هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionالألوان في القرآن Emptyالألوان في القرآن

more_horiz
تمتلىء اللغة العربية بتعبيرات وكتابات تستخدم اللون فيها… فمثلا نقول : فلان ضحكته صفراء .. ونقول : فلان يتطاير الشرر الأحمر من عينيه .. وهذا لأن وجهه يحتقن بالدم ويبدو أحمرَ . واللون الأحمر يعني : الفعل القوي . فإذا خفَّ ونقُص تأثيره ، أصبح ورديًّا دلالة على الحياة السعيدة النشطة اللطيفة ، فيقال : حياة وردية . يعني : سعيدة .. أما الأسود فيعني : انعدام اللون ، والضوء ، ويرمز للحزن والموت .

ما اللـــون ؟

اللون هو ذلك التأثير الفيزيولوجي الناتج على شبكية العين ؛ سواء كان ناتجًا عن المادة الصباغية الملونة ، أو عن الضوء الملون ، فهو إحساس- إذًا- وليس له وجود خارج الجهاز العصبي للكائنات الحية ؛ ولكن المصورون والمشتغلون بالصباغة وعمال المطابع يقصدون بكلمة اللون المواد التى يستعملونها لمادة التلوين . أما علماء الطبيعية فيقصدون بكلمة ( لون ) نتيجة تحليل الضوء ( الطيف الشمسي ) ، أو طول موجة الضوء . وفى الحقيقة يوجد كل من المادة الملونة . أي : المادة الصباغية ، والشعاع الملون . أي : الضوء الملون .. وقد حدد علم الطبيعة اللون بالدلالات الطبيعية الثلاثة الآتية :

1- طول الموجـة :

إن الإشعاعات التى تؤلف ضوء الشمس مثلاً يمكن أن تشتت بالاستعانة بمنظور ثلاثي إلى ألوان الطيف ( بنفسجي ، أزرق ، أخضر .. ) التى تتميز بحسب أطوال أمواجها ؛ إذ أن لكل لون طول خاص للموجة ، وبعض الإشعاعات لا تستطيع العين أن تميزها ؛ مثل : موجات تحت الحمراء ، وموجات فوق البنفسجية .

2- النقــــاء :

أي : النسبة بين اللون ، وبين كمية الأبيض الموجودة .

3- عامل النصوع :

أي : كمية الضوء المنقولة ، أو المنعكسة من اللون ؛ وبذلك يمكن لعيوننا أن تسجل وتدرك هذه الألوان السبعة :( بنفسجي – نيلي – أزرق – أخضر- أصفر – برتقالي – أحمر ) ، ومشتقاتها ، ودرجاتها المختلفة .

إدراك أو حس اللون :

نحن لا نستطيع إدراك الأشياء الملونة إلا بواسطة الضوء الواقع عليها ، والذي ينعكس جزء منه إلى عيوننا ؛ ولذلك فأي شيء ملون إذا ما سلط عليه ضوء قوي ، فإنه يعكس إشعاعًا أكثر ، وبالتالي يظهر أكثر نصوعًا . أما إذا وقع هذا الشيء الملون تحت ضوء خافت ، فإنه يعكس قليلاً ، ويظهر غير واضح .

وقد برهن العالم نيوتن أن « الضوء هو أصل اللون » . والضوء الأبيض يمكن تحليله إلى ألوانه الأصلية ؛ كما يمكن تجميع هذه الألوان ؛ لنحصل على الضوء الأبيض . فإذا وجد الضوء ، وجدت الألوان . وتبع ذلك أن طبيعة الضوء تؤثر على طبيعة الألوان ، فنجد أن الألوان تختلف فى مظهرها تحت ضوء النهار عنها تحت الإضاءة الصناعية ، ويمكنك التأكد من ذلك من ملاحظة لون قماش معروض داخل معرض مضاء بالضوء الصناعي ، ولون القماش ذاته فى ضوء النهار العادي .

