السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
" إن التلذذ بالقرآن لمن فتحت له
أبوابه لايعادله أي لذة أو متعة في هذه الحياة ... ولكن أكثر الناس لا
يعلمــون "
علامات التدبر :-
مفاتيح تدبر القرآن والنجاح في الحيــاة
التدبر يعني التفكر والتأمل لآيات
القرآن من أجل فهمه , وإدراك معانيه , وحكمه , والمراد منه
اجتماع القلب والفكر
حين القراءة ودليلة التوقف تعجباً وتعظيماً
2) البكاء من خشية الله
3) زيادة الخشوع
4) زيادة الإيمان ودليله التكرار العفوي للآيات
5) الفرح والاستبشار
6) القشعريرة خوفاً من الله تعالى ثم غلبة الرجاء والسكينة
7) السجود تعظيماً لله عز وجل
فمن وجد واحدة من هذه الصفات أو أكثر فقد وصل إلى حالة
التدبر والتفكر
أما من لم يحصل أياً منها فهذا هو المحروم ..
المفتاح الأول / حب القرآن
إن القلب آلة الفهم والعقل , وهو بيد الله وحده سبحانه وتعالى
قال تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون
بها .. الآية }( الحج : 46)
وقال { واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه } (الأنفال :
24 )
فتذكر وأنت تحاول فهم القرآن أن القلوب بيد الله تعالى وأن
الله يحول بين المرء
وقلبه فليست العبرة بالطريقة والكيفية بل الفتح من الله
وحده , وما يحصل لك من التدبر فهو نعمة من الله تستوجب الشكر
علاقة حب القرآن بالتدبر :
معلوم أن القلب إذا احب شيئاً تعلق
به واشتاق اليه وشغف به وانقطع عمّا سواه ,
والقلب إذا أحب القرآن تلذذ
بقراءته واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر المكين والفهم العميق ,
وبالعكس .
عليه فتحصيل حب
القرآن من أنفع الأسباب لحصول أقوى وأعلى مستويات التدبر .
علامات حب القلب للقرآن :
1) الفرح بلقائه
2) الجلوس معه أوقاتاً طويله دون ملل
3) الشوق إليه متى بعد عنه العهد
4) كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه فيما يشكل من
أمور الحياة .
5) طاعته , أمراً ونهياً
فمتى وجدت هذا العلامات فإن الحب موجود , ومتى فقدت فحبه مفقود .
فإنه ينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه هذا السؤال : هل أنا أحب القرآن ؟
قال أبو عبيد " لا يسأل عبد عن نفسه إلا بالقرآن فإن كان
يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله "
وسائل تحقيق هذه المحبة :
1) التوكل على الله والاستعانة به .. وسؤاله سبحانه أن يرزقك (
حب القرآن )
ويكرر ذلك ويتحرى مواطن الاجابة ويجتهد في السؤال بتضرع
وإلحاح وحرص شديد أن يجاب وأن يعطى .
2) فعل الأسباب : وخير الاسباب في هذا المقام ( العلم )
ووسيلته : القراءة ..
أي القراءة عن عظمة القرآن مما ورد في القرآن والسنة وأقول
السلف في تعظيمهم وحبهم للقرآن .
المفتاح الثاني : أهداف قراءة القرآن
معظم الناس لا يستحضر هدف واضح لقراءة القرآن .. لذلك فهو
لايستشعر أهميته ,
فترى مثلاً حافظاً للقرآن غير عامل ولا متخلق به .
وقراءة القرآن يجتمع فيها مقاصد خمسة ونيات كلها عظيمه
وأهداف قراءة القرآن مجموعة في قولك ( ثمّ شعّ ) :
( الثاء ) : ثواب , ( الميم ) : مناجاة .. ( الميم ) : مسأله ,
( الشين ) : شفاء , ( العين ) : علم .. ( العين ) : عمل
فمتى قرأ المسلم القرآن مستحضراً المقاصد الخمسة معاً كان
انتفاعه بالقرآن أعظم وأجره أكبر .
ومن قرأه يريد العلم رزقه الله العلم , ومن قرأه يريد
الثواب فقط أعطي الثواب ,
قال ابن تيمية ( من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له
طريق الحق )
والكلام في هذا المفتاح كثير لايتسع المجال لذكره
المفتاح الثالث / القيام بالقرآن :
إن هذا المفتاح من أهم المفاتيح لتدبر القرآن وأعظمها شأناً
وقد ورد عدد من النصوص تؤكد أهميته ,
قال تعالى { ومن الليل فتهجد به نافلة لك ... الآية } ( الإسراء : 79 )
وقال { يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً .... الآيات } (المزمل 1، 2 )
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قام صاحب
القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره , وإن لم يقم به نسيه "
فهذا هو بيت القصيد في تدبر القرآن والانتفاع به , فمن كان
يقوم به آناء الليل والنهار
تجد ان اجابته حاضره وسريعه , وتجده وقـّافاً عند كتاب الله ,
وبالعكس.
المفتاح الرابع / أن تكون القراءة في ليل :
ان الليل _ وخاصة وقت السَّحَر _من أفضل لأوقات للتذكر
فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء , وبسبب
بركة الوقت حيث النزول الإلهي .
مما يدل على أن القراءة في ليل أحد مفاتيح التدبر قوله تعالى
{ ومن الليل فتهجد به نافلة لك .. الآية } ( الإسراء : 79 )
وقوله { إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا
وَأَقْوَمُ قِيلًا }(المزمل : 6)
قال الشيخ عطيه سالم يحكي عن شيخه الشنقيطي رحمه الله :
" لايثبت القرآن في الصدر ، ولايسهل حفظه ، وييسر فهمه إلا
القيام به في جوف الليل " ,
وقال السري : ( رأيت الفوائد ترد في ظلام الليل )
وقال النووي : ( ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه
بقراءة القرآن في الليل أكثر ,
وفي صلاة الليل
أكثر , والأحاديث والآثار في هذا كثيرة .... الى آخر كلامه رحمه الله )
المفتاح الخامس / التكرار الأسبوعي للقرآن أو بعضه :
أهمية ذلك : كلما تقاربت
أوقات القراءة وكلما كثر التكرار كان أقوى في رسوخ معاني القرآن الكريم ,
ومن أجل ذلك كان السلف يواظبون على قراءة القرآن
ويحرصون أكثر على كثر تلاوته وتكرارها .
وان عادات
النجاح ليست كثيره بل هي واحد وهي : المحافظه على قراءة حزبك من القرآن ,
بل هي عبادة وليست عادة .
كيفية تحزيب القرآن ومدة الختم :
قراءة القرآن مثل العلاج لابد أن يكون بمقدار معين لايزيد ولا
ينقص حتى يحدث أثره .مثل المضاد الحيوي ..
ان طالت المده ضعف أثره وان تقارب اكثر من المناسب أضر بالبدن
فكذلك قراءة القرآن .
كيفية تطبيق هذا المفتاح :
بتطبيق قاعدة (
أدومه وإن قل ) .. وبالتدرج في القراءة والتحزيب .
المفتاح السادس / أن تكون القراءة حفظاً :
أهمية هذا :ان مثل الحافظ للقرآن وغير الحافظ , كاثنين
مسافرين الأول زاده التمر ,
والآخر زاده الدقيق , فالأول متى ماجاع اخذ التمر وأكل ,
والثاني لابد له من النزول والعجن وايقاد النار والخبز والانتظار .
والعلم مثل الدواء لا يؤثر حتى يدخل الجوف ويختلط بالدم , وان
لم يكن كذلك فإن أثره مؤقت .
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :
( إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب )
وقال ابن تيمية " انا جنتي وبستاني في صدري أنّى
رحت فهي معي " وهو يريد بذلك القرآن والسنة .
وقال سهل بن عبدالله لأحد طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا . قال :
واغوثاه لمؤمن لايحفظ القرآن ! فبم يترنم ! فبم يتنعم ! فبم يناجي ربه! )
وهذا المقصود من
كون الحفظ احد مفاتيح التدبر لأنه متى كانت الآية محفوظة فتكون حاضرة .
المفتاح السابع / تكرار الآيـات :
إن الهدف من التكرار هو التوقف لاستحضار المعاني , وكلما كثر
التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص ,
والتكرار أيضاً قد يحصل لا إرادياً تعظيماً أو إعجاباً بما
قرأ ,وهذا مشاهد في واقع الناس .
فالتكرار نتيجة وثمرة الفهم والتدبر وهو أيضاً وسيلة اليه
حينما لايوجد , قال ابن مسعود رضي الله عنه
( لاتهذوه هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل , قفوا عند
عجائبه وحركوا به القلوب , ولايكن هم حدكم آخر السورة )
وهكذا كان حال
السلف رحمهم الله ورضي عنهم .
المفتاح الثامن / ربط الألفاظ بالمعاني :
مفهومه : أي حفظ المعاني , وهو أيضاً ربط الآية بالواقع ؛ أي
تنزيل الآية على المواقف والأحوال اليومية التي تمر بالشخص ,
هو التمثيل بالقرآن في كل حدث يحصل في اليوم والليلة , بحيث
يبقى القرآن حياً في القلب تؤخذ منه الإجابات والتفسيرات للحياة .
أنواعه : عفوي , قصدي
العفوي / إلهامات وفتوحات يفتحها الله على من يشاء من عباده
القصدي / هو أن تقوم بالربط ثم التكرار حتى يرسخ ويثبت
والتكرار الذي يحقق الربط نوعان : تكرار آني , تكرار اسبوعي
الآني / تكرار الايات اثناء قرائتها
الاسبوعي / تكرارها اسبوعياً
كيفية الربط / ان تكرر اللفظ مع استحضار معنى جديد في كل مره ,
حتى تمر على كل
المعاني التي يمكن ان تتذكرها من النص أو اللفظ .
المفتاح التاسع / الترتيل :
عي الترسل والتمهل .
ومن ذلك مراعاة المقاطع والمبادئ وتمام المعنى , بحيث يكون
القارئ متفكراً فيما يقرأ .
قال الحسن البصري ( يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر
السورة ! )
قال ابن مفلح رحمه الله ( أقل الترتيل ترك العجلة في القرآن
عن الإبانة , وأكمله أن يرتل القراءة ويتوقف فيها )
والصحيح أن من أسرع في القراءة فقد اقتصر على مقصد
واحد من مقاصد القراءة وهو : الثواب .
ومن رتل وتأمل
فقد حقق المقاصد كلها وكمل انتفاعه بالقرآن واتبع هدي النبي صلوات ربي
وسلامه عليه وصحابته الكرام رضي الله عنهم .
المفتاح العاشـ ـر / الجهر بالقراءة :
عن ابو هريرة قال : " ليس منّا من لم يتغن بالقرآن يجهر به "
وعنه ايضاً قال أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي ،
قال عبد الرزاق : لمن يتغنى بالقرآن )
قال ابن عباس لرجل ذكر انه يسرع القراءة ( إن كنت فاعلاً
فاقرأ قراءة تسمعها أذنك ويعيها قلبك )
وعن ابي ليلى
قال ( إذا قرأت فاسمع أذ*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* فإن قلبك عدل بين اللسان والأذن )
فإن الجهر بما يدور في القلب أعون على التركيز والانتباه ولذلك
تجد الانسان يلجأ اليه قسراً عندما تتعقد الأمور ويصعب التفكير .
ختاماً /
ان من يواظب على قراءة القرآن كما تم بيانه ووصفه من حال
السلف فإن هذا سيؤدي إلى حياة قلبه وقوة ذاكرته وصحة نفسه وعلو همته وقوة
ارادته , وهذه هي مرتكزات النجاح الحقيقيه , ذلكم النجاح الشامل المتكامل
الثابت في حال الشده كما هو في حال الرخاء .
إن من يطبق هذه المفاتيح العشرة فسيرى بأم قلبه نور القرآن
... ويكون ممن قال الله فيهم { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً
وبكياً } (مريم : 58)