ليس هناك في الدنيا ظلام بلا نور! فالله سبحانه شاء أن يرحم العباد بعد ظلمة الليل الطويل بإخراج نور النهار، وعَدَّ ذلك آية باهرة من آياته سبحانه؛ قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ}[القصص: 71]، فهو سبحانه وحده القادر على الإتيان بالنهار بعد الليل؛ فيتحوَّل العبد من حالة السكون المصاحبة لليل والظلمة إلى حالة الحركة والنشاط المصاحبة للنهار والنور.
هذا يحدث في الكون، ومثله يحدث في أحوالنا وظروف حياتنا! فليس هناك ظلام بلا نور؛ بل مِنْ داخل ظلام الحزن والمشقَّة واليأس، يُخْرِج الله سبحانه نور الفرح والراحة والأمل؛ قال تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة: 257].
هكذا كانت قصتنا في العام العاشر من البعثة!
إننا نعيش أحيانًا بعض الأحوال الصعبة، فنرى -في تصوُّراتنا- أن كل الأبواب موصدة، وأن كل طرق الخير وعرة، ونشعر أن القضية قد انتهت، وأنه ليس في مقدورنا أن نخرج من أزماتنا المتراكمة؛ هذا يحدث مع جميع الخلق! ثم فجأة تأتي الحلول التي لم تخطر على ذهن أحد، ونخرج من بعض أزماتنا -أو منها كلها- بطريقة فذَّة عجيبة لم تكن في تخطيطنا، فيظهر لعموم الناس أن الإنقاذ إنما جاء على أيدي غيرنا لا على أيدينا! وهذا أمر عجيب يختلف الناس في تأويله.
أمَّا المؤمن فيُدرك بثقة أن الفاعل هنا هو الله سبحانه، وكلما ازداد إيمانه ازداد إدراكه، واكتشف الأنوار التي يُضيئها له الله سبحانه في طريقه المظلم؛ وأمَّا الغافل عن الإيمان فينسب هذه الحلول أو الانفراجات إلى فلان أو غيره، أو قد ينسبها إلى الصدفة البحتة، فتضيع عليه فرصة متابعة رحمة الله سبحانه به، ويزداد بذلك غفلة على غفلة.
إن رحمة الله سبحانه بنا تجعله سبحانه دائمَ الكَشْفِ عن الضرِّ الذي يقع بنا، وهذه إحدى صفات الله التي نؤمن بها ونعتقدها؛ قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل: 62]، ويقول أيضًا: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}[الشورى: 28]، ومثال هذا كثير في القرآن، ويحكي القرآن حال الفريقين معًا؛ المؤمن والغافل، فيقول: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}[النحل: 53، 54]. ففريق يشكر لله ويُقِرُّ بربوبيته، وفريق يُشْرِك بالله ويتوجَّه بالثناء إلى غيره!
ماذا حدث في العام العاشر من البعثة؟
إنه على الرغم من أن العام عُرِف في كتب السيرة أنه «عام الحزن»، وعلى الرغم من كل الأحزان التي رأيناها في شهور قليلة متتالية، فإن الله سبحانه أراد برحمته أن يضيء أنوارًا تُطمئن قلوب المؤمنين، وتلفت أنظارهم إلى رحمته سبحانه، وتجعلهم يلهجون بالشكر والثناء له، وكان من أعظم هذه الأنوار حادث الإسراء والمعراج بكل رحماته وكراماته؛ ولكنه لم يكن النور الوحيد في هذا العام؛ بل سطعت أنوار أخرى كثيرة؛ كان منها ما يلي:
النور الأول: سجود المشركين خلف الرسول!
النور الثاني: إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه:
النور الثالث: إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه:
النور الرابع: إسلام سويد بن الصامت رضي الله عنه:
النور الخامس: إسلام إياس بن معاذ رضي الله عنه:
النور السادس: زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بسودة وعائشة رضي الله عنهما:
وفي المقالات القادمة سنفصل القول حول هذه النقاط إن شاء الله تعالى.
د.راغب السرجاني
هذا يحدث في الكون، ومثله يحدث في أحوالنا وظروف حياتنا! فليس هناك ظلام بلا نور؛ بل مِنْ داخل ظلام الحزن والمشقَّة واليأس، يُخْرِج الله سبحانه نور الفرح والراحة والأمل؛ قال تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة: 257].
هكذا كانت قصتنا في العام العاشر من البعثة!
إننا نعيش أحيانًا بعض الأحوال الصعبة، فنرى -في تصوُّراتنا- أن كل الأبواب موصدة، وأن كل طرق الخير وعرة، ونشعر أن القضية قد انتهت، وأنه ليس في مقدورنا أن نخرج من أزماتنا المتراكمة؛ هذا يحدث مع جميع الخلق! ثم فجأة تأتي الحلول التي لم تخطر على ذهن أحد، ونخرج من بعض أزماتنا -أو منها كلها- بطريقة فذَّة عجيبة لم تكن في تخطيطنا، فيظهر لعموم الناس أن الإنقاذ إنما جاء على أيدي غيرنا لا على أيدينا! وهذا أمر عجيب يختلف الناس في تأويله.
أمَّا المؤمن فيُدرك بثقة أن الفاعل هنا هو الله سبحانه، وكلما ازداد إيمانه ازداد إدراكه، واكتشف الأنوار التي يُضيئها له الله سبحانه في طريقه المظلم؛ وأمَّا الغافل عن الإيمان فينسب هذه الحلول أو الانفراجات إلى فلان أو غيره، أو قد ينسبها إلى الصدفة البحتة، فتضيع عليه فرصة متابعة رحمة الله سبحانه به، ويزداد بذلك غفلة على غفلة.
إن رحمة الله سبحانه بنا تجعله سبحانه دائمَ الكَشْفِ عن الضرِّ الذي يقع بنا، وهذه إحدى صفات الله التي نؤمن بها ونعتقدها؛ قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل: 62]، ويقول أيضًا: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}[الشورى: 28]، ومثال هذا كثير في القرآن، ويحكي القرآن حال الفريقين معًا؛ المؤمن والغافل، فيقول: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}[النحل: 53، 54]. ففريق يشكر لله ويُقِرُّ بربوبيته، وفريق يُشْرِك بالله ويتوجَّه بالثناء إلى غيره!
ماذا حدث في العام العاشر من البعثة؟
إنه على الرغم من أن العام عُرِف في كتب السيرة أنه «عام الحزن»، وعلى الرغم من كل الأحزان التي رأيناها في شهور قليلة متتالية، فإن الله سبحانه أراد برحمته أن يضيء أنوارًا تُطمئن قلوب المؤمنين، وتلفت أنظارهم إلى رحمته سبحانه، وتجعلهم يلهجون بالشكر والثناء له، وكان من أعظم هذه الأنوار حادث الإسراء والمعراج بكل رحماته وكراماته؛ ولكنه لم يكن النور الوحيد في هذا العام؛ بل سطعت أنوار أخرى كثيرة؛ كان منها ما يلي:
النور الأول: سجود المشركين خلف الرسول!
النور الثاني: إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه:
النور الثالث: إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه:
النور الرابع: إسلام سويد بن الصامت رضي الله عنه:
النور الخامس: إسلام إياس بن معاذ رضي الله عنه:
النور السادس: زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بسودة وعائشة رضي الله عنهما:
وفي المقالات القادمة سنفصل القول حول هذه النقاط إن شاء الله تعالى.
د.راغب السرجاني