لماذا نرى الأشياء ملونة ؟

إن أي جسم معرض للضوء يمتص الإشعاعات ، ويعكس بعضها . ولون هذا الجسم هو لون الإشعاع المنعكس منه . فالفستان أحمرَ ؛ لأنه امتص كل إشعاعات الضوء الساقطة عليه ، وعكس إلى عيوننا الإشعاعات الحمراء . وتنقل العين هذه الإحساسات إلى المخ عن طريق مجموعة الأقماع الشبكية الخاصة باللون الأحمر ؛ وبذلك يتكون الإحساس باللون الأحمر .. وكذلك فالمياه تبدو زرقاء ؛ لأن ضوء الشمس يعاني الانعكاسات الانكسارية ، وأثناء مروره فى طبقات الجو المختلفة فى رحلته إلى الأرض ، تصل إلينا الإشعاعات الزرقاء فقط . ولهذا السبب أيضًا يبدو البحر أزرق اللون ، بينما تبدو أمواج البحر بيضاء بسبب احتوائها على فقاقيع الهواء التى تعكس كل الأشعة الضوئية ، ولا تمتص منها شيئًا .

والعين على درجة كبيرة من الحساسية خاصة اللون الأخضر ، وتنعدم هذه الحساسية عند نهايتي الأحمر والبنفسجي . فالعين قادرة على إدراك أقل اختلاف فى اللون ، ويمكنها أن تميز من / 200 / إلى / 250 / لون .. وتميز العين بسهولة الألوان البنفسجية والحمراء ، ولا تستطيع بسهولة أن تقدر فروق درجات الألوان الصفراء .. وكذلك فمن الصعب على عامل " الديكور " عمل ترميم لسيارة باللون الأصفر .. ويريح العين الضوء الموحد ، خاصة الضوء الأبيض .

كيف تحس العين بالألوان ؟

يعتقد العلماء أن هناك ثلاثة أنواع من النهايات العصبية الموجودة بشبكية العين ( الأقماع ) ؛ وهي :

المجموعة الأولى : ذات حساسية خاصة لتأثير الموجات الطويلة ، أو اللون الأحمر .

المجموعة الثانية : ذات حساسية خاصة للموجات المتوسطة ، أو اللون الأخضر .

المجموعة الثالثة : ذات حساسية خاصة للموجات القصيرة ، أو اللون البنفسجي .

وعلى هذا ، فاللون الأحمر يؤثر بقوة على المجموعة الأولى ، وله تأثير ضعيف على المجموعتين الأخيرتين .. وهكذا كل لون يثير مجموعة ، أو مجموعات مختلفة من هذه النهايات .. فإذا أمكن إثارة المجموعات الثلاث فى وقت واحد وبنفس القوة ، نتج الإحساس باللون الأبيض . وإذا لم تثر هذه المجموعات إطلاقًا ، نتج الإحساس باللون الأسود .

عمى الألوان :

بعض الناس يرون الأجسام بغير ألوانها الطبيعية ، فالألوان الحمراء يرونها سوداء ، أو الصفراء يرونها أكثر خضرة . ومنهم من لا يستطيع التمييز بدقة بين اللونين الأزرق والبنفسجي ، وهذه العلة وراثية فى الغالب ، وقد تكون مكتسبة بعد بعض أمراض الشبكية والعصب البصري .

والنوع الوراثي يحدث أكثر فى الذكور ( 3 –4 % من الذكور ) ، ويندر حدوثه فى الإناث ، وإن كانت العلة تورث بواسطة الإناث إلى الذكور .. والعمى الكلي للألوان نادر الحدوث ، وفيه لا يمكن للشخص تمييز أي لون . فجميع الألوان تبدو له رمادية ؛ ولكن ذات بريق مختلف .

أما عمى الألوان الجزئي فهو أكثر انتشارًا ، وفى أغلب الأحوال لا يستطيع الشخص التمييز بين الألوان الحمراء والخضراء . ومن هنا يتضح خطورة قيام مثل هذا الشخص ببعض الأعمال ؛ مثل : سائق ، بحار ، طيار . ولا علاج لهذه العلة سواء طبي ، أو جراحي .. ولا علاقة بين حدة الإبصار ، والقدرة على تمييز الألوان ، فقد تكون قوة الإبصار ( 6 / 6 ) . ولا يمكن تمييز الألوان ؛ كما أن العكس صحيح ؛ إذ قد تميز الألوان جيدًا ، ويكون البصر ضعيفًا .

الألوان فى الظلام :

لا يمكن للعين أن تميز الألوان فى الظلام . وعند حلول الظلام ( الغروب مثلاً ، أو خبو الضوء الكهربائي ) ، لا يمكن تمييز اللون الأحمر من الأخضر .. ثم تقل قدرة العين على تمييز الألوان الآتية بالترتيب :( البنفسجي ، الأزرق ، الأصفر ) ، ثم أخيرًا ( الأخضر ) . أي : إن اللون الأخضر يعتبر أكثر الألوان وضوحًا أثناء الليل ، بينما اللون الأصفر هو أكثرها وضوحًا أثناء النهار . واللون الأحمر لا يثير الشبكية المكيفة للرؤية فى الظلام ؛ كما أنه لا يثير التفاعلات الكيماوية الحساسة للضوء ؛ ولذا يستعمل اللون الأحمر فى الحجرات المظلمة الخاصة بتحميض الأفلام الحساسة .

الألوان في القرآن

لقد خلق الله تعالى كل ما فى الكون وسخره ؛ لخدمة الإنسان ؛ ولتحقيق راحته وهنائه . وقد حرصت القدرة الإلهية على أن تكون المخلوقات جميلة مع كونها نافعة ، فيفيد الإنسان وينتفع ، وفى الوقت ذاته يسر بجمال الأشكال وتعدد الألوان .. ذلك الجمال الرائع المنبث في لوحة الكون بألوانه المتعددة . وإذا غفلت عيوننا البشرية عن الالتفات إلى مشاهد الجمال ، ذكَّرنا القرآن الكريم بها . ومن بين آيات الجمال التي يوقفنا القرآن عندها وأمامها كثيرًا آيات جمال الألوان .

1- الألوان ماثلة فى الجبال :

إنك تجد الجبال ألواناً عدة ، وكان فى مقدرة الخالق سبحانه أن يجعلها لونًا واحدًا . ولما كان السرور البشري يتحقق فى تعدد الألوان ، جعل الله سبحانه من الجبال البيض ، والحمر ، والسود ؛ كما قال تعالى :

﴿ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾(فاطر: 27)

وكلمة جدد تعني : طرائق تخالف لون الجبل ، ومفردها : جدة . أما الغرابيب السود فهي الجبال السود الطوال الشديدة السواد .

وعندما ندير أبصارنا من الجبال المتعددة الألوان إلى الجبل الأسود الغربيب ، أو منه إلى الجبال ذات الألوان المتعددة ، نستشعر تقابلاً ، فينبعث السرور ؛ كما في استخدام المقابلة والطباق فى الشعر والنثر .

وهذه الآية تذكر اللون الأبيض واللون الأحمر ، أما بقية الألوان وما أكثرها وما أشد اختلافها وتعددها فيذكرها إيجازًا وتركيزًا قوله تعالى :﴿ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ . إن فى تعدد ألوان الأحجار ، وامتزاج أحدها بالآخر لجمالاً يبهر العين تمامًا ؛ كما تبهرها ألوان الشعب المرجانية فى قاع البحر الأحمر .

والقرآن الكريم يذكر عبارة ﴿ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ بعد قوله تعالى ﴿ بِيضٌ وَحُمْرٌ ﴾ ؛ ليشير إلى أن اللونين الأساسيين هما الأبيض والأحمر . أما ما عداهما من ألوان مختلفة فهي مركبة من هذين اللونين .

2- الألوان في الأنعــام :

ومن تعدد جلود الأنعام يتحقق ذلك الجمال الذى أشارت إليه هذه الآية الكريمة :

﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾(النحل: 6)

ونجد تعدد ألوان الأنعام في قوله تعالى :

﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ﴾(فاطر: 28)

أي : فيهم الأحمر والأبيض والأسود ، وغير ذلك . وكل هذا- فيما يقول الإمام القرطبي- دليل على صانع مختار .

وكلمة ( كذلك ) فى الآية السابقة لها دلالتها على تذكير الإنسان بأن تعدد الألوان ليس فى الجبال فحسب ؛ وإنما فى الكائنات الحية المتميزة بالروح والإحساس ( الناس والدواب والأنعام ) .

وذكر " الأنعام " بعد " الدواب " من باب عطف الخاص على العام . وإقرار " الأنعام " لأهمية جمال ألوانها لنا لكونها أكثر من غيرها حضورًا بيننا ، فالأغنام مثلاً فى الحقول . أما الثعالب والذئاب والأفيال ففي الغابات ، وربما تعذر رؤيتها على الكثيرين.

3- اللون الأخضر ( لون النباتات والزروع ) :

نشاهد فى حياتنا اليومية كثيرًا من الألوان المختلفة ، لعل أكثرها انتشارًا ، وأعظمها شأنًا هو اللون الأخضر الذي يبعث في نفس الإنسان كثيرًا من البهجة والسرور ، وخصوصًا إذا كان هذا اللون يكسو الأرض في مساحات شاسعة ؛ كما هي الحال في الحدائق والبساتين والحقول المترامية الأطراف ، أو في الوديان التي تمتد عبر الصحراء حيث تكسوها الأعشاب والنباتات الخضراء بعد هطول الأمطار عليها ، وهو ما تشير إليه الآية الكريمة الآتية :

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾(الحج: 63)

ونقرأ قوله تعالى :

﴿ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً ﴾(الأنعام: 99)

قيل : الخضر ههنا : الزرع الأخضر . وشجرة خضراء . أي : غضة . وأرض خضرة ، ويخضور : كثيرة الخضرة . وخضر الزرع خضرًا : نعم . وأخضره الري .. وأفضل الألوان كلها وأشرفها لون الخضرة وذلك لأمرين :

الأمر الأول :

هو أن الله سبحانه وتعالى وصف فى كتابه العزيز أهل جنته المخصوصين بتقريبه ومزيته بلباس الثياب الخضر ، فقال تعالى فى وصفهم :﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ﴾(الإنسان: 21(

وقال سبحانه فى موضع آخر :﴿ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾(الكهف: 31)

فلو كان في الألوان أفضل من الخضرة ، لوصفهم الله سبحانه بذلك .

الأمر الثاني :

ما في لون الخضرة من تقوية للنظر والزيادة في حاسة البصر . وسبب ذلك فيما يقوله أهل الطب أن اللون الأخضر يجمع الروح الباصر جمعًا رفيقًا مستلذًّا غير عنيف ، وإن كان اللون الأسود يجمع الباصر أيضًا ؛ لكنه يجمعه بعنف واستكراه ، على ضد ما يجمعه اللون الأخضر . قال تعالى :

﴿ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ﴾(النمل: 60)

يقول صاحب الظلال – رحمه الله – فى تفسير هذه الآية :« حدائق بهيجة ناضرة حية جميلة مفرحة . ومنظر الحدائق يبعث في القلب البهجة والنشاط والحيوية . وتأمل هذه البهجة والجمال الناضر والحي الذى يبعثها كفيل بإحياء القلوب . وتدبر آثار الإبداع في الحدائق كفيل بتمجيد الصانع الذي أبدع هذا الجمال العجيب . وإن تلوين زهرة واحدة وتنسيقها ليعجز عنه أعظم رجال الفنون من البشر . وإن تموج الألوان وتداخل الخطوط وتنظيم الوريقات في الزهرة الواحدة ليبدو معجزة تتقاصر دونها عبقرية الفن في القديم والحديث فضلاً عن معجزة الحياة النامية في الشجر ، وهي السر الأكبر الذي يعجز عن فهمه البشر » .

ويرجع هذا اللون الأخضر الذي ينتشر في النباتات على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها (وخصوصًا فى أوراقها الخضراء) إلى مادة كيميائية معقدة التركيب ، يطلق عليها علماء النبات اسم ( اليخضور ) ، أو ( الكلوروفيل : Chlorophyll )

وكان المعتقد في بادئ الأمر أن ( الكلوروفيل ) عبارة عن مادة واحدة ؛ ولكن وجد بعد تقدم البحوث النباتية ، وعمل التحليلات الدقيقة أنها تتركب في واقع الأمر من أربع مواد مختلطة بعضها ببعض ؛ وتلك هي ( كلوروفيل: أ ) ، و( كلوروفيل: ب ) ، ولونهما أخضر بالإضافة إلى مادتين أخريين ؛ وهما :( الكاروتين ) ، و( الزانثوفيل ) ، وهما صبغان نباتيان ، لونهما أصفر .

إن هذا ( الكلوروفيل ) المعقد الذي يغلب عليه اللون الأخضر هو أحد المعجزات الحقيقية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في دنيا النبات ؛ إذ أنه يلعب في تكوين الأغذية النباتية دورًا يفوق كل خيال . فالنبات على سبيل المثال يمتص من التربة التي يترعرع فيها كمية من الماء ؛ كما يمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي الذي يحيط بنا في كل مكان . ومن هاتين المادتين البسيطتين ( الماء ، وثاني أكسيد الكربون ) يستطيع الكلوروفيل إنتاج المواد الكربوهيدراتية البسيطة ، أو المعقدة ؛ مثل : الأنواع المختلفة من السكر ، ومنها سكر الجلوكوز ، وسكر الفواكه ، وسكر القصب ، وسكر البنجر .. وأيضًا الأنواع المختلفة من النشا ؛ مثل : النشا الموجود في حبوب القمح ، أو الذرة ، أو الأرز ، أو الشوفان ، أو في بعض الأجزاء النباتية الأخرى ؛ مثل : درنات البطاطا ، والبطاطس ، وغيرها . ولا يتم إنتاج مثل هذه المواد الغذائية الهامة إلا في وجود الأشعة الضوئية ، ويطلق على تلك العملية اسم عملية التمثيل الضوئي : Photosynthesis )) . ويمكن تلخيص تلك العملية في المعادلة البسيطة الآتية :

ثاني أكسيد الكربون + ماء واد كربوهيدراتية مواد كربوهيدراتية + أكسجين ، ينتج عنها مركب سكري + أوكسجين

ويعيش الإنسان ، وكذلك جميع الحيوانات التي تدب على سطح الأرض على تلك المنتجات النباتية ، والتي لا يستطيع أي منا إنتاجها من المواد الخام على الإطلاق ؛ كما تفعل النباتات الخضراء . وبذلك يكون ( الكلوروفيل ) هو المادة المنتجة لجميع الأغذية النباتية ، أو الحيوانية على حدٍ سواء .

وبالإضافة إلى تلك المادة الخضراء ( الكلوروفيل ) تحتوي النباتات على مواد أخرى كثيرة ، لها ألوان متباينة ؛ ومنها الصبغ الأزرق ، والصبغ الأصفر ، والصبغ الأحمر ، والصبغ البني وغيرها . وتشاهَد مثل تلك الألوان في كثير من الأجزاء النباتية ، وخصوصًا الأزهار والثمار ؛ كما يتضح من الآية الكريمة :

﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا ﴾(فاطر: 27)

4- اللون الأصفر :

ورد في قرآن الكريم السرور- سرور الإنسان- عقب ذكر اللون الأصفر الفاقع على جلد بقرة . قال تعالي :

﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾(البقرة: 69)

قيل : فاقع لونها : شديد الصفرة ، تكاد من صفرتها تبيضُّ . وقيل : صافية اللون ، وهي تسر الناظرين ؛ لأنك إذا نظرت إلى جلدها ، تخيلت أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .

وعن اللون الأصفر بصفة عامة وكونه باعثًا للسرور ، قال ابن جرير عن ابن عباس :« من لبس نعلاً صفراءَ ، لم يزل فى سرور ما دام لابسها » . ويرفض المفسرون أن يفهم قول القرآن ( فاقع لونها ) بمعنى : تسود من صفرتها ، ويجعلونه قولاً غريبًا . ويرى القرطبي أنه لا يستعمل مجازًا إلا في الإبل . قال تعالى :﴿ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾(المرسلات: 33) .

ويقول الكسائي :« فقع لونها ، إذا خلصت صفرته » . وقد ذكر القرطبي :« قال ابن عباس : الصفرة تسر النفس » ، وحض على لباس النعال الصفر .. حكاه عنه النقاش . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :« من لبس نعلي جلد أصفر ، قلَّ همُّه ؛ لأن الله تعالى يقول :﴿ بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ » .. حكاه عن الثعلبي .

