البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط
لن يكون البدء إطنابا في البيداغوجيا الفارقية، بقدر ما سيكون رَمُّوزًا لمنبعها ولأهميتها في التربية والتعليم. ذلك أن الفروق الفردية تنبع من طبيعة الاختلاف الذي أوجده الله تعالى في البشر، ونوعه في الطاقة والتحمل والاستيعاب والقدرات التحصيلية والأدائية والتواصلية للفرد، وهو اختلاف طبيعي و مكتسب في آن واحد؛ فالطبيعي يعود إلى طبيعة وبنية الفرد البيولوجية، وفسيولوجية هذه الطبيعة وتلك البنية، ومدى إمكاناتها الطبيعية في أداء وظيفتها على الوجه الأكمل. في حين المكتسب من الفروق الفردية يعود إلى التنشئة الاجتماعية والثقافية والحالة المادية والمعنوية للفرد كما للمجتمع والأسرة، ولست في حاجة إلى تعداد نماذج من هذه الفروق، فيكفي مثلا أن الفرد الذي يعيش في أسرة ميسورة ومثقفة ومنفتحة على محيطها الاجتماعي... غير الفرد الذي يعيش في أسرة على نقيض الأولى، فتم فروق فردية تظهر في مستوى التواصل وطريقة التفكير وتمثل العالم الداخلي للفرد و العالم الخارجي عنه.
ومنه الفروق الفردية طبيعية في التربية والتعليم، بل تم استحضارها مع نظريات التربية الحديثة، وأصبحت جزءا من الأداء الصفي لا يمكن الاستغناء عنها في تحصيل جودته، كما أنها مكون من مكونات نظريات علم النفس المعرفي. ومفهوم من مفاهيم التدريس بالكفايات حاضر بقوة فيها. لهذا كان من الضروري التعاطي مع هذه البيداغوجيا نظريا وتطبيقيا في التكوين الأساس للأستاذ، حيث نلمس الفروق الفردية في جماعة القسم بكل وضوح عندما ندرس، فهذا يكتسب المعرفة والقيم والسلوكات والأداءات بوثيرة أسرع أو إيقاع تعلمي أسرع من الآخر، وذاك يبدي رغبة إلى تعلم مادة بعينها مقابل نفور الآخر منها؛ وبالتالي حتى نحقق تعلما متوازنا يراعي كل فرد على حدة أو على الأقل يراعي مجموعة أفراد على حدة لابد من أن نوظف في أدائنا البيداغوجيا الفارقية. وعليه فإن أهمية هذه البيداغوجيا تنبع من مراعاتها لقدرات وكفاءات كل متعلم على حدة وتسير وفق حالته الفردية، فهي بمفهوم آخر متقدم عبارة عن تربية وتعليم تفريدي يستحضر الفرد كتميز داخل الجماعة يتكامل معها بخصوصياته البيولوجية والفسيولوجية والأدائية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية والعقائدية..
ويعبر عن الفروق الفردية بأنها ( الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة، فهي بهذا المعنى مقياس علمي لمدى الاختلاف القائم بين الناس في صفة مشتركة وهكذا يعتمد مفهوم الفكرة على مفهومي التشابه والاختلاف، والتشابه النوعي في وجود الصفة والاختلاف الكمي في درجات ومستويات هذه الوجود ) ويعبر عنها إحصائيا بالـبعد عن المتوسط الحسابي (- X X ) سواء في الاتجاه الموجب أو في الاتجاه السالب كما سنرى لاحقا. وهي فروق فردية يجب التعاطي معها من منطلق الأسس التالية:
( 1 ـ النظر إلى الفروق الفردية بين الناشئين على أساس كونها أمرا طبيعيا، وهي تشمل جميع نواحي الشخصية. فكما يلاحظ اختلاف الأفراد في الوزن والطول، والنضارة والشحوب، والسمنة والنحافة، فيجب ألا يستغرب الآباء والمربون وجود الفروق الفردية في الذكاء وغيره من الاستعدادات العقلية، وفي الميول والهوايات، وفي السمات المزاجية كالانطواء والانبساط، والانفعال والرصانة، ونحو ذلك.
2 ـ تتصف بعض الفروق الفردية بالصفات الوراثية، وبعضها يتأثر بتأثير البيئة والظروف الاجتماعية المحيطة بالفرد، ونوع التربية التي يتلقاها، وإذا كان من الصعب التحكم في العوامل الوراثية ـ العوامل الوراثية لم تعد مع علم الوراثة مشكلة ـ فإنه يمكن التحكم في العوامل المكتسبة بإخضاعها للتغيير والتعديل. وهو ما يحمل الآباء والمربين حسن والرعاية بالناشئين كل حسب مستواه وقدراته وميوله واتجاهاته، قدر الإمكان، وبما يساعده على استكمال نمو شخصيته المتكاملة الجوانب.
3 ـ إن وجود الفروق الفردية من الخصائص البشرية الهامة التي جعلها الله عز وجل وسيلة بناءة لتنويع وتطوير الحياة وتقدمها واستمرارها، فالحياة لا تستقيم إذا كان حظ الناس أجمعين واحدا من حيث درجة الذكاء والقدرات والميول والمواهب والهوايات والمزاج والعواطف، وغيرها. ولابد من مراعاة الفروق الفردية وحسن تنميتها وتكاملها مهما كان مستواها وتوظيفها لخير الفرد والجماعة وبما يحقق لهما الأهداف والغايات المشتركة في الحياة.
4 ـ من أهم واجبات الآباء والمربين التعرف على الفروق الفردية لدى أبنائهم واكتشافها أثناء التعليم واللعب والنشاط الترويحي، وتمكينهم من تنميتها وصقلها حتى يحققوا أقصى قدر ممكن من الجودة والإتقان والإبداع.
5 ـ لابد من تحديد طبيعة الفروق الفردية، والعوامل المؤثرة فيها وراية كانت أم مكتسبة، وكيفية قياسها بغية مراعاة قدرات وإمكانيات واستعدادات الأفراد المتنوعة في البرامج ومناهج التعليم والتربية )
تعريف البيداغوجيا الفارقية:
هناك عديد من التعاريف الاصطلاحية لهذه البيداغوجيا نورد منها مثلا لا حصرا:
1 ـ " إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التعليم متكيفا مع الفروق الفردية بين المتعلمين قصد جعلهم يتحكمون في الأهداف المتوخاة " وهذا التعريف هو تقني يركز على الإجراءات والعمليات، وبذلك ضيق مساحة تحركه وحصرها فيما إجرائي.
2 ـ " البيداغوجيا الفارقية هي بيداغوجيا المسارات تسمح بإطار مرن؛ حيث التعلمات متنوعة وواضحة وبائنة من أجل أن يكتسب المتعلمون/التلاميذ المعرفة أو المعرفة الفعل وفق مساراتهم الخاصة " وهذا التعريف هو أكثر توسعا وشمولية من الأول، حيث تعلق بالمسار التعلمي الفردي للمتعلم المبني على معطيات ذاتية وخارجية وعلى المتغيرات الفردانية، كما يقوم حيثيات التعلمات التي تقوم بدورها على المعرفة ومعرفة الفعل بما فيها التقنيات.
وهي بهذا التعريف حسب هالينة برزمسكي يمكن أن تتحدد كـ:
" ـ بيداغوجيا فردانية تعترف بالتلميذ شخصا له تمثلاته وتصوراته الخاصة بالوضعية التعلمية/التكوينية.
ـ بيداغوجيا متنوعة تطرح مسارات تعلمية تستحضر خصوصيات كل متعلم، تتنافى بهذا الاستحضار مع قولة التوحيد وتماهي الكل في أداء العمل بنفس الإيقاع والوثيرة، وفي نفس المدة الزمانية، وبنفس الطريقة والنهج...
ـ بيداغوجيا مجددة لشروط التعلم/التكوين؛ لفتحها أقصى أبواب ومنافذ لأقصى عدد من المتعلمين/ التلاميذ "
ويمكن طرح تعريف إجرائي للبيداغوجيا الفارقية على الشكل التالي:
( البيداغوجيا الفارقية هي البيداغوجيا التي تهتم بالفروق الفردية ضمن سيرورة التعلم وتعمل على تحقيق التعلم حسب تلك الفروق بمعنى أنها تغطي المتوسط الحسابي والبعد عنه في الاتجاه الموجب والاتجاه السالب ).
وهي وفق هذا التعريف تقوم على:
ـ الفروق الفردية المتنوعة التي تمس شخصية المتعلم.
ـ سيرورة التعلم.
ـ تحقق التعلم عند المتعلم حسب معطياته الفردية.
ـ تغطي ثلاث فئات على الأقل هي فئة المتوسط الحسابي، وفئة البعد عن المتوسط الحسابي الموجب، فئة البعد عن المتوسط الحساب السالب.
3 ـ " مقاربة تربوية تكون فيها الأنشطة التعليمية وإيقاعاتها مبنية على أساس الفروق والاختلافات التي قد يبرزها المتعلمون/المتعلمات في وضعية التعلم. وقد تكون هذه الفروق معرفية أو وجدانية أو سوسيو ـ ثقافية وبذلك فهي بيداغوجيا تشكل إطارا تربويا مرنا وقابلا للتغيير حسب خصوصيات المتعلمين والمتعلمات ومواصفاتهم " ، وهذا التعريف مستقى من هالينة برزمسكي.
أنواع البيداغوجيا القائمة على الفروق والاختلاف:
يميز التربويون بين ثلاثة أنواع من البيداغوجيا التي تقوم على الاختلاف والفروق الموجودة بين المتعلمين والمتعلمات كالتالي:
( * البيداغوجيا التنويعية pédagogie variée :
وهي التي تستعمل فيها طرائق وتقنيات تتنوع حسب عنصر الزمان؛ أي أنها تعتمد على أنشطة تتنوع من فترة إلى أخرى ومن حصة إلى أخرى. وتبعا لهذه المقاربة، فإن الدرس< أ > أو الهدف التربوي < أ > يقدم باعتماد تقنية ما، ثم يقدم بعد ذلك، الدرس < ب > أو الهدف التربوي < ب > بتقنية أخرى، وهكذا..
• بيداغوجيا المداخل المتعددة pédagogie diversifiée:
وهي المقاربة التي يقدم فيها نفس الدرس ويحقق نفس الهدف التربوي باستعمال تقنيات مختلفة بكيفية متزامنة < الصورة، اللغة، والحركة إلخ.. >.
• البيداغوجيا الفارقية pédagogie différenciée:
وهي المقاربة التي تشمل، بالإضافة إلى الممارستين الأوليين، على التنويع في محتويات التعلم؛ أي أن هذه البيداغوجيا لا تحاول فقط التنويع في التقنيات والوسائل عبر الزمان أو لتحقيق الهدف نفسه في وقت واحد، وإنما تسعى كذلـك إلـى تـنـويـع محتويات التعلم داخل الصف، ومن ثمة فإنها مقاربة تعتمد على التنويع في الطرائق وفي المحتوى معا ) .
منطلقات البيداغوجيا الفارقية:
تنطلق البيداغوجيا الفارقية من الفروق الفردية الذاتية الطبيعية والمكتسبة، مثل:
ـ الفروق الفردية الذاتية الطبيعية البيولوجية والفسيولوجية كالبنية الجسمية وخصائصها ووظيفتها، حيث يتأثر تعلم المتعلم بشكل وخصائص ووظائف بنيته الجسمية، فعلى سبيل المثال تلعب سلامة البنية الجسمية والعقلية دورا هاما في التعلم؛ في مقابل إعاقتها التعلم عندما تكون غير سليمة بمعنى مريضة، ولعل ذوي الحاجات الخاصة دليل على دور البنية الجسمية والعقلية في التعلم..
ـ الفروق الفردية الذاتية المكتسبة من ثقافة وأنماط التنشئة الاجتماعية، والوضع الاقتصادي والمركز الاجتماعي، وطبيعة المحيط الأسري والاجتماعي.. لها دور هام في البيداغوجيا الفارقية من حيث أنها عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر في التعلم، وتضفي التمايزات على المتعلمين..
ـ الفروق الفردية المعرفية الناتجة عن اختلاف المتعلمين في اكتساب المعرفة التي تنتجها المؤسسة التعليمية، وتمثلاتهم لهذه المعرفة، وطريقة اكتسابهم لها، وسترجاتهم في ذلك، وطريقة استحضارها والتعامل معها وتوظيفها..
لن يكون البدء إطنابا في البيداغوجيا الفارقية، بقدر ما سيكون رَمُّوزًا لمنبعها ولأهميتها في التربية والتعليم. ذلك أن الفروق الفردية تنبع من طبيعة الاختلاف الذي أوجده الله تعالى في البشر، ونوعه في الطاقة والتحمل والاستيعاب والقدرات التحصيلية والأدائية والتواصلية للفرد، وهو اختلاف طبيعي و مكتسب في آن واحد؛ فالطبيعي يعود إلى طبيعة وبنية الفرد البيولوجية، وفسيولوجية هذه الطبيعة وتلك البنية، ومدى إمكاناتها الطبيعية في أداء وظيفتها على الوجه الأكمل. في حين المكتسب من الفروق الفردية يعود إلى التنشئة الاجتماعية والثقافية والحالة المادية والمعنوية للفرد كما للمجتمع والأسرة، ولست في حاجة إلى تعداد نماذج من هذه الفروق، فيكفي مثلا أن الفرد الذي يعيش في أسرة ميسورة ومثقفة ومنفتحة على محيطها الاجتماعي... غير الفرد الذي يعيش في أسرة على نقيض الأولى، فتم فروق فردية تظهر في مستوى التواصل وطريقة التفكير وتمثل العالم الداخلي للفرد و العالم الخارجي عنه.
ومنه الفروق الفردية طبيعية في التربية والتعليم، بل تم استحضارها مع نظريات التربية الحديثة، وأصبحت جزءا من الأداء الصفي لا يمكن الاستغناء عنها في تحصيل جودته، كما أنها مكون من مكونات نظريات علم النفس المعرفي. ومفهوم من مفاهيم التدريس بالكفايات حاضر بقوة فيها. لهذا كان من الضروري التعاطي مع هذه البيداغوجيا نظريا وتطبيقيا في التكوين الأساس للأستاذ، حيث نلمس الفروق الفردية في جماعة القسم بكل وضوح عندما ندرس، فهذا يكتسب المعرفة والقيم والسلوكات والأداءات بوثيرة أسرع أو إيقاع تعلمي أسرع من الآخر، وذاك يبدي رغبة إلى تعلم مادة بعينها مقابل نفور الآخر منها؛ وبالتالي حتى نحقق تعلما متوازنا يراعي كل فرد على حدة أو على الأقل يراعي مجموعة أفراد على حدة لابد من أن نوظف في أدائنا البيداغوجيا الفارقية. وعليه فإن أهمية هذه البيداغوجيا تنبع من مراعاتها لقدرات وكفاءات كل متعلم على حدة وتسير وفق حالته الفردية، فهي بمفهوم آخر متقدم عبارة عن تربية وتعليم تفريدي يستحضر الفرد كتميز داخل الجماعة يتكامل معها بخصوصياته البيولوجية والفسيولوجية والأدائية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية والعقائدية..
ويعبر عن الفروق الفردية بأنها ( الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة، فهي بهذا المعنى مقياس علمي لمدى الاختلاف القائم بين الناس في صفة مشتركة وهكذا يعتمد مفهوم الفكرة على مفهومي التشابه والاختلاف، والتشابه النوعي في وجود الصفة والاختلاف الكمي في درجات ومستويات هذه الوجود ) ويعبر عنها إحصائيا بالـبعد عن المتوسط الحسابي (- X X ) سواء في الاتجاه الموجب أو في الاتجاه السالب كما سنرى لاحقا. وهي فروق فردية يجب التعاطي معها من منطلق الأسس التالية:
( 1 ـ النظر إلى الفروق الفردية بين الناشئين على أساس كونها أمرا طبيعيا، وهي تشمل جميع نواحي الشخصية. فكما يلاحظ اختلاف الأفراد في الوزن والطول، والنضارة والشحوب، والسمنة والنحافة، فيجب ألا يستغرب الآباء والمربون وجود الفروق الفردية في الذكاء وغيره من الاستعدادات العقلية، وفي الميول والهوايات، وفي السمات المزاجية كالانطواء والانبساط، والانفعال والرصانة، ونحو ذلك.
2 ـ تتصف بعض الفروق الفردية بالصفات الوراثية، وبعضها يتأثر بتأثير البيئة والظروف الاجتماعية المحيطة بالفرد، ونوع التربية التي يتلقاها، وإذا كان من الصعب التحكم في العوامل الوراثية ـ العوامل الوراثية لم تعد مع علم الوراثة مشكلة ـ فإنه يمكن التحكم في العوامل المكتسبة بإخضاعها للتغيير والتعديل. وهو ما يحمل الآباء والمربين حسن والرعاية بالناشئين كل حسب مستواه وقدراته وميوله واتجاهاته، قدر الإمكان، وبما يساعده على استكمال نمو شخصيته المتكاملة الجوانب.
3 ـ إن وجود الفروق الفردية من الخصائص البشرية الهامة التي جعلها الله عز وجل وسيلة بناءة لتنويع وتطوير الحياة وتقدمها واستمرارها، فالحياة لا تستقيم إذا كان حظ الناس أجمعين واحدا من حيث درجة الذكاء والقدرات والميول والمواهب والهوايات والمزاج والعواطف، وغيرها. ولابد من مراعاة الفروق الفردية وحسن تنميتها وتكاملها مهما كان مستواها وتوظيفها لخير الفرد والجماعة وبما يحقق لهما الأهداف والغايات المشتركة في الحياة.
4 ـ من أهم واجبات الآباء والمربين التعرف على الفروق الفردية لدى أبنائهم واكتشافها أثناء التعليم واللعب والنشاط الترويحي، وتمكينهم من تنميتها وصقلها حتى يحققوا أقصى قدر ممكن من الجودة والإتقان والإبداع.
5 ـ لابد من تحديد طبيعة الفروق الفردية، والعوامل المؤثرة فيها وراية كانت أم مكتسبة، وكيفية قياسها بغية مراعاة قدرات وإمكانيات واستعدادات الأفراد المتنوعة في البرامج ومناهج التعليم والتربية )
تعريف البيداغوجيا الفارقية:
هناك عديد من التعاريف الاصطلاحية لهذه البيداغوجيا نورد منها مثلا لا حصرا:
1 ـ " إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التعليم متكيفا مع الفروق الفردية بين المتعلمين قصد جعلهم يتحكمون في الأهداف المتوخاة " وهذا التعريف هو تقني يركز على الإجراءات والعمليات، وبذلك ضيق مساحة تحركه وحصرها فيما إجرائي.
2 ـ " البيداغوجيا الفارقية هي بيداغوجيا المسارات تسمح بإطار مرن؛ حيث التعلمات متنوعة وواضحة وبائنة من أجل أن يكتسب المتعلمون/التلاميذ المعرفة أو المعرفة الفعل وفق مساراتهم الخاصة " وهذا التعريف هو أكثر توسعا وشمولية من الأول، حيث تعلق بالمسار التعلمي الفردي للمتعلم المبني على معطيات ذاتية وخارجية وعلى المتغيرات الفردانية، كما يقوم حيثيات التعلمات التي تقوم بدورها على المعرفة ومعرفة الفعل بما فيها التقنيات.
وهي بهذا التعريف حسب هالينة برزمسكي يمكن أن تتحدد كـ:
" ـ بيداغوجيا فردانية تعترف بالتلميذ شخصا له تمثلاته وتصوراته الخاصة بالوضعية التعلمية/التكوينية.
ـ بيداغوجيا متنوعة تطرح مسارات تعلمية تستحضر خصوصيات كل متعلم، تتنافى بهذا الاستحضار مع قولة التوحيد وتماهي الكل في أداء العمل بنفس الإيقاع والوثيرة، وفي نفس المدة الزمانية، وبنفس الطريقة والنهج...
ـ بيداغوجيا مجددة لشروط التعلم/التكوين؛ لفتحها أقصى أبواب ومنافذ لأقصى عدد من المتعلمين/ التلاميذ "
ويمكن طرح تعريف إجرائي للبيداغوجيا الفارقية على الشكل التالي:
( البيداغوجيا الفارقية هي البيداغوجيا التي تهتم بالفروق الفردية ضمن سيرورة التعلم وتعمل على تحقيق التعلم حسب تلك الفروق بمعنى أنها تغطي المتوسط الحسابي والبعد عنه في الاتجاه الموجب والاتجاه السالب ).
وهي وفق هذا التعريف تقوم على:
ـ الفروق الفردية المتنوعة التي تمس شخصية المتعلم.
ـ سيرورة التعلم.
ـ تحقق التعلم عند المتعلم حسب معطياته الفردية.
ـ تغطي ثلاث فئات على الأقل هي فئة المتوسط الحسابي، وفئة البعد عن المتوسط الحسابي الموجب، فئة البعد عن المتوسط الحساب السالب.
3 ـ " مقاربة تربوية تكون فيها الأنشطة التعليمية وإيقاعاتها مبنية على أساس الفروق والاختلافات التي قد يبرزها المتعلمون/المتعلمات في وضعية التعلم. وقد تكون هذه الفروق معرفية أو وجدانية أو سوسيو ـ ثقافية وبذلك فهي بيداغوجيا تشكل إطارا تربويا مرنا وقابلا للتغيير حسب خصوصيات المتعلمين والمتعلمات ومواصفاتهم " ، وهذا التعريف مستقى من هالينة برزمسكي.
أنواع البيداغوجيا القائمة على الفروق والاختلاف:
يميز التربويون بين ثلاثة أنواع من البيداغوجيا التي تقوم على الاختلاف والفروق الموجودة بين المتعلمين والمتعلمات كالتالي:
( * البيداغوجيا التنويعية pédagogie variée :
وهي التي تستعمل فيها طرائق وتقنيات تتنوع حسب عنصر الزمان؛ أي أنها تعتمد على أنشطة تتنوع من فترة إلى أخرى ومن حصة إلى أخرى. وتبعا لهذه المقاربة، فإن الدرس< أ > أو الهدف التربوي < أ > يقدم باعتماد تقنية ما، ثم يقدم بعد ذلك، الدرس < ب > أو الهدف التربوي < ب > بتقنية أخرى، وهكذا..
• بيداغوجيا المداخل المتعددة pédagogie diversifiée:
وهي المقاربة التي يقدم فيها نفس الدرس ويحقق نفس الهدف التربوي باستعمال تقنيات مختلفة بكيفية متزامنة < الصورة، اللغة، والحركة إلخ.. >.
• البيداغوجيا الفارقية pédagogie différenciée:
وهي المقاربة التي تشمل، بالإضافة إلى الممارستين الأوليين، على التنويع في محتويات التعلم؛ أي أن هذه البيداغوجيا لا تحاول فقط التنويع في التقنيات والوسائل عبر الزمان أو لتحقيق الهدف نفسه في وقت واحد، وإنما تسعى كذلـك إلـى تـنـويـع محتويات التعلم داخل الصف، ومن ثمة فإنها مقاربة تعتمد على التنويع في الطرائق وفي المحتوى معا ) .
منطلقات البيداغوجيا الفارقية:
تنطلق البيداغوجيا الفارقية من الفروق الفردية الذاتية الطبيعية والمكتسبة، مثل:
ـ الفروق الفردية الذاتية الطبيعية البيولوجية والفسيولوجية كالبنية الجسمية وخصائصها ووظيفتها، حيث يتأثر تعلم المتعلم بشكل وخصائص ووظائف بنيته الجسمية، فعلى سبيل المثال تلعب سلامة البنية الجسمية والعقلية دورا هاما في التعلم؛ في مقابل إعاقتها التعلم عندما تكون غير سليمة بمعنى مريضة، ولعل ذوي الحاجات الخاصة دليل على دور البنية الجسمية والعقلية في التعلم..
ـ الفروق الفردية الذاتية المكتسبة من ثقافة وأنماط التنشئة الاجتماعية، والوضع الاقتصادي والمركز الاجتماعي، وطبيعة المحيط الأسري والاجتماعي.. لها دور هام في البيداغوجيا الفارقية من حيث أنها عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر في التعلم، وتضفي التمايزات على المتعلمين..
ـ الفروق الفردية المعرفية الناتجة عن اختلاف المتعلمين في اكتساب المعرفة التي تنتجها المؤسسة التعليمية، وتمثلاتهم لهذه المعرفة، وطريقة اكتسابهم لها، وسترجاتهم في ذلك، وطريقة استحضارها والتعامل معها وتوظيفها..