آداب المجالس
جلس النبي صلى الله عليه وسلم في
المسجد هو وأصحابه، فأقبل ثلاثة رجال فدخل اثنان، وانصرف الثالث، واقترب
الرجلان من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أحدهما فرجة (مكانًا
خاليًا) في الحلقة، فجلس فيها، وجلس الآخر خلف الحلقة.
فلما انتهى
الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه، أخبر الصحابة عن حال هؤلاء الثلاثة،
فقال: (أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه (لجأ وجلس ليستمع إلى كلام الله
فأنزل الله عليه رحمته) وأما الآخر فاستحيا (لم يزاحم) فاستحيا الله منه
وأما الثالث فأعرض (عن مجلس الذكر) فأعرض الله عنه) [البخاري].
***
ومن الآداب التي يجب على المسلم أن يراعيها في جلوسه، ما يلي:
مجالسة
الصالحين: المسلم يحسن اختيار من يجلس إليهم ويصاحبهم؛ فيختارهم من أهل
الصلاح والتقوى، وممن يُعْرَفون بطاعة الله وعبادته، والمسلم لا يتخذ
جلساءه ممن لا دين لهم ولا أدبًا؛ لأن الجليس والرفيق له تأثير كبير في نفس
من يجالسه.
والمسلم يحرص على عدم مجالسة العاطلين والمدمنين والمنحرفين
أخلاقيَّا حتى لا يؤثروا عليه، ويجتذبوه إلى طريقهم، وهو يسمع كل يوم أو
يقرأ حادثة جديدة يكون سبب الانحراف فيها هو مجالسة شاب مدمن، أو عاطل أو
شاذِّ أو منحرف؛ لذا فهو يختار أصدقاءه من أصحاب الأخلاق الحسنة، ومن
الناجحين في دراستهم وأعمالهم. يقول صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين
خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل) [أبوداود والترمذي].
وشبه الرسول صلى
الله عليه وسلم الجليس الصالح والصديق الحسن بحامل المسك، أما الجليس السوء
فهو كالذي ينفخ في النار، فقال صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح
والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير . فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك
من المسك) وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً . ونافخ الكِير
إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)
[متفق عليه].
وحث
النبي صلى الله عليه وسلم على مجالسة الصالحين الأتقياء، فقال صلى الله
عليه وسلم: (لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامك إلا تقي)
[أبو داود والترمذي].
وقد
أمرنا الله ألا نجالس الذين يحرِّفون آيات الله ويضعونها في غير موضعها،
فقال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في
حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}
[الأنعام: 68]. فالمسلم يحضر دائمًا مجالس الخير، ويحرص على الاستفادة منها.
إلقاء
السلام والجلوس حيث انتهى المجلس: المسلم يلقي السلام إذا دخل على قوم
وأراد أن يجلس معهم، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: (إذا
انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلِّم) [الترمذي].
كذلك يجلس المسلم حيث ينتهي
جلوس الناس، ولا يجوز له أن يقيم أحدًا من مكانه؛ ليجلس فيه مهما كانت
مكانته؛ فالناس لآدم، وآدم من تراب، كلهم سواسية لا فرق بينهم إلا بالتقوى
والعمل الصالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقيم الرجلُ الرجلَ من
مجلسه ثم يجلس فيه) [متفق عليه].
ولا يجلس المسلم وسط المجلس، فقد روي
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لُعِنَ من جلس وسط الحلقة) [أبو داود
والترمذي] ولا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما، قال صلى الله عليه وسلم: (لا
يُجْلَسْ بين رجلين إلا بإذنهما) [أبوداود].
الجلوس في اعتدال: المسلم
يجلس معتدلا متأدبًا، لا يحدق النظر في الجالسين حوله، ولا يكثر من التنقل
في المجلس، ولا يفعل ما ينافي الذوق السليم والطبع الحميد، ولا يقف والقوم
جالسون، ولا يجلس والناس واقفون، كما أن المسلم يلتزم في مجلسه بالوقار
والسكينة وحسن المظهر.
الابتعاد عن الجلوس في الطرقات والأسواق: على
المسلم أن يتجنب الجلوس في الطرقات والأسواق حتى لا يؤذي المسلمين، قال صلى
الله عليه وسلم: (إياكم والجلوسَ على الطرقات).
فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها.
فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها). قالوا: وما حق الطريق؟
قال صلى الله عليه وسلم: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر) [البخاري].
الابتعاد عن أماكن الشبهات: فالمسلم لا يجلس على المقاهي
إلا لضرورة، كذلك يبتعد كل البعد عن الملاهي والخمارات، ويعلم أن هذه من طرق الشيطان.
