الذي يرعى الغنم كان إماما لأمة هي أعظم الأمم وكان راعيا لهم عليه الصلاة والسلام راعيا للبشر ولهذه الأمة العظيمة . قال ألم يجدك يتيما فآوى آواك الله بعد يتمك ويسر لك من يقوم بشئونك حتى ترعرعت وكبرت ومن الله عليك بالرسالة العظمى ووجدك ضالا فهدى وجدك ضالا يعني غير عالم كما قال الله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك وقال تعالى وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما وقال الله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن صار بهذا الكتاب العظيم عالما كامل الإيمان عليه الصلاة والسلام ووجدك ضالا أي غير عالم ولكنه هداك بماذا هداه هداه الله بالقرآن ووجدك عائلا يعني فقيرا فأغنى أغناك وفتح الله عليك الفتوح حتى كان يقسم ويعطي الناس وقد أعطى ذات يوم رجلا غنما بين جبلين وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة عليه الصلاة والسلام ثم تأملوا قوله تعالى ألم يجدك يتيما فأوى ما قال فآواك بل قال فآوى ووجدك ضالا فهدى ولم يقل فهداك ووجدك عائلا فأغنى ولم يقل فأغناك لماذا لمناسبتين إحداهما لفظية والثانية معنوية أما اللفظية فلأجل أن تتناسب رؤوس الآيات كقوله تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى كل آخر الآيات ألف فقوله آلم يجدك يتيما فآوى لو قال فآواك اختلف اللفظ ووجدك ضالا فهداك اختلف اللفظ ووجدك عائلا فأغناك اختلف اللفظ لكن جعل الآيات كلها على فواصل حرف واحد المناسبة الثانية المعنوية وهي أعظم ألم يجدك يتيما فآوى هل أواه الله وحده أو أواه وآوى أمته والجواب الثاني آواه الله وأوى على يديه أمما لا يحصيهم إلا الله عز وجل ووجدك ضالا فهدى هل هداه وحده لا هدى به أمما عظيمة إلى يوم القيامة ووجدك عائلا فأغنى هل أغناه الله وحده لا أغناه الله وأغنى به كم حصل للأمة الإسلامية من الفتوحات العظيمة وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه فأغناهم الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا ألم يجدك يتيما فآواك وآوى بك ووجدك ضالا فهداك وهدى بك ووجدك عائلا فأغناك وأغنى بك هكذا حال الرسول عليه الصلاة والسلام ثم قال فأما اليتيم فلا تقهر اذكر نفسك حين كنت يتيما فلا تقهر اليتيم بل يسر له أمره إذا صاح فسكته وإذا غضب فأرضه وإذا تعب فخفف عليه وهكذا فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر السائل يظهر من سياق الآيات أنه سائل المال الذي يقول أعطني مالا فلا تنهره لأنه قال ووجدك عائلا فأغنى فلما أغناك لا تنهر السائل تذكر حالك حينما كنت فقيرا ولا تنهر السائل ويحتمل أن يراد بالسائل سائل المال وسائل العلم حتى الذي يسأل العلم لا تنهره بل الذي يسأل العلم القه بانشراح صدر لأنه لولا أنه محتاج ولولا أن عنده خوف الله عز وجل ما جاء يسأل فلا تنهره اللهم إلا من تعنت فهذا لا حرج أن تنهره لو كنت تخبره ثم يقول لكل شيء لماذا هذا حرام ولماذا هذا حلال لماذا حرم # الله الربا وأحل البيع لماذا حرم الله الأم من الرضاع وأشياء كثيرة من قبيل هذا فهذا الذي يتعنت انهره ولا حرج أن تغضب عليه كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام حين تشاجر رجل من الأنصار والزبير بن العوام في الوادي حيث يأتي السيل وكان الزبير رضي الله عنه حائطه قبل حائط الأنصاري فتنازعا الأنصاري يقول للزبير لا تحبس الماء عني والزبير يقول أنا أعلى فأنا أحق فتشاجروا وتخاصموا عند الرسول عليه الصلاة والسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم أرسله إلى جارك وهذا حكم فقال أن كان ابن عمتك يا رسول الله كلمة لكن الغضب حمله عليها والعياذ بالله والزبير بن العوام بن صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول عليه الصلاة والسلام قال إن كان ابن عمتك يا رسول الله فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اسق يا زبير حتى يصل إلى الجدار ثم أرسله إلى جارك فالحاصل أن السائل للعلم