[size=18][size=9]رجل
امتلك مالا من حرام، وقد تاب والحمد لله، فماذا يفعل بهذا المال؟ وما حكم
من سيطرت عليها شهوتها في رمضان رغم التزامها بقراءة القرآن؟!
وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abu badwi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنك قد سألت عن رجل امتلك مالاً حراماً ثم تاب إلى الله جل وعلا فماذا
يفعل بهذا المال؛ فأول ما نقول له هو أننا نهنئه بتوبته، ونهنئه برجوعه إلى
ربه، ونهنئه بخروجه من معصية الله إلى طاعة الله، وبخروجه من مساخط الله
إلى محاب الله ومرضاته، ونهنئه بقول الله جل وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}، وبقوله جل وعلا:
{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَّحِيماً}، وبما قاله صلوات الله وسلامه عليه: (التائب من الذنب كمن لا
ذنب له) رواه الطبراني في المعجم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم
خطاء وخير الخطائين التوابون) رواه الترمذي في سننه.
فالحمد لله الذي منَّ عليه بالتوبة ومنَّ عليه بالرجوع إلى رحاب ربه، ونسأل
الله عز وجل أن يثبته على دينه، وأول ما نبدأ به هو وصيتنا إياه بأن يكون
بانياً حياته منذ هذه اللحظة بل منذ أن تاب إلى أن يلقى الله جل وعلا على
أساس من التقوى متين، فقد جرب المعصية وبلاءها؛ وها هو الآن في طاعة الله
فليستقم على أمر الله وليعلم أنه إن اتق الله فالفرج قريب والرزق واسع بل
من حيث لا يدري؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.
وأما عن سؤالك الكريم فإن هذا المال الذي كان يحصله من أوجه محرمة فيه
تفصيل، فهناك أموال تتعلق بها حقوق العباد كأن يكون قد حصّل هذه الأموال من
اغتصاب أموال الناس بالسرقة أو بالنصب والاحتيال وغير ذلك من أنواع
المحرمات التي يتوصل بها الإنسان إلى أخذ أموال الناس بالباطل، فهناك فرق
بين المعاملات التي تكون محرمة في الأصل ولكن ليس فيها سرقة واعتداء ونهب
ونحو ذلك وبين هذه المعاملات، فإذا كان قد أخذ مالاً بغير حق من بعض الناس
كأن يكون سرقه أو اختلسه أو أخذه بطريقة الخداع ونحو ذلك، فيجب عليه أن
يعيد هذه الأموال إلى أهلها، فإن التوبة يشترط فيها أربعة أمور: الندم على
المعصية والإقلاع عنها والعزم على عدم العودة إليها، هذا في حقوق الله، فإن
كان هناك حقٌ من حقوق العباد كهذه الأموال المحرمة التي انتهبت منها بغير
حق بالسرقة أو النصب والاحتيال فحين ونحوها مثلاً فحينئذ لا بد من إرجاعها
إلى أهلها إن كانوا معروفين؛ فيرجعها إليهم إن وجدوا وإن لم يوجدوا إلى
ورثتهم، فهذا بالنسبة لهذا الصنف من المال.
وأما إن كانت المعاملات معاملة محرمة كأن يكون الرجل يحصل المال من أوجه
محرمة كبيع الخمر والمعاملات الأخرى التي حكم الشرع بفسادها وبطلانها؛
فحينئذ إن كان قد تاب توبة صادقة نصوحاً فإن هذا المال لا يلزمه أن يتصدق
به، وهذا أظهر أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وقد ارتضاه طائفة من محققي
العلماء – عليهم جميعاً رحمة الله تعالى – فإذا كان ماله من أوجه محرمة
كتعاطي الربا وبيع الخمور والمعاملات المحرمة الأخرى ففي هذه الحالة لا
يلزمه أكثر من أن يتوب إلى الله جل وعلا وأن يكثر من الاستغفار ولا يلزمه
أن يتبرع بماله ولا أن يتصدق به، ولكن يحسن به أن يتصدق بما يتيسر منه لأن
الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار؛ كما ثبت ذلك عن سيد الأبرار
نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وأيضاً فإن كان قد تعامل معاملة ربوية مع أشخاص بأعيانهم وأخذ منهم هذه
الأموال، فإن استطاع إرجاعها إليهم فهذا هو الواجب لأنه قد أخذ أموالهم
بغير حق؛ قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا
تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}، وأما إن كان غير معلومين فيتصدق بما يتيسر
ولا يلزمه الخروج من جميع أمواله، وهذا أمر قد دلت عليه نصوص الكتاب والسنة
في مواضع وليس هذا مجال بسطه، فقد ظهر لك الفرق بين أنواع الأموال المحرمة
بهذا الاعتبار.
وأما عن سؤالك الثاني عن حكم امرأة يغلب عليها الشهوة في حال صيامها،
فطالما أنها بحمد الله عز وجل لا ترتكب محرماً من نظر إلى حرام أو استعمال
لأمور محرمة فهذه لا إثم عليها ولا يبطل صيامها بذلك، بل إنه لو قدر أن
امرأة كانت تغلب عليها الشهوة ونظرت نظرة محرمة إلى بعض الرجال الذين يحرم
عليها أن تنظر إليها فإن صيامها صحيح ولكنها آثمة من جهة النظر ولا يلزمها
قضاء الصيام، ولكن ومع هذا فينبغي أن تتحرز في حال صومها من النظر حتى إذا
ما أباح الله إليه من الزوج وغير ذلك حتى لا تفسد الصيام فإن تكرار النظر
قد يؤدي إلى نزول المني في بعض الحالات الشديدة التي تكون لدى الإنسان،
وأما مجرد الشهوة في حال الصيام فلا يضر الصيام لا للرجل ولا للمرأة.
نسأل الله جل وعلا أن يعافيكم جميعاً وأن يشرح صدوركم وأن يوفقكم للثبات على دينه وأن يوفقكم للتوبة الصادقة[/
امتلك مالا من حرام، وقد تاب والحمد لله، فماذا يفعل بهذا المال؟ وما حكم
من سيطرت عليها شهوتها في رمضان رغم التزامها بقراءة القرآن؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abu badwi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنك قد سألت عن رجل امتلك مالاً حراماً ثم تاب إلى الله جل وعلا فماذا
يفعل بهذا المال؛ فأول ما نقول له هو أننا نهنئه بتوبته، ونهنئه برجوعه إلى
ربه، ونهنئه بخروجه من معصية الله إلى طاعة الله، وبخروجه من مساخط الله
إلى محاب الله ومرضاته، ونهنئه بقول الله جل وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}، وبقوله جل وعلا:
{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَّحِيماً}، وبما قاله صلوات الله وسلامه عليه: (التائب من الذنب كمن لا
ذنب له) رواه الطبراني في المعجم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم
خطاء وخير الخطائين التوابون) رواه الترمذي في سننه.
فالحمد لله الذي منَّ عليه بالتوبة ومنَّ عليه بالرجوع إلى رحاب ربه، ونسأل
الله عز وجل أن يثبته على دينه، وأول ما نبدأ به هو وصيتنا إياه بأن يكون
بانياً حياته منذ هذه اللحظة بل منذ أن تاب إلى أن يلقى الله جل وعلا على
أساس من التقوى متين، فقد جرب المعصية وبلاءها؛ وها هو الآن في طاعة الله
فليستقم على أمر الله وليعلم أنه إن اتق الله فالفرج قريب والرزق واسع بل
من حيث لا يدري؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.
وأما عن سؤالك الكريم فإن هذا المال الذي كان يحصله من أوجه محرمة فيه
تفصيل، فهناك أموال تتعلق بها حقوق العباد كأن يكون قد حصّل هذه الأموال من
اغتصاب أموال الناس بالسرقة أو بالنصب والاحتيال وغير ذلك من أنواع
المحرمات التي يتوصل بها الإنسان إلى أخذ أموال الناس بالباطل، فهناك فرق
بين المعاملات التي تكون محرمة في الأصل ولكن ليس فيها سرقة واعتداء ونهب
ونحو ذلك وبين هذه المعاملات، فإذا كان قد أخذ مالاً بغير حق من بعض الناس
كأن يكون سرقه أو اختلسه أو أخذه بطريقة الخداع ونحو ذلك، فيجب عليه أن
يعيد هذه الأموال إلى أهلها، فإن التوبة يشترط فيها أربعة أمور: الندم على
المعصية والإقلاع عنها والعزم على عدم العودة إليها، هذا في حقوق الله، فإن
كان هناك حقٌ من حقوق العباد كهذه الأموال المحرمة التي انتهبت منها بغير
حق بالسرقة أو النصب والاحتيال فحين ونحوها مثلاً فحينئذ لا بد من إرجاعها
إلى أهلها إن كانوا معروفين؛ فيرجعها إليهم إن وجدوا وإن لم يوجدوا إلى
ورثتهم، فهذا بالنسبة لهذا الصنف من المال.
وأما إن كانت المعاملات معاملة محرمة كأن يكون الرجل يحصل المال من أوجه
محرمة كبيع الخمر والمعاملات الأخرى التي حكم الشرع بفسادها وبطلانها؛
فحينئذ إن كان قد تاب توبة صادقة نصوحاً فإن هذا المال لا يلزمه أن يتصدق
به، وهذا أظهر أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وقد ارتضاه طائفة من محققي
العلماء – عليهم جميعاً رحمة الله تعالى – فإذا كان ماله من أوجه محرمة
كتعاطي الربا وبيع الخمور والمعاملات المحرمة الأخرى ففي هذه الحالة لا
يلزمه أكثر من أن يتوب إلى الله جل وعلا وأن يكثر من الاستغفار ولا يلزمه
أن يتبرع بماله ولا أن يتصدق به، ولكن يحسن به أن يتصدق بما يتيسر منه لأن
الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار؛ كما ثبت ذلك عن سيد الأبرار
نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وأيضاً فإن كان قد تعامل معاملة ربوية مع أشخاص بأعيانهم وأخذ منهم هذه
الأموال، فإن استطاع إرجاعها إليهم فهذا هو الواجب لأنه قد أخذ أموالهم
بغير حق؛ قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا
تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}، وأما إن كان غير معلومين فيتصدق بما يتيسر
ولا يلزمه الخروج من جميع أمواله، وهذا أمر قد دلت عليه نصوص الكتاب والسنة
في مواضع وليس هذا مجال بسطه، فقد ظهر لك الفرق بين أنواع الأموال المحرمة
بهذا الاعتبار.
وأما عن سؤالك الثاني عن حكم امرأة يغلب عليها الشهوة في حال صيامها،
فطالما أنها بحمد الله عز وجل لا ترتكب محرماً من نظر إلى حرام أو استعمال
لأمور محرمة فهذه لا إثم عليها ولا يبطل صيامها بذلك، بل إنه لو قدر أن
امرأة كانت تغلب عليها الشهوة ونظرت نظرة محرمة إلى بعض الرجال الذين يحرم
عليها أن تنظر إليها فإن صيامها صحيح ولكنها آثمة من جهة النظر ولا يلزمها
قضاء الصيام، ولكن ومع هذا فينبغي أن تتحرز في حال صومها من النظر حتى إذا
ما أباح الله إليه من الزوج وغير ذلك حتى لا تفسد الصيام فإن تكرار النظر
قد يؤدي إلى نزول المني في بعض الحالات الشديدة التي تكون لدى الإنسان،
وأما مجرد الشهوة في حال الصيام فلا يضر الصيام لا للرجل ولا للمرأة.
نسأل الله جل وعلا أن يعافيكم جميعاً وأن يشرح صدوركم وأن يوفقكم للثبات على دينه وأن يوفقكم للتوبة الصادقة[/