المهاجرة
(سارة)
خرجتْ مهاجرة فى سبيل الله مع زوجها وابن أخيه لوط -عليهما السلام- إلى فلسطين.
ولما اشتد الجفاف فى فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر. وسرعان
ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذى كان يأمر حراسه بأن يخبروه بأى امرأة
جميلة تدخل مصر.
وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى
مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر قال لها: "إنه لو علم أنك زوجتى يغلبنى
عليكِ، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي، وأنت أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم
فى هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري".
وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه
المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها
بعنايته، وأن يحفظها من شره، وأقبلت تتوضأ وتصلى وتقول: "اللهم إن كنتَ
تعلم أنى آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجى إلا على زوجي، فلا تسلط على
هذا الكافر".فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها -حين أراد
أن يمدها إليها بسوء- فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدى ولا أضرك. فدعت
سارة ربها؛ فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق
اللَّه يده أراد أن يمدها إليها مرة ثانية؛ فَشُلّت، فطلب منها أن تدعو له
حتى تُطْلق يده ولا يمسها بسوء، ففعلت، فاستجاب الله دعاءها، لكنه نكث
بالعهد فشُلّت مرة ثالثة. فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدي، وعهدٌ لا نكث
فيه ألا أمسّك بسوء، فدعت اللَّه فعادت سليمة، فقال لمن أتى بها: اذهب بها
فإنك لم تأتِ بإنسان، وأمر لها بجارية، وهى "هاجر" -رضى الله عنها-
وتركها تهاجر من أرضه بسلام.
ورجع إبراهيم وزوجه إلى فلسطين مرة أخري،
ومضى "لوط" -عليه السلام- فى طريقه إلى قوم سدوم وعمورة (الأردن
الحالية) يدعوهم إلى عبادة اللَّه، ويحذرهم من الفسوق والعصيان. ومرت
الأيام والسنون ولم تنجب سارة بعد ابنًا لإبراهيم، يكون لهما فرحة وسندًا،
فكان يؤرقها أنها عاقر لا تلد، فجاءتها جاريتها هاجر ذات مرة؛ لتقدم الماء
لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة لأن تهبها إبراهيم، لكن التردد كان
ينازعها؛ خوفًا من أن يبتعد عنها ويقبل على زوجته الجديدة، لكن بمرور
الأيام تراجعت عنها تلك الوساوس، وخفَّت؛ لأنها تدرك أنّ إبراهيم - عليه
السلام - رجل مؤمن، طيب الصحبة والعشرة، ولن يغير ذلك من أمره شيئًا.
وتزوَّج
إبراهيم -عليه السلام- "هاجر"، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك فى نفس سارة،
بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل -
عليه السلام - طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه
أخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذى زرع من أرض مكة عند بيت
الله الحرام، فوضعهما هناك مستودعًا إياهما اللَّه، وداعيا لهما بأن
يحفظهما الله ويبارك فيهما، فدعا إبراهيم -عليه السلام- ربه بهذا الدعاء:
(رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ
عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ
الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم :37] .
لكن آيات الله
لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم
عليه السلام؛ فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم لا
يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام- فى هيئة
تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم . قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءتْ
رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ
فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ
تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ
تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوط) [هود: 69-70] .
قال
تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ
الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ
أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) [هود : 47-48]
وأخبرت الملائكة إبراهيم - عليه السلام- أنهم ذاهبون إلى قوم لوط؛ لأنهم عصوا نبى الله لوطًا، ولم يتبعوه.
وقبل
أن تترك الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بشروه بأن زوجته سارة سوف تلد
ولدًا اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.
ولما
سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن
فرحتها، ودهشتها كما تعبر النساء؛ فصرخت تعجبًا مما سمعت، وقالت: (قَالَتْ
يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ
هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ
رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ
حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)[هود: 72-73] .
وحملت سارة بإسحاق - عليه السلام - ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه ؛ ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل .
هذه
هى سارة زوجة نبى اللَّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- التى كانت أول
من آمن بأبى الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حين بعثه اللَّه
لقومه يهديهم إلى الرشد، ثم آمن به لوط ابن أخيه - عليه السلام -، فكان
هؤلاء الثلاثة هم الذين آمنوا على الأرض فى ذلك الوقت. وماتت سارة ولها
من العمر 127 عامًا .
(سارة)
خرجتْ مهاجرة فى سبيل الله مع زوجها وابن أخيه لوط -عليهما السلام- إلى فلسطين.
ولما اشتد الجفاف فى فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر. وسرعان
ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذى كان يأمر حراسه بأن يخبروه بأى امرأة
جميلة تدخل مصر.
وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى
مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر قال لها: "إنه لو علم أنك زوجتى يغلبنى
عليكِ، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي، وأنت أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم
فى هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري".
وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه
المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها
بعنايته، وأن يحفظها من شره، وأقبلت تتوضأ وتصلى وتقول: "اللهم إن كنتَ
تعلم أنى آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجى إلا على زوجي، فلا تسلط على
هذا الكافر".فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها -حين أراد
أن يمدها إليها بسوء- فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدى ولا أضرك. فدعت
سارة ربها؛ فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق
اللَّه يده أراد أن يمدها إليها مرة ثانية؛ فَشُلّت، فطلب منها أن تدعو له
حتى تُطْلق يده ولا يمسها بسوء، ففعلت، فاستجاب الله دعاءها، لكنه نكث
بالعهد فشُلّت مرة ثالثة. فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدي، وعهدٌ لا نكث
فيه ألا أمسّك بسوء، فدعت اللَّه فعادت سليمة، فقال لمن أتى بها: اذهب بها
فإنك لم تأتِ بإنسان، وأمر لها بجارية، وهى "هاجر" -رضى الله عنها-
وتركها تهاجر من أرضه بسلام.
ورجع إبراهيم وزوجه إلى فلسطين مرة أخري،
ومضى "لوط" -عليه السلام- فى طريقه إلى قوم سدوم وعمورة (الأردن
الحالية) يدعوهم إلى عبادة اللَّه، ويحذرهم من الفسوق والعصيان. ومرت
الأيام والسنون ولم تنجب سارة بعد ابنًا لإبراهيم، يكون لهما فرحة وسندًا،
فكان يؤرقها أنها عاقر لا تلد، فجاءتها جاريتها هاجر ذات مرة؛ لتقدم الماء
لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة لأن تهبها إبراهيم، لكن التردد كان
ينازعها؛ خوفًا من أن يبتعد عنها ويقبل على زوجته الجديدة، لكن بمرور
الأيام تراجعت عنها تلك الوساوس، وخفَّت؛ لأنها تدرك أنّ إبراهيم - عليه
السلام - رجل مؤمن، طيب الصحبة والعشرة، ولن يغير ذلك من أمره شيئًا.
وتزوَّج
إبراهيم -عليه السلام- "هاجر"، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك فى نفس سارة،
بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل -
عليه السلام - طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه
أخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذى زرع من أرض مكة عند بيت
الله الحرام، فوضعهما هناك مستودعًا إياهما اللَّه، وداعيا لهما بأن
يحفظهما الله ويبارك فيهما، فدعا إبراهيم -عليه السلام- ربه بهذا الدعاء:
(رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ
عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ
الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم :37] .
لكن آيات الله
لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم
عليه السلام؛ فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم لا
يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام- فى هيئة
تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم . قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءتْ
رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ
فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ
تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ
تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوط) [هود: 69-70] .
قال
تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ
الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ
أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) [هود : 47-48]
وأخبرت الملائكة إبراهيم - عليه السلام- أنهم ذاهبون إلى قوم لوط؛ لأنهم عصوا نبى الله لوطًا، ولم يتبعوه.
وقبل
أن تترك الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بشروه بأن زوجته سارة سوف تلد
ولدًا اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.
ولما
سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن
فرحتها، ودهشتها كما تعبر النساء؛ فصرخت تعجبًا مما سمعت، وقالت: (قَالَتْ
يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ
هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ
رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ
حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)[هود: 72-73] .
وحملت سارة بإسحاق - عليه السلام - ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه ؛ ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل .
هذه
هى سارة زوجة نبى اللَّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- التى كانت أول
من آمن بأبى الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حين بعثه اللَّه
لقومه يهديهم إلى الرشد، ثم آمن به لوط ابن أخيه - عليه السلام -، فكان
هؤلاء الثلاثة هم الذين آمنوا على الأرض فى ذلك الوقت. وماتت سارة ولها
من العمر 127 عامًا .