لا تنهره بل تلقه بصدر رحب وعلمه حتى يفهم خصوصا في وقتنا الآن فكثير من الناس الآن يسألك وقلبه ليس معك تجيبه بالسؤال ثم يفهمه خطأ ثم يذهب يقول للناس أفتاني العالم الفلاني بكذا وكذا ولهذا ينبغي ألا تطلق الإنسان الذي يسألك حتى تعرف أنه عرف وأما بنعمه ربك فحدث نعمة الله عليك حدث بها قل الحمد لله رزقني الله علما رزقني الله مالا رزقني الله ولدا وما أشبه ذلك والتحديث بنعمة الله نوعان تحديث باللسان وتحديث بالأركان تحديث باللسان كأن تقول أنعم الله علي كنت فقيرا فأغناني الله كنت ما أعرف فعلمني الله وما أشبه ذلك والتحديث بالأركان أن ترى أثر نعمة الله عليك فإن كنت غنيا فلا تلبس ثياب الفقراء بل البس ثيابا تليق بك وكذلك في المنزل وكذلك في المركوب في كل شيء دع الناس يعرفون نعمة الله عليك فإن هذا من التحديث بنعمة الله عز وجل ومن التحديث بنعمة الله عز وجل إذا كنت قد أعطاك الله علما أن تحدث الناس به وتعلم الناس لأن الناس محتاجون وفقني الله والمسلمين لما يحب ويرضي
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الآيات الكريمة في باب الحنو على الفقراء واليتامى والمساكين وما أشبههم قال وقول الله تعالى ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث الخطاب في قوله ألم يجدك للنبي صلى الله عليه وسلم يقرر الله تعالى في هذه الآيات أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيما فإنه عليه الصلاة والسلام عاش من غير أم ولا أب فكفله جده عبد المطلب ثم مات وهو في السنة الثامنة من عمره صلى الله عليه وسلم ثم كفله عمه أبو طالب . فكان يتيما وكان صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط يعني على شيء يسير من الدراهم لأنه ما من نبي بعثه الله إلا ورعى الغنم فكل الأنبياء الذين أرسلوا أول أمرهم كانوا رعاة غنم من أجل أن يعرفوا ويتمرنوا على الرعاية وحسن الولاية واختار الله لهم أن تكون رعيتهم غنما لأن راعي الغنم يكون عليه السكينة والرأفة والرحمة لأنه يرعى مواشي ضعيفة بخلاف رعاة الإبل رعاة الإبل أكثر ما يكون فيهم الجفاء والغلظة لأن الإبل كذلك غليظة قوية جبارة فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيما ثم إن الله سبحانه وتعالى أكرمه فيسر له زوجة صالحة وهي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تزوجها وله خمس وعشرون من العمر ولها أربعون سنة وكانت حكيمة عاقلة صالحة رزقه الله منها أولاده كلهم من بنين وبنات إلا إبراهيم فإنه كان من سريته مارية القبطية المهم أن الله يسرها له وقامت بشئونه ولم يتزوج سواها صلى الله عليه وسلم حتى ماتت . أكرمه الله عز وجل بالنبوة فكان أول ما بدئ بالوحي أن يرى الرؤيا في المنام فإذا رأى الرؤيا في المنام جاءت مثل فلق الصبح في يومها بينة واضحة لأن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة فدعا إلى الله وبشر وأنذر وتبعه الناس وكان هذا اليتيم الذي يرعى الغنم كان إماما لأمة هي أعظم الأمم وكان راعيا لهم عليه الصلاة والسلام راعيا للبشر ولهذه الأمة العظيمة . قال ألم يجدك يتيما فآوى آواك الله بعد يتمك ويسر لك من يقوم بشئونك حتى ترعرعت وكبرت ومن الله عليك بالرسالة العظمى ووجدك ضالا فهدى وجدك ضالا يعني غير عالم كما قال الله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك وقال تعالى وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما وقال الله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن صار بهذا الكتاب العظيم عالما كامل الإيمان عليه الصلاة والسلام ووجدك ضالا أي غير عالم ولكنه هداك بماذا هداه هداه الله بالقرآن ووجدك عائلا يعني فقيرا فأغنى أغناك وفتح الله عليك الفتوح حتى كان يقسم ويعطي الناس وقد أعطى ذات يوم رجلا غنما بين جبلين وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة عليه الصلاة والسلام ثم تأملوا قوله تعالى ألم يجدك يتيما فأوى ما قال فآواك بل قال فآوى ووجدك ضالا فهدى ولم يقل فهداك ووجدك عائلا فأغنى ولم يقل فأغناك لماذا لمناسبتين إحداهما لفظية والثانية معنوية أما اللفظية فلأجل أن تتناسب رؤوس الآيات كقوله تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى كل آخر الآيات ألف فقوله آلم يجدك يتيما فآوى لو قال فآواك اختلف اللفظ ووجدك ضالا فهداك اختلف اللفظ ووجدك عائلا فأغناك اختلف اللفظ لكن جعل الآيات كلها على فواصل حرف واحد المناسبة الثانية المعنوية وهي أعظم ألم يجدك يتيما فآوى هل أواه الله وحده أو أواه وآوى أمته والجواب الثاني آواه الله وأوى على يديه أمما لا يحصيهم إلا الله عز وجل ووجدك ضالا فهدى هل هداه وحده لا هدى به أمما عظيمة إلى يوم القيامة ووجدك عائلا فأغنى هل أغناه الله وحده لا أغناه الله وأغنى به كم حصل للأمة الإسلامية من الفتوحات العظيمة وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه فأغناهم الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا ألم يجدك يتيما فآواك وآوى بك ووجدك ضالا فهداك وهدى بك ووجدك عائلا فأغناك وأغنى بك هكذا حال الرسول عليه الصلاة والسلام ثم قال فأما اليتيم فلا تقهر اذكر نفسك حين كنت يتيما فلا تقهر اليتيم بل يسر له أمره إذا صاح فسكته وإذا غضب فأرضه وإذا تعب فخفف عليه وهكذا فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر السائل يظهر من سياق الآيات أنه سائل المال الذي يقول أعطني مالا فلا تنهره لأنه قال ووجدك عائلا فأغنى فلما أغناك لا تنهر السائل تذكر حالك حينما كنت فقيرا ولا تنهر السائل ويحتمل أن يراد بالسائل سائل المال وسائل العلم حتى الذي يسأل العلم لا تنهره بل الذي يسأل العلم القه بانشراح صدر لأنه لولا أنه محتاج ولولا أن عنده خوف الله عز وجل ما جاء يسأل فلا تنهره اللهم إلا من تعنت فهذا لا حرج أن تنهره لو كنت تخبره ثم يقول لكل شيء لماذا هذا حرام ولماذا هذا حلال لماذا حرم # الله الربا وأحل البيع لماذا حرم الله الأم من الرضاع وأشياء كثيرة من قبيل هذا فهذا الذي يتعنت انهره ولا حرج أن تغضب عليه كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام حين تشاجر رجل من الأنصار والزبير بن العوام في الوادي حيث يأتي السيل وكان الزبير رضي الله عنه حائطه قبل حائط الأنصاري فتنازعا الأنصاري يقول للزبير لا تحبس الماء عني والزبير يقول أنا أعلى فأنا أحق فتشاجروا وتخاصموا عند الرسول عليه الصلاة والسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم أرسله إلى جارك وهذا حكم فقال أن كان ابن عمتك يا رسول الله كلمة لكن الغضب حمله عليها والعياذ بالله والزبير بن العوام بن صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول عليه الصلاة والسلام قال إن كان ابن عمتك يا رسول الله فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اسق يا زبير حتى يصل إلى الجدار ثم أرسله إلى جارك فالحاصل أن السائل للعلم لا تنهره بل تلقه بصدر رحب وعلمه حتى يفهم خصوصا في وقتنا الآن فكثير من الناس الآن يسألك وقلبه ليس معك تجيبه بالسؤال ثم يفهمه خطأ ثم يذهب يقول للناس أفتاني العالم الفلاني بكذا وكذا ولهذا ينبغي ألا تطلق الإنسان الذي يسألك حتى تعرف أنه عرف وأما بنعمه ربك فحدث نعمة الله عليك حدث بها قل الحمد لله رزقني الله علما رزقني الله مالا رزقني الله ولدا وما أشبه ذلك والتحديث بنعمة الله نوعان تحديث باللسان وتحديث بالأركان تحديث باللسان كأن تقول أنعم الله علي كنت فقيرا فأغناني الله كنت ما أعرف فعلمني الله وما أشبه ذلك والتحديث بالأركان أن ترى أثر نعمة الله عليك فإن كنت غنيا فلا تلبس ثياب الفقراء بل البس ثيابا تليق بك وكذلك في المنزل وكذلك في المركوب في كل شيء دع الناس يعرفون نعمة الله عليك فإن هذا من التحديث بنعمة الله عز وجل ومن التحديث بنعمة الله عز وجل إذا كنت قد أعطاك الله علما أن تحدث الناس به وتعلم الناس لأن الناس محتاجون وفقني الله والمسلمين لما يحب ويرضي