إن أسأتم فلها أو عليها
قال الله عز وجل في سورة الإسراء :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾(الإسراء: 7) ، وقال سبحانه في سورة فصلت :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ، وكان الظاهر يقتضي أن يقال في الآية الأولى :( وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَعَلَيْهَا ) ، بدلاً من ( فَلَهَا ) ، قياسًا على قوله تعالى في الآية الثانية :( وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ) ، فما وجه المخالفة بينهما ؟ وفي الإجابة عن ذلك نقول بعون الله وتعليمه :
أولاً- الآية الأولى من هاتين الآيتين ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ هي خطاب لليهود ، وفيها يقول الله عز وجل لهم : إن أحسنتم بطاعتكم الله كان ثواب طاعتكم لأنفسكم ، وإن أسأتم بمعصيته كان عقاب إساءتكم لأنفسكم ، لا يتعدّى الإحسان والإساءة إلى غيركم . ومناسبة الآية لما قبلها أن الله تعالى أخبر عن اليهود أنهم لما عصوا ، سلَّط الله عليهم أقوامًا قصدوهم بالقتل والنَّهب ، فعند ذلك ظهر أنهم أطاعوا ، فقال تعالى : إن أطاعوا فقد أحسنوا لأنفسهم ، وإن أصرُّوا على المعصية فقد أساءوا لأنفسهم .
وقد تقرَّر في العقول أن الإحسان إلى النفس حَسَنٌ مطلوبٌ ، وأن الإساءة إليها قبيحةٌ . ومن أطاع الله وعمل صالحًا فقد أحسن إلى نفسه ، ومن عصى الله سبحانه فقد أساء إلى نفسه ، وهذا ما أخبرت عنه الآية الثانية ﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ ، حيث نصَّت على أن هذا الحكم هو حكم عام ، لا يقتصر على قوم دون قوم ؛ إذ بيَّن فيه سبحانه سنَّة من سننه التي لا تتخلف ، وهي ( أن الجزاء من جنس العمل ) ، فيجازي كلاً على عمله حسبما تقتضيه الحكمة ، خيرًا على الخير ، وشرًّا على الشرِّ ، ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ .
وقد أرسلت الجمل في هاتين الآيتين إرسال المثل ، وهذا من بلاغة الكلام ، ومثل آية فصلت قوله تعالى في سورة الجاثية ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾(الجاثية: 15) . قال الرازي بعد أن فرغ من الآية السابقة لهذه الآية : « ثم ذكر الحكم العام ، فقال :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ﴾ ، وهو مثل ضربه الله للذين يغفرون ، ﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ مثل ضربه للكفار الذين كانوا يقدمون على إيذاء الرسول والمؤمنين وعلى ما لا يحل ، فبيّن تعالى أن العمل الصالح يعود بالنفع العظيم على فاعله ، والعمل الرديء يعود بالضرر على فاعله ، وأنه تعالى أمر بهذا ، ونهى عن ذلك ، لحظ العبد ، لا لنفع يرجع إليه ، وهذا ترغيب منه في العمل الصالح ، وزجر عن العمل الباطل » .
وقال أهل المعاني في آية الإسراء :« هذه الآية تدل على أن رحمة الله تعالى غالبة على غضبه ؛ بدليل أنه لما حكى عنهم الإحسان أعاده مرتين ، ولما حكى عنهم الإساءة ، اقتصر على ذكرها مرة واحدة . ولولا أن جانب الرحمة غالبٌ ، وإلاَّ لما كان ذلك » . وقال الطبري :« ولم يقل : وإن أسأتم ، أسأتم لها ؛ فكأنه تعالى أظهر إحسانه بأن أعاده مرتين ، وستر عليهم إساءته بأن لم يذكرها إلا مرة واحدة ، وكل ذلك يدل على أن جانب الحسنة راجح على جانب السيئة » .
ثانيًا- واختلف النحويون والمفسرون في ( اللام ) التي في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ على أوجه :
أحدها : أنها بمعنى :( على ) . أي : إن أسأتم ، فعليها ترجع الإساءة ؛ كما قال تعالى في الآية الأخرى :﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ .
الثاني : أنها بمعنى :( إلى ) . أي : إن أسأتم ، فإليها ترجع الإساءة ؛ كقوله تعالى :﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾(الزلزلة: 5) . أي : أوحى إليها .
الثالث : أنها على بابها ، وإنما أتى بها دون ( على ) ، أو ( إلى ) للمقابلة في قوله تعالى :﴿ لأنْفُسكُمْ ﴾ . وهذا الوجه هو الصواب ، وبيانه :
أن قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ جاء- كما قال ابن عاشور- على طريقة التجريد ، بأن جعلت نفس المحسن كذات يحسن لها . فاللام لتعدية فعل ( أَحْسَنْتُمْ ) ، يقال : أحسنت لفلان ، ولا يقال : أحسنت على فلان . وكذلك قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ ؛ فقوله :( فَلَهَا ) متعلق بفعل محذوف بعد فاء الجواب ، تقديره :( أسأتم لها ) ، خلافًا لمن ذهب إلى أنه متعلق بخبر محذوف لمبتدأ محذوف ، دلَّ عليه فعل ( أسأتم ) ؛ لأنه لو كان كذلك ، لوجب أن يقال :( فعَلَيْهَا ) ؛ كما قال تعالى في سورة فصلت وسورة الجاثية :﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ ، وعليه يكون تقدير الكلام في الآيتين هكذا :
( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ أسَأْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ )
( مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَسَاء فَإِسَاءَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) .
قال الكرماني :« جاء ( فَلَهَا ) باللام ازدواجًا . يعني : أنه قابل قوله :( لِأَنْفُسِكُمْ ) بقوله :( فَلَهَا ) » . وقال أبو حيَّان :« أتى بـ( اللام ) في :( فَلِنَفْسِهِ ) ؛ لأن المحاب والحظوظ تستعمل فيها ( على ) الدالة على العلو والقهر ؛ كما تقول : الأمور لزيد متأتية ، وعلى عمرو مستصعبة » . وبذلك اختلف وجها الكلام في الآيتين .
قال ابن عاشور :« ووجه المخالفة بين أسلوب الآيتين : أن ( آية فصلت ) ليس فيها تجريد ؛ إذ التقدير فيها : فعمله لنفسه ، وإساءته عليه . فلما كان المقدر اسمًا ، كان المجرور بعده مستقرًّا غير حرف تعدية ، فجرى على ما يقتضيه الإخبار من كون الشيء المخبَر عنه نافعًا فيخبر عنه بمجرور بـ( اللام ) ، أو ضارًّا فيخبر عنه بمجرور بـ( إلى ) . وأما ( آية الإسراء ) ففعل ( أحسنتم ) ، و( أسأتم ) الواقعان في الجوابين مقتضيان التجريد ، فجاءا على أصل تعديتهما بـ( اللام ) ، لا لقصد نفع ، ولا ضر » .
ومثل آية فصلت والجاثية قوله تعالى :﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾(الأنعام: 104) . أي : من أبصر فالإبصار لنفسه . أي : نفعه وثمرته . ومن عمي فالعمى عليها . أي : فجدوى العمى عائد على نفسه . وعدِّيَ فعل ( الإبصار ) بـ( اللام ) الدالة على الاستحقاق ؛ لأنه كناية عن النفع الذي يستحقه صاحبه ، وعدِّيَ فعل ( العمى ) بـ( على ) الدالة على الاستعلاء ؛ لأنه كناية عن الضرِّ الذي يقع على صاحبه ؛ كما قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾(يونس: 23) ، فعدِّي ( البغي ) فيه بـ( على ) الدالة على الاستعلاء ؛ لأنه كناية عن الضر الذي يقع على صاحبه ؛ ولهذا يكثر القول : هذا الشيء لك ، ويقال في ضدِّه : هذا الشيء عليك ، وفي الحديث :« القرآنُ حجةٌ لك ، أو عليك » . وقال توبة بن الحمير :
وَقَدْ زَعَمَتْ لَيلى بِأنّيَ فَاجِرٌ، ... لنَفسِي تُقَاهَا ، أوْ عَلَيها فُجورُهَا
وذلك أن ( اللام ) تدل على الاستحقاق ، وأن ( على ) تدل على الإلزام والإيجاب .
ثالثًا- ويتحصل مما تقدم :
1- أنه لا يجوز قياس قوله تعالى في الإسراء :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾(الإسراء: 7) على قوله تعالى في فصلت :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ؛ لأن الأول جاء على طريقة التجريد ، وليس كذلك الثاني .
2- أن قوله تعالى في آية الإسراء :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ جاء في مقابلة قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ ؛ ولهذا عدِّيَ كل من فعل الإحسان والإساءة بـ( اللام ) التي تدل على الاستحقاق ، وبذلك تتم المقابلة بين طرفي الآية هكذا :( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ أسَأْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ) .
3- أن ( اللام ) في قوله تعالى :( فَلَهَا ) في آية الإسراء تدل على الاستحقاق ، وتعلقها بفعل محذوف ، تقديره :( إن أسأتم ، أسأتم لها ) . أما ( على ) في قوله تعالى :﴿ فَعَلَيْهَا ﴾ في آية فصلت ، فتدل على الإلزام والإيجاب ، وتعلقها بخبر محذوف لمبتدأ محذوف تقديره :( ومن أساء فإساءته على نفسه ) .
4- أنه يقال : هذا الشيء لك ، ويقال في ضدِّه : هذا الشيء عليك ؛ فـ( اللام ) في الأول للاختصاص ، وتدل على الاستحقاق ، و( على ) في الثاني للاستعلاء ، وتدل على الإلزام والإيجاب . ومثل هذا يقال في : أساء لنفسه ، وأساء عليها .
إذا عرفت هذا فتأمل قول الدكتور الكبير المبدع- كما يصفه مريدوه- وكان قد سئل في لمسات ضبابية السؤال الآتي :
ما دلالة استخدام ( لَهَا ) في قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ ، مع أنه في القرآن يستعمل ( عَلَيْهَا ) :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ؟ فأجاب فضيلته قائلاً :
« هذه ليست في سياق الإثم ، وما يقع عليه هو ؛ وإنما إساءتكم راجعة إلينا . واحد يقول : لقد أسأت لأبيك في هذا ، أنت لم تحسن إليه . لم يقل : أسأت عليه ، ليس المقصود لإثم يقع عليه . يعني : لقد أسأت إلى فلان . يعني : رجعت الإساءة له . تقول : لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى نفسك . تلك في مقام العقوبة والإثم ، وقوع الإثم عليه نأتي بـ( على ) . أما أحيانًا نحن لا نستعمل هذا الشيء دائمًا ، نقول : لقد أسأت إلى نفسك ، لكن هذا ليس في سياق العقوبة ، في سياق الإثم مثل سياق العقوبة :( إِنْ أَحْسَنتُمْ أحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7) الإسراء) . وقال :( فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ (7) الإسراء ) .
نلاحظ آيات أخرى على سبيل المثال :( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت ) معناه : أنه سيوقع عليه عقوبة الإساءة ، لكن ليس بالذُلّ . يعني : رجعت الإساءة عليه وتحمل إثمها ، فربنا يعاقبه عليه ، وليس ظالمًا له :( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) . الإثم عاد عليه ، هذا في مقام حساب . وفي آية أخرى :( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية ) يعني : سيحاسبكم على ما قدمتم من إساءة وإحسان . نحن نستعملها ، فنقول : لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى الآخرين ، لقد أسأت إلى أبيك ، ما كان عليك أن تفعل هذا » .
هذا ما أجاب به فضيلته بنصِّه ، وليته فسر الماء بالماء بعد جهد جهيد ، لكان أفضل من جوابه هذا الذي يعدُّ أحد إبداعاته التي لا حدود لها ، وهو من أثر فتوح العارفين الذي فتحه الله عز وجل عليه ، فإن كنت يا من تقرأ وتسمع عربيًَّا من أهل البصر والبصيرة بلغة القرآن ، فاكظم غيظك ، واستغفر ربك . وأما إن كنت ممن يستحسنون لغة الأعاجم ، ويحسنون التعامل مع الطلاسم والألغاز ، فليتك تفسر لنا هذه الطلاسم ، وتفك لنا عقدها وألغازها . أما أنا فأقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وأسأله سبحانه أن يلهمنا الصبر على البلاء ؛ ولكن هذا لا يثنيني عن القول بكل صراحة : إن كل من يعمل على جمع هذه اللمسات ، ونشرها ، والترويج لها بعد أن تبين له زيفها ، هو آثم عند الله ، وأخصُّ جماعة منهم يعرفون أنفسهم ، وفي مقدمتهم ذلك الشاب مقدم برنامج لمسات بيانية في قناة الشارقة الفضائية ، ومعه كل العاملين في هذه القناة على نشر تلك اللمسات الغبية ، وتصديرها إلى الشباب المسلم في أنحاء العالم الإسلامي . ومن الغريب العجيب أن تسمع أحد هؤلاء يصف أسلوب السامرائي بقوله :( أسلوب شيق ورائع يوضح صور الإعجاز اللغوي والبلاغي في آيات كتاب الله العزيز ) ، وهذا هو أحد هذه الأساليب الشيقة الرائعة ( أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) ؛ فهؤلاء كلهم آثمون ، ويشاركهم في الإثم كل من يرفض نشر هذه المقالات التي تكشف تلك اللمسات الغبية ، وتبين زيفها وفسادها في تفسير كلام الله عز وجل ، وأخص منهم أصحاب المواقع الإسلامية المشهورة التي تعنى بإعجاز القرآن ؛ فمن حق القرآن الكريم عليهم ومن حق الشباب المسلم عليهم أن يعملوا على نشر الحقيقة ، لا أن يعملوا على طمسها وإخفائها ، وبالمقابل تراهم يتسابقون في نشر تلك اللمسات التي تدل على حهل لا حدود له بلغة القرآن الكريم ، والشواهد كثيرة أضعها ناصعة أمام من يحب أن يشتري الهدى بالضلالة ، وأما أولئك الذين يفضلون العمى على الهدى ، فإن الله ( لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ )
قال الله عز وجل في سورة الإسراء :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾(الإسراء: 7) ، وقال سبحانه في سورة فصلت :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ، وكان الظاهر يقتضي أن يقال في الآية الأولى :( وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَعَلَيْهَا ) ، بدلاً من ( فَلَهَا ) ، قياسًا على قوله تعالى في الآية الثانية :( وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ) ، فما وجه المخالفة بينهما ؟ وفي الإجابة عن ذلك نقول بعون الله وتعليمه :
أولاً- الآية الأولى من هاتين الآيتين ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ هي خطاب لليهود ، وفيها يقول الله عز وجل لهم : إن أحسنتم بطاعتكم الله كان ثواب طاعتكم لأنفسكم ، وإن أسأتم بمعصيته كان عقاب إساءتكم لأنفسكم ، لا يتعدّى الإحسان والإساءة إلى غيركم . ومناسبة الآية لما قبلها أن الله تعالى أخبر عن اليهود أنهم لما عصوا ، سلَّط الله عليهم أقوامًا قصدوهم بالقتل والنَّهب ، فعند ذلك ظهر أنهم أطاعوا ، فقال تعالى : إن أطاعوا فقد أحسنوا لأنفسهم ، وإن أصرُّوا على المعصية فقد أساءوا لأنفسهم .
وقد تقرَّر في العقول أن الإحسان إلى النفس حَسَنٌ مطلوبٌ ، وأن الإساءة إليها قبيحةٌ . ومن أطاع الله وعمل صالحًا فقد أحسن إلى نفسه ، ومن عصى الله سبحانه فقد أساء إلى نفسه ، وهذا ما أخبرت عنه الآية الثانية ﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ ، حيث نصَّت على أن هذا الحكم هو حكم عام ، لا يقتصر على قوم دون قوم ؛ إذ بيَّن فيه سبحانه سنَّة من سننه التي لا تتخلف ، وهي ( أن الجزاء من جنس العمل ) ، فيجازي كلاً على عمله حسبما تقتضيه الحكمة ، خيرًا على الخير ، وشرًّا على الشرِّ ، ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ .
وقد أرسلت الجمل في هاتين الآيتين إرسال المثل ، وهذا من بلاغة الكلام ، ومثل آية فصلت قوله تعالى في سورة الجاثية ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾(الجاثية: 15) . قال الرازي بعد أن فرغ من الآية السابقة لهذه الآية : « ثم ذكر الحكم العام ، فقال :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ﴾ ، وهو مثل ضربه الله للذين يغفرون ، ﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ مثل ضربه للكفار الذين كانوا يقدمون على إيذاء الرسول والمؤمنين وعلى ما لا يحل ، فبيّن تعالى أن العمل الصالح يعود بالنفع العظيم على فاعله ، والعمل الرديء يعود بالضرر على فاعله ، وأنه تعالى أمر بهذا ، ونهى عن ذلك ، لحظ العبد ، لا لنفع يرجع إليه ، وهذا ترغيب منه في العمل الصالح ، وزجر عن العمل الباطل » .
وقال أهل المعاني في آية الإسراء :« هذه الآية تدل على أن رحمة الله تعالى غالبة على غضبه ؛ بدليل أنه لما حكى عنهم الإحسان أعاده مرتين ، ولما حكى عنهم الإساءة ، اقتصر على ذكرها مرة واحدة . ولولا أن جانب الرحمة غالبٌ ، وإلاَّ لما كان ذلك » . وقال الطبري :« ولم يقل : وإن أسأتم ، أسأتم لها ؛ فكأنه تعالى أظهر إحسانه بأن أعاده مرتين ، وستر عليهم إساءته بأن لم يذكرها إلا مرة واحدة ، وكل ذلك يدل على أن جانب الحسنة راجح على جانب السيئة » .
ثانيًا- واختلف النحويون والمفسرون في ( اللام ) التي في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ على أوجه :
أحدها : أنها بمعنى :( على ) . أي : إن أسأتم ، فعليها ترجع الإساءة ؛ كما قال تعالى في الآية الأخرى :﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ .
الثاني : أنها بمعنى :( إلى ) . أي : إن أسأتم ، فإليها ترجع الإساءة ؛ كقوله تعالى :﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾(الزلزلة: 5) . أي : أوحى إليها .
الثالث : أنها على بابها ، وإنما أتى بها دون ( على ) ، أو ( إلى ) للمقابلة في قوله تعالى :﴿ لأنْفُسكُمْ ﴾ . وهذا الوجه هو الصواب ، وبيانه :
أن قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ جاء- كما قال ابن عاشور- على طريقة التجريد ، بأن جعلت نفس المحسن كذات يحسن لها . فاللام لتعدية فعل ( أَحْسَنْتُمْ ) ، يقال : أحسنت لفلان ، ولا يقال : أحسنت على فلان . وكذلك قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ ؛ فقوله :( فَلَهَا ) متعلق بفعل محذوف بعد فاء الجواب ، تقديره :( أسأتم لها ) ، خلافًا لمن ذهب إلى أنه متعلق بخبر محذوف لمبتدأ محذوف ، دلَّ عليه فعل ( أسأتم ) ؛ لأنه لو كان كذلك ، لوجب أن يقال :( فعَلَيْهَا ) ؛ كما قال تعالى في سورة فصلت وسورة الجاثية :﴿ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ ، وعليه يكون تقدير الكلام في الآيتين هكذا :
( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ أسَأْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ )
( مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَسَاء فَإِسَاءَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) .
قال الكرماني :« جاء ( فَلَهَا ) باللام ازدواجًا . يعني : أنه قابل قوله :( لِأَنْفُسِكُمْ ) بقوله :( فَلَهَا ) » . وقال أبو حيَّان :« أتى بـ( اللام ) في :( فَلِنَفْسِهِ ) ؛ لأن المحاب والحظوظ تستعمل فيها ( على ) الدالة على العلو والقهر ؛ كما تقول : الأمور لزيد متأتية ، وعلى عمرو مستصعبة » . وبذلك اختلف وجها الكلام في الآيتين .
قال ابن عاشور :« ووجه المخالفة بين أسلوب الآيتين : أن ( آية فصلت ) ليس فيها تجريد ؛ إذ التقدير فيها : فعمله لنفسه ، وإساءته عليه . فلما كان المقدر اسمًا ، كان المجرور بعده مستقرًّا غير حرف تعدية ، فجرى على ما يقتضيه الإخبار من كون الشيء المخبَر عنه نافعًا فيخبر عنه بمجرور بـ( اللام ) ، أو ضارًّا فيخبر عنه بمجرور بـ( إلى ) . وأما ( آية الإسراء ) ففعل ( أحسنتم ) ، و( أسأتم ) الواقعان في الجوابين مقتضيان التجريد ، فجاءا على أصل تعديتهما بـ( اللام ) ، لا لقصد نفع ، ولا ضر » .
ومثل آية فصلت والجاثية قوله تعالى :﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾(الأنعام: 104) . أي : من أبصر فالإبصار لنفسه . أي : نفعه وثمرته . ومن عمي فالعمى عليها . أي : فجدوى العمى عائد على نفسه . وعدِّيَ فعل ( الإبصار ) بـ( اللام ) الدالة على الاستحقاق ؛ لأنه كناية عن النفع الذي يستحقه صاحبه ، وعدِّيَ فعل ( العمى ) بـ( على ) الدالة على الاستعلاء ؛ لأنه كناية عن الضرِّ الذي يقع على صاحبه ؛ كما قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾(يونس: 23) ، فعدِّي ( البغي ) فيه بـ( على ) الدالة على الاستعلاء ؛ لأنه كناية عن الضر الذي يقع على صاحبه ؛ ولهذا يكثر القول : هذا الشيء لك ، ويقال في ضدِّه : هذا الشيء عليك ، وفي الحديث :« القرآنُ حجةٌ لك ، أو عليك » . وقال توبة بن الحمير :
وَقَدْ زَعَمَتْ لَيلى بِأنّيَ فَاجِرٌ، ... لنَفسِي تُقَاهَا ، أوْ عَلَيها فُجورُهَا
وذلك أن ( اللام ) تدل على الاستحقاق ، وأن ( على ) تدل على الإلزام والإيجاب .
ثالثًا- ويتحصل مما تقدم :
1- أنه لا يجوز قياس قوله تعالى في الإسراء :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾(الإسراء: 7) على قوله تعالى في فصلت :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ؛ لأن الأول جاء على طريقة التجريد ، وليس كذلك الثاني .
2- أن قوله تعالى في آية الإسراء :﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ جاء في مقابلة قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ ؛ ولهذا عدِّيَ كل من فعل الإحسان والإساءة بـ( اللام ) التي تدل على الاستحقاق ، وبذلك تتم المقابلة بين طرفي الآية هكذا :( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ أسَأْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ) .
3- أن ( اللام ) في قوله تعالى :( فَلَهَا ) في آية الإسراء تدل على الاستحقاق ، وتعلقها بفعل محذوف ، تقديره :( إن أسأتم ، أسأتم لها ) . أما ( على ) في قوله تعالى :﴿ فَعَلَيْهَا ﴾ في آية فصلت ، فتدل على الإلزام والإيجاب ، وتعلقها بخبر محذوف لمبتدأ محذوف تقديره :( ومن أساء فإساءته على نفسه ) .
4- أنه يقال : هذا الشيء لك ، ويقال في ضدِّه : هذا الشيء عليك ؛ فـ( اللام ) في الأول للاختصاص ، وتدل على الاستحقاق ، و( على ) في الثاني للاستعلاء ، وتدل على الإلزام والإيجاب . ومثل هذا يقال في : أساء لنفسه ، وأساء عليها .
إذا عرفت هذا فتأمل قول الدكتور الكبير المبدع- كما يصفه مريدوه- وكان قد سئل في لمسات ضبابية السؤال الآتي :
ما دلالة استخدام ( لَهَا ) في قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ ، مع أنه في القرآن يستعمل ( عَلَيْهَا ) :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾(فصلت: 46) ؟ فأجاب فضيلته قائلاً :
« هذه ليست في سياق الإثم ، وما يقع عليه هو ؛ وإنما إساءتكم راجعة إلينا . واحد يقول : لقد أسأت لأبيك في هذا ، أنت لم تحسن إليه . لم يقل : أسأت عليه ، ليس المقصود لإثم يقع عليه . يعني : لقد أسأت إلى فلان . يعني : رجعت الإساءة له . تقول : لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى نفسك . تلك في مقام العقوبة والإثم ، وقوع الإثم عليه نأتي بـ( على ) . أما أحيانًا نحن لا نستعمل هذا الشيء دائمًا ، نقول : لقد أسأت إلى نفسك ، لكن هذا ليس في سياق العقوبة ، في سياق الإثم مثل سياق العقوبة :( إِنْ أَحْسَنتُمْ أحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7) الإسراء) . وقال :( فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ (7) الإسراء ) .
نلاحظ آيات أخرى على سبيل المثال :( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت ) معناه : أنه سيوقع عليه عقوبة الإساءة ، لكن ليس بالذُلّ . يعني : رجعت الإساءة عليه وتحمل إثمها ، فربنا يعاقبه عليه ، وليس ظالمًا له :( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) . الإثم عاد عليه ، هذا في مقام حساب . وفي آية أخرى :( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية ) يعني : سيحاسبكم على ما قدمتم من إساءة وإحسان . نحن نستعملها ، فنقول : لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى الآخرين ، لقد أسأت إلى أبيك ، ما كان عليك أن تفعل هذا » .
هذا ما أجاب به فضيلته بنصِّه ، وليته فسر الماء بالماء بعد جهد جهيد ، لكان أفضل من جوابه هذا الذي يعدُّ أحد إبداعاته التي لا حدود لها ، وهو من أثر فتوح العارفين الذي فتحه الله عز وجل عليه ، فإن كنت يا من تقرأ وتسمع عربيًَّا من أهل البصر والبصيرة بلغة القرآن ، فاكظم غيظك ، واستغفر ربك . وأما إن كنت ممن يستحسنون لغة الأعاجم ، ويحسنون التعامل مع الطلاسم والألغاز ، فليتك تفسر لنا هذه الطلاسم ، وتفك لنا عقدها وألغازها . أما أنا فأقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وأسأله سبحانه أن يلهمنا الصبر على البلاء ؛ ولكن هذا لا يثنيني عن القول بكل صراحة : إن كل من يعمل على جمع هذه اللمسات ، ونشرها ، والترويج لها بعد أن تبين له زيفها ، هو آثم عند الله ، وأخصُّ جماعة منهم يعرفون أنفسهم ، وفي مقدمتهم ذلك الشاب مقدم برنامج لمسات بيانية في قناة الشارقة الفضائية ، ومعه كل العاملين في هذه القناة على نشر تلك اللمسات الغبية ، وتصديرها إلى الشباب المسلم في أنحاء العالم الإسلامي . ومن الغريب العجيب أن تسمع أحد هؤلاء يصف أسلوب السامرائي بقوله :( أسلوب شيق ورائع يوضح صور الإعجاز اللغوي والبلاغي في آيات كتاب الله العزيز ) ، وهذا هو أحد هذه الأساليب الشيقة الرائعة ( أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) ؛ فهؤلاء كلهم آثمون ، ويشاركهم في الإثم كل من يرفض نشر هذه المقالات التي تكشف تلك اللمسات الغبية ، وتبين زيفها وفسادها في تفسير كلام الله عز وجل ، وأخص منهم أصحاب المواقع الإسلامية المشهورة التي تعنى بإعجاز القرآن ؛ فمن حق القرآن الكريم عليهم ومن حق الشباب المسلم عليهم أن يعملوا على نشر الحقيقة ، لا أن يعملوا على طمسها وإخفائها ، وبالمقابل تراهم يتسابقون في نشر تلك اللمسات التي تدل على حهل لا حدود له بلغة القرآن الكريم ، والشواهد كثيرة أضعها ناصعة أمام من يحب أن يشتري الهدى بالضلالة ، وأما أولئك الذين يفضلون العمى على الهدى ، فإن الله ( لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ )