{ أَلَم نَشْرَح لَك صَدْرَك }
د . عائض القرني
نزل هذا الكلام على رسول الله محمد صل الله عليه وسلم فتحققت فيه
هذه الكلمة , فكان سهل الخاطر , منشرح الصدر متفائلاً , جياش الفؤاد
حي العاطفة , ميسراً في أموره , قريباً من القلوب , بسيطاً في عظمة
دانياً من الناس في هيبة , مبتسماً في وقار , متحبباً في سمو , مألوفاً
للحاضر والبادي , جم الخلق , طلق المحيا, مشرق الطلعة , غزير
الحياء , يهش للدعابة , ويبش للقادم , مسروراً بعطاء الله , جذلاً
بالهبات الربانية , لا يعتريه اليأس , ولا يعرف الإحباط و ولا يخلد
إلى التخذيل, ولا يعترف بالقنوط , ويعجبه الفأل الحسن , ويكره
التعمق والتشدق , والتفيهق والتكلف والتنطع , لانه صاحب
رسالة , وحامل مبدأ , وقدوة أمة , وأسوة أجيال , ومعلم شعوب
ورب أسرة , ورجل مجتمع , وكنز مثل , ومجمع فضائل , وبحر
عطايا , ومشرق نور .
إنه باختصار : ميسر لليسرى , وإنه بإيجاز :
{ وَيَضَع عَنْهُم إِصْرَهُم وَالْأَغْلَال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم }
أو بعبارة أخرى : { رَحْمَة لِلْعَالَمِيْن } وكفى !!
{ شَاهِدَا وَمُبَشِّرَا وَنَذِيْرا * وَدَاعَيا إِلَى الْلَّه بِإِذْنِه وَسِرَاجَا مُّنِيْرا }
إن مما يعارض الرسالة الميسرة السهلة : تنطع الخوارج , وتزندق أهل
المنطق وحمق الصوفية , وحذلقة المتكبرين , ووله الشعراء , وهيام
المغنين , وصلف عبيد الدنيا , وانحراف مرتزقة الأفكار .
{ فَهَدَى الْلَّه الَّذِيْن
آَمَنُوْا لِمَا اخْتَلَفُوَا فِيْه مِن الْحَق بِإِذْنِه وَاللَّه يَهْدِي
مَن يَشَاء إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيْم } .