كلمة تعدى تعنى الأمداد والوصول كأن تقول تعدى فكر العلماء العصور القادمة أو تقول تعدى فكر القائد تخطيط العدو فنتصر عليه . والله فقط هو الوحيد الذى تتعدى قوته والسبب فى ذلك ان قوة الله لا تتأثر بالنقصان أذا شملت رعاية جميع الخلائق التى بعلم الله . وأذا تعدى الله لمخلوق بقدرته انزل عليه صفات خارقه تجعله يصدر تصرفات وافعال فوق مقدرة بنى جنسه. و انه يستحيل يتعدى مخلوق من قوته لمخلوق اخر بسبب انه ليس بأمكان المخلوقات ان تمنح جزء من قوتها لبعضها . وعلى سبيل المثل العامل الذى يحمل الحقائب الثقيلة جدا والصعب عليك حملها ونقلها من مكان الى اخر يقال انه بذل مجهود وقع على الحقيبة لتحركها ونقلها فى المكان المراد ولا يقال انه يمنحك من قوته ما يجعل قوتك تتضاعف فتحمل وتنقل انت الحقيبه. اما قدرة الله فهى مدد من الله لا ينقص من قوته سبحانه وتعالى بل يزيد من قوة وامكانيات المخلوق الذى تعدى قوة الله اليه .ومن امثلة ذلك فقد اختص الله المسيح عيسى بنى مريم فتعدى الله بقدرته عليه فأصبح يتصف بصفات ربانية كأن يحى الموتى ويشفى المرضى ويخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتهم كما قال تعالى( أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) كما أن كل متحرك وساكن فى الوجود من مخلوقات الله يتحرك ويسكن وينمو ويؤدى دوره ودورته فى الوجود بما أمده الله من قوة تتناسب ومهمته التى خلق من اجلها . فهى حلقة مغلقة تحركها قدرة الله اذ لا حول ولا قوة إلا بالله . وقدرة الله لا تنحصر فى المقدرة على تسير الله لملكه بل ما يتفضل الله به على خلقه من قدرات مختلفة ومتعددة .وانكار قدرة الله هو الطريق الممهد للهلاك فى الدنيا قبل الأخرة ومن امثلة الناكرين لقدرة الله كان قارون الذى ادعى ان ما لديه من خزائن كنوز واموال هى ناتج علمه فخسف الله به وبداره الأرض وعذاب النار فى انتظاره . وفرعون ناسب الألوهية بما تحتويه من قدرة لنفسه فقال( أنا ربكم الأعلى) وتطاول اكثر على الله كما فى قوله تعالى ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) فأغرقه الله وجنوده وعذاب جنهم مشتاق الى رؤيته. وعلى الجانب الأخر تجد من يعترف بقدرة الله عليه ينال ما تمنى وزيادة فسيدنا أيوب اعترف بقدرة رحمة الله فأزال الله ما به من ضرر وفتح علية من فضله مصداقا لقوله تعالى ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ وسيدنا ذكريا اعترف بمقدرة الله على ايهاب الذرية مهما ضعفت أو انعدام المسببات المؤدية للأنجاب. كما بين النص التالى للقرأن {هُنالكَ دَعا زكريَّا ربَّهُ قال ربِّ هَب لي من لَدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إنَّك سمِيعُ الدُّعَاء(38) فنادتهُ الملائِكَةُ وهو قائمٌ يُصَلِّي في المحرابِ أنَّ الله يُبَشِّرُكَ بيَحيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ من الله وسَيِّداً وحَصُوراً ونَبِيّاً من الصَّالِحينَ(39)} أخى القارئ ان اعترفك بقدرة الله ليس له تأثير ولا اهمية فالله قادر بقتناعك أو عدمه فكن ذليل خاضعا لهذه القوة الجبارة حتى تكون فى حمايتها تمشى على الأرض لا تخشى شيء واثقا بأن كل ما يخيفك أو يرهبك مجرد هباء وأوهام وخرفات بالقياس لقوة ومدد الله
بقلم / يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم اموتنا جميعا واجمعنا بهم فى خير يوم نصير الى ما صاروا اليه