وعنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا ففقدها أو فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه فقالوا مات قال أفلا كنتم آذنتموني فكأنهم صغروا أمرها أو أمره فقال دلوني على قبره فدلوه فصلى عليها ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم متفق عليه قوله تقم هو بفتح التاء وضم القاف : أي تكنس والقمامة الكناسة وآذنتموني بمد الهمزة أي أعلمتموني
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا وأكثر الروايات على أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد يعني تنظفه وتزيل القمامة فماتت في الليل فصغر الصحابة رضي الله عنهم شأنها وقالوا لا حاجة إلى أن نخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الليل فدفنوها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنها ماتت فقال أفلا كنتم آذنتموني يعني أعلمتموني حين ماتت ثم قال دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها ثم قال صلى الله عليه وسلم إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ففي هذا الحديث عدة فوائد منها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يعظم الناس بحسب أعمالهم وما قاموا به من طاعة الله وعبادته . ومن الفوائد جواز تولى المرأة لتنظيف المسجد وأنه لا يحجر ذلك على الرجال فقط بل كل من احتسب ونظف المسجد فله أجره سواء باشرته المرأة أو استأجرت من يقم المسجد على حسابها ومن فوائد هذا الحديث مشروعية تنظيف المساجد وإزالة القمامة عنها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد القذاة الشيء الصغير يخرجه الرجل من المسجد فإنه يؤجر عليه وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب فالمساجد بيوت الله ينبغي العناية بها وتنظيفها ولكن لا ينبغي زخرفتها وتنقشيها بما يوجب أن يلهو المصلون بما فيها من الزخرفة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتزخرفنها يعني المساجد كما زخرفها اليهود والنصارى ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولهذا قال دلوني على قبرها فإذا كان لا يعلم الشيء المحسوس فالغائب من باب أولى فهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وقد قال الله له قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي وقال له قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ومن فوائد هذا الحديث مشروعية الصلاة على القبر لمن لم يصل عليه قبل الدفن لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على القبر حيث لم يصل عليها قبل الدفن ولكن هذا مشروع لمن مات في عهدك وفي عصرك أما من مات سابقا فلا يشرع أن تصلى عليه ولهذا لا يشرع لنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على قبره أو على قبر أبي بكر أو عمر أو عثمان أو غيرهم من الصحابة أو غيرهم من العلماء والأئمة وإنما تشرع الصلاة لمن مات في عهدك فمثلا إذا مات الإنسان قبل ثلاثين سنة وعمرك ثلاثون سنة فإنك لا تصلي عليه صلاة الميت لأنه مات قبل أن تخلق وقبل أن تكون من أهل الصلاة أما من مات وأنت قد كنت من أهل الصلاة من قريب أو أحد تحب أن تصلي عليه فلا بأس فلو فرض أن رجلا مات قبل سنة أو سنتين وأحببت أن تصلي على قبره وأنت لم تصل عليه من قبل فلا بأس ومن فوائد هذا الحديث حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وأنه كان يتفقدهم ويسأل عنهم فلا يشتغل بالكبير عن الصغير كل ما يهم المسلمين فإنه يسأل عنه صلى الله عليه وسلم ومن فوائد هذا الحديث جواز سؤال المرء ما لا تكون به منة في الغالب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال دلوني على قبرها وهذا سؤال لكن مثل هذا السؤال ليس فيه منة بخلاف سؤال المال فإن سؤال المال محرم يعني لا يجوز أن تسأل شخصا مالا وتقول اعطني # عشرة ريالات أو مائة ريال إلا عند الضرورة أما سؤال غير المال مما لا يكون فيه منة في الغالب فإن هذا لا بأس به ولعل هذا مخصص لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه عليه حيث كان يبايعهم ألا يسألوا الناس شيئا وربما يؤخذ من هذا الحديث جواز إعادة الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها من قبل إذا وجد جماعة لأن الظاهر أن الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معه وعلى هذا فتشرع إعادة صلاة الجماعة إذا صلى عليها جماعة آخرون مرة ثانية . وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقالوا إنه كما أن صلاة الفريضة تعاد إذا صليتها ثم أدركتها مع جماعة أخرى فكذلك صلاة الجنازة وبناء على ذلك لو أن أحدا صلى على جنازة في المسجد ثم خرجوا بها للمقبرة ثم قام أناس يصلون عليها جماعة فإنه لا حرج ولا كراهة في أن تدخل مع الجماعة الآخرين فتعيد الصلاة لأن إعادة الصلاة هنا لها سبب ليست مجرد تكرار بل لها سبب وهو وجود الجماعة الأخرى فإذا قال قائل إذا صليت على القبر فأين أقف فالجواب أنك تقف وراءه تجعله بينك وبين القبلة كما هو الشأن فيما إذا صليت عليه قبل الدفن
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا وأكثر الروايات على أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد يعني تنظفه وتزيل القمامة فماتت في الليل فصغر الصحابة رضي الله عنهم شأنها وقالوا لا حاجة إلى أن نخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الليل فدفنوها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنها ماتت فقال أفلا كنتم آذنتموني يعني أعلمتموني حين ماتت ثم قال دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها ثم قال صلى الله عليه وسلم إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ففي هذا الحديث عدة فوائد منها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يعظم الناس بحسب أعمالهم وما قاموا به من طاعة الله وعبادته . ومن الفوائد جواز تولى المرأة لتنظيف المسجد وأنه لا يحجر ذلك على الرجال فقط بل كل من احتسب ونظف المسجد فله أجره سواء باشرته المرأة أو استأجرت من يقم المسجد على حسابها ومن فوائد هذا الحديث مشروعية تنظيف المساجد وإزالة القمامة عنها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد القذاة الشيء الصغير يخرجه الرجل من المسجد فإنه يؤجر عليه وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب فالمساجد بيوت الله ينبغي العناية بها وتنظيفها ولكن لا ينبغي زخرفتها وتنقشيها بما يوجب أن يلهو المصلون بما فيها من الزخرفة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتزخرفنها يعني المساجد كما زخرفها اليهود والنصارى ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولهذا قال دلوني على قبرها فإذا كان لا يعلم الشيء المحسوس فالغائب من باب أولى فهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وقد قال الله له قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي وقال له قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ومن فوائد هذا الحديث مشروعية الصلاة على القبر لمن لم يصل عليه قبل الدفن لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على القبر حيث لم يصل عليها قبل الدفن ولكن هذا مشروع لمن مات في عهدك وفي عصرك أما من مات سابقا فلا يشرع أن تصلى عليه ولهذا لا يشرع لنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على قبره أو على قبر أبي بكر أو عمر أو عثمان أو غيرهم من الصحابة أو غيرهم من العلماء والأئمة وإنما تشرع الصلاة لمن مات في عهدك فمثلا إذا مات الإنسان قبل ثلاثين سنة وعمرك ثلاثون سنة فإنك لا تصلي عليه صلاة الميت لأنه مات قبل أن تخلق وقبل أن تكون من أهل الصلاة أما من مات وأنت قد كنت من أهل الصلاة من قريب أو أحد تحب أن تصلي عليه فلا بأس فلو فرض أن رجلا مات قبل سنة أو سنتين وأحببت أن تصلي على قبره وأنت لم تصل عليه من قبل فلا بأس ومن فوائد هذا الحديث حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وأنه كان يتفقدهم ويسأل عنهم فلا يشتغل بالكبير عن الصغير كل ما يهم المسلمين فإنه يسأل عنه صلى الله عليه وسلم ومن فوائد هذا الحديث جواز سؤال المرء ما لا تكون به منة في الغالب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال دلوني على قبرها وهذا سؤال لكن مثل هذا السؤال ليس فيه منة بخلاف سؤال المال فإن سؤال المال محرم يعني لا يجوز أن تسأل شخصا مالا وتقول اعطني # عشرة ريالات أو مائة ريال إلا عند الضرورة أما سؤال غير المال مما لا يكون فيه منة في الغالب فإن هذا لا بأس به ولعل هذا مخصص لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه عليه حيث كان يبايعهم ألا يسألوا الناس شيئا وربما يؤخذ من هذا الحديث جواز إعادة الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها من قبل إذا وجد جماعة لأن الظاهر أن الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معه وعلى هذا فتشرع إعادة صلاة الجماعة إذا صلى عليها جماعة آخرون مرة ثانية . وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقالوا إنه كما أن صلاة الفريضة تعاد إذا صليتها ثم أدركتها مع جماعة أخرى فكذلك صلاة الجنازة وبناء على ذلك لو أن أحدا صلى على جنازة في المسجد ثم خرجوا بها للمقبرة ثم قام أناس يصلون عليها جماعة فإنه لا حرج ولا كراهة في أن تدخل مع الجماعة الآخرين فتعيد الصلاة لأن إعادة الصلاة هنا لها سبب ليست مجرد تكرار بل لها سبب وهو وجود الجماعة الأخرى فإذا قال قائل إذا صليت على القبر فأين أقف فالجواب أنك تقف وراءه تجعله بينك وبين القبلة كما هو الشأن فيما إذا صليت عليه قبل الدفن