بداية التاريخ في سورية
بدأ التاريخ في سورية مع عصر السلالات السورية الأولى، واكتشاف كتابات
يمكن الاعتماد عليها في تأريخ المنطقة. فلقد توسعت القرى القديمة لكي تشكل
ممالك لها تقاليدها وعاداتها وعبادتها ونظامها الاجتماعي والسياسي. وفقد
كشفت وثائق إيبلا المكتشفة في عامي ا 1974-1975 وهي رقم طينية، عن
العلاقات الدولية وعن النظام السياسي والاقتصادي. ومن خلالها تم الاطلاع
على حقيقة التوسع الذي ادعاه الملك لوغال زاغيري من مدينة "أوما" من أنه
سيطر على المنطقة من البحر السفلي الخليج والبحر العلوي المتوسط. وأبانت
وثائق "ماري" على الفرات وإيبلا أن "ماري" كانت تسيطر على التجارة عبر
الفرات وعلى جميع المناطق الواقعة على الأنهر بل إن من ملوكها من حكم بلاد
السومريين
استفاد سكان إيبلا وماري من الكتابة السومرية، وهي كتابة
مسمارية رمزية تنقش على الطين، ولكنهم عنوا بالمصطلحات السومرية معانٍ
وأسماء عمورية وهي لهجة عربية قديمة
كان صارغون ونارام سين حفيده من الأسماء اللامعة التي عملت على توسيع نطاق
الوحدة السياسية ولو بالقوة ولقد تمكنت سلالتهم من الحكم 180سنة
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال سورية مسرحاً
للميتانيين ثم الحثييّن ، وهم من أصول غير عربية، وكانوا في نزاع مع
النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش تل النبي
مندو قرب حمص على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ على سورية، فأصبح الشمال
تحت النفوذ الميتاني والجنوب تحت النفوذ المصري، كما تمركز في الساحل
السوري
ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم
المصريون الذين شنوا معركة بقيادة رمسيس الثاني في قادش ضد الحثييّن
بقيادة مواتاليش
ولقد أبانت ألواح أوغاريت رأس الشمرة أن شعوب البحر المتوسط قد أتت
نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في عين دارة اعزاز آثارهم الرائعة
وتعود حضارة أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة
وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، مصرية وحثية وايجية، ولقد اكتشفت
هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا. وفي المدينة
حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج
المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن
نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري
الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري
والساحل السوري
وفي العصر السوري الحديث، كانت السيطرة من حظ الآشوريين، ومن أشهر حواضر
هذا العصر، مدينة حداتو أرسلان طاش وبارسيب تل أحمر وغوزانا تل حلف وفي
هذا العصر حاول شلمناصر الثالث عام 853ق.م الاستيلاء على دمشق، فتصدى له
السكان ورؤساء القبائل وكان منهم جندبو العربي، وأعادوه مخذولاً
المدن الأولى
تعود
أولى المنشآت في ماري على الفرات، إلى 2900ق.م وكانت ماري محاطة بسور قطره
1.9كم ولم نعرف شيئاً عن مبانيها ولكن منذ 2350ق.م أعيد إنشاء المدينة
وكان من أبرز منشآتها القصر الكبير وحرمه ومعابد: "عشتار" و"نيني زازا"
و"عشتارات" و"شماش" وفيها عثر على عدد من التماثيل الهامة وعدد من الأختام
الأسطوانية التي نقشت عليها رموز الحرب والسلام والعبادة والأساطير
كان قصر ماري أشبه بمتحف للتماثيل والرسوم الجدارية التي تمثل جنوداً
وصيادين، مع مناظر القربان والتضحية للآلهة ومشاهد تتويج ملك ماري، نقل
بعضها إلى اللوفر
تم اكتشاف ما يقرب من 25 ألف رقيم في مكتبة القصر في ماري، أبانت مدى
ازدهار هذه الحاضرة ومدى توسع نفوذها، والحروب التي دخلتها مع جاراتها
لتحقق الوحدة بزعامتها، ولقد استفادت ماري من موقعها الهام بوصفها ملتقى
طرق المواصلات الكبيرة التي تصل البحر المتوسط والأناضول وغربي سورية من
جهة، وسورية الوسطى والجنوبية من جهة أخرى، وكانت علاقتها التجارية تصل
إلى "حاصور" في فلسطين وإلى "كريت" وقبرص و"حاتوشا" في الأناضول وإلى
"دلمون البحرين على الخليج العربي. وكانت تستورد النحاس من قبرص والقصدير
من شمالي إيران لصنع الأسلحة المتطورة
وهكذا اختلطت الفعاليات التجارية مع الفعاليات العسكرية لتحقيق ثروة ماري
ونفوذها وتوسعها الجغرافي، وكان قصر الملك الواسع جداً مقراً للسلطة
التجارية والتي تتوضح من خلال الصور الجدارية في باحة القصر، وكانت لوحات
جصية ملونة تمثل تقديم القرابين للآلهة شكراً على انتصار أو تحرر، أو تمثل
العبادة
الممالك الآرامية
في
نهاية النصف الأول من الألف الثاني ق.م ابتدأ ظهور الآراميين في سورية ،
وبعد أن تم استقرارهم انتشروا في أنحاء واسعة مشكلين ممالك متجانسة في
اللغة والحضارة والعقيدة،
· مملكة فدان آرام وعاصمتها حران.
· مملكة صوبا في سهل البقاع.
· مملكة آرام النهرين بين الفرات والخابور.
· مملكة بيت بخياني وعاصمتها غوازانا تل حلف في حوض الخابور.
· مملكة بيت عديني وعاصمتها تل بارسيب تل أحمر في شمال الجزيرة.
· مملكة بيت آغوشي وعاصمتها أرباد تل رفعت وتشمل منطقة حلب.
· مملكة شمأل عند سفوح جبال الأمانوس.
· مملكة حماة.
· مملكة بيت رحوب عند مجرى الليطاني.
· مملكة آرام معكا في الجولان.
· مملكة جشور بين دمشق ونهر اليرموك.
· مملكة دمشق، وهي من أقوى الممالك.
لعل
عين دارة الواقعة غربي حلب طريق اعزاز-عفرين هي من أهم المواقع الأثرية
الآرامية التي تحمل آثار النزاع مع الحثيين. يتألف هذا الموقع من مرتفع هو
الحي الملكي وتحته يقع الحي الشعبي، ولقد كان هذا الموقع محمياً بسور منيع
مبني بالحجارة واللبن يحيط المدينة كلها وتنفتح فيه بوابات تحيط بها من
الجانبين أبراج، وتقوم بوابة المدينة الرئيسية عند تمثال الأسد المكتشف
هناك. ولقد سكن هذا الموقع في جميع العصور حتى عصر الحمدانيين... وهذا
الموقع لم يحدد اسمه القديم بعد، ولكنه يبقى بآثاره الضخمة مرشحاً أن يكون
عاصمة لمملكة آرامية وعلى هذا فإننا لا نستطيع الحديث عن أحداث عسكرية تمت
فيه
ومن أهم الممالك الآرامية بيت بخياني ومملكة صوبا ومملكة دمشق.
أما بيت بخياني فكانت عاصمتها غوزانا تل حلف التي اكتشفت حضارتها الغابرة
في الألف الخامسة وتقع قرب "رأس العين" على الحدود التركية
"وأما صوبا ومعناها النحاس بالسريانية نحشا، فكان موضعها "عنجر" في البقاع
وصلت حتى دمشق. ومملكة دمشق هي أقوى الممالك الآرامية، لعبت دوراً هاماً
في عصر ملكها "ابن حدد بنهدد 879-843ق.م حيث فرضت نفوذها على البلاد
المجاورة وعقدت معها أحلافاً ضد أطماع الآشوريين، واستطاع خلفه صد هجومين
قاما بهما شلمناصر الثالث سنة 843ق.م و838ق.م إلى أن احتلها "تغلات بلاصر"
الثالث 732ق.م بعد حصار سنتين ثم قتل ملكها رصين وقضى على الحكم الآرامي
الدمشقي
العصر اليوناني
ابتدأ هذا العصر بعد انتصار الاسكندر في موقعة إيسوس على الفرس
كان "دارا" الثالث ملك فارس يملك قدرات واسعة، فكان عدد رجاله يفوق عدد
رجال الاسكندر المكدوني وكانت أمواله في "سوسا" هائلة وجاهزة وكان قصره في
"برسيوبوليس" عامراً، وكان لديه أسطول كبير يحمي شواطئ آسيا الصغرى وسورية
ومصر. ولكنه لم يكن قائداً ممتازاً
أما جيش الاسكندر فكان مكوناً من 40 ألف رجل مع 12 ألف مكدوني من المشاة
و7 آلاف من كورنثا و5 آلاف من المرتزقة و8 آلاف من حملة الأقواس وراشقي
المقاليع. وكانوا من تراقيا أما الفرسان فقد بلغ عددهم 5 آلاف منهم 1800
من أشراف المملكة، كما كان يصحبه عدد من المهندسين المختصين بفن الحصار
وكان بصحبته الفيلسوف أرسطو معلمه، أما أسطوله فكان مؤلفاً من 180 سفينة
عبر "دارا الثالث" الفرات على رأس جيشه وكان قد حضر بنفسه متحدياً الاسكندر وطموحه، وكان الاسكندر قد أخضع آسيا الصغرى
وقرب أيسوس تأخر الاسكندر في "قلقيلية" عن قتال "دارا"، وكان لهذا التأخير
أثر كبير في انتصاره إذ تقدم "دارا" إلى "قرب أيسوس" وقتل المرضى والشيوخ
الذين تركهم الاسكندر. ولكنه في ذلك وضع نفسه في كماشة
تقدم الاسكندر على طريقته المألوفة في تنظيم الجيش، فقد كانت فرق المشاة
في الوسط والخيالة إلى اليمين ومنها هاجم الاسكندر ميسرة الجيش الفارسي،
بينما تقدم المشاة ببطء، وعندما عبروا النهر ارتبك خط القتال وتعرضوا لضغط
الخيالة الفرس، ولكن وحداتهم الخيالة ساعدتهم في القضاء على جناح العدو.
وبعد ذلك أدار الاسكندر المعركة باتجاه المكان الذي كان فيه دارا على
عربته الحربية وحوله بطانته وقواده. ورغم إصابة الاسكندر في ساقه، طارد
"دارا" الذي فر مع ميسرة جيشه، مما أرعب جيشه فتقهقروا باتجاه الشمال
كان "دارا" مذعوراً حتى أنه نسي أمه وزوجه فكانتا معه في معسكره في أيسوس.
وحينما وصل إلى جبال الأمانوس ترك وراءه عربته ودرعه ورداءه الملكي وامتطى
فرساً لينجو بحياته. وعندما احتل الاسكندر معسكر "دارا" وكانت معه هذه
الغنائم، اعتقد نساء "دارا" وأهله أنه مات
ولكن الاسكندر أحسن معاملتهم وطمأنهم على سلامته، وعاد "دارا" إلى بلاده
وكتب إلى الاسكندر طالباً استرداد أهله وعقد معاهدة معه. ولكن الاسكندر
وعده بإعادة نسائه، ولكنه طلب إليه الاعتراف بسيادته على جميع أرجاء
المنطقة
وكان انتصار الاسكندر في أيسوس قد فتح له الباب لاجتياح سورية ومصر، فلم
يجد مقاومة كبيرة إذ كانت مدن الساحل السوري مفككة، لقد استسلمت جبيل
بيبلوس التي حلت مكان صيدا وأرواد للاسكندر حتى أن ملك صور أمر بنحت تابوت
الاسكندر وعلى جداره نقش معركة أيسوس، وقد صور الاسكندر وعلى رأسه غطاء من
جلد الأسد والتف حوله الجند. وفي الوجه الآخر من التابوت صور الاسكندر
مشتركاً في صيد السباع والوعول. وقد عثر على هذا التابوت العالم "مونته"
وهو محفوظ في متحف استانبول
ومن دمشق حصل الاسكندر على كنوز "دارا" التي كان قد أودعها هناك خوفاً عليها من الضياع أثناء عبوره ممرات الأمانوس
كان حصار صور صعباً تطلب حيلاً هندسية وكان لسقوط هذه المدينة أثره في
الاستيلاء على كامل سورية ومصر بعد استيلائه على دمشق وغزة. ثم توجه إلى
بابل وفي عام 331ق.م جابه "دارا" وجيشه في معركة ضخمة، انتصر فيها
الاسكندر و دخل بابل وأعاد إليها استقرارها بسرعة، لكي يتابع فتحه ملاحقاً
"دارا" في "أكبادانا" عاصمة "ميديا"، ولكن "دارا" هرب إلى "بلخ" حيث قتله
حاكمها (بلخ) حماية لما بقي من بلاد الأخمنيين. ثم عثر الاسكندر على الجثة
فدفنها "رسمياً في "برسيوبوليس
تابع الاسكندر فتحه الهند، وعند عودته إلى بابل عام 323 توفي وهو في الثانية والثلاثين من عمره
بعد موت الاسكندر المكدوني في سنة 323ق.م اقتسم كبار الضباط التابعين له
الممالك الواسعة التي استولى عليها الاسكندر، فكان نصيب "انتيغون" مكدونيا
وآسيا الصغرى، وكان نصيب "بطليموس" مصر وفلسطين، وكان نصيب "سليقوس
نيكاتور" سورية وبابل وفارس، وفي المنطقة الواقعة عند مصب العاصي أنشأ
"انتيغون" مدينة الاسكندرونة أطلق عليها اسم الاسكندر سنة 317ق.م، وتقع
بين العاصي ومخرج بحيرة أنطاكية، ثم قام "سليقوس نيكاتور" باحتلال هذه
المدينة سنة 301، وأقام مدينة أطلق عيلها اسم "أنطاكية"، نسبةً إلى اسم
أبيه "أنطوخيوس"، كما أنشأ مدينة أخرى باسم أمه "لاثوديسيا" لاذقية ثم
أنشأ "مدينة أفاميا باسم زوجته "أباميا
واهتم "سليقوس" بمدينة أنطاكية فنقل إليها أنقاض مدينة "انتغونا" التي
هدمها وشجّع الناس على سكن أنطاكية بأن منحهم حقوق اليونانيين وامتيازاتهم
فازدهرت وصارت عروس الشرق وعاصمة الممالك السلوقية الممتدة من البحر
المتوسط إلى حدود الهند
كان عصر هذا الملك مزدهراً وقوياً، فقد استعان بأفيال الهند في حروبه
وخاصة عندما حاول الاستيلاء على مصر من بطليموس. ودخل بلاد الشام من
الجنوب ولكنه فوجئ بتدخل الرومان الذين نازلوه. وابتدأ حكمهم في سورية
تعاقب على سورية في عصر السلوقيين 18 ملكاً كانوا في صراع مستمر مع
البطالمة، ولقد أطلق المؤرخون الإغريق على هذه الحروب اسم الحروب السورية
التي انتهت بسيطرة البطالمة على دمشق 276ق.م وعلى أنطاكية 246ق.م. وفي عام
150ق.م كان في سورية ممالك عربية تحاول التحرر والاستقلال كمملكة الأباجرة
في "الرها" أديسا وإمارة أذينة في تدمر وإمارة شمسيغرام في حمص والرستن
وإمارة الأيتوريين في البقاع عنجر. ودولة الأنباط الذين دخلوا دمشق عام
85ق.م. زمن الحارث الثالث. وهكذا أصبح السلوقيون في مأزق حتى انتهى عصرهم
على يد الرومان
الهكسوس وانتقال النظام العموري من سورية إلى مصر
لعل
الظروف الحربية القاسية في البلاد العمورية وبخاصة في إيبلا، كانت السبب
في نزوح السكان إلى مصر على موجات متتالية، وكان العموريون يحتلون بعض
المواقع مثل "قطنة" المشرفة شمال حمص، وكانت عاصمتهم "شكيم" نابلس
و"أريحا" تل السلطان حتى استقر بهم الأمر في سيناء ومنها ساروا إلى مصر
حيث تمكنوا من الاستيلاء على الحكم خلال 1785ق.م-1580ق.م. وكان المصريون
يطلقون عليهم اسم "مينوساتي" أي رعاة آسيا، وأطلق عليهم اليونان فيما بعد
اسم "الهكسوس" أي الملوك الرعاة، وجرى على هذا الاسم المؤرخون
"كان
"الهكسوس" محاربين أشداء وكانت مواقعهم في سورية محصنة ومسورة ومحاطة
بخنادق المياه. وفي مصر أقام زعيمهم "سلاطيس" أولا في "ممف وفرض الجزية
على مصر العليا والسفلى، وأقام فيها المعاقل لصد الآشوريين عن وادي النيل،
ثم بنى مدينة "أوراس" في ولاية "حمان" وحصنها بالأبراج والقلاع والأسوار
وأكثر من حاميتها التي بلغ عددها 240ألف مقاتل. وكان "سلاطيس" يأتي إليها
صيفاً لجمع الحنطة ودفع رواتب الجند والإشراف على تنظيم الجيش وتدريبه
لحماية سلطانه على مصر. وكان "الهكسوس" قد أدخلوا إلى مصر استعمال الخيل
والعربات الحربية التي تجرها الخيول، مما ساعدهم على الفتح والاحتلال وفرض
القوة والهيبة على المصريين الذين لم يألفوا هذا النوع من العتاد والسلاح،
كالسيف المقوس المصنوع من الحديد والقوس المركب، كما أدخلوا تحسينات هامة
في صناعة المعدن
وكان اسم الإله "إيل" شائعاً عند "الهكسوس"، ولكنهم لم يفرضوه على
المصريين، إلا أن العقيدة بالإله الواحد قد تسربت عنهم إلى المصريين،
فكانت ثورة "أخناتون" التي جعلت "آتون" الإله الذي وراء الشمس وصانعها
عوضاً عن "أمون" إله الشمس فقط
وفي عام 1580ق.م استطاع الفرعون "أحمس الأول" أن يقضي على سلطان "الهكسوس" وينتهي حكمهم في مصر
روما و سورية
كانت
روما مدينة محدودة الإمكانيات تتطلع إلى استجداء الشرق أو اغتنام ما
تستطيع لدعمها. ودخلت إلى الشرق عن طريق البطالمة في مصر الذين استنجدوا
بالمرتزقة في حربهم ضد السلوقيين في سورية، وكان من قادة الرومان "بومبيه"
الذي استولى على سورية في عام 64ق.م .ووضع حدا لسيطرة "تيجران الأرمني".
مما أثار حفيظة زميله قيصر الذي قاتله فهرب منه إلى مصر حيث قتله أتباع
قيصر، الذي دخل إلى مصر حليفاً وتزوج من كليوباترا أخت الملك المصري،
واتفق مع البطالمة على تجهيز حملة للتوسع في الشرق حيث الحكم السلوقي.
وقتل قيصر بخيانة "بروتوس" وأصبح "أكتافيوس" مسيطراً على مصر ولم تكن سلطة
الرومان على سورية شديدة الاستقرار، فلقد كان الضغط الفارسي متزايداً مما
دفع الرومان لتعيين قائد سوري "أفيديوس كاسيوس"، كي يدافع "عن بلاده ضد
الفرس، بل قام باقتحام "طيسفون" و"سلوقية
واكتسبت سورية طابعاً استقلالياً تقريباً في عصر أسرة "سيفيروس" السورية
التي اعتلت سلطة الإمبراطورية 211-235م وجاء بعدها فيليب العربي وكان
لهؤلاء الأباطرة دور في حماية وجود الإمبراطورية الرومانية أمام الخطر
الفارسي
يقوم العرب التدمريون بنصرة الإمبراطور "فاليريان" ومحاولة إنقاذه من
الأسر الفارسي في عصر ملك تدمر أذينة، الذي هزم الفرس الساسانيين وهدد
عاصمتهم
كانت سورية في العصر الروماني مجزأة إلى ولايات. وكانت تدمر حاضرة مستقلة
واسعة عملت على توسيع حدودها حتى وصلت إلى الأناضول وإلى الاسكندرية
ولقد حاولت بعض الولايات الاستقلال، ولكنها بقيت تدين بالولاء إلى روما.
وفي بداية القرن الثاني الميلادي أصبحت سورية أكثر ازدهاراً بفضل
التنظيمات الإدارية والتطور الاقتصادي، نرى آثاره في منطقة الكتلة الكلسية
حيث ازدهرت زراعة الزيتون الوافرة، ونراه في تدمر التي كانت مركز
التبادلات التجارية مع المدن المجاورة، بل مركزاً هاماً على طريق الحرير
الواصل من الشرق الأقصى إلى البحر المتوسط والغرب
وفي بداية القرن الثالث لعبت سورية دوراً هاماً في سياسية روما، عندما
حكمت روما الأسرة السورية من حمص ثم حكم فيليب العربي من شهبا 242-249م
وعلى الرغم من قضاء "أورليان" على نفوذ تدمر، عام 272م فإن سورية عادت
إلى الاستقرار بظل الرومان، وكانت الإصلاحات التي تمت في القرن الثالث
وبداية القرن الرابع قد وطدت الإدارة السياسية والنشاط الثقافي فيها
والإعمار الذي حمل طابع الأسلوب الإغريقي الروماني. ويجب أن نذكر بكثير من
الاعتزاز نبوغ المعماريين السوريين في إقامة المنشآت السورية، بل لقد امتد
نشاطهم إلى روما وأوربا. وكان أبو للودور الدمشقي أشهر معمار ترك آثاراً
معمارية هامة مازالت ماثلة حتى الآن
وفي مجال التصوير والنحت فإن جميع الشواهد التي عثر عليها في تدمر، ومنبج
وحوران وفي الساحل، هي من صنع الفنانين السوريين الذين كرروا التماثيل
القديمة وابتكروا بطابع محلي صرف تماثيل تحمل الطابع السوري المتميز، ولعل
تدمر شاهد قوي على الهوية الفنية السورية الصرفة. وفي مجال الفسيفساء فإن
الشواهد الرائعة التي عثر عليها في جميع أنحاء سورية والمحفوظة في متحف
دمشق ومتحف السويداء ومتحف أفاميا ومتحف المعرة، تجعل من سورية أكبر مركز
على البحر المتوسط لابتكار وتنفيذ الفسيفساء الذي بقي مزدهرا في العصر
البيزنطي وبداية العصر الإسلامي
وتأكد هذا التأثير عندما استلمت أسرة سورية زمام الحكم في روما وهي عائلة "سيفيروس"، التي حكمت الإمبراطورية من عام 211-235م
في
نهاية الحكم الروماني على سورية انقسمت الإمبراطورية إلى قسمين، شرقي
وعاصمته القسطنطينية، وغربي وبقيت عاصمته روما. وفي 323م نشب قتال بين
الفريقين بقيادة قسطنطين وليكينيوس، وانتصر الأول الذي أعلن تسامحه الديني
وبالتالي تبنيه للمسيحية بعد الاضطهاد الذي كانت تلقاه في العصور
المتقدمة. وهكذا انتشرت المسيحية علانية وبقوة السلطة، وانتقل الناس في
الإمبراطورية الرومانية الجديدة من الوثنية إلى المسيحية، وفي سورية كان
ثمة ديانتان أساسيتان، الوثنية الرومانية والوثنية الآرامية، وكان
الغساسنة والمناذرة العرب قد اعتنقوا المسيحية ولعبوا دوراً هاماً في
السياسة الدولية بين فارس والبيزنطيين بعد الرومان
اصبحت المسيحية ديناً معترفاً به من قبل الإمبراطور تيودوسيوس سنة 392م
وأصبحت بيزانتيوم عاصمة المسيحية يحكمها ابنه أركاديوس وأطلق عليها اسم
القسطنطينية تكريماً لاسم الإمبراطور قسطنطين 306-337 الذي أعلن مرسوم
ميلانو أقر به حرية الاعتقاد
وفي عصر "جوستنيان" 527-565م انتشر مذهب اليعاقبة مذهب الراهب يعقوب
البرادعي وكانت تيودورا السورية المولودة في منبج زعيمة هذا المذهب الذي
انتشر بين السوريين والغساسنة على عكس المذهب الأرثذوكسي وهو مذهب
القسطنطينية
منذ عام 392م كانت سورية جغرافياً تدخل في نطاق الإمبراطورية البيزنطية،
ولكن تعدد المذاهب المسيحية فيها أدى إلى كثير من المنازعات. ومن جهة أخرى
فإن الحروب التي كانت تجري بين بيزنطة والساسانيين، كانت سورية أحياناً
مسرحاً لها، وكان الغساسنة يشاركون بيزنطة بعد أن كانوا حلفاء روما بينما
كان المناذرة في الحيرة يشاركون الفرس. مما دفع جوستنيان إلى عقد الصلح مع
الفرس سنة 532م ولكن "كسرى انوشران" اجتاح سورية واسقط عاصمتها أنطاكية
ونهبها ثم عقدت بيزنطة صلحاً آخر مع الفرس سنة 562م على أن تدفع بيزنطة
جزية إلى الفرس
وفي عام 603م قام الإمبراطور "فوكاس" بالهجوم على الملك الفارسي كسرى
الثاني وجيشه في سورية. ثم جاء كسرى الثاني 612م فاستولى عليها حتى وصل
إلى القدس فنهبها وأخذ الصليب المقدس، ثم دخل مصر. وبدءاً من 622م يقوم
الإمبراطور هرقل هيراكليوس بشن حرب ضارية ضد سيطرة الفرس على سورية فيسحق
الجيش الفارسي ويستولي على الولايات الشرقية
خلال هذه الحروب المتبادلة دفعت سورية ثمناً باهظاً ، وكان الشعب السوري
من مسيحيين ووثنيين يعمل على التخلص من نير هذه الحرب الدامية بين محتلين
عدوين، حتى إذا جاء الفتح العربي كانوا من أنصاره والمتحمسين له خلاصا من
البيزنطيين
ولعل أسوار الرصافة دليل على حرص الحواضر المسيحية البيزنطية من عدوان الفرس
وما المدن البائدة من البارة في إدلب حتى تركيا إلا الدليل على الحملات
الفارسية 520-532. إلا أن الزلازل الشديدة 582-562 ثم حرب هرقل كان سبباً
آخر وفي عام 636 فتح العرب البلاد وانهزم هرقل وابتدأ العرب بتهديد الوجود
البيزنطي منذ عصر معاوية وابنه يزيد
الفتح الإسلامي
بعد
إعلان دولة الإسلام وعودة الرسول ( إلى مكة، كانت بلاد الشام جزءاً من
إمبراطورية الروم البيزنطية وكان إمبراطورها هرقل قد وحّد بلاده ووطد
أركانها. وابتدأ الرسول في العام الثامن للهجرة بحملات خفيفة على الروم،
وفي العام التاسع للهجرة 630م قاد الرسول معركة تبوك التي حققت توسعاً.
وبعد وفاة الرسول انتصر المسلمون على بطريق فلسطين فارتد الروم إلى غزة.
وبعد وفاة الرسول وبينما كان خالد بن الوليد يقاتل في العراق، جاء أمر أبي
بكر الصديق بالاتجاه إلى الشام بعد أن كانت الحيرة قد سلمت لخالد
قطع خالد البادية بسرعة في عام 13هـ ثم ظهر فجأة في مؤخرة الروم في مرج
راهط وأغار على غسان في بصرى وفيها التقى مع باقي الجنود المسلمين فنصبوه
قائداً عليهم، وكان أول انتصار له هو في فحل وهو حصن يسيطر على معبر
الأردن، مما مهد له الاتجاه نحو دمشق حيث لقى الروم في مرج الصفر فانتصر
عليهم، ومضى إلى دمشق فاستسلمت في 14 هـ بعد حصار دام ستة شهور
وعندما تصدى الروم لخالد أسرع للجلاء عن دمشق وحمص كي يمضي إلى وادي
اليرموك بعيداً عن المدن، كي يقارع خصمه ضمن خطة محكمة، وكانت المعركة
الفاصلة في عام15هـ/ 636م/ فانتصر خالد وجيشه على تيودوس أخي هرقل ولم
يسلم من جيشه إلا القليل
وبفتح دمشق سقطت جميع البلاد الشامية حتى جبال طوروس. وكان السوريون أهل
البلاد يقفون دعماً للعرب الفاتحين من أبناء عمومتهم، "فكان الفتح يسيراً"
كما يقول البلاذري. وعندما تم فتح القدس، قدم عمر بن الخطاب إلى الجابية
كي يشارك أبا عبيدة ابن الجراح في دخول المدينة المقدسة
بعد
فتح سورية من قبل خالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح و من قبل قادة آخرين،
كان لابد من وضع أسس لنظام الحكم في هذه المنطقة العربية التي كانت تحت
الحكم الرومي الذي كان في أوج قوته وانتشاره
قسمت الشام إلى أربعة أجناد أقاليم، جند دمشق، وجند الأردن وجند فلسطين،
وجند قنسرين في الشمال. وكان انتصار المسلمين قد أكسب بلاد الشام سمعة
عالمية، مما جعلها حاضرة الإسلام، منها انطلقت الجيوش العربية إلى الشرق
والغرب فاتحة وناشرة الإسلام. ولم يمض قرن واحد على وفاة الرسول حتى
استطاع العرب بجنود أهل الشام، من التغلب على إسبانيا الأوربية
لقد عين عمر يزيد بن أبي سفيان واليا على الشام، ولم يلبث حتى خلفه أخوه
معاوية أميراً لعشرين سنة، ثم أصبح أول خليفة أموي لعشرين سنة أخرى مؤسساً
حكماً وراثياً استمر من عام 661-750م وكانت دمشق عاصمة عالم عربي إسلامي
واسع الأرجاء في عصر المروانيين من بني أمية، وأنهي عصر الأمويين على يد
العباسيين، ولكنه لم ينقطع في الأندلس بعد انتقال عبد الرحمن الداخل إليها
كان معاوية داهية العرب قد استطاع أن يستميل أهل الشام، فعاضدوه في إدارة
الخلافة. وكان عليه أن يسيطر على أحزاب المعارضة، وأن يتوجه إلى خصمه
الأكبر الروم، حيث أرسل إليهم ابنه يزيد فحاصر عاصمتهم القسطنطينية، ولقد
أنشأ معاوية أسطولاً قاده أهل الشام من عكا وصور. وكانت معركة ذات الصواري
مع الروم في عام 655م انتصاراً بحرياً خارقاً بل كانت يرموكاً ثانياً على
الروم
طور
معاوية جهازاً إدارياً منظماً جعل مقره حول المسجد، وكان معبداً رومانياً
هو معبد جوبيتر أقام المسيحيون صلاتهم في هيكله الناوس، بينما صلى هو في
زاوية فنائه قرب قصر الخضراء حيث كان يقيم. وكان أول ديوان أنشأه هو ديوان
الخاتم الغربي يتولى المراسلات، كما اهتم بديوان البريد. وكانت زوجه ميسون
عربية سورية. وكان معاوية حليماً إذ كان يقول: "لو أن بيني وبين الناس
شعرة ما انقطعت إذا مدوها خليتها وإذا خلّوها مددتها"
استمرت الدولة الأموية حتى عام 750 ووصلت الشام أوج ازدهارها في عصر
المروانيين عبد الملك بن مروان وولديه الوليد وهشام. وفي عصرهم كانت الشام
حاضرة أكبر دولة في ذلك التاريخ، امتدت من شواطئ المحيط الأطلسي إلى نهر
الأندس وتخوم الصين من الشرق
وفي عصرهم نقلت الدواوين إلى العربية وتسلمها العرب أنفسهم، وضربت النقود
العربية الصرفة وطورت دواوين راسخة للبريد. وشيدت المباني التي مازالت
قائمة حتى اليوم
في
عصر عبد الملك بن مروان اكتملت عمليات تعريب الدواوين والنقد فلقد كانت
الدواوين والسجلات تدون باللغات اليونانية والفارسية أو بالقبطية
والسريانية بحسب المناطق التي انتشر فيها الإسلام في ذلك العصر. وفي عام
700م أمر عبد الملك بنقل الدواوين إلى العربية وكان "سرجون بن منصور"
يدونها بالرومية وانتشرت عمليات التعريب، حتى أصبحت عربية جميع دواوين
الخراج في الدولة العربية
وكانت النقود المستعملة فارسية ورومية وهي النقود الشائعة وأهمها الدينار
الذهبي البيزنطي والدرهم الفضي الساساني. ثم ضرب عمر بن الخطاب الفلوس على
الطراز الهرقلي وسجل اسمه عليها بحروف عربية. ثم ضربت نقود عليها عبارات
إسلامية الحمدلة والبسملة مع رموز فارسية أو بيزنطية، وبعد مراحل تطورية
قام عبد الملك منذ عام 73ه/692م وحتى عام 77هـ/696م بإصدار الدنانير
العربية، منها دينار يعود إلى عام 74ه عليه صورته شاهراً سيفه من غمده وقد
أعلن عبد الملك ضرورة استعمال النقود الإسلامية تحت طائلة الموت. وسار
الأمويون على سك النقود حتى نهاية حكمهم. وكان عمر بن عبد العزيز الذي
أصبح خليفة بعد سليمان بن عبد الملك قد حقق كثيراً من الإصلاحات الجريئة
حتى ولو كانت ضد مصالح الأسرة الأموية
انتهت
الدولة الأموية بعد معركة الزاب والقضاء على آخر الخلفاء الأمويين مروان
بن محمد، وقد فتح العباسيون دمشق على يد عبد الله بن علي الذي أصبح والياً
على الشام من قبل أبي العباس ابن أخيه. واستمرت الدولة العباسية مستغلة
الخلافات القبلية التي كانت الشام مسرحاً لها. واستاء أهل الشام من سوء
حكم العباسيين الذين ابتدأوا بالاعتماد على حاشية من الفرس أو الترك، مما
مهّد إلى توسع نفوذ هؤلاء الدخلاء، فأقاموا حكماً مستقلاً في مصر بزعامة
الطولونيين 870م ثم ظهرت الدولة الإخشيدية في مصر أيضاً، بينما كانت
الدولة الحمدانية العربية في شمالي بلاد الشام 947هـ/1002م. وكان بين
الدولتين نزاع، خمد بعد ظهور الفاطميين الذين أعلنوا خلافة في مصر امتدت
إلى الشام والمغرب واليمن
وإذا
أهملت دمشق في عصر العباسيين فإن بعضاً من خلفاء العباسيين كالرشيد
والمأمون كانوا يختلفون إليها، كما يذكر ابن عساكر، طلباً للصحة وحسن
المنظر. فقد أقام بها المأمون وأجرى إليها قناة من نهر منين إلى معسكره
بدير مران، وبنى القبة التي في أعلى الجبل وصيرها مرقباً يوقد في أعلاها
النار لكي ينظر إلى ما في عسكره. وصارت هذه القباب بعد ذلك للإعلام عن
تحركات العدو، وأقام أيضاً مرصداً فلكياً في الجبل.
ومن أهم القصور القديمة القصر الذي بناه المأمون بين دمشق وداريا، ولا
يعرف اليوم محله، وفيه نزل المتوكل العباسي لما نقل دواوين الخلافة من
بغداد إلى دمشق. وكان المأمون معجباً بما ترك الأمويون من الآثار ولاسيما
جامعهم. وجعل يطوف على قصور بني أمية ويتتبع آثارهم، "فدخل صحناً من
صحونهم فإذا هو مفروش بالرخام الأخضر كله، وفيه بركة يدخلها الماء ويخرج
منها من عين تصب إليها، وفي البركة سمك، وبين يديها بستان على أربعة
زواياه سروات، كأنها "قصت بمقراض من التفافها
لم تكن بلاد الشام في العصر العباسي موضع اهتمام واضح وإن كان هارون الرشيد قد أقام في الرقة منشآت مازالت آثارها ظاهرة
وتعاقب على بلاد الشام ظهور عدد من الدول المستقلة كانت سبباً في تفكك عرى الوحدة والنظام، وفي انشغالها بالفتن الداخلية وبالخصومات
وفي
شمالي سورية كانت الدولة الحمدانية في حلب 947-1002م، والحمدانيون عرب من
قبيلة تغلب. وكان الأمير الحمداني سيف الدولة أمير نصيبين ثم تطلع لحكم
حلب عام 944م، فاستولى عليها وأنشأ فيها بلاطاً استدعى إليه كبار الشعراء
مثل أبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمداني، وبعد وفاته لم يستقر الحكم
طويلاً وانتهى عصر الحمدانيين، وبدأ حكم المرداسيين في عام 1020م واستمر
حتى عام 1080م وكان صالح بن مرداس من الرحبة قد استولى على حلب ومن أولاده
ثمال بن صالح الذي أقام في قلعة حلب بعد أن شيد فيها قاعات حديثة
وفي عصر الحمدانيين، ظهر في مصر الفاطميون قادمين من تونس 968م بقيادة
جوهر الصقلي وأسسوا فيها مدينة القاهرة المعزيّة. وكانت دمشق تعاني من
ثورات داخلية، فاستطاع الفاطميون ضمها إليهم، ولكن حكمهم لم يستمر طويلاً
973-1166م
في عام 1071م حاول السلطان السلجوقي التركي الب أرسلان احتلال مدينة حلب
عبثاً، فلقد صده المرداسيون، ولكن أتسز بن أوق، دخل دمشق بعدمامنحها
الأمان 1076م وهكذا بدأ حكم السلاجقة في جنوبي البلاد
ثم استولى ملك شاه على حلب عام 1086م. وكان بنو منقذ في شيزر وحماة قد لعبوا دوراً هاماً في ذلك التاريخ
بعد
وفاة نور الدين ظهر اضطراب في السلطة، مما دفع صلاح الدين لاستلام زمام
الأمور معلناً ظهور الدولة الأيوبية التي شملت مصر وسورية. وكان مقر صلاح
الدين في دمشق القريبة من قلاع الصليبيين، الذين انهزموا أمامه في موقعة
حطين الظافرة في 4تموز 1187م، وأصبحت مدينة القدس سهلة عليه بعد أن حرر
عكا والساحل، ولقد ناصره جميع الأهالي لمبادئه وأخلاقه. وقام برفع مستوى
الجيش براً وبحراً، وبالاهتمام بالعلوم وتحصين المدن وترميم القلاع
توفي صلاح الدين مبكراً في عام 1193م وكان موته خسارة للعرب والمسلمين.
ودفن في دمشق في المدرسة العزيزية التي أنشأها ابنه شمالي جدار الجامع
الأموي
وبعد
وفاة صلاح الدين تولى الحكم أخوه الملك العادل الذي تابع رسالة صلاح الدين
العسكرية، واهتم بإنشاء القلاع في دمشق وبصرى، وكان من أعقابه الملك
الصالح نجم الدين في مصر الذي توفي بعد معركة المنصورة. وفيها تم أسر ملك
فرنسا لويس التاسع القديس 1250م. وكانت شجر الدر زوج نجم الدين تدير
البلاد بعد موت زوجها مستعينة بالمماليك أمثالها، والذين اغتالوا توران
شاه ابن نجم الدين، وأصبح أحد المماليك عز الدين أيبك الذي تزوج الأرملة
شجر الدر أول سلطان مملوكي وارثاً الدولة الأيوبية
تمكن نور الدين الذي خلف والده في حلب من تأسيس إمارة ضمت حمص والرحبة، وكان عليه أن يتصدى لمشاكل داخلية وتحريرية
وفي عام 1154م استطاع نور الدين من إنهاء حكم السلاجقة في دمشق واتخذها
عاصمة له. وكان أبوه عماد الدين قد حرر الرها عام 1144م من الصليبيين
فاتحاً بداية التحرير
وفي عام 1169م أوفد نور الدين،القائد أسد الدين شيركوه وبرفقته ابن أخيه
صلاح الدين ابن أيوب إلى القاهرة الفاطمية، وفيها اصبح صلاح الدين وزيراً
للفاطميين ونائباً عن نور الدين. ولقد استطاع أن ينهي الخلافة الفاطمية في
عام 1171م معلناً ولاءه للخلافة العباسية
توفي نور الدين في دمشق سنة 569هـ/1174م ودفن في المدرسة التي أنشأها. وكان عصره، عصر نضال وإنشاء
مرَّ
الحكم المملوكي في مرحلتين، مرحلة التركية، ثم مرحلة الأسرة الشركسية.
وكان عليهم أن يواجهوا المغول الذين زحفوا على بلاد الشام ووصلوا إلى
فلسطين. فقام السلطان قطز وبيبرس بالتصدي لهم في عين جالوت التي حقق فيها
المماليك ظفراً على جيوش المغول الذين عادوا مقهورين. وهكذا تابع الملك
الظاهر بيبرس الامتداد إلى بلاد الشام كي يعلن قيام دولة المماليك في مصر
والشام. ومع أن القاهرة كانت العاصمة، إلا أن الملك الظاهر جعل دمشق
منطلقاً له لمتابعة تحرير البلاد من الصليبيين، فحرر قيسارية واسترد أرسوف
واتخذ من صفد قاعدة لمواجهة عكا المنيعة، ثم حرر يافا والشقيف كما حرر
قلعة الحصن. وتوفي في دمشق عام 1277 ودفن في المدرسة الظاهرية
في
عام 1289م قام السلطان قلاوون بتحرير طرابلس وهي المملكة الصليبية
الرابعة، ولم يبق للفرنجة إلا عكا التي كانت تعاني فوضى وفساداً. وبعد
وفاة قلاوون عام 1291م قام ابنه الأشرف خليل بتحرير عكا، ومضى الفرنجة إلى
قبرص هاربين وتبعهم فرنجة القلاع الأخرى، عتليت وصيدا وصور وبيروت، وبذلك
ينتهي الوجود الصليبي في بلاد الشام بعد أن استمر قرابة القرنين
لم تكن سورية في عصر المماليك مستقرة، فالحروب مع الفرنجة والمغول كانت
شاغل السلطة والناس. ولأن المماليك كانوا من غير العرب، تركوا رجال الدين
العرب كي يكونوا قوة وسيطة لتنفيذ سياستهم، ولذلك ازداد عدد المعاهد
والمدارس وازدادت المشيدات المعمارية. ولكن أصحاب السلطة في القلعة
والحجاب كانوا في صراع واغتيالات وتمرد، مما أورث اضطراباً مستمراً. وبقيت
الأمور على هذه الحال حتى انتصار جيش الدولة العثمانية عام 1516م بقيادة
سليم الأول في معركة مرج دابق شمالي حلب
الحروب ضد الفرنجة و المغول
كانت
غزوات المغول على سورية متلاحقة، من أبرزها حملة هولاكو على بغداد 1258
فقتل الخليفة السمعتصم وأنهى الخلافة العباسية وأحرق بغداد. ثم يقوم
هولاكو بحملة فتاكة عام 1260م فيجتاح سورية وعندما وصل إلى فلسطين تصدى له
المماليك وعلى رأسهم قطز وبيبرس، وكانت موقعة عين جالوت الظافرة التي ردت
المغول على أعقابهم. وفي سنة 1401 استباح تيمورلنك مدينة حلب وبنى من رؤوس
القتلى تلالاً وهدم ما فيها من مساجد ومدارس ثم سار إلى حماه وحمص ووصل
دمشق فحاصرها شهراً ثم أحرق عمارتها وقتل أبناءها، ولم تفد وساطة ابن
خلدون. وعاد إلى بغداد لكي يكرر جرائمه فيها
وفي الوقت نفسه كانت التجريدات الصليبية قد بلغت سبعاً أو تسعاً ولكنها
كانت متلاحقة واستمر وجود الصليبيين في بلاد الشام 1098-1291 قرنين
تقريباً أقاموا في قلاع أنشأوها في الساحل السوري خاصة، ومازالت قائمة أو
بعض آثارها، وكانت أنطاكية وعكا والقدس من أهم المدن التي استولوا عليها،
وفشلوا في احتلال مدن الداخل مثل حلب ودمشق، فيما عدا الرها وكانت أول
مدينة احتلت، وأول مدينة حررها عماد الدين زنكي عام 1144م
معركة حطين: كانت هذه المعركة بداية نهاية الصليبين وفيما يلي وصفها
تلقى صلاح الدين من عيونه نبأ تحرك القوات الصليبية ضده، كما أُعلم
بالطريق الذي سيسلكونه في مسيرهم إليه، فاطمأن إلى نجاح خطته في استدراج
الجيش الصليبي، فترك قوة صغيرة تحاصر طبرية، وانسحب مع جيشه الرئيسي
ليعسكر في التلال الواقعة غربي المدينة حيث تقع قرية حطين ذات الماء
والمرعى، وكان يعلو تل حطين قمتان بارتفاع مائة قدم تقريباً، مما دعا
العرب إلى تسميتها قرون حطين. وتعود أهمية هذا الموقع إلى أنه يقع عند
بداية انحدار الطريق الذي سلكه الصليبيون إلى بحيرة طبرية. وقد أراد صلاح
الدين بذلك إحكام تطويق العدو المتقدم بهذا الاتجاه
لم يستطع الصليبيون الوصول إلى الماء. وكان حصار صلاح الدين لهم قوياً،
وأضاف بإشعال النار في الأعشاب والأشواك، ليزيد حرهم حراً، وليضيق أنفاسهم
بالدخان. كما نهض المسلمون كالرجل الواحد يرشقون الصليبيين المحاصرين
بسهامهم، فزاد وضعهم حرجاً، وفرّ منهم باتجاه مدينة صور، وعلى رأس هؤلاء
"ريموند الثالث"، حيث أفسح له المسلمون الانسحاب عبر صفوفهم، وانسحب بقية
الصليبيين صاعدين المرتفع في حالة سيئة من العطش والحر والدخان، فزحف
المسلمون إليهم وحاصروهم في القمة حيث استسلم القادة بمن فيهم ملكهم غي دي
لوسينيان وكذلك أرناط وغيره وعدد كبير من البارونات والفرسان والدوايّة
والاسبتارية. وكان ذلك في 24 ربيع الآخر سنة 583ه/4 تموز 1187م
أمر
صلاح الدين بإقامة سرادقه، حيث نزل فيه فصلى صلاة الشكر، ثم طلب إحضار
قادة الصليبيين ومقدميهم. ولم يكن بنية صلاح الدين قتلهم عدا أرناط
الطائش، ولذلك فإنه بادر بإعطاء ملك بيت المقدس ماء ليشرب بعد أن أهلكه
العطش، ورفض أن يفعل ذلك مع أرناط، واعترض على ملك بيت المقدس الذي أراد
سقيه لنية في نفسه. ثم نهض صلاح الدين بتذكير أرناط بجرائمه وخيانته، تلك
الجرائم التي يستحق القتل على كل منها. وطمأن بقية الملوك والأمراء على
حياتهم، وقام برعايتهم ورعاية أسرهم، ونقلهم إلى قلعة دمشق حيث جرى
الاحتياط عليهم
كانت حطين من أكبر الكوارث التي حلت بالصليبيين. فقد تمكن المسلمون من
تحطيم قوتهم الضاربة، حتى قال فيها ابن الأثير: "من شاهد القتلى قال ما
هناك أسير ومن شاهد الأسرى قال ما هناك قتيل
موقعة عين جالوت
قام السلطان قطز بجمع صفوف العرب في الشام ومصر للتصدي للخطر المغولي الذي
لم تستطع قوة في الشرق الأدنى الصمود أمامه، وبعد أن تلقى تهديداً من
هولاكو استخف به وأعد العدة لمجابهته، أوفد بيبرس على رأس جيش إلى غزة
فاحتلها، فعاد هولاكو وترك نائبه كتبغا لكي يجابه قطز في عين جالوت سنة
1260م، وهو يصيح "وا إسلاماه" فقتل كتبغا وكثيراً من رجاله وولى من نجا من
المغول الأدبار. ومما ساعد على الانتصار تعصر الصليبيين بالوقوف على
الحياد وكان بيبرس قد مضى بجيشه لفتح حلب
وتعد هذه الموقعة من المواقع الفاصلة في التاريخ، فلقد حالت دون وصول
المغول إلى مصر وكانت السبب في توحيد مصر وسورية، وأظهرت المماليك على
أنهم حماة العرب والإسلام. وجعلت من مصر عاصمة قوية، كما جعلت من دمشق
مركز الانطلاق الجنوبي لتحرير البلاد من الصليبيين وصد المغول. ولقد أنقذت
موقعة عين جالوت الغرب من زحف المغول
الملك الظاهر بيبرس
استلم
بيبرس الحكم بعد مقتل قطز وأصبح يحمل لقب الملك الظاهر، وأخذ يعيد تنظيم
الإدارة في مصر ويتقرب من الناس، ويعد العدة لمتابعة الجهاد ضد الفرنجة في
بلاد الشام، وكان عليه أن يدعم سلطانه باعتراف خليفة المسلمين العباسي على
الرغم من سقوط هذه الخلافة على يد المغول سنة 1258م فاستدعى أحد ورثة
الخلافة وهو أحمد بن الظاهر ابن الناصر العباسي، فأحسن استقباله وجعل له
مجلساً في القلعة أثبت فيه حقه بالخلافة، ولقبه بالمستنصر بالله، وجعل مقر
الخلافة في القاهرة
وقام
الخليفة الجديد بتقليد بيبرس السلطنة رسمياً. ولكنه عاد بعد زمن، فرأى
إعادته إلى بغداد لكي يجابه المغول، ولم يكد يصل إلى مدينة هيث حتى انقض
عليه المغول فقتلوه مع جماعته، فاستحضر بيبرس خليفة آخر هو أبو العباس
أحمد مع الحد من نفوذه. واستمرت الخلافة في القاهرة دونما نفوذ وكان عليه
فقط أن يفوض السلطان بجميع الأمور العامة
كانت حروب بيبرس عنيفة وقد انتقل إلى دمشق، فلم تنقض السنوات العشر
1261-1271 حتى انتقل من نصر إلى نصر مستولياً على معاقل الفرنجة، وأخيراً
توج بيبرس انتصاراته بتحرير أنطاكية في أيار 667هـ 1268 وهي أقوى الإمارات
وكانت بداية النهاية. فاستولى على صافيتا وقلعة الحصن وحاصر عكا والقرين
وكانت حربه ضد المغول موازية دائماً لحروبه ضد الفرنجة
الحكم العثماني
مرت
سورية في العصر العثماني بمرحلة صعبة، ولم تنعم إلا في المرحلة الأولى
أيام حكم السلطان سليم، وفي المرحلة الأخيرة أيام حكم الولاة مدحت باشا
وناظم باشا. بعد عام 922هـ/ 1516 قام العثمانيون بتقسيم البلاد إلى ثلاث
ولايات, الشام ومركزها دمشق, وحلب وطرابلس, وتألفت كل ولاية من عدد من
السناجق، أقطعت بعض الأراضي الى السباهية أي الفرسان وكانت الإنكشارية
تدير الجيش
وأصبحت جميع الولايات مرتبطة بالعاصمة استانبول عن طريق الولاة الأتراك,
الذين اهتموا بجباية الأموال وتسويق المجندين والإثراء السريع
وكان السكان يعتصمون بالأشراف ورجال الدين, ولكن الثورات كانت بقيادة كبار المتنفذين
أما أسرة العظم فلقد حكمت ولاية دمشق خلال ستين سنة كما حكمت ولايات أخرى
ومن أشهرهم أسعد باشا الذي سمي أمير الحج الشامي مع ولايته للشام
في
القرن التاسع عشر ظهر إبراهيم باشا في سورية 1831هـ/1740م الذي أراد أن
يطبق إصلاحات في الجيش والزراعة والمالية. ولكن النفوذ الأوربي ابتدأ
بالظهور وقد أصبح محمد علي في مصر خطراً على الدولة العثمانية وأوربا
وانتشر الوعي القومي. وظهر في الشام مفكرون دعوا إلى التحرر والإصلاح منهم
عبد الرحمن الكواكبي ونجيب عازوري، ثم ظهرت جمعيات في سورية تدعو إلى يقظة
العرب ووحدتهم وتحررهم لمجابهة جمعية الاتحاد والترقي التركية، وكانت
الجمعية العربية الفتاة تطالب بالحكم الذاتي، ومن أبرز أقطابها عبد
الحميد الزهراوي
ثم كانت مشانق جمال باشا في دمشق وبيروت تعلن عن أول قافلة للشهداء في
سبيل الحرية والاستقلال. وما أن اشتد ساعد الداعين للتحرر، حتى ابتدأت
المفاوضات بين الحسين شريف مكة وبين بريطانيا التي وعدت بدعم تحرر العرب،
وابتدأت الثورة العربية الكبرى في 10/6/1916، ودخل العرب حلفاء في الحرب
العالمية الأولى لتحرير وطنهم من نير السلطنة.(20)
نكل الحلفاء الإنكليز والفرنسيين بوعودهم وقسموا البلاد في اتفاقية
سايكس-بيكو السرية لتبقى تحت انتدابهم، ثم عدلت هذه الاتفاقية في مؤتمر
سان ريمو وأصبحت بلاد الشام مقسمة إلى أربع دول، سورية ولبنان وفلسطين
وشرقي الأردن، وكانت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وأما فلسطين وشرقي
الأردن فقد أصبحتا تحت الانتداب الإنكليزي مع العراق
الانتداب الفرنسي
منذ
نهاية الحرب العالمية الأولى واستقلال البلاد العربية عن الدولة العثمانية
المنحلة، لعبت السياسة الدولية الاستعمارية دوراً قاسياً مخالفاً لمنطلق
عصبة الأمم المتحدة ولجنة "كنغ - كرين" التي أوفدها الرئيس الأمريكي
ويلسون سنة 1919 للتحقيق في رغبات الشعب، وكان من أهم ما ورد في تقريرها
"أن الوحدة الاقتصادية والجغرافية والجنسية السورية، واضحة ولا تبرر تقسيم
البلاد وبخاصة أن لغتها وثقافتها وتقاليدها وعاداتها عربية في جوهرها
وأن
توحيد سورية يتماشى مع أماني شعبها ومبادئ عصبة الأمم". ولقد أكد المؤتمر
السوري في تموز 1919 حق الشعب في وحدة بلاده واستقلالها ضمن حدودها
الطبيعية، من جبال طوروس شمالاً إلى خط رفح - العقبة جنوباً، ونهر الفرات
والخابور شرقاً وً البحر المتوسط غربا، هذه المنطقة التي جزئت فيما بعد
إلى أربع دول هي سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن. تم ذلك في اتفاقية
سرية بين فرنسا وإنكلترا عرفت باسم اتفاقية سايكس - بيكو التي رفضها
السوريون، فأعلنوا استقلال بلادهم ضمن حدودها الطبيعية في 8 آذار 1920
وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم.(20)
عندها هاجمت الجيوش الفرنسية قادمة من لبنان ودخل الجنرال الفرنسي غورو
دمشق بعد يومين من موقعة ميسلون في 24/7/1920 وكان أول عمل أن قسم سورية
إلى أربع دويلات، ثم استعادت البلاد وحدتها الوطنية ، ولكن الضغط
الأستعماري الفرنسي كان السبب في قيام ثورة اللاذقية بقيادة صالح العلي،
وثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، وثورة رمضان شلاش في الفرات، والثورة
السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش وثورة غوطة دمشق واشتركت فيها
جميع الفعاليات الدمشقية، مما اضطر الفرنسيين لإعلان الاتحاد السوري بين
هذه الدويلات عام 1922 وتابعت الثورات السورية نضالها.(21)
وفي عام 1925م قامت الطائرات الفرنسية بقصف دمشق للانتقام من الثوار الذي
ن
بدأ التاريخ في سورية مع عصر السلالات السورية الأولى، واكتشاف كتابات
يمكن الاعتماد عليها في تأريخ المنطقة. فلقد توسعت القرى القديمة لكي تشكل
ممالك لها تقاليدها وعاداتها وعبادتها ونظامها الاجتماعي والسياسي. وفقد
كشفت وثائق إيبلا المكتشفة في عامي ا 1974-1975 وهي رقم طينية، عن
العلاقات الدولية وعن النظام السياسي والاقتصادي. ومن خلالها تم الاطلاع
على حقيقة التوسع الذي ادعاه الملك لوغال زاغيري من مدينة "أوما" من أنه
سيطر على المنطقة من البحر السفلي الخليج والبحر العلوي المتوسط. وأبانت
وثائق "ماري" على الفرات وإيبلا أن "ماري" كانت تسيطر على التجارة عبر
الفرات وعلى جميع المناطق الواقعة على الأنهر بل إن من ملوكها من حكم بلاد
السومريين
استفاد سكان إيبلا وماري من الكتابة السومرية، وهي كتابة
مسمارية رمزية تنقش على الطين، ولكنهم عنوا بالمصطلحات السومرية معانٍ
وأسماء عمورية وهي لهجة عربية قديمة
كان صارغون ونارام سين حفيده من الأسماء اللامعة التي عملت على توسيع نطاق
الوحدة السياسية ولو بالقوة ولقد تمكنت سلالتهم من الحكم 180سنة
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال سورية مسرحاً
للميتانيين ثم الحثييّن ، وهم من أصول غير عربية، وكانوا في نزاع مع
النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش تل النبي
مندو قرب حمص على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ على سورية، فأصبح الشمال
تحت النفوذ الميتاني والجنوب تحت النفوذ المصري، كما تمركز في الساحل
السوري
ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم
المصريون الذين شنوا معركة بقيادة رمسيس الثاني في قادش ضد الحثييّن
بقيادة مواتاليش
ولقد أبانت ألواح أوغاريت رأس الشمرة أن شعوب البحر المتوسط قد أتت
نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في عين دارة اعزاز آثارهم الرائعة
وتعود حضارة أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة
وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، مصرية وحثية وايجية، ولقد اكتشفت
هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا. وفي المدينة
حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج
المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن
نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري
الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري
والساحل السوري
وفي العصر السوري الحديث، كانت السيطرة من حظ الآشوريين، ومن أشهر حواضر
هذا العصر، مدينة حداتو أرسلان طاش وبارسيب تل أحمر وغوزانا تل حلف وفي
هذا العصر حاول شلمناصر الثالث عام 853ق.م الاستيلاء على دمشق، فتصدى له
السكان ورؤساء القبائل وكان منهم جندبو العربي، وأعادوه مخذولاً
المدن الأولى
تعود
أولى المنشآت في ماري على الفرات، إلى 2900ق.م وكانت ماري محاطة بسور قطره
1.9كم ولم نعرف شيئاً عن مبانيها ولكن منذ 2350ق.م أعيد إنشاء المدينة
وكان من أبرز منشآتها القصر الكبير وحرمه ومعابد: "عشتار" و"نيني زازا"
و"عشتارات" و"شماش" وفيها عثر على عدد من التماثيل الهامة وعدد من الأختام
الأسطوانية التي نقشت عليها رموز الحرب والسلام والعبادة والأساطير
كان قصر ماري أشبه بمتحف للتماثيل والرسوم الجدارية التي تمثل جنوداً
وصيادين، مع مناظر القربان والتضحية للآلهة ومشاهد تتويج ملك ماري، نقل
بعضها إلى اللوفر
تم اكتشاف ما يقرب من 25 ألف رقيم في مكتبة القصر في ماري، أبانت مدى
ازدهار هذه الحاضرة ومدى توسع نفوذها، والحروب التي دخلتها مع جاراتها
لتحقق الوحدة بزعامتها، ولقد استفادت ماري من موقعها الهام بوصفها ملتقى
طرق المواصلات الكبيرة التي تصل البحر المتوسط والأناضول وغربي سورية من
جهة، وسورية الوسطى والجنوبية من جهة أخرى، وكانت علاقتها التجارية تصل
إلى "حاصور" في فلسطين وإلى "كريت" وقبرص و"حاتوشا" في الأناضول وإلى
"دلمون البحرين على الخليج العربي. وكانت تستورد النحاس من قبرص والقصدير
من شمالي إيران لصنع الأسلحة المتطورة
وهكذا اختلطت الفعاليات التجارية مع الفعاليات العسكرية لتحقيق ثروة ماري
ونفوذها وتوسعها الجغرافي، وكان قصر الملك الواسع جداً مقراً للسلطة
التجارية والتي تتوضح من خلال الصور الجدارية في باحة القصر، وكانت لوحات
جصية ملونة تمثل تقديم القرابين للآلهة شكراً على انتصار أو تحرر، أو تمثل
العبادة
الممالك الآرامية
في
نهاية النصف الأول من الألف الثاني ق.م ابتدأ ظهور الآراميين في سورية ،
وبعد أن تم استقرارهم انتشروا في أنحاء واسعة مشكلين ممالك متجانسة في
اللغة والحضارة والعقيدة،
· مملكة فدان آرام وعاصمتها حران.
· مملكة صوبا في سهل البقاع.
· مملكة آرام النهرين بين الفرات والخابور.
· مملكة بيت بخياني وعاصمتها غوازانا تل حلف في حوض الخابور.
· مملكة بيت عديني وعاصمتها تل بارسيب تل أحمر في شمال الجزيرة.
· مملكة بيت آغوشي وعاصمتها أرباد تل رفعت وتشمل منطقة حلب.
· مملكة شمأل عند سفوح جبال الأمانوس.
· مملكة حماة.
· مملكة بيت رحوب عند مجرى الليطاني.
· مملكة آرام معكا في الجولان.
· مملكة جشور بين دمشق ونهر اليرموك.
· مملكة دمشق، وهي من أقوى الممالك.
لعل
عين دارة الواقعة غربي حلب طريق اعزاز-عفرين هي من أهم المواقع الأثرية
الآرامية التي تحمل آثار النزاع مع الحثيين. يتألف هذا الموقع من مرتفع هو
الحي الملكي وتحته يقع الحي الشعبي، ولقد كان هذا الموقع محمياً بسور منيع
مبني بالحجارة واللبن يحيط المدينة كلها وتنفتح فيه بوابات تحيط بها من
الجانبين أبراج، وتقوم بوابة المدينة الرئيسية عند تمثال الأسد المكتشف
هناك. ولقد سكن هذا الموقع في جميع العصور حتى عصر الحمدانيين... وهذا
الموقع لم يحدد اسمه القديم بعد، ولكنه يبقى بآثاره الضخمة مرشحاً أن يكون
عاصمة لمملكة آرامية وعلى هذا فإننا لا نستطيع الحديث عن أحداث عسكرية تمت
فيه
ومن أهم الممالك الآرامية بيت بخياني ومملكة صوبا ومملكة دمشق.
أما بيت بخياني فكانت عاصمتها غوزانا تل حلف التي اكتشفت حضارتها الغابرة
في الألف الخامسة وتقع قرب "رأس العين" على الحدود التركية
"وأما صوبا ومعناها النحاس بالسريانية نحشا، فكان موضعها "عنجر" في البقاع
وصلت حتى دمشق. ومملكة دمشق هي أقوى الممالك الآرامية، لعبت دوراً هاماً
في عصر ملكها "ابن حدد بنهدد 879-843ق.م حيث فرضت نفوذها على البلاد
المجاورة وعقدت معها أحلافاً ضد أطماع الآشوريين، واستطاع خلفه صد هجومين
قاما بهما شلمناصر الثالث سنة 843ق.م و838ق.م إلى أن احتلها "تغلات بلاصر"
الثالث 732ق.م بعد حصار سنتين ثم قتل ملكها رصين وقضى على الحكم الآرامي
الدمشقي
العصر اليوناني
ابتدأ هذا العصر بعد انتصار الاسكندر في موقعة إيسوس على الفرس
كان "دارا" الثالث ملك فارس يملك قدرات واسعة، فكان عدد رجاله يفوق عدد
رجال الاسكندر المكدوني وكانت أمواله في "سوسا" هائلة وجاهزة وكان قصره في
"برسيوبوليس" عامراً، وكان لديه أسطول كبير يحمي شواطئ آسيا الصغرى وسورية
ومصر. ولكنه لم يكن قائداً ممتازاً
أما جيش الاسكندر فكان مكوناً من 40 ألف رجل مع 12 ألف مكدوني من المشاة
و7 آلاف من كورنثا و5 آلاف من المرتزقة و8 آلاف من حملة الأقواس وراشقي
المقاليع. وكانوا من تراقيا أما الفرسان فقد بلغ عددهم 5 آلاف منهم 1800
من أشراف المملكة، كما كان يصحبه عدد من المهندسين المختصين بفن الحصار
وكان بصحبته الفيلسوف أرسطو معلمه، أما أسطوله فكان مؤلفاً من 180 سفينة
عبر "دارا الثالث" الفرات على رأس جيشه وكان قد حضر بنفسه متحدياً الاسكندر وطموحه، وكان الاسكندر قد أخضع آسيا الصغرى
وقرب أيسوس تأخر الاسكندر في "قلقيلية" عن قتال "دارا"، وكان لهذا التأخير
أثر كبير في انتصاره إذ تقدم "دارا" إلى "قرب أيسوس" وقتل المرضى والشيوخ
الذين تركهم الاسكندر. ولكنه في ذلك وضع نفسه في كماشة
تقدم الاسكندر على طريقته المألوفة في تنظيم الجيش، فقد كانت فرق المشاة
في الوسط والخيالة إلى اليمين ومنها هاجم الاسكندر ميسرة الجيش الفارسي،
بينما تقدم المشاة ببطء، وعندما عبروا النهر ارتبك خط القتال وتعرضوا لضغط
الخيالة الفرس، ولكن وحداتهم الخيالة ساعدتهم في القضاء على جناح العدو.
وبعد ذلك أدار الاسكندر المعركة باتجاه المكان الذي كان فيه دارا على
عربته الحربية وحوله بطانته وقواده. ورغم إصابة الاسكندر في ساقه، طارد
"دارا" الذي فر مع ميسرة جيشه، مما أرعب جيشه فتقهقروا باتجاه الشمال
كان "دارا" مذعوراً حتى أنه نسي أمه وزوجه فكانتا معه في معسكره في أيسوس.
وحينما وصل إلى جبال الأمانوس ترك وراءه عربته ودرعه ورداءه الملكي وامتطى
فرساً لينجو بحياته. وعندما احتل الاسكندر معسكر "دارا" وكانت معه هذه
الغنائم، اعتقد نساء "دارا" وأهله أنه مات
ولكن الاسكندر أحسن معاملتهم وطمأنهم على سلامته، وعاد "دارا" إلى بلاده
وكتب إلى الاسكندر طالباً استرداد أهله وعقد معاهدة معه. ولكن الاسكندر
وعده بإعادة نسائه، ولكنه طلب إليه الاعتراف بسيادته على جميع أرجاء
المنطقة
وكان انتصار الاسكندر في أيسوس قد فتح له الباب لاجتياح سورية ومصر، فلم
يجد مقاومة كبيرة إذ كانت مدن الساحل السوري مفككة، لقد استسلمت جبيل
بيبلوس التي حلت مكان صيدا وأرواد للاسكندر حتى أن ملك صور أمر بنحت تابوت
الاسكندر وعلى جداره نقش معركة أيسوس، وقد صور الاسكندر وعلى رأسه غطاء من
جلد الأسد والتف حوله الجند. وفي الوجه الآخر من التابوت صور الاسكندر
مشتركاً في صيد السباع والوعول. وقد عثر على هذا التابوت العالم "مونته"
وهو محفوظ في متحف استانبول
ومن دمشق حصل الاسكندر على كنوز "دارا" التي كان قد أودعها هناك خوفاً عليها من الضياع أثناء عبوره ممرات الأمانوس
كان حصار صور صعباً تطلب حيلاً هندسية وكان لسقوط هذه المدينة أثره في
الاستيلاء على كامل سورية ومصر بعد استيلائه على دمشق وغزة. ثم توجه إلى
بابل وفي عام 331ق.م جابه "دارا" وجيشه في معركة ضخمة، انتصر فيها
الاسكندر و دخل بابل وأعاد إليها استقرارها بسرعة، لكي يتابع فتحه ملاحقاً
"دارا" في "أكبادانا" عاصمة "ميديا"، ولكن "دارا" هرب إلى "بلخ" حيث قتله
حاكمها (بلخ) حماية لما بقي من بلاد الأخمنيين. ثم عثر الاسكندر على الجثة
فدفنها "رسمياً في "برسيوبوليس
تابع الاسكندر فتحه الهند، وعند عودته إلى بابل عام 323 توفي وهو في الثانية والثلاثين من عمره
بعد موت الاسكندر المكدوني في سنة 323ق.م اقتسم كبار الضباط التابعين له
الممالك الواسعة التي استولى عليها الاسكندر، فكان نصيب "انتيغون" مكدونيا
وآسيا الصغرى، وكان نصيب "بطليموس" مصر وفلسطين، وكان نصيب "سليقوس
نيكاتور" سورية وبابل وفارس، وفي المنطقة الواقعة عند مصب العاصي أنشأ
"انتيغون" مدينة الاسكندرونة أطلق عليها اسم الاسكندر سنة 317ق.م، وتقع
بين العاصي ومخرج بحيرة أنطاكية، ثم قام "سليقوس نيكاتور" باحتلال هذه
المدينة سنة 301، وأقام مدينة أطلق عيلها اسم "أنطاكية"، نسبةً إلى اسم
أبيه "أنطوخيوس"، كما أنشأ مدينة أخرى باسم أمه "لاثوديسيا" لاذقية ثم
أنشأ "مدينة أفاميا باسم زوجته "أباميا
واهتم "سليقوس" بمدينة أنطاكية فنقل إليها أنقاض مدينة "انتغونا" التي
هدمها وشجّع الناس على سكن أنطاكية بأن منحهم حقوق اليونانيين وامتيازاتهم
فازدهرت وصارت عروس الشرق وعاصمة الممالك السلوقية الممتدة من البحر
المتوسط إلى حدود الهند
كان عصر هذا الملك مزدهراً وقوياً، فقد استعان بأفيال الهند في حروبه
وخاصة عندما حاول الاستيلاء على مصر من بطليموس. ودخل بلاد الشام من
الجنوب ولكنه فوجئ بتدخل الرومان الذين نازلوه. وابتدأ حكمهم في سورية
تعاقب على سورية في عصر السلوقيين 18 ملكاً كانوا في صراع مستمر مع
البطالمة، ولقد أطلق المؤرخون الإغريق على هذه الحروب اسم الحروب السورية
التي انتهت بسيطرة البطالمة على دمشق 276ق.م وعلى أنطاكية 246ق.م. وفي عام
150ق.م كان في سورية ممالك عربية تحاول التحرر والاستقلال كمملكة الأباجرة
في "الرها" أديسا وإمارة أذينة في تدمر وإمارة شمسيغرام في حمص والرستن
وإمارة الأيتوريين في البقاع عنجر. ودولة الأنباط الذين دخلوا دمشق عام
85ق.م. زمن الحارث الثالث. وهكذا أصبح السلوقيون في مأزق حتى انتهى عصرهم
على يد الرومان
الهكسوس وانتقال النظام العموري من سورية إلى مصر
لعل
الظروف الحربية القاسية في البلاد العمورية وبخاصة في إيبلا، كانت السبب
في نزوح السكان إلى مصر على موجات متتالية، وكان العموريون يحتلون بعض
المواقع مثل "قطنة" المشرفة شمال حمص، وكانت عاصمتهم "شكيم" نابلس
و"أريحا" تل السلطان حتى استقر بهم الأمر في سيناء ومنها ساروا إلى مصر
حيث تمكنوا من الاستيلاء على الحكم خلال 1785ق.م-1580ق.م. وكان المصريون
يطلقون عليهم اسم "مينوساتي" أي رعاة آسيا، وأطلق عليهم اليونان فيما بعد
اسم "الهكسوس" أي الملوك الرعاة، وجرى على هذا الاسم المؤرخون
"كان
"الهكسوس" محاربين أشداء وكانت مواقعهم في سورية محصنة ومسورة ومحاطة
بخنادق المياه. وفي مصر أقام زعيمهم "سلاطيس" أولا في "ممف وفرض الجزية
على مصر العليا والسفلى، وأقام فيها المعاقل لصد الآشوريين عن وادي النيل،
ثم بنى مدينة "أوراس" في ولاية "حمان" وحصنها بالأبراج والقلاع والأسوار
وأكثر من حاميتها التي بلغ عددها 240ألف مقاتل. وكان "سلاطيس" يأتي إليها
صيفاً لجمع الحنطة ودفع رواتب الجند والإشراف على تنظيم الجيش وتدريبه
لحماية سلطانه على مصر. وكان "الهكسوس" قد أدخلوا إلى مصر استعمال الخيل
والعربات الحربية التي تجرها الخيول، مما ساعدهم على الفتح والاحتلال وفرض
القوة والهيبة على المصريين الذين لم يألفوا هذا النوع من العتاد والسلاح،
كالسيف المقوس المصنوع من الحديد والقوس المركب، كما أدخلوا تحسينات هامة
في صناعة المعدن
وكان اسم الإله "إيل" شائعاً عند "الهكسوس"، ولكنهم لم يفرضوه على
المصريين، إلا أن العقيدة بالإله الواحد قد تسربت عنهم إلى المصريين،
فكانت ثورة "أخناتون" التي جعلت "آتون" الإله الذي وراء الشمس وصانعها
عوضاً عن "أمون" إله الشمس فقط
وفي عام 1580ق.م استطاع الفرعون "أحمس الأول" أن يقضي على سلطان "الهكسوس" وينتهي حكمهم في مصر
روما و سورية
كانت
روما مدينة محدودة الإمكانيات تتطلع إلى استجداء الشرق أو اغتنام ما
تستطيع لدعمها. ودخلت إلى الشرق عن طريق البطالمة في مصر الذين استنجدوا
بالمرتزقة في حربهم ضد السلوقيين في سورية، وكان من قادة الرومان "بومبيه"
الذي استولى على سورية في عام 64ق.م .ووضع حدا لسيطرة "تيجران الأرمني".
مما أثار حفيظة زميله قيصر الذي قاتله فهرب منه إلى مصر حيث قتله أتباع
قيصر، الذي دخل إلى مصر حليفاً وتزوج من كليوباترا أخت الملك المصري،
واتفق مع البطالمة على تجهيز حملة للتوسع في الشرق حيث الحكم السلوقي.
وقتل قيصر بخيانة "بروتوس" وأصبح "أكتافيوس" مسيطراً على مصر ولم تكن سلطة
الرومان على سورية شديدة الاستقرار، فلقد كان الضغط الفارسي متزايداً مما
دفع الرومان لتعيين قائد سوري "أفيديوس كاسيوس"، كي يدافع "عن بلاده ضد
الفرس، بل قام باقتحام "طيسفون" و"سلوقية
واكتسبت سورية طابعاً استقلالياً تقريباً في عصر أسرة "سيفيروس" السورية
التي اعتلت سلطة الإمبراطورية 211-235م وجاء بعدها فيليب العربي وكان
لهؤلاء الأباطرة دور في حماية وجود الإمبراطورية الرومانية أمام الخطر
الفارسي
يقوم العرب التدمريون بنصرة الإمبراطور "فاليريان" ومحاولة إنقاذه من
الأسر الفارسي في عصر ملك تدمر أذينة، الذي هزم الفرس الساسانيين وهدد
عاصمتهم
كانت سورية في العصر الروماني مجزأة إلى ولايات. وكانت تدمر حاضرة مستقلة
واسعة عملت على توسيع حدودها حتى وصلت إلى الأناضول وإلى الاسكندرية
ولقد حاولت بعض الولايات الاستقلال، ولكنها بقيت تدين بالولاء إلى روما.
وفي بداية القرن الثاني الميلادي أصبحت سورية أكثر ازدهاراً بفضل
التنظيمات الإدارية والتطور الاقتصادي، نرى آثاره في منطقة الكتلة الكلسية
حيث ازدهرت زراعة الزيتون الوافرة، ونراه في تدمر التي كانت مركز
التبادلات التجارية مع المدن المجاورة، بل مركزاً هاماً على طريق الحرير
الواصل من الشرق الأقصى إلى البحر المتوسط والغرب
وفي بداية القرن الثالث لعبت سورية دوراً هاماً في سياسية روما، عندما
حكمت روما الأسرة السورية من حمص ثم حكم فيليب العربي من شهبا 242-249م
وعلى الرغم من قضاء "أورليان" على نفوذ تدمر، عام 272م فإن سورية عادت
إلى الاستقرار بظل الرومان، وكانت الإصلاحات التي تمت في القرن الثالث
وبداية القرن الرابع قد وطدت الإدارة السياسية والنشاط الثقافي فيها
والإعمار الذي حمل طابع الأسلوب الإغريقي الروماني. ويجب أن نذكر بكثير من
الاعتزاز نبوغ المعماريين السوريين في إقامة المنشآت السورية، بل لقد امتد
نشاطهم إلى روما وأوربا. وكان أبو للودور الدمشقي أشهر معمار ترك آثاراً
معمارية هامة مازالت ماثلة حتى الآن
وفي مجال التصوير والنحت فإن جميع الشواهد التي عثر عليها في تدمر، ومنبج
وحوران وفي الساحل، هي من صنع الفنانين السوريين الذين كرروا التماثيل
القديمة وابتكروا بطابع محلي صرف تماثيل تحمل الطابع السوري المتميز، ولعل
تدمر شاهد قوي على الهوية الفنية السورية الصرفة. وفي مجال الفسيفساء فإن
الشواهد الرائعة التي عثر عليها في جميع أنحاء سورية والمحفوظة في متحف
دمشق ومتحف السويداء ومتحف أفاميا ومتحف المعرة، تجعل من سورية أكبر مركز
على البحر المتوسط لابتكار وتنفيذ الفسيفساء الذي بقي مزدهرا في العصر
البيزنطي وبداية العصر الإسلامي
وتأكد هذا التأثير عندما استلمت أسرة سورية زمام الحكم في روما وهي عائلة "سيفيروس"، التي حكمت الإمبراطورية من عام 211-235م
في
نهاية الحكم الروماني على سورية انقسمت الإمبراطورية إلى قسمين، شرقي
وعاصمته القسطنطينية، وغربي وبقيت عاصمته روما. وفي 323م نشب قتال بين
الفريقين بقيادة قسطنطين وليكينيوس، وانتصر الأول الذي أعلن تسامحه الديني
وبالتالي تبنيه للمسيحية بعد الاضطهاد الذي كانت تلقاه في العصور
المتقدمة. وهكذا انتشرت المسيحية علانية وبقوة السلطة، وانتقل الناس في
الإمبراطورية الرومانية الجديدة من الوثنية إلى المسيحية، وفي سورية كان
ثمة ديانتان أساسيتان، الوثنية الرومانية والوثنية الآرامية، وكان
الغساسنة والمناذرة العرب قد اعتنقوا المسيحية ولعبوا دوراً هاماً في
السياسة الدولية بين فارس والبيزنطيين بعد الرومان
اصبحت المسيحية ديناً معترفاً به من قبل الإمبراطور تيودوسيوس سنة 392م
وأصبحت بيزانتيوم عاصمة المسيحية يحكمها ابنه أركاديوس وأطلق عليها اسم
القسطنطينية تكريماً لاسم الإمبراطور قسطنطين 306-337 الذي أعلن مرسوم
ميلانو أقر به حرية الاعتقاد
وفي عصر "جوستنيان" 527-565م انتشر مذهب اليعاقبة مذهب الراهب يعقوب
البرادعي وكانت تيودورا السورية المولودة في منبج زعيمة هذا المذهب الذي
انتشر بين السوريين والغساسنة على عكس المذهب الأرثذوكسي وهو مذهب
القسطنطينية
منذ عام 392م كانت سورية جغرافياً تدخل في نطاق الإمبراطورية البيزنطية،
ولكن تعدد المذاهب المسيحية فيها أدى إلى كثير من المنازعات. ومن جهة أخرى
فإن الحروب التي كانت تجري بين بيزنطة والساسانيين، كانت سورية أحياناً
مسرحاً لها، وكان الغساسنة يشاركون بيزنطة بعد أن كانوا حلفاء روما بينما
كان المناذرة في الحيرة يشاركون الفرس. مما دفع جوستنيان إلى عقد الصلح مع
الفرس سنة 532م ولكن "كسرى انوشران" اجتاح سورية واسقط عاصمتها أنطاكية
ونهبها ثم عقدت بيزنطة صلحاً آخر مع الفرس سنة 562م على أن تدفع بيزنطة
جزية إلى الفرس
وفي عام 603م قام الإمبراطور "فوكاس" بالهجوم على الملك الفارسي كسرى
الثاني وجيشه في سورية. ثم جاء كسرى الثاني 612م فاستولى عليها حتى وصل
إلى القدس فنهبها وأخذ الصليب المقدس، ثم دخل مصر. وبدءاً من 622م يقوم
الإمبراطور هرقل هيراكليوس بشن حرب ضارية ضد سيطرة الفرس على سورية فيسحق
الجيش الفارسي ويستولي على الولايات الشرقية
خلال هذه الحروب المتبادلة دفعت سورية ثمناً باهظاً ، وكان الشعب السوري
من مسيحيين ووثنيين يعمل على التخلص من نير هذه الحرب الدامية بين محتلين
عدوين، حتى إذا جاء الفتح العربي كانوا من أنصاره والمتحمسين له خلاصا من
البيزنطيين
ولعل أسوار الرصافة دليل على حرص الحواضر المسيحية البيزنطية من عدوان الفرس
وما المدن البائدة من البارة في إدلب حتى تركيا إلا الدليل على الحملات
الفارسية 520-532. إلا أن الزلازل الشديدة 582-562 ثم حرب هرقل كان سبباً
آخر وفي عام 636 فتح العرب البلاد وانهزم هرقل وابتدأ العرب بتهديد الوجود
البيزنطي منذ عصر معاوية وابنه يزيد
الفتح الإسلامي
بعد
إعلان دولة الإسلام وعودة الرسول ( إلى مكة، كانت بلاد الشام جزءاً من
إمبراطورية الروم البيزنطية وكان إمبراطورها هرقل قد وحّد بلاده ووطد
أركانها. وابتدأ الرسول في العام الثامن للهجرة بحملات خفيفة على الروم،
وفي العام التاسع للهجرة 630م قاد الرسول معركة تبوك التي حققت توسعاً.
وبعد وفاة الرسول انتصر المسلمون على بطريق فلسطين فارتد الروم إلى غزة.
وبعد وفاة الرسول وبينما كان خالد بن الوليد يقاتل في العراق، جاء أمر أبي
بكر الصديق بالاتجاه إلى الشام بعد أن كانت الحيرة قد سلمت لخالد
قطع خالد البادية بسرعة في عام 13هـ ثم ظهر فجأة في مؤخرة الروم في مرج
راهط وأغار على غسان في بصرى وفيها التقى مع باقي الجنود المسلمين فنصبوه
قائداً عليهم، وكان أول انتصار له هو في فحل وهو حصن يسيطر على معبر
الأردن، مما مهد له الاتجاه نحو دمشق حيث لقى الروم في مرج الصفر فانتصر
عليهم، ومضى إلى دمشق فاستسلمت في 14 هـ بعد حصار دام ستة شهور
وعندما تصدى الروم لخالد أسرع للجلاء عن دمشق وحمص كي يمضي إلى وادي
اليرموك بعيداً عن المدن، كي يقارع خصمه ضمن خطة محكمة، وكانت المعركة
الفاصلة في عام15هـ/ 636م/ فانتصر خالد وجيشه على تيودوس أخي هرقل ولم
يسلم من جيشه إلا القليل
وبفتح دمشق سقطت جميع البلاد الشامية حتى جبال طوروس. وكان السوريون أهل
البلاد يقفون دعماً للعرب الفاتحين من أبناء عمومتهم، "فكان الفتح يسيراً"
كما يقول البلاذري. وعندما تم فتح القدس، قدم عمر بن الخطاب إلى الجابية
كي يشارك أبا عبيدة ابن الجراح في دخول المدينة المقدسة
بعد
فتح سورية من قبل خالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح و من قبل قادة آخرين،
كان لابد من وضع أسس لنظام الحكم في هذه المنطقة العربية التي كانت تحت
الحكم الرومي الذي كان في أوج قوته وانتشاره
قسمت الشام إلى أربعة أجناد أقاليم، جند دمشق، وجند الأردن وجند فلسطين،
وجند قنسرين في الشمال. وكان انتصار المسلمين قد أكسب بلاد الشام سمعة
عالمية، مما جعلها حاضرة الإسلام، منها انطلقت الجيوش العربية إلى الشرق
والغرب فاتحة وناشرة الإسلام. ولم يمض قرن واحد على وفاة الرسول حتى
استطاع العرب بجنود أهل الشام، من التغلب على إسبانيا الأوربية
لقد عين عمر يزيد بن أبي سفيان واليا على الشام، ولم يلبث حتى خلفه أخوه
معاوية أميراً لعشرين سنة، ثم أصبح أول خليفة أموي لعشرين سنة أخرى مؤسساً
حكماً وراثياً استمر من عام 661-750م وكانت دمشق عاصمة عالم عربي إسلامي
واسع الأرجاء في عصر المروانيين من بني أمية، وأنهي عصر الأمويين على يد
العباسيين، ولكنه لم ينقطع في الأندلس بعد انتقال عبد الرحمن الداخل إليها
كان معاوية داهية العرب قد استطاع أن يستميل أهل الشام، فعاضدوه في إدارة
الخلافة. وكان عليه أن يسيطر على أحزاب المعارضة، وأن يتوجه إلى خصمه
الأكبر الروم، حيث أرسل إليهم ابنه يزيد فحاصر عاصمتهم القسطنطينية، ولقد
أنشأ معاوية أسطولاً قاده أهل الشام من عكا وصور. وكانت معركة ذات الصواري
مع الروم في عام 655م انتصاراً بحرياً خارقاً بل كانت يرموكاً ثانياً على
الروم
طور
معاوية جهازاً إدارياً منظماً جعل مقره حول المسجد، وكان معبداً رومانياً
هو معبد جوبيتر أقام المسيحيون صلاتهم في هيكله الناوس، بينما صلى هو في
زاوية فنائه قرب قصر الخضراء حيث كان يقيم. وكان أول ديوان أنشأه هو ديوان
الخاتم الغربي يتولى المراسلات، كما اهتم بديوان البريد. وكانت زوجه ميسون
عربية سورية. وكان معاوية حليماً إذ كان يقول: "لو أن بيني وبين الناس
شعرة ما انقطعت إذا مدوها خليتها وإذا خلّوها مددتها"
استمرت الدولة الأموية حتى عام 750 ووصلت الشام أوج ازدهارها في عصر
المروانيين عبد الملك بن مروان وولديه الوليد وهشام. وفي عصرهم كانت الشام
حاضرة أكبر دولة في ذلك التاريخ، امتدت من شواطئ المحيط الأطلسي إلى نهر
الأندس وتخوم الصين من الشرق
وفي عصرهم نقلت الدواوين إلى العربية وتسلمها العرب أنفسهم، وضربت النقود
العربية الصرفة وطورت دواوين راسخة للبريد. وشيدت المباني التي مازالت
قائمة حتى اليوم
في
عصر عبد الملك بن مروان اكتملت عمليات تعريب الدواوين والنقد فلقد كانت
الدواوين والسجلات تدون باللغات اليونانية والفارسية أو بالقبطية
والسريانية بحسب المناطق التي انتشر فيها الإسلام في ذلك العصر. وفي عام
700م أمر عبد الملك بنقل الدواوين إلى العربية وكان "سرجون بن منصور"
يدونها بالرومية وانتشرت عمليات التعريب، حتى أصبحت عربية جميع دواوين
الخراج في الدولة العربية
وكانت النقود المستعملة فارسية ورومية وهي النقود الشائعة وأهمها الدينار
الذهبي البيزنطي والدرهم الفضي الساساني. ثم ضرب عمر بن الخطاب الفلوس على
الطراز الهرقلي وسجل اسمه عليها بحروف عربية. ثم ضربت نقود عليها عبارات
إسلامية الحمدلة والبسملة مع رموز فارسية أو بيزنطية، وبعد مراحل تطورية
قام عبد الملك منذ عام 73ه/692م وحتى عام 77هـ/696م بإصدار الدنانير
العربية، منها دينار يعود إلى عام 74ه عليه صورته شاهراً سيفه من غمده وقد
أعلن عبد الملك ضرورة استعمال النقود الإسلامية تحت طائلة الموت. وسار
الأمويون على سك النقود حتى نهاية حكمهم. وكان عمر بن عبد العزيز الذي
أصبح خليفة بعد سليمان بن عبد الملك قد حقق كثيراً من الإصلاحات الجريئة
حتى ولو كانت ضد مصالح الأسرة الأموية
انتهت
الدولة الأموية بعد معركة الزاب والقضاء على آخر الخلفاء الأمويين مروان
بن محمد، وقد فتح العباسيون دمشق على يد عبد الله بن علي الذي أصبح والياً
على الشام من قبل أبي العباس ابن أخيه. واستمرت الدولة العباسية مستغلة
الخلافات القبلية التي كانت الشام مسرحاً لها. واستاء أهل الشام من سوء
حكم العباسيين الذين ابتدأوا بالاعتماد على حاشية من الفرس أو الترك، مما
مهّد إلى توسع نفوذ هؤلاء الدخلاء، فأقاموا حكماً مستقلاً في مصر بزعامة
الطولونيين 870م ثم ظهرت الدولة الإخشيدية في مصر أيضاً، بينما كانت
الدولة الحمدانية العربية في شمالي بلاد الشام 947هـ/1002م. وكان بين
الدولتين نزاع، خمد بعد ظهور الفاطميين الذين أعلنوا خلافة في مصر امتدت
إلى الشام والمغرب واليمن
وإذا
أهملت دمشق في عصر العباسيين فإن بعضاً من خلفاء العباسيين كالرشيد
والمأمون كانوا يختلفون إليها، كما يذكر ابن عساكر، طلباً للصحة وحسن
المنظر. فقد أقام بها المأمون وأجرى إليها قناة من نهر منين إلى معسكره
بدير مران، وبنى القبة التي في أعلى الجبل وصيرها مرقباً يوقد في أعلاها
النار لكي ينظر إلى ما في عسكره. وصارت هذه القباب بعد ذلك للإعلام عن
تحركات العدو، وأقام أيضاً مرصداً فلكياً في الجبل.
ومن أهم القصور القديمة القصر الذي بناه المأمون بين دمشق وداريا، ولا
يعرف اليوم محله، وفيه نزل المتوكل العباسي لما نقل دواوين الخلافة من
بغداد إلى دمشق. وكان المأمون معجباً بما ترك الأمويون من الآثار ولاسيما
جامعهم. وجعل يطوف على قصور بني أمية ويتتبع آثارهم، "فدخل صحناً من
صحونهم فإذا هو مفروش بالرخام الأخضر كله، وفيه بركة يدخلها الماء ويخرج
منها من عين تصب إليها، وفي البركة سمك، وبين يديها بستان على أربعة
زواياه سروات، كأنها "قصت بمقراض من التفافها
لم تكن بلاد الشام في العصر العباسي موضع اهتمام واضح وإن كان هارون الرشيد قد أقام في الرقة منشآت مازالت آثارها ظاهرة
وتعاقب على بلاد الشام ظهور عدد من الدول المستقلة كانت سبباً في تفكك عرى الوحدة والنظام، وفي انشغالها بالفتن الداخلية وبالخصومات
وفي
شمالي سورية كانت الدولة الحمدانية في حلب 947-1002م، والحمدانيون عرب من
قبيلة تغلب. وكان الأمير الحمداني سيف الدولة أمير نصيبين ثم تطلع لحكم
حلب عام 944م، فاستولى عليها وأنشأ فيها بلاطاً استدعى إليه كبار الشعراء
مثل أبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمداني، وبعد وفاته لم يستقر الحكم
طويلاً وانتهى عصر الحمدانيين، وبدأ حكم المرداسيين في عام 1020م واستمر
حتى عام 1080م وكان صالح بن مرداس من الرحبة قد استولى على حلب ومن أولاده
ثمال بن صالح الذي أقام في قلعة حلب بعد أن شيد فيها قاعات حديثة
وفي عصر الحمدانيين، ظهر في مصر الفاطميون قادمين من تونس 968م بقيادة
جوهر الصقلي وأسسوا فيها مدينة القاهرة المعزيّة. وكانت دمشق تعاني من
ثورات داخلية، فاستطاع الفاطميون ضمها إليهم، ولكن حكمهم لم يستمر طويلاً
973-1166م
في عام 1071م حاول السلطان السلجوقي التركي الب أرسلان احتلال مدينة حلب
عبثاً، فلقد صده المرداسيون، ولكن أتسز بن أوق، دخل دمشق بعدمامنحها
الأمان 1076م وهكذا بدأ حكم السلاجقة في جنوبي البلاد
ثم استولى ملك شاه على حلب عام 1086م. وكان بنو منقذ في شيزر وحماة قد لعبوا دوراً هاماً في ذلك التاريخ
بعد
وفاة نور الدين ظهر اضطراب في السلطة، مما دفع صلاح الدين لاستلام زمام
الأمور معلناً ظهور الدولة الأيوبية التي شملت مصر وسورية. وكان مقر صلاح
الدين في دمشق القريبة من قلاع الصليبيين، الذين انهزموا أمامه في موقعة
حطين الظافرة في 4تموز 1187م، وأصبحت مدينة القدس سهلة عليه بعد أن حرر
عكا والساحل، ولقد ناصره جميع الأهالي لمبادئه وأخلاقه. وقام برفع مستوى
الجيش براً وبحراً، وبالاهتمام بالعلوم وتحصين المدن وترميم القلاع
توفي صلاح الدين مبكراً في عام 1193م وكان موته خسارة للعرب والمسلمين.
ودفن في دمشق في المدرسة العزيزية التي أنشأها ابنه شمالي جدار الجامع
الأموي
وبعد
وفاة صلاح الدين تولى الحكم أخوه الملك العادل الذي تابع رسالة صلاح الدين
العسكرية، واهتم بإنشاء القلاع في دمشق وبصرى، وكان من أعقابه الملك
الصالح نجم الدين في مصر الذي توفي بعد معركة المنصورة. وفيها تم أسر ملك
فرنسا لويس التاسع القديس 1250م. وكانت شجر الدر زوج نجم الدين تدير
البلاد بعد موت زوجها مستعينة بالمماليك أمثالها، والذين اغتالوا توران
شاه ابن نجم الدين، وأصبح أحد المماليك عز الدين أيبك الذي تزوج الأرملة
شجر الدر أول سلطان مملوكي وارثاً الدولة الأيوبية
تمكن نور الدين الذي خلف والده في حلب من تأسيس إمارة ضمت حمص والرحبة، وكان عليه أن يتصدى لمشاكل داخلية وتحريرية
وفي عام 1154م استطاع نور الدين من إنهاء حكم السلاجقة في دمشق واتخذها
عاصمة له. وكان أبوه عماد الدين قد حرر الرها عام 1144م من الصليبيين
فاتحاً بداية التحرير
وفي عام 1169م أوفد نور الدين،القائد أسد الدين شيركوه وبرفقته ابن أخيه
صلاح الدين ابن أيوب إلى القاهرة الفاطمية، وفيها اصبح صلاح الدين وزيراً
للفاطميين ونائباً عن نور الدين. ولقد استطاع أن ينهي الخلافة الفاطمية في
عام 1171م معلناً ولاءه للخلافة العباسية
توفي نور الدين في دمشق سنة 569هـ/1174م ودفن في المدرسة التي أنشأها. وكان عصره، عصر نضال وإنشاء
مرَّ
الحكم المملوكي في مرحلتين، مرحلة التركية، ثم مرحلة الأسرة الشركسية.
وكان عليهم أن يواجهوا المغول الذين زحفوا على بلاد الشام ووصلوا إلى
فلسطين. فقام السلطان قطز وبيبرس بالتصدي لهم في عين جالوت التي حقق فيها
المماليك ظفراً على جيوش المغول الذين عادوا مقهورين. وهكذا تابع الملك
الظاهر بيبرس الامتداد إلى بلاد الشام كي يعلن قيام دولة المماليك في مصر
والشام. ومع أن القاهرة كانت العاصمة، إلا أن الملك الظاهر جعل دمشق
منطلقاً له لمتابعة تحرير البلاد من الصليبيين، فحرر قيسارية واسترد أرسوف
واتخذ من صفد قاعدة لمواجهة عكا المنيعة، ثم حرر يافا والشقيف كما حرر
قلعة الحصن. وتوفي في دمشق عام 1277 ودفن في المدرسة الظاهرية
في
عام 1289م قام السلطان قلاوون بتحرير طرابلس وهي المملكة الصليبية
الرابعة، ولم يبق للفرنجة إلا عكا التي كانت تعاني فوضى وفساداً. وبعد
وفاة قلاوون عام 1291م قام ابنه الأشرف خليل بتحرير عكا، ومضى الفرنجة إلى
قبرص هاربين وتبعهم فرنجة القلاع الأخرى، عتليت وصيدا وصور وبيروت، وبذلك
ينتهي الوجود الصليبي في بلاد الشام بعد أن استمر قرابة القرنين
لم تكن سورية في عصر المماليك مستقرة، فالحروب مع الفرنجة والمغول كانت
شاغل السلطة والناس. ولأن المماليك كانوا من غير العرب، تركوا رجال الدين
العرب كي يكونوا قوة وسيطة لتنفيذ سياستهم، ولذلك ازداد عدد المعاهد
والمدارس وازدادت المشيدات المعمارية. ولكن أصحاب السلطة في القلعة
والحجاب كانوا في صراع واغتيالات وتمرد، مما أورث اضطراباً مستمراً. وبقيت
الأمور على هذه الحال حتى انتصار جيش الدولة العثمانية عام 1516م بقيادة
سليم الأول في معركة مرج دابق شمالي حلب
الحروب ضد الفرنجة و المغول
كانت
غزوات المغول على سورية متلاحقة، من أبرزها حملة هولاكو على بغداد 1258
فقتل الخليفة السمعتصم وأنهى الخلافة العباسية وأحرق بغداد. ثم يقوم
هولاكو بحملة فتاكة عام 1260م فيجتاح سورية وعندما وصل إلى فلسطين تصدى له
المماليك وعلى رأسهم قطز وبيبرس، وكانت موقعة عين جالوت الظافرة التي ردت
المغول على أعقابهم. وفي سنة 1401 استباح تيمورلنك مدينة حلب وبنى من رؤوس
القتلى تلالاً وهدم ما فيها من مساجد ومدارس ثم سار إلى حماه وحمص ووصل
دمشق فحاصرها شهراً ثم أحرق عمارتها وقتل أبناءها، ولم تفد وساطة ابن
خلدون. وعاد إلى بغداد لكي يكرر جرائمه فيها
وفي الوقت نفسه كانت التجريدات الصليبية قد بلغت سبعاً أو تسعاً ولكنها
كانت متلاحقة واستمر وجود الصليبيين في بلاد الشام 1098-1291 قرنين
تقريباً أقاموا في قلاع أنشأوها في الساحل السوري خاصة، ومازالت قائمة أو
بعض آثارها، وكانت أنطاكية وعكا والقدس من أهم المدن التي استولوا عليها،
وفشلوا في احتلال مدن الداخل مثل حلب ودمشق، فيما عدا الرها وكانت أول
مدينة احتلت، وأول مدينة حررها عماد الدين زنكي عام 1144م
معركة حطين: كانت هذه المعركة بداية نهاية الصليبين وفيما يلي وصفها
تلقى صلاح الدين من عيونه نبأ تحرك القوات الصليبية ضده، كما أُعلم
بالطريق الذي سيسلكونه في مسيرهم إليه، فاطمأن إلى نجاح خطته في استدراج
الجيش الصليبي، فترك قوة صغيرة تحاصر طبرية، وانسحب مع جيشه الرئيسي
ليعسكر في التلال الواقعة غربي المدينة حيث تقع قرية حطين ذات الماء
والمرعى، وكان يعلو تل حطين قمتان بارتفاع مائة قدم تقريباً، مما دعا
العرب إلى تسميتها قرون حطين. وتعود أهمية هذا الموقع إلى أنه يقع عند
بداية انحدار الطريق الذي سلكه الصليبيون إلى بحيرة طبرية. وقد أراد صلاح
الدين بذلك إحكام تطويق العدو المتقدم بهذا الاتجاه
لم يستطع الصليبيون الوصول إلى الماء. وكان حصار صلاح الدين لهم قوياً،
وأضاف بإشعال النار في الأعشاب والأشواك، ليزيد حرهم حراً، وليضيق أنفاسهم
بالدخان. كما نهض المسلمون كالرجل الواحد يرشقون الصليبيين المحاصرين
بسهامهم، فزاد وضعهم حرجاً، وفرّ منهم باتجاه مدينة صور، وعلى رأس هؤلاء
"ريموند الثالث"، حيث أفسح له المسلمون الانسحاب عبر صفوفهم، وانسحب بقية
الصليبيين صاعدين المرتفع في حالة سيئة من العطش والحر والدخان، فزحف
المسلمون إليهم وحاصروهم في القمة حيث استسلم القادة بمن فيهم ملكهم غي دي
لوسينيان وكذلك أرناط وغيره وعدد كبير من البارونات والفرسان والدوايّة
والاسبتارية. وكان ذلك في 24 ربيع الآخر سنة 583ه/4 تموز 1187م
أمر
صلاح الدين بإقامة سرادقه، حيث نزل فيه فصلى صلاة الشكر، ثم طلب إحضار
قادة الصليبيين ومقدميهم. ولم يكن بنية صلاح الدين قتلهم عدا أرناط
الطائش، ولذلك فإنه بادر بإعطاء ملك بيت المقدس ماء ليشرب بعد أن أهلكه
العطش، ورفض أن يفعل ذلك مع أرناط، واعترض على ملك بيت المقدس الذي أراد
سقيه لنية في نفسه. ثم نهض صلاح الدين بتذكير أرناط بجرائمه وخيانته، تلك
الجرائم التي يستحق القتل على كل منها. وطمأن بقية الملوك والأمراء على
حياتهم، وقام برعايتهم ورعاية أسرهم، ونقلهم إلى قلعة دمشق حيث جرى
الاحتياط عليهم
كانت حطين من أكبر الكوارث التي حلت بالصليبيين. فقد تمكن المسلمون من
تحطيم قوتهم الضاربة، حتى قال فيها ابن الأثير: "من شاهد القتلى قال ما
هناك أسير ومن شاهد الأسرى قال ما هناك قتيل
موقعة عين جالوت
قام السلطان قطز بجمع صفوف العرب في الشام ومصر للتصدي للخطر المغولي الذي
لم تستطع قوة في الشرق الأدنى الصمود أمامه، وبعد أن تلقى تهديداً من
هولاكو استخف به وأعد العدة لمجابهته، أوفد بيبرس على رأس جيش إلى غزة
فاحتلها، فعاد هولاكو وترك نائبه كتبغا لكي يجابه قطز في عين جالوت سنة
1260م، وهو يصيح "وا إسلاماه" فقتل كتبغا وكثيراً من رجاله وولى من نجا من
المغول الأدبار. ومما ساعد على الانتصار تعصر الصليبيين بالوقوف على
الحياد وكان بيبرس قد مضى بجيشه لفتح حلب
وتعد هذه الموقعة من المواقع الفاصلة في التاريخ، فلقد حالت دون وصول
المغول إلى مصر وكانت السبب في توحيد مصر وسورية، وأظهرت المماليك على
أنهم حماة العرب والإسلام. وجعلت من مصر عاصمة قوية، كما جعلت من دمشق
مركز الانطلاق الجنوبي لتحرير البلاد من الصليبيين وصد المغول. ولقد أنقذت
موقعة عين جالوت الغرب من زحف المغول
الملك الظاهر بيبرس
استلم
بيبرس الحكم بعد مقتل قطز وأصبح يحمل لقب الملك الظاهر، وأخذ يعيد تنظيم
الإدارة في مصر ويتقرب من الناس، ويعد العدة لمتابعة الجهاد ضد الفرنجة في
بلاد الشام، وكان عليه أن يدعم سلطانه باعتراف خليفة المسلمين العباسي على
الرغم من سقوط هذه الخلافة على يد المغول سنة 1258م فاستدعى أحد ورثة
الخلافة وهو أحمد بن الظاهر ابن الناصر العباسي، فأحسن استقباله وجعل له
مجلساً في القلعة أثبت فيه حقه بالخلافة، ولقبه بالمستنصر بالله، وجعل مقر
الخلافة في القاهرة
وقام
الخليفة الجديد بتقليد بيبرس السلطنة رسمياً. ولكنه عاد بعد زمن، فرأى
إعادته إلى بغداد لكي يجابه المغول، ولم يكد يصل إلى مدينة هيث حتى انقض
عليه المغول فقتلوه مع جماعته، فاستحضر بيبرس خليفة آخر هو أبو العباس
أحمد مع الحد من نفوذه. واستمرت الخلافة في القاهرة دونما نفوذ وكان عليه
فقط أن يفوض السلطان بجميع الأمور العامة
كانت حروب بيبرس عنيفة وقد انتقل إلى دمشق، فلم تنقض السنوات العشر
1261-1271 حتى انتقل من نصر إلى نصر مستولياً على معاقل الفرنجة، وأخيراً
توج بيبرس انتصاراته بتحرير أنطاكية في أيار 667هـ 1268 وهي أقوى الإمارات
وكانت بداية النهاية. فاستولى على صافيتا وقلعة الحصن وحاصر عكا والقرين
وكانت حربه ضد المغول موازية دائماً لحروبه ضد الفرنجة
الحكم العثماني
مرت
سورية في العصر العثماني بمرحلة صعبة، ولم تنعم إلا في المرحلة الأولى
أيام حكم السلطان سليم، وفي المرحلة الأخيرة أيام حكم الولاة مدحت باشا
وناظم باشا. بعد عام 922هـ/ 1516 قام العثمانيون بتقسيم البلاد إلى ثلاث
ولايات, الشام ومركزها دمشق, وحلب وطرابلس, وتألفت كل ولاية من عدد من
السناجق، أقطعت بعض الأراضي الى السباهية أي الفرسان وكانت الإنكشارية
تدير الجيش
وأصبحت جميع الولايات مرتبطة بالعاصمة استانبول عن طريق الولاة الأتراك,
الذين اهتموا بجباية الأموال وتسويق المجندين والإثراء السريع
وكان السكان يعتصمون بالأشراف ورجال الدين, ولكن الثورات كانت بقيادة كبار المتنفذين
أما أسرة العظم فلقد حكمت ولاية دمشق خلال ستين سنة كما حكمت ولايات أخرى
ومن أشهرهم أسعد باشا الذي سمي أمير الحج الشامي مع ولايته للشام
في
القرن التاسع عشر ظهر إبراهيم باشا في سورية 1831هـ/1740م الذي أراد أن
يطبق إصلاحات في الجيش والزراعة والمالية. ولكن النفوذ الأوربي ابتدأ
بالظهور وقد أصبح محمد علي في مصر خطراً على الدولة العثمانية وأوربا
وانتشر الوعي القومي. وظهر في الشام مفكرون دعوا إلى التحرر والإصلاح منهم
عبد الرحمن الكواكبي ونجيب عازوري، ثم ظهرت جمعيات في سورية تدعو إلى يقظة
العرب ووحدتهم وتحررهم لمجابهة جمعية الاتحاد والترقي التركية، وكانت
الجمعية العربية الفتاة تطالب بالحكم الذاتي، ومن أبرز أقطابها عبد
الحميد الزهراوي
ثم كانت مشانق جمال باشا في دمشق وبيروت تعلن عن أول قافلة للشهداء في
سبيل الحرية والاستقلال. وما أن اشتد ساعد الداعين للتحرر، حتى ابتدأت
المفاوضات بين الحسين شريف مكة وبين بريطانيا التي وعدت بدعم تحرر العرب،
وابتدأت الثورة العربية الكبرى في 10/6/1916، ودخل العرب حلفاء في الحرب
العالمية الأولى لتحرير وطنهم من نير السلطنة.(20)
نكل الحلفاء الإنكليز والفرنسيين بوعودهم وقسموا البلاد في اتفاقية
سايكس-بيكو السرية لتبقى تحت انتدابهم، ثم عدلت هذه الاتفاقية في مؤتمر
سان ريمو وأصبحت بلاد الشام مقسمة إلى أربع دول، سورية ولبنان وفلسطين
وشرقي الأردن، وكانت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وأما فلسطين وشرقي
الأردن فقد أصبحتا تحت الانتداب الإنكليزي مع العراق
الانتداب الفرنسي
منذ
نهاية الحرب العالمية الأولى واستقلال البلاد العربية عن الدولة العثمانية
المنحلة، لعبت السياسة الدولية الاستعمارية دوراً قاسياً مخالفاً لمنطلق
عصبة الأمم المتحدة ولجنة "كنغ - كرين" التي أوفدها الرئيس الأمريكي
ويلسون سنة 1919 للتحقيق في رغبات الشعب، وكان من أهم ما ورد في تقريرها
"أن الوحدة الاقتصادية والجغرافية والجنسية السورية، واضحة ولا تبرر تقسيم
البلاد وبخاصة أن لغتها وثقافتها وتقاليدها وعاداتها عربية في جوهرها
وأن
توحيد سورية يتماشى مع أماني شعبها ومبادئ عصبة الأمم". ولقد أكد المؤتمر
السوري في تموز 1919 حق الشعب في وحدة بلاده واستقلالها ضمن حدودها
الطبيعية، من جبال طوروس شمالاً إلى خط رفح - العقبة جنوباً، ونهر الفرات
والخابور شرقاً وً البحر المتوسط غربا، هذه المنطقة التي جزئت فيما بعد
إلى أربع دول هي سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن. تم ذلك في اتفاقية
سرية بين فرنسا وإنكلترا عرفت باسم اتفاقية سايكس - بيكو التي رفضها
السوريون، فأعلنوا استقلال بلادهم ضمن حدودها الطبيعية في 8 آذار 1920
وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم.(20)
عندها هاجمت الجيوش الفرنسية قادمة من لبنان ودخل الجنرال الفرنسي غورو
دمشق بعد يومين من موقعة ميسلون في 24/7/1920 وكان أول عمل أن قسم سورية
إلى أربع دويلات، ثم استعادت البلاد وحدتها الوطنية ، ولكن الضغط
الأستعماري الفرنسي كان السبب في قيام ثورة اللاذقية بقيادة صالح العلي،
وثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، وثورة رمضان شلاش في الفرات، والثورة
السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش وثورة غوطة دمشق واشتركت فيها
جميع الفعاليات الدمشقية، مما اضطر الفرنسيين لإعلان الاتحاد السوري بين
هذه الدويلات عام 1922 وتابعت الثورات السورية نضالها.(21)
وفي عام 1925م قامت الطائرات الفرنسية بقصف دمشق للانتقام من الثوار الذي
ن