هل يعذب الله مشركاً لم يأته رسول ولم تبلغه رسالة ؟ وهل يعذب الله طفلاً مات صغيراً ولم يكن له من ذنب سوى أنه ولد لأبوين كافرين ؟ وهل يعذب الله مجنوناً جاءته الرسل وهو لا يعقل من أمر الدين والدنيا شيئاً ؟ وهل يعذب الله أصماً أبكماً لم يسمع آيات الحق ولم يعقلها ؟ أسئلة كبيرة تتعلق بمصائر أمم من البشر حالت ظروفهم الخارجة عن إرادتهم دون سماعهم الآيات ودلائل النبوة !! فماتوا على ما هم عليهم من الكفر .
فكيف يحاسبهم الله يوم القيامة إذاً ؟ هل يدخلهم الجنة، كيف ؟ والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون !! أم هل يدخلهم النار ؟ كيف ؟ والنار لا يدخلها إلا من جاءته الرسل، وبلغته الحجة على الوجه الصحيح، والله يقول: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } ويقول سبحانه حكاية عن أهل النار وقد سئلوا: { ألم يأتكم نذير } فكان جوابهم:{ بلى قد جاءنا نذير فكذبنا }(الملك: 8-9 ) فكيف يفعل الله بهم إذاً ؟ وكيف يتحقق فيهم عدله سبحانه ؟
تكلم أهل العلم في ذلك واختلفوا، فقال بعضهم: إنهم في النار، وذلك لأن توحيد الله عز وجل مما تدركه الفطر والعقول ولا يحتاج إلى رسالات الأنبياء، وبالتالي فإن ُمخالِف الفطرة والعقل في أمر التوحيد يستوجب العقاب، وقال آخرون - وهو الذي عليه المحققون وبه تجتمع النصوص الواردة في هذا الباب - أن الله يختبرهم يوم القيامة، فيأخذ عهودهم ومواثيقهم على طاعته والتسليم لأمره، ثم يأمرهم بدخول نار، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، وفاز في الامتحان، واستحق جنة الله ورضوانه، ومن عصى فلم يدخل النار سحبه الملائكة إليها، جزاء عصيانه ومخالفته أمر الله، وهذا ما ورد به الحديث الصحيح في مسند الإمام أحمد عن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: ربِّ قد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها يسحب إليها ).
والآخرة وإن كانت دار جزاء إلا أن الله يأمر العباد في ذلك اليوم بأنواع من التكاليف، كالأمر بالمرور على الصراط، والأمر بالسجود { ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } فالتكليف في الدار الآخر موجود، وله صور متعددة، ولا ينقطع التكليف إلا بدخول المؤمنين الجنة والكافرين النار حيث يلقى كل جزاءه .
وهذا الحكم يشمل من مات في فترة انقطاع الرسل، ويشمل كذلك المجنون والأصم والأبكم الذين ماتوا ولم يعقلوا دلائل الرسل ومعجزاتهم.
حكم أطفال المشركين في الآخرة
أما أطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ولم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا لأبوين كافرين، فقد اختلف أهل العلم فيهم أيضاً، فمنهم من قال: هم في النار مع آبائهم، ومنهم من توقف فيهم فلم يحكم فيهم بجنة ولا بنار، بل أرجع أمرهم إلى الله، ومنهم من قال: هم كأطفال المسلمين في الجنة، ولا يضرهم كفر آبائهم { ولا تزر وازرة وزر أخرى }(الإسراء:15) وهذا الذي تدل عليه الأدلة، فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم – في المنام إبراهيم الخليل - عليه السلام – وحوله ولدان كثيرون، وهم كل من مات على الفطرة، فسأل رجل من المسلمين: وأولاد المشركين ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( وأولاد المشركين ) رواه البخاري ، وسئل - صلى الله عليه وسلم –: من في الجنة ؟ فقال: ( النبي في الجنة، والمولود في الجنة، والموؤدة في الجنة ) رواه أحمد ، والموؤدة هي البنت الصغيرة يدفنها أبوها المشرك حية . وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم – ربه ألا يعذب الأطفال من ذرية البشر ؟ فأعطاه الله ذلك . رواه أبو يعلى ، وذلك لأنهم ماتوا على الفطرة، ومن مات على الفطرة مات على التوحيد، ومن مات على التوحيد كان من أهل الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ) متفق عليه . ثم لأنهم ماتوا ولا عمل يدينهم، والله عز وجل إنما يجازي الناس على أعمالهم، كما قال سبحانه:{ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون }( النمل: 90 ) .
ومن هنا نعلم مدى عدل الله وحكمته، في اختبار من مات ولم يصله رسوله ولم تبلغه رسالة على الوجه الصحيح، فهو لم يقض عليهم بالنار لعدم قيام الحجة عليهم، ولم يقض لهم بالجنة لقصور أعمالهم عن دخولها، بل اختبرهم فمن أطاعه في ذلك اليوم كان من أهل الجنة، ومن عصاه - وقد انكشف له حجاب الغيب وعاين أهوال القيامة – فهو لرسل الله في الدنيا أشد عصياناً فاستحق العذاب .
أما أطفال المشركين فاقتضت حكمة الله وعدله ألا يعذبوا بأمر لم يدخل تحت كسبهم وإرادتهم، فاستحقوا جنة الله ورضوانه فضلا من الله وكرماً.
فكيف يحاسبهم الله يوم القيامة إذاً ؟ هل يدخلهم الجنة، كيف ؟ والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون !! أم هل يدخلهم النار ؟ كيف ؟ والنار لا يدخلها إلا من جاءته الرسل، وبلغته الحجة على الوجه الصحيح، والله يقول: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } ويقول سبحانه حكاية عن أهل النار وقد سئلوا: { ألم يأتكم نذير } فكان جوابهم:{ بلى قد جاءنا نذير فكذبنا }(الملك: 8-9 ) فكيف يفعل الله بهم إذاً ؟ وكيف يتحقق فيهم عدله سبحانه ؟
تكلم أهل العلم في ذلك واختلفوا، فقال بعضهم: إنهم في النار، وذلك لأن توحيد الله عز وجل مما تدركه الفطر والعقول ولا يحتاج إلى رسالات الأنبياء، وبالتالي فإن ُمخالِف الفطرة والعقل في أمر التوحيد يستوجب العقاب، وقال آخرون - وهو الذي عليه المحققون وبه تجتمع النصوص الواردة في هذا الباب - أن الله يختبرهم يوم القيامة، فيأخذ عهودهم ومواثيقهم على طاعته والتسليم لأمره، ثم يأمرهم بدخول نار، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، وفاز في الامتحان، واستحق جنة الله ورضوانه، ومن عصى فلم يدخل النار سحبه الملائكة إليها، جزاء عصيانه ومخالفته أمر الله، وهذا ما ورد به الحديث الصحيح في مسند الإمام أحمد عن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: ربِّ قد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها يسحب إليها ).
والآخرة وإن كانت دار جزاء إلا أن الله يأمر العباد في ذلك اليوم بأنواع من التكاليف، كالأمر بالمرور على الصراط، والأمر بالسجود { ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } فالتكليف في الدار الآخر موجود، وله صور متعددة، ولا ينقطع التكليف إلا بدخول المؤمنين الجنة والكافرين النار حيث يلقى كل جزاءه .
وهذا الحكم يشمل من مات في فترة انقطاع الرسل، ويشمل كذلك المجنون والأصم والأبكم الذين ماتوا ولم يعقلوا دلائل الرسل ومعجزاتهم.
حكم أطفال المشركين في الآخرة
أما أطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً ولم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا لأبوين كافرين، فقد اختلف أهل العلم فيهم أيضاً، فمنهم من قال: هم في النار مع آبائهم، ومنهم من توقف فيهم فلم يحكم فيهم بجنة ولا بنار، بل أرجع أمرهم إلى الله، ومنهم من قال: هم كأطفال المسلمين في الجنة، ولا يضرهم كفر آبائهم { ولا تزر وازرة وزر أخرى }(الإسراء:15) وهذا الذي تدل عليه الأدلة، فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم – في المنام إبراهيم الخليل - عليه السلام – وحوله ولدان كثيرون، وهم كل من مات على الفطرة، فسأل رجل من المسلمين: وأولاد المشركين ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( وأولاد المشركين ) رواه البخاري ، وسئل - صلى الله عليه وسلم –: من في الجنة ؟ فقال: ( النبي في الجنة، والمولود في الجنة، والموؤدة في الجنة ) رواه أحمد ، والموؤدة هي البنت الصغيرة يدفنها أبوها المشرك حية . وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم – ربه ألا يعذب الأطفال من ذرية البشر ؟ فأعطاه الله ذلك . رواه أبو يعلى ، وذلك لأنهم ماتوا على الفطرة، ومن مات على الفطرة مات على التوحيد، ومن مات على التوحيد كان من أهل الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ) متفق عليه . ثم لأنهم ماتوا ولا عمل يدينهم، والله عز وجل إنما يجازي الناس على أعمالهم، كما قال سبحانه:{ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون }( النمل: 90 ) .
ومن هنا نعلم مدى عدل الله وحكمته، في اختبار من مات ولم يصله رسوله ولم تبلغه رسالة على الوجه الصحيح، فهو لم يقض عليهم بالنار لعدم قيام الحجة عليهم، ولم يقض لهم بالجنة لقصور أعمالهم عن دخولها، بل اختبرهم فمن أطاعه في ذلك اليوم كان من أهل الجنة، ومن عصاه - وقد انكشف له حجاب الغيب وعاين أهوال القيامة – فهو لرسل الله في الدنيا أشد عصياناً فاستحق العذاب .
أما أطفال المشركين فاقتضت حكمة الله وعدله ألا يعذبوا بأمر لم يدخل تحت كسبهم وإرادتهم، فاستحقوا جنة الله ورضوانه فضلا من الله وكرماً.