دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyالتزهد في الإسلام

more_horiz
التزهد في الإسلام
بيروت ـ من نديمة عيتاني:
الزهد بوجه عام فلسفة حياة، وطريقة معينة في السلوك، يتخذهما الإنسان لتحقيق كماله الأخلاقي، والاتصال بمبدأ أسمى، وعرفانه بالحقيقة، وتحقيق سعادته الروحية.
والزهد مشترك بين ديانات وفلسفات وحضارات متباينة في عصور مختلفة. ويبدو أن التجربة الدينية واحدة في جوهرها ولكن الاختلاف بين متعبد وآخر راجع أساسًا إلى تفسير التجربة ذاتها المتأثرة بالحضارة التي ينتمي إليها كل واحد منهم.
والزهد نوعان: ديني وفلسفي، فالدين ظاهرة مشتركة بين الأديان جميعًا، سواء في ذلك الأديان السماوية أو الأديان غير السماوية، أو الشرقية القديمة، والتأمل الفلسفي قديم كذلك عرف في الشرق، وفي التراث الفلسفي اليوناني وفي أوروبا في عصريها الوسيط والحديث، ولم يخلُ العصر الحاضر من فلاسفة أوروبيين ذوي نزعة صوفية مثل برادلي في إنجلترا وبرغسون في فرنسا. حيث كان التصوف الديني يمتزج أحيانًا بالفلسفة كما هو الشأن عند بعض متعبدي المسيحية والإسلام.
ولا يخفى على أحد، أن التعبد الإسلامي الأول لم يرتدِ طابعًا فلسفيًّا بل كان دينيًّا بحتًا، كُثر هم الذين يخلطون المفاهيم وينسبون الزهد الى الفلسفة ولا يرون فيه إلا الشطحات والمغالاة لذا وجب علينا إلقاء الضوء على هذا الموضوع منعًا للالتباس الحاصل في الأذهان، فالتقينا لهذه الغاية بالدكتورة سهام كريدية باحثة في العلوم الإسلامية وأستاذة لمادة الأدب العربي في الجامعة الللبنانية.
ما الفرق بين التصوف الإسلامي وغير الإسلامي؟
الإنسان بفطرته يشعر ان ما يحيط به ليس كل الوجود، وان وراء هذا الوجود حقيقة كبرى تفوق كل مداركه وتسعى إلى معرفته، فكل إنسان صادق وذو فطرة سليمة يشعر بأن هذه الحياة التي يحياها ليست هي الحياة الحقيقية، بل هي حياة بهيمية تقتصر على الطعام والشراب والنكاح... هذه الأحاسيس المتيقظة لديه تدفعه الى ان يسعى الى حياة أسمى، فيعمل على ترويض نفسه لترقى في درجات الكمال، فالتعبد حاجة فطرية وجدانية يسعى إليها كل إنسان وإن اختلفت تسميته وصوره باختلاف العصور والامم وهو في هذه الناحية ظاهرة إنسانية ليست خاصة بطائفة معينة من الناس أو دين من الأديان ومن هذا المنطلق لا نجد فرقًا بين هذه النزعة عند البوذي والهندي والنصراني واليهودي واليوناني والمسلم بينما نجد الفرق بين دياناتهم، فلكل أمة حياة روحية، ولكل تربية روحية طابعها الخاص بها، وهذه التربية تختلف باختلاف العقائد والأفكار والغايات فهناك فرق بين الزهد الإسلامي والزهد غير الإسلامي بالرغم من أن اللفظة يشارك فيها المسلم وغير المسلم، لكن الزهد الإسلامي له سمات خاصة به ومميزات لأنه من الشريعة الإسلامية ويتسم بطابعها وأهدافه إسلامية وعقائده وتاريخه إسلاميان.. وكذلك الزهد غير الإسلامي يتأثر بعقيدته ويرتدي لباسها ويتلون بألوانها، فالزهد الإسلامي هو صفاء علاقة المخلوق بالخالق.. ولقد وضح القرآن الكريم هذه العلاقة ورسم الطريق الذي يجب أن يسلكه المؤمن ليصل الى المرتبة التي يريدها الله وهي مرتبة المؤمن العارف المحسن...
وهذه المرتبة تسمى الإحسان، قال تعالى "ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى". الغاية من الزهد إذن هو الوصول الى درجة الإحسان، والإحسان هو مزيد إيمان ومزيد إيقان، والإيقان هو الإيمان الكلي، والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك..
كالسائر في طريق الله يشعر بوجود الخالق الذي لا يحجبه عنه مثقال ذرة.. ويشعر بأنه يراه "ألم يعلم بأن الله يرى" وبأنه يراقبه "وكان الله على كل شيء رقيبًا" وبانه قريب منه "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"... فتكون أعماله كلها لله. لقد أحس بوجوده "قل إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" وعرفه بصفاته واسمائه وعرفه من خلال أثار وجوده فهو ربٌ رحيم قريب مجيب دعوة المضطر إذا دعاه وغفور يتجاوز اخطاء العبد إذا قرر التوبة.
ولا يصل العبد إلى هذه المرتبة من الإيمان إلا بعد عمل دائم وصبر على الطاعة ومشاق العمل والتقرب بالفرائض والنوافل وبعد تزكية النفس وتقليصها من الاخلاق المذمومة وتصفية القلب ليصبح قلبًا منيراً بالإيمان حيًّا بعد أن كان ميتًا فهو لا يعيش إلا لربه ويقبل عليه بوضوح والقلب في كل الأوقات يحظى بمكانة القرب من هذه الألوهية ويفوز بالدنيا والآخرة.
كيف نشأت كلمة الزهد.. في البدايات الأولى للإسلام؟
إن الله ـ جل شأنه ـ خلق البشر وأودع فيهم روحانية ومثلاً وقيمًا تنبذ الظلم وتحب العدل والمساواة، ودائمًا ما كان البشر ينحرفون عن هذا الدرب الذي أراده الله لهم، فيرتدون إلى جاهليتهم، فيعبدون الأصنام والأوثان وينحرفون عن المثل والقيم التي هي من ضرورات التوحيد، فكان الله يرسل رسله إلى هؤلاء المنحرفين ليعيدهم إلى جادة الطريق، والإسلام رسم الطريق (طريق الأنبياء والمرسلين) وحدد الهدف والغاية، فالله جل وعلا هو المقصود والمطلوب وإرادته فوق إرادة البشر والتقرب إليه يكون بالأعمال التي يحبها ومن خلال معرفته والإقرار بوحدانيته.. ولكن كيف يستطيع الإنسان أن يعبد الخالق إذا لم يعرفه؟ يعرفه من خلال القرآن الكريم ومن خلال الإيمان بصفاته والتدبير في الأنفس والآفاق... هناك قوة هائلة تسيَّر الكون، هذه القوة ليست عدمية ولا عبثية، والتفكر والتدبر فيها يجعلنا موقنين بأن هناك خالقا ومدبرا لهذا الكون، فبماذا يتقرب المخلوق من الخالق؟ يتقرب بتطهير النفس وتزكيتها، لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بتطهير النفس من الآفات والآثام والرذائل حتى تتحول من نفس أمَّارة بالسوء الى نفس مطمئنة والنفس مذكورة في القرآن الكريم على ثلاثة أنواع: النفس الأمَّارة بالسوء والنفس اللوامة التي تلوم صاحبها على الخير والشر إلى أن تتحول إلى نفس مطمئنة ترضى بقضاء الله وقدرة.
ما هي ممرضات القلب؟
النفس والقلب مذكوران في القرآن الكريم والقلب البشري مبتلى فهو يبتلي بالمعاصي والجهل والنيات والإرادة.. هذه كلها تمرض القلب وهي كعوائق تمنع الإنسان من السير إلى خالقه والقلب على أنواع: هناك القلب الحي والقلب الميت والقلب المبصر.. والقلب الحي هو القلب المنير بنور الله وبالطاعات، ولم يقتصر الأمر على الجانب الوجداني، بل لقد أمرنا الله في محكم تنزيله العزيز بالتفكر والتدبر في الخلق أي في إعمال العقل والنظر "افلا يتدبرون".. "أفلا يعقلون".."أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" فمن خلال العقل الباحث يصل الإنسان أيضًا إلى معرفة الخالق.
كل الأديان السماوية تؤمن بالخالق وتقر بوجوده، ولكن هناك فرقا بين العقيدة الإسلامية وسائر العقائد الأخرى.. فلا يكفي أن يؤمن العبد بوجود الخالق فقط ولكن يجب إفراده في الألوهية والعبودية.. الله سبحانه وتعالى هو الأساس وهو المعبود لا نعبد أحدًا سواه ولا نستغيث إلا به ولا نستعين بأحد سواه. بحيث يشعر الإنسان بمعية الخالق وبمراقبة الله له، لذا هو يقوم بأعماله على أحسن وجه، ويخجل من إرتكاب المعاصي فيتجنب ارتكابها لأنه يستحي من الخالق، والزهد ليس معناه الانطواء فقط، بل الله يأمرنا بالخوض في معركة الحياة وفي الكفاح والجهاد.." إن لبدنك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا... أعط لكل ذي حق حقه". التزهد في الإسلام إذن، منهج سلوكي يترجم ويقرن الإيمان بالعمل، إنه منهج عملاني يقوم على المجاهدة وتنقسم الأعمال فيه إلى أعمال ظاهرة تؤديها الجوارح (العبادات) كالصلاة والصوم والحج وإلى عبادات قلبية يقوم بها القلب كالإيمان والتصديق والإخلاص والنية والتوكل والإنابة والمحبة، والرجاء والتوبة والخشية والصبر.. وإلى غير ذلك من الأعمال القلبية أو الباطنية التي أطلقوا عليها اسم المقامات، إنه علم الباطن لأنه يبحث في جوانية الإنسان ولا بد منه لكي يتم الدين ولا بد أيضًا من فقه الظاهر من الأعمال الشرعية.
ولا يتذوق طعم وحلاوة الإيمان إلا من رضي بالله، فالسعادة هي في التقرب من الخالق وفي طاعة الخالق، إنها درجة روحية علوية لا يتذوقها إلا من عاشها.. يتذوقها الوجدان ويلامسها القلب.
من نادى بالرجوع إلى التزهد ؟
التزهد في تسمية متاخرة لظاهرة متقدمة

فالزهد الإسلامي ليس زهدًا ساذجًا أو بسيطًا، هو زهد يقوم على العمل والمجاهدة، كان هناك جمع بين الدنيا والآخرة.. رجالات الإسلام الأوائل كانوا زهادًا والدنيا لم تملكهم بل هم من ملكها، وكان المال في أيديهم وليس في قلوبهم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ـ "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس"، "الزهادة في الدنيا ليس في تحريم الحلال ولا إضاعة المال..".
التزهد الإسلامي في بدايته الأولى إذن كان زهدًا وورعًا ومنهجًا عمليًّا متكاملاً يمثل الإسلام بكافة صوره. فجعلوا اهتمامهم موجهًا إليه، وذهبوا إلى أن أي علم من العلوم لا يقرن بالخشية من الله والمعرفة به فلا جدوى منه ولا طائل تحته، فما أكثر ما نجد من العلم في الكتب بحيث يسهل عليك تحصيله، أما الأخلاق فتحصيلها عسير لأنها تكون ثمرة ممارسة شاقة وصراع بين الإنسان ونفسه ليلزمها جادة الصواب. ولما بحثوا في الأخلاق على هذا النحو الذي أشرنا إليه، على اعتبار أنها جوهر الدين، أنشأوا بذلك علمًا مستقلاً مكملاً لعلمي الكلام والفقه، فاعتبره المسلمون من العلوم الشرعية، وقد بين ابن خلدون في"المقدمة" ذلك قائلاً: "علم التصوف من العلوم الشرعية الحادثة في الملة (الإسلامية) وأصله عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريق الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة، والانقطاع الى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها إنه بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان المسلمون ممن صحبوه يرون لأنفسهم شرفًا لا يدانيه شرف في أن يُسموا بالصحابة، وكذلك الأمر بالنسبة للجيل الذي تلاهم، فكانوا يرون في إطلاق لفظ التابعين عليهم شرفًا، فلم تظهر تسمية المقبلين على العبادة بالزهاد والنساك والبكائين إلا بعد جيل الصحابة والتابعين، أي بعد انتهاء القرن الثاني تقريبًا.
ولم يكن التزهد فلسفة آنذاك. ولكن في القرن الثالث الهجري دخلت أفكار جديدة على التزهد نتيجة احتكاك الحضارات فتكون خطًا مغايرًا للخط الأول ـ من إرهاصات فلسفية، فأنتج التعبد الذي نادى بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود، وتأثر بهذه النظريات بعض رجالات الفكر والفلسفة من المسلمين.




المصدر

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
شكرا لك
بارك الله بجهودك

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
شكرا بارك الله فــيك 

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
مـۅڞـۅعـ چمـﯾ̃ڵـ ﭜٱنﭤظٱږ ٱڵـمـژﯾ̃ﮂ

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
ماشاء الله تبارك الله
جزاك المولى خير الجزاء
وجعله فى موزين حسناتك
دمتي فى رضا الرحمن

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
شكرا على الموضوع الإسلامي
بارك الله فيك
gg444g 

descriptionالتزهد في الإسلام Emptyرد: التزهد في الإسلام

more_horiz
موضوع جميل

-الله يعطيك العافيه ع اظافتك الرائع وذوقك الحلوو

دمت بتألق مستمر



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي