هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionكيف كان رسول الله يربي الشباب ؟  Emptyكيف كان رسول الله يربي الشباب ؟

more_horiz
فى تربية النبى للشباب نأخذ لمحات سريعة عن قيمة الشباب عند الحَبيب المُصصطفى صلى الله عليه وسلم وكيف كان يتعدهم بالتربية الإيمانية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {أوصيكم بالشبان خيراً ثلاثاً فإنهم أرق أفئدةً، ألا وإن الله أرسلني شاهداً ومبشراً ونذيراً فحالفني الشبَّان وخالفني الشيوخ}{1}

فكانت دعوته أساساً وبداية ونشرها كله على أكتاف الشباب، فتعلمون أدوار عمار بن ياسر وأخته، ودور مصعب بن عمير، وعلي بن أبى طالب، وغيرهم في البداية، وتعلمون هجرتا الحبشة، وكذلك الدور الأعظم للشباب في الهجرة للمدينة، ومساهماتهم المنقوشة بمداد النور مثل عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء، وخادمها عامر بن فهيرة، ودور على بن أبي طالب.

وعلى مسير الدعوة والجهاد تعلمون دور كثير من الشباب كعبدالله بن عمر، وبن عمرو، وبن عباس، ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبى بن كعب، وجعفر الطيار، وأسامة بن زيد، وأنس بن مالك، وربيعة بن كعب، وحنظلة غسيل الملائكة، وطلحة بن عبيدالله، وبن الزبير، وأبو قتادة وطلحة بن البراء الأنصاريين، وحبيب بن عدى، وكثير غيرهم رضي الله عنهم، وكذلك شابات كثيرات مثل السيدة عائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة الزهراء وغيرهن رضي الله عنهن الكثيرات من بنات وفتيات المهاجرين والأنصار.

وتعلمون أدوار الشباب بعد ذلك لنشر الدعوة في أقطار الأرض، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم من وراء الغيب بالشباب الذين سيكون لهم دور قيادي في الدعوة وتحمُّل مشاق جمع الحديث فقال: {سيأتيكم شبابٌ من أقطار الأرض يطلبون الحديث. فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيرا}{2}

وتعلمون عن جيش أسامة، وكتبة الوحى، والرسل الذين أرسلهم صلى الله عليه وسلم للملوك والأباطرة، ناهيك عن الحروب والغزوات ودور الشباب فيها، وغيرها من مئات بل ألاف المواقف التي لا تحصى ولا تعدُّ للشباب، والتي كان فيها صلى الله عليه وسلم يجهز كلَّ شاب بما يصلحه لمهمته كما أمر زيد بن ثابت لما رأى حفظه أن يتعلَّم السريانية لغة يهود فأتقنها في أسبوعين، وكان صلى الله عليه وسلم يعرفهم بأسمائهم، ويتابعهم بنفسه في المهام ويسأل عنهم أو ينيب من يفعل.

كما كان صلى الله عليه وسلم يتعهَّدهم ويربِّيهم على الإحساس بقيمتهم حتى كان يستأذن الصبي عن يمينه في دوره في الشرب ليناول الإناء لشيخ عن يساره فلا يأذن الصبى تبرَّكاً بالنبي وفهماً لحقِّه فلا ينهره بل ويناوله إحقاقاً وتعليما للجميع وإشعاراً لهم أنَّ الغلام أو الشاب فاعلٌ كالكبير

وكان يخصُّهم بمزيد المسؤلية ويدرِّبهم على القيادة وتحمِّل المخاطر، لأنهم قوة الحاضر وحكماء المستقبل، وفي ذلك كله يعرف طبيعة سنهم وفورة شبابهم وجموحهم طباعهم فيقول: {الشباب شعبة من الجنون}{3}
ويوصي الكلَّ بالكهول وبأن يرحموا الشباب: {اسْتَوْصُوا بِالْكُهُولِ خَيْراً، وَارْحَمُوا الشَّبَابَ}{4}

