مجيء الوفود إلى الرسول (
في العام التاسع الهجري
أقبلت وفود العرب من كل مكان إلى المدينة لتبايع رسول الله ( على دخول
الإسلام، وعلى السمع والطاعة. وكان رسول الله ( يرسل مع كل وفد من يعلمهم
أمور الدين، ويجمع منهم الزكاة ويوزعها على فقرائهم.
وجاء وفد ثقيف
الذين تركهم المسلمون في غزوة الطائف، ودعا رسول الله ( لهم بالهداية.
جاءوا بأنفسهم من غير قتال إلى المدينة، بعد أن رأوا أنه لا طاقة لهم بحرب
من حولهم من المسلمين فبايعوا كلهم وأسلموا، وأرسلوا وفدًا منهم يرأسهم
كنانة بن عبد ياليل، فلما قربوا من المدينة قابلهم المغيرة بن شعبة،
فاستقبلهم وعلمهم كيف يُحيُّون الرسول ( عند دخولهم عليه.
وأنزل رسول
الله ( وفد ثقيف في المسجد، وبنى لهم خيامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس
إذا صلوا، ومكث الوفد أيامًا يذهبون إلى رسول الله (، ويذهب إليهم ليعلمهم
مبادئ الإسلام، وكان يأتيهم كل ليلة بعد العشاء فيقف عليهم يحدثهم، وكان
في هذا الوفد عثمان بن أبي العاص، وكان أصغرهم، فكانوا إذا ذهبوا إلى مجلس
رسول الله ( تركوه على رحالهم.
فكان عثمان كلما رجع الوفد وناموا وقت
الظهيرة، ذهب إلى رسول الله ( فسأله عن الدين، واستقرأه القرآن، وذهب إليه
عثمان على ذلك مرات كثيرة، وكان إذا وجد رسول الله ( نائمًا ذهب إلى أبي
بكر، وكان يكتم ذلك عن أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله ( وأحبه. وأخيرًا دخل
الإسلام أفئدتهم، ولكن كنانة بن عبد ياليل قال لرسول الله (: أفرأيت الزنا
فإنا قوم نغترب ولابد لنا منه؟. قال: "هو عليكم حرام، فإن الله يقول: (ولا
تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32].
قالوا: أفرأيت
الربا فإنه أموالنا كلها؟ قال: "لكم رءوس أموالكم، إن الله تعالى يقول: "
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)
[البقرة:278].
قالوا: أفرأيت الخمر، فإنه عصير أرضنا لابد لنا منها؟ قال
(: "إن الله حرمها، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر
والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) [المائدة:
90]. وسألوه أيضًا أن يضع عنهم الصلاة، فقال رسول الله ( لهم: "لا خير في
دين بلا صلاة"
[ابن إسحاق].
وخلا بعضهم إلى بعض يتشاورون في الأمر ثم
عادوا إلى رسول الله (، وقد خضعوا لذلك كله، ولكنهم سألوه أن يترك لهم
وثنهم (اللات) الذي كانوا يعبدونه ثلاث سنين لا يهدمها، فأبى رسول الله (
ذلك، فما زالوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهرًا واحدًا بعد
مقدمهم، فأبى عليهم أن يدعها إلى أي أجل، فقالوا للرسول: فتول أنت إذن
هدمها، فأما نحن فإنا لا نهدمها أبدًا.
فقال لهم:"سأبعث لكم من يكفيكم
ذلك". ثم استأذنوا النبي (، فأذن لهم، وأكرمهم وحياهم، وأمر عليهم عثمان بن
أبي العاص لما رأى من حرصه على الإسلام، وكان قد تعلم سورًا من القرآن قبل
أن يخرج. [ابن إسحاق]
وبعث رسول الله ( إليهم وفدًا على أثرهم، أمَّر
عليهم خالد بن الوليد، وفيهم المغيرة بن شعبة وأبو سفيان بن حرب، فعمدوا
إلى اللات فهدموها، وخرجت نساء ثقيف مكشوفات الرأس، يبكين عليها ويرثينها،
وكلما ضربها المغيرة بفأسه كان أبو سفيان يسخر من الصنم ويصانع حزن تلك
النسوة اللاتي يندبن ويبكين عليه واهًا لك أهًا لك. [ابن إسحاق]
وقدمت
وفود كثيرة المدينة، ودخلت في دين الله أفواجًا وجماعات، قال الله تعالى:
(إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا. فسبح
بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) [النصر].
إرسال الولاة والأمراء إلى قبائل العرب:
أخذ
النبي ( يرسل أمراءه وولاته إلى قبائل العرب يدعونهم، ويعلمونهم الإسلام،
الذي انتشر في شبه الجزيرة العربية. وكان ممن أرسلهم معاذ بن جبل
-رضي الله عنه-، وهو أعلم الناس بالحلال والحرام، بعثه إلى اليمن، وقال له:
"يا معاذ، لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا". [أحمد]، فبكى معاذ خشية فراق
النبي (.
حج أبي بكر الصديق بالناس:
جاء
موسم الحج من العام التاسع الهجري، فأمر الرسول ( أبا بكر الصديق -رضي
الله عنه- أن يحج بالناس، ونزلت الآيات الأولى من سورة التوبة، يعطي الله
فيها للمشركين مهلة أربعة أشهر ليتوبوا ويؤمنوا بالله، وإلا قتلوا؛ لتتخلص
مكة وما حولها من الشرك البغيض.
وأما من كان له عهد أطول من هذه المدة،
وكان حافظًا لعهده مع المسلمين، يوفَّى له بمدة العهد، وهكذا وضع الإسلام
حدًّا للوثنية في هذه الأرض الطاهرة، قال تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى
الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير
معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين) [التوبة: 1-2]. ونهى العرب عن الطواف
بالبيت الحرام وهم عراة، فقد كان بعضهم يفعل ذلك، ولكن الرسول ( أمر أن
يكون هذا العام آخر عام يحج فيه المشركون مع المسلمين، فقال: "ألا لا يحج
بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان". [البخاري].
في العام التاسع الهجري
أقبلت وفود العرب من كل مكان إلى المدينة لتبايع رسول الله ( على دخول
الإسلام، وعلى السمع والطاعة. وكان رسول الله ( يرسل مع كل وفد من يعلمهم
أمور الدين، ويجمع منهم الزكاة ويوزعها على فقرائهم.
وجاء وفد ثقيف
الذين تركهم المسلمون في غزوة الطائف، ودعا رسول الله ( لهم بالهداية.
جاءوا بأنفسهم من غير قتال إلى المدينة، بعد أن رأوا أنه لا طاقة لهم بحرب
من حولهم من المسلمين فبايعوا كلهم وأسلموا، وأرسلوا وفدًا منهم يرأسهم
كنانة بن عبد ياليل، فلما قربوا من المدينة قابلهم المغيرة بن شعبة،
فاستقبلهم وعلمهم كيف يُحيُّون الرسول ( عند دخولهم عليه.
وأنزل رسول
الله ( وفد ثقيف في المسجد، وبنى لهم خيامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس
إذا صلوا، ومكث الوفد أيامًا يذهبون إلى رسول الله (، ويذهب إليهم ليعلمهم
مبادئ الإسلام، وكان يأتيهم كل ليلة بعد العشاء فيقف عليهم يحدثهم، وكان
في هذا الوفد عثمان بن أبي العاص، وكان أصغرهم، فكانوا إذا ذهبوا إلى مجلس
رسول الله ( تركوه على رحالهم.
فكان عثمان كلما رجع الوفد وناموا وقت
الظهيرة، ذهب إلى رسول الله ( فسأله عن الدين، واستقرأه القرآن، وذهب إليه
عثمان على ذلك مرات كثيرة، وكان إذا وجد رسول الله ( نائمًا ذهب إلى أبي
بكر، وكان يكتم ذلك عن أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله ( وأحبه. وأخيرًا دخل
الإسلام أفئدتهم، ولكن كنانة بن عبد ياليل قال لرسول الله (: أفرأيت الزنا
فإنا قوم نغترب ولابد لنا منه؟. قال: "هو عليكم حرام، فإن الله يقول: (ولا
تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32].
قالوا: أفرأيت
الربا فإنه أموالنا كلها؟ قال: "لكم رءوس أموالكم، إن الله تعالى يقول: "
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)
[البقرة:278].
قالوا: أفرأيت الخمر، فإنه عصير أرضنا لابد لنا منها؟ قال
(: "إن الله حرمها، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر
والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) [المائدة:
90]. وسألوه أيضًا أن يضع عنهم الصلاة، فقال رسول الله ( لهم: "لا خير في
دين بلا صلاة"
[ابن إسحاق].
وخلا بعضهم إلى بعض يتشاورون في الأمر ثم
عادوا إلى رسول الله (، وقد خضعوا لذلك كله، ولكنهم سألوه أن يترك لهم
وثنهم (اللات) الذي كانوا يعبدونه ثلاث سنين لا يهدمها، فأبى رسول الله (
ذلك، فما زالوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهرًا واحدًا بعد
مقدمهم، فأبى عليهم أن يدعها إلى أي أجل، فقالوا للرسول: فتول أنت إذن
هدمها، فأما نحن فإنا لا نهدمها أبدًا.
فقال لهم:"سأبعث لكم من يكفيكم
ذلك". ثم استأذنوا النبي (، فأذن لهم، وأكرمهم وحياهم، وأمر عليهم عثمان بن
أبي العاص لما رأى من حرصه على الإسلام، وكان قد تعلم سورًا من القرآن قبل
أن يخرج. [ابن إسحاق]
وبعث رسول الله ( إليهم وفدًا على أثرهم، أمَّر
عليهم خالد بن الوليد، وفيهم المغيرة بن شعبة وأبو سفيان بن حرب، فعمدوا
إلى اللات فهدموها، وخرجت نساء ثقيف مكشوفات الرأس، يبكين عليها ويرثينها،
وكلما ضربها المغيرة بفأسه كان أبو سفيان يسخر من الصنم ويصانع حزن تلك
النسوة اللاتي يندبن ويبكين عليه واهًا لك أهًا لك. [ابن إسحاق]
وقدمت
وفود كثيرة المدينة، ودخلت في دين الله أفواجًا وجماعات، قال الله تعالى:
(إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا. فسبح
بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) [النصر].
إرسال الولاة والأمراء إلى قبائل العرب:
أخذ
النبي ( يرسل أمراءه وولاته إلى قبائل العرب يدعونهم، ويعلمونهم الإسلام،
الذي انتشر في شبه الجزيرة العربية. وكان ممن أرسلهم معاذ بن جبل
-رضي الله عنه-، وهو أعلم الناس بالحلال والحرام، بعثه إلى اليمن، وقال له:
"يا معاذ، لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا". [أحمد]، فبكى معاذ خشية فراق
النبي (.
حج أبي بكر الصديق بالناس:
جاء
موسم الحج من العام التاسع الهجري، فأمر الرسول ( أبا بكر الصديق -رضي
الله عنه- أن يحج بالناس، ونزلت الآيات الأولى من سورة التوبة، يعطي الله
فيها للمشركين مهلة أربعة أشهر ليتوبوا ويؤمنوا بالله، وإلا قتلوا؛ لتتخلص
مكة وما حولها من الشرك البغيض.
وأما من كان له عهد أطول من هذه المدة،
وكان حافظًا لعهده مع المسلمين، يوفَّى له بمدة العهد، وهكذا وضع الإسلام
حدًّا للوثنية في هذه الأرض الطاهرة، قال تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى
الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير
معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين) [التوبة: 1-2]. ونهى العرب عن الطواف
بالبيت الحرام وهم عراة، فقد كان بعضهم يفعل ذلك، ولكن الرسول ( أمر أن
يكون هذا العام آخر عام يحج فيه المشركون مع المسلمين، فقال: "ألا لا يحج
بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان". [البخاري].