أزمةُ أخلاقٍ .. تحتاج لثورة
أبو الهيثم محمد درويش
للأسف الشديد نعيش أزمة أخلاقٍ تكاد تفتك بمجتمعاتنا، لا تميز هذه الأزمة بين طبقة مجتمعية وأخرى، بل لا تكاد تفرق بين أهل الصلاح والتقوى وغيرهم من عوام المسلمين، فقليل من الناس من ينجو من مثالب خُلقية؛ حتى أهل الصلاح والدعوة أنفسهم أصيبوا ببعض تلك المثالب.
يكاد حب الذات، والانتصار للنفس، والأثرة، وإعلاء قيمة الذات، والغرور، والكبر، يفتك بالطبقات العليا من المجتمع ومعهم أصحاب المقام العلمي في شتى المجالات.
ثم انتشرت هذه الأدواء الخُلقية لتصيب باقي المجتمع :
بذاءة اللسان، والفحش في القول والفعل، والجهر بالمعصية، والاعتراض على النصيحة، والإصرار على سوء الخلق، منتشر في المجتمعات يكاد ينهش في عظامها نهشا.
تبجح الصغير، و عدم احترامه للكبير، يقابله عنف وشراسة من الكبير مع من هو أصغر.
ازدراء أصحاب الأموال للعمال والموظفين، واستعبادهم والضغط عليهم من مكْمن الضعف؛ لا يكاد ينجو منه إلا القليل من أرباب الأعمال.
ارتفاع الأصوات، والصخب في الأسواق، منتشر بين الجنسين، فلا رجل يحترم مجتمعه ويراعي آدابه، ولا امرأة تمشي على استحياء وتخفض صوتها في الكلام إذا كان لها مطلبا، إلا من رحم ربي وهم قليل.
تبرج النساء وسفورهن الزائد عن الحد، بل المتجاوز لكل الحدود في بعض الأحيان، يُنذر بفسادٍ اجتماعي وخطر داهم على شرف النساء، خاصة مع ما تربى عليه المراهقون من قنوات العار التي تسلقت على جدران المجتمعات.
كذب إعلامي مفضوح لمحاربة الفضيلة والحق والإسلام، خاصة مع صعود الإسلام لصدارة الموقف بعد الثورات العربية، زادت جرعات السم المدسوس في الإعلام الأعوج؛ الذي يكاد يفتك بثقافة الأمة ويشرف على بناء جيل مُعْوج. فأين الضمير؟!
تربية خاطئة للأطفال في البيوت على عاداتٍ وأخلاقٍ بعيدة كل البُعد عن سمو الأخلاق؛ فالأسرة كمؤسسة أُولى لتنشئة الطفل غالبا ما تهتم بجوانب النمو الجسدية أكثر من النمو العقلي والخلقي للطفل، ولو اهتم بالجانب العقلي فعادة ما يغلبه عن الجانب الأخلاقي والعاطفي للطفل، فتنشأ الأجيال مغالية في ذاتيتها، بعيدة عن الانتماء الديني أو حتى الوطني المطلوب.
أما المؤسسات التربوية المتمثلة في المدارس والجامعات، فحدث ولا حرج عن بث روح الغش في عقول الناشئة، وتربية الأطفال على حب الانتهازية المكتسبة من سلوكيات الكثير من المربين المتكالبين على المادة والبائعين لضمائرهم.
كل ما سبق وغيره كثير يستلزم منا ثورة عاجلة على أنفسنا، ومجتمعاتنا؛ من أجل إعلاء قيمة الأخلاق، وبناءها في مجتمعاتنا من جديد.
اهتمام الإسلام بالأخلاق :
امتدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فأظهر فضيلة الخُلق الحسن وأعلى من قيمته فقال في حقه : {وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ} [القلم:4].
قال صلى الله عليه وسلم : «إن الْمُؤْمن ليُدْرك بحُسْن خُلُقه درجة الصائم الْقائم» [رواه أحمد].
وقال عليه الصلاة والسلام : «أكْثر ما يُدْخلُ الناس الْجنة، تقْوى الله وحُسْنُ الْخُلُق» [رواه الترمذي والحاكم].
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بوصيةٍ عظيمة فقال : «يا أبا هريرة! عليك بحُسن الخُلق». قال أبو هريرة رضي الله عنه : "وما حُسن الخُلق يا رسول الله؟" قال : «تصل منْ قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك» [رواه البيهقي].
وقال عليه الصلاة والسلام : «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» [رواه أحمد وأبوداود].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : «إن أقْربكُم مني مجلسا يوم القيامة أحسنُكم أخلاقا» [رواه أحمد والترمذي وابن حبان].
سؤال :
متى نقوم بثورةٍ حقيقيةٍ للعودة بالمجتمع لحُسن الخُلق والسلوك القويم؟
متى نمشي مطمئنين على أعْيُننا ومسامعنا وضمائرنا؟
على كلٍ منا أن يتبنى قضية نشر الأخلاق والفضيلة بين أبناء مجتمعه.
وليبدأ كل أمرئ بنفسه!
أسرع ولا تتباطأ!
فالقطار سريع ولا وقت لبطيء أو متكاسل.
اللهم حسن أخلاقنا وأصلح قلوبنا وعيوبنا ووفقنا لما يُرضيك.
أبو الهيثم محمد درويش
للأسف الشديد نعيش أزمة أخلاقٍ تكاد تفتك بمجتمعاتنا، لا تميز هذه الأزمة بين طبقة مجتمعية وأخرى، بل لا تكاد تفرق بين أهل الصلاح والتقوى وغيرهم من عوام المسلمين، فقليل من الناس من ينجو من مثالب خُلقية؛ حتى أهل الصلاح والدعوة أنفسهم أصيبوا ببعض تلك المثالب.
يكاد حب الذات، والانتصار للنفس، والأثرة، وإعلاء قيمة الذات، والغرور، والكبر، يفتك بالطبقات العليا من المجتمع ومعهم أصحاب المقام العلمي في شتى المجالات.
ثم انتشرت هذه الأدواء الخُلقية لتصيب باقي المجتمع :
بذاءة اللسان، والفحش في القول والفعل، والجهر بالمعصية، والاعتراض على النصيحة، والإصرار على سوء الخلق، منتشر في المجتمعات يكاد ينهش في عظامها نهشا.
تبجح الصغير، و عدم احترامه للكبير، يقابله عنف وشراسة من الكبير مع من هو أصغر.
ازدراء أصحاب الأموال للعمال والموظفين، واستعبادهم والضغط عليهم من مكْمن الضعف؛ لا يكاد ينجو منه إلا القليل من أرباب الأعمال.
ارتفاع الأصوات، والصخب في الأسواق، منتشر بين الجنسين، فلا رجل يحترم مجتمعه ويراعي آدابه، ولا امرأة تمشي على استحياء وتخفض صوتها في الكلام إذا كان لها مطلبا، إلا من رحم ربي وهم قليل.
تبرج النساء وسفورهن الزائد عن الحد، بل المتجاوز لكل الحدود في بعض الأحيان، يُنذر بفسادٍ اجتماعي وخطر داهم على شرف النساء، خاصة مع ما تربى عليه المراهقون من قنوات العار التي تسلقت على جدران المجتمعات.
كذب إعلامي مفضوح لمحاربة الفضيلة والحق والإسلام، خاصة مع صعود الإسلام لصدارة الموقف بعد الثورات العربية، زادت جرعات السم المدسوس في الإعلام الأعوج؛ الذي يكاد يفتك بثقافة الأمة ويشرف على بناء جيل مُعْوج. فأين الضمير؟!
تربية خاطئة للأطفال في البيوت على عاداتٍ وأخلاقٍ بعيدة كل البُعد عن سمو الأخلاق؛ فالأسرة كمؤسسة أُولى لتنشئة الطفل غالبا ما تهتم بجوانب النمو الجسدية أكثر من النمو العقلي والخلقي للطفل، ولو اهتم بالجانب العقلي فعادة ما يغلبه عن الجانب الأخلاقي والعاطفي للطفل، فتنشأ الأجيال مغالية في ذاتيتها، بعيدة عن الانتماء الديني أو حتى الوطني المطلوب.
أما المؤسسات التربوية المتمثلة في المدارس والجامعات، فحدث ولا حرج عن بث روح الغش في عقول الناشئة، وتربية الأطفال على حب الانتهازية المكتسبة من سلوكيات الكثير من المربين المتكالبين على المادة والبائعين لضمائرهم.
كل ما سبق وغيره كثير يستلزم منا ثورة عاجلة على أنفسنا، ومجتمعاتنا؛ من أجل إعلاء قيمة الأخلاق، وبناءها في مجتمعاتنا من جديد.
اهتمام الإسلام بالأخلاق :
امتدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فأظهر فضيلة الخُلق الحسن وأعلى من قيمته فقال في حقه : {وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ} [القلم:4].
قال صلى الله عليه وسلم : «إن الْمُؤْمن ليُدْرك بحُسْن خُلُقه درجة الصائم الْقائم» [رواه أحمد].
وقال عليه الصلاة والسلام : «أكْثر ما يُدْخلُ الناس الْجنة، تقْوى الله وحُسْنُ الْخُلُق» [رواه الترمذي والحاكم].
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بوصيةٍ عظيمة فقال : «يا أبا هريرة! عليك بحُسن الخُلق». قال أبو هريرة رضي الله عنه : "وما حُسن الخُلق يا رسول الله؟" قال : «تصل منْ قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك» [رواه البيهقي].
وقال عليه الصلاة والسلام : «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» [رواه أحمد وأبوداود].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : «إن أقْربكُم مني مجلسا يوم القيامة أحسنُكم أخلاقا» [رواه أحمد والترمذي وابن حبان].
سؤال :
متى نقوم بثورةٍ حقيقيةٍ للعودة بالمجتمع لحُسن الخُلق والسلوك القويم؟
متى نمشي مطمئنين على أعْيُننا ومسامعنا وضمائرنا؟
على كلٍ منا أن يتبنى قضية نشر الأخلاق والفضيلة بين أبناء مجتمعه.
وليبدأ كل أمرئ بنفسه!
أسرع ولا تتباطأ!
فالقطار سريع ولا وقت لبطيء أو متكاسل.
اللهم حسن أخلاقنا وأصلح قلوبنا وعيوبنا ووفقنا لما يُرضيك.