الجويني
بين أحضان والدين حريصين على تنشئة أبنائهما تنشئة إسلامية صحيحة، ولد
عبد
الملك بن عبد الله بن يوسف سنة 419هـ في جوين (وهي مدينة بين بسطام
ونيسابور) ببلاد فارس، فوالده (عبد الله الجويني) كان يعقد في (نيسابور)
ببلاد فارس المجالس للمناظرة والفتوى، وتعليم الخاصة والعامة، وكان يحب
العلم حبًّا شديدًا حتى إنه كان يدعو ويقول: (اللهم لا تعقنا عن العلم
بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع) وكان زاهدًا عابدًا يحرص حرصًا شديدًا على ألا
يقع في الشبهات، حتى إنه كان يحتاط في أداء الزكاة فيؤديها في السنة
مرتين، خوفًا من النسيان وزيادة في القربى.
ولازم الطفل الصغير (عبد
الملك) والده الفقيه المحدث المتكلم، فتعلم الفقه واللغة العربية على يديه،
كما تعلم من والده الالتزام بأخلاق الإسلام كالأمانة والصدق وحب الخير؛
فقد كان والده خير قدوة له، وتفوق الجويني على زملائه ممن كانوا يتعلمون
على يد أبيه، ولم يقتصر إمام الحرمين على قراءة العلوم الإسلامية
وحدها، بل إنه أخذ يطالع في كل العلوم، يصل ليله بنهاره قراءة واطلاعًا.
وقبل أن يبلغ (عبد الملك) سن العشرين أصبح أحد الأئمة الكبار، وما إن توفي
والده،
حتى قعد مكانه للتدريس، إلا أنه استمر في تحصيل العلم، فكان يذهب إلى (أبي
القاسم الإسفراييني) وهو من العلماء الكبار يتعلم منه الفقه والأصول،
ويذهب في الوقت نفسه إلى مجالس (عبد الله محمد بن علي النيسابوري الخبازي)
ليتلقى عنه علوم القرآن.
وظل طوال الفترة التي أقامها بنيسابور يدرس
علوم الدين، وكان بارعًا في مناظرة الخصوم، يحاورهم في ذكاء شديد، ولا يبغي
من وراء ذلك إلا إظهار الحق، إلا أن أعداءه أخذوا يكيدون له، فترك
(نيسابور) إلى بغداد واشتهر هناك، ووفد إليه الناس من كل مكان للتعلم على
يديه، لكنه لم يقم بها طويلاً، وإنما توجه إلى مكة، وظل بها أربع سنوات
تفرغ فيها للعلم والعبادة ينشر العلم، ويلقي الدروس، ويجمع طرق المذهب
الشافعي، وكانت هذه الفترة سببًا في تسميته بإمام الحرمين تكريمًا له
واعتزازًا بمجهوده وقدره.
وكان يقضي نهاره في تعليم الناس، وهدايتهم إلى
طريق الحق والنور، ويقضي ليله بجوار الكعبة الشريفة في عبادة الله، وبعد
أن قضى أربع سنوات في مكة رجع إمام الحرمين إلى (نيسابور) وقام بالتدريس
بالمدرسة النظامية، التي بناها له الوزير
(نظام الملك) ليتولى الجويني
التدريس بها لما علمه عنه من رسوخ في العلم ونبوغ لم يتوافر لغيره، وظل بها
نحو ثلاثين سنة، وجاء إليه الكثيرون من شتى البلاد يطلبون العلم على يديه،
ومن أشهر تلاميذه: أبو حامد الغزالي، والكيا الهراسي، وعبد الغافر بن
إسماعيل الفارسي.
وقد ترك (الجويني) مؤلفات عديدة من أهمها: كتاب (نهاية
المطلب في دراية المذهب) وهو كتاب كبير في الفقه الشافعي و(البرهان في
أصول الفقه) و(الإرشاد في أصول الدين) و(الرسالة النظامية) ومن كتبه أيضًا:
(غياث الأمم في التياث الظلم) في الفقه السياسي الإسلامي و(الورقات) في
أصول الفقه وأدلته.. وغيرها من
الكتب المهمة، وقد مرض إمام الحرمين في أيامه الأخيرة، وتوفي وله من
العمر 59 سنة، وكان ذلك سنة 478هـ.
بين أحضان والدين حريصين على تنشئة أبنائهما تنشئة إسلامية صحيحة، ولد
عبد
الملك بن عبد الله بن يوسف سنة 419هـ في جوين (وهي مدينة بين بسطام
ونيسابور) ببلاد فارس، فوالده (عبد الله الجويني) كان يعقد في (نيسابور)
ببلاد فارس المجالس للمناظرة والفتوى، وتعليم الخاصة والعامة، وكان يحب
العلم حبًّا شديدًا حتى إنه كان يدعو ويقول: (اللهم لا تعقنا عن العلم
بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع) وكان زاهدًا عابدًا يحرص حرصًا شديدًا على ألا
يقع في الشبهات، حتى إنه كان يحتاط في أداء الزكاة فيؤديها في السنة
مرتين، خوفًا من النسيان وزيادة في القربى.
ولازم الطفل الصغير (عبد
الملك) والده الفقيه المحدث المتكلم، فتعلم الفقه واللغة العربية على يديه،
كما تعلم من والده الالتزام بأخلاق الإسلام كالأمانة والصدق وحب الخير؛
فقد كان والده خير قدوة له، وتفوق الجويني على زملائه ممن كانوا يتعلمون
على يد أبيه، ولم يقتصر إمام الحرمين على قراءة العلوم الإسلامية
وحدها، بل إنه أخذ يطالع في كل العلوم، يصل ليله بنهاره قراءة واطلاعًا.
وقبل أن يبلغ (عبد الملك) سن العشرين أصبح أحد الأئمة الكبار، وما إن توفي
والده،
حتى قعد مكانه للتدريس، إلا أنه استمر في تحصيل العلم، فكان يذهب إلى (أبي
القاسم الإسفراييني) وهو من العلماء الكبار يتعلم منه الفقه والأصول،
ويذهب في الوقت نفسه إلى مجالس (عبد الله محمد بن علي النيسابوري الخبازي)
ليتلقى عنه علوم القرآن.
وظل طوال الفترة التي أقامها بنيسابور يدرس
علوم الدين، وكان بارعًا في مناظرة الخصوم، يحاورهم في ذكاء شديد، ولا يبغي
من وراء ذلك إلا إظهار الحق، إلا أن أعداءه أخذوا يكيدون له، فترك
(نيسابور) إلى بغداد واشتهر هناك، ووفد إليه الناس من كل مكان للتعلم على
يديه، لكنه لم يقم بها طويلاً، وإنما توجه إلى مكة، وظل بها أربع سنوات
تفرغ فيها للعلم والعبادة ينشر العلم، ويلقي الدروس، ويجمع طرق المذهب
الشافعي، وكانت هذه الفترة سببًا في تسميته بإمام الحرمين تكريمًا له
واعتزازًا بمجهوده وقدره.
وكان يقضي نهاره في تعليم الناس، وهدايتهم إلى
طريق الحق والنور، ويقضي ليله بجوار الكعبة الشريفة في عبادة الله، وبعد
أن قضى أربع سنوات في مكة رجع إمام الحرمين إلى (نيسابور) وقام بالتدريس
بالمدرسة النظامية، التي بناها له الوزير
(نظام الملك) ليتولى الجويني
التدريس بها لما علمه عنه من رسوخ في العلم ونبوغ لم يتوافر لغيره، وظل بها
نحو ثلاثين سنة، وجاء إليه الكثيرون من شتى البلاد يطلبون العلم على يديه،
ومن أشهر تلاميذه: أبو حامد الغزالي، والكيا الهراسي، وعبد الغافر بن
إسماعيل الفارسي.
وقد ترك (الجويني) مؤلفات عديدة من أهمها: كتاب (نهاية
المطلب في دراية المذهب) وهو كتاب كبير في الفقه الشافعي و(البرهان في
أصول الفقه) و(الإرشاد في أصول الدين) و(الرسالة النظامية) ومن كتبه أيضًا:
(غياث الأمم في التياث الظلم) في الفقه السياسي الإسلامي و(الورقات) في
أصول الفقه وأدلته.. وغيرها من
الكتب المهمة، وقد مرض إمام الحرمين في أيامه الأخيرة، وتوفي وله من
العمر 59 سنة، وكان ذلك سنة 478هـ.