ومع تلمُّس العذر لفورتهم يحذرهم من إندفاع شهوتهم: {يَا مَعْشَرَ شَبَابِ قُرَيْشٍ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَلاَ تَزْنُوا، أَلاَ مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ}{5}
ثم يكشف للناس قدر هؤلاء الشباب الذين خشعوا لله: {لَوْلاَ شَبَابٌ خُشَّعٌ، وَشُيُوخٌ رَكَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، وَأَطُفَالُ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً}{6}

أما إن أخطأوا فكان صلى الله عليه وسلم لا يقنطهم ولا يعنفهم، ويربيهم على المسارعة بالتوبة، وينصح بالصبر لفقرائهم حتى ينالوا مطلبهم، وبالحياء لفتياتهم فيقول للأمة جميعها: {الصَّبْرُ حَسَنٌ وَلكِنْ فِي الْفُقَرَاءِ أَحْسَنُ، وَالتَّوْبَةُ حَسَن وَلكِنْ فِي الشَّبَابِ أَحْسَنُ، وَالْحَيَاءُ حَسَنٌ وَلكِنْ فِي النسَاءِ أَحْسَنُ}{7}

وكان صلى الله عليه وسلم يربِّيهم على تحصيل العلم، وكثيراً ما عقد لهم الحلقات التعليمية بعد صلاة الصبح يسألهم ويعلمهم، ويخبرهم أن جبريل يأتيه في صورة شاب عند مدارسة العلم ليحثَّهم على تحصيل العلم، ويحثهم على التدبير والتفكير وشغل الوقت بالنافع، وعلى التخطيط السليم للمستقبل باغتنام شبابهم قبل الهرم، والصحة قبل المرض وهكذا.

وعند الزواج كان يحثُّهم عليه لمن قدر، وبحسن الإختيار والجدَّ لمن أقدم، والإقتصاد لمن فعل، وحفظ حقوق الأهل، والصوم لمن عجز.
ولا ننسى التربية العلمية والصحية التي كان صلى الله عليه وسلم يربِّيهم عليها من الإهتمام بالرياضة كالفروسية ورمى النبال والسباحة والجرى وغيرها، ويعلمهم أن لهم فيها الأجر الكبير من الله مع صحة العقل والبدن، ويعلمهم الأخذ بأسباب الرزق من الجد والإجتهاد والتبكير في السعى مع شدة تنمية الشعور بالكرامة وأن اليد العليا خير من اليد السفلى.

وكم حفلت السنة بالمواقف التربوية المتعددة من سؤال وجواب، أو نصح وإرشاد، ومن مواقف التربية العمليَّة للجميع مثل الذى زنا أو أذنب وأتى ليخبره، أو ليتوب، وكالأعرابي الذى بال في المسجد، والشاب الذى جاء يطلب إذناً بالزنا، ومن قطع الصلاة بالتشميت والشحَّاذ والقادوم، أو لما ذهب يحدِّث الجنَّ، أو عند حضور الموت، ومواقف الإستعداد للحرب وأثناءها وغيرها، وهى ثروة تربوية لا تنضب ننصح بإتخاذها مادة لتدريس ورش التربية العملية في كليات التربية وكليات الدعوة.

وفى ركوبه كان صلى الله عليه وسلم يردف الشباب خلفه ليعلي شأنهم، وليلقِّنهم دروس الحياة العملية، أو يستنشد شاعرهم، أو يستتيب مخطئهم، ويرشدهم إذا أساءوا النظر، أو أخطأوا القول أو الفعل، وغيرها من التربية العمليَّة والنظرية، ناهيك عن دروس الطعام، والنظر، والعيادة، والصدقة، والصمت، وإفشاء السلام، وصلاة القيام، وحق الأرحام والكثير بترتيب تربوي معجز

وإذا استرسلنا في تعداد أساليب ومحطات تربية النبي للشباب فضلاً عن الرجال والنساء، فهذا أمر طويل جداً ليس هنا مجاله، المهم أنَّ أصحابه صلى الله عليه وسلم ساروا من وراءه في تربية الشباب على نهجه، فأنفذ أبوبكر الخليفة بعث أسامة وودَّعه راجلاً وأسامة راكباً، والشيوخ وراءه، وغيرها الكثير والكثير

