اثار ابو قير تحت الماء (البحر الابيض ) في الاسكندرية
مثلما حلم علماء الفضاء بالسير على
القمر وكان لهم ذلك، فلماذا لا يحلم الأثريون في شتى بقاع الأرض بالسير في
متاحف قابعة تحت الماء. من خلال هذا الحلم اتجهت أنظار العالم إلى مدينة
الإسكندرية لتنفيذ هذه الفكرة خاصة اذا تم التعاون مع هيئة دولية مثل
اليونسكو وبعد العثور على أثار قابعة في قاع البحر المتوسط في موقع الفنار
القديم ـ أحد معجزات الدنيا السبع ـ وبالقرب من قلعة قايتباي بالميناء
الشرقي. وهو المكان نفسه الذي اختاره الغواصان المصري محمد زيدان والفرنسية
سيلين ليكون شاهدا على قصة حبهما، حيث أقيم حفل الزفاف تحت عمق 10 أمتار
تحت الماء بين أطلال معبد كليوباترا. وقد يظن البعض أن اكتشاف هذه الآثار
الغارقة تم أخيرا، لكنه يعود إلى أوائل القرن العشرين، فالحكاية بدأت منذ
عام 1910 وكان بطلها مهندس المواني الفرنسي Jondet عندما كان مكلفا بإجراء
توسعات في ميناء الإسكندرية الغربي حيث اكتشف منشآت تحت الماء تشبه أرصفة
المواني غرب جزيرة فاروس، فعكف علي دراستها ونشر عنها تقارير في دورية
جمعية الآثار الفرنسية بالقاهرة. هذا ما أكده د. علاء الدين محروس محمود
مدير الإدارة العامة للآثار الغارقة بالإسكندرية. وكما يروي دكتور محمود،
ففي عام 1933 لعبت الصدفة دورا في اكتشاف أول موقع للآثار الغارقة في مصر
وذلك في خليج أبي قير شرق الإسكندرية، وكان مكتشفه طيار من السلاح
البريطاني شاهد من طائرته مجموعة من المباني الغارقة تحت الماء في إحدى
طلعاته، فأبلغ الأمير «عمر طوسون» المعروف بحبه للآثار وعضو مجلس إدارة
جمعية الآثار الملكية بالإسكندرية في ذلك الوقت، وقام بتمويل عملية بحث
وانتشال من هذه المنطقة أخرجت لنا رأسا من الرخام للإسكندر الأكبر موجود
الآن بالمتحف اليوناني الروماني بالاسكندريه.
وفي الستينات قام كامل أبو السعادات
أحد محترفي الغوص ومحبي الآثار، بوضع خريطتين للآثار الغارقة واحدة في
الميناء الشرقي، حدد فيها جزيرة «انتيروديس» وبعض البقايا الأثرية الأرضية
وأيضا المخلفات خارج الميناء الشرقي ورأس السلسلة وبجوار قلعة قايتباي. أما
الثانية فكانت بخليج أبى قير، وحدد فيها مواقع السفن الغارقة من أسطول
نابليون وكذلك أطلالا من العصر اليوناني الروماني. وقد شارك أيضا مع
البحرية في انتشال بعض مكتشفاته مثل تمثال لرجل روماني من شرق السلسلة،
وتمثال إيزيس فاريا من موقع الفنار في أبريل ونوفمبر من عام 1962 على
التوالي وهما الآن بالمتحف البحري بالإسكندرية. وانتهت هذه المحاولات بأكبر
الأعمال في منتصف الثمانينات، حيث قامت البحرية الفرنسية بالتعاون مع هيئه
الآثار بدراسة موقع غرق أسطول نابليون وانتشال بعض مخلفاته، فتم انتشال
مجموعة من المدافع وملابس ومعدات الجنود وبعض أجزاء من السفن وبعض أدوات
الحياة اليومية وبعض العملات أيضا، كما تم تحديد موقع السفينة «باتريوت»
وهي سفينة الأبحاث التي صاحبت الحملة الفرنسية على مصر وغرقت على مشارف
الإسكندرية أمام شاطئ العجمي.
ومع بداية التسعينات توافدت البعثات
الأجنبية المهتمة، وبدأت العمل في البحث والتنقيب عن الاثار الغارقة في
مصر. ويعد موقع قلعة «قايتباي» من أهم مواقع تلك الآثار، فقد أقيمت القلعة
على نفس موقع منارة الاسكندرية التي بنيت في عهد بطليموس الأول والتي كان
ارتفاعها 135 مترا.
والموقع مساحته 22500 متر مربع، ويحتوي
على اكثر من 3000 قطعة أثرية معمارية «أساطين ـ قواعد ـ تيجان ـ
أعتاب...»، ومعظم هذه الكتل ذات أوزان ضخمة، منها ما يزيد وزنة على 20 طنا،
بل ان إحدى هذه الكتل يصل وزنها الى 75 طنا وطولها إلى 11 مترا، كما ان
معظمها من الجرانيت الأحمر الوردي، والباقي من الكالسيت، والكوارتزيت،
والحجر الرملي والجيري، والرخام، والبازلت، وهي تنتمي للعصور الفرعونية
واليونانية والرومانية. ويمكن ارجاع هذه الآثار ـ حسب قول رئيس إدارة
الآثار الغارقة ـ إلى مصدرين، الأول: الفنار والمنشآت التي كانت موجودة على
الجزيرة والتي دمرت بفعل الزلازل المتعاقبة خاصة زلزال القرن الرابع عشر.
والثاني: قيام والي الاسكندرية في عهد صلاح الدين بجمع الاثار الملقاة
بجوار عمود السواري وإلقائها في البحر في مدخل ميناء الاسكندرية لتكون
عائقا أمام أسطول إحدى الغزوات الصليبية عام 1167م.
أما موقع الميناء الشرقي فيشير الدكتور
محمود إلى أنه بدأ العمل به عام 1992 حيث قام المعهد الأوروبي للآثار
البحرية بأول عملية مسح شامل للتراث الأثرى وذلك بغرض تحديد موقع
التيمونيوم وبقايا القصور البطلمية وجزيرة انتيروديس ومعبد إيزيس. وقد أكدت
أعمال المسح وصف الميناء الشرقي كما قدمه «إسترابون» الذي زار الإسكندرية
عام 25 قبل الميلاد. وتم تحديد خط الساحل القديم بدقة كبيرة وجزيرة
انتيرودس والألسنة البحرية التي كانت تمتد من خط الساحل القديم داخل البحر
وكذلك الأرصفة الصناعية التي بناها البطالمة ومارك أنطوني. ومواقع وأطلال
القصور البطلمية التي عاشت فيها كليوباترا. وقد اكدت اعمال المسح والحفائر
وجود مواني عديدة داخل الميناء الشرقي، مثل الميناء المؤدي الي القصور
الملكية علي رأس لوخياس، كما وجد في اللسان الى الشرق من جزيرة انتيرودس
ميناء صغير «كيبوتيس» وهو طراز أو نوع من المواني الفرعونية.
أما موقع خليج أبو قير فهو مقسم الى
ثلاث مناطق أولها موقع «كانوب» «الذي يرجع للعصر الروماني، والذي اكتشفه
الأمير عمر طوسون». فقد قام بانتشال بعض القطع الأثرية منه أهداها للمتحف
اليوناني وقد نال الموقع شهرة كبيرة في العصر المسيحي بسبب وجود كنيسة
القديس «كير».
ثم أعادت بعثة المعهد الأوروبي اكتشاف
الموقع وهو يحتوي على اطلال لمعبد ايزيس بطول 150 مترا من الشرق للغرب
وبعرض 50 مترا، وعشرات من الاعمدة واجزاء من الاعمدة من الجرانيت الوردي،
وكذلك كشف غرب المعبد عن أساسات لجدران ضخمة ابعادها 50 في 50 مترا وبعضها
30 في 30 مترا ويبلغ سمك بعضها 1.5 متر وبعمق 3 أمتار في القاع مما يرجح
انها اساسات لمبان ضخمة فضلا عن أطلال كنسية من القرن الرابع. والموقع على
عمق 4 ـ 5 أمتار وقد عثر على تماثيل لـ«إيزيس وسيرابيس» ورؤوس ملكية.
أما أسطول نابليون الغارق في قاع خليج
أبي قير، فقد حدد «أبو السعادات «سبعة مواقع لسفن الأسطول قرب جزيرة نيلسون
عام 1966. انضمت له البعثة الفرنسية «بونابرت» بقيادة جاك دوما في عام
1983، والتي عثرت على سفينة القيادة «أورنيت» ومجموعة من مدافعها قد تم
التعرف عليها بعد العثور على اسمها القديم «الدرفيل الملكي» على دفتها التي
تزن نحو 14 طنا وطولها حوالي 9 أمتار. وقد قامت البعثة بمشاركة البحرية
الفرنسية والمصرية بانتشال مجموعة كبيرة من حطام الاسطول مثل المدافع
الحديدية والبرونزية وقنابلها والبنادق وطلقاتها وماسك الدفة، بالاضافة الي
اجزاء من الزي العسكري، والتي عرضت في البرج الرئيسي بقلعة «قايتباي». وقد
تقرر وقف عملية انتشال الآثار ذات الأحجام الضخمة وإبقاؤها تحت الماء،
نظرا لما تحتاج من تكاليف مالية باهظة، إلى جانب ترميمها وهو ما يستغرق
سنوات طوال، مما دفع المسؤولين المصريين للتعاون مع اليونيسكو للحفاظ علي
هذه الآثار تحت الماء عن طريق متحف لعرض الآثار في بيئتها التي تحكي تاريخا
عظيما.
ومن الجدير بالذكر فقد حصل وزير الثقافة المصري فاروق حسني
علي موافقة اليونسكو لتقديم المعونة الفنية لإقامة متحف تحت الماء في
الإسكندرية, يتيح للزائر رؤية الآثار عن طريق الغطس أو السير داخل أنابيب
زجاجية.
وسيعرض المتحف وفق صحيفة
"الأهرام" المصرية آثارا مهمة من بينها قصر كليوباترا, ومنارة الإسكندرية
الأسطورية, وسيتكون المتحف ـ طبقا لتصريحات الوزير ـ من طابقين الأول
فوق سطح الماء, التي ستعرض للسياح الآثار المستخرجة من خليج
الإسكندرية, والمواقع المجاورة, ومنطقة خليج أبوقير, بينما سيكون
الجزء الأكبر من المتحف مغمورا تحت سطح الماء.
حسب الخطة التمهيدية،
سيُبنى المتحف الجديد، الأول من نوعه، قسم منه فوق الماء وقسم تحت الماء.
فالقسم المغمور سيمكّن الزائرين من مشاهدة الأطلال العظيمة في قاع البحر،
والقسم البارز فوق الماء ستُعرض فيه على الجمهور مصنوعات أخرى، مستخرجة من
المواقع الأثرية المجاورة مثل جون أبو قير، حيث سيتم العثور على أطلال
مدينتي كانوبوس وهيراقليون اللتين غرقتا فيه.
وتأتي خطة حكومة مصر لبناء متحف تحت الماء في جون الإسكندرية وسط اعتراف متنامٍ بأهمية التراث الثقافي المغمور تحت المياه.
ووفق موقع "اليونسكو" على
شبكة الانترنت رحّب المدير العام لليونسكو، السيد كويشيرو ماتسورا، بهذه
المبادرة، قائل: "هذا المشروع سيعزز بالتأكيد التقدير لأهمية التراث
الثقافي المغمور بالماء، ويرفع درجة الوعي للحاجة الماسة إلى حمايته من
النهب. وريثما تدخل اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور
بالمياه حيز النفاذ، لا يوجد قانون دولي من شأنه حماية هذا التراث من
صيّادي الكنوز. وإني آمل حقا أن تدخل هذه الاتفاقية حيز النفاذ في غضون
الأشهر القادمة".
وصون التراث الثقافي
المغمور بالمياه هو أيضا موضوع فلم وثائقي جديد قصير، أنتجه قطاع اليونسكو
للثقافة. وفيما يركّز هذا الفيلم الاهتمام على اتفاقية اليونسكو بشأن حماية
التراث الثقافي المغمور بالمياه، يسلّط الضوء على أهمية حفظ الممتلكات
الثقافية المغمورة بالمياه، بعدما أصبحت معرّضة للنهب بصورة متزايدة، بسبب
صنع تجهيزات غوص أكثر تطورا وأسهل اقتناء.
ويشتمل الفيلم في طوله
المشهدي على صورة من عرض بحر الإسكندرية، ويؤكد على محاسن البحث بخصوص
المواقع الأثرية المغمورة بالمياه وفوائد صونها في مواقعها، وهذا هو أيضا
أحد أهداف المشروع المصري لإقامة المتحف المذكور.
مثلما حلم علماء الفضاء بالسير على
القمر وكان لهم ذلك، فلماذا لا يحلم الأثريون في شتى بقاع الأرض بالسير في
متاحف قابعة تحت الماء. من خلال هذا الحلم اتجهت أنظار العالم إلى مدينة
الإسكندرية لتنفيذ هذه الفكرة خاصة اذا تم التعاون مع هيئة دولية مثل
اليونسكو وبعد العثور على أثار قابعة في قاع البحر المتوسط في موقع الفنار
القديم ـ أحد معجزات الدنيا السبع ـ وبالقرب من قلعة قايتباي بالميناء
الشرقي. وهو المكان نفسه الذي اختاره الغواصان المصري محمد زيدان والفرنسية
سيلين ليكون شاهدا على قصة حبهما، حيث أقيم حفل الزفاف تحت عمق 10 أمتار
تحت الماء بين أطلال معبد كليوباترا. وقد يظن البعض أن اكتشاف هذه الآثار
الغارقة تم أخيرا، لكنه يعود إلى أوائل القرن العشرين، فالحكاية بدأت منذ
عام 1910 وكان بطلها مهندس المواني الفرنسي Jondet عندما كان مكلفا بإجراء
توسعات في ميناء الإسكندرية الغربي حيث اكتشف منشآت تحت الماء تشبه أرصفة
المواني غرب جزيرة فاروس، فعكف علي دراستها ونشر عنها تقارير في دورية
جمعية الآثار الفرنسية بالقاهرة. هذا ما أكده د. علاء الدين محروس محمود
مدير الإدارة العامة للآثار الغارقة بالإسكندرية. وكما يروي دكتور محمود،
ففي عام 1933 لعبت الصدفة دورا في اكتشاف أول موقع للآثار الغارقة في مصر
وذلك في خليج أبي قير شرق الإسكندرية، وكان مكتشفه طيار من السلاح
البريطاني شاهد من طائرته مجموعة من المباني الغارقة تحت الماء في إحدى
طلعاته، فأبلغ الأمير «عمر طوسون» المعروف بحبه للآثار وعضو مجلس إدارة
جمعية الآثار الملكية بالإسكندرية في ذلك الوقت، وقام بتمويل عملية بحث
وانتشال من هذه المنطقة أخرجت لنا رأسا من الرخام للإسكندر الأكبر موجود
الآن بالمتحف اليوناني الروماني بالاسكندريه.
وفي الستينات قام كامل أبو السعادات
أحد محترفي الغوص ومحبي الآثار، بوضع خريطتين للآثار الغارقة واحدة في
الميناء الشرقي، حدد فيها جزيرة «انتيروديس» وبعض البقايا الأثرية الأرضية
وأيضا المخلفات خارج الميناء الشرقي ورأس السلسلة وبجوار قلعة قايتباي. أما
الثانية فكانت بخليج أبى قير، وحدد فيها مواقع السفن الغارقة من أسطول
نابليون وكذلك أطلالا من العصر اليوناني الروماني. وقد شارك أيضا مع
البحرية في انتشال بعض مكتشفاته مثل تمثال لرجل روماني من شرق السلسلة،
وتمثال إيزيس فاريا من موقع الفنار في أبريل ونوفمبر من عام 1962 على
التوالي وهما الآن بالمتحف البحري بالإسكندرية. وانتهت هذه المحاولات بأكبر
الأعمال في منتصف الثمانينات، حيث قامت البحرية الفرنسية بالتعاون مع هيئه
الآثار بدراسة موقع غرق أسطول نابليون وانتشال بعض مخلفاته، فتم انتشال
مجموعة من المدافع وملابس ومعدات الجنود وبعض أجزاء من السفن وبعض أدوات
الحياة اليومية وبعض العملات أيضا، كما تم تحديد موقع السفينة «باتريوت»
وهي سفينة الأبحاث التي صاحبت الحملة الفرنسية على مصر وغرقت على مشارف
الإسكندرية أمام شاطئ العجمي.
ومع بداية التسعينات توافدت البعثات
الأجنبية المهتمة، وبدأت العمل في البحث والتنقيب عن الاثار الغارقة في
مصر. ويعد موقع قلعة «قايتباي» من أهم مواقع تلك الآثار، فقد أقيمت القلعة
على نفس موقع منارة الاسكندرية التي بنيت في عهد بطليموس الأول والتي كان
ارتفاعها 135 مترا.
