خنافر ... وما أدراك من خنافر؟!
إن حديثه لممتع
وإن قصته لغريبة ..
فهو أحد صحابة النبي صلوات الله عليه
لكن قصته فيها من أعلام نبوته ما فيها
وقد تناقلها الرواة وازدانت بها كتب اللغة والأدب والتواريخ
وقد ذكره ابن حجر في الإصابة وابن عبدالبر قبله، وذكر القصة.
غير أني أنقلها لكم من كتاب الأمالي لأبي علي القالي ، قال أبو علي رواية عن ابن دريد:
"حدثنى عمى عن أبيه عن ابن الكلبى عن أبيه قال:
كان خنافر بن التوءم الحميرى كاهنا، وكان قد أوتى بسطةً فى الجسم، وسعةً فى المال، وكان عاتيا؛ فلما وفدت وفود اليمن على النبى صلى الله عليه وسلم وظهر الإسلام أغار على إبل لمرادٍ فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر، فحالف جودان بن يحيى الفرضمى، وكان سيدا منيعا، ونزل بواد من أودية الشجر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين.
قال خنافر:
وكان رئيي فى الجاهلية (والرئي هو أحد الجان يصادق كاهنا من الكهان) لا يكاد يتغيب عنى، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءنى ذلك،
فبينا أنا ليلةً بذلك الوادى نائما إذ هوى هوى العقاب،
فقال: خنافر.
فقلت: شصار؟ (وشصار هو اسم هذا الجني صديق خنافر)
فقال: اسمع أٌقل، قلت: قل أسمع،
فقال: عه تغنم، لكل مدةٍ نهاية، وكل ذى أمد إلى غاية،
قلت: أجل،
فقال: كل دولة إلى أجل، ثم يتاح لها حول، انتسخت النحل، ورجعت إلى حقائقها الملل؛ إنك سجير موصول، والنصح لك مبذول؛ وإنى آنست بأرض الشام، نفرا من آل العذام، حكاما على الحكام، يذبرون ذا رونق من الكلام؛ ليس بالشعر المؤلف، ولا السجع المتكلف؛ فاصغيت فزجرت، فعاودت فظلفت؛ فقلت بم تهينمون، وإلام تعتزون؟ قالوا: خطاب كبار، جاء من عند الملك الجبار، فاسمع باشصار، عن أصدق الأخبار، وأسلك أوضح الآثارن تنج من أوار النار؛ فقلت: وما هذا الكلام؟ فقالوا: فرقان بين الكفر والإيمان؛ رسول من مضرن من أهل المدر، ابتعث فظهر، فجاء بقول قد بهر، وأوضح ن هجاً قد دثر، فه مواعظ لمن اعتبر، ومعاذ لمن ازدجر، ألف بالآى الكبر؛ قلت: ومن هذا المبعثو من مضر؟ قال: أحمد خير البشر، فإن آمنت أعطيت الشبر، وإن خالفت أصليت سقر؛ فآمنت يا خنافر، وأقبلت إليك أبادر، فجانب كل كافر، وشايع كل مؤمن طاهر؛ وإلا فهو الفراق، لا عن تلاق؛
قلت: من أين أبغى هذا الدين؟
قولوا آمييين:
رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي
ربنا وتقبل دعاء
قال: من ذات الإحرين، والنفر اليمانين، أهل الماء والطين؛ قلت: أوضح، قال: الحق بيثرب ذات النخل، والحرة ذات النعل، فهناك أهل الطول والفضل، والمواساة والبذل؛ ثم املس عنى. فبت مذعورا أراعى الصباح؛ فلما برق فى النور امتطيت راحلتى، وآذنت أعبدى، واحتملت بأهلى حتى وردت الجوف؛ فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها، وأقبلت أريد صنعاء، فأصبت بها معاذ بن جبل أميراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعته على الإسلام وعلمنى سوراً من القرآن؛ فمن الله على بالهدى بعد الضلالة، والعلم بعد الجهالة، وقلت فى ذلك:
ألم تر أن الله عاد بفضله ... فانقذ من لفح الزخيخ خنافرا
وكشف لى عن حجمتى عماهما ... وأوضح لى نهجى وقد كان دائرا
دعانى شصار للتى لو رفضتها ... لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا
فأصبحت والإسلام حشو جوانحى ... وجانبت من أمسى عن الحق نائرا
وكان مضلى من هديت برشده ... فلله مغوٍ عاد بالرشد آمرا
نجوت بحمد الله منكل فحمة ... تورث هلكاً يوم شايعت شاصرا
وقد أمنتنى بعد ذاك يحابر ... بما كنت أغشى المنديات يحابرا
فمن مبلغ فتيان قومى ألوكة ... بأنى من اقتال من كان كافرا
عليكم سواء القصد لا فل حدكم ... فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا
أمالي القالي - (1 / 63)
=
إن حديثه لممتع
وإن قصته لغريبة ..
فهو أحد صحابة النبي صلوات الله عليه
لكن قصته فيها من أعلام نبوته ما فيها
وقد تناقلها الرواة وازدانت بها كتب اللغة والأدب والتواريخ
وقد ذكره ابن حجر في الإصابة وابن عبدالبر قبله، وذكر القصة.
غير أني أنقلها لكم من كتاب الأمالي لأبي علي القالي ، قال أبو علي رواية عن ابن دريد:
"حدثنى عمى عن أبيه عن ابن الكلبى عن أبيه قال:
كان خنافر بن التوءم الحميرى كاهنا، وكان قد أوتى بسطةً فى الجسم، وسعةً فى المال، وكان عاتيا؛ فلما وفدت وفود اليمن على النبى صلى الله عليه وسلم وظهر الإسلام أغار على إبل لمرادٍ فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر، فحالف جودان بن يحيى الفرضمى، وكان سيدا منيعا، ونزل بواد من أودية الشجر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين.
قال خنافر:
وكان رئيي فى الجاهلية (والرئي هو أحد الجان يصادق كاهنا من الكهان) لا يكاد يتغيب عنى، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءنى ذلك،
فبينا أنا ليلةً بذلك الوادى نائما إذ هوى هوى العقاب،
فقال: خنافر.
فقلت: شصار؟ (وشصار هو اسم هذا الجني صديق خنافر)
فقال: اسمع أٌقل، قلت: قل أسمع،
فقال: عه تغنم، لكل مدةٍ نهاية، وكل ذى أمد إلى غاية،
قلت: أجل،
فقال: كل دولة إلى أجل، ثم يتاح لها حول، انتسخت النحل، ورجعت إلى حقائقها الملل؛ إنك سجير موصول، والنصح لك مبذول؛ وإنى آنست بأرض الشام، نفرا من آل العذام، حكاما على الحكام، يذبرون ذا رونق من الكلام؛ ليس بالشعر المؤلف، ولا السجع المتكلف؛ فاصغيت فزجرت، فعاودت فظلفت؛ فقلت بم تهينمون، وإلام تعتزون؟ قالوا: خطاب كبار، جاء من عند الملك الجبار، فاسمع باشصار، عن أصدق الأخبار، وأسلك أوضح الآثارن تنج من أوار النار؛ فقلت: وما هذا الكلام؟ فقالوا: فرقان بين الكفر والإيمان؛ رسول من مضرن من أهل المدر، ابتعث فظهر، فجاء بقول قد بهر، وأوضح ن هجاً قد دثر، فه مواعظ لمن اعتبر، ومعاذ لمن ازدجر، ألف بالآى الكبر؛ قلت: ومن هذا المبعثو من مضر؟ قال: أحمد خير البشر، فإن آمنت أعطيت الشبر، وإن خالفت أصليت سقر؛ فآمنت يا خنافر، وأقبلت إليك أبادر، فجانب كل كافر، وشايع كل مؤمن طاهر؛ وإلا فهو الفراق، لا عن تلاق؛
قلت: من أين أبغى هذا الدين؟
قولوا آمييين:
رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي
ربنا وتقبل دعاء
قال: من ذات الإحرين، والنفر اليمانين، أهل الماء والطين؛ قلت: أوضح، قال: الحق بيثرب ذات النخل، والحرة ذات النعل، فهناك أهل الطول والفضل، والمواساة والبذل؛ ثم املس عنى. فبت مذعورا أراعى الصباح؛ فلما برق فى النور امتطيت راحلتى، وآذنت أعبدى، واحتملت بأهلى حتى وردت الجوف؛ فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها، وأقبلت أريد صنعاء، فأصبت بها معاذ بن جبل أميراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعته على الإسلام وعلمنى سوراً من القرآن؛ فمن الله على بالهدى بعد الضلالة، والعلم بعد الجهالة، وقلت فى ذلك:
ألم تر أن الله عاد بفضله ... فانقذ من لفح الزخيخ خنافرا
وكشف لى عن حجمتى عماهما ... وأوضح لى نهجى وقد كان دائرا
دعانى شصار للتى لو رفضتها ... لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا
فأصبحت والإسلام حشو جوانحى ... وجانبت من أمسى عن الحق نائرا
وكان مضلى من هديت برشده ... فلله مغوٍ عاد بالرشد آمرا
نجوت بحمد الله منكل فحمة ... تورث هلكاً يوم شايعت شاصرا
وقد أمنتنى بعد ذاك يحابر ... بما كنت أغشى المنديات يحابرا
فمن مبلغ فتيان قومى ألوكة ... بأنى من اقتال من كان كافرا
عليكم سواء القصد لا فل حدكم ... فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا
أمالي القالي - (1 / 63)
=