القرآن الكريم يمكن تعريف القرآن الكريم بأنّه كلام الله عزّ وجلّ، المحفوظ من التبديل والتغيير، أنزله على قلب محمدٍ بن عبد الله بن عبد المطّلب صلّى الله عليه وسلّم، بواسطة جبريل عليه السّلام؛ ليُنذر الناس، وليكون موعظةً للمتقين، بالإضافة إلى أنّه يحتوي على منهج الحياة الذي لا بُد للإنسان أن يلتزم به؛ لينجو في الآخرة، والحقيقة أنّ القرآن الكريم آخر الكتب السماويّة، وقد أنزله الله تعالى على آخر الأنبياء والمرسلين، وتتنوع المواضيع في كتاب الله تعالى، حيث يبيّن علاقة الإنسان بخالقه، وعلاقتة بالخلق الآخرين في الدنيا، ومصيره في الآخرة بعد الموت، بالإضافة إلى تعريف الإنسان بنفسه، وكيف خُلقت، ولماذا خلقها الله تعالى، وإلى أين سيكون مصيرها؟ ويحتوي على الأخبار الصادقة، والقصص النافعة، والأوامر والنواهي، وهو نورٌ في القلب، ونورٌ في الوجه، ونورٌ في القبر، ونورٌ مبينٌ يوم القيامة، ومن فوائده أنّه شفاءٌ للأبدان والصدور، فكم من مريضٍ شُفي بسورة الفاتحة، وكم من مبتلى بالوساوس التي تصيب القلوب، والنفوس، والأوهام والتخيلات الباطلة، شفي بالقرآن الكريم.[١] فوائد سماع القرآن الكريم إنّ سماع تلاوة القرآن الكريم له آثرٌ كبيرٌ في فهم معانيه، بالإضافة إلى أنّ الصالحين والسلف تعوّدوا على سماعه؛ لما في ذلك من فوائد عديدةٍ، يذكر منها:[٢] سماع القرآن الكريم سببٌ لهداية الإنس والجنّ: وصف القرآن الكريم الذين يستمعون إلى القرآن بأنّهم أصحاب عقولٍ راشدةٍ سليمةٍ؛ ولذلك يتّبعون أحسن القول، وأحسن القول؛ هو كلام الله عزّ وجلّ، ثمّ كلام نبيّه عليه الصّلاة والسّلام، بالإضافة إلى أنّ الله تعالى وعدهم بالهداية لأفضل الأقوال والأعمال والأخلاق الظاهرة والباطنة، حيث قال تعالى:(فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[٣] سماع القرآن سببٌ لبكاء العين، وخشوع القلب: كما حصل عندما طلب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه القرآن، فقال: (اقرَأْ عليَّ، قال: قلتُ: أَقرَأُ عليكَ وعليكَ أُنزِلَ؟ قال: إني أشتَهي أن أسمَعَه مِن غيري، قال: فقرَأتُ النساءَ حتى إذا بلَغتُ "فكيفَ إذا جِئنا مِن كلِّ أمةٍ بشهيدٍ وجِئنا بكَ على هؤلاءِ شهيدًا"، قال لي: كُفّ، أو أمسِكْ، فرأيتُ عينَيه تَذرِفانِ)،[٤] وقد يكون طلب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أن يسمع القرآن الكريم؛ ليتدبّره ويتفهّمه؛ لأنّ المستمع لديه القدرة على تدبّر الآيات أكثر من القارئ، كما أنّ السماع أبلغ في التفهّم والتدبّر من قراءته بنفسه، ومن الجدير بالذكر أنّ الخشوع و البكاء عند سماع كلام الله لم يكن محصوراً بالنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام وحده، بل كان هدي الأنبياء جميعاً، حيث كانت تخشع قلوبهم وتتأثّر من ذكر الله، ثمّ تفيض أعينهم من الدمع، كما قال تعالى:(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).[٥] سماع القرآن الكريم سببٌ لرحمة الله تعالى: حيث إنّ الله تعالى أوجب على نفسه الشريفة الرحمة لمستمع القرآن إذا حقّق شروط الاستماع والإنصات، فقد قال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،[٦] ويمكن القول أنّ رحمة الله التي تشمل المستمع للقرآن تكون في الدنيا والآخرة. سماع القرآن الكريم عبادةٌ: فكما أنّ القرآن الكريم متعبد بتلاوته، فسماعه أيضاً عبادةٌ لله تعالى. آداب قراءة القرآن الكريم لقراءة القرآن الكريم آدابٌ كثيرةٌ، منها ما يأتي:[٧] البدء بالاستعاذة من الشيطان الرجيم، فيقول القارئ: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)، ويزيد على ذلك إن شاء فيقول: (من همزه ونفخه ونفثه). المحافظة على قول (بسم الله الرحمن الرحيم) في بداية السور إلّا سورة براءة؛ لأنّ الكثير من العلماء اعتبروا البسملة آيةً، وذلك لأنّها كُتبت في المصحف. الحرص على نظافة الفم بالسواك، أو أي شيءٍ آخر ينظّف الفم به، ومن السنة البدء بالجانب الأيمن من الفم. الطهارة قبل الشروع في القراءة، ولكن إذا قرأ المسلم القرآن وهو مُحدثٌ، فلا إثم عليه، ولا يُقال أنّه فعل مكروهاً، وإنّما يعتبر تاركاً للأفضل، وأمّا من لم يجد الماء، أو كان يعاني من مرضٍ يمنعه من استعمال الماء، فيمكنه التيمّم. القراءة في مكانٍ نظيفٍ، كالمسجد مثلاً؛ لأنّ المساجد تجمع النظافة وشرف البقعة، بالإضافة إلى إمكانيّة تحصيل فضيلةٍ أخرى وهي الاعتكاف. الاستعاذة بالله تعالى من العذاب والشر عند المرور بآية عذاب، بالقول: (اللهم إنّي أسألك العافية، أو أسألك المعافاة من كلّ مكروه)، وتنزيه الله تعالى عند المرور بآية تنزّهه عزّ وجلّ، بقول: (جلّت عظمة ربنا، أو سبحانه وتعالى، أو تبارك الله). التوقّف عن القراءة خلال التثأوب. قراءة القرآن من المصحف؛ لأنّها أفضل من القراءة عن ظهر قلب، فهي تجمع بين عبادة النظر في المصحف والقراءة فيه. عدم قطع القراءة إلا للضرورة، كردّ السلام، أو للسلام على قومٍ. عدم الإسراع المفرط في القراءة، وهو ما يسمى بالهذرمة، فترتيل القرآن أقرب إلى التوقير والاحترام، وأشدّ تأثيراً على القلب. البكاء عند تأمّل ما في القرآن الكريم من التهديد والوعيد الشديد، وتذكّر التقصير بالعهود والمواثيق. الجلوس بسكينةٍ ووقارٍ، وإطراق الرأس بخشوعٍ، كما يجلس الطالب بين يدي معلمه، بالإضافة إلى استقبال القبلة، وتجوز القراءة والقارئ مضجعٌ أو في الفراش، ولكن الحالة الأولى أفضل وأكمل للأجر.