الكتاب: شرح التصريف
المؤلف: أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (المتوفى: 442هـ)
ذكر أبنية الأفعال الثلاثية الصحيحة
اعلم أنّ الفعل الثّلاثيَّ الماضي يكون على: "فَعَلَ"، و"فَعِلَ"، و"فَعُلَ" إذا كان الفعل للفاعل، فإن بنيت الفعل للمفعول كان على: "فُعِلَ".
إذا كان الماضي على: "فَعِلَ" مكسور العين كان مستقبله على: "يَفْعَلُ" بفتح العين نحو: "عَلِمَ يَعْلَمُ" و"رَكِبَ يرْكَبُ"، و"لَبِسَ يلبَسُ"، وقد شذَّ من هذا الفصل أربعة أفعال جاء مستقبلها على: "يفعِلُ ويفعَلُ"، كأنّهم ركّبوا مستقبلين على ماضٍ واحد قالوا: "حسِبَ: يحسِبُ ويحسَبُ" و"يئِسَ: ييْئِسُ ويَيْأسُ" و"يَبِسَ: ييْبِسُ وييْبَسُ" و"نَعِمَ: ينعِمُ وينْعَمُ".
وقد قالوا: "نَعَمَ: ينعُمُ"، "نعِمَ: ينْعَمُ" ثمّ ركّبوا من مجموع اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "نعِمَ ينعُمُ"، وقالوا: "فَضَلَ: يفْضُلُ" و"فَضِلَ: يفضَلُ" وركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "فَضِلَ: يفضُلُ"، وقالوا: "حَضَرَ: يحضُرُ" و"حضِرَ: يحضَرُ" ركّبوا من مجموع اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "حضِرَ: يحضُرُ"، وقالوا: "رَكَنَ: يركُنُ" و"رَكِنَ يركَنُ" ثمّ ركبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "رَكِنَ يركُنُ"، وقالوا: "قَنَطَ: يقنِطُ" و"قنِطَ يقنَطُ" ثمّ ركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "ركِنَ: يركُنُ"، وقالوا: "قنَطَ يقنِطُ" و"قنِطَ يقنَطُ" ثمّ ركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "قنَطَ: يقنْطُ".
وإذا كان الماضي على "فَعُلَ" جاء المستقبل على "يفعُلُ" لا ينكسر منه شيء قالوا: "ظَرُفَ يظْرُفُ"، و"كرُمَ يكرُمُ"، و"شرُفَ يشرُفُ".
وإذا كان الماضي على "فَعَلَ" وليس عينه ولا لامه حرفًا من حروف الحلق، فربّما جاء المستقبل على: "يفعِلُ" نحو: "ضرَبَ يضرِبُ" و"جلَسَ يجلِسُ" و"حبسَ يحبِسُ"، وربّما جاء المستقبل على "يفعُلُ" لا غير نحو: "ذكرَ يذْكُرُ" و"قتلَ يقتُلُ"، وربّما جاء المستقبل على "يفعِلُ ويفعُلُ" قالوا: "فسَقَ يفسُقُ" و"عَكَفَ: يعكِفُ ويعكُفُ"، و"عرَشَ: يعرِشُ ويعرُشُ"، و"طَمَسَ: يطْمِسُ ويطمُسُ"، و"سفَكَ: يسفِكُ ويسفُكُ"، وأمثلته كثيرة.
فإن كان عين الفعل أو لامه حرفًا من حروف الحلق وهي: "الهمزة، والهاء، والحاء، والعين، والخاء، والغين" فربّما جاء المستقبل على: "يفعُلُ" فقط نحو: "دخَلَ: يدخُلُ".
وربّما جاء على "يفعَلُ" نحو: "ذبَحَ يذْبَحُ" و"قرأ: يقرَأ".
وربّما جاء على "يفعِلُ ويفعَلُ" قالوا: "زأرَ: يزْئِرُ ويزأرُ".
وربّما جاء على: "يفعَلُ ويفعِلُ" قالوا: "ضَبَعَ: يضبَعُ ويضبِعُ".
وقد جاء على "يفعُلُ" نحو "دخَلَ يدخُلُ".
وقد جاء على "يفعِلُ، ويفعَلُ، ويفعُلُ"، فإذا مرّ بك فلا تستوحش منه.
فهذا أصل في الصّحيح، وأنا أحمل المعتلَّ على هذه الأمثلة إن شاء الله تعالى.
فإذا كان حرف الحلق عينًا فتح نفسه، وإذا كان لامًا فتح العين، وإذا كان فاء لم يؤثّر، وإذا لم يكن عين فعل أو لامه حرفًا حلقيًّا لم يجز فتح العين في المستقبل، وقد شذّ منه شيء قالوا: "أبى: يأبَى" قال قوم إنّما فتحه، لأنّ فاءه همزة وهي من حروف الحلق، وهذا غلط، لأنّ حروف الحلق إنّما تؤثّر إذا كانت متحرّكة عينًا أو لامًا، والهمز هاهنا في "يابَى" ساكنة وهي فاء فهي غير مؤثّرة.
وقال قوم إنّما فتح، لأنّ لامه ألف، والألف من حروف الحلق.
وهذا أيضًا قول ليس بالجيّد.
وقال قوم: إنّما فتح تشبيهًا له بنظيره وهو "منَعَ يمنَعُ"، لأنّ الإباء المنع.
وقال قوم إنّما فتح على طريق الغلط توهّموا ماضيَهُ على "فعِلَ" فجاء المستقبل على "يفعَلُ"، وهذا وجده جيّد.
وهذا حرف متّفق عليه.
وقد حكوا حروفًا أخر وهي متأوَّلَةٌ قالوا: "ركَنَ يرْكَنُ" و"قَنَطَ يقنَطُ"، وقد ذكرناهما، وقالوا: "حَنا يحْنَى" و"قلا يقْلَى" و"عَسا يعْسَى" وهذا يجوز أن يكون ماضيه على "فَعِلَ"، ويجوز أن يكون جاء من فَعَلَ على طريق الشّذوذ.
فأمّا "فَعِلَ يفعِلُ" ممّا فاؤه واو نحو: "وفِقَ أمرُه يفِقُ" و"وَرِثَ يرِثُ" و"وَمِقَ يمِقُ". وقد مضى من هذا نبذٌ فيما تقدّم.
وقد جاء: "طاحَ يطيحُ" و"تاه يتِيهُ" فمن قال: "طَوَّحْتُ" و"تَوَّهْتُ" قال أصله: "طَوِحَ يطْوِحُ" و"تَوِهَ يتْوِهُ" جاء على مثال: "حَسِبَ يحسِبُ" فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا كسرة العين إلى الفاء في: "يطْوِحُ" و"يتْوِهُ" فسكنت العين وانكسرت الفاء فصار: "يطِوْحُ" ويتِوْهُ" فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فقالوا: "يطِيحُ" و"يتِيهُ"، فهذا ما اعتلّت عينه، قد أعلَّ بإسكان متحرّك، وتحريك ساكن.
وقد حكوا فيه: "طَيَّحْتُ" و"تيَّهْتُ" و"هو أطْيَحُ منك" و"أتْيَهُ منك"، وقالوا أصل هذا: "طَيَحَ يطْيِحُ" و"تَيَهَ يتْيِهُ" فتحرّكت الياء في الماضي وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفًا، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا كسرة الياء إلى الفاء فسكنت الياء وانكسرت الفاء فقالوا: "يطِيحُ" و"يتِيهُ".
وكذلك فعلوا في: "باعَ" "يَبِيعُ" و"كال" "يكِيلُ" و"هالَ الترابَ" "يهيلُه" فأصله: "كَيَلَ يكْيِلُ"، و"بَيَعَ يبْيِعُ" و"هَيَلَ التّرابَ يهْيِلُهُ"
و"خَيَطَ يخْيِطُ "فقلبت الياء في الماضي ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّه نقل كسرة الياء إلى الفاء فسكنت وانكسر ما قبلها فقالوا: "يبِيعُ" و"يكِيلُ" و"يهِيلُ" و"يخِيطُ"؛ وإنّما أعلّوا العين في المستقبل حملاً على إعلالها في الماضي، ولتكون فاء الكلمة تابعة للعين بكونها مكسورة قبلها كما كانت تابعة لها في الماضي.
وكذلك إن كانت لامه ياء نحو: "رمَى يرْمِي" و"قَضَى يقْضِي"، وأصله: "رَمَيَ" فقلب الياء ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وقالوا في المستقبل: "يرْمِي" و"يقْضِي" فجعل العين تابعة للاّم في كونها مكسورة، وخصّوا ما كانت عينه أو لامه ياء من "فَعَلَ" بـ"يفْعِلُ" في المستقبل حتّى ينكسر [ما] قبل العين واللام في: "يبِيعُ" و"يرمِي" فتظهر الياء. ولم يجيزوا فيه: "يفعُلُ" كما جاء في الصّحيح: "عَكَفَ" "يعْكُفُ" و"يعكِفُ" لئلاّ يلتبس ذوات الياء بذوات الواو.
فأمّا: "سعى يسْعَى" فأصله: "سَعَيَ يسْعَيُ" فانقلبت الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وجاء المستقبل على: "يفعَلُ"، لأنّ عينه من حروف الحلق، وانقلبت الياء في مستقبله ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فقالوا: يسْعَى.
وإذا كانت عين: "فَعَلَ" أو لامه واوًا خصّوا مستقبله بـ"يفعُلُ" ليظهر
الواو، ويكون الفاء تابعة للعين، والعين تابعة للّام، ولم يجيزوا فيه: "يفْعِلُ" كما جاء "يعْكُفُ" و"يعكِفُ" لئلاّ يلتبس ذوات الواو بذوات الياء قالوا: "قالَ يقُولُ" و"زال يزُولُ" و"صاغَ يصُوغُ" وأصله: "قَوَلَ يقْوُلُ" و"زَوَلَ يزْوُلُ" و"صَوَغَ يصْوُغُ" فانقلبت العين في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا ضمّة العين إلى الفاء فسكنت الفاء وقبلها ضمّة، والواو إذا انضمّ ما قبلها كان أمكن لها نحو: "يقُولُ" و"يرُوعُ" و"يصُوغُ".
وكذلك إن كانت لام فعل واوًا نحو: "غزا يغْزُو" وأصله: "غَزَوَ يغْزُوُ" وانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فحذفوا الضّمّة منها استثقالاً لها فيها، وصارت العين مضمومة قبل اللام في "يغْزُو" كما كانت الفاء مضمومة قبل العين في: "يَزُولُ" و"يقُولُ".
ومن قال: "محا يمْحُو" فهو مثل: "غزا يغْزُو"، ومن قال: "يمْحا" فإنّما فتح العين، لأنّها من حروف الحلق، وانقلبت الواو ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
وكذلك "شَأَ يشْأَى" الأصل فيه: "يشْؤُو" مثل "يغْزُو" إلاّ أنّهم فتحوا العين، لأنّها من حروف الحلق فانقلبت الواو ألفًا في الماضي والمستقبل لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
فأمّا: "هابَ يهابُ" و"خاف يخافُ" فأصله: "هَيِبَ يهْيَبُ" و"خَوِفَ يخْوَفُ" فانقلبت الواو والياء في الماضي ألفًا لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما، وأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا حركة العين إلى الفاء فسكنت العين وانفتحت الفاء فصار: "يَهَيْبُ" و"يَخَوْفُ" ثمّ أتبعوا الياء والواو الفتحة التي نقلت منهما فصارتا ألفين فقالوا: "يهابُ" و"يخافُ"، ومن الناس من يقول: راعَوا فتح ما قبلهما بعد النّقل، وحركتهما قبل النقل، فصارتا كأنّهما متحرّكتان وقبلهما فتحة، فانقلبتا ألفين.
فأمّا: "حَوِلَ" و"عَوِرَ" و"صَيِدَ البعيرُ" فإنّما صحّت لتدلّ على أنّها في
معنى ما يجب تصحيحه نحو: "احْوَلَّ" و"اعْوَرَّ" و"اصْيَدَّ"، فلمّا صحّت في الماضي وقد تحرّكت وانفتح ما قبلها صحّت في المستقبل فقالوا: "يحْوَلُ" و"يَعْوَرُ" و"يَصْيَدُ".
وأمّا "ليْسَ" فليس يخلو أن يكون أصله: "لَيَسَ"، أو "لَيِسَ"، أو "لَيُسَ". ولا يجوز أن يكون أصلها: "لَيَسَ" لأنّ المفتوح لا يُسَكَّن،
ولا يجوز أن يكون "لَيُسَ"، لأنّه ليس في الكلام: "فَعُلَ" مما عينه أو لامه ياء. فلمّا بطل أن يكون "فَعَلَ" و"فَعُلَ" ثبت أنّ أصلها: "فَعِلَ".
وإنّما جمدت ولم تتصرّف لأحد وجهين:
أحدهما أن يكون لمضارعتها لـ"ما" النافية سرى إليها منها البناء.
والثانية: أنّه ينبغي أن يكون فائدة الفعل ما دلّ عليه لفظه، فلمّا كان لفظ: "ليْسَ" ماضيًا، وهي موضوعة لنفي الحال، خالف لفظها معناها، فخالفت نظائرها من الأفعال فجمدت ولم تتصرّف.
فأمّا "دامَ يدامُ" و"مات يماتُ" فأصلها: "دَوِمَ يدْوَمُ"، "مَوِتَ يمْوَتُ"، فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلت [حركة] الواو في المستقبل إلى الفاء فسكنت وانفتح ما قبلها، ثم أتبعت الفتحة فصارت ألفًا فقالوا: "يدامُ" و"يماتُ" على مثال: "عَلِمَ يعْلَمُ" وحكوا فيهما لغة ثانية فقالوا: "دام يدُومُ"، و"مات يمُوتُ"، وأصلهما: "دَوَمَ يدْوُمُ"، و"مَوَتَ يمْوُتُ"، فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا ضمّتها في المستقبل إلى الفاء قبلها فثبتت فقالوا: "يدُومُ" و"يَمُوتُ" كما تقول: "يقُومُ ويزُولُ".
وقد ركّبوا من هاتين اللغتين لغة ثالثة فجاءوا بها على: "فَعِلَ يفعُلُ" كما قالوا في الصّحيح: "فَضِلَ يفضُلُ" قال أبو الأسود الدؤلي:
ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر ... وما مرَّ من عيشي ذكرت وما فَضِلْ
وأصلها على هذا: "دَوِمَ يدْوُمُ" و"مَوِتَ يمْوُتُ" فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا ضمّة الواو في المستقبل إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها ضمّة فصحّت فقالوا: "يمُوتُ" و"يدُومُ"، ويقول المتكلّم على اللغة الأولى: "مِتُّ أماتُ" و"دِمْتُ أدامُ"، وعلى اللغة الثانية: "مُتُّ أمُوتُ" و"دُمْتُ أدُومُ"، وعلى اللغة المركّبة: "مِتُّ أمُوتُ"، و"دِمْتُ أدُومُ" مثل: "حَضِرْتُ أحْضُرُ".
فأمّا كاد فيستعمل على ضربين: أحدهما: من فعل المكيدة وهي الحيلة.
والثانية من فعل المقاربة.
قالوا في فعل الحيلة: "كاد زيدٌ القومَ يكِيدُهم"، والأصل: "كَيَدَ يكْيِدُ" مثل: "بَيَعَ يبْيِعُ" ثمّ قلبوا الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
ونقلوا كسرتها إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها كسرة فصحّت فقالوا: "يَكِيدُ" كما قالوا: "يَبِيعُ".
وقالوا في المقاربة: "كاد زيدٌ يدخُلُ البلدَ يكادُ"، والأصل: "كَيِدَ يكْيَدُ" فقلبوا الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا فتحتها في المستقبل إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها فتحة، ثمّ أتبعوها الفتحة فصارت ألفًا فقالوا: "يكادُ".
وقد ركّبوا ماضيين على مستقبل واحد فقالوا: "كِدْتُ تكادُ" في المقاربة و [كُدْتَ تكادُ] والأصل: "كَيُدْتَ" فحذفوا فتحة الكاف، ونقلوا إليها ضمّة الياء فسكنت وقبلها ضمّة فانقلبت واوًا، ثم سقطت الواو لسكونها وسكون الدّال بعدها، وبقيت الضّمّة قبلها تدلّ عليها فقالوا: "كُدْتَ تكادُ" فهذان ماضيان وهما: "فَعُلَ" و"فَعِلَ" ومستقبلهما: "يفْعَلُ".
فأمّا "طال" الذي هو ضدُّ "قَصُرَ" فأصله: "طَوُلَ" على وزن "قَصُرَ" فانقلبت الواو ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وتقول في المستقبل: "يطُولُ"، وأصله: "يطْوُلُ" فنقلوا ضمّة الواو إلى الطّاء فسكنت الواو وقبلها ضمّة فثبتت.
فهذا إعلال بإسكان متحرّك، وتحريك ساكن.
فأمّا الصّفة المشتقّة منه فـ"طويلٌ" على وزن: "ظرِيف وكريم"، وليست باسم جار على الفعل، ونقيضُ "طويلٍ": "قصير"، واسمه الجاري عليه: "طائلٌ".
فإن بنيت اسم الفاعل من "باعَ" و"خاف" و"قام" و"نام" و"هاب" أدخلت ألفًا قبل هذه الألف فاجتمع ألفان فلم يخل أن تجمع بينهما، أو تسقطهما، أو تسقط أحدهما، أو تحرّك أحدهما.
والجمع بين ألفين محال، لأنّ كل واحد منهما قد دخل لمعنى وإسقاطه يخلُّ بالمعنى الذي دخل من أجله.
ولا يجوز إسقاط أحدهما لئلا يلتبس الاسم بالفعل.
ولا بدّ من تحريك أحدهما، ولا يجوز تحريك الأوّل، لأنّه زائد لا حظّ له في الحركة، وإنّما زيد ليفصل بين الاسم والفعل، فوجب أن تحرَّك الألف الثانية التي انقلبت عن عين الكلمة، وسواء انقلبت عن ياء أو واو، وإذا حرّكت الألف انقلبت همزة، وكسرت فقلت: "قائمٌ" و"بائعٌ" و"خائفٌ" و"نائمٌ" و"طائلٌ" و"هائِرٌ" و"قائلٌ" و"عائدٌ" وأمثلته كثيرة.
فأمّا: "طالَ" من قولهم" "طاوَلَني فطُلْتُهُ" أي زدت عليه في الطُّول كما تقول: "كاثَرَني وكثَرْتُهُ" أي زيدت عليه في الكثرة، وأصلها: "فَعَلْتُ" يدلُّك على ذلك تعديتها إلى المفعول في قولك: "طُلْتُه".
فأمّا: "طُلْتُ" التي ضدُّ: "قَصُرْتُ" فأصلها: "طَوُلْتُ" على وزن: "فَعُلْتُ"، يدلّك على ذلك أنّها لا تتعدّى إلى مفعول، كما لا تتعدّى "قَصُرْتُ".
وإنّما اعتلّ اسم الفاعل من: "فَعِلَ" و"فَعَلَ" و"فَعُلَ" في نحو: "هائبٍ"
و"بائع" و"طائل"، لأنّ فعله مُعَلٌّ فصار على وزن "ضارِب وقائل".
وقد ذكرت إعلال المفعول منه في نحو: "مَصُوغٍ ومكِيلٍ"، ولست أحتاج إلى إعادته.
فأمّا: "عَوِرَ" و"حَوِلَ" و"صَيِدَ" فإنّ اسم الفاعل منها يصحُّ كما صحّ فعله، تقول في الماضي: "حَوِلَ" و"عَوِرَ" و"صَيِدَ"، وفي المستقبل: "يحْوَلُّ" و"يعْوَرُّ" و"يصْيَدُّ" وفي اسم الفاعل: "حاوِلٌ" و"عاوِرٌ" و"صايِدٌ" غير مهموز. تصحُّ الياء والواو، ولو بنيته للمفعول لقلت: "حُوِلَ" و"عُوِرَ" و"صُيِدَ" في هذا المكان "يُحْوَلُّ" و"يُعْوَرُّ" و"يُصْيَدُّ".
فإن بنيت من" قال" و"باعَ" و"خاف" و"هاب" الفعل للمفعول ففيه ثلاثة مذاهب:
أجودها: "قِيلَ" و"بِيعَ" و"خِيفَ" و"هِيبَ" بكسر الفاء، وأفصح
القراءات: (وإذا قِيلَ لهم) [البقرة: 11] بكسر القاف، وكذلك (طِيبَ) [النساء: 3] و (حِيلَ) [سبأ: 54] و (سِيقَ) [الزمر: 71] و (جِيءَ) [الزمر: 69].
الوجه الثاني:
أن تشير إلى الضم ليدل على الأصل نحو:
(قُيْلَ) و (حُيْلَ) و (سُيْقَ) و (جُيءَ).
والوجه الثالث:
أن تضمّ الفاء ضمًّا خالصًا فتصير العين واوًا خالصة سواء كان أصلها واوًا أو ياء نحو: "قُولَ" و"هُوبَ" و"خُوفَ".
والأصل في هذا كله: "قُوِلَ" و"بُيِعَ" فاستثقلوا الكسرة في الياء والواو، فأسقطوا الضّمّة من الفاء، فلمّا سكنت الفاء نقلوا إليها كسرة الياء والواو. فإن كانت ياء صحّت لسكونها وانكسار ما قبلها نحو: "بِيْعَ" و"هِيْبَ"، وإن كانت واوًا انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها نحو: "قِيلَ" و"خِيفَ" و"قِيمَ في هذا المكان" و"صِيغَ الخاتمُ" و (سيئت وجوه الذين كفروا) [الملك: 27].
ومن أشار إلى ضمّة الفاء فإنّما أراد الدّلالة على الأصل.
فأمّا اللغة الثالثة: وهي: "قُولَ" و"بُوعَ الثوب" و"هُول التّراب" و"كُولَ الطعامُ" فلمّا كان الأصل فيه: "كُيِلَ" و"خُوِفَ" و"قُوِلَ" استثقلوا الكسرة في الياء والواو فأسقطوها. فإن كانت واوًا ثبتت لسكونها وانضمام ما قبلها نحو: "قُولَ" و"خُوفَ"، وإن كانت ياء انقلبت لسكونها وانضمام ما قبلها نحو "بُوعَ" و"هُوبَ" قال الشاعر:
وابتذلت غضبى وأمَّ الرِّحالْ ... وقُول لا أهلٌ له ولا مالْ
فأمّا المستقبل فنحو: "يُقالُ" و"يُباعُ" و"يُخافُ" و"يُهابُ" تنقلب الواو والياء ألفًا. والأصل فيه: "يُقْوَلُ" و"يُهْيَبُ" و"يُخْوَفُ"، فنقلوا فتحة الواو والياء إلى ما قبلهما فسكنتا، وانفتح ما قبلهما، ثمّ أتبعوهما الفتحة فصارتا
ألفًا، لأنّه ثقل فقُلِب، وإنّما نقلوا فتحتهما إلى ما قبلهما ليتبعوا بها الفتح في نحو: "يُباعُ" و"يُخافُ".
وقد قالوا: رُوعِيت حركتهما قبل النقل، وفتحة ما قبلهما بعد النّقل فصارتا كأنّهما متحرّكتان وقبلهما فتحة، فانقلبتا ألفًا.
وقال بعض النحويين: لمّا كنت متمكّنًا بتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما من قلبهما إلى الألف قلبتهما ألفًا؛ لأنّ الألف ساكنة تستحيل حركتها، وهي أسهل في اللفظ من الياء والواو سكنتا أو تحرّكتا.
وكذلك إذا كانت عين الفعل ولامه من جنس واحد نحو: "ردَّ يرُدُّ" و"عَضَّ يعَضُّ" و"فَرَّ يفِرُّ" والأصل: "رَدَدَ" و"عَضِضَ" و"فَرَرَ" فثقل عليهم تكرير المثلين، لأنّ اللسان يتناول الحرف من مكانه ثم يعود إلى المكان لتناول الثاني فيصير كمشي المقيَّد يمشي ولا يبرح من مكانه، فلمّا
ثقل عليهم أسقطوا حركة الأوّل، فلمّا سكن أدغموه في الثاني فقالوا: "ردَّ" و"عَضَّ" و"فَرَّ".
فإذا صاروا إلى المستقبل فالأصل فيه: "يعْضَضُ" و"يَرْدُدُ" و"يَفْرِرُ"، فلمّا ثقل عليهم توالي المثلين نقلوا حركة الأوّل إلى السّاكن الذي قبله فتحرّك السّاكن بالحركة المنقولة إليه، وسكن المثل الأوّل، وأدغم في الثاني.
فالضمّة في الراء من "يرُدُّ" هي المنقولة إليها من الدّال، والفتحة في العين هي المنقولة إليها من الضّاد، والكسرة في الفاء من "يفِرُّ" هي المنقولة إليها من الرّاء.
فإذا سكن المثل الثاني لوقف أو جزم جاز في المضموم الأوّل أن يحرَّك الساكن الأخير بثلاث حركات: تقول: "رُدُّ" و"رُدَّ" و"رُدِّ".
فمن ضمَّ الدّال أتبعها ضمّة الراء، ولم يحفل بالسّاكن بينهما، لأنّ السّاكن حاجزٌ غير حصين.
ومن فتح الدّال فإنه طلب التخفيف لثقل التضعيف.
ومن كسر الدّال فإنّه كسر على الأصل في حركة التقاء الساكنين.
إذا قال عضَّ جاز في الضّاد الفتح والكسر: "عضِّ" و"عَضَّ"، فمن كسر فعلى الأصل في حركة التقاء الساكنين.
والفتح في الضّاد من وجهين:
أحدهما: طلبًا للتّخفيف.
والثّاني: إتباعًا لحركة العين.
فأمّا: "فِرَّ" فيجوز فيه فتح الرّاء، وكسرها، فمن فتح الرّاء فإنّه طلب التّخفيف.
ومن كسر الرّاء فمن وجهين:
أحدهما: إتباعًا لكسرة الفاء.
والثاني: على الأصل في حركة التقاء السّاكنين.
هذه مذاهب بني تميم.
المؤلف: أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (المتوفى: 442هـ)
ذكر أبنية الأفعال الثلاثية الصحيحة
اعلم أنّ الفعل الثّلاثيَّ الماضي يكون على: "فَعَلَ"، و"فَعِلَ"، و"فَعُلَ" إذا كان الفعل للفاعل، فإن بنيت الفعل للمفعول كان على: "فُعِلَ".
إذا كان الماضي على: "فَعِلَ" مكسور العين كان مستقبله على: "يَفْعَلُ" بفتح العين نحو: "عَلِمَ يَعْلَمُ" و"رَكِبَ يرْكَبُ"، و"لَبِسَ يلبَسُ"، وقد شذَّ من هذا الفصل أربعة أفعال جاء مستقبلها على: "يفعِلُ ويفعَلُ"، كأنّهم ركّبوا مستقبلين على ماضٍ واحد قالوا: "حسِبَ: يحسِبُ ويحسَبُ" و"يئِسَ: ييْئِسُ ويَيْأسُ" و"يَبِسَ: ييْبِسُ وييْبَسُ" و"نَعِمَ: ينعِمُ وينْعَمُ".
وقد قالوا: "نَعَمَ: ينعُمُ"، "نعِمَ: ينْعَمُ" ثمّ ركّبوا من مجموع اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "نعِمَ ينعُمُ"، وقالوا: "فَضَلَ: يفْضُلُ" و"فَضِلَ: يفضَلُ" وركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "فَضِلَ: يفضُلُ"، وقالوا: "حَضَرَ: يحضُرُ" و"حضِرَ: يحضَرُ" ركّبوا من مجموع اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "حضِرَ: يحضُرُ"، وقالوا: "رَكَنَ: يركُنُ" و"رَكِنَ يركَنُ" ثمّ ركبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "رَكِنَ يركُنُ"، وقالوا: "قَنَطَ: يقنِطُ" و"قنِطَ يقنَطُ" ثمّ ركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "ركِنَ: يركُنُ"، وقالوا: "قنَطَ يقنِطُ" و"قنِطَ يقنَطُ" ثمّ ركّبوا من اللغتين لغة ثالثة فقالوا: "قنَطَ: يقنْطُ".
وإذا كان الماضي على "فَعُلَ" جاء المستقبل على "يفعُلُ" لا ينكسر منه شيء قالوا: "ظَرُفَ يظْرُفُ"، و"كرُمَ يكرُمُ"، و"شرُفَ يشرُفُ".
وإذا كان الماضي على "فَعَلَ" وليس عينه ولا لامه حرفًا من حروف الحلق، فربّما جاء المستقبل على: "يفعِلُ" نحو: "ضرَبَ يضرِبُ" و"جلَسَ يجلِسُ" و"حبسَ يحبِسُ"، وربّما جاء المستقبل على "يفعُلُ" لا غير نحو: "ذكرَ يذْكُرُ" و"قتلَ يقتُلُ"، وربّما جاء المستقبل على "يفعِلُ ويفعُلُ" قالوا: "فسَقَ يفسُقُ" و"عَكَفَ: يعكِفُ ويعكُفُ"، و"عرَشَ: يعرِشُ ويعرُشُ"، و"طَمَسَ: يطْمِسُ ويطمُسُ"، و"سفَكَ: يسفِكُ ويسفُكُ"، وأمثلته كثيرة.
فإن كان عين الفعل أو لامه حرفًا من حروف الحلق وهي: "الهمزة، والهاء، والحاء، والعين، والخاء، والغين" فربّما جاء المستقبل على: "يفعُلُ" فقط نحو: "دخَلَ: يدخُلُ".
وربّما جاء على "يفعَلُ" نحو: "ذبَحَ يذْبَحُ" و"قرأ: يقرَأ".
وربّما جاء على "يفعِلُ ويفعَلُ" قالوا: "زأرَ: يزْئِرُ ويزأرُ".
وربّما جاء على: "يفعَلُ ويفعِلُ" قالوا: "ضَبَعَ: يضبَعُ ويضبِعُ".
وقد جاء على "يفعُلُ" نحو "دخَلَ يدخُلُ".
وقد جاء على "يفعِلُ، ويفعَلُ، ويفعُلُ"، فإذا مرّ بك فلا تستوحش منه.
فهذا أصل في الصّحيح، وأنا أحمل المعتلَّ على هذه الأمثلة إن شاء الله تعالى.
فإذا كان حرف الحلق عينًا فتح نفسه، وإذا كان لامًا فتح العين، وإذا كان فاء لم يؤثّر، وإذا لم يكن عين فعل أو لامه حرفًا حلقيًّا لم يجز فتح العين في المستقبل، وقد شذّ منه شيء قالوا: "أبى: يأبَى" قال قوم إنّما فتحه، لأنّ فاءه همزة وهي من حروف الحلق، وهذا غلط، لأنّ حروف الحلق إنّما تؤثّر إذا كانت متحرّكة عينًا أو لامًا، والهمز هاهنا في "يابَى" ساكنة وهي فاء فهي غير مؤثّرة.
وقال قوم إنّما فتح، لأنّ لامه ألف، والألف من حروف الحلق.
وهذا أيضًا قول ليس بالجيّد.
وقال قوم: إنّما فتح تشبيهًا له بنظيره وهو "منَعَ يمنَعُ"، لأنّ الإباء المنع.
وقال قوم إنّما فتح على طريق الغلط توهّموا ماضيَهُ على "فعِلَ" فجاء المستقبل على "يفعَلُ"، وهذا وجده جيّد.
وهذا حرف متّفق عليه.
وقد حكوا حروفًا أخر وهي متأوَّلَةٌ قالوا: "ركَنَ يرْكَنُ" و"قَنَطَ يقنَطُ"، وقد ذكرناهما، وقالوا: "حَنا يحْنَى" و"قلا يقْلَى" و"عَسا يعْسَى" وهذا يجوز أن يكون ماضيه على "فَعِلَ"، ويجوز أن يكون جاء من فَعَلَ على طريق الشّذوذ.
فأمّا "فَعِلَ يفعِلُ" ممّا فاؤه واو نحو: "وفِقَ أمرُه يفِقُ" و"وَرِثَ يرِثُ" و"وَمِقَ يمِقُ". وقد مضى من هذا نبذٌ فيما تقدّم.
وقد جاء: "طاحَ يطيحُ" و"تاه يتِيهُ" فمن قال: "طَوَّحْتُ" و"تَوَّهْتُ" قال أصله: "طَوِحَ يطْوِحُ" و"تَوِهَ يتْوِهُ" جاء على مثال: "حَسِبَ يحسِبُ" فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا كسرة العين إلى الفاء في: "يطْوِحُ" و"يتْوِهُ" فسكنت العين وانكسرت الفاء فصار: "يطِوْحُ" ويتِوْهُ" فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فقالوا: "يطِيحُ" و"يتِيهُ"، فهذا ما اعتلّت عينه، قد أعلَّ بإسكان متحرّك، وتحريك ساكن.
وقد حكوا فيه: "طَيَّحْتُ" و"تيَّهْتُ" و"هو أطْيَحُ منك" و"أتْيَهُ منك"، وقالوا أصل هذا: "طَيَحَ يطْيِحُ" و"تَيَهَ يتْيِهُ" فتحرّكت الياء في الماضي وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفًا، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا كسرة الياء إلى الفاء فسكنت الياء وانكسرت الفاء فقالوا: "يطِيحُ" و"يتِيهُ".
وكذلك فعلوا في: "باعَ" "يَبِيعُ" و"كال" "يكِيلُ" و"هالَ الترابَ" "يهيلُه" فأصله: "كَيَلَ يكْيِلُ"، و"بَيَعَ يبْيِعُ" و"هَيَلَ التّرابَ يهْيِلُهُ"
و"خَيَطَ يخْيِطُ "فقلبت الياء في الماضي ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّه نقل كسرة الياء إلى الفاء فسكنت وانكسر ما قبلها فقالوا: "يبِيعُ" و"يكِيلُ" و"يهِيلُ" و"يخِيطُ"؛ وإنّما أعلّوا العين في المستقبل حملاً على إعلالها في الماضي، ولتكون فاء الكلمة تابعة للعين بكونها مكسورة قبلها كما كانت تابعة لها في الماضي.
وكذلك إن كانت لامه ياء نحو: "رمَى يرْمِي" و"قَضَى يقْضِي"، وأصله: "رَمَيَ" فقلب الياء ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وقالوا في المستقبل: "يرْمِي" و"يقْضِي" فجعل العين تابعة للاّم في كونها مكسورة، وخصّوا ما كانت عينه أو لامه ياء من "فَعَلَ" بـ"يفْعِلُ" في المستقبل حتّى ينكسر [ما] قبل العين واللام في: "يبِيعُ" و"يرمِي" فتظهر الياء. ولم يجيزوا فيه: "يفعُلُ" كما جاء في الصّحيح: "عَكَفَ" "يعْكُفُ" و"يعكِفُ" لئلاّ يلتبس ذوات الياء بذوات الواو.
فأمّا: "سعى يسْعَى" فأصله: "سَعَيَ يسْعَيُ" فانقلبت الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وجاء المستقبل على: "يفعَلُ"، لأنّ عينه من حروف الحلق، وانقلبت الياء في مستقبله ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فقالوا: يسْعَى.
وإذا كانت عين: "فَعَلَ" أو لامه واوًا خصّوا مستقبله بـ"يفعُلُ" ليظهر
الواو، ويكون الفاء تابعة للعين، والعين تابعة للّام، ولم يجيزوا فيه: "يفْعِلُ" كما جاء "يعْكُفُ" و"يعكِفُ" لئلاّ يلتبس ذوات الواو بذوات الياء قالوا: "قالَ يقُولُ" و"زال يزُولُ" و"صاغَ يصُوغُ" وأصله: "قَوَلَ يقْوُلُ" و"زَوَلَ يزْوُلُ" و"صَوَغَ يصْوُغُ" فانقلبت العين في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا ضمّة العين إلى الفاء فسكنت الفاء وقبلها ضمّة، والواو إذا انضمّ ما قبلها كان أمكن لها نحو: "يقُولُ" و"يرُوعُ" و"يصُوغُ".
وكذلك إن كانت لام فعل واوًا نحو: "غزا يغْزُو" وأصله: "غَزَوَ يغْزُوُ" وانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا في المستقبل فحذفوا الضّمّة منها استثقالاً لها فيها، وصارت العين مضمومة قبل اللام في "يغْزُو" كما كانت الفاء مضمومة قبل العين في: "يَزُولُ" و"يقُولُ".
ومن قال: "محا يمْحُو" فهو مثل: "غزا يغْزُو"، ومن قال: "يمْحا" فإنّما فتح العين، لأنّها من حروف الحلق، وانقلبت الواو ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
وكذلك "شَأَ يشْأَى" الأصل فيه: "يشْؤُو" مثل "يغْزُو" إلاّ أنّهم فتحوا العين، لأنّها من حروف الحلق فانقلبت الواو ألفًا في الماضي والمستقبل لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
فأمّا: "هابَ يهابُ" و"خاف يخافُ" فأصله: "هَيِبَ يهْيَبُ" و"خَوِفَ يخْوَفُ" فانقلبت الواو والياء في الماضي ألفًا لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما، وأمّا في المستقبل فإنّهم نقلوا حركة العين إلى الفاء فسكنت العين وانفتحت الفاء فصار: "يَهَيْبُ" و"يَخَوْفُ" ثمّ أتبعوا الياء والواو الفتحة التي نقلت منهما فصارتا ألفين فقالوا: "يهابُ" و"يخافُ"، ومن الناس من يقول: راعَوا فتح ما قبلهما بعد النّقل، وحركتهما قبل النقل، فصارتا كأنّهما متحرّكتان وقبلهما فتحة، فانقلبتا ألفين.
فأمّا: "حَوِلَ" و"عَوِرَ" و"صَيِدَ البعيرُ" فإنّما صحّت لتدلّ على أنّها في
معنى ما يجب تصحيحه نحو: "احْوَلَّ" و"اعْوَرَّ" و"اصْيَدَّ"، فلمّا صحّت في الماضي وقد تحرّكت وانفتح ما قبلها صحّت في المستقبل فقالوا: "يحْوَلُ" و"يَعْوَرُ" و"يَصْيَدُ".
وأمّا "ليْسَ" فليس يخلو أن يكون أصله: "لَيَسَ"، أو "لَيِسَ"، أو "لَيُسَ". ولا يجوز أن يكون أصلها: "لَيَسَ" لأنّ المفتوح لا يُسَكَّن،
ولا يجوز أن يكون "لَيُسَ"، لأنّه ليس في الكلام: "فَعُلَ" مما عينه أو لامه ياء. فلمّا بطل أن يكون "فَعَلَ" و"فَعُلَ" ثبت أنّ أصلها: "فَعِلَ".
وإنّما جمدت ولم تتصرّف لأحد وجهين:
أحدهما أن يكون لمضارعتها لـ"ما" النافية سرى إليها منها البناء.
والثانية: أنّه ينبغي أن يكون فائدة الفعل ما دلّ عليه لفظه، فلمّا كان لفظ: "ليْسَ" ماضيًا، وهي موضوعة لنفي الحال، خالف لفظها معناها، فخالفت نظائرها من الأفعال فجمدت ولم تتصرّف.
فأمّا "دامَ يدامُ" و"مات يماتُ" فأصلها: "دَوِمَ يدْوَمُ"، "مَوِتَ يمْوَتُ"، فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلت [حركة] الواو في المستقبل إلى الفاء فسكنت وانفتح ما قبلها، ثم أتبعت الفتحة فصارت ألفًا فقالوا: "يدامُ" و"يماتُ" على مثال: "عَلِمَ يعْلَمُ" وحكوا فيهما لغة ثانية فقالوا: "دام يدُومُ"، و"مات يمُوتُ"، وأصلهما: "دَوَمَ يدْوُمُ"، و"مَوَتَ يمْوُتُ"، فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا ضمّتها في المستقبل إلى الفاء قبلها فثبتت فقالوا: "يدُومُ" و"يَمُوتُ" كما تقول: "يقُومُ ويزُولُ".
وقد ركّبوا من هاتين اللغتين لغة ثالثة فجاءوا بها على: "فَعِلَ يفعُلُ" كما قالوا في الصّحيح: "فَضِلَ يفضُلُ" قال أبو الأسود الدؤلي:
ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر ... وما مرَّ من عيشي ذكرت وما فَضِلْ
وأصلها على هذا: "دَوِمَ يدْوُمُ" و"مَوِتَ يمْوُتُ" فانقلبت الواو في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا ضمّة الواو في المستقبل إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها ضمّة فصحّت فقالوا: "يمُوتُ" و"يدُومُ"، ويقول المتكلّم على اللغة الأولى: "مِتُّ أماتُ" و"دِمْتُ أدامُ"، وعلى اللغة الثانية: "مُتُّ أمُوتُ" و"دُمْتُ أدُومُ"، وعلى اللغة المركّبة: "مِتُّ أمُوتُ"، و"دِمْتُ أدُومُ" مثل: "حَضِرْتُ أحْضُرُ".
فأمّا كاد فيستعمل على ضربين: أحدهما: من فعل المكيدة وهي الحيلة.
والثانية من فعل المقاربة.
قالوا في فعل الحيلة: "كاد زيدٌ القومَ يكِيدُهم"، والأصل: "كَيَدَ يكْيِدُ" مثل: "بَيَعَ يبْيِعُ" ثمّ قلبوا الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.
ونقلوا كسرتها إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها كسرة فصحّت فقالوا: "يَكِيدُ" كما قالوا: "يَبِيعُ".
وقالوا في المقاربة: "كاد زيدٌ يدخُلُ البلدَ يكادُ"، والأصل: "كَيِدَ يكْيَدُ" فقلبوا الياء في الماضي ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ونقلوا فتحتها في المستقبل إلى ما قبلها فسكنت، وقبلها فتحة، ثمّ أتبعوها الفتحة فصارت ألفًا فقالوا: "يكادُ".
وقد ركّبوا ماضيين على مستقبل واحد فقالوا: "كِدْتُ تكادُ" في المقاربة و [كُدْتَ تكادُ] والأصل: "كَيُدْتَ" فحذفوا فتحة الكاف، ونقلوا إليها ضمّة الياء فسكنت وقبلها ضمّة فانقلبت واوًا، ثم سقطت الواو لسكونها وسكون الدّال بعدها، وبقيت الضّمّة قبلها تدلّ عليها فقالوا: "كُدْتَ تكادُ" فهذان ماضيان وهما: "فَعُلَ" و"فَعِلَ" ومستقبلهما: "يفْعَلُ".
فأمّا "طال" الذي هو ضدُّ "قَصُرَ" فأصله: "طَوُلَ" على وزن "قَصُرَ" فانقلبت الواو ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وتقول في المستقبل: "يطُولُ"، وأصله: "يطْوُلُ" فنقلوا ضمّة الواو إلى الطّاء فسكنت الواو وقبلها ضمّة فثبتت.
فهذا إعلال بإسكان متحرّك، وتحريك ساكن.
فأمّا الصّفة المشتقّة منه فـ"طويلٌ" على وزن: "ظرِيف وكريم"، وليست باسم جار على الفعل، ونقيضُ "طويلٍ": "قصير"، واسمه الجاري عليه: "طائلٌ".
فإن بنيت اسم الفاعل من "باعَ" و"خاف" و"قام" و"نام" و"هاب" أدخلت ألفًا قبل هذه الألف فاجتمع ألفان فلم يخل أن تجمع بينهما، أو تسقطهما، أو تسقط أحدهما، أو تحرّك أحدهما.
والجمع بين ألفين محال، لأنّ كل واحد منهما قد دخل لمعنى وإسقاطه يخلُّ بالمعنى الذي دخل من أجله.
ولا يجوز إسقاط أحدهما لئلا يلتبس الاسم بالفعل.
ولا بدّ من تحريك أحدهما، ولا يجوز تحريك الأوّل، لأنّه زائد لا حظّ له في الحركة، وإنّما زيد ليفصل بين الاسم والفعل، فوجب أن تحرَّك الألف الثانية التي انقلبت عن عين الكلمة، وسواء انقلبت عن ياء أو واو، وإذا حرّكت الألف انقلبت همزة، وكسرت فقلت: "قائمٌ" و"بائعٌ" و"خائفٌ" و"نائمٌ" و"طائلٌ" و"هائِرٌ" و"قائلٌ" و"عائدٌ" وأمثلته كثيرة.
فأمّا: "طالَ" من قولهم" "طاوَلَني فطُلْتُهُ" أي زدت عليه في الطُّول كما تقول: "كاثَرَني وكثَرْتُهُ" أي زيدت عليه في الكثرة، وأصلها: "فَعَلْتُ" يدلُّك على ذلك تعديتها إلى المفعول في قولك: "طُلْتُه".
فأمّا: "طُلْتُ" التي ضدُّ: "قَصُرْتُ" فأصلها: "طَوُلْتُ" على وزن: "فَعُلْتُ"، يدلّك على ذلك أنّها لا تتعدّى إلى مفعول، كما لا تتعدّى "قَصُرْتُ".
وإنّما اعتلّ اسم الفاعل من: "فَعِلَ" و"فَعَلَ" و"فَعُلَ" في نحو: "هائبٍ"
و"بائع" و"طائل"، لأنّ فعله مُعَلٌّ فصار على وزن "ضارِب وقائل".
وقد ذكرت إعلال المفعول منه في نحو: "مَصُوغٍ ومكِيلٍ"، ولست أحتاج إلى إعادته.
فأمّا: "عَوِرَ" و"حَوِلَ" و"صَيِدَ" فإنّ اسم الفاعل منها يصحُّ كما صحّ فعله، تقول في الماضي: "حَوِلَ" و"عَوِرَ" و"صَيِدَ"، وفي المستقبل: "يحْوَلُّ" و"يعْوَرُّ" و"يصْيَدُّ" وفي اسم الفاعل: "حاوِلٌ" و"عاوِرٌ" و"صايِدٌ" غير مهموز. تصحُّ الياء والواو، ولو بنيته للمفعول لقلت: "حُوِلَ" و"عُوِرَ" و"صُيِدَ" في هذا المكان "يُحْوَلُّ" و"يُعْوَرُّ" و"يُصْيَدُّ".
فإن بنيت من" قال" و"باعَ" و"خاف" و"هاب" الفعل للمفعول ففيه ثلاثة مذاهب:
أجودها: "قِيلَ" و"بِيعَ" و"خِيفَ" و"هِيبَ" بكسر الفاء، وأفصح
القراءات: (وإذا قِيلَ لهم) [البقرة: 11] بكسر القاف، وكذلك (طِيبَ) [النساء: 3] و (حِيلَ) [سبأ: 54] و (سِيقَ) [الزمر: 71] و (جِيءَ) [الزمر: 69].
الوجه الثاني:
أن تشير إلى الضم ليدل على الأصل نحو:
(قُيْلَ) و (حُيْلَ) و (سُيْقَ) و (جُيءَ).
والوجه الثالث:
أن تضمّ الفاء ضمًّا خالصًا فتصير العين واوًا خالصة سواء كان أصلها واوًا أو ياء نحو: "قُولَ" و"هُوبَ" و"خُوفَ".
والأصل في هذا كله: "قُوِلَ" و"بُيِعَ" فاستثقلوا الكسرة في الياء والواو، فأسقطوا الضّمّة من الفاء، فلمّا سكنت الفاء نقلوا إليها كسرة الياء والواو. فإن كانت ياء صحّت لسكونها وانكسار ما قبلها نحو: "بِيْعَ" و"هِيْبَ"، وإن كانت واوًا انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها نحو: "قِيلَ" و"خِيفَ" و"قِيمَ في هذا المكان" و"صِيغَ الخاتمُ" و (سيئت وجوه الذين كفروا) [الملك: 27].
ومن أشار إلى ضمّة الفاء فإنّما أراد الدّلالة على الأصل.
فأمّا اللغة الثالثة: وهي: "قُولَ" و"بُوعَ الثوب" و"هُول التّراب" و"كُولَ الطعامُ" فلمّا كان الأصل فيه: "كُيِلَ" و"خُوِفَ" و"قُوِلَ" استثقلوا الكسرة في الياء والواو فأسقطوها. فإن كانت واوًا ثبتت لسكونها وانضمام ما قبلها نحو: "قُولَ" و"خُوفَ"، وإن كانت ياء انقلبت لسكونها وانضمام ما قبلها نحو "بُوعَ" و"هُوبَ" قال الشاعر:
وابتذلت غضبى وأمَّ الرِّحالْ ... وقُول لا أهلٌ له ولا مالْ
فأمّا المستقبل فنحو: "يُقالُ" و"يُباعُ" و"يُخافُ" و"يُهابُ" تنقلب الواو والياء ألفًا. والأصل فيه: "يُقْوَلُ" و"يُهْيَبُ" و"يُخْوَفُ"، فنقلوا فتحة الواو والياء إلى ما قبلهما فسكنتا، وانفتح ما قبلهما، ثمّ أتبعوهما الفتحة فصارتا
ألفًا، لأنّه ثقل فقُلِب، وإنّما نقلوا فتحتهما إلى ما قبلهما ليتبعوا بها الفتح في نحو: "يُباعُ" و"يُخافُ".
وقد قالوا: رُوعِيت حركتهما قبل النقل، وفتحة ما قبلهما بعد النّقل فصارتا كأنّهما متحرّكتان وقبلهما فتحة، فانقلبتا ألفًا.
وقال بعض النحويين: لمّا كنت متمكّنًا بتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما من قلبهما إلى الألف قلبتهما ألفًا؛ لأنّ الألف ساكنة تستحيل حركتها، وهي أسهل في اللفظ من الياء والواو سكنتا أو تحرّكتا.
وكذلك إذا كانت عين الفعل ولامه من جنس واحد نحو: "ردَّ يرُدُّ" و"عَضَّ يعَضُّ" و"فَرَّ يفِرُّ" والأصل: "رَدَدَ" و"عَضِضَ" و"فَرَرَ" فثقل عليهم تكرير المثلين، لأنّ اللسان يتناول الحرف من مكانه ثم يعود إلى المكان لتناول الثاني فيصير كمشي المقيَّد يمشي ولا يبرح من مكانه، فلمّا
ثقل عليهم أسقطوا حركة الأوّل، فلمّا سكن أدغموه في الثاني فقالوا: "ردَّ" و"عَضَّ" و"فَرَّ".
فإذا صاروا إلى المستقبل فالأصل فيه: "يعْضَضُ" و"يَرْدُدُ" و"يَفْرِرُ"، فلمّا ثقل عليهم توالي المثلين نقلوا حركة الأوّل إلى السّاكن الذي قبله فتحرّك السّاكن بالحركة المنقولة إليه، وسكن المثل الأوّل، وأدغم في الثاني.
فالضمّة في الراء من "يرُدُّ" هي المنقولة إليها من الدّال، والفتحة في العين هي المنقولة إليها من الضّاد، والكسرة في الفاء من "يفِرُّ" هي المنقولة إليها من الرّاء.
فإذا سكن المثل الثاني لوقف أو جزم جاز في المضموم الأوّل أن يحرَّك الساكن الأخير بثلاث حركات: تقول: "رُدُّ" و"رُدَّ" و"رُدِّ".
فمن ضمَّ الدّال أتبعها ضمّة الراء، ولم يحفل بالسّاكن بينهما، لأنّ السّاكن حاجزٌ غير حصين.
ومن فتح الدّال فإنه طلب التخفيف لثقل التضعيف.
ومن كسر الدّال فإنّه كسر على الأصل في حركة التقاء الساكنين.
إذا قال عضَّ جاز في الضّاد الفتح والكسر: "عضِّ" و"عَضَّ"، فمن كسر فعلى الأصل في حركة التقاء الساكنين.
والفتح في الضّاد من وجهين:
أحدهما: طلبًا للتّخفيف.
والثّاني: إتباعًا لحركة العين.
فأمّا: "فِرَّ" فيجوز فيه فتح الرّاء، وكسرها، فمن فتح الرّاء فإنّه طلب التّخفيف.
ومن كسر الرّاء فمن وجهين:
أحدهما: إتباعًا لكسرة الفاء.
والثاني: على الأصل في حركة التقاء السّاكنين.
هذه مذاهب بني تميم.