ومرَّ الزمان وجاء عمر رضي الله عنه فكان يربِّيهم بعزم وإتقان فقال لأحدهم لما أخطأ معه واشتطَّ: {إِني أَرَاكَ شَابَّاً فَصِيحَ اللسَانِ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ يَكُونُ في الرَّجُلِ عَشَرَةُ أَخْلاَقٍ: تِسْعَةٌ حَسَنَةٌ وَوَاحِدَةٌ سِيئَةٌ، فَيُفْسِدُ الْخُلُقُ السَّيىءُ التسْعَةَ الصَّالِحَةَ، فَاتَّقِ عَثَرَاتِ الشَّبَابِ}{8}

{وأمر بعض شباب المدينة باعتزال رجل اتهم بالفعل القبيح حفظاً لهم}{9}
بل وكان رضي الله عنه يتابعهم في التربية العملية خطوة خطوة، فقد روى أنه رضي الله عنه رأى أحدهم في طرقات المدينة يتبختر في مشيته ولمح فيه مظاهر العبث والإستهتار التي لا تليق، فزجره وأمره بترك هذا، فتعلل بأن هذه طبيعته ولا يطيق تركها فأمر عمر بجلده، وبعد أيام رآه ثانية على حاله من العبث والتخنث فأمر بجلده مرة أخرى، ولم يمض وقت طويل حتى جاء الرجل أخيراً، وقد استقامت مشيته واعتدل مسلكه وقال: {جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين؛ .. لقد كان الشيطان يلازمني، فأذهبه الله عني بعقوبتك}{10}

وكذا الكثيرون منهم ، كيف تابعوا تربية الشباب المسلم، فمثلاً سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقول للشباب عندما يأتونه لطلب العلم: {مرحبا بكم ينابيع الحكمة ومصابيح الظلمة خلقان الثياب جدد القلوب}{11}

وهكذا فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وراءه صحبه الكرام شيوخ التربية والإصلاح الأعلام يربُّون الأمة رجالاً ونساءاً وشباباً حتى صاروا كما كان صلى الله عليه وسلم يدعوهم ليكونوا: {كُونُوا كالشَّامَةِ بَيْنَ النَّاسِ}{12}
فاكتسحوا العالم كلَّه شرقًا وغربًا في أقل من ثلاثين سنة، ولم يقف أمامهم أحد أبداً، ... كيف صار ذلك؟ إنها التربية الإيمانية التى نتحدث عنها.


{1} روح البيان ، وتفسير حقي ونور الأذهان {2} عن أبي سعيد الخدري، شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي {3} عن زيد ابن خالد مسند الشهاب، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عبد الله بن مسعود والبيهقي في دلائل النبوة و أبو الشيخ الأصبهاني في الأمثال {4} الحاكم في تاريخه والديلمي عن أَبِي سعيدٍ، جامع المسانيد والمراسيل {5} البيهقي في شعب الإيمان والطبراني فى الكبير عن ابن عباس {6} البيهقي فى السنن والْخطيب عن أَبي هُرَيْرَةَ {7} الدَّيلمي عن علي بن أبي طالب، جامع المسانيد والمراسيل {8} عبد الرزاق في الجامع والبيهقي فى السنن عن قبيصة بن جابر الأسدي {9} البيهقى عن عائشة {10} الفقه على المذاهب الأربعة {11} شعب الإيمان، عن عبيد الله بن أبي العيزار {12} رواه الحاكم عن أنس وأحمد والترمذى

descriptionكيف كان رسول الله يربي الشباب ؟  Emptyرد: كيف كان رسول الله يربي الشباب ؟

more_horiz
شكرا على الموضوع 
بارك الله فيك

descriptionكيف كان رسول الله يربي الشباب ؟  Emptyرد: كيف كان رسول الله يربي الشباب ؟

more_horiz
أشكرك على مشاركتك بقسم الاسلامي
شكرا لك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي