أرجو أن تفيدني بـحكم دخولي لـ ( الشات ) وصفحات (
الدردشة ) ، حيث إن دخولي لها هو فقط للتسلية والنظر في بعض الموضوعات
المطروحة ومناقشتها ، ولا يخفاكم شيخنا ما يتخلل هذه الأماكن من كلام فاحش
وبذيء... أفدني حفظك الله بهذا الخصوص ، ولك مني جلّ محبتي ودعائي.
الحمد لله
إن مما ينبغي على العبد المسلم : الحرص على تقويم النفس وتهذيبها ، والارتقاء بها
إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وذلك يعني منه طول المجاهدة وحسن السياسة ، وأهم
ما يمكن أن يعينه على ذلك : تجنب أماكن الفساد ، وموارد الهلاك ، فقد اتفق علماء
السلوك على أن النفس مجبولة على الضعف والميل في أصل تكوينها ، وأن العقل هو الذي
يضبطها ويوجه طاقتها ، فإذا أسلم العقلُ النفسَ إلى مراتع الفساد والهوى : فقد لا
يملك بعد ذلك أن يعيدها إلى حياض النجاة والخلاص .
وهكذا هي مجالس اللهو والعبث – أخي السائل - فقد كانت – وما زالت بصورتها المعاصرة
على الإنترنت – مصارف لاستنفاد الطاقات وتضييع المواهب وإهدار الإنجازات ، يجتمع
عليها أهل البطالة ممن لا يحملون رسالة العمل والنجاح في حياتهم ، فيهدرون فيها
أوقاتهم وأعمارهم التي هي أغلى ما يملكون ، ويقضون أيامهم في القيل والقال ، فلا هم
أقاموا دنيا ولا التزموا بدين .
والمسلم حين يستشعر نعمة الفراغ التي أكرمه الله بها لا يملك إلا أن يبحث عن أفضل
عمل يملأ به أيامه وساعاته ، وليس فقط عن عمل حسن يسد عنه ذلك ، ولذلك تجد الصحابة
الكرام رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن أفضل
الأعمال التي ينالون بها أرقى المراتب عند الله تعالى ، فيجيبهم النبي صلى الله
عليه وسلم عما يسألون.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ
النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) .
رواه البخاري ( 6412 ) .
مغبون : أي : ذو خسران فيهما كثير
من الناس .
قال ابن القيم - رحمه الله - وهو يتحدث عن الغيرة على الوقت - :
غيْرة على وقت فات ! وهي غيرة قاتلة ، فإن الوقت وَحِيُّ التقضي – أي : سريع
الانقضاء – أبيُّ الجانب ، بطيء الرجوع ...
والوقت عند العابد : هو وقت العبادة والأوراد ، وعند المريد هو وقت الإقبال على
الله ، والجمعية عليه ، والعكوف عليه بالقلب كله .
والوقت أعز شيء عليه ، يغار عليه أن ينقضي بدون ذلك ، فإذا فاته الوقت : لا يمكنه
استدراكه البتة ؛ لأن الوقت الثاني قد استحق واجبه الخاص ، فإذا فاته وقت : فلا
سبيل له إلى تداركه .
" مدارج السالكين " ( 3 / 49 ) .
وإن أهم ما يساعد على اغتنام
الأوقات الهروب من المجالس الخاوية ، وترك فضول الكلام ، والنأي عن أهل الكسل
والبطالة ، ومصاحبة المجدين النبهاء الأذكياء المتيقظين للوقت والدقائق ، والانغماس
في متعة المطالعة والاستزادة من المعرفة .
فالعاقل الموفق من يملأ حاضر عمره ووقته بفائدة وعمل صالح نافع ، فيترقى في مدارج
السمو والرفعة ، يطلب علما أو يكتب درسا أو يتعلم صنعة أو يزور رحما أو يعود مريضا
أو ينصح ضالا أو يتكسب رزقا يقوم به على عياله يكفهم عما في أيدي الناس .
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا – أي : فارغا – لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة .
ذكره أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في "
الأمثال " ( 48 ) .
وليس في حياة المسلم تسلية في سماع
المعاصي ورؤية المنكرات ، وأنت تعلم أن هذه المحادثات فيها ما يخالف الشرع من الفحش
في القول ، والسوء في الخلق ، فهل الدخول في هذه المستنقعات الآسنة هو مما ينفع
المسلم ، ومن الذي يحرص عليه في حياته .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) .
رواه مسلم ( 2664 )
.
ولو سألك الله تعالى يوم القيامة عن هذه الأوقات التي أضعتها في القيل والقال ،
والكتابة والمحادثة فيما لا ينفعه ، بل هو يضرك : فماذا سيكون جوابك ؟ .
عن أَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيّ قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : (
لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ
أَفْنَاهُ ، وَعن عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وعن مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
وَفيمَ أَنْفَقَهُ ، وعن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ ) .
رواه الترمذي ( 2417 ) وصححه الشيخ الألباني في "
صحيح الترغيب والترهيب " ( 126 ) .
واعلم – أخي – أخيراً :
أن هذه غرف المحادثة قد أفسدت أخلاق كثيرين ، وقد فرَّقت بين أحبة ، وطلَّق رجال
زوجاتهم بسببها ، وخسرت نساء شرفهن بسببها ، واغتر ضعاف الإيمان وقليلو العلم بما
فيها من شبهات وانحرافات فزلت أقدامهم ، والواجب على المسلم إذا سمع عن بيئة فتنة
أو معصية أن ينكر على أهلها ويصلح حالهم – إن كان على ذلك من القادرين - ، أو ينأى
بنفسه عن تلك البيئات ولا يغتر بقوة إيمانه ، أو أنه عارف بأحوالهم ، وإنما هو
يتسلى !
فحذار أخي السائل الكريم من الانغماس في مجالس المحادثة على شبكة ( الإنترنت ) ،
وانأ بنفسك عما فيها من الفحش والبذاءة ، فهي مجالس قليلة النفع كثيرة الضرر ، لا
تنفع في دنيا ولا تنجي في الآخرة .
وإذا وجدت في نفسك انجراراً نحو الفتنة والمعصية ، من محادثة النساء من غير حاجة ،
وتوسع في الحديث مع هذه وتلك : فاعلم أنك على خطر عظيم ، نرجو أن تنجو بنفسك منه
وتعتقها من قيود الشيطان الرجيم .
وقد سبق في موقعنا التنبيه على خطر مجالس المحادثة هذه في أجوبة كثيرة ، منها :
( 34841 ) و (
78375 ) .
والله أعلم
الدردشة ) ، حيث إن دخولي لها هو فقط للتسلية والنظر في بعض الموضوعات
المطروحة ومناقشتها ، ولا يخفاكم شيخنا ما يتخلل هذه الأماكن من كلام فاحش
وبذيء... أفدني حفظك الله بهذا الخصوص ، ولك مني جلّ محبتي ودعائي.
الحمد لله
إن مما ينبغي على العبد المسلم : الحرص على تقويم النفس وتهذيبها ، والارتقاء بها
إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وذلك يعني منه طول المجاهدة وحسن السياسة ، وأهم
ما يمكن أن يعينه على ذلك : تجنب أماكن الفساد ، وموارد الهلاك ، فقد اتفق علماء
السلوك على أن النفس مجبولة على الضعف والميل في أصل تكوينها ، وأن العقل هو الذي
يضبطها ويوجه طاقتها ، فإذا أسلم العقلُ النفسَ إلى مراتع الفساد والهوى : فقد لا
يملك بعد ذلك أن يعيدها إلى حياض النجاة والخلاص .
وهكذا هي مجالس اللهو والعبث – أخي السائل - فقد كانت – وما زالت بصورتها المعاصرة
على الإنترنت – مصارف لاستنفاد الطاقات وتضييع المواهب وإهدار الإنجازات ، يجتمع
عليها أهل البطالة ممن لا يحملون رسالة العمل والنجاح في حياتهم ، فيهدرون فيها
أوقاتهم وأعمارهم التي هي أغلى ما يملكون ، ويقضون أيامهم في القيل والقال ، فلا هم
أقاموا دنيا ولا التزموا بدين .
والمسلم حين يستشعر نعمة الفراغ التي أكرمه الله بها لا يملك إلا أن يبحث عن أفضل
عمل يملأ به أيامه وساعاته ، وليس فقط عن عمل حسن يسد عنه ذلك ، ولذلك تجد الصحابة
الكرام رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن أفضل
الأعمال التي ينالون بها أرقى المراتب عند الله تعالى ، فيجيبهم النبي صلى الله
عليه وسلم عما يسألون.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ
النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) .
رواه البخاري ( 6412 ) .
مغبون : أي : ذو خسران فيهما كثير
من الناس .
قال ابن القيم - رحمه الله - وهو يتحدث عن الغيرة على الوقت - :
غيْرة على وقت فات ! وهي غيرة قاتلة ، فإن الوقت وَحِيُّ التقضي – أي : سريع
الانقضاء – أبيُّ الجانب ، بطيء الرجوع ...
والوقت عند العابد : هو وقت العبادة والأوراد ، وعند المريد هو وقت الإقبال على
الله ، والجمعية عليه ، والعكوف عليه بالقلب كله .
والوقت أعز شيء عليه ، يغار عليه أن ينقضي بدون ذلك ، فإذا فاته الوقت : لا يمكنه
استدراكه البتة ؛ لأن الوقت الثاني قد استحق واجبه الخاص ، فإذا فاته وقت : فلا
سبيل له إلى تداركه .
" مدارج السالكين " ( 3 / 49 ) .
وإن أهم ما يساعد على اغتنام
الأوقات الهروب من المجالس الخاوية ، وترك فضول الكلام ، والنأي عن أهل الكسل
والبطالة ، ومصاحبة المجدين النبهاء الأذكياء المتيقظين للوقت والدقائق ، والانغماس
في متعة المطالعة والاستزادة من المعرفة .
فالعاقل الموفق من يملأ حاضر عمره ووقته بفائدة وعمل صالح نافع ، فيترقى في مدارج
السمو والرفعة ، يطلب علما أو يكتب درسا أو يتعلم صنعة أو يزور رحما أو يعود مريضا
أو ينصح ضالا أو يتكسب رزقا يقوم به على عياله يكفهم عما في أيدي الناس .
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا – أي : فارغا – لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة .
ذكره أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في "
الأمثال " ( 48 ) .
وليس في حياة المسلم تسلية في سماع
المعاصي ورؤية المنكرات ، وأنت تعلم أن هذه المحادثات فيها ما يخالف الشرع من الفحش
في القول ، والسوء في الخلق ، فهل الدخول في هذه المستنقعات الآسنة هو مما ينفع
المسلم ، ومن الذي يحرص عليه في حياته .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) .
رواه مسلم ( 2664 )
.
ولو سألك الله تعالى يوم القيامة عن هذه الأوقات التي أضعتها في القيل والقال ،
والكتابة والمحادثة فيما لا ينفعه ، بل هو يضرك : فماذا سيكون جوابك ؟ .
عن أَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيّ قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : (
لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ
أَفْنَاهُ ، وَعن عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وعن مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
وَفيمَ أَنْفَقَهُ ، وعن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ ) .
رواه الترمذي ( 2417 ) وصححه الشيخ الألباني في "
صحيح الترغيب والترهيب " ( 126 ) .
واعلم – أخي – أخيراً :
أن هذه غرف المحادثة قد أفسدت أخلاق كثيرين ، وقد فرَّقت بين أحبة ، وطلَّق رجال
زوجاتهم بسببها ، وخسرت نساء شرفهن بسببها ، واغتر ضعاف الإيمان وقليلو العلم بما
فيها من شبهات وانحرافات فزلت أقدامهم ، والواجب على المسلم إذا سمع عن بيئة فتنة
أو معصية أن ينكر على أهلها ويصلح حالهم – إن كان على ذلك من القادرين - ، أو ينأى
بنفسه عن تلك البيئات ولا يغتر بقوة إيمانه ، أو أنه عارف بأحوالهم ، وإنما هو
يتسلى !
فحذار أخي السائل الكريم من الانغماس في مجالس المحادثة على شبكة ( الإنترنت ) ،
وانأ بنفسك عما فيها من الفحش والبذاءة ، فهي مجالس قليلة النفع كثيرة الضرر ، لا
تنفع في دنيا ولا تنجي في الآخرة .
وإذا وجدت في نفسك انجراراً نحو الفتنة والمعصية ، من محادثة النساء من غير حاجة ،
وتوسع في الحديث مع هذه وتلك : فاعلم أنك على خطر عظيم ، نرجو أن تنجو بنفسك منه
وتعتقها من قيود الشيطان الرجيم .
وقد سبق في موقعنا التنبيه على خطر مجالس المحادثة هذه في أجوبة كثيرة ، منها :
( 34841 ) و (
78375 ) .
والله أعلم