إن الله الملك الخالق العظيم قدر وكتب مقادير الأشياء كُلها قبل خلق الإنسان والكون وفقاً لمشيئته وإرادته وحكمته سبحانه و تعالى في إبتلاء وإمتحان الإنسان في عبادته عزوجل بالغيب في الدار الدنيا، كمثل المُعلم الذي يُثبت الخطة الدراسية السنوية لتلاميذه قبل إبتدائها وفقاً لرؤيته ونظرته في تعليم وإمتحان تلاميذه فيُخصص لكل فئة أو مجموعة المناهج العلمية التي سوف يتلقونها قبل أن يشرعوا في ذلك فيكون المعلم على علم سابق بتفاصيل الخطة الدراسية والتعليمية قبل بدايتها ولله عزوجل المثل الأعلى. قال تعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (الحديد: 22 )، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (فإن الله قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء ). فسبحانه وتعالى يعلم سر الإنسان وسر سائر المخلوقات لأنه هو عزوجل من خلقها، قال تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (الملك: 14)، ولذلك سبحانه وتعالى يعلم ما يُحب الإنسان وما يكره وما يختار وما يرفض وكذلك يعلم سبحانه وتعالى كيفية إستجابة الإنسان للمقادير عندما تُقضى عليه مما يعني أنه عزوجل يعلم ما سيكون قبل أن يكون، قال تعالى (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوْا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوْا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُوْنَ) (البقرة :216 )، فنجد في هذه الآية أن الله عزوجل يعلم بواطن الأمور المخفية والتي تخالف ظاهرها مما يجعلها غير متوقعة ولا يمكن التنبؤ بحدوثها، فالظاهر خيراً هو شراً في باطنه والظاهر شراً هو خيراً في باطنه، ومعرفة بواطن الأمور المستترة والتي لا يمكن التنبؤ بها مستقبلاً هو من علم الغيب الذي يختص به الله عزوجل، وما يشهد لذلك أيضاً قوله تعالى (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) (طه: 7 )، فالمستقبل أخفى من السر الذي هو الحاضر لأن المستقبل مخفي ومستتر أكثر من الحاضر ولا يظهر المستقبل إلا عندما يأتي وقته المُقدر وفق مشيئة وإرادة الله الخبير العليم.
وكتابة مقادير الأشياء في علم الله الأزلي السابق لحدوثها هو القدر المُبرم، الذي لا يُمكن تبديله أو تغييره ولا مرد له لأنه سبحانه وتعالى كتب وقدر كل شيء وعلم كيف سيكون قبل أن يكون، أما في علم الملائكة الموكلين بقبض الأرواح وكتابة الآجال والأرزاق فهنالك قدر مُعلق، وسُمي بذلك لأن وقوعه معلق على وقوع شيء غيره مثل الدعاء وصلة الرحم، لقوله عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه). وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر.) ، وذلك كأن يقول الله عزوجل للملك إن عُمر فلان مائة سنة إذا وصل رحمه أو دعى وإن لم يفعل فعمره ستون سنة، مما يعني أن الأجل في علم الملك هو يُمكن فيه الزيادة والنقصان وهذا ما نجده في قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك ولكن ما في أم الكتاب الذي هو في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة لأنه سبق في علم الله تعالى ما سيكون من دعاء أو صلة رحم وبالتالي ما سيكون من زيادة أو نقصان قبل أن يكتبها الملك.
ثم خلق الله عزوجل الإنسان وخلق الكون في الحياة الدنيا لكي يختار المؤمن بنفسه عمل أهل السعادة وفق إرادة ومشيئة وحكمة الله عزوجل في إبتلائه له في الدنيا، قال تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير: 29 )، ثم يُكشف ويُرى عمله يوم القيامة فلا يُثاب إلا على عمله ولا يُثاب على عمل غيره فيدخل الجنة بفضل ومنة ورحمة من الله عزوجل، قال تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ) (النجم: 39-41) ، و لكي يختار الكافر والمنافق بنفسه عمل أهل الشقاوة وفق إرادة ومشيئة وحكمة الله عزوجل في إبتلائه له في الدنيا، ثم يُكشف ويُرى عمله يوم القيامة فلا يُعاقب إلا على عمله ولا يُظلم ولا يُعاقب على عمل غيره فيدخل النار جزاء وعدلا من الله عزوجل ، وكذلك قال تعالى (إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بما تَسْعَى ) ( طه: 15)، فسبحانه وتعالى لا يُطلع أحداً غيره سواء من ملائكة مقربين أو أنبياء ورسل على موعد الساعة حتى يجازي كل عامل بعمله فيجازي المؤمن بالثواب على عمل أهل الإيمان والسعادة والكافر والمنافق بالعقاب على عمل أهل الكفر والشقاوة، وقال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) (العنكبوت: 10-11 )، فالله عزوجل يعلم ما في قلوب العباد وما تخفيه صدورهم من عمل الإيمان أو عمل الكفر فعندما يُظهر العباد أعمال القلوب من إيمان و كفر على جوارحهم فيجازيهم الله عزوجل على أعمالهم من عمل أهل السعادة وعمل أهل الشقاوة، لقوله تعالى (يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون) (التحريم:7 )، ولقوله تعالى (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (يس: 54).
إذا الخلاصة أنه سبحانه و تعالى يخلق الإنسان في الحياة الدنيا لكي يعمل إما بعمل أهل السعادة أو بعمل أهل الشقاوة وفق إرادة ومشيئة وعلم الله السابق بهذا العمل لأنه عزوجل هو الخالق العظيم الذي يعلم سر خلقه وبالتالي يعلم ما سيكون قبل أن يكون، فالغاية من خلق الإنسان في الحياة الدنيا هو مجازاته على عمله بعد أن تقام عليه الحجة ببعثة الأنبياء والرسل إليه ليرشدوه إلى طريق الحق المستقيم، قال تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) (الإسراء: 15 )، فمن وفقه الله عزوجل إلى إختيار الإيمان فثوابه الجنة فضلاً ورحمةً من الله عزوجل ومن أضله الله عزوجل إلى إختيار الكفر فعقابه النار جزاءاً وعدلاً، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اعملوا: فكل مُيَسرٌ لما خُلق له، أما من كان من أهل السعادة فسيُيَسر لعمل لأهل السعادة. وأما من كان من أهل الشقاوة، فسيُيَسر لعمل أهل الشقاوة )، وقال تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا *ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) (الأحزاب: 72-73 )، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتابة مقادير الأشياء في علم الله الأزلي السابق لحدوثها هو القدر المُبرم، الذي لا يُمكن تبديله أو تغييره ولا مرد له لأنه سبحانه وتعالى كتب وقدر كل شيء وعلم كيف سيكون قبل أن يكون، أما في علم الملائكة الموكلين بقبض الأرواح وكتابة الآجال والأرزاق فهنالك قدر مُعلق، وسُمي بذلك لأن وقوعه معلق على وقوع شيء غيره مثل الدعاء وصلة الرحم، لقوله عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه). وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر.) ، وذلك كأن يقول الله عزوجل للملك إن عُمر فلان مائة سنة إذا وصل رحمه أو دعى وإن لم يفعل فعمره ستون سنة، مما يعني أن الأجل في علم الملك هو يُمكن فيه الزيادة والنقصان وهذا ما نجده في قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك ولكن ما في أم الكتاب الذي هو في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة لأنه سبق في علم الله تعالى ما سيكون من دعاء أو صلة رحم وبالتالي ما سيكون من زيادة أو نقصان قبل أن يكتبها الملك.
ثم خلق الله عزوجل الإنسان وخلق الكون في الحياة الدنيا لكي يختار المؤمن بنفسه عمل أهل السعادة وفق إرادة ومشيئة وحكمة الله عزوجل في إبتلائه له في الدنيا، قال تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير: 29 )، ثم يُكشف ويُرى عمله يوم القيامة فلا يُثاب إلا على عمله ولا يُثاب على عمل غيره فيدخل الجنة بفضل ومنة ورحمة من الله عزوجل، قال تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ) (النجم: 39-41) ، و لكي يختار الكافر والمنافق بنفسه عمل أهل الشقاوة وفق إرادة ومشيئة وحكمة الله عزوجل في إبتلائه له في الدنيا، ثم يُكشف ويُرى عمله يوم القيامة فلا يُعاقب إلا على عمله ولا يُظلم ولا يُعاقب على عمل غيره فيدخل النار جزاء وعدلا من الله عزوجل ، وكذلك قال تعالى (إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بما تَسْعَى ) ( طه: 15)، فسبحانه وتعالى لا يُطلع أحداً غيره سواء من ملائكة مقربين أو أنبياء ورسل على موعد الساعة حتى يجازي كل عامل بعمله فيجازي المؤمن بالثواب على عمل أهل الإيمان والسعادة والكافر والمنافق بالعقاب على عمل أهل الكفر والشقاوة، وقال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) (العنكبوت: 10-11 )، فالله عزوجل يعلم ما في قلوب العباد وما تخفيه صدورهم من عمل الإيمان أو عمل الكفر فعندما يُظهر العباد أعمال القلوب من إيمان و كفر على جوارحهم فيجازيهم الله عزوجل على أعمالهم من عمل أهل السعادة وعمل أهل الشقاوة، لقوله تعالى (يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون) (التحريم:7 )، ولقوله تعالى (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (يس: 54).
إذا الخلاصة أنه سبحانه و تعالى يخلق الإنسان في الحياة الدنيا لكي يعمل إما بعمل أهل السعادة أو بعمل أهل الشقاوة وفق إرادة ومشيئة وعلم الله السابق بهذا العمل لأنه عزوجل هو الخالق العظيم الذي يعلم سر خلقه وبالتالي يعلم ما سيكون قبل أن يكون، فالغاية من خلق الإنسان في الحياة الدنيا هو مجازاته على عمله بعد أن تقام عليه الحجة ببعثة الأنبياء والرسل إليه ليرشدوه إلى طريق الحق المستقيم، قال تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) (الإسراء: 15 )، فمن وفقه الله عزوجل إلى إختيار الإيمان فثوابه الجنة فضلاً ورحمةً من الله عزوجل ومن أضله الله عزوجل إلى إختيار الكفر فعقابه النار جزاءاً وعدلاً، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اعملوا: فكل مُيَسرٌ لما خُلق له، أما من كان من أهل السعادة فسيُيَسر لعمل لأهل السعادة. وأما من كان من أهل الشقاوة، فسيُيَسر لعمل أهل الشقاوة )، وقال تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا *ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) (الأحزاب: 72-73 )، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.