في اللغة : مداره على الصفاء والتميز عن الأوشاب التي تخالط الشيء
[ فهو الشيء الذي صفا من شوائبه {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } النحل66
وفي الاصطلاح : تعريفات العلماء للإخلاص متقاربة ، مدارها على قصدِ الله بالعبادة دون سواه
ومن أحسنها : قول سهل بن عبد الله التستري : أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة
فعلى هذا يكون الإخلاص : هو أن يقصد العبد بقوله وفعله وجهاده وجه الله وابتغاء مرضاته
من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر أو ذكر
قال تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))
قال العز بن عبد السلام : "الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً
ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي".
قال سهل بن عبد الله: "الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة".
وقيل: " هو تفريغ القلب لله " أي: صرف الانشغال عمّا سواه، وهذا كمال الإخلاص لله تعالى
وقيل: "الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
و يقول الهروي: "الإخلاص تصفية العمل من كل شوب".
ويقول بعضهم: "المخلص هو: الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس
من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله".
ويقول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي؛ إنها تتقلبُ عليّ".
ما هو المعيار في الإخلاص والمعيار في الرياء؟!
ولا بد أن ننتبه لهذا الأمر، ولعلكم تتساءلون، فالقضية حساسة وقد تصيب النفس بالخواطر والهواجس، وقد ينشغل الإنسان لملاحظة نفسه
في هذا الباب! إذاً ما هو المعيار والميزان الدقيق والضابط الصحيح في معرفة أنني مخلص أو غير مخلص؟!
- استواء الظاهر والباطن:-
ذكر ذلك أهل العلم، فبينوا أن الضابط في الإخلاص هو : استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن .
أي: أن تستوي أعمالك في ظاهرك وباطنك، هذا معيار الإخلاص وأما الضابط في الرياء هو: أن يكون ظاهرك خيرٌ من باطنك.
وأما صدق الإخلاص: أن يكون الباطن خيرٌ من الظاهر، ليست القضية أن يستوي الظاهر والباطن، فهذا هو الإخلاص.
1-العجب بالنفس و علاجه:
(إعجاب المرء بنفسه) فيرى أنه قد أدى عبادات، وأنه قد وصل إلى مراتب بينه وبين نفسه،
ولكي تعالج هذا الإعجاب الذي يقدح في عملك عليك بالأمور الآتية:
أولاً: أن تعلم أن الله عز وجل حقه أكبر مما عملت، وتعلم أيضاً أن الذي وفقك لهذا العمل هو الله عز وجل
أن تشعر إذا عملت عملاً بشدة الحياء من الله عز وجل قال تعالى:
"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ" [المؤمنون:60]
أي: إنك إذا تصدقت بصدقة أو عملت عملاً طيباً، فليكن إحساسك بالحياء من الله عز وجل،
لأنك تقدم شيئاً وتخشى ألا يقبل، وحق الله أعظم من هذا، أن تعلم أن كل عمل مهما عظم؛
فإن للشيطان فيه نصيباً ولو قل، وقال صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي يلتفت فجأة في الصلاة ثم يرجع
: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) هذا اختلاس النظر فكيف باختلاس القلب
! فإذا عرفت أن كل عمل عملته قد يكون للشيطان فيه نصيبا،ً تعلم أن عملك معيب
ولذلك لا يمكن أن تعجب بعملٍ معيب وناقص.
2- طلب العوض من المخلوقين و علاجه:
أن يطلب العبد بعمله العوض من المخلوقين كيف ما كان هذا العوض
ولكي يقضي العبد على طلب هذه الأشياء من المخلوقين؛ انظر إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
(إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادى منادٍ: من كان أشرك في عمله لله أحداً؛ فليطلب ثوابه من عنده
فإن الله أغنى الأغنياء عن الشرك، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك )
ولذلك إذا تأمل العبد أنه يوم القيامة سيقال له: اذهب إلى الناس الذين راءيت من أجلهم
اطلب منهم ثواب العمل، وأنهم لن يعطوه شيئاً، فماذا سيكون موقفه . . ؟
3-الرياء و علاجه:
(ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ الشرك الخفي)
يرائي الناس بطلب رؤيتهم ليمدحوه.
و في علاج الرياء هناك علاج علمي وعلاج عملي، من العلاج العلمي: أن تعلم ما هو عذاب المرائين يوم القيامة
يقول عليه الصلاة والسلام: ( من سمع الناس بعمله راءى الله به يوم القيامة وسمع )
وفي رواية : ( إلا سمع الله به على رءوس الخلائق يوم القيامة )
يعني: فضحه على رءوس الأولين من آدم إلى آخر واحد.
علامات الرياء كثيرة ومنها، لو قال واحد: أعطني حدوداً أعرف بها هل أنا مرائي أم لا، فنقول: النشاط في الملأ مع الكسل في الخلاء
ومحبة الحمد على جميع أمورك؛ إذا كنت تنشط في الملأ وتكسل في الخلاء، وتحب أن تحمد على أفعالك
فأنت على خطر من أن تكون مرائياً، ولذلك من علاجات الرياء العملية، مثلاً إذا شككت أن إطالتك في سجودك في المسجد لأجل الناس
اذهب إلى بيتك وصلي صلاةً أطول منها، وإذا شككت أن النفقة التي أخرجتها من أجل الناس في المسجد،
فاذهب سراً وأنفق نفقةً أكبر منها.ومن الأمور كذلك التي نكتسب بها الإخلاص: الدعاء، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
كان يستعيذ بالله من أمور: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه).
ولمرافقة أهل الإخلاص أثر، فأنت تكتسب الإخلاص إذارافقت أهل الإخلاص.
يقول محمد بن أعين وكان صاحب ابن المبارك في أسفاره :
كنا ذات ليلة ونحن في غزو الروم ، فذهب عبد الله بن المبارك ليضع رأسه ليريني أنه ينام ،يقول فوضعت رأسي على الرمح
لأريه أني أنام كذلك ، قال: فظن أني قد نمت ، فقام فأخذ في صلاته ، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمُقُه
فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم ، وقال : يا محمد ، فقلتُ: إني لم أنم ،
فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يُكلمني ولا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها ، كأنه لم يعجبه ذلك مني
لما فطنت له من العمل فلم أزل أعرفها فيه حتى مات ولم أر رجلاً أسرَّ بالخير منه .
كان علي بن الحسين زين العابدين يحمل الصدقات والطعام ليلاً على ظهره ، ويوصل ذلك إلى بيوت الأرامل والفقراء في المدينة
، ولا يعلمون من وضعها ، وكان لا يستعين بخادم ولا عبد أو غيره .. لئلا يطلع عليه أحد .. وبقي كذلك سنوات طويلة ،
وما كان الفقراء والأرامل يعلمون كيف جاءهم هذا الطعام .. فلما مات وجدوا على ظهره آثاراً من السواد
فعلموا أن ذلك بسبب ما كان يحمله على ظهره ، فما انقطعت صدقة السر في المدينة حتى مات زين العابدين .
وهذا عبد الله بن المبارك حينما خرج في غزو بلاد الروم فالتقى المسلمون بالعدو ، وخرج عِلجٌ من العدو يطلب المبارزة ويجول بين الصفين ،
فخرج له رجل من المسلمين فقتله العلج ، وخرج ثاني فقتله ، وخرج الثالث فقتله ، فبرز له رجل آخر ، فصاوله ثم قَتَلَ العلجَ
فاجتمع الناس عليه ينظرون من هو ؟ فجعل يغطي وجهه بكمه لئلا يعرفه أحد ، فجاءه رجل يقال له أبو عمر فرفع كمه عن وجهه
فإذا هو عبد الله بن المبارك ، فقال عبد الله بن المبارك :
" وأنت يا أبا عمر ممن يُشنع علينا" – ماهذه الشناعة في نظر ابن المبارك رحمه الله ؟!
الشناعة أنه أظهر أن هذا هو البطل الباسل الذي تمكن من قتل هذا العلج الذي قتل عدداً من
المسلمين – كان يغطي وجهه بكمه يريد وجه الله تعالى - .
وهذا أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي، يقول عنه خادمه أبو عبد الله ، كان محمد يدخل بيتا ويُغلق بابه ، ويدخل معه كوزاً من ماء
، فلم أدر ما يصنع ، حتى سمعتُ ابناً صغيراً له يبكي بكاءه ، فَنهتهَ أمُهُ ، فقلتُ لها : ما هذا البكاء ؟
فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت ، فيقرأ القرآن ويبكي ، فيسمعه الصبي فيحكيه
فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه ؛ فلا يُرى عليه أثر البكاء .
1- الإخلاص سبب لقبول العمل 2 - بالإخلاص يؤجر المرء ولو أخطأ 3 - الإخلاص يكثّر العمل القليل
4- الإخلاص ينجي الإنسان من حرمان الأجر و نقصانه 5 - بالإخلاص يدرك الأجر على العملوإن عجز عنه
6- الإخلاص سبب للمغفرة الكبيرة للذنوب 7 - بالإخلاص تنال شفاعة سيدنا محمد
8 - الإخلاص ينجي من العذاب العظيم يوم الدين 9 - بالإخلاص يتخلص العبد من الشيطان
10- الإخلاص يقلب المباحات إلى عبادات 11 - اجتماع القلب في الدنيا وزوال الهم
12- تنفيس الكروب لا يحدث إلا بالإخلاص 13 - الإخلاص يثمر السكينة
14- بالإخلاص تتوحد الأمة وتنتصر وتعود إلى مجدها 15 - بالإخلاص تنتشر الدعوة الإسلامية وتعطي ثمارها
16- الإخلاص سبب لاستجابة الدعاء 17 - الإخلاص سبب الحياة الطيب
18- الإخلاص سر تحول القلوب وتغير الشخصيات 19 - بالإخلاص يفتح الله لك أبواب الهداية في كل شيء
20- بالإخلاص تنال الرؤيا الصادقة 21 - بالإخلاص يكفيك الله ما بينك وبين الناس 22 - بالإخلاص تزين لك الطاعات وتثبت عليها