هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyالحسد بين المدح والذم

more_horiz

الحسد صفة مَرضِيِّة مذمومة، وهو من أشد أمراض القلوب فتكًا بصاحبه؛ ومن كلامهم فيه:

لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله

وقد نهى صلى الله عليه وسلم أمته عن التلبس بهذه الصفة، فقال: ( لا تحاسدوا ...)؛ وكان من جملة ما أخبر به عليه الصلاة والسلام أمته بأن قال: ( دب إليكم داء الأمم الحسد والبغضاء ) رواه الترمذي .

والقرآن
الكريم نهى المؤمنين عن تمني ما للآخرين من نعمة، وطلب منهم التوجه
بالسؤال إلى الله؛ طلبًا لفضله، وأملاً بعطائه، فقال تعالى: { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله }
(النساء:32)، وقد فُسرت الآية الكريمة بالحسد، وهو تمني الرجل نفس ما
أُعطيَ أخوه من نعمة، بحيث تنتقل تلك النعمة إليه؛ وفُسرت كذلك بتمني ما هو
ممتنع شرعًا، كتمني النساء أن يكون لهن مثل ما للرجال من الفضائل الدينية
كالجهاد، والفضائل الدنيوية كالمساواة في الميراث، والإدلاء في الشهادات؛
أو تمني ما هو ممتنع قدرًا، كتمني النساء أن يكن رجالاً، وأن يكون لهن من
القوة ما لهم، أو كتمني أحد من هذه الأمة، أن يكون نبيًا بعد ما أخبر الله
تعالى، أن نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء .

بالمقابل، نقرأ في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله: ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق؛ ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها ) متفق عليه .

وظاهر
هذا الحديث يدل على أن الحسد مذموم إلا في خصلتين اثنتين، فهو فيهما محمود
وممدوح؛ وهاتان الخصلتان هما: طلب العلم للعمل والتعليم، وطلب المال
لإنفاقه في أبواب الخير .

وربما
يشكل هذا الحديث مع ما جاء في الآية السابقة، الناهية عن تمني ما في أيدي
الآخرين من نعمة وفضل؛ ووجه ذلك، أن الآية الكريمة أطلقت النهي عن تمني ما
فضَّل الله به بعض عباده على بعض؛ في حين أن الحديث الشريف نهى عن الحسد
عمومًا، واستثنى منه أمرين: طلب العلم، وطلب المال. فكيف نفهم نهي الآية
واستثناء الحديث ؟

لقد تعرض شرَّاح الحديث لهذا الإشكال، وأجابوا عنه بأن قالوا:

إن
الحديث حضَّ على تمني مثل النعمة التي أنعم الله بها على بعض عباده؛ بينما
الآية الكريمة نهت عن تمني عين تلك النعمة؛ وبعبارة أوضح: إن الحديث وجَّه
المؤمن إلى تمني أن يكون له مثل ما للآخرين من نِعَم، دينية كانت أو
دنيوية؛ أما الآية فقد نهت المؤمن عن تمني حصول النعمة ذاتها التي أنعم
الله بها على بعض عباده. وعلى هذا تكون الآية نهت عن تمني الإنسان ما في
يدي غيره، بحيث تخرج من يده وتصير إليه؛ في حين أن الحديث رغب المؤمن أن
يتمنى أن يكون له من الخير مثل ما للآخرين، من غير أن تزول تلك النعمة عنهم
.

ومما
يلقي مزيد ضوء على توضيح هذا الإشكال، أن العلماء قسموا الحسد إلى قسمين،
أحدهما: محمود؛ والثاني: مذموم؛ فأما الحسد المحمود، فيسمى حسد الغبطة، وهو
أن يتمنى الإنسان أن يكون له مثل ما للآخرين، من غير أن تزول تلك النعمة
عنهم؛ أما الحسد المذموم - وهو المراد عند الإطلاق - فهو أن يتمنى المرء
زوال النعمة عن الغير، سواء عادت تلك النعمة إليه، أم عادت إلى غيره .

وانطلاقًا
من هذا التقسيم للحسد، يمكن أن نفهم أن الحسد المنهي عنه في الآية هو
الحسد المذموم، وهو تمني زوال النعمة عن الغير؛ أما الحسد الذي رغَّب فيه
الحديث النبوي فهو حسد الغبطة؛ وشتان ما بينهما .

وبحسب ما تقدم، يتضح وجه التوفيق بين ما يبدو من تعارض بين الآية والحديث .

واعلم أن ما قيل في التوفيق بين الآية وهذا الحديث، يقال أيضًا في الحديث الآخر، وفيه قوله صلى عليه وسلم: (
إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه،
ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًا، فهذا بأفضل المنازل؛ وعبد رزقه الله
علمًا، ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل
فلان، فهو نيته، فأجرهما سواء؛ وعبد رزقه الله مالاً، ولم يرزقه علمًا، فهو
يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله
فيه حقًا، فهذا بأخبث المنازل؛ وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا، فهو
يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيته، فوزرهما سواء
) رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح . ومما
هو وثيق الصلة بموضوع المقال أن يقال: لا بأس أن يغبط المؤمنُ المؤمنَ على
ما يفعله من أعمال البر، وأن يتمنى أن لو فعل مثل ما فعله، ويعمل على
تحصيل ذلك؛ بل إن المؤمن حقًا مطالب بأن ينظر في أمور الدين إلى من هو
فوقه، وأن ينافس في طلب ذلك جهده وطاقته، كما قال تعالى: { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }
(المطففين:26)؛ فإذا فاقه أحد في فضيلة دينية، اجتهد أن يلحق به، وحزن على
تقصيره وتخلفه عمن سبقه؛ لا حسدًا لهم على ما آتاهم الله، بل منافسة لهم،
وغبطة وحزنًا على النفس بتقصيرها وتخلفها عن درجات السابقين؛ وكذلك في أمور
الدنيا، لا حرج على المؤمن أن يطلب من أمرها ما يكون مشروعًا ومقدورًا
عليه .


descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
جزاك الله خيرا=)

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
نورتم الموضوع شكرا على المرور

أرجو أن تتم الإستفادة

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
الحسد بين المدح والذم Www.almsloob.com-9b19ef40cd

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
يسلموا علي التوبيك ياغالي وجزاك الله كل خير وجعلة الله في ميزان حسناتك ان شاء الله تعالي

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
جزاكم الله خير الجزاء على المرور الكريم

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
جزاك الله كل خير وجعلة الله في ميزان حسناتك

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
شكرا على المرور نورت الموضوع أخي لا تحرمنا ردودك

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
موضوع في قمه الروعه
جعله الله في ميزان حسناتك

descriptionالحسد بين المدح والذم Emptyرد: الحسد بين المدح والذم

more_horiz
باارك الله فيك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي