سرعة الحكم على الناس/من أخطاء الحياة
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم والسلام عليكم ورحمة وبركاته
كثيرا ما نلتقي أناسا فتلفت اهتمامنا روحهم المرحة أو اساليبهم الرائقة في الحديث, أو صفاتهم المتميزة, فإذا ما عايشناهم غضبنا منهم وكرهناهم!
وقد نلتقي غيرهم فننفر منهم , وتبعدنا عنهم بعض عاداتهم أو بعض صفاتهم , حتى إذا عرفناهم معرفة جيدة أحببناهم , بل صاروا من أحب الناس إلى قلوبنا !
ماهذا الذي يحدث ؟
إن خطأ كبيرا يقع فيه الكثير منا هو سرعة الحكم على الناس وتقييمهم , مما يجعلنا نرتب على ذلك ما قد يحرجنا أو يؤلمنا أو يفشل بعض أعمالنا..
معرفة الناس الحقة لا يمكن أن تكون عبر لقاءات سريعة , أو أحكام أولية , أو مواقف عابرة , فكل ذلك قد يعطي انطباعات غير عميقة عن الناس.
فكم من أناس يستخدمون مظاهر تخالف حقائقهم , لأهداف نفعية وصولية , أو لتغطية حقائهم السلبية التي لو أظهروها لانفض الناس من حولهم , وكم من آخرين لايحسنون تزيين أنفسهم أو التعبير الكامل عن الخير الذي فيها ..
إن الاعتماد على المعرفة الظاهرية تعطي مؤشرات خاطئة , فكثير من الناس قد وقعوا فريسة لاحتيال أو خداع أو استغفال , نتيجة قناعتهم لرؤية بعض الظواهر الخادعة , كاسلوب حديث , أو طريقة حياة , أو مال ظاهر أو سلوك مؤقت.
كم من الآلام سيعتريك إذا أغفلت دراسة الناس وفهم حقيقتهم , ثم تركت نفسك تسير في ركابهم ؟
كم من الاسى سيصيبك إذا صدمت في إنسان كنت قد اعتبرته أمينا صديقا ؟! فإذا بك تجده خائنا ؟!
إذن فالأمر يستحق أن نتحدث عنه , ونحذر منه , ونعرض لطرائق البعد عنه :
فعن سهل بن سعد الساعدي , قَالَ:مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رجل. فَقَالَ النبي : " مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ قَالُوا : رأيك في هذا.نقول : هذا من أشرف الناس , هذا حَرِيٌّ , إِنْ خَطَبَ , أَنْ يخطب ، وَإِنْ شَفَعَ , أَنْ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْ يُسْمَعَ لقوله , فسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم , وَمَرَّ رَجُلٌ آخر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ قَالُوا : نقول : والله يا رسول الله , هذا من فقراء المسلمين , هذا حَرِيٌّ , إِنْ خَطَبَ , لمَ يُنْكَحَ , وَإِنْ شَفَعَ , لاَ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ , أَنْ لاَ يُسْمَعَ لقوله , فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : لهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا" أخرجه البخاري
فدراسة الناس فن لايحسنه كل الناس , والحذر في التعامل مع الناس يكسب المرؤ حيطة وأمانا من الوقوع في المشكلات و وليس الحذر يعني سوء الظن , بل الحذر يعني فهم الناس والتأني في الحكم عليهم , وتحصيل الخبرة في تقييمهم .
يجب أن نسعى للتحلي بقدر مناسب من الخبرة والحرفية والذكاء في معاملة الناس وفهمهم ما يؤهلنا للحذر من الوقوع في الفخاخ التي ينصبها الماكرون !
فالجهل بالناس له أبعاده الخطيرة، والكثير منا لا يكلف نفسه عناء اكتشاف ذلك إلا بعد فوات الأوان. فى نفس الوقت لا تجعل حذرك يباعدك عن الناس , ويوقظ بداخلك الشكوك والريبة فى معاملاتك، ولكن تعلم فن القدرة على وزن االناس وإعطاء كل ذى حق حقه وقدره الذى يناسبه.
ولذا حينما جاء رجل يشهد لرجل بالصلاح عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقال له: أأنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: أسافرت معه في سفر طويل يسفر عن أخلاق الرجال؟، قال: لا، قال: أعاملته بالدينار وبالدرهم ـ الذي به يظهر ورع المرء من شرهه ـ؟ قال: لا، قال: لعلك رأيته في المسجد يمسك بالمصحف، يقرأ القرآن، يرفع رأسه تارة ويخفضها تارة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: ائتني بمن يعرفه ( إحياء علوم الدين)
المعايشة, وكثرة اللقاء, طريقة مهمة لمعرفة الناس, طبيعتهم, وأظهر صفاتهم, وكيف يعاملون الناس ويتعاملون معهم, ومدى قدرتهم على تسيير حياتهم, ومدى استعدادهم للحفاظ على مبادئهم وقيمهم والثبات عليها.
ولمعرفة معادن الناس يجب ان ترى ردود أفعالهم في المواقف, ومعرفة آراء من حولهم من جيران واصدقاء , وزملاء عمل فيهم.
ومعاملة الناس ماديا تضيف معرفة إلى معرفة , فالمال بالنسبة للناس شىء غال ثمين , فتيبن في المعاملة صفات الكرم والجود من البخل والأنانية وغير ذلك ..
وليس اصحاب المظاهر الظاهرة , والغنى الطاغي , والزينة الفارهة , والزخارف الملفتة بالانسب للمعرفة والمعاملة , بل إنه قد يكون الضعيف الفقير أحق بالصحبة والقربى .
فالمرء يقاس بمقدار قربه لربه وتقواه ، وقيمة الإنسان بمقدار نفعه لمحيطه ومجتمعه , وقدرته على نشر الخير والإصلاح ومساعدة المحتاج .
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: ما اعتمد أحد أمرا إذا هم بشيء مثل التثبت، فإنه متى عمل بواقعة من غير تأمل للعواقب، كان الغالب عليه الندم، ولهذا أمر الإنسان بالمشاورة، لأن الإنسان بالتثبت يطول تفكيره، فتعرض على نفسه الأحوال، وكأنه شاور، وقد قيل: خمير الرأي خير من فطيره. وأشد الناس تفريطا من عمل مبادرة في واقعة من غير تثبت ولا استشارة، خصوصا فيما يوجب الغضب، فإنه ينـزقه طلب الهلاك واستتبع الندم العَظِيمٌ، فالله الله، التثبت، التثبت في كل الأمور، والنظر في عواقبها. ( صيد الخاطر )
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم والسلام عليكم ورحمة وبركاته
كثيرا ما نلتقي أناسا فتلفت اهتمامنا روحهم المرحة أو اساليبهم الرائقة في الحديث, أو صفاتهم المتميزة, فإذا ما عايشناهم غضبنا منهم وكرهناهم!
وقد نلتقي غيرهم فننفر منهم , وتبعدنا عنهم بعض عاداتهم أو بعض صفاتهم , حتى إذا عرفناهم معرفة جيدة أحببناهم , بل صاروا من أحب الناس إلى قلوبنا !
ماهذا الذي يحدث ؟
إن خطأ كبيرا يقع فيه الكثير منا هو سرعة الحكم على الناس وتقييمهم , مما يجعلنا نرتب على ذلك ما قد يحرجنا أو يؤلمنا أو يفشل بعض أعمالنا..
معرفة الناس الحقة لا يمكن أن تكون عبر لقاءات سريعة , أو أحكام أولية , أو مواقف عابرة , فكل ذلك قد يعطي انطباعات غير عميقة عن الناس.
فكم من أناس يستخدمون مظاهر تخالف حقائقهم , لأهداف نفعية وصولية , أو لتغطية حقائهم السلبية التي لو أظهروها لانفض الناس من حولهم , وكم من آخرين لايحسنون تزيين أنفسهم أو التعبير الكامل عن الخير الذي فيها ..
إن الاعتماد على المعرفة الظاهرية تعطي مؤشرات خاطئة , فكثير من الناس قد وقعوا فريسة لاحتيال أو خداع أو استغفال , نتيجة قناعتهم لرؤية بعض الظواهر الخادعة , كاسلوب حديث , أو طريقة حياة , أو مال ظاهر أو سلوك مؤقت.
كم من الآلام سيعتريك إذا أغفلت دراسة الناس وفهم حقيقتهم , ثم تركت نفسك تسير في ركابهم ؟
كم من الاسى سيصيبك إذا صدمت في إنسان كنت قد اعتبرته أمينا صديقا ؟! فإذا بك تجده خائنا ؟!
إذن فالأمر يستحق أن نتحدث عنه , ونحذر منه , ونعرض لطرائق البعد عنه :
فعن سهل بن سعد الساعدي , قَالَ:مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رجل. فَقَالَ النبي : " مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ قَالُوا : رأيك في هذا.نقول : هذا من أشرف الناس , هذا حَرِيٌّ , إِنْ خَطَبَ , أَنْ يخطب ، وَإِنْ شَفَعَ , أَنْ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْ يُسْمَعَ لقوله , فسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم , وَمَرَّ رَجُلٌ آخر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ قَالُوا : نقول : والله يا رسول الله , هذا من فقراء المسلمين , هذا حَرِيٌّ , إِنْ خَطَبَ , لمَ يُنْكَحَ , وَإِنْ شَفَعَ , لاَ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ , أَنْ لاَ يُسْمَعَ لقوله , فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : لهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا" أخرجه البخاري
فدراسة الناس فن لايحسنه كل الناس , والحذر في التعامل مع الناس يكسب المرؤ حيطة وأمانا من الوقوع في المشكلات و وليس الحذر يعني سوء الظن , بل الحذر يعني فهم الناس والتأني في الحكم عليهم , وتحصيل الخبرة في تقييمهم .
يجب أن نسعى للتحلي بقدر مناسب من الخبرة والحرفية والذكاء في معاملة الناس وفهمهم ما يؤهلنا للحذر من الوقوع في الفخاخ التي ينصبها الماكرون !
فالجهل بالناس له أبعاده الخطيرة، والكثير منا لا يكلف نفسه عناء اكتشاف ذلك إلا بعد فوات الأوان. فى نفس الوقت لا تجعل حذرك يباعدك عن الناس , ويوقظ بداخلك الشكوك والريبة فى معاملاتك، ولكن تعلم فن القدرة على وزن االناس وإعطاء كل ذى حق حقه وقدره الذى يناسبه.
ولذا حينما جاء رجل يشهد لرجل بالصلاح عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقال له: أأنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: أسافرت معه في سفر طويل يسفر عن أخلاق الرجال؟، قال: لا، قال: أعاملته بالدينار وبالدرهم ـ الذي به يظهر ورع المرء من شرهه ـ؟ قال: لا، قال: لعلك رأيته في المسجد يمسك بالمصحف، يقرأ القرآن، يرفع رأسه تارة ويخفضها تارة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: ائتني بمن يعرفه ( إحياء علوم الدين)
المعايشة, وكثرة اللقاء, طريقة مهمة لمعرفة الناس, طبيعتهم, وأظهر صفاتهم, وكيف يعاملون الناس ويتعاملون معهم, ومدى قدرتهم على تسيير حياتهم, ومدى استعدادهم للحفاظ على مبادئهم وقيمهم والثبات عليها.
ولمعرفة معادن الناس يجب ان ترى ردود أفعالهم في المواقف, ومعرفة آراء من حولهم من جيران واصدقاء , وزملاء عمل فيهم.
ومعاملة الناس ماديا تضيف معرفة إلى معرفة , فالمال بالنسبة للناس شىء غال ثمين , فتيبن في المعاملة صفات الكرم والجود من البخل والأنانية وغير ذلك ..
وليس اصحاب المظاهر الظاهرة , والغنى الطاغي , والزينة الفارهة , والزخارف الملفتة بالانسب للمعرفة والمعاملة , بل إنه قد يكون الضعيف الفقير أحق بالصحبة والقربى .
فالمرء يقاس بمقدار قربه لربه وتقواه ، وقيمة الإنسان بمقدار نفعه لمحيطه ومجتمعه , وقدرته على نشر الخير والإصلاح ومساعدة المحتاج .
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: ما اعتمد أحد أمرا إذا هم بشيء مثل التثبت، فإنه متى عمل بواقعة من غير تأمل للعواقب، كان الغالب عليه الندم، ولهذا أمر الإنسان بالمشاورة، لأن الإنسان بالتثبت يطول تفكيره، فتعرض على نفسه الأحوال، وكأنه شاور، وقد قيل: خمير الرأي خير من فطيره. وأشد الناس تفريطا من عمل مبادرة في واقعة من غير تثبت ولا استشارة، خصوصا فيما يوجب الغضب، فإنه ينـزقه طلب الهلاك واستتبع الندم العَظِيمٌ، فالله الله، التثبت، التثبت في كل الأمور، والنظر في عواقبها. ( صيد الخاطر )