والموقع مساحته 22500 متر مربع، ويحتوي
على اكثر من 3000 قطعة أثرية معمارية «أساطين ـ قواعد ـ تيجان ـ
أعتاب...»، ومعظم هذه الكتل ذات أوزان ضخمة، منها ما يزيد وزنة على 20 طنا،
بل ان إحدى هذه الكتل يصل وزنها الى 75 طنا وطولها إلى 11 مترا، كما ان
معظمها من الجرانيت الأحمر الوردي، والباقي من الكالسيت، والكوارتزيت،
والحجر الرملي والجيري، والرخام، والبازلت، وهي تنتمي للعصور الفرعونية
واليونانية والرومانية. ويمكن ارجاع هذه الآثار ـ حسب قول رئيس إدارة
الآثار الغارقة ـ إلى مصدرين، الأول: الفنار والمنشآت التي كانت موجودة على
الجزيرة والتي دمرت بفعل الزلازل المتعاقبة خاصة زلزال القرن الرابع عشر.
والثاني: قيام والي الاسكندرية في عهد صلاح الدين بجمع الاثار الملقاة
بجوار عمود السواري وإلقائها في البحر في مدخل ميناء الاسكندرية لتكون
عائقا أمام أسطول إحدى الغزوات الصليبية عام 1167م.
أما موقع الميناء الشرقي فيشير الدكتور
محمود إلى أنه بدأ العمل به عام 1992 حيث قام المعهد الأوروبي للآثار
البحرية بأول عملية مسح شامل للتراث الأثرى وذلك بغرض تحديد موقع
التيمونيوم وبقايا القصور البطلمية وجزيرة انتيروديس ومعبد إيزيس. وقد أكدت
أعمال المسح وصف الميناء الشرقي كما قدمه «إسترابون» الذي زار الإسكندرية
عام 25 قبل الميلاد. وتم تحديد خط الساحل القديم بدقة كبيرة وجزيرة
انتيرودس والألسنة البحرية التي كانت تمتد من خط الساحل القديم داخل البحر
وكذلك الأرصفة الصناعية التي بناها البطالمة ومارك أنطوني. ومواقع وأطلال
القصور البطلمية التي عاشت فيها كليوباترا. وقد اكدت اعمال المسح والحفائر
وجود مواني عديدة داخل الميناء الشرقي، مثل الميناء المؤدي الي القصور
الملكية علي رأس لوخياس، كما وجد في اللسان الى الشرق من جزيرة انتيرودس
ميناء صغير «كيبوتيس» وهو طراز أو نوع من المواني الفرعونية.
أما موقع خليج أبو قير فهو مقسم الى
ثلاث مناطق أولها موقع «كانوب» «الذي يرجع للعصر الروماني، والذي اكتشفه
الأمير عمر طوسون». فقد قام بانتشال بعض القطع الأثرية منه أهداها للمتحف
اليوناني وقد نال الموقع شهرة كبيرة في العصر المسيحي بسبب وجود كنيسة
القديس «كير».
ثم أعادت بعثة المعهد الأوروبي اكتشاف
الموقع وهو يحتوي على اطلال لمعبد ايزيس بطول 150 مترا من الشرق للغرب
وبعرض 50 مترا، وعشرات من الاعمدة واجزاء من الاعمدة من الجرانيت الوردي،
وكذلك كشف غرب المعبد عن أساسات لجدران ضخمة ابعادها 50 في 50 مترا وبعضها
30 في 30 مترا ويبلغ سمك بعضها 1.5 متر وبعمق 3 أمتار في القاع مما يرجح
انها اساسات لمبان ضخمة فضلا عن أطلال كنسية من القرن الرابع. والموقع على
عمق 4 ـ 5 أمتار وقد عثر على تماثيل لـ«إيزيس وسيرابيس» ورؤوس ملكية.
أما أسطول نابليون الغارق في قاع خليج
أبي قير، فقد حدد «أبو السعادات «سبعة مواقع لسفن الأسطول قرب جزيرة نيلسون
عام 1966. انضمت له البعثة الفرنسية «بونابرت» بقيادة جاك دوما في عام
1983، والتي عثرت على سفينة القيادة «أورنيت» ومجموعة من مدافعها قد تم
التعرف عليها بعد العثور على اسمها القديم «الدرفيل الملكي» على دفتها التي
تزن نحو 14 طنا وطولها حوالي 9 أمتار. وقد قامت البعثة بمشاركة البحرية
الفرنسية والمصرية بانتشال مجموعة كبيرة من حطام الاسطول مثل المدافع
الحديدية والبرونزية وقنابلها والبنادق وطلقاتها وماسك الدفة، بالاضافة الي
اجزاء من الزي العسكري، والتي عرضت في البرج الرئيسي بقلعة «قايتباي». وقد
تقرر وقف عملية انتشال الآثار ذات الأحجام الضخمة وإبقاؤها تحت الماء،
نظرا لما تحتاج من تكاليف مالية باهظة، إلى جانب ترميمها وهو ما يستغرق
سنوات طوال، مما دفع المسؤولين المصريين للتعاون مع اليونيسكو للحفاظ علي
هذه الآثار تحت الماء عن طريق متحف لعرض الآثار في بيئتها التي تحكي تاريخا
عظيما.
ومن الجدير بالذكر فقد حصل وزير الثقافة المصري فاروق حسني
علي موافقة اليونسكو لتقديم المعونة الفنية لإقامة متحف تحت الماء في
الإسكندرية, يتيح للزائر رؤية الآثار عن طريق الغطس أو السير داخل أنابيب
زجاجية.
وسيعرض المتحف وفق صحيفة
"الأهرام" المصرية آثارا مهمة من بينها قصر كليوباترا, ومنارة الإسكندرية
الأسطورية, وسيتكون المتحف ـ طبقا لتصريحات الوزير ـ من طابقين الأول
فوق سطح الماء, التي ستعرض للسياح الآثار المستخرجة من خليج
الإسكندرية, والمواقع المجاورة, ومنطقة خليج أبوقير, بينما سيكون
الجزء الأكبر من المتحف مغمورا تحت سطح الماء.
حسب الخطة التمهيدية،
سيُبنى المتحف الجديد، الأول من نوعه، قسم منه فوق الماء وقسم تحت الماء.
فالقسم المغمور سيمكّن الزائرين من مشاهدة الأطلال العظيمة في قاع البحر،
والقسم البارز فوق الماء ستُعرض فيه على الجمهور مصنوعات أخرى، مستخرجة من
المواقع الأثرية المجاورة مثل جون أبو قير، حيث سيتم العثور على أطلال
مدينتي كانوبوس وهيراقليون اللتين غرقتا فيه.
وتأتي خطة حكومة مصر لبناء متحف تحت الماء في جون الإسكندرية وسط اعتراف متنامٍ بأهمية التراث الثقافي المغمور تحت المياه.
ووفق موقع "اليونسكو" على
شبكة الانترنت رحّب المدير العام لليونسكو، السيد كويشيرو ماتسورا، بهذه
المبادرة، قائل: "هذا المشروع سيعزز بالتأكيد التقدير لأهمية التراث
الثقافي المغمور بالماء، ويرفع درجة الوعي للحاجة الماسة إلى حمايته من
النهب. وريثما تدخل اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور
بالمياه حيز النفاذ، لا يوجد قانون دولي من شأنه حماية هذا التراث من
صيّادي الكنوز. وإني آمل حقا أن تدخل هذه الاتفاقية حيز النفاذ في غضون
الأشهر القادمة".
وصون التراث الثقافي
المغمور بالمياه هو أيضا موضوع فلم وثائقي جديد قصير، أنتجه قطاع اليونسكو
للثقافة. وفيما يركّز هذا الفيلم الاهتمام على اتفاقية اليونسكو بشأن حماية
التراث الثقافي المغمور بالمياه، يسلّط الضوء على أهمية حفظ الممتلكات
الثقافية المغمورة بالمياه، بعدما أصبحت معرّضة للنهب بصورة متزايدة، بسبب
صنع تجهيزات غوص أكثر تطورا وأسهل اقتناء.
ويشتمل الفيلم في طوله
المشهدي على صورة من عرض بحر الإسكندرية، ويؤكد على محاسن البحث بخصوص
المواقع الأثرية المغمورة بالمياه وفوائد صونها في مواقعها، وهذا هو أيضا
أحد أهداف المشروع المصري لإقامة المتحف المذكور.