القرآن الكريم اختلف أهل العلم في تعريف القرآن الكريم لغةً، حيث قال بعضهم إنّ أصل التسمية مشتقٌ من قرأ يقرأ، بمعنى تلا، والقرآن بمعنى مقروء أي متلو، وقال بعضهم الآخر إنّ أصل تسمية القرآن من قرأ بمعنى جمع، فيكون من إطلاق المصدر بمعنى اسم الفاعل، أي قارئ بمعنى جامع، وسبب التسمية أنّ القرآن الكريم جامع للأحكام العادلة والأخبار النافعة،[١] ويُعرّف القرآن الكريم اصطلاحاً: بأنّه كلام الله -تعالى- المنزّل على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، ويعدّ المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي، والمحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والمُقسّم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربعة عشر سورة.[٢] ترتيب سور القرآن الكريم تُعرّف السورة اصطلاحاً بأنّها مجموعة من آيات القرآن الكريم، محددٌ أولها وآخرها بالتوقيف، ومن مجموع السور يتألف القرآن الكريم، أمّا لغةً فقد اختلف أهل العلم في أصل كلمة سورة، فذهب بعضهم أنّ التسمية مشتقة من سور البلد لإحاطته ببيوته ومنازله، وكذلك السورة تحيط وتجمع آياتها، بينما قال بعضهم الآخر إنّ التسمية مشتقة من أسار الإناء وهو البقية، وسمّيت السورة بذلك لأنّها جزء من القرآن الكريم، وقطعة منه، وقيل إنّ سبب التسمية هو كمالها وتمامها، حيث إنّ العرب يسمّون النّاقة التامة سورة، وقال ابن كثير رحمه الله: "واختلفوا في معنى السورة مِمَّ هي مشتقة؟ فقيل: من الإبانة والارتفاع، قال النابغة: ألم تر أنَّ الله أعطاك سورةً ... ترى كُلَّ ملكٍ دُونها يتذبذَبُ"،[٣] ومن الجدير بالذكر أنّ أهل العلم قد اختلفوا في ترتيب سور القرآن الكريم، ويمكن بيان قول كل فريق منهم فيما يأتي:[٤] الفريق الأول: يرى أصحابه أنّ ترتيب سور القرآن الكريم في المصحف كما هو عليه الحال الآن توقيفي، إذ إنّ وضع كل سورة في مكانها كان بأمر من النبي -عليه الصلاة والسلام- عن جبريل -عليه السلام- عن الله عزّ وجلّ، كما هو الحال في ترتيب الآيات، وقد بيّن أبو بكر الأنباري -رحمه الله- أن تقديم سورة أو تأخيرها يُفسد نظم القرآن الكريم، إذ إنّ اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الكرماني في البرهان: "ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب"، وقال أبو جعفر النحاس رحمه الله: "إن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ووضّح الطيبي -رحمه الله- أنّ نزول القرآن الكريم ابتداءً كان جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثمّ نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفرّقاً حسب المصالح، ثمّ أُثبت في المصاحف على النظم والتأليف المثبت في اللوح المحفوظ، وأكّد ابن الحصار -رحمه الله- أنّ وضع الآيات وترتيب السور كان بالوحي. واستدل هذا الفريق على رأيه بإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على ترتيب السور في المصحف العثماني، ولو لم يكن ترتيب السور توقيفياً لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة في الترتيب بمصاحفهم، بالإضافة إلى ما رُوي عن أوس بن أبي أوس الثقفي -رضي الله عنه- أنّه قال: "كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف، فسألنا الصحابة -رضي الله عنهم- قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من "ق" حتى نختم"، وقد علّق ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- على الحديث السابق مؤكّداً أنّه يدل على أنّ ترتيب السور كما هو في المصحف الآن كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا جمعنا السور كما في الحديث يكون الناتج ثمانية وأربعين، وبالرجوع إلى المصحف نجد سورة (ق) بعد ثمانية وأربعين سورة. الفريق الثاني: ويرى أصحابه أنّ ترتيب السور في المصحف كان باجتهادٍ من الصحابة رضي الله عنهم، وهذا هو قول الجمهور، واستدلوا على قولهم باختلاف ترتيب مصاحف الصحابة -رضي الله عنهم- قبل جمع عثمان رضي الله عنه، ولو كان الترتيب توقيفياً لما اختلفوا فيه، فقد رتّب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- المصحف بحسب النزول، فبدأ بالعلق، ثمّ المدثر، ثمّ نون، ثمّ المزمل، ثمّ المسد، ثمّ التكوير، وهكذا إلى آخر السور المكية، ثم المدنية، أمّا ابن مسعود -رضي الله عنه- فرتّب السور مبتدئاً بالبقرة، ثمّ النساء، ثمّ آل عمران، ثمّ الأعراف، ثمّ الأنعام،...إلخ، أمّا أُبيّ -رضي الله عنه- فرتّب المصحف مبتدئاً بالفاتحة، ثم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأعراف،...إلخ.[٥] الفريق الثالث: يرى أصحابه أنّ ترتيب بعض السور كان توقيفياً، وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم، وقد بيّن ابن عطية -رحمه الله- أنّ الكثير من السور قد عُلم ترتيبها في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، كالسبع الطوال، والحواميم، والمفصل، وما بقي من السور يُحتمل أن يكون قد فوّض الأمة بترتيبه من بعده، وقال أبو جعفر بن الزبير: "الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف".[٤] خصائص القرآن الكريم القرآن الكريم كلام الله -تعالى- ومنهاج للحياة، وسبب للهداية، والنصر، والرفعة، والتمكين، وفيما يأتي بيان خصائص هذا الكتاب العظيم:[٦] تعهد الله -تعالى- بحفظه: فقد تولى الله -تعالى- بحفظ القرآن الكريم من التحريف، والزيادة، والنقصان، والضياع، حيث قال: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[٧] ولذلك فقد هيّأ الله -عزّ وجلّ- الأسباب لحفظ كتابه، حيث أنزله على أمة معتادة على الحفظ، فقد كان العرب يحفظون القصائد الطويلة بمجرد سماعها لأول مرة، وجعله سهلاً ميسراً للحفظ، وهيّأ العلماء لتعليمه وتحفيظه للأجيال المتتابعة. آخر الكتب السماوية: فقد أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم ليكون خاتم الرسالات، والمهيمن على الكتب السماوية كلها، مصداقاً لقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه).[٨] الإعجاز: فقد تحدى الله -تعالى- الإنس والجن بالقرآن الكريم، حيث قال: (قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلى أَن يَأتوا بِمِثلِ هـذَا القُرآنِ لا يَأتونَ بِمِثلِهِ وَلَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهيرًا).[٩]