حديث الثقلين حديث الثقلين هو حديث نبوي شريف اختلف العلماء في صحته؛ فبعضهم اعتبره صحيحاً بينما يرى آخرون أنّه من الأحاديث الضعيفة التي لا يُحتجّ بها، وورد حديث الثقلين برواياتٍ عديدةٍ؛ والرواية التي كثر الكلام فيها ما ورد من قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: (لما رجعَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن حجةِ الوداعِ ونزلَ بغديرِ خُمّ أمرَ بدوْحاتٍ فقمِمْنَ ثمّ قال كأنّي قد دُعيتُ فأجبتُ إنّي قد تركتُ فيكُم الثقلينِ أحدهما أكبرُ من الآخرَ كتابُ اللهِ -عز وجل- وعتْرتِي أهل بيتي فانظروا كيفَ تخلفُونِي فيهما فإنّهما لن يتفرّقَا حتى يردَا علي الحوضَ، ثمّ قال إنّ الله -عز وجلَ- مولاي وأنا وَلِيّ كل مؤمنٍ ثمّ أخذَ بيد عليّ فقال من كنتُ وليّهُ فهذا وليّه اللهمّ والِ من والاهُ وعادِ من عاداهُ فقلت لزيدٍ سمعتَهُ من رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال ما كانَ في الدوحاتِ أحدٌ إلّا رآهُ بعينيهِ وسمع بأذنيهِ)،[١] إن الحديث في مُجمله محطّ اختلاف، فبين الخلاف في صحّة سنده وإضافته إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى الخلاف في المراد منه ومعناه وما يندرج تحته من أحكام، وفيما يأتي بيان بعض روايات الحديث الأخرى ودرجة كلّ رواية من حيث الصحة والضعف:[٢] التَّمسك بكتاب الله وعترة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ورد حديث الثقلين بروايةٍ تُضيف إلى كتاب الله وعترة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، واللفظ: (كتاب الله، وعِترتي أهلَ بيتي)، حيث وردت الرواية عن عددٍ من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ وممّن روى الحديث باللفظ السابق: الإمام علي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخدريّ، وجُبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله، وحذيفة بن أسيد، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، ونُبيط بن شُريط، وعبد الله بن حنطب. التمسّك بكتاب الله وسنة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث ورد حديث الثقلين بلفظ: (كتاب الله، وسنتي)، أو بلفظ: (كتاب الله وسنة نبيّه)، وهي روايات تُضيف السنة النبويّة إلى كتاب الله ليكونا هما الثقلين الذين تركهما النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأمته، حيث ورد اللفظ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وعبد الله بن عبّاس، وأبو سعيد الخدريّ، وعُروة بن الزّبير، وأنس بن مالك، وعمرو بن عوف المزني، وعبد الله بن أبي نجيح، وموسى بن عُقبة، وناجية بن جندب. التمسّك بكتاب الله والوصية بعترة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، الروايات التي سبق بيانها التي توصي بالتمسّك بكتاب الله وعترة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أو التمسّك بكتاب الله وسنّة نبيه جميعها لم يرد منها شيء في صحيحي البخاري ومسلم، أمّا ما ورد في صحيح مسلم فهو حديث يُشير إلى التمسّك بكتاب الله والوصية بعترة النبيّ الذين هم آل بيته الأطهار، وليس فيه التمسّك بالعترة التمسّك بالسنة، وسبقت الإشارة إليه، ولفظه الكامل هو قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (وأنا تاركٌ فيكم ثقلَينِ: أولُهما كتابُ اللهِ فيه الهدى والنورُ فخذوا بكتاب اللهِ واستمسِكوا به، فحثَّ على كتابِ اللهِ ورغب فيه، ثمّ قال: وأهلُ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي).[١] معنى حديث الثقلين سُمّي حديث الثقلين بذلك لورود لفظ الثقلين في معظم الروايات التي ورد فيها الحديث، ومنها قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَلينِ)، والمراد بالثقل: المتاع الذي تحمله الدّابة؛ قال القاضي عياض في سبب أنّ كتاب الله والسنة أو العترة ثقلين: (سُمّيا بذلك؛ لعِظم أقدارهما، وقيل: لشدّة الأخذ بهما)، أمّا الإمام النوويّ فيرى أنّ سبب تسميتهما بذلك هو كِبَر شأنهما وعظيم أمرهما، وهو قول البغوي، وقد تمسّك أهل السنة بلفظ السنة، وتجدر الإشارة إلى أنّ التمسّك بكتاب الله وسنّة نبيه هو أمر لا جدال فيه، فهو من أساسات الدين المتينة.[٢] درج علماء السنة إلى فهم المراد من حديث الثقلين مدرجاً عميقاً، وفيما يأتي بيان ذلك:[٢][٣] الوجه الأوّل: إنّ المقصود من لفظة العترة الواردة في الحديث الشريف أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأهل بيته ليسوا فاطمة وعلي والحسن والحسين فقط، فزوجات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كذلك من أهل البيت. الوجه الثاني: إنّ أهل بيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أو العترة هم أهل العلم والصلاح من آل بيت رسول الله، وهم الذين تمسّكوا بكتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويؤيّد ذلك قول الإمام الطحاوي رحمه الله، حيث قال: (العِترة: هم أهل بيته -صلّى الله عليه وسلّم- الذين هم على دينه، وكذلك المتمسّكون بأمره). آل البيت هم أزواج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وذريته منهن، وكلّ مسلم اندرج نسلُه من نسل عبد المطّلب جدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أي بنو هاشم بن عبد مناف، وغير هؤلاء ليسوا من آل البيت، ولا يقتصر آل البيت كذلك على علي وفاطمة -رضي الله عنهما- ونسل ابنيهما الحسن والحُسين. يرى معظم علماء أهل السنة أنّ آل بيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لا تُقبل عليهم الصدقة، وتكون محرّمةً بحقّهم.[٤]