البدعة
العناويين الرئيسية بالموضوع
-----------------------------
(1)
تعريف البدعة
(2)
أنواع البدع
(3)
مفهوم البدعة عند أهل السنة وأدلتهم
(4)
البدعة هي التي تفعل بقصد القربة
(5)
البدعة هي ماليس له أصل في الدين
(6)
بعض الشبه المتعلقة بالبدع
(7)
من أسباب الوقوع في الإبتداع
(
أسباب ظهور البدع
(9)
ظهور البدع في حياة المسلمين
(10)
موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة
ومنهج أهل السنة والجماعة في الرد عليهم
(11)
بيان نماذج من البدع المعاصرة
( 1 )
تعريف البدعة لغة وشرعًا
البدعة لغة: الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ}
[الأحقاف:9]، ومنه قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة)([1])، وقول
الشافعيّ: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو
محمود، وما خالف السنّة فهو مذموم"([2]).
قال
ابن رجب: "وأمّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنّما ذلك في
البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لمّا جمع النّاس
في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال:
(نعمت البدعة هذه)"([3]).
والتعب والكلال ومنه أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أبدع بي فاحملني ([4])، فقال: ((ما عندي)) فقال رجل: يا رسول الله! أنا أدّله على من يحمله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله)) ([5]).
والبدعة شرعًا: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعيّة، يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى([6]).
(طريقة في الدين) الطريقة والطريق السبيل، وقيَّدت بالدين لأنَّها فيه تُخترع، وإليه يضيفها صاحبُها.
(مخترعة) أي طريقة ابتدعت على غير مثال سابق.
(تضاهي الشرعيّة) يعني: أنَّها تشابه الطريقة الشرعيَّة من غير أن تكون في الحقيقة كذلك؛ من التزام كيفيَّات وهيئات معيَّنة.
(يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى)؛ لأنّ أصل الدخول فيها يحثّ على الانقطاع إلى العبادة والترغيب في ذلك([7]).
قال ابن رجب: "فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والدين منه بريء"([8]).
وقال:
"والمراد بالبدعة: ما أحدث ممّا لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأمّا ما
كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة"([9]).
قال ابن حجر: "والمراد بقوله: ((كل بدعة ضلالة)) ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام"([10]).
مقارنة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للبدعة:
المعنى
اللغوي أعمّ من المعنى الشرعي، فالعلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق؛ إذ
كل بدعة في الشرع يطلق عليها لغة أنها بدعة، وليس كل ما يطلق عليه في
اللغة أنه بدعةٌ بدعةً في الشرع.
والبدعة في الشرع ملازمة لصفة الضلالة؛ للحديث الوارد: ((كل بدعة ضلالة))([11])، وأما البدعة بمعناها اللغوي فليست كلها ملازمة لوصف الضلالة.
ــــــــــــ
الهوامش:
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه (2010).
([2]) انظر: فتح الباري (13/253).
([3]) جامع العلوم والحكم (2/128).
([4] ) جامع العلوم والحكم (2/128).
([5]) أخرجه مسلم (1893).
([6]) الاعتصام (1/37).
([7]) انظر: علم أصول البدع لعلي حسن (ص 24-25).
([8]) جامع العلوم والحكم (1/128).
([9]) جامع العلوم والحكم (2/127)
([10]) فتح الباري (13/254).
( 2 )
أنواع البدع
البدعة في الدين نوعان :
النوع الأول : بدعة قولية اعتقادية ، كمقالات الجهمية والمعزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم .
النوع الثاني : بدعة في العبادات ، كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها وهي أنواع :
النوع الأول : ما يكون في أصل العبادة
- بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع ، كأن يحدث صلاة غير مشروعة ، أو
صيامًا غير مشروع أو أعيادًا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها .
النوع الثاني : ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة ، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلًا .
النوع الثالث : ما يكون في صفة
أداء العبادة بأن يؤديها على صفة غير مشروعة ، وذلك كأداء الأذكار
المشروعة بأصوات جماعية مطربة ، وكالتمديد على النفس في العبادات إلى حد
يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
النوع الرابع : ما يكون بتخصيص وقت
للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع ، كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته
بصيام وقيام ، فإن أصل الصيام والقيام مشروع ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات
يحتاج إلى دليل .
حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها
كل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة [ رواه أبو داود ، الحديث برقم ( 4607 ) ، والترمذي ، الحديث برقم ( 2676 ) . ] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وفي رواية : من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ، فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة مردودة . ومعنى ذلك : أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة ، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة :
فمنها : ما هو كفر صراح
؛ كالطواف بالقبور تقربًا إلى أصحابها ، وتقديم الذبائح والنذور لها ودعاء
أصحابها والاستغاثة بهم . وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة .
ومنها : ما هو من وسائل الشرك ؛ كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها .
ومنها : ما هو فسق اعتقادي
؛ كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة
للأدلة الشرعية . ومنها : ما هو معصية ؛ كبدعة التبتل والصيام قائمًا في
الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع .
تنبيه
من قسم البدعة إلى : بدعة حسنة ، وبدعة سيئة -فهو غالط ومخطئ ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : فإن كل بدعة ضلالة ؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على البدع كلها بأنها ضلالة . وهذا
يقول : ليس كل بدعة ضلالة ، بل هناك بدعة حسنة ، قال الحافظ ابن رجب في. :
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل بدعة ضلالة ) من جوامع الكلم لا يخرج عنه
شيء . وهو أصل عظيم من أصول الدين . وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد فكل
من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو
ضلالة والدين بريء منه . وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو
الأقوال الظاهرة والباطنة. انتهى .
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح : ( نعمت البدعة هي ) وقالوا أيضًا : إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه .
والجواب عن ذلك :
أن هذه الأمور لها أصل في الشرع ، فليست محدثة . وقول عمر :
( نعمت البدعة ) يريد البدعة اللغوية لا الشرعية ، فما كان له أصل في
الشرع يرجع إليه إذا قيل : إنه بدعه فهو بدعة لغة لا شرعًا ؛ لأن البدعة
شرعًا ، ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه ، وجمع القرآن في كتاب واحد له
أصل في الشرع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن . لكن
كان مكتوبًا متفرقًا فجمعه الصحابة رضي الله عنهم في مصحف واحد ؛ حفظًا له
.
والتراويح
قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير
خشية أن تفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعًا
متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلف إمام واحد ، كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا بدعة في الدين .
وكتابة
الحديث أيضًا لها أصل في الشرع فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة
الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك ، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة
في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلما توفي
صلى الله عليه وسلم انتفى هذا المحذور ؛ لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل
وفاته صلى الله عليه وسلم ؛ فدون المسلمون السنة بعد ذلك حفظًا لها من
الضياع . فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا ؛ حيث حفظوا كتاب ربهم
وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين .