حَرْفُ ذ
لَم أكن أدركُ أن هناكَ نقصًا في حروفي، فأنـا لم أعـلَم أن حَرفَ الـ " ذَ " في لَوحة مفاتيح جهازي لا يَعملُ إلى أن احتَجتُ إلى كتابة كلمة "محذوف" ، فلم يكتب الحرف..
حَاولتُ مرَارًا، وأعَدتُ تَشغيلَ جهَازي الذي لَم يُكملْ ثَلاث أيام بَعدْ عدة مَرات، لَكن بلا فَائدة. وَعندئذ حَاولتُ أَن أتَذكر، مُنذُ مَتى وَهوَ لا يَعْمَل، لَكني لَم استَطعْ التذَكُرَ جَيدًا، أكَانَ هَكذا مُنذُ اشتَريتُه أَم أني فَعلتُ به شَيئًا عَطله..؟!
ثُم تَلى هَذا السُؤال سُؤالًا آخَر، هَل سَبقَ لي وَأن استَخدَمتُ حَرفَ "ذَ" خلالَ الثلاث أَيام السابقَة ؟ هَل احتَجتُ لكتابته ؟
أيضًا لَم أجدْ جَوابًا واضحـًا..
لكن في النهاية..ما أهمية ذاك الحَرف المُختبئ في زَاوية لَوحة المَفاتيح بجوار الأرْقَام..إنهُ حتى بَعيدٌ عَن الأنظار، وَبعيدٌ عَن الأصابعْ، كَما لَو كَان يُحاولُ الهُروب.
ألا يَبدو كَحرف مٌهمل لا حَاجةَ كَبيرةَ لَه !
ألا يَبدُو مثْلي؟! ..بانْحنَاءته الخَجُولَة، وَقُبعَته المُلازمَةَ لرَأسه لتُثبتَ هُويته !
تَجاهلتُ أَمرَ هَذا الصغير وَأغلقتُ جهَازي دُون البَحث عَن حَل.
لكني في اليَوم التـالي حينَ باشرتُ بالكتابة، أدركتُ كم احتجتُ وجودَ ذلكَ الصغير بينَ كلماتي..
فحينَ أردتُ الإشارةَ لرابط مَوقع، لم استطعْ كتابةَ "هذا"..
وحين أردتُ وصفهُ لم أقدرْ على كتابة " الذي"
لم استَطع أيضًا أن اكتبَ أذهبَ و " ذَ " قد توسط الكلمة
ولم أكن قادرة على وصف ذاتي على مواقع التواصل الاجتماعي و " ذ " مبتدئًا الكلمة !
عجبًـا لهذا الحرف يتملك الذات ويَذهبُ ويُذهب ويُهَذب .
وبذكاء هذا وذاك وذا يشير إلى نفسه ..هذا أنا وأنا هُنا !
أولَيستْ تلكَ الأِشيَاءُ المُتواريَة تُكملُ الجُزءَ المَفقودَ منَ النصْ !
هَلْ لي أَنْ أَكونَ مثْلَه ؟!
..............................