الألم، هو الناطق الرئيس في الكثير من الحالات المرضية، بل قد يكون في بعض الأحيان العارض الوحيد. والألم يأتي على حين غرة ليذهب كما جاء، أو أنه قد يظل ملاصقاً لصاحبه لفترة تقصر أو تطول. والألم رد فعل طبيعي من الجسم غايته التنبيه بأن هناك مشكلة لا بد من كشفها وعلاجها، وهو إحساس ذاتي يصفه المريض كما يدركه هو، لذا فإن حدته تختلف من مريض إلى آخر، فهناك من يستطيع تحمل الألم بدرجات عالية، وهناك من لا يستطيع الصمود حتى أمام درجات خفيفة منه. | |
في السطور الآتية نعرض بعض شكاوى الألم
الشائعة التي قد تداهم الشخص في نهاراته ولياليه والسبل الممكنة للسيطرة
عليها بتطبيق بعض الإجراءات البسيطة ريثما تتم استشارة الطبيب لتشخيص
السبب الفعلي:
- آلام الحلق، وهي تعكس وجود تخريش في الغشاء
المخاطي بسبب جفاف الهواء، أو قد تكون مؤشراً على الإصابة بالتهاب
ميكروبي. إن بعض الوصفات الطبيعية مثل الغرغرة باستعمال محلول ملحي، أو
البابونج الدافئ، أو عصير الليمون الممدد بالماء الفاتر مرات عدة في
اليوم، يساعد في تهدئة آلام الحلق خلال فترة وجيزة. أما إذا عندت الآلام
أمام هذه الوصفات فمن الضروري استشارة الطبيب لوصف العلاج المناسب.
-
آلام الرقبة. معظم الناس يشكي من آلام العنق، وغالبا ما تكون العادات
السيئة والخاطئة هي التي تقف خلف هذه الآلام. فالرقبة تحمل الرأس وتقوم
بتوجيهه، وكل ما يؤدي إلى إجهاد عضلاتها ومفاصلها من شأنه أن يحدث الآلام
فيها، وهذه الآلام تختفي عادة بالاستخدام الصحيح للرقبة ومراعاة بعض
الأمور مثل النوم في شكل سليم، ووضع مخدة مناسبة، وتفادي النوم على البطن،
وتحاشي وضعية الذقن المنحنية على الصدر باختيار وضعية أفضل للجلوس السليم.
إن الاستحمام بماء ساخن يزيل نسبة لا بأس بها من آلام العنق، كما
يفيد وضع الكمادات الدافئة، أو لف العنق بمنشفة حارة. وهناك أمران يجب
التقيد بهما في آلام العنق: عدم الالتفات بسرعة، وعدم لي العنق كثيراً.
-
آلام الكتف. إن أكبر مصدر يسبب آلام الكتف هو الأنسجة الرخوة التي تحيط
بمفصل الكتف، خصوصاً الأربطة والعضلات نتيجة القيام بحركات خاطئة أو اتخاذ
وضعيات غير سليمة. إن أهم شيء يجب فعله في هذه الحال هو الراحة وتجنب
الأنشطة الشاقة، ووضع كمّادة ساخنة، وأحياناً قد تنفع الكمادات الباردة.
وإذا كانت الوضعيات الخاطئة والتوترات هي سبب آلام الكتف فمن الأفضل
اللجوء إلى الاسترخاء قدر المستطاع.
- آلام الظهر. إن أكثر من 90
في المئة من أسباب آلام الظهر ترجع إلى الطرق الملتوية وغير الصحيحة في
الوقوف والجلوس والنوم والأنشطة اليومية التي تسبب إجهاداً للعضلات
والأربطة التي تحيط بالفقرات، ويمكن آلام الظهر أن تطاول أي جزء منه، إلا
أن أسفل الظهر هو المكان المفضل له.
إن الراحة في الفراش تعطي
نتيجة طيبة في التخفيف من وطأة وجع الظهر، واذا كان الوجع حاداً فيمكن
الاستعانة بالكمادات الباردة مرات عدة يومياً، ومتى هدأ الألم تستبدل
بكمادات ساخنة لبضع مرات في اليوم. وإذا عادت الآلام من حين الى آخر بعد
شفائها فيجب البحث عن العوامل التي تختفي وراءها، ومن يدري فقد يكون السبب
فراش النوم، أو الوسادة، أو حتى وضعية النوم، أو وضعية الوقوف أو الجلوس.
-
آلام الرأس. قد تأتي آلام الرأس ضيفاً غليظاً على صاحبها فتعكر صفو حياته،
والعوامل التي تثير هذه الآلام كثيرة ومتنوعة. إن حوالى 90 في المئة من
حالات الصداع ميكانيكية المنشأ غالباً ما يكون لها علاقة بوضعية الجسم
وتأثيرها في العضلات والأربطة والمفاصل، ويكفي في هذه الحال تحسين الوضعية
للتغلب على وجع الرأس.
ورياضة الجري قد تكون وسيلة سريعة تساعد في
التخلص من آلام الرأس، لأن الركض يحرض المخ على إطلاق شحنات من مركبات
الأندورفينات التي تعتبر بمثابة مواد طبيعية تشبه في عملها المورفينات في
تسكين الآلام.
وإذا كانت آلام الرأس تلف الجمجمة كلها، والوجه
مشدود، والأنف مسدود، فعلى الأرجح أن السبب هو الجيوب الأنفية، وفي هذه
الحال يكفي الاستحمام بماء ساخن أو وضع كمادات دافئة على العينين
والوجنتين، للحصول على الراحة المنشودة.
- ألم الأسنان. من لم
يمر بتجربة ألم الأسنان في فترة ما من حياته، فهذا النوع من الألم قد يكون
بسيطاً ويزول بسرعة، أو قد يـكون شـديداً يلازم صـاحبة فترة طويلة.
وقد
يثار الألم بمضغ الطعام أو بتناول الأشربة الباردة أو الساخنة أو السكرية.
وهناك تباين شديد بين الناس في مقدرتهم على تحمل ألم الأسنان.
وهناك
أسباب مختلفة لألم الأسنان أهمها التسوس والخراجات والتهابات اللثة. ان
جرعة من المسكنات العادية غالباً ما تسمح بتسكين ألم الأسنان الى حين
زيارة الطبيب. ومن بين الوسائل العاجلة التي تساعد في تهدئة ألم الأسنان
وضع قطعة من القطن مغمسة بزيت القرنفل على السن المصاب بالتسوس.
-
آلام العضلات والمفاصل. إن هذه الآلام رائجة في عصرنا وهي تعتبر مشكلة
صحية مهمة لا بد من تركيز الجهود عليها وعلاجها، وتفيد الدراسات في هذا
الخصوص أن معدل انتشارها يصل الى أكثر من 35 في المئة لدى الرجال مقابل
أكثر من 22 في المئة عند النساء. والإنسان اليوم يرتكب الكثير من الأخطاء
التي تجعل العضلات والمفاصل في حال يرثى لها ما يعرضه الى المعاناة منها.
إن
خير ما يمكن فعله للتخفيف من آلام العضلات والمفاصل هو اتباع نظام يقوم
على الاسترخاء والتدليك والحمامات الدافئة والراحة. وطبعاً فإن إصلاح
الأخطاء التي نرتكبها في حق العضلات والمفاصل يساهم إلى حد كبير في التخلص
من الآلام المزعجة.
- آلام الساقين، وهذه تنتج غالباً من تشنج
عضلات بطة الساق لأسباب غالبيتها مجهولة، ولكن يلعب إجهاد العضلات وتكرار
استعمالها، ونقص التروية الدموية، وقلة شرب السوائل، دوراً بارزاً في
إثارة هذه الآلام، التي تكون قاسية للغاية وتحصل في شكل مفاجئ بحيث تجعل
صاحبها غير قادر على الحركة.
إن التبريد الفوري بوضع كمادة باردة
يسمح في التخلص من آلام تشنج الساق وفي إعطاء المرونة للعضلة المتوترة،
واذا لم تتوافر فمن الممكن استبدالها بكمادة ساخنة. وإذا كانت الآلام تحصل
في الليل فينصح بالحفاظ على الدفء وعدم التعرض للبرد.
- آلام
الكاحل. ان الكاحل هو أحد أهم المفاصل والأكثر عرضة للإصابة، لأنه يشكل
نقطة التقاء ثلاثة عظام، وعلى عاتقه يقع حمل ثقل الجسم كله عند الوقوف
والمشي. وإذا كانت آلام الكاحل تترافق مع التورم فإن تبريد المفصل
بالكمادات الثلجية لمدة ربع ساعة مع تكرار العملية كل 3 أو 4 ساعات من
شأنه أن يفيد في التخفيف من حدة الألم والتورم والالتهاب في العضلات
والأربطة المحيطة بالمفصل. وينصح باستعمال رباط ضاغط حتى يزول التورم مع
الانتباه إلى عدم شده بقوة كي لا يعيق جريان الدورة الدموية.
-
آلام الدورة الشهرية. وهذه تلازم حوالى 80 في المئة من النساء، وهي تعتبر
جزءاً طبيعياً من حيثيات الدورة، وسبب الآلام تقبضات الرحم بفعل هرمونات
البروستاغلاندين من أجل طرد بقايا غشاء الرحم الى الخارج. وآلام الدورة
تقع في القسم السفلي من البطن ويمكنها أن تنتشر إلى أسفل الظهر. وأحياناً
قد تترافق مع زوبعة من العوارض المزعجة مثل الغثيان، والتقيؤ، والإسهال أو
الإمساك، أو الصداع.
إن التنفس البطيء، والاسترخاء، والراحة في
السرير، ووضع كمادات دافئة على أسفل البطن، والاستحمام بمياه دافئة لمدة
عشرين دقيقة تساعد في تخفيف آلام الدورة الشهرية