ونهى ابن الزبير ومحمد بن أبي كثير عن لباس النعال السود ؛ لأنها تُهِمُّ . أي : تبعث الهمَّ في النفس . ولا غرابة في نهي ابن الزبير وابن كثير عن لبس النعال السوداء ، ولا في حث ابن عباس وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهما- على لبس النعل الأصفر ؛ فقد غدت دراسة الألوان والتأثير الخاص بكل لون على النفس ، ودراسة وتشخيص النفوس من واقع اهتمامها الفعلي وإحساسها بالألوان . وحب ألوان معينة غدا هذا أمرًا معروفًا في عصرنا . والمِحَكُّ عند القدماء والمحدثين كليهما هو التجربة والنظر في أحوال النفس ونفوس الآخرين في حالات متعددة ، ثم تقرير نتائج وأحكام ، فلا يجب أن نرفض حكمًا قديمًا لمجرد كونه قديمًا ، أو نصفق لجديد لمجرد كونه جديدًا ؛ وإنما نعود- مثلاً- إلى تجاربنا الخاصة ، ونحكِّم عقولنا ونحتكم إلى أذواقنا .

قال لبيد في الأصفر الفاقع :

سُدُمٌ قديمٌ عهدُه بأنيسه ... من بين أصفرَ فاقعٍ ودخان

لقد كان أسلافنا أهل ذوق رفيع ، فها هو الشيخ شرف الدين أبو نصر محمد بن أبي الفتوح البغدادي وشهرته ( ابن المرة ) في كتابه ( مفرح النفس ) ، وفي باب جعل له عنوانًا في اللذة المكتسبة للنفس عن طريق حاسة البصر ، يقول :« النفس تبتهج بما كان من الأجسام له اللون الأحمر والأخضر والأصفر ؛ إما بسيطًا ، أو مركبًا بعضها من بعض ، فنظر هذه يوجب راحة النفس ، ولذة القلب ، وسرور العقل ، ونشاط الذهن ، وتوفر القوى ، وانبساط الروح » .

وانظر إلى حكمته- سبحانه- كيف جعل هذه الألوان الأربعة المذكورة- أعني : الأصفر والأبيض والأحمر والأخضر- في أعظم الأجساد وأشرفها وأبهجها وأحسنها منظرًا ، وهي الذهب الأصفر ، واللؤلؤ الأبيض ، والزمرد الأخضر ، والياقوت الأحمر ، ولم يجعل شيئًا من الأحجار أعزَّ منها ولا أشرف ، وجعل غاية كل واحد منها أن يكون بهذا اللون المذكور ،﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ .. ( نقلا عن بشر فارس / سر الزخرفة الإسلامية ) .

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
يسلموا اخي الغالي على الموضوع

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكرا على المرور جزاك الله خيرا

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكرا على المرور جزاك الله خيرا

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكــرا لكـ يا أخــى الغالــى ؛؛ باركـ الله فيكـ gg444g


::ss554dd::

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
نورتم الموضوع بكريم نروركم

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
مشكووور اخى ع المجهوود الرااائعــ ،، ادام الله
نهر ابداعاتكــ

::ss554dd::

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
حروف ردودكم أضاءت الموضوع ومروركم ترك فيه عطراجياشا

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكراااااااا اخي/اختي علي الموضع وجعلة الله في ميزان حسناتك ان شاء الله تعالي

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
جزاكم الله خيرا على المرور الكريم نورتم

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
الألوان في القرآن 72 الألوان في القرآن 477bismellahtt1dp1qm3nm5 الألوان في القرآن 72
الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعـــــــــــــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
شكرا لك على مواضيعك المميزة والمفيدة
جزاك الله كل خير وبارك الله فيك
تحياتي ليك تقبل مروري
الألوان في القرآن 72

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
الألوان في القرآن 72
مشااء الله موضوع جميل
جزاكـ الله خيرا

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكرااااا علي التوبيك وجزاك الله كل خير وجعلة الله في ميزان حسناتك ان شاء الله تعالي

+++++++++++++++++++++++=
جزاك الله خيرا ولا حرمك اجرها
في ميزان اعمالك
تقبل مروري المتواضع
+++++++++++++

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
جزاكــ الله خيرا

احسنت في نظم الموضوع

بارك الله بيك

تقبل مروري

AlJna

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
ردودك الطيبة لاتحرمنا منها ..شكرا على المرور

descriptionالألوان في القرآن Emptyرد: الألوان في القرآن

more_horiz
شكــرا لكـ يا أخــى الغالــى ؛؛ باركـ الله فيكـ الألوان في القرآن 886773



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي