الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أم لا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
1-فقد كفانا رسول الله أمر هذه المسالة وأغنانا عن أقوال الناس -حيث صرح باعادة الروح إليه
2-فقال البراء بن عازب كنا في جنازه في بقيع الغرقد فأتانا النبي وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له فقال أعوذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات ثم قال
ان العبد إذا كان في اقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان
قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون بها يعنى على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان ابن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه في الدنيا
حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تعالى فيقول الله عز و جل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولون له ما دينك فيقول دينى الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله
فيقولان له وما علمك بهذا فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادى مناد من السماء أن صدق عبدى فأفرشوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة قال فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي
قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الارض
فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح ثم قرأ رسول الله لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط
فيقول الله عز و جل اكتبوا كتابة في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدرى فيقولان له ما هذا الرجل الذى بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدرى فينادى مناد من السماء ان كذب عبدي فأفرشوه من النار
وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة
وذهب إلى القول بموجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث من سائر الطوائف
مسالة السراج .... احكام تعلق الروح بالبدن
وسر ذلك أن الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام
أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا
الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض
الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه
الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة وقد ذكرنا في أول الجواب من الأحاديث والآثار ما يدل على ردها إليه وقت سلام المسلم وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة
الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا
مسائل السراج ..........حال الميت فى قبرة
وأما قوله تعالى ((الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ))
فإمساكه سبحانه التي قضى عليها الموت لا ينافي ردها إلى جسدها الميت في وقت ما ردا عارضا لا يوجب له الحياة المعهودة في الدنيا
وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة
وأما أخبار النبي عن رؤية الأنبياء ليلة أسرى به فقد زعم بعض أهل الحديث أن الذي رآه أشباحهم وأرواحهم قال فإنهم أحياء عند ربهم وقد رأى إبراهيم مسندا ظهره إلى البيت المعمور موسى قائما في قبره يصلى وقد نعت الأنبياء لما رآهم نعت الأشباح فرأى موسى آدما ضربا طوالا كأنه من رجال شنوءة ورأى عيسى يقطر رأسه كأنما أخرج من ديماس ورأى إبراهيم فشبهه بنفسه
ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم والأجساد في الأرض قطعا إنما تبعث يوم بعث الأجساد ولم تبعث قبل ذلك إذ لو بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة كانت تذوق الموت عند نفخة الصور وهذه موتة ثالثة وهذا باطل قطعا ولو كانت قد بعثت الأجساد من القبور لم يعدهم الله إليها بل كانت في الجنة وقد صح عن النبي أن الله حرم الجنة على الأنبياء حتى يدخلها هو وهو أول من يستفتح باب الجنة وهو أول من تنشق عنه الأرض على الإطلاق لم تنشق عن أحد قبله
مسائل السراج حال نبينا صلى الله فى قبرة
ومعلوم بالضرورة أن جسده في الأرض طرى مطرا وقد سأله الصحابة كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
ولو لم يكن جسده في ضريحه لما أجاب بهذا الجواب
وقد صح عنه أن الله وكل بقبره ملائكة يبلغونه عن أمته السلام
وصح عنه أنه خرج بين أبي بكر وعمر وقال هكذا نبعث هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق الأعلى في أعلى عليين مع أرواح الأنبياء
وقد صح عنه أنه رأى موسى قائما يصلى في قبره ليلة الاسراء ورآه في السماء السادسة أو السابعة فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به بحيث يصلى في قبره ويرد سلام من سلم عليه وهي في الرفيق الأعلى
ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان
وأنت تجد الروحين المتماثلتين المتناسبتين في غاية التجاور والقرب وان كان بينهما بعد المشرقين وتجد الروحين المتنافرتين المتاغضتين بينهما غاية البعد وإن كان جسداهما متجاورين متلاصقين
حركة الروح مغايرة للبدن
وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن فإنها تصعد إلى ما فوق السموات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره وهو زمن يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة وقد مثلها بعضهم بالشمس وشعاعها فإنها في السماء وشعاعها في الأرض والروح نفسها تصعد وتنزل
وأما قول الصحابة للنبي في قتلى بدر كيف تخاطب أقواما قد جيفوا مع أخباره بسماعهم كلامه فلا ينفي ذلك رد أرواحهم إلى أجسادهم ذلك الوقت ردا يسمعون به خطابه والأجساد قد جيفت فالخطاب للأرواح المتعلقة بتلك الأجساد التي قد فسدت
وأما قوله تعالى وما أنت بمسمع من في القبور فسياق الآية يدل على أن المراد منها أن الكافر الميت القلب لا تقدر على اسماعه اسماعا ينتفع به كما أن من في القبور لا تقدر على إسماعهم إسماعا ينتفعون به ولم يرد سبحانه أن أصحاب القبور لا يسمعون شيئا البتة
كيف وقد أخبر النبي أنهم يسمعون خفق نعال المشيعين وأخبر أن قتلى بدر سمعوا كلامه وخطابه
وشرع السلام عليهم بصيغة الخطاب للحاضر الذي يسمع وأخبر أن من سلم على أخيه المؤمن رد عليه السلام
هذه الآية نظير قوله(( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين))
وقد يقال نفي إسماع الصم مع نفي إسماع الموتى يدل على أن المراد عدم أهلية كل منهما للسماع وأن قلوب هؤلاء لما كانت ميتة صماء كان اسماعها ممتنعا خطاب الميت والأصم وهذا حق
ولكن لا ينفي إسماع الأرواح بعد الموت إسماع توبيخ وتقريع بواسطة تعلقها بالأبدان في وقت ما فهذا غير الاسماع المنفي والله أعلم
وحقيقة المعنى أنك لا تستطيع أن تسمع من لم يشأ الله أن يسمعه ان أنت إلا نذير أى إنما جعل الله لك الاستطاعة على الانذار الذي كلفك إياه لا على إسماع من لم يشأ الله إسماعه
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين