في كلّ عام، يحتفل المسلمون بمناسبة عظيمة وعزيزة على قلوبهم، وهي ولادة النبيّ محمّد -عليه الصلاة والسلام- التي كانتْ في الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل، لذلك فإنّ قول كلمة عن المولد النبوي الشريف ما هو إلا تعبيرٌ عن الفخر بالانتماء إلى هذا النبيّ العظيم، والمولد النبوي الشريف مناسبة عظيمة لها قدسيّة ومكانة لا مثيل لها، وهو ميلادٌ للخير والحقّ، وُلد فيه سيّد البشرية جمعاء، لذا، فإنّ كتابة كلمة عن المولد النبوي الشريف لا يمكن أن تَفي الرسول الأعظم حقّه في الوصف، فولادته -عليه السلام- كانت شعاع النور الذي جاء ليقضيَ على الظلام، وهي ولادة أعظم شخصية في التاريخ، فقد اختاره الله من بين البشر جميعًا ليكونَ خاتمَ الأنبياء والمرسلين وسيّدَهم. من حكمة أقدار الله -تعالى- أنه في اليوم نفسه الذي صادف المولد النبوي الشريف أنقذ الله الكعبة من الهدم الذي كان يسعى إليه أبرهة الأشرم ومن معه، وحدثت معجزة الطيور الأبابيل التي قضت على الفيلة التي أرادت هدمَ الكعبة، فالمولد النبوي الشريف يُعطي الأمل بالتغيير، فكما تغيرت الدنيا والحياة بولادة سيّد البشر ثمّ بعثته، لا بدّ أن يتغيّر كلّ شيءٍ بشكلٍ غير متوقع، لهذا فإنّ في مولد الرسول الأعظم ثورة من نوعٍ آخر لا يُدركه إلا من فَهم الإسلام جيدًا وآمن بدعوة محمد -عليه الصلاة والسلام-، وفي ولادته أيضًا الكثير من المعجزات التي تحتاج إلى التفكّر والتأمل، فالنبي ولد يتيم الأب، ورغم ذلك هيّأ الله له من يحتضنه ويحتويه، ثم ما لبثت أن ماتت أمه وهو في السادسة، إلّا هيّأ الله -تعالى- الأسباب ليجد من يرعاه، وهذا كلّه دليلٌ على رعاية الله له، فاليتم الذي عاشه لم يمنعه من أن يكون شريفًا في قومه، ومعروفًا بالصدق والأمانة والأخلاق العالية والتربية السليمة التي لا تشوبها شائبة، حتى أنّ قريشًا كانت يضربون المثل في أخلاقه -عليه الصلاة والسلام-. إن كتابة كلمة عن المولد النبوي الشريف ما هي إلا محاولة خجولة لوصف حدثٍ عظيم لا يمكن أن تحتويه الكلمات، إذ كيف يمكن للمرء أن يصف ولادة الخير، فالخير كلّه في وجهه -عليه السلام-، إذ كانت له طلعةٌ كطلعة البدر، وسماحةٌ لا مثيل لها، فالمولد النبوي الشريف إيذانٌ ببَدء بزوغ الشمس والانعتاق من زمن الجاهليّة وعبادة الأصنام، وهو اليوم الذي يحمل البشرى الكبيرة والأمان والسكينة، ففي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عبقٌ من روائح الجنة، وفي يوم ولادته نورٌ لا يأتيه الظلام أبدًا