التأدب
في المحاورة: المسلم يجلس جلسة المتأدب الوقور، ينصت إلى كلام المتحدثين،
ما لم يتحدثوا بإثم أو معصية، ولا يقاطع أحدًا أثناء حديثه، وإذا تحدث كان
كلامه لطيفًا، فيُسمع مَنْ حوله من غير رفع للصوت، قال تعالى: {واغضض من
صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [لقمان: 19].
وإذا عرض المسلم رأيه
عرضه بهدوء ووضوح، حتى يفهمه الناس؛ فإذا رأى أن يعيد كلامه ليفهم من لم
يفهم أعاد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها
ثلاثًا حتى يفهمها المستمع، وقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها: كان كلامه فصلا يفهمه كل من سمعه.
والمسلم
في حواره يحرص على عدم الحديث بما لا يعلمه، قال تعالى: {ولا تقف ما ليس
لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}
[الإسراء:
36]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل
ما سمع) [مسلم]. كما أنه يحرص على الاستماع إلى الآخرين واحترام رأي
جلسائه، ولا يُطيل الكلام حتى لا يملَّ الناس حديثه ومجلسه.
عدم تناجي
اثنين دون الثالث: إذا كان المجلس من ثلاثة أفراد، فلا يتحدث اثنان منهم في
حديث منفرد؛ لأن هذه المناجاة تُحزن الجليس الثالث، وتجعله يشعر بالضيق،
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى
تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه) [البخاري].
الإفساح للقادم: فإذا
كانت هناك جماعة تجلس في مجلس، وقدم عليهم آخرون وكان المكان ضَيِّقًا،
فيجب على الجالسين أن يفسحوا ويوسعوا للقادمين ما أمكنهم ذلك، قال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله
لكم} [المجادلة: 11] وقال صلى الله عليه وسلم: (خير المجالس أوسعها) [أبو
داود وأحمد].
عدم القيام للقادمين بقصد تعظيمهم: فإن ذلك مُحَرَّم
شرعًا، ويتأكد هذا التحريم إذا كان من يقوم له الناس يحب ذلك منهم، قال صلى
الله عليه وسلم: (لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظِّم بعضهم بعضًا) [أبو
داود وأحمد]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من سَرَّه أن يمْثُلَ له عباد الله
قيامًا، فليتبوأْ بيتًا من النار) [البخاري في الأدب المفرد].
ولا مانع
من القيام للوالدين، أو لرجل كبير، أو عالم جليل، أو لولي أمر، أو أستاذ
له الفضل، أو القيام بقصد المصافحة أو المعانقة أو التهنئة؛ فإن كل هذا من
الأدب الإسلامي، فقد حثنا ديننا الإسلامي على احترام الناس وإنزالهم
منازلهم وإكرام كريمهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار أن
يقوموا لسيدهم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فقال: (قوموا لسيدكم) [البخاري].
مراعاة
الأدب إذا عطس المسلم أو سعل أو بصق: على المسلم أن يتجنب إيذاء الحاضرين،
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه (فمه)
وخفض -أو غض- بها صوته [أبو داود والترمذي].
وإذا عطس المسلم قال: (الحمد لله)؛ فيقول له الجالسون: (يرحمكم الله) ويرد عليهم قائلا: (يهديكم الله ويصلح بالكم).
إلقاء
السلام عند الانصراف: المسلم إذا أراد أن ينصرف استأذن من الجالسين معه،
وألقى عليهم السلام، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس
فليسلِّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلِّم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة)
[أبوداود والترمذي].
دعاء كفَّارة المجالس: المسلم يذكر ربه في مجلسه
دائمًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يقومون من مجلس لا
يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جِيفة حمار، وكان لهم حسرة) [أبوداود].
ولْيلتزم
المسلم في نهاية مجلسه بدعاء كفارة المجلس، كما أرشدنا إلى ذلك النبي صلى
الله عليه وسلم، فقال: (كفَّارة المجالس أن يقول العبد: سبحانك اللهم
وبحمدك . أشهد أن لا إله إلا أنت . أستغفرك وأتوب إليك) [أحمد].
أمانة
المجالس: المسلم يحفظ سر المجلس إذا تركه، ولا يتحدث بما دار فيه؛ لأن
الحديث أمانة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حدَّث الرجل بحديثٍ، ثم
التفت، فهي أمانة) [أبو داود والترمذي وأحمد].
عدم السمر بعد العشاء:
المسلم لا يجلس في مجالس بعد العشاء إذا كانت لا تفيده أو تفيد غيره، ولا
يكتسب منها سوى السمر والسهر، والأَوْلى أن ينام المسلم مبكِّرًا حتى
يستيقظ مبكِّرًا، ويؤدي صلاة الفجر، ويبدأ أعماله في الصباح في وقت البكور
الذي جعله الله -عز وجل- وقتًا طيبًا مباركًا، فقد كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ينهى عن النوم قبل العشاء، والحديث بعدها. [أبوداود].
جلس النبي صلى الله عليه وسلم في
المسجد هو وأصحابه، فأقبل ثلاثة رجال فدخل اثنان، وانصرف الثالث، واقترب
الرجلان من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أحدهما فرجة (مكانًا
خاليًا) في الحلقة، فجلس فيها، وجلس الآخر خلف الحلقة.
فلما انتهى
الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه، أخبر الصحابة عن حال هؤلاء الثلاثة،
فقال: (أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه (لجأ وجلس ليستمع إلى كلام الله
فأنزل الله عليه رحمته) وأما الآخر فاستحيا (لم يزاحم) فاستحيا الله منه
وأما الثالث فأعرض (عن مجلس الذكر) فأعرض الله عنه) [البخاري].
***
ومن الآداب التي يجب على المسلم أن يراعيها في جلوسه، ما يلي:
مجالسة
الصالحين: المسلم يحسن اختيار من يجلس إليهم ويصاحبهم؛ فيختارهم من أهل
الصلاح والتقوى، وممن يُعْرَفون بطاعة الله وعبادته، والمسلم لا يتخذ
جلساءه ممن لا دين لهم ولا أدبًا؛ لأن الجليس والرفيق له تأثير كبير في نفس
من يجالسه.
والمسلم يحرص على عدم مجالسة العاطلين والمدمنين والمنحرفين
أخلاقيَّا حتى لا يؤثروا عليه، ويجتذبوه إلى طريقهم، وهو يسمع كل يوم أو
يقرأ حادثة جديدة يكون سبب الانحراف فيها هو مجالسة شاب مدمن، أو عاطل أو
شاذِّ أو منحرف؛ لذا فهو يختار أصدقاءه من أصحاب الأخلاق الحسنة، ومن
الناجحين في دراستهم وأعمالهم. يقول صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين
خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل) [أبوداود والترمذي].
وشبه الرسول صلى
الله عليه وسلم الجليس الصالح والصديق الحسن بحامل المسك، أما الجليس السوء
فهو كالذي ينفخ في النار، فقال صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح
والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير . فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك
من المسك) وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً . ونافخ الكِير
إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)
[متفق عليه].
وحث
النبي صلى الله عليه وسلم على مجالسة الصالحين الأتقياء، فقال صلى الله
عليه وسلم: (لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامك إلا تقي)
[أبو داود والترمذي].
وقد
أمرنا الله ألا نجالس الذين يحرِّفون آيات الله ويضعونها في غير موضعها،
فقال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في
حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}
[الأنعام: 68]. فالمسلم يحضر دائمًا مجالس الخير، ويحرص على الاستفادة منها.
إلقاء
السلام والجلوس حيث انتهى المجلس: المسلم يلقي السلام إذا دخل على قوم
وأراد أن يجلس معهم، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: (إذا
انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلِّم) [الترمذي].
كذلك يجلس المسلم حيث ينتهي
جلوس الناس، ولا يجوز له أن يقيم أحدًا من مكانه؛ ليجلس فيه مهما كانت
مكانته؛ فالناس لآدم، وآدم من تراب، كلهم سواسية لا فرق بينهم إلا بالتقوى
والعمل الصالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقيم الرجلُ الرجلَ من
مجلسه ثم يجلس فيه) [متفق عليه].
ولا يجلس المسلم وسط المجلس، فقد روي
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لُعِنَ من جلس وسط الحلقة) [أبو داود
والترمذي] ولا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما، قال صلى الله عليه وسلم: (لا
يُجْلَسْ بين رجلين إلا بإذنهما) [أبوداود].
الجلوس في اعتدال: المسلم
يجلس معتدلا متأدبًا، لا يحدق النظر في الجالسين حوله، ولا يكثر من التنقل
في المجلس، ولا يفعل ما ينافي الذوق السليم والطبع الحميد، ولا يقف والقوم
جالسون، ولا يجلس والناس واقفون، كما أن المسلم يلتزم في مجلسه بالوقار
والسكينة وحسن المظهر.
الابتعاد عن الجلوس في الطرقات والأسواق: على
المسلم أن يتجنب الجلوس في الطرقات والأسواق حتى لا يؤذي المسلمين، قال صلى
الله عليه وسلم: (إياكم والجلوسَ على الطرقات).
فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها.
فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها). قالوا: وما حق الطريق؟
قال صلى الله عليه وسلم: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر) [البخاري].
الابتعاد عن أماكن الشبهات: فالمسلم لا يجلس على المقاهي
إلا لضرورة، كذلك يبتعد كل البعد عن الملاهي والخمارات، ويعلم أن هذه من طرق الشيطان.
التأدب
في المحاورة: المسلم يجلس جلسة المتأدب الوقور، ينصت إلى كلام المتحدثين،
ما لم يتحدثوا بإثم أو معصية، ولا يقاطع أحدًا أثناء حديثه، وإذا تحدث كان
كلامه لطيفًا، فيُسمع مَنْ حوله من غير رفع للصوت، قال تعالى: {واغضض من
صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [لقمان: 19].
وإذا عرض المسلم رأيه
عرضه بهدوء ووضوح، حتى يفهمه الناس؛ فإذا رأى أن يعيد كلامه ليفهم من لم
يفهم أعاد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها
ثلاثًا حتى يفهمها المستمع، وقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها: كان كلامه فصلا يفهمه كل من سمعه.
والمسلم
في حواره يحرص على عدم الحديث بما لا يعلمه، قال تعالى: {ولا تقف ما ليس
لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}
[الإسراء:
36]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل
ما سمع) [مسلم]. كما أنه يحرص على الاستماع إلى الآخرين واحترام رأي
جلسائه، ولا يُطيل الكلام حتى لا يملَّ الناس حديثه ومجلسه.
عدم تناجي
اثنين دون الثالث: إذا كان المجلس من ثلاثة أفراد، فلا يتحدث اثنان منهم في
حديث منفرد؛ لأن هذه المناجاة تُحزن الجليس الثالث، وتجعله يشعر بالضيق،
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى
تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه) [البخاري].
الإفساح للقادم: فإذا
كانت هناك جماعة تجلس في مجلس، وقدم عليهم آخرون وكان المكان ضَيِّقًا،
فيجب على الجالسين أن يفسحوا ويوسعوا للقادمين ما أمكنهم ذلك، قال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله
لكم} [المجادلة: 11] وقال صلى الله عليه وسلم: (خير المجالس أوسعها) [أبو
داود وأحمد].
عدم القيام للقادمين بقصد تعظيمهم: فإن ذلك مُحَرَّم
شرعًا، ويتأكد هذا التحريم إذا كان من يقوم له الناس يحب ذلك منهم، قال صلى
الله عليه وسلم: (لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظِّم بعضهم بعضًا) [أبو
داود وأحمد]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من سَرَّه أن يمْثُلَ له عباد الله
قيامًا، فليتبوأْ بيتًا من النار) [البخاري في الأدب المفرد].
ولا مانع
من القيام للوالدين، أو لرجل كبير، أو عالم جليل، أو لولي أمر، أو أستاذ
له الفضل، أو القيام بقصد المصافحة أو المعانقة أو التهنئة؛ فإن كل هذا من
الأدب الإسلامي، فقد حثنا ديننا الإسلامي على احترام الناس وإنزالهم
منازلهم وإكرام كريمهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار أن
يقوموا لسيدهم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فقال: (قوموا لسيدكم) [البخاري].
مراعاة
الأدب إذا عطس المسلم أو سعل أو بصق: على المسلم أن يتجنب إيذاء الحاضرين،
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه (فمه)
وخفض -أو غض- بها صوته [أبو داود والترمذي].
وإذا عطس المسلم قال: (الحمد لله)؛ فيقول له الجالسون: (يرحمكم الله) ويرد عليهم قائلا: (يهديكم الله ويصلح بالكم).
إلقاء
السلام عند الانصراف: المسلم إذا أراد أن ينصرف استأذن من الجالسين معه،
وألقى عليهم السلام، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس
فليسلِّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلِّم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة)
[أبوداود والترمذي].
دعاء كفَّارة المجالس: المسلم يذكر ربه في مجلسه
دائمًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يقومون من مجلس لا
يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جِيفة حمار، وكان لهم حسرة) [أبوداود].
ولْيلتزم
المسلم في نهاية مجلسه بدعاء كفارة المجلس، كما أرشدنا إلى ذلك النبي صلى
الله عليه وسلم، فقال: (كفَّارة المجالس أن يقول العبد: سبحانك اللهم
وبحمدك . أشهد أن لا إله إلا أنت . أستغفرك وأتوب إليك) [أحمد].
أمانة
المجالس: المسلم يحفظ سر المجلس إذا تركه، ولا يتحدث بما دار فيه؛ لأن
الحديث أمانة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حدَّث الرجل بحديثٍ، ثم
التفت، فهي أمانة) [أبو داود والترمذي وأحمد].
عدم السمر بعد العشاء:
المسلم لا يجلس في مجالس بعد العشاء إذا كانت لا تفيده أو تفيد غيره، ولا
يكتسب منها سوى السمر والسهر، والأَوْلى أن ينام المسلم مبكِّرًا حتى
يستيقظ مبكِّرًا، ويؤدي صلاة الفجر، ويبدأ أعماله في الصباح في وقت البكور
الذي جعله الله -عز وجل- وقتًا طيبًا مباركًا، فقد كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ينهى عن النوم قبل العشاء، والحديث بعدها. [أبوداود].