أسمعُ الكَثيرَ ممن يتحدّثُ عنِ الكيدِ
ويخصُّ حَديثَهُ عن (كيدِ النّساءِ).
بل ويُقارِنُ كيدَ النّساءِ العظِيمِ، بكيدِ الشّيطَانِ الضّعِيفِ
ويستشهِدُ بآياتٍ منَ القُرآنِ .
(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) _ يوسف (28)
(إنّ كيدّ الشّيطان كان ضعيفا) _ النساء(76)
فـَ في الآيةِ الأولى يقُولُ اللهُ تبَاركَ وتعَالى، عَلى لِسَانِ عزيزَ مِصر.
إنَّ كيدكُنَّ عظيم، فـَ حرفُ الكَافِ المُخَاطَبةِ هُنا
خصَّ النِّسوةَ الحاضِراتِ، ولم ْيكُن تعْمِيمًا
أيْ لم يذْكُر (هاء) الغائِب
وقيلَ فِيمَا يخُصُّ الفرقَ بينَ الكيديينِ
أنَّ كيدَ النِّساءِ عظِيمٌ لأنّهُ واضِحٌ للعيّانِ وبـِ المواجهةِ
وكيدُ الشّيطانِ، بالوسْوسةِ والخفاءِ
طيب ...
ما هوَ الكيد؟
بِتعريفِنا للكيدِ تعْريفًا بسيطًا، هُوَ حِيلةٌ لمضرَّةِ الغيرِ معَ إظهَارِ أنَّ نيّتنَا مصْلحتهُ.
كمَا أنَّ للكيدِ معَانٍ أُخرى ...
كيد الخلق: وهو التّحَايُل وخِلافهُ منَ المكرِ
وكيدُ الخَالِقِ: ألا وهو التّدبُرِ والمجازاة حسب أعمال النّاس
..
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)الأعراف:183، القلم:45
الإملاء: هو الإمهال، فقد أمهلَ الله الكفرةِ وأمدّهم بالمالِ والجّاه
فهذا كيد الخالقِ، ليظنّوا أنفسهم أنّهم المنتصرين
وهو إمهالٌ أيضا ليرجعوا ويتوبوا إلى الله، فالله لا يظلم
(لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس:44)
وكيد الله متين، أي قوي وشديد
بحكمته وعدم تفويتهِ لأي أمرٍ مهما صغُر
قوله تعالى: (إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا) الطارق
ثم أتبعها بـ
(( فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))
يريدون بعنادهم وكيدهم للإسلام أن يطفئوا نور الله
ولكن كيد الله كان بأن أمهلهم وأمدّهم بالمال والسلطان
وهو ما يقابل المكر من وجه آخر
ومكروا ومكرَ الله ...
لا أريد التشعّب فللموضوعِ تشعبا كثيرا
وبرجوعنا للكيد، فإن الكيد عام وليس خاص
فعندما أكيد لشخصٍ وأحتال عليه بطرقة أو بأخرى بقصد النصب أو خلافه، فهذا كيد
وإن كنت أطمح لكسب معركة، فأعمل بالكيد لكسب الحرب
بل أنّ الحرب نفسه يُعرّف بالكيد
ولا يمكن لتعظيم الكيد أن يخصّ النساء دون الغير
فكما أسلفتُ، أنّ فئة معيّنة قال عنهن عزيز مصر
أن كيدهن عظيم
فلم يكن ذلك بمثابة تشريع من الله وما إلى ذلك، بأن كيد النساء كافة عظيم
..
صحيح إن استعملت النساء مفاتنهن وقولهنّ اللين
لمآربهن، يُعتبر كيدا
وأنّ الشيطان وهن كيده، بأنّه وسوسة في الخيالاتِ
وبكلمة استعاذة نُبعدهُ
ولكن يبقى قلب المؤمن متساوي في جميع حالات الكيد
فلا يقع بمعصية من كيد امرأةٍ، ولا بكيدِ شيطان
..
الموضوع طويل جدا، ويدخل في الكيد والخداع والمكر و ...
،،
لن أذكر هنا أن كيد أخوة يوسف كان ظلما وحسدا
وكيد النسوة كان بدافع العشق والحب
بل سأقول ...
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) الأعراف: ...189
وهذا تنبيه أنّ الله تعالى خلق جميع الناس من آدم (عليه السلام) وخلق منه زوجه
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدةوخلق منهازوجها) النساء : 1
،
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة (الروم : 21
..
النفس الواحدة لا يُشترط أن تكون على سبيل المثال، من سأتزوج منها مخلوقة من نفسي أنا أو منّي
بل أنّ النفس الواحدة هي من نفس طينة آدم عليه السلام
ومنه خلق زوجهُ، ومن ثمّ عمار الأرض ببني آدم من نفس (النفس)
لن أقول إنّ الكيد عند الرجل أعظم ولا عند النساء
بل أنّ النفس البشرية، طِبعُها تتبع ماهيّة دينه
وخلقه
ونفس وما سواها (7)فألهمها فجورها وتقواها( 8 ).. الشمس
..
نهاية حديثي أن تعظيم الكيد كان خاصا وليس عاما
.
وصلى الله على محمدٍ وآله