[right]تكلمنا في مقال سابق عن بعض أسباب التفريط في عمل اليوم والليلة ، وفي مقالنا هذا نلقي الضوء على مزيد من هذه الأسباب ، ومنها:
نسيان الموت وما بعده من أهوال وشدائد :
وقد يكون نسيان الموت وما بعده من أهوال وشدائد هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن من نسى أنه ميت لا محالة وإن طال الأجل :
{ كل نفس ذائقة الموت ... }، { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } .
وأن هذا الموت أقرب إليه من شراك نعله :
{ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون }
وأنه سيكون بعد هذا الموت شدائد وأهوال يشيب من هولها الولدان وتنخلع لها القلوب ، ولا نجاة منها إلا بالمواظبة على عمل اليوم و الليلة :
{ فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً السماء منفطر به كان وعده مفعولاً } ، { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } ، { وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع }
من نسى ذلك كله كان منه هذا التفريط ولا شك .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على القبر ويقول لإخوانه : "أي إخواني لمثل هذا فأعدوا".
وكان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على القبر بكى وقال : إن القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه العبد فما بعده أيسر منه ، وإلا فما بعده أشد.
ظن بلوغ الكمال :
وقد يكون ظن بلوغ الكمال هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن الإنسان قد ينسى نفسه وينسى أنه مهما عمل وأطاع بالليل و النهار ، فلن يستطيع شكر نعمة من نعم الله - تعالى - عليه ، ويحمله هذا النسيان مع عوامل أخرى على ظن بلوغ الكمال ، وحينئذٍ يقع منه التفريط في عمل اليوم و الليلة .
ولعل هذا هو ما نفهمه من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول :( الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .
ومما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر ، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا " .
وقوله لميمون بن مهران :" لا يكون العبد تقياً حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه " .
كثرة الأعباء و الواجبات :
فقد تؤدى كثرة الأعباء و الواجبات إلى التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن الإنسان في زحمة العمل ، وفي إلحاح الأعباء والواجبات قد يهمل في عمل اليوم و الليلة بحجة ضيق الوقت وضرورة الفراغ من هذه الأعباء وتلك الواجبات ، ناسياً أو متناسياً أن زاده على الطريق للخروج من كل ما هو مطلوب منه إنما يكون بالمواظبة على عمل اليوم و الليلة ، إذ الوقت و الطاقات والإمكانات كلها ملك لله ، وبيده سبحانه ، وحين يرى من العبد إقبالاً عليه وتلذذاً بطاعته وذكره يمتن ويتفضل عليه بالبركة في الوقت و القوة في الإرادة و المضاء في العزيمة و السداد في الرأي :
{ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم }،{ ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً } .
التسويف :
وقد يكون التسويف هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن من تعود التسويف أو التأجيل تتراكم عليه الواجبات والأعباء ، وحين يريد الخلاص أو الخروج منها تصبح ثقيلة أو شاقة عليه ، وحينئذٍ لا يكون منه إلا التفريط أو التضييع ولعل هذا هو المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم :" بادروا بالأعمال الصالحات سبعاً ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر ".
وقد وعى ذلك سلف الأمة - رضوان الله عليهم - فحرصوا على اقتناص الفرص واغتنام العمر قبل أن يضيع ، وحسبنا هنا مقالة عمر - رضي الله تعالى عنه - " القوة ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد ".
ومن وعظه صلى الله عليه وسلم لرجل بقوله :( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ).
مشاهدة بعض ذوى الأسوة على حال من التفريط :
وأخيراً ... قد يكون مشاهدة بعض ذوى الأسوة و القدوة على حال من التفريط هي السبب في عدم المواظبة على عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن المسلم أحياناً ينظر إلى ذوى الأسوة و القدوة على أنهم نمط فريد من الناس ، لا يمكن أن يقع منهم تفريط أو تقصير ، وحين يطلع منهم أو من بعضهم على شيء من التفريط ، فإن هذه النظرة قد تحمله على محاكاتهم ، ناسياً أنه لا طاعة ولا محاكاة في المعصية ، وإنما في المعروف فقط .
ولعل هذا السبب هو المفهوم من تشديد الإسلام على عدم المجاهرة بالإثم ، إذ يقول صلى الله عليه وسلم :( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان : عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ).
ولعل في توجيه النبي للمسلم ان يكون متأسيا بالصالحين وألا يجعل من خطأ المخطىء مبررا لأخطائه ، لعل في ذلك قطعا للطريق على من سولت له نفسه التأسي بالبعض في الخطأ ؛ إذ لا أسوة في الشر، وكما قال انبي صلى الله عليه وسلم: " لا يكن أحدكم إمعة ، يقول: أنا مع الناس ، إن أحسنوا أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم"
هذا وإن للتفريط في عمل اليوم والليلة آثارا كبيرة وسيئة على الأفراد والدعوات نتحدث عنها في مقال قادم بإذن الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نسيان الموت وما بعده من أهوال وشدائد :
وقد يكون نسيان الموت وما بعده من أهوال وشدائد هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن من نسى أنه ميت لا محالة وإن طال الأجل :
{ كل نفس ذائقة الموت ... }، { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } .
وأن هذا الموت أقرب إليه من شراك نعله :
{ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون }
وأنه سيكون بعد هذا الموت شدائد وأهوال يشيب من هولها الولدان وتنخلع لها القلوب ، ولا نجاة منها إلا بالمواظبة على عمل اليوم و الليلة :
{ فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً السماء منفطر به كان وعده مفعولاً } ، { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } ، { وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع }
من نسى ذلك كله كان منه هذا التفريط ولا شك .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على القبر ويقول لإخوانه : "أي إخواني لمثل هذا فأعدوا".
وكان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على القبر بكى وقال : إن القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه العبد فما بعده أيسر منه ، وإلا فما بعده أشد.
ظن بلوغ الكمال :
وقد يكون ظن بلوغ الكمال هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن الإنسان قد ينسى نفسه وينسى أنه مهما عمل وأطاع بالليل و النهار ، فلن يستطيع شكر نعمة من نعم الله - تعالى - عليه ، ويحمله هذا النسيان مع عوامل أخرى على ظن بلوغ الكمال ، وحينئذٍ يقع منه التفريط في عمل اليوم و الليلة .
ولعل هذا هو ما نفهمه من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول :( الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .
ومما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر ، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا " .
وقوله لميمون بن مهران :" لا يكون العبد تقياً حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه " .
كثرة الأعباء و الواجبات :
فقد تؤدى كثرة الأعباء و الواجبات إلى التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن الإنسان في زحمة العمل ، وفي إلحاح الأعباء والواجبات قد يهمل في عمل اليوم و الليلة بحجة ضيق الوقت وضرورة الفراغ من هذه الأعباء وتلك الواجبات ، ناسياً أو متناسياً أن زاده على الطريق للخروج من كل ما هو مطلوب منه إنما يكون بالمواظبة على عمل اليوم و الليلة ، إذ الوقت و الطاقات والإمكانات كلها ملك لله ، وبيده سبحانه ، وحين يرى من العبد إقبالاً عليه وتلذذاً بطاعته وذكره يمتن ويتفضل عليه بالبركة في الوقت و القوة في الإرادة و المضاء في العزيمة و السداد في الرأي :
{ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم }،{ ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً } .
التسويف :
وقد يكون التسويف هو السبب في التفريط في عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن من تعود التسويف أو التأجيل تتراكم عليه الواجبات والأعباء ، وحين يريد الخلاص أو الخروج منها تصبح ثقيلة أو شاقة عليه ، وحينئذٍ لا يكون منه إلا التفريط أو التضييع ولعل هذا هو المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم :" بادروا بالأعمال الصالحات سبعاً ، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر ".
وقد وعى ذلك سلف الأمة - رضوان الله عليهم - فحرصوا على اقتناص الفرص واغتنام العمر قبل أن يضيع ، وحسبنا هنا مقالة عمر - رضي الله تعالى عنه - " القوة ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد ".
ومن وعظه صلى الله عليه وسلم لرجل بقوله :( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ).
مشاهدة بعض ذوى الأسوة على حال من التفريط :
وأخيراً ... قد يكون مشاهدة بعض ذوى الأسوة و القدوة على حال من التفريط هي السبب في عدم المواظبة على عمل اليوم و الليلة ، ذلك أن المسلم أحياناً ينظر إلى ذوى الأسوة و القدوة على أنهم نمط فريد من الناس ، لا يمكن أن يقع منهم تفريط أو تقصير ، وحين يطلع منهم أو من بعضهم على شيء من التفريط ، فإن هذه النظرة قد تحمله على محاكاتهم ، ناسياً أنه لا طاعة ولا محاكاة في المعصية ، وإنما في المعروف فقط .
ولعل هذا السبب هو المفهوم من تشديد الإسلام على عدم المجاهرة بالإثم ، إذ يقول صلى الله عليه وسلم :( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان : عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ).
ولعل في توجيه النبي للمسلم ان يكون متأسيا بالصالحين وألا يجعل من خطأ المخطىء مبررا لأخطائه ، لعل في ذلك قطعا للطريق على من سولت له نفسه التأسي بالبعض في الخطأ ؛ إذ لا أسوة في الشر، وكما قال انبي صلى الله عليه وسلم: " لا يكن أحدكم إمعة ، يقول: أنا مع الناس ، إن أحسنوا أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم"
هذا وإن للتفريط في عمل اليوم والليلة آثارا كبيرة وسيئة على الأفراد والدعوات نتحدث عنها في مقال قادم